ما فعلته الليبرالية الغربية بمُدعي التنوير

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عادل خراط مسلم اكتشف المزيد حول عادل خراط
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عادل خراط
    2- عضو مشارك

    • 24 سبت, 2021
    • 242
    • أستاذ محاضر
    • مسلم

    ما فعلته الليبرالية الغربية بمُدعي التنوير

    الأول : خالد منتصر و الدعوى العريضة.

    أحد أبشع تطبيقات الحرية الليبرالية التي وقع فيها الكاتب خالد منتصر - طردا لأصله في حرية المخالف - التزم بأن من سب النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز معاقبته؛ بل يواجه الفكر بالفكر فقط.

    قد كنا نسمع و نرى منه عبر قانون المتوالية الفكرية انحرافات متتابعة في توسيع الحرية الليبرالية، لكنني شخصيا ما توقعت أن يبلغ الأمر إلى هذا المستوى؛ بأن تمنح الحرية لمن سب النبي صلى الله عليه وسلم!

    و قد كنت كتبت بحثا منشورا على موقع طريق الإسلام تتبعت فيه بعض احتجاجاته باسم (شبهة حرية المنافقين) ،كما كتبت بحثا آخر بعنوان (الإحتساب على شاتم سيد البشرية) ،و هو منشور على موقع منتديات حراس العقيدة ،و فيه تفصيل الحكم الشرعي في الساب، فيمكن لمن أراد التوسع مراجعة البحثين، و لكنني سأقصر الكلام ها هنا حول نمط تعامل المسلمين سابقا مع من سب النبي صلى الله عليه وسلم.

    في مدينة دمشق، و في عام ٧٠٤ للهجرة، كان هناك شخص يقال له (الكمال الأحدب)، و في أثناء نقاش حاد ألقى هذا الكمال الأحدب عبارة تتضمن الغض من مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال لخصمه أثناء النزاع :"( تكذب، و لو كنت رسول الله)، فتطور الأمر قضائيا بصورة لم يتوقعها هذا الرجل بتاتا، حيث كان قاضي دمشق حينها هو العلامة الفقيه جمال الدين المالكي ،و قد مكث قاضيا لدمشق ٣٠ سنة ،و كان ممن درس على الإمام العز بن عبد السلام صاحب (قواعد الأحكام).
    و لندع المؤرخ ابن العماد الحنبلي يروي لنا القصة بأسلوبه المختصر؛ حيث يقول :
    " و فيها (سنة ٧٠٤هجرية) ضربت رقبة الكمال الأحدب، و سببه أنه جاء إلى القاضي جمال الدين المالكي يستفتيه ،و هو لا يعلم أنه القاضي، فقال : ما تقول في إنسان تخاصم هو و إنسان فقال له الخصم :(تكذب و لو كنت رسول الله)، فقال له القاضي : من قال هذا؟ قال : أنا ،قال : فأشهد عليه القاضي من كان حاضرا، و حبسه و أحضره من الغد إلى دار العدل و حكم بقتله ".
    المصدر : شذرات الذهب، ابن العماد الحنبلي، تحقيق : محمود و عبد القادر الأرناؤوط، (٨/ ١٩).

    و هذا القاضي جمال الدين المالكي استمر في تطبيق عقوبة القتل على من يتعرض لجناب رسول الله.
    يقول عنه الإمام ابن حجر العسقلاني :" و كان صارما مهيبا ،أراق دم جماعة تعرضوا للجناب المحمدي".
    المصدر : الدرر الكامنة ،ابن حجر (٣/ ٤٤٨).

    و ممن نقل وقائع قضائية ذات صلة بهذا الموضوع الإمام القاضي عياض في كتابه المشهور (الشفا بتعريف حقوق المصطفى)، و من الأخبار التي نقلها قوله :
    " و أفتى عبد الله بن عتاب في عشار قال لرجل : (أد واشك إلى النبي) صلى الله عليه وسلم، و قال : إن سألت أو جهلت فقد جهل و سأل النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل، و أفتى فقهاء الأندلس بقتل ابن حاتم المتفقه الطليطلي و صلبه بما شهد عليه به من استخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم، و تسميته إياه أثناء مناظرته ب (اليتيم)، و (ختن حيدرة)، و زعمه أن زهده لم يكن قصدا و لو قدر على الطيبات أكلها، إلى أشباه لهذا. و أفتى فقهاء القيروان و أصحاب سحنون بقتل إبراهيم الفزاري و كان شاعرا متفننا في كثير من العلوم، و كان ممن يحضر مجلس القاضي أبي العباس بن طالب للمناظرة، فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب في الإستهزاء بالله و أنبيائه و نبينا صلى الله عليه وسلم، فأحضر له القاضي يحي بن عمر و غيره من الفقهاء، و أمر بقتله و صلبه، فطعن بالسكين و صلب منكسا ".
    المصدر : الشفا، القاضي عياض، تحقيق علي البجاوي (٢/ ٩٤٠-٩٤١).

    و أما في عصر الإمام ابن تيمية فقد كانت أشهر قضية شارك فيها أبو العباس ابن تيمية نفسه هي قضية (الكاتب عساف) الذي ألقى عبارة فيها غض من مقام النبوة، فنقل خبر الحادثة لابن تيمية، فجمع ابن تيمية مجموعة من المحتسبين و تحرك لدى القضاء الشرعي، و تعرض ابن تيمية لمصاعب جمة في هذه القضية، حتى أنه اعتقل و جلد، و ألف فيها كتابا موسعا انتصارا لجناب النبي صلى الله عليه وسلم من أن ينال بتعريض أو انتقاص، و لندع ابن كثير يروي لنا الحادثة بطريقته السلسة :
    " واقعة عساف النصراني : كان هذا الرجل من أهل السويداء قد شهد عليه جماعة أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم، و قد استجار عساف هذا بابن أحمد بن حجي أمير آل علي، فاجتمع الشيخ تقي الدين ابن تيمية، و الشيخ زين الدين الفارقي شيخ دار الحديث، فدخلا على الأمير عز الدين أيبك الحموي نائب السلطنة، فكلماه في أمره فأجابهما إلى ذلك، و أرسل ليحضره فخرجا من عنده و معهما خلق كثير من الناس، فرأى الناس عسافا حين قدم و معه رجل من العرب فسبوه و شتموه، فقال ذلك الرجل البدوي : هو خير منكم - يعني النصراني- فرجمهما الناس بالحجارة، و أصابت عسافا، و وقعت خبطة قوية، فأرسل النائب فطلب الشيخين : ابن تيمية و الفارقي ،فضربهما بين يديه ،و رسم عليهما - أي اعتقلهما- في العذراوية، و قدم النصراني فأسلم و عقد مجلس بسببه ، و أثبت بينه و بين الشهود عداوة، فحقن دمه، ثم استدعى بالشيخين فأرضاهما و أطلقهما ، و لحق النصراني بعد ذلك ببلاد الحجاز، فاتفق قتله قريبا من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله ابن أخيه هناك، و صنف الشيخ تقي الدين ابن تيمية في هذه الواقعة كتابه :(الصارم المسلول على ساب الرسول) ".
    المصدر : البداية و النهاية ،لابن كثير ،تحقيق : عبد الله التركي و مكتب هجر للدراسات، (١٧/ ٦٦٦).

    و أما الكتاب الذي ألفه ابن تيمية في هذه الأزمة ؛و هو (الصارم المسلول على شاتم الرسول) فقد قال في مطلعه :
    " اقتضاني لحادث حدث أدنى ما له - أي رسول الله - من الحق علينا، بله ما أوجب الله من تعزيزه و نصره بكل طريق، و إيثاره بالنفس و المال في كل موطن، و حفظه و حمايته من كل مؤذ، و إن كان الله قد أغنى رسوله عن نصر الخلق ،و لكن ليبلو بعضكم ببعض ، و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب ".
    المصدر : الصارم المسلول ،لابن تيمية ،تحقيق : الحلواني و شودري (١/ ٨).

    و الحقيقة أن جوهرة كتاب ابن تيمية هي هذه الجملة المضمخة بكل معاني العزة و الإستعلاء بهذا الدين و توقير نبيه في القلوب؛ حيث يقول :
    " فإن الكلمة الواحدة من سب النبي صلى الله عليه وسلم لا تحتمل بإسلام ألوف من الكفار، و لأن يظهر دين الله ظهورا يمنع أحدا أن ينطق فيه بطعن أحب إلى الله و رسوله من أن يدخل فيه أقوام و هو منتهك مستهان".
    المصدر : المرجع السابق (٢/ ٩٣٩).

    لا مساومة بتاتا على جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم و مهابته في النفوس، و هكذا كانت سيرة أئمة و فقهاء و قضاة المسلمين، لم يكونوا يعتبرون أي عبارة فيها غض من مقام النبوة مسألة (خلاف فكري) و (وجهات نظر) تتم مناقشتها على طاولة الحوار، بل كانوا يعتبرونها قضية تعرض على سيف القضاء الشرعي بالطرق المشروعة، و يختص بتنفيذها ولي الأمر فلا يفتأت عليه.

    هكذا كانت منزلة جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين، فقارنها بضحايا الحرية الليبرالية الغربية.اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1633521281516.jpg 
مشاهدات:	89 
الحجم:	78.5 كيلوبايت 
الهوية:	830056

    ​​​​​​

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
ردود 0
213 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
ردود 0
44 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
ردود 0
61 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
ردود 0
99 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
ردود 3
115 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
بواسطة Ibrahim Balkhair
يعمل...