زعم شنودة أن النصارى تسمية نسبة الى الناصرة، فزعمه هذا ليس من عند نفسه بل عمدته على انجيل متى نفسه الذي يذكر فيه ان يسوع المسيح اتى من ناصرة الجليل، وهذا في مقابلة أورشاليم واليهودية ووضع متى نبوءة لا اصل لها فقال حتى يتم ما قيل بالكتاب أي العهد القديم: "يدعى ناصريا" وهو بهذا يريد أن يبرر النصرانية وجماعتها في سوريا في ذلك الوقت كمصطلح وطائفة.
لكن كان يصح ان يكون هذا سبب التسمية لو ان هذه النبوءة صحيحة أو ذُكرت بالفعل في العهد القديم كما ادعى متى، لكن لا وجود لمثل هذه النبوءة.. اضافة إلى ان انجيل متى اليوناني كُتِب ونُقِّح بعد قرون، من الاصل العبري المفقود الذي يختلف يقينا عن هذا الأصل اليوناني.
فلا يوجد أي سبب علمي تاريخي او اركيولوجي أو غير ذلك يدعونا إلى أخذ ما يقوله متى او شنودة مُسلمًا به إلا اللهم الإيمان بصحة ما بين أيديهم، ونحن لا نؤمن بما حرفوه، وإن كنا لا نُصدق ونلا نكذب ما لم يأت فيه نص صريح إلا بدليل وقرينة.
فمتى يذكر سبب التسمية انها باسم البلدة، بينما لم يتبعه الكتبة ولم يجعلوا هذا سبب التسمية، وإنما أقروا مسمى (نصارى) دون ذكر السبب الذي أورده متى، حيث كتب لوقا في اعمال الرسل 24 ان اتباعه يسمون النصارى دون عرض لسبب التسمية.
وأول ذكر للناصرة كان في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي في كتابات الاباء ولم يوجد فيه اي اعتماد على ما قاله متى وانما عمدتهم فيما يبدو هو ماذكره لوقا.
بل إن اعتبار طفولة يسوع التي اختلقها متى وجعلها في الناصرة ثم لفق لها نبوءة لم تصح ولا أصل لها - إلا إن اقروا بتحريف العهد القديم وحذفها - فإن هذا الاعتبار المتّاوي يتهاوى أمام التقاليد الكنسية السائدة في ذلك الوقت.. ومن بينها ان يسوع كان من أورشاليم و اليهودية وليس من الجليل والناصرة كما جاء في انجيل يعقوب الخاص بطفولة يسوع والتي وإن كان لا تعترف به الكنيسة كانجيل قانوني لكن تأخذ بمعطياته التاريخية في تقليدها.. وكان هو انجيلا رسميا لاتباعه في القرن الثاني الميلادي.
ونحن ضد نفي تاريخية الناصرة كما قد يفعل بعض الإخوة، فإن عدم ذكر الاسم ليس دليلًا على العدم. وكل ما هنالك أننا نبين انه لايوجد أي سبب موثق يمكن جعل علة التسمية هو اسم البلدة " الناصرة" خاصة وقد عرفنا ان النبوءة كلها كذبة ملفقة وتخالف المعطيات المسيحية الأخرى كذلك.
وأما اشتهار الناصرة فقد حدث فيما بعد بعد هدم المعبد الثاني وسقوط اورشاليم حيث رحل النصارى من اورشاليم وسكنوا وتوطنوا في الجليل ومن هناك ظهر الاسم الناصرة، فلعل العكس هو الصواب، انها سميت الناصرة نسبة الى النصارى الذين قطنوها، ولعل متى اليوناني كُتِب ونُقح في ذلك التوقيت لصناعة صبغة دينية على معقل النصارى.
أما أولى الاعتقادات هي أن استنباط التمسية من كتاب الله، فلعل تسميتهم بالنصارى هي تسمية توصيف من نصرهم لعيسى عليه السلام، وتناصرهم فيما بينهم. وهذا يخص المؤمنين منهم في أول الأمر، وهو ما تشير إليه طبيعة الإسم اللغوية في العربية وفي الآرامية، فيبين الله عز وجل ان هذا الاسم أطلق على الحواريين أولا، بلفظ " أنصار" ، ويشهد لذلك قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ
ثم انتشر الاسم على وجه التعميم والغلبة فصار اسم الطائفة كلها فتسموا وسموا انفسهم بالنصارى كما سيقول تعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"
كذلك اليهودية فلا يُسمى المسلمون من بنى إسرائيل باليهودية نسبة إلى يهوذا كما زعموا، ولكن يبين الله الأصل اللغوي للكلمة فقال تعالى عن المؤمنين: " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ" أي عُدنا إلى الله وتبنا والتجأنا. وأيضا ليُِذَكَّرَ بنى إسرائيل إنهم إذا أرادوا إتباع موسى فليكونوا كالذين هادوا وأسلموا . "
وقال تعالى جامعا اسماء المؤمنين من الملل: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ"
فالتسمية لمن يؤمن تكون تسمية اعتقادية لا تسمية مكانية ولا على اسم شخوص دنيوية.
ومع ذلك فلا مشاحة من عزو النسبة الى ما زعموه، ومن يريد القول ان اصل التسمية كما قالوا فليكن عهدته النسبة اليهم حسب زعمهم لا ان قولهم على حقيقته وأصله ثابتًا صحيحًأ.
والله اعلى وأعلم.
لكن كان يصح ان يكون هذا سبب التسمية لو ان هذه النبوءة صحيحة أو ذُكرت بالفعل في العهد القديم كما ادعى متى، لكن لا وجود لمثل هذه النبوءة.. اضافة إلى ان انجيل متى اليوناني كُتِب ونُقِّح بعد قرون، من الاصل العبري المفقود الذي يختلف يقينا عن هذا الأصل اليوناني.
فلا يوجد أي سبب علمي تاريخي او اركيولوجي أو غير ذلك يدعونا إلى أخذ ما يقوله متى او شنودة مُسلمًا به إلا اللهم الإيمان بصحة ما بين أيديهم، ونحن لا نؤمن بما حرفوه، وإن كنا لا نُصدق ونلا نكذب ما لم يأت فيه نص صريح إلا بدليل وقرينة.
فمتى يذكر سبب التسمية انها باسم البلدة، بينما لم يتبعه الكتبة ولم يجعلوا هذا سبب التسمية، وإنما أقروا مسمى (نصارى) دون ذكر السبب الذي أورده متى، حيث كتب لوقا في اعمال الرسل 24 ان اتباعه يسمون النصارى دون عرض لسبب التسمية.
وأول ذكر للناصرة كان في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي في كتابات الاباء ولم يوجد فيه اي اعتماد على ما قاله متى وانما عمدتهم فيما يبدو هو ماذكره لوقا.
بل إن اعتبار طفولة يسوع التي اختلقها متى وجعلها في الناصرة ثم لفق لها نبوءة لم تصح ولا أصل لها - إلا إن اقروا بتحريف العهد القديم وحذفها - فإن هذا الاعتبار المتّاوي يتهاوى أمام التقاليد الكنسية السائدة في ذلك الوقت.. ومن بينها ان يسوع كان من أورشاليم و اليهودية وليس من الجليل والناصرة كما جاء في انجيل يعقوب الخاص بطفولة يسوع والتي وإن كان لا تعترف به الكنيسة كانجيل قانوني لكن تأخذ بمعطياته التاريخية في تقليدها.. وكان هو انجيلا رسميا لاتباعه في القرن الثاني الميلادي.
ونحن ضد نفي تاريخية الناصرة كما قد يفعل بعض الإخوة، فإن عدم ذكر الاسم ليس دليلًا على العدم. وكل ما هنالك أننا نبين انه لايوجد أي سبب موثق يمكن جعل علة التسمية هو اسم البلدة " الناصرة" خاصة وقد عرفنا ان النبوءة كلها كذبة ملفقة وتخالف المعطيات المسيحية الأخرى كذلك.
وأما اشتهار الناصرة فقد حدث فيما بعد بعد هدم المعبد الثاني وسقوط اورشاليم حيث رحل النصارى من اورشاليم وسكنوا وتوطنوا في الجليل ومن هناك ظهر الاسم الناصرة، فلعل العكس هو الصواب، انها سميت الناصرة نسبة الى النصارى الذين قطنوها، ولعل متى اليوناني كُتِب ونُقح في ذلك التوقيت لصناعة صبغة دينية على معقل النصارى.
أما أولى الاعتقادات هي أن استنباط التمسية من كتاب الله، فلعل تسميتهم بالنصارى هي تسمية توصيف من نصرهم لعيسى عليه السلام، وتناصرهم فيما بينهم. وهذا يخص المؤمنين منهم في أول الأمر، وهو ما تشير إليه طبيعة الإسم اللغوية في العربية وفي الآرامية، فيبين الله عز وجل ان هذا الاسم أطلق على الحواريين أولا، بلفظ " أنصار" ، ويشهد لذلك قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ
ثم انتشر الاسم على وجه التعميم والغلبة فصار اسم الطائفة كلها فتسموا وسموا انفسهم بالنصارى كما سيقول تعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"
كذلك اليهودية فلا يُسمى المسلمون من بنى إسرائيل باليهودية نسبة إلى يهوذا كما زعموا، ولكن يبين الله الأصل اللغوي للكلمة فقال تعالى عن المؤمنين: " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ" أي عُدنا إلى الله وتبنا والتجأنا. وأيضا ليُِذَكَّرَ بنى إسرائيل إنهم إذا أرادوا إتباع موسى فليكونوا كالذين هادوا وأسلموا . "
وقال تعالى جامعا اسماء المؤمنين من الملل: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ"
فالتسمية لمن يؤمن تكون تسمية اعتقادية لا تسمية مكانية ولا على اسم شخوص دنيوية.
ومع ذلك فلا مشاحة من عزو النسبة الى ما زعموه، ومن يريد القول ان اصل التسمية كما قالوا فليكن عهدته النسبة اليهم حسب زعمهم لا ان قولهم على حقيقته وأصله ثابتًا صحيحًأ.
والله اعلى وأعلم.