الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم على اسانيد القران : الجزء الخامس

تقليص

عن الكاتب

تقليص

محمد سني الإسلام اكتشف المزيد حول محمد سني
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سني
    عضو اللجنة العلمية بالمنتدى

    عضو اللجنة العلمية
    • 19 نوف, 2018
    • 223
    • الإسلام

    شبهات وردود الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم على اسانيد القران : الجزء الخامس

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذا الجزء يعتبر اكمالا لسلسلتنا في الرد كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم في اسانيد القران

    اولا : كلامه حديث حديث لعن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها لعمرو بن العاص رضي الله عنه .

    اقول : هذا كلام اجبنا عليه في الجزء الرابع وفصلناه في مسالة عدالة الصحابة و بينا مع ذلك ان الصحابة رضوان الله عليهم موثوقون في نقلهم وقد ذكرنا على ذلك امثلة و ساقتبس جزءا من ردي الذي كتبته في الجزء الرابع

    ولا : ذكر المنصر ان الصحابة رضي الله عنهم كفروا مقتبسا ذلك من كلام الامام الذهبي رحمه الله و شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله من مجموع الفتاوي وقال ما معناه انهم اذا كفروا بعض فما مانع ان يكذبوا !!!
    و لا ادري ما هو السبب المنطقي او الداعي الضروري لان يستلزم تكفير بعضهم بعضا ان يكونوا قد كذبوا !!! فما هو لازم وقوع الثاني ان وقع الاول اصلا !!!

    يقول ابن الصلاح في مقدمته الجزء الاول النوع التاسع و الثلاثون :
    ((الثَّانِيَةُ: لِلصَّحَابَةِ بِأَسْرِهِمْ خَصِيصَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لِكَوْنِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُعَدَّلِينَ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ.
    قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) لْآيَةَ، قِيلَ: اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
    وَقَالَ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ). وَهَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ.
    وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) الْآيَةَ.
    وَفِي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ كَثْرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ".
    ثُمَّ إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمُ فَكَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ، إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَنَظَرًا إِلَى مَا تَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْمَآثِرِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَتَاحَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ نَقَلَةَ الشَّرِيعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ))

    و نقرا من كتاب منهج النقد في علوم الحديث الباب الثاني: في علوم رواة الحديث الفصل الأول: في العلوم المعرفة بحال الراوي:
    ((عدالة الصحابة:
    وقد اختص الله الصحابة رضي الله عنهم بخصيصة ليست لطبقة من الناس غير طبقتهم، وهي أنهم لا يسأل عن عدالة أحد منهم، فهم جميعهم عدول ثبتت عدالتهم بأقوى ما تثبت به عدالة أحد، فقد ثبتت بالكتاب، والسنة، وبالإجماع، والمعقول.
    أما القرآن: فقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.
    وهذا ينطبق على الصحابة كلهم، لأنهم المخاطبون مباشرة بهذا النص.
    وكذا قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}.
    وغير ذلك كثير من الآيات في فضل الصحابة والشهادة بعدالتهم.
    وأما السنة: ففي نصوصها الشاهدة بذلك كثرة غزيرة، منها:
    حديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".
    وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم" (2) ....وأما الإجماع: فيقول أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب (2) "قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول".
    وقال الخطيب في الكفاية (3): "هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء".
    ونقل الإجماع محمد بن الوزير اليماني عن أهل السنة وعن الزيدية والمعتزلة أيضا وكذا الصنعاني (4)
    وقال ابن الصلاح (1): "ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة". ))

    و من ظواهر صدقهم اننا نجد ان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في معركة صفين وهو في صف معاوية رضي الله عنه يروي حديث "ويح عمار تقتله الفئة الباغية" و لم ينكر ذلك لا عمرو و لا معاوية
    نقرا من مسند الامام احمد مسند الشاميين مسند عمرو بن العاص رضي الله عنه
    ((17778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ (1) طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ دَخَلَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "، فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَزِعًا يُرَجِّعُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ قُتِلَ عَمَّارٌ، فَمَاذَا؟ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: دُحِضْتَ فِي بَوْلِكَ، أَوَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ، جَاءُوا بِهِ حَتَّى....))
    صحح الحديث الشيخ شعيب الارنؤوط في تحقيقه لمسند الامام احمد و قال :
    (( إسناده صحيح. ابن طاووس: هو عبد الله. والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (20427) ، ومن طريقه أخرجه أبو يعلى (7175) و (7346) ، والحاكم 2/155-156، والبيهقي في "الدلائل" 2/551.))

    و هذا الحديث نقله جمع من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان مع معاوية رضي الله عنه او مع علي رضي الله عنه او اعتزل القتال .
    نقرا ما قاله بن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الصلاة باب التعاون في بناء المسجد

    ((فَفِي مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو قَتَادَةَ فَذَكَرَهُ فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا دَالٌّ عَلَى دِقَّةِ فَهْمِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلَلِ الْأَحَادِيثِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ أَيْضًا لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَهِيَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَهِيَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَمَّارُ أَلَا تَحْمِلُ كَمَا يَحْمِلُ أَصْحَابُكَ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ مِنَ اللَّهِ الْأَجْرَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ زِيَادَةُ مَعْمَرٍ فِيهِ أَيْضًا فَائِدَةٌ رَوَى حَدِيثَ تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةٍ مِنْهُمْ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَحُذَيْفَةُ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو رَافِعٍ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو الْيُسْرِ وَعَمَّارٌ نَفْسُهُ وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَغَالِبُ طُرُقِهَا صَحِيحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ وَفِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ يَطُولُ عَدُّهُمْ ))
    و العجيب في هذا المنصر انه نقل قول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله في تكفير وقتال بعض الصحابة بعضا و نحن نسال هنا :

    ما هو اعظم قتال بعضهم لبعض بتاويل ام لعن بعضهم بعضا بتاويل

    فان كانت الاجابة هي قتالهم فاين وجه الدلالة في تسقيط اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لعن احدا منهم الاخر بتاويل مع ان قتالهم لبعضهم البعض بتاويل لا يستوجب تسقيطهم و لا تفسيقهم و خاصة قتال الفتنة فان الدم و المال في الفتنة تلف .

    نقرا من كتاب منهاج السنة لشيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله الجزد الرابع الفصل الثاني :
    (( فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَتَلُوا قَوْمًا مُسْلِمِينَ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَقْتُلْهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا ضَمِنَ الْمَقْتُولَ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ مُتَأَوِّلًا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: بَلْ كَانُوا أَسْلَمُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا، فَثَبَتَتْ فِي حَقِّهِمُ الْعِصْمَةُ الْمُؤَثِّمَةُ دُونَ الْمُضَمِّنَةِ، بِمَنْزِلَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانِهِمْ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ. ثُمَّ إِنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ [وَأَبِي حَنِيفَةَ] (1) وَأَحْمَدَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَقُولُونَ: إِنَّ أَهْلَ الْعَدْلِ وَالْبُغَاةِ إِذَا اقْتَتَلُوا بِالتَّأْوِيلِ لَمْ يَضْمَنْ هَؤُلَاءِ مَا أَتْلَفُوهُ لِهَؤُلَاءِ مِنَ النُّفُوسِ (2) وَالْأَمْوَالِ حَالَ الْقِتَالِ، وَلَمْ يَضْمَنْ هَؤُلَاءِ مَا أَتْلَفُوهُ لِهَؤُلَاءِ (3) .

    كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (4) مُتَوَافِرُونَ، فَأَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَالٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ هَدَرٌ، أَنْزَلُوهُمْ (5) مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِيَّةِ. يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا (6) . وَإِنْ قِيلَ (7) : إِنَّهُ مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَقَدْ ثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَاتِرَةِ وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ إِذَا قَتَلَمُسْلِمًا أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ، لَمْ يَضْمَنْهُ بِقَوَدٍ [وَلَا دِيَةٍ] (1) وَلَا كَفَّارَةٍ، مَعَ أَنَّ قَتْلَهُ لَهُ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَأَوِّلًا، وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ فَاسِدًا.

    وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّونَ الْمُمْتَنِعُونَ إِذَا قَتَلُوا بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَضْمَنُوا دَمَهُ إِذَا عَادُوا إِلَى الْإِسْلَامِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ (2) أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ مَنْ يَحْكِيهِ قَوْلًا، كَأَبِي بَكْر عَبْد الْعَزِيز (3) حَيْثُ قَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ.

    فَهَذَا النَّصُّ فِي الْمُرْتَدِّ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَذَاكَ فِي الْمُحَارِبِ الْمُمْتَنِعِ، كَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ (4) وَالْمُحَارِبِ، أَوْ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ; فَإِنَّ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ قَاتَلَهُمُ الصِّدِّيقُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ لَمْ يُضَمِّنْهُمُ الصَّحَابَةُ بَعْدَ عَوْدِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ بِمَا كَانُوا قَتَلُوهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَتْلَفُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ.

    فَالْبُغَاةُ الْمُتَأَوِّلُونَ كَذَلِكَ لَمْ تَضْمَنْهُمُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَإِذَا كَانَ هَذَا (5) فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ، مَعَ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَهَا خَطَأً ضَمِنَهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَكَيْفَ فِي الْأَعْرَاضِ (6) ؟ مِثْلِ لَعْنِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَتَكْفِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. ))

    و نقرا من تفسير القرطبي رحمه الله لسورة الحجرات :
    (( السادسة- قوله تَعَالَى:" فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ" وَمِنَ العدل في صلحهم ألا يطالبون بِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ دَمٍ وَلَا مَالٍ، فَإِنَّهُ تَلَفٌ عَلَى تَأْوِيلٍ. وَفِي طَلَبِهِمْ تَنْفِيرٌ لَهُمْ عَنِ الصُّلْحِ وَاسْتِشْرَاءٌ «3» فِي الْبَغْيِ. وَهَذَا أَصْلٌ فِي الْمَصْلَحَةِ. وَقَدْ قَالَ لِسَانُ الْأُمَّةِ: إِنَّ حِكْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَرْبِ الصَّحَابَةِ التَّعْرِيفُ مِنْهُمْ لِأَحْكَامِ قِتَالِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، إِذْ كَانَ أَحْكَامُ قِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ قَدْ عُرِفَتْ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله....الْعَاشِرَةُ- لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خَطَأٌ مَقْطُوعٌ بِهِ، إِذْ كَانُوا كُلَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِيمَا فَعَلُوهُ وَأَرَادُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُمْ كُلُّهُمْ لَنَا أَئِمَّةٌ، وَقَدْ تَعَبَّدْنَا بِالْكَفِّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَأَلَّا نَذْكُرَهُمْ إِلَّا بِأَحْسَنَ الذِّكْرِ، لِحُرْمَةِ الصُّحْبَةِ وَلِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبِّهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَهُمْ، وَأَخْبَرَ بِالرِّضَا عَنْهُمْ. هَذَا مَعَ مَا قَدْ وَرَدَ مِنَ الْأَخْبَارِ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ طَلْحَةَ شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَلَوْ كَانَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَرْبِ عِصْيَانًا لَمْ يَكُنْ بِالْقَتْلِ فِيهِ شَهِيدًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ خَطَأً فِي التَّأْوِيلِ وَتَقْصِيرًا فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِقَتْلٍ فِي طَاعَةٍ، فَوَجَبَ حَمْلُ أَمْرِهِمْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ....وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ لَعْنَهُمْ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ وَتَفْسِيقَهُمْ، وَإِبْطَالَ فَضَائِلِهِمْ وَجِهَادَهُمْ، وَعَظِيمَ غِنَائِهِمْ فِي الدِّينِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُهُمِ عَنِ الدِّمَاءِ الَّتِي أُرِيقَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَالَ:" تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ" «1» [البقرة: 141]. وسيل بَعْضُهُمْ عَنْهَا أَيْضًا فَقَالَ: تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ مِنْهَا يَدِي، فَلَا أُخَضِّبُ بِهَا لِسَانِي. يَعْنِي فِي التَّحَرُّزِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي خَطَأٍ، وَالْحُكْمِ عَلَى بَعْضِهِمْ بِمَا لَا يَكُونُ مُصِيبًا فِيهِ. قَالَ ابْنُ فَوْرِكٍ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ إِنَّ سَبِيلَ مَا جَرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمُنَازَعَاتِ كَسَبِيلِ مَا جَرَى بَيْنَ إِخْوَةِ يُوسُفَ مَعَ يُوسُفَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا بِذَلِكَ عَنْ حَدِّ الْوَلَايَةِ وَالنُّبُوَّةِ، فَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِيمَا جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ الْمُحَاسِبِيُّ: فَأَمَّا الدِّمَاءُ فَقَدْ أَشْكَلَ عَلَيْنَا الْقَوْلُ فِيهَا بِاخْتِلَافِهِمْ. وَقَدْ سُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ قِتَالِهِمْ فَقَالَ: قِتَالٌ شَهِدَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغِبْنَا، وَعَلِمُوا وَجَهِلْنَا، وَاجْتَمَعُوا فَاتَّبَعْنَا، وَاخْتَلَفُوا فَوَقَفْنَا. قَالَ الْمُحَاسِبِيُّ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ، وَنَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَا دَخَلُوا فِيهِ مِنَّا، وَنَتَّبِعُ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَنَقِفُ عِنْدَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَلَا نَبْتَدِعُ رَأْيًا مِنَّا، وَنَعْلَمُ أَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا وَأَرَادُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ كَانُوا غَيْرَ مُتَّهَمِينَ فِي الدين، ونسأل الله التوفيق ))

    و نقرا من مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله الجزء الرابع فصل في افتراق الناس في يزيد بن معاوية :
    ((وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَدَرَ عَنْهُ مَا يَقْتَضِي ظُلْمَهُ وَفِسْقَهُ فِي سِيرَتِهِ؛ وَأَمْرُ الْحُسَيْنِ وَأَمْرُ أَهْلِ الْحَرَّةِ. وَأَمَّا الَّذِينَ لَعَنُوهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وإلكيا الْهَرَّاسِي وَغَيْرِهِمَا: فَلَمَّا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُبِيحُ لَعْنَتَهُ ثُمَّ قَدْ يَقُولُونَ هُوَ فَاسِقٌ وَكُلُّ فَاسِقٍ يُلْعَنُ. وَقَدْ يَقُولُونَ بِلَعْنِ صَاحِبِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِفِسْقِهِ كَمَا لَعَنَ أَهْلُ صفين بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْقُنُوتِ فَلَعَنَ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ فِي قُنُوتِ الصَّلَاةِ رِجَالًا مُعَيَّنِينَ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ؛ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الشَّامِ لَعَنُوا مَعَ أَنَّ الْمُقْتَتِلِينَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ السَّائِغِ: الْعَادِلِينَ وَالْبَاغِينَ: لَا يَفْسُقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَقَدْ يُلْعَنُ لِخُصُوصِ ذُنُوبِهِ الْكِبَارِ؛ وَإِنْ كَانَ لَا يُلْعَنُ سَائِر الْفُسَّاقِ كَمَا لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعًا مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَأَشْخَاصًا مِنْ الْعُصَاةِ؛ وَإِنْ لَمْ يَلْعَنْ جَمِيعَهُمْ فَهَذِهِ (ثَلَاثَةُ مَآخِذَ لِلَعْنَتِهِ. ))

    و كفانا ما قاله ايضا شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله في منهاج السنة الجزء الرابع الفصل الثاني :
    (( وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ لَعْنِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ التَّلَاعُنَ وَقَعَ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا وَقَعَتِ الْمُحَارَبَةُ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ يَلْعَنُونَ رُءُوسَ هَؤُلَاءِ فِي دُعَائِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ يَلْعَنُونَ رُءُوسَ هَؤُلَاءِ فِي دُعَائِهِمْ. وَقِيلَ: إِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ كَانَتْ تَقْنُتُ عَلَى الْأُخْرَى. وَالْقِتَالُ بِالْيَدِ أَعْظَمُ مِنَ التَّلَاعُنِ بِاللِّسَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَنْبًا أَوِ اجْتِهَادًا: مُخْطِئًا أَوْ مُصِيبًا، فَإِنَّ مَغْفِرَةَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ))

    ثانيا : الرد على اعتراضه بخصوص احسان الظن بالصحابة رضوان الله عليهم .

    اقول: اعترض علينا المنصر التائه بكلام الامام النووي رحمه الله في تاويل حديث ((امر معاوية سعدا فسبه )) معيبا علينا التاويل و اقول : اين المانع طالما ان السياق و اللغة لا تمنع ذلك !!! و المنصر طبعا وضع صورة كلام الامام النووي رحمه الله لكنه لم يقرا باقي كلامه في هذه المسالة الا وهي ضابط التاويل الذي اشار اليه النووي رحمه الله .

    نقرا من المنهاج في شرح صحيح مسلم للامام النووي رحمه الله :

    ((قَوْلُهُ (إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا دَخَلٌ عَلَى صَحَابِيٍّ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا قَالُوا وَلَا يَقَعُ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ إِلَّا مَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ فَقَوْلُ مُعَاوِيَةَ هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَمَرَ سَعْدًا بِسَبِّهِ وَإِنَّمَا سَأَلَهُ عَنِ السَّبَبِ الْمَانِعِ لَهُ مِنَ السَّبِّ كَأَنَّهُ يَقُولُ هَلِ امْتَنَعْتَ تَوَرُّعًا أَوْ خَوْفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ تَوَرُّعًا وَإِجْلَالًا لَهُ عَنِ السَّبِ فَأَنْتَ مُصِيبٌ مُحْسِنٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَهُ جَوَابٌ آخَرُ ولَعَلَّ سَعْدًا قَدْ كَانَ فِي طَائِفَةٍ يَسُبُّونَ فَلَمْ يَسُبَّ مَعَهُمْ وَعَجَزَ عَنِ الْإِنْكَارِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ هَذَا السُّؤَالَ قَالُوا وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا آخَرَ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخَطِّئَهُ فِي رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَتُظْهِرَ لِلنَّاسِ حُسْنَ رَأْيِنَا وَاجْتِهَادِنَا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ قَوْلُهُ ))

    و نقرا ما قاله القاضي عياض في كتابه اكمال المعلم بفوائد مسلم :

    ((قال الإمام - وفقه الله -: مذهب أفاضل العلماء أن ما وقع من الأحاديث القادحة فى [حديث] (2) عدالة [بعض] (3) الصحابة، والمضيفة إليهم ما لا يليق بهم، فإنها ترد ولا تقبل إذا كان رواتها غير ثقات، فإن أحب بعض العلماء تأويلها قطعاً للشغب نزل وراح، وإن رواها الثقات تأولت على الوجه اللائق بهم إذا أمكن التأويل، ولا يقع فى روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، ولابد أن يتأول قول معاوية هذا، فتقول: ليس فيه تصريح بأنه أمره بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، وقد سئل عن مثل هذا السؤال من يستجيز سب المسؤول عنه [وسئل عنه] (4) من لا يستخبره.

    فقد يكون معاوية رأى سعدًا بين قوم يسبونه، ولا يمكن الإنكار عليهم، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؛ ليستخرج منه مثل ما استخرج مما حكاه عن النبى - عليه الصلاة والسلام - فيكون له حجة على من سبه ممن ينضاف إليه من غوغاء جنده، فيحصل على المراد على لسان غيره من الصحابة، ولو لم يسلك هذا المسلك وحملنا عليه أنه قصد ضد هذا مما يثيره [عنه] (1) الموجدة، ويقع فى حين الحنق، لأمكن أن يريد السب الذى هو بمعنى التغيير للمذهب والرأى، وقد سمى ذلك فى العرف سباً، ويقال فى فرقة: إنها تسب أخرى إذا سمع منهم أنهم أخطؤوا فى مذاهبهم، وحادوا عن الصواب، وأكثروا من التشنيع عليهم، فمن الممكن أن يريد معاوية من سعد بقوله: " ما منعك أن تسب أبا تراب " أى يظهر للناس خطأه فى رأيه، وإن رأينا ما نحن عليه أشد وأصوب. هذا مما لا يمكن أحد أن يمنع من احتمال قوله له، وقد ذكرنا ما يمكن أن يحمل قوله عليه ورأيه فيه جميل أو غير جميل فى هذين الجوابين. فمثل هذا المعنى ينبغى أن يسلك فيما وقع فى أمثال هذا ))

    و العجب من جحش الفرا حينما يقرا كلام النووي رحمه الله " و لا يقع في روايات الثقات الا ما امكن تاويله " بانه تاويل مطلق فانظروا الى جهل المتكلم حيث لا يعلم ان النووي رحمه الله منع استحالة التاويل في روايات الثقات و هي اشارة و لفتة لا يفطن اليها من كان مثل هذا الانوك المنصر اذ ان المتتبع للروايات الصحيحة يعلم امكانية تاويل الرواية حسب السياق و اللغة .

    ثالثا : الرد على النقطة التي تكلم عنها في مقطع سابق الا وهي " مسالة الاختلاف على صحبة الراوي من عدمه "

    اقول : و قد سبق ان بينا تهافت و غباء الاستدلال بهذا المورد لاسقاط علم الحديث و معايير تصحيح الاحاديث من عدمها . فالاصل كما سب ان بينا هو قيام الدليل الصحيح على ثبوت صحبة الراوي من عدمها و ثبوتها عند عالم و نفيها عند اخر لا يعني اسقاط علم الحديث و الاسناد فعامة الروايات عن صحابة اجمع على صحبتهم

    فهل ينكر احد صحبة ابي هريرة و عائشة و ابن عباس و جابر و ابو سعيد الخدري و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو و ابن مسعود و غيرهم من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم !!!

    و ليت شعري كم ان حجته داحضة تافهة !!

    وقد استشهد برسالة ماجستير اسمها " تعقبات الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة علي ابي نعيم الاصبهاني في كتابه معرفة الصحابة" - وطبعا المصدر معاضر مجرد بحث على قوقل كمعظم مصادره !- و نقل من الصفحة 19 الاختلاف على صحبة زياد بن جارية التميمي الدمشقي و لكنه اقتطع كلام المؤلف في الصفحة العشرين و السبب او الدليل الذي جعل ابن حجر يرفض صحبة زياد ويجعله في التابعين :
    (( والراجح أن زياد بن جارية تابعي، ُذكر في الصحابة وهماً، بسبب إرساله حديثا ، وروايته عن حبيببن مسممة الفيري تثبت بأنه تابعي والله تعالى اعلم .))

    و هذا ما اقتطعه المدلس يثبت عدم صحبة زياد بالاضافة طبعا الى اننا نتعامل مع " ابن كنيسة بامتياز" لانه يجيد لغة التدليس و القطع و هذا من فنون التدليس و الكذب كما علمه دينه

    رابعا : الرد على كلامه بخصوص اختلاف بعض اهل العلم في منهجية تحديد من كانت له صحبة من عدمها.

    استشهد المنصر بمقالة (لاحد المعاصرين من قوقل !) عنوانها منهجية التمييز بين المختلف في صحبتهم ليذكر اختلاف اهل العلم على صحبة راو واحد حيث كانت هناك حالات كان المختلف فيه بين مرتبتين لا ثالث لهما الصحبة او الضعف و اعترض المنصر على الحكم بصحبة الراوي الذي لم تثبت صحبته برواية صحيحة واحدة

    و الحق ان استشهاده هنا مردود من المنصر لاكثر من وجه :

    اولا : هذا ليس فيه مطعن على اسانيد القران و لا حتى على معظم الاحاديث المتفق علي صحتها فاين وجه الدلالة في كلامه !

    ثانيا : ان كثيرا من اهل العلم لم يشترطوا وجود رواية صحيحة انما اضافوا على صحة السند طرقا اخرى يمكن معرفة كون الشخص صحابي ام لا

    نقرا من كتاب الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر رحمه الله الجزء الاول باب ما يعرف به الصحابي :
    (( يعرف الصّحابيّ بأحد الأدلّة التّالية:

    اولا: التّواتر، وهو رواية جمع عن جمع يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب، وذلك كأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وبقيّة العشرة المبشّرين بالجنّة- رضي اللَّه عنهم.

    ثانيا: الشّهرة أو الاستفاضة القاصرة عن حد التواتر كما في أمر ضمام بن ثعلبة، وعكاشة بن محصن.

    ثالثا: أن يروى عن آحاد الصّحابة أنه صحابي كما في حممة بن أبي أحممة الدّوسيّ الّذي مات ب «أصبهان» مبطونا فشهد له أبو موسى الأشعريّ أنه سمع النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم حكم له بالشهادة، هكذا ذكره أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» .

    رابعا: أن يخبر أحد التّابعين بأنه صحابي بناء على قبول التّزكية من واحد عدل وهو الرّاجح.

    خامسا: أن يخبر هو عن نفسه بأنه صحابيّ بعد ثبوت عدالته ومعاصرته، فإنه بعد ذلك لا يقبل ادّعاؤه بأنه رأى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أو سمعه،

    لقوله صلّى اللَّه عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإنّه على رأس مائة سنة منه لا يبقى أحد ممّن على ظهر الأرض ... » [ (1) ] .

    يريد بهذا انخرام ذلك القرن، وقد قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ذلك في سنة وفاته، ومن هذا المأخذ لم يقبل الأئمّة قول من ادّعى الصّحبة بعد الغاية المذكورة.

    وقد ذكر الحافظ ابن حجر في «الإصابة» - هنا- ضابطا يستفاد منه معرفة جمع كثير من الصّحابة يكتفى فيهم بوصف يتضمّن أنهم صحابة، وهو مأخوذ من ثلاثة آثار:

    أحدها: أنهم كانوا لا يؤمّرون في المغازي إلا الصّحابة، فمن تتبّع الأخبار الواردة من الرّدة والفتوح وجد من ذلك الكثير.

    ثانيها: أن عبد الرّحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فدعا له، وهذا أيضا يوجد منه الكثير.

    ثالثها: أنه لم يبق بالمدينة ولا بمكّة ولا الطّائف ولا من بينها من الأعراف إلا من أسلم وشهد حجّة الوداع، فمن كان في ذلك الوقت موجودا اندرج فيهم، لحصول رؤيتهم للنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم وإن لم يرهم هو.

    قال الذّهبيّ في «الميزان» في ترجمة «رتن» 2/ 45 «وما أدراك ما رتن؟! شيخ دجّال بلا ريب، ظهر بعد السّتمائة فادّعى الصّحبة، والصّحابة لا يكذبون وهذا جريء على اللَّه ورسوله، وقد ألّفت في أمره جزءا» .))

    و نقرا في كتاب الاصول لابي السعادات ابن الاثير الجزء الاول :
    (( م الصحبة من حيث الوضع تنطبق على من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو ساعة، لكن العرف يخصص الاسم بمن كثرت صحبته، ولا حدَّ لتلك الكثرة بتقدير، بل بتقريب.

    وقيل: هو من اجتمع فيه أمران. أحدهما: هذا. والآخر: أن تكون صحبته طالت معه على سبيل الأخذ عنه، والإتِّباع له، لأن من أطال مجالسة العالم، لا على سبيل الاستفادة والإتباع له، لا يدخل في زمرة أصحابه (1) .

    ولمعرفة الصحابي طريقان:

    أحدهما: يوجب العلم، وهو الخبر المتواتر، أنه صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم-.

    والآخر: يوجب الظنَّ، وهو إخبار الثقة والنقل الصحيح.

    هذا حكم عدالة الصحابة - رضي الله عنهم - باختلاف الناس فيهم.

    وأما من جاء بعدهم فالكلام فيهم يطول، ولا يخلو قوم من عدالة أو فسق، والعدالة قليلة، وأسباب الفسق كثيرة، فكل من عَرِي عن شرط من شروط الرواية أو الشهادة التي تقدم ذكرها، فهو مجروح لا يقبل قوله. ))

    و نقرا من مقدمة بن الصلاح الجزء الاول النوع التاسع و الثلاثون :
    (( ثُمَّ إِنَّ كَوْنَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ صَحَابِيًّا تَارَةً يُعْرَفُ بِالتَّوَاتُرِ، وَتَارَةً بِالِاسْتِفَاضَةِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ، وَتَارَةً بِأَنْ يُرْوَى عَنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَتَارَةً بِقَوْلِهِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ - بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ - بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ))

    قلت : فتبين هنا ان جمعا من اهل العلم وضعوا ضوابط اخرى و نحن و ان كنا نميل الى ان صحة السند هو الطريق الاول و الاخير (كما فعلنا مع عبد الرحمن بن عديس ) الا ان ما فعله المنصر يعد خيانة علمية لانه اوهم القارئ ان اهل العلم حكموا بالصحبة على الراوي -و ان كانت الرواية لا تثبت - هباءا و لم يضعوا لذلك ضوابط !!! و هذا عين الكذب و التدليس

    بل من نفس البحث الذي اتى به نقرا


    خامسا : بيان جهل المنصر بحكم الحديث المنكر و اضبط نكارته و بيان تدليسه على الامام ابن عبد الهادي .

    اقتبس المنصر من كتاب ابن عبد الهادي الا وهو تعليقة على العلل لابن ابي حاتم رحمه الله ليحاول ان يقول " انظروا كيف ضعفوا الراوي لروايته و ضعفوا روايته لضعف الراوي " و اقتبس كلاما من الامام ابن عبد الهادي في حديث قيس بن طلق و الحقيقة ان هذا المنصر لا يخلو من اثنين : جاهل او كذاب ذلك لان ابن عبد الهادي لم يرمي الى ما ذكره المنصر و ما قال المنصر ما قاله الا عن تجاهل او جهل بقاعدة الحديث المنكر متنه .

    و خلاصة الكلام ان الراوي اذا تفرد بما ينكر متنه حيث لا يعرف الا بهذا الحديث و لا يعرف هذا الحديث الا به حكم عليه بالضعف شريطة ان يكون متن الحديث مخالفا لما رواه الثقات او انه يروي رواية خالف اسنادها الاسناد المعروف مع العلم بان هذا الاسناد لا يمكن ان يكون كما وصفه الراوي و هذا ما جهله او تجاهله المنصر .

    نقرا من تدريب الراوي شرح تقريب النووي الجزء الاول النوع الرابع عشر :
    (( وَعِنْدَ هَذَا نَقُولُ: الْمُنْكَرُ قِسْمَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الشَّاذِّ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَاهُ.

    مِثَالُ الْأَوَّلِ: وَهُوَ الْمُفْرَدُ الْمُخَالِفُ لِمَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ رِوَايَةُ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» .

    فَخَالَفَ مَالِكٌ غَيْرَهُ مِنَ الثِّقَاتِ فِي قَوْلِهِ: عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ أَنَّ كُلَّ مَنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بِفَتْحِهَا، وَأَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِي ذَلِكَ.

    قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَفِي هَذَا التَّمْثِيلِ نَظَرٌ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ، وَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ أَحَدٌ اسْمَ النَّكَارَةِ فِيمَا رَأَيْتُ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ السَّنَدُ مُنْكَرًا، أَوْ شَاذًّا لِمُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شُذُوذِ السَّنَدِ وَنَكَارَتِهِ وُجُودُ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْمَتْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَوْعِ الْمُعَلَّلِ، أَنَّ الْعِلَّةَ الْوَاقِعَةَ فِي السَّنَدِ قَدْ تَقْدَحُ فِي الْمَتْنِ، وَقَدْ لَا تَقْدَحُ، كَمَا سَيَأْتِي.

    قَالَ فَالْمِثَالُ الصَّحِيحُ لِهَذَا الْقِسْمِ: مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَإِنَّمَا عْرَفُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ» ، ثُمَّ أَلْقَاهُ.

    قَالَ: وَالْوَهْمُ فِيهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا هَمَّامٌ.

    وَقَالَ النَّسَائِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.

    فَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ثِقَةٌ احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّهُ خَالَفَ النَّاسَ، فَرَوَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ هَذَا الْمَتْنَ بِهَذَا السَّنَدِ، وَإِنَّمَا رَوَى النَّاسُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ الْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، فَلِهَذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالنَّكَارَةِ.

    وَمِثَالُ الثَّانِي: وَهُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مِنَ الثِّقَةِ، وَالْإِتْقَانِ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ تَفَرُّدُهُ، مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَكِيرٍ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا. «كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ إِذَا أَكَلَهُ غَضِبَ الشَّيْطَانُ» ، الْحَدِيثَ.

    قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

    تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو زَكِيرٍ، وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ مَنْ يُحْتَمَلُ تَفَرُّدُهُ، بَلْ قَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْقَوْلَ بِالتَّضْعِيفِ، ...

    تَنْبِيهَاتٌ

    الْأَوَّلُ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، بَلْ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ، أَنَّ الشَّاذَّ وَالْمُنْكَرَ بِمَعْنًى.

    وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِنَّ الشَّاذَّ، وَالْمُنْكَرَ يَجْتَمِعَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْمُخَالَفَةِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الشَّاذَّ رِوَايَةُ ثِقَةٍ أَوْ صَدُوقٍ، وَالْمُنْكَرَ رِوَايَةُ ضَعِيفٍ.

    قَالَ: وَقَدْ غَفَلَ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا.

    ثُمَّ مَثَّلَ الْمُنْكَرَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ حُبَيِّبٍ - بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ بَيْنَ مُوَحَّدَتَيْنِ، أُولَاهُمَا مَفْتُوحَةٌ - ابْنَ حَبِيبٍ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بِوَزْنِ كَرِيمٍ - أَخِي حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَحَجَّ، وَصَامَ، وَقَرَى الضَّيْفَ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .

    قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرٌ ; لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الثِّقَاتِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ.

    وَحِينَئِذٍ فَالْحَدِيثُ الَّذِي لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، وَرَاوِيهِ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ، بِأَنْ لَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ الْمَعْلُومَةِ، أَوْ عُرِفَ بِهِ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، أَوْ كَثِيرُ الْغَلَطِ أَوِ الْفِسْقِ أَوِ الْغَفْلَةِ يُسَمَّى الْمَتْرُوكَ، وَهُوَ نَوْعٌ مُسْتَقِلٌّ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

    كَحَدِيثِ صَدَقَةَ الدَّقِيقِيِّ، عَنْ فَرْقَدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ.

    الثَّانِي: عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي " النُّخْبَةِ ": فَإِنْ خُولِفَ الرَّاوِي بِأَرْجَحَ، فَالرَّاجِحُ يُقَالُ لَهُ: الْمَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ، يُقَالُ لَهُ: الشَّاذُّ.

    وَإِنْ وَقَعَتِ الْمُخَالَفَةُ مَعَ الضَّعْفِ، فَالرَّاجِحُ يُقَالُ لَهُ: الْمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ لَهُ: الْمُنْكَرُ، وَقَدْ عَلِمْتَ مِنْ ذَلِكَ تَفْسِيرَ الْمَحْفُوظِ وَالْمَعْرُوفِ، وَهُمَا مِنَ الْأَنْوَاعِ الَّتِي أَهْمَلَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ، وَحَقُّهُمَا أَنْ يُذْكَرَا، كَمَا ذُكِرَ الْمُتَّصِلُ مَعَ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ. ))

    و نقرا من النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر رحمه الله الجزء الرابع الباب الرابع عشر :
    (( 101- قوله (ص) : "وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث"1.

    قلت: وهذا ينبغي التيقظ له، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده.

    وأما قول المصنف: والصواب التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ2، فليس في عبارته ما يفصل أحد النوعين عن الآخر. نعم هما مشتركان في كون كل منهما على قسمين وإنما اختلافهما في مراتب الرواة فالصدوق3 إذا تفرد بشيء لا متابع4 له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن، فهذا أحد قسمي الشاذ فإن/ (ي 206) خولف من هذه صفته/ (ب ص 246) مع ذلك كان أشد في شذوذه، وربما سماه بعضهم منكرا وإن بلغ تلك الرتبة في الضبط، لكنه خالف من هو أرجح منه/ (ر109/أ) في الثقة والضبط، فهذا القسم الثاني من الشاذ وهو المعتمد في تسميته.

    وأما ما انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي/ (?122/أ) المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث.

    وإن خولف في1 ذلك، فهو القسم الثاني وهو المعتمد على رأي الأكثرين.

    فبان بهذا فصل2 المنكر من الشاذ وأن كلا منهما قسمان يجمهما مطلق التفرد أو مع قيد المخالفة3 - والله أعلم -.

    وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه ما نصه: "وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعمله".

    قلت: فالرواة الموصوفون بهذا هم المتروكون.

    فعلى هذا رواية المتروك عند مسلم تسمى منكرة6. وهذا هو المختار - والله أعلم -.))

    و نقرا من المنهاج في شرح صحيح مسلم الجزء الاول :
    (( قال رحمه الله (وعلامة المنكر فى الحديث المحدث اذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها) هذا الذى ذكر رحمه الله هو المعنى المنكر عند المحدثين يعنى به المنكر المردود فانهم قد يطلقون المنكر على انفراد الثقة بحديث وهذا ليس بمنكر مردود اذا كان الثقة ضابطا متقنا وقوله أو لم تكد توافقها معناه لا توافقها الا فى قليل قال أهل اللغة كاد موضوعة للمقاربة فان لم يتقدمها نفى كانت لمقاربة الفعل ولم يفعل كقوله تعالى يكاد البرق يخطف أبصارهم وان تقدمها نفى كانت للفعل بعد بطء وان شئت قلت لمقاربة عدم الفعل كقوله تعالى فذبحوها وما كادوا يفعلون) ))

    و نقرا من فتح المغيث للسخاوي رحمه الله الجزء الاول :
    (( الْمُنْكَرُ]

    167 - وَالْمُنْكَرُ الْفَرْدُ كَذَا الْبَرْدِيجِي ... أَطْلَقَ وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيجِ

    168 - إِجْرَاءُ تَفْصِيلٍ لَدَى الشُّذُوذِ مَرْ ... فَهْوَ بِمَعْنَاهُ كَذَا الشَّيْخُ ذَكَرْ

    169 - نَحْوُ: " كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ " الْخَبَرْ ... وَمَالِكٌ سَمَّى ابْنَ عُثْمَانَ عُمَرْ

    170 - قُلْتُ: فَمَاذَا بَلْ حَدِيثُ (نَزْعِهِ ... خَاتَمَهُ عِنْدَ الْخَلَا وَوَضْعِهِ.

    [تَعْرِيفُ الْمُنْكَرِ وَأَنْوَاعُهُ] (وَالْمُنْكَرُ) الْحَدِيثُ (الْفَرْدُ) وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَتْنُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ رَاوِيهِ، فَلَا مُتَابِعَ لَهُ فِيهِ، بَلْ وَلَا شَاهِدَ، (كَذَا) الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ (الْبَرْدِيجِيُّ أَطْلَقَ، وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيجِ) يَعْنِي الْمَرْوِيَّ كَذَلِكَ (إِجْرَاءُ تَفْصِيلٍ لَدَى) أَيْ: عِنْدَ (الشُّذُوذِ مَرَّ) بِحَيْثُ يَكُونُ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ.

    (فَهُوَ) أَيِ: الْمُنْكَرُ (بِمَعْنَاهُ) أَيِ: الشَّاذِّ (كَذَا الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ (ذَكَرَ) مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا جَمْعُ الذَّهَبِيِّ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِهِ عَلَى بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَقَّقَ شَيْخُنَا التَّمْيِيزَ بِجِهَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي مَرَاتِبِ الرُّوَاةِ، فَالصَّدُوقُ إِذَا تَفَرَّدَ بِمَا لَا مُتَابِعَ لَهُ فِيهِ وَلَا شَاهِدَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الضَّبْطِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَقْبُولِ، فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَيِ الشَّاذِّ.

    فَإِنْ خُولِفَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مَعَ ذَلِكَ، كَانَ أَشَدَّ فِي شُذُوذِهِ، وَرُبَّمَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مُنْكَرًا، وَإِنْ بَلَغَ تِلْكَ الرُّتْبَةَ فِي الضَّبْطِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ.

    فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الشَّاذِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَدَّمْنَا فِي تَسْمِيَتِهِ، وَأَمَّا إِذَا انْفَرَدَ الْمَسْتُورُ، أَوِ الْمَوْصُوفُ بِسُوءِ الْحِفْظِ، أَوِ الْمُضَعَّفُ فِي بَعْضِ مَشَايِخِهِ خَاصَّةً، أَوْ نَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَا يُحْكَمُ لِحَدِيثِهِمْ بِالْقَبُولِ بِغَيْرِ عَاضِدٍ يُعَضِّدُهُ، بِمَا لَا مُتَابِعَ لَهُ وَلَا شَاهِدَ - فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَيِ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي يُوجَدُ إِطْلَاقُ الْمُنْكَرِ عَلَيْهِ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ; كَأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ.

    وَإِنْ خُولِفَ مَعَ ذَلِكَ، فَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِينَ فِي تَسْمِيَتِهِ، فَبَانَ بِهَذَا فَصْلُ الْمُنْكَرِ مِنَ الشَّاذِّ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قِسْمَانِ يَجْتَمِعَانِ فِي مُطْلَقِ التَّفَرُّدِ أَوْ مَعَ قَيْدِ الْمُخَالَفَةِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الشَّاذَّ رَاوِيهِ ثِقَةٌ أَوْ صَدُوقٌ غَيْرُ ضَابِطٍ، وَالْمُنْكَرَ رَاوِيهِ ضَعِيفٌ بِسُوءِ حِفْظِهِ أَوْ جَهَالَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَا فَرَّقَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ مُقْتَصِرًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى قِسْمِ الْمُخَالَفَةِ، فَقَالَ فِي الشَّاذِّ: إِنَّهُ مَا رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، وَفِي الْمُنْكَرِ: إِنَّهُ مَا رَوَاهُ الضَّعِيفُ مُخَالِفًا، وَالْمُقَابِلُ لِلْمُنْكَرِ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَلِلشَّاذِّ كَمَا تَقَدَّمَ، هُوَ الْمَحْفُوظُ.

    قَالَ: قَدْ غَفَلَ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا، زَادَ فِي غَيْرِهِ: وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ (صَحِيحِهِ) مَا نَصُّهُ: وَعَلَامَةُ الْمُنْكَرِ فِي حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَى، خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ، أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ، كَانَ مَهْجُورَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مَقْبُولِهِ وَلَا مُسْتَعْمِلِهِ ))

    قلت : و هذا الاخير الذي ذهب هو ما ذهب اليه بعض من ضعف قيس بن طلق رحمه الله كابن ابي حاتم و ابي زرعة رحمهما الله فانهما ذهبا الى توهين قيس بناءا على مخالفة روايته رواية الثقات و لم يثبت عندهما توثيقا له فاخذوه على القاعدة العامة انه مستور روى حديثا منكرا خالف فيه الثقات و فاستدرك ذلك عليهما ابن عبد الهادي بامرين :

    اولهما : ان قيسا وثقه اهل العلم و له احاديث اخرى معروفة و ثابتة .

    ثانيهما : ان متن الحديث لا يخالف ما رواه الثقات و انما قد يكون حكمه انه نسخ بحديث ابي هريرة رضي الله ان صح .

    وهذا عين ما دلسه المنصر اذ انه نقل جملة لابن عبد الهادي عن عدم حجية تضعيف قيس بهذا الحديث و لم يذكر بقية ما نقله من توثيق اهل العلم له ثم عدم مخالفة روايته رواية الثقات .

    نقرا من تعليقة ابن عبد الهادي رحمه الله على العلل لابن ابي حاتم رحمهما الله باب حديث رجل مس ذكره في الصلاة؟ قال: «وهل هو إلا مضغة منه - أو بضعة منه :
    ((وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: حَدِيثُ مُلازِمٍ مُسْتَقِيمُ الإِسْنَادِ، غَيْرُ مُضْطَرِبٍ فِي إِسْنَادِهِ وَلا فِي مَتْنِهِ، فَهُوَ أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا رَوَيْنَاهُ أَوَّلا مِنَ الآثَارِ الْمُضْطَرِبَةِ فِي أَسَانِيدِهَا، وَلَقَدْ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، يَقُولُ: حَدِيثُ مُلازِمٍ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.

    وَذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِهِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ الْفَلَّاسَ قَالَ: حَدِيثُ قَيْسٍ عِنْدَنَا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.

    وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: «لا» .

    فَلَمْ يُثْبِتَاهُ، وَقَالا: قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ لَيْسَ مِمَّنْ تَقَومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَوَهَّنَاهُ.

    انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي زُرْعَةَ.

    وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَدِيثَ قَيْسٍ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ، وَلَمْ يَأْتِ مَنْ ضَعَّفَهُ بِحُجَّةٍ، بَلْ أَنَّ مَا تَكَلَّمَ فِيهِ لِرِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَإِنِّمَا تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِرِوَايَتِهِ لَهُ، وَهَذَا دَوْرٌ.

    وَقَدْ وَثَّقَ قَيْسًا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ - فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ -، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، يَمَامِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، وَأَبُوهُ طَلْقٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    وَقَدْ احْتَجَّ - بِحَدِيثِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ -: النِّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.

    وَقَدْ رَوَى حَدِيثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ، وَأَحَادِيثُهُ مَعْرُوفَةٌ، لَيْسَ فِيهَا مَا يُنْكَر......

    الثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَمْثَلَهُمْ فَلَمْ يُخَالِفْهُمْ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَيْسٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: (عَنْ قَيْسٍ أَنَّ طَلْقًا) مَحْمُولٌ عَلَى الاتِّصَالِ عِنْدَ جَمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ: (عَنْ طَلْقٍ) وَ (أَنَّ طَلْقًا) عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ لا اعْتِبَارَ بِالْحُرُوفِ وَالأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا الاعْتِبَارُ بِاللِّقَاءِ وَالْمُجَالَسَةِ، وَالسَّمَاعِ وَالْمُشَاهَدَةِ، وَقَيْسٌ قَدْ عَرِفَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، وَرَوَى عَنْهُ غَيْرَ حَدِيثٍ، وَلا نَعْرِفُ أَحَدًا رَمَاهُ بِالتَّدْلِيسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

    قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَمَّا قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، فَقَدْ رَوَى الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ (مِنْ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي قَيْسٍ) فِي صِحَّتِهِ عَنْهُ نَظَرٌ، وَرِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، عَنْ يَحْيَى، فِي تَوْثِيقِ قَيْسٍ أَصَحُّ، وَلَوْ ثَبُتَ ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَادِحًا فِي قَيْسٍ، لأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ الْجُرْحِ، وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ.

    الثَّانِي: أَنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسٍ، مُسْتَدِلا بِهِ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي أَوَّلِ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَقْتَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَيَكُونُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ ذَلِكَ نَاسِخًا لَهُ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ قَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ، مِنْ جُمْلَتِهِمْ هُوَ كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّمَا رَوَاهُ هُوَ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ النُّوفَلِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ، ويَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ))

    و هذا التدليس و الكذب الفاضح الناتج عن تعاليم الكنيسة و الذي اقدم عليه هذا المنصر مع مزجه الكلام ببعض العبارات و الصور السخيفة ما هو الا كما قال ابو العتاهية فيمن كان على شاكلته :

    إِيّاكَ مِن كَذَبِ الكَذوبِ وَإِفكِهِ فَلَرُبَّما مَزَجَ اليَقينَ بِشَكِّهِ

    وَلَرُبَّما ضَحِكَ الكَذوبُ تَكَلُّفاً وَبَكى مِنَ الشَيءِ الَّذي لَم يُبكِهِ

    وَلَرُبَّما صَمَتَ الكَذوبُ تَخَلُّقاً وَشَكى مِنَ الشَيءِ الَّذي لَم يُشكِهِ

    وَلَرُبَّما كَذَبَ اِمرُؤٌ بِكَلامِهِ وَبِصَمتِهِ وَبُكائِهِ وَبِضِحكِهِ

    سادسا : الرد على كلامه المعوج بخصوص اختيار القراء لقراءاتهم وبيان كذبه .

    المنصر يجهل او يتجاهل مصطلح الاختيار عند القارئ فهو يظن ان القارئ اذا انتقى من قراءة شيوخه فان ذلك يعني كذب الاحتجاج بالاسناد !!!!

    واقول : اين وجه الابطال في زعمه هذا !!!؟؟؟ فاختيار القارئ انما هو قائم على ما تلقاه عن شيوخه بالاسناد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم و البحث الذي استشهد منه يشهد بذلك فهو حجة عليه لا له .

    و هذا ما هو مذكور في البحث (المعاصر كالعادة من قوقل) الذي استشهد منه و المسمى ب الامام الجعبري و اختياره في القراءات :




    و المعلوم ان القراءات العشر كما ذهب بعض اهل العلم جزء من قراءات اخرى صحيحة صح سندها ووافقت الرسم العثماني و العربية و لو بوجه (كقراءة الحسن البصري و عاصم الجحدري و ابن محيصن ) و انما استقرت الامة على هذه القراءات العشر و العجيب ان ما ذكره المنصر سابقا(و ما رددنا عليه ) ينسف ما يدعيه الان الا وهو اختلاف الرواة على القارئ الواحد اذ ان اختلافهم على القارئ الواحد دليل على جمع القارئ لقراءات كثير من شيوخه وان قام فيها الاختيار

    واقول : انما قام الاختيار على ضوابط منها ما ذكره نافع رحمه الله و هو اختياره القراءة التي عليها الاغلبية بالاسناد الصحيح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    نقرا من المرشد الوجيز الجزء الاول الباب الرابع :

    (( قال: "وقد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبة وأجل قدرًا من هؤلا السبعة، على أنه قد ترك جماعة من العلماء في كتبهم في القراءات ذكر بعض هؤلاء السبعة واطرحهم: ... .. ثم قال مكي رحمه الله:

    "فإن سأل سائل: ما العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن هؤلاء الأئمة، وكل واحد منهم قد انفرد بقراءة اختارها مما قرأ به على أئمته"؟

    قال: "فالجواب: أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم، يقرءون الناس بما قرءوا، فمن قرأ عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه؛ إذ كان ذلك مما قرءوا به على أئمتهم".

    "ألا ترى أن نافعا قال: قرأ على سبعين من التابعين، فما اتفق عليه اثنان أخذته، وما شك فيه واحد تركته. يريد -والله أعلم- مما خالف المصحف. وكان من قرأ عليه بما اتفق فيه اثنان من أئمته لم ينكر عليه ذلك".

    "وقد روي عنه أنه كان يقرئ الناس بكل ما قرأ به حتى يقال له: نريد أن نقرأ عليك باختيارك مما رويت".

    "وهذا قالون (1) ربيبه وأخص الناس به، وورش (2) أشهر الناس المتحملين [60 و] إليه اختلفا في أكثر من ثلاثة آلاف حرف من قطع وهمز وتخفيف وإدغام وشبهه".

    "ولم يوافق أحد من الرواة عن نافع رواية ورش عنه ولا نقلها أحد عن نافع غير ورش، وإنما ذلك لأن ورشًا قرأ عليه بما تعلم في بلده فوافق ذلك رواية قرأها نافع على بعض أئمته فتركه على ذلك. وكذلك ما قرأ عليه به قالون وغيره" (1) ))

    و نقرا من النشر في القراءات العشر لابن الجزري رحمه الله الجزء الاول :
    (( وَكُلُّ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَلَمْ يَسَعْ أَحَدًا مِنَ الْأُمَّةِ رَدُّهُ وَلَزِمَ الْإِيمَانُ بِهِ، وَإِنَّ كُلَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إِذْ كُلُّ قِرَاءَةٍ مِنْهَا مَعَ الْأُخْرَى بِمَنْزِلَةِ الْآيَةِ مَعَ الْآيَةِ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا كُلِّهَا وَاتِّبَاعُ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْمَعْنَى عِلْمًا وَعَمَلًا، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مُوجِبِ إِحْدَاهُمَا لِأَجْلِ الْأُخْرَى ظَنًّا أَنَّ ذَلِكَ تَعَارُضٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: " لَا تَخْتَلِفُوا فِي الْقُرْآنِ وَلَا تَتَنَازَعُوا فِيهِ ; فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَتَسَاقَطُ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ فِيهِ وَاحِدَةٌ، حُدُودُهَا وَقِرَاءَتُهَا وَأَمْرُ اللَّهِ فِيهَا وَاحِدٌ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الْحَرْفَيْنِ حَرْفٌ يَأْمُرُ بِشَيْءٍ يَنْهَى عَنْهُ الْآخَرُ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ، وَلَكِنَّهُ جَامِعٌ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَمَنْ قَرَأَ عَلَى قِرَاءَةٍ فَلَا يَدَعْهَا رَغْبَةً عَنْهَا، فَإِنَّهُ مَنْ كَفَرَ بِحَرْفٍ مِنْهُ كَفَرَ بِهِ كُلَّهُ ".

    (قُلْتُ) : وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: لِأَحَدِ الْمُخْتَلِفِينَ: " أَحْسَنْتَ "، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " أَصَبْتَ "، وَفِي الْآخَرِ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ ". فَصَوَّبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِرَاءَةَ كُلٍّ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ، وَقَطَعَ بِأَنَّهَا كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَبِهَذَا افْتَرَقَ اخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ مِنَ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْقُرَّاءِ كُلٌّ حَقٌّ وَصَوَابٌ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهُوَ كَلَامُهُ لَا شَكَّ فِيهِ وَاخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ اخْتِلَافٌ اجْتِهَادِيٌّ وَالْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِيهِ وَاحِدٌ، فَكُلُّ مَذْهَبٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخَرِ صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ، وَكُلُّ قِرَاءَةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأُخْرَى حَقٌّ وَصَوَابٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ نَقْطَعُ بِذَلِكَ وَنُؤْمِنُ بِهِ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ مَعْنَى إِضَافَةِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الِاخْتِلَافِ إِلَى مَنْ أُضِيفَ إِلَيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ أَضْبَطَ لَهُ وَأَكْثَرَ قِرَاءَةً وَإِقْرَاءً بِهِ، وَمُلَازَمَةً لَهُ، وَمَيْلًا إِلَيْهِ، لَا غَيْرَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إِضَافَةُ الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ إِلَى أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ وَرُوَاتِهِمُ الْمُرَادُ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ الْقَارِئَ وَذَلِكَ الْإِمَامَ اخْتَارَ الْقِرَاءَةَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ مِنَ اللُّغَةِ حَسْبَمَا قَرَأَ بِهِ، فَآثَرَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ حَتَّى اشْتَهَرَ وَعُرِفَ بِهِ، وَقُصِدَ فِيهِ، وَأُخِذَ عَنْهُ ; فَلِذَلِكَ أُضِيفَ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ إِضَافَةُ اخْتِيَارٍ وَدَوَامٍ وَلُزُومٍ لَا إِضَافَةَ اخْتِرَاعٍ وَرَأْيٍ وَاجْتِهَادٍ. ))

    و العجيب المضحك في المنصر نقلع عن كتاب شرح الشاطبية للامام السيوطي رحمه الله تحقيق فرغلي سيد عرباوي في الصفحة 62 نفس الكلام الذي رددنا عليه اعلاه (جهله او تجاهله بمعنى الاختيار و الداعي لذلك و عدم تعارض ذلك مع كثرة الروايات عن القارئ الواحد وجمعه لقراءة شيوخه) الا انه نسي ان يقول للمستمع ان الكلام هو كلام المحقق لا كلام الامام السيوطي رحمه الله!!

    و مما استشهد به المنصر قراءة ابي عبد الرحمن السلمي على بن مسعود رضي الله عنه وقد انكرها استنادا الى ما روي عن عاصم رحمه الله :

    قرا من كتاب غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري رحمه الله الجزء الاول الصفحة 254 :

    (( 1158- "ع" حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر بن أبي داود1 الأسدي الكوفي الغاضري البزاز ويعرف بحفيص، أخذ القراءة عرضًا وتلقينا عن "ع" عاصم وكان ربيبه ابن زوجته، ولد سنة تسعين،

    قال الداني وهو الذي أخذ قراءة عاصم عن الناس تلاوة، ونزل بغداد فأقرأ بها وجاور بمكة فأقرأ أيضًا بها،

    وقال يحيى بن معين الرواية الصحيحة التي رويت عن قراءة عاصم رواية أبي عمر حفص بن سليمان

    وقال أبو هاشم الرفاعي كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم

    وقال الذهبي أما القراءة فثقة ثبت ضابط لها بخلاف حاله في الحديث قلت يشير إلى أنه تكلم فيه من جهة الحديث،

    قال ابن المنادى قرأ على عاصم مرارًا وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم، وأقرأ الناس دهرًا وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى علي رضي الله عنه، قلت يشير إلى ما روينا عن حفص أنه قال قلت لعاصم أبو بكر يخالفني فقال أقرأتك بما أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب وأقرأته بما أقرأني زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود))

    قلت : هذا على الاشهر و لكن ليس على الاطلاق اذ قد ثبت ان ابا عبد الرحمن السلمي رحمه الله قرا على ابن مسعود رضي الله عنه .

    نقرا من غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري رحمه الله الجزء الاول باب العين :
    ((1755- "ع" عبد الله بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمن السلمي الضرير مقرى الكوفة، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة إليه انتهت القراءة تجويدًا وضبطًا، أخذ القراءة عرضًا عن "ت س" عثمان بن عفان و"ت س" علي بن أبي طالب و"ت س" عبد الله بن مسعود و"ت س" زيد بن ثابت و"ت س" أبي بن كعب رض الله عنهم، أخذ القراءة عنه عرضًا "ع" عاصم وعطاء بن السائب وأبو إسحاق السبيعي ويحيى بن وثاب وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى ومحمد بن أبي أيوب وأبو عون محمج بن عبيد الله الثقفي و"ج" عامر الشعبي وإسماعيل بن أبي خالد والحسن والحسين -- ))

    و نقرا من كتاب السبعة لابن مجاهد رحمه الله باب الكوفة :
    (( حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي قَالَ حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن سعد بن عُبَيْدَة أَن أَبَا عبد الرَّحْمَن أَقرَأ النَّاس فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِلَى أَن توفّي فِي إِمَارَة الْحجَّاج

    وَكَانَ أَخذ الْقِرَاءَة عَن عُثْمَان وَعَن عَليّ بن أبي طَالب وَزيد بن ثَابت وَعبد الله ابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم

    وَكَانَ يَقُول قَرَأت على أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْقُرْآن كثيرا وَأَمْسَكت عَلَيْهِ الْمُصحف فَقَرَأَ عَليّ وأقرأت الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا حَتَّى قَرَأَ على الْقُرْآن وَكَانَا يدرسان على أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَرُبمَا أَخذ على الْحَرْف بعد الْحَرْف ...

    وحدثونا عَن يحيى بن أبي كثير عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ أَخْبرنِي أَبُو عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنِي الَّذين كَانُوا يقرئوننا عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الله بن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُقْرِئهُمْ الْعشْر فَلَا يجاوزونها إِلَى عشر أُخْرَى حَتَّى يتعلموا مَا فِيهَا من الْعَمَل فتعلمنا الْقُرْآن وَالْعَمَل جَمِيعًا ))

    و هذا ما نقله الذهبي رحمه الله ايضا حيث نقرا من سير اعلام النبلاء الجزء الخامس الطبقة الاولى :
    (( 465- أبو عبد الرحمن السُّلمي 1: "ع"

    مُقْرِئُ الكُوْفَةِ، الإِمَامُ، العَلَمُ، عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ بنِ رُبَيِّعَةَ الكُوْفِيُّ. مِنْ أَوْلاَدِ الصَّحَابَةِ، مَوْلِدُهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    قَرَأَ القُرْآنَ، وَجَوَّدَهُ, وَمَهَرَ فِيْهِ، وَعَرَضَ عَلَى عُثْمَانَ -فِيْمَا بَلَغنَا- وَعَلَى عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.

    وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.

    قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزِيْدٍ، وَأُبَيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ ))

    و هذا الكلام الذي قاله عاصم رحمه الله يحمل على ان ذلك انما كان قبل اقرائه حفصا قراءة ابي عبد الرحمن على ابن مسعود رضي الله عنه

    نقرا من كتاب الداني جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر رجال عاصم :
    (( 545 - قال أبو عمرو: ولهذا المعنى نفسه، وقع الخلاف أيضا بين أصحاب أبي بكر الأعلام وتفاوت؛ لأنه يجوز أن يكون قد روى ذلك كلّه- على اختلافه- عن عاصم سماعا في أوقات مختلفة، وأخذه عنه أداء في عرضات متفرقة، على حسب ما نقله عن سلفه، وسمعه من أئمته. ولهذا السبب أيضا نفسه، ورد الاختلاف بين الرواة عن الأئمة. وبين أصحابهم؛ لأن كل واحد من أئمة القراءة، قد عرض على جماعة من السّلف في مصره، وفي غير مصره وشاهدهم، وسمع منهم، وروى الحروف عنهم، وهم لا شك مختلفون فيها، على نحو ما علّموه وتلقوه وأدي إليهم، وأذن لهم فيه من الوجوه المفترقة، واللغات والقراءات المختلفة. فهو تارة يقرئ بحرف من تلك الحروف، وتارة يقرئ بهما معا «1»؛ لصحّتهما عنده في الأثر ونشرهما «2» لديه في الاستعمال، فهي- كلها على اختلافها واتفاقها، وتغاير ألفاظها واختلاف معانيها- عن السّلف منقولة، ومن الصحابة مأخوذة، ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة، ومن عند الله عزّ وجلّ منزّلة. وسبيل اختلاف الناقلين لها من الأئمة، سبيل من دونهم من الراوين، وشبه ما ذكرناه وبيّنّا صحّته، وبالله التوفيق ))

    وقد ثبت سماع ابي عبد الرحمن السلمي رحمه الله من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

    قرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول الصفحة 155

    (( وَقَرَأَ حَفْصٌ وَأَبُو بَكْرٍ عَلَى إِمَامِ الْكُوفَةِ وَقَارِئِهَا أَبِي بَكْرٍ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ابْنِ بَهْدَلَةَ الْأَسَدِيِّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيِّ فَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ طَرِيقًا لِعَاصِمٍ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيِّ الضَّرِيرِ وَعَلَى أَبِي مَرْيَمَ زِرِّ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ حُبَاشَةَ الْأَسَدِيِّ وَعَلَى أَبِي عَمْرٍو سَعْدِ بْنِ إِلْيَاسَ الشَّيْبَانِيِّ، وَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَزِرٌّ أَيْضًا عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ أَيْضًا عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيٌّ وَزَيْدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.))

    و العجب من المنصر يترك ما ثبت بالاسناد هنا قائلا ان الاسانيد خرافة و مستند كلامه هي الرواية المذكورة اعلاه المنقولة بالسند الذي يهاجمه !!! ارايتم محنة الاستدلال الدائري و كيف اتهمنا به سابقا زورا و ها هو يقع في نفس الفخ الذي نصبه لنفسه !! رمتني بدائها و انسلت

    سابعا : اعادة بيان جهله في التفريق بين المتواتر و الاحاد و الشاذ و اختلاف العلماء على تواتر كل قراءة من العشر على مذهبين .

    نقل نفس الكلام بكل كذب ووقاحة و الذي رددنا عليه سابقا الا و هو استشهاده بكلام من حصر صحة القراءة بالشروط الثلاثة : صحة السند و موافقة الرسم و العربية ، ليدلل ان قراءة بعض القراءات شاذة لكونها لم تنقل الينا بالاسانيد المتواترة !!! وليت شعري كم ان هذا المنصر يكذب و هو يعلم انه يكذب اذ ان هؤلاء ما اشترطوا تواتر الاسناد للقول بصحة القراءة و بينا ان الامر بين فريقين و ان كليهما قد احتجا بهذه القراءات العشر و انها ليست من الشذوذ في شيء .

    و لن اطيل بل ساعيد اقتباس ما ذكرته سابقا في الجزء الاول من ردي ليتبين لكم كمية الجهل و الخلط المتعمد الذي يسير باتجاهه


    1. ان القول بتواتر القران لا يلزم منه القول بتواتر اسناد كل قراءة من القراءات العشر من القارئ الى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك اننا نجد - كما قال بعض اهل العلم - ان اسانيد بعض القراءات متواترة الى النبي صلي الله عليه وسلم و البعض ليست متواترة .

    نقرامن المرشد الوجيز لأبي شامة الجزء الأول الباب الأول :

    ((وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: "ضعوا هذه في سورة كذا" ، وكان يعرضه على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين، وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين. وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم))

    و نقرا من كتاب البرهان في علوم القران للزركشي الجزء الاول النوع الثالث عشر :
    (( فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ حِفْظًا مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    حَفِظَهُ فِي حَيَاتِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهُ كَانَ يَحْفَظُهَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ أَقَلُّهُمْ بَالِغُونَ حَدَّ التَّوَاتُرِ وَجَاءَ في ذلك أخبار ثابتة في الترمذي والمستدرك وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ))

    نقرا من تفسير القرطبي رحمه الله الجزء الاول باب كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى:
    (( وقد احتج أبو الحسن لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: وَقَدْ رَفَعَ الْإِشْكَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وغنوا به واكتبوه فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا «3» مِنَ الْمَخَاضِ من العقل". قال علمائنا: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ صَحَّ سَنَدُهُ فَيَرُدُّهُ مَا يعلم على القطع والبتات من قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بَلَغَتْنَا مُتَوَاتِرَةً عَنْ كَافَّةِ الْمَشَايِخِ، جِيلًا فَجِيلًا إِلَى الْعَصْرِ الْكَرِيمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِيهَا تلحين وَلَا تَطْرِيبٌ، مَعَ كَثْرَةِ الْمُتَعَمِّقِينَ فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَفِي الْمَدِّ وَالْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَاتِ. ثُمَّ إِنَّ فِي التَّرْجِيعِ وَالتَّطْرِيبِ هَمْزُ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ وَمَدُّ مَا ليس بممدود، فترجيع الألف الواحدة ألفات والواو الواحدة واوات والشبه «1» الْوَاحِدَةُ شُبَهَاتٍ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى زِيَادَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ وَافَقَ ذَلِكَ مَوْضِعَ نَبْرٍ وَهَمْزٍ صَيَّرُوهَا نَبْرَاتٍ وَهَمْزَاتٍ، وَالنَّبْرَةُ حَيْثُمَا وَقَعَتْ مِنَ الْحُرُوفِ فَإِنَّمَا هِيَ هَمْزَةٌ وَاحِدَةٌ لأغير، إِمَّا مَمْدُودَةٌ وَإِمَّا مَقْصُورَةٌ. ))

    و نقرا من مجموع الفتاوى لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الجزء السابع كتاب الايمان الكبير:
    (( (الْخَامِسُ) : أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا؛ فَهُمْ آحَادٌ لَا يَثْبُتُ بِنَقْلِهِمْ التَّوَاتُرُ و " التَّوَاتُرُ " مِنْ شَرْطِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ وَأَيْنَ التَّوَاتُرُ الْمَوْجُودُ عَنْ الْعَرَبِ قَاطِبَةً قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؟ إنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ لِلْإِيمَانِ مَعْنًى غَيْرَ التَّصْدِيقِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يَقْدَحُ فِي الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؛ قِيلَ: فَلْيَكُنْ. وَنَحْنُ لَا حَاجَةَ بِنَا مَعَ بَيَانِ الرَّسُولِ لِمَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَنْ نَعْرِفَ اللُّغَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ وَاَلَّذِينَ خُوطِبُوا بِهِ كَانُوا عَرَبًا وَقَدْ فَهِمُوا مَا أُرِيدَ بِهِ وَهُمْ الصَّحَابَةُ ثُمَّ الصَّحَابَةُ بَلَّغُوا لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ إلَى التَّابِعِينَ حَتَّى انْتَهَى إلَيْنَا فَلَمْ يَبْقَ بِنَا حَاجَةٌ إلَى أَنْ تَتَوَاتَرَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللُّغَةُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ تَوَاتُرِ الْقُرْآنِ، لَكِنْ لَمَّا تَوَاتَرَ الْقُرْآنُ لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَرَفْنَا أَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ؛ عَرَفْنَا أَنَّهُ كَانَ فِي لُغَتِهِمْ لَفْظُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَعْنَاهَا فِي الْقُرْآنِ. وَإِلَّا فَلَوْ كُلِّفْنَا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا لِآحَادِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ؛ لَتَعَذَّرَ عَلَيْنَا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ أَنَّ جَمِيعَ الْعَرَبِ كَانَتْ تُرِيدُ بِاللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّ هَذَا يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ بِهِ، ))

    2. ان في القول بتواتر القراءات العشر عند المتاخرين مذهبين و كل من انصار المذهبين نسب قوله للمتقدمين فمن جهل المنصر انه لا يعلم ان هذه مسالة خلافية وقد ذكر هذا الخلاف الدكتور عبد العزيز قاري في كتابه حديث الاحرف السبعة

    حيث قال في الصفحة 127 :


    وسبب تواتر القراءات العشر عند الدكتور عبد العزيز قاري مع عدم تواتر كل اسانيدها هو ان كل قارئ من القراء العشرة التزم بضبط ما يقرؤه كل مصر من امصارهم فكان الامر متواترا عندهم كما ذكره في الصفحة 121


    و لذا فان الاختلاف عند المتاخرين قائم على مذهبين :

    اولهما : ان ليس كل قراءة من القراءات العشر متواترة بالاسانيد المستفيضة بل لا يلزم ان تكون القراءة متواترة بالاسانيد حتى تكون مقبولة بل يكفي صحة السند و موافقة الرسم العثماني و العربية و لو بوجه و متى ما خولف احد الشروط الثلاثة صارت شاذة او ضعيفة .

    نقرا من الابانة للامام مكي بن ابي طالب رحمه الله باب لم جعل القراء الذين اختيروا للقراءة سبعة ؟
    (( وقد ألف ابن جبير المقرى، كان قبل ابن مجاهد، كتابا في القراءات، وسماه: كتاب الثمانية، وزاد على هؤلاء السبعة يعقوب الحضرمي. وهذا باب واسع.

    وإنما الأصل الذي يعتمد عليه في هذا: أن ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق لفظه خط المصحف، فهو من السبعة المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفا، متفرقين أو مجتمعين. فهذا هو الأصل، الذي بني عليه من قبول القراءات عن سبعة أو سبعة آلاف، فاعرفه، وابن عليه ))

    ووافقه على ذلك ابو شامة رحمه الله في المرشد الوجيز الجزء الاول الباب الخامس:
    (( قلت: وهذه السنة التي أشار إليها هي ما ثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصا أنه قرأه وأذن فيه على ما صح عنه: "إن القرآن نزل على سبعة أحرف". فلأجل ذلك كثر الاختلاف في القراءة في زمانه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعده إلى أن كتبت المصاحف، باتفاق من الصحابة بالمدينة على ذلك، ونفذت إلى الأمصار وأمروا باتباعها وترك ما عداها، فأخذ الناس بها، وتركوا من تلك القراءات كل ما خالفها، وأبقوا ما يوافقها صريحا [67 ظ] كقراءة {الصِّرَاط} بالصاد (2) ، واحتمالا كقراءة {مَالِكِ} بالألف (3) ؛ لأن المصاحف اتفقت على كتابة "ملك" فيها بغير ألف، فاحتمل أن يكون مراده كما حذفت من "الرحمن" و"إسمعيل" و"إسحق" وغير ذلك.

    ويحمل على اعتقاد ذلك ثبوت تلك القراءة بالنقل الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يلتمز فيه تواتر، بل تكفي الآحاد الصحيحة مع الاستفاضة، وموافقة خط المصحف، بمعنى أنها لا تنافيه عدم المنكرين لها نقلا وتوجيها من حيث اللغة. فكل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب، فهي قراءة صحيحة معتبرة.

    فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة. أشار إلى ذلك كلام الأئمة المتقدمين، ونص عليه الشيخ المقرئ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني في كتاب مفرد (1) صنفه في معاني القراءات السبع وأمر بإلحاقه "بكتاب الكشف عن وجوه القراءات" من تصانيفه، وقد تقدم فيما نقلناه من كلامه في الباب الرابع الذي قبل هذا الباب (2) .

    وقد ذكره أيضا شيخنا أبو الحسن رحمه الله في كتابه "جمال القراء" في باب مراتب الأصول وغرائب الفصول فقال: [68 و] .

    "وقد اختار قوم قراءة عاصم ونافع فيما اتفقا عليه وقالوا: قراءة هذين الإمامين أصح القراءات سندًا وأفصحها في العربية، وبعدهما في الفصاحة قراءة أبي عمرو والكسائي".

    "وإذا اجتمع للحرف قوته في العربية وموافقة المصحف واجتماع العامة عليه فهو المختار عند أكثرهم. وإذا قالوا: قراءة العامة، فإنما يريدون ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة. فهو عندهم سبب قوي يوجب الاختيار. وربما اختاروا ما اجتمع عليه أهل الحرمين، وسموه أيضا بالعامة" (3) ))

    قال ابن الجزري رحمه الله في النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة :

    ((ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم ، عرفت طبقاتهم ، واختلفت صفاتهم ، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف ، وكثر بينهم لذلك الاختلاف ، وقل الضبط ، واتسع الخرق ، وكاد الباطل يلتبس بالحق ، فقام جهابذة علماء الأمة ، وصناديد الأئمة ، فبالغوا في الاجتهاد وبينوا الحق المراد ، وجمعوا الحروف والقراءات ، وعزوا الوجوه والروايات ، وميزوا بين المشهور والشاذ ، والصحيح والفاذ ، بأصول أصلوها ، وأركان فصلوها ، وها نحن نشير إليها ونعول كما عولوا عليها فنقول :

    كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها ، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها ، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها ، سواء كانت عن الأئمة السبعة ، أم عن العشرة ، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة ، سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم ، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف ، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب ، وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي ، وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة ، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه . ))

    وقال ايضا في النشر الجزء الاول المقدمة :
    (( (وَقَوْلُنَا) وَصَحَّ سَنَدُهَا، فَإِنَّا نَعْنِي بِهِ أَنْ يَرْوِيَ تِلْكَ الْقِرَاءَةَ الْعَدْلُ الضَّابِطُ عَنْ مِثْلِهِ كَذَا حَتَّى تَنْتَهِيَ، وَتَكُونَ مَعَ ذَلِكَ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَئِمَّةٍ هَذَا الشَّأْنَ الضَّابِطِينَ لَهُ غَيْرَ مَعْدُودَةٍ عِنْدَهُمْ مِنَ الْغَلَطِ أَوْ مِمَّا شَذَّ بِهَا بَعْضُهُمْ، وَقَدْ شَرَطَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ التَّوَاتُرَ فِي هَذَا الرُّكْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِصِحَّةِ السَّنَدِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ، وَإِنَّ مَا جَاءَ مَجِيءَ الْآحَادِ لَا يَثْبُتُ بِهِ قُرْآنٌ، وَهَذَا مَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ التَّوَاتُرَ إِذَا ثَبَتَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الرُّكْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنَ الرَّسْمِ وَغَيْرِهِ إِذْ مَا ثَبَتَ مِنْ أَحْرُفِ الْخِلَافِ مُتَوَاتِرًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَبَ قَبُولُهُ وَقُطِعَ بِكَوْنِهِ قُرْآنًا، سَوَاءٌ وَافَقَ الرَّسْمَ أَمْ خَالَفَهُ وَإِذَا اشْتَرَطْنَا التَّوَاتُرَ فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْخِلَافِ انْتَفَى كَثِيرٌ مِنْ أَحْرُفِ الْخِلَافِ الثَّابِتِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ كُنْتُ قَبْلُ أَجْنَحُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُهُ وَمُوَافَقَةُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. ))

    و نقرا من كتاب مباحث في علوم القران لمناع القطان باب انواع القراءات و حكمها وضوابطها :
    (( ذكر بعض العلماء أن القراءات: متواترة، وآحاد، وشاذة، وجعلوا المتواتر السبع، والآحاد الثلاث المتممة لعشرها، ثم ما يكون من قراءات الصحابة، وما بقي فهو شاذ. وقيل: العشر متواترة. وقيل: المعتمد في ذلك الضوابط سواء أكانت القراءة من القراءات السبع، أو العشر، أوغيرها. قال أبو شامة في "المرشد الوجيز": "لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تُعْزَى إلى أحد السبعة ويُطلق عليها لفظ الصحة وأنها أُنْزَلت هكذا إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مُصنِّف عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نُقلت عن غيرهم من القرَّاء فذلك لا يخرجها عن الصحة -فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تُنسب إليه، فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المُجْمَع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المُجْمَع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نُقِل عنهم فوق ما يُنقل عن غيرهم"1.

    والقياس عندهم في ضوابط القراءة الصحيحة ما يأتي:

    1- موافقة القراءة للعربية بوجه من الوجوه: سواء أكان أفصح أم فصيحًا، لأن القراءة سُنَّة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها بالإسناد لا بالرأي.

    2 وأن توافق القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا: لأن الصحابة في كتابة المصاحف العثمانية اجتهدوا في الرسم على حسب ما عرفوا من لغات القراءة، فكتبوا "الصراط" مثلًا في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 2, "بالصاد" المبدَّلة بالسين - وعدلوا عن "السين" التي هي الأصل، لتكون قراءة "السين" "السراط" وإن خالفت الرسم من وجه، فقد أتت على الأصل اللغوي المعروف، فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة لذلك.

    والمراد بالموافقة الاحتمالية ما يكون من نحو هذا، كقراءة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 1, فإن لفظة "مالك" كُتبت في جميع المصاحف بحذف الألف، فتقرأ "مَلِكِ" وهي توافق الرسم تحقيقًا، وتقرأ "مالك" وهي توافقه احتمالًا وهكذا. في غير ذلك من الأمثلة.

    ومثال ما يوافق اختلاف القراءات الرسم تحقيقًا: {تَعْلَمُونَ} بالتاء والياء، و {يَغْفِرْ لَكُمْ} بالياء والنون، ونحو ذلك، مما يدل تجرده عن النقط والشكل في حذفه وإثباته على فضل عظيم للصحابة -رضي الله عنهم- في علم الهجاء خاصة، وفهم ثاقب في تحقيق كل علم.

    ولا يشترط في القراءة الصحيحة أن تكون موافقة لجميع المصاحف، ويكفي الموافقة لما ثبت في بعضها، وذلك كقراءة ابن عامر: "وبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ"2, بإثبات الباء فيهما، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي.

    3- وأن تكون القراءة مع ذلك صحيحة الإسناد: لأن القراءة سُنَّة متبعة يُعتمد فيها على سلامة النقل وصحة الرواية، وكثيرًا ما ينكر أهل العربية قراءة من القراءات لخروجها عن القياس، أو لضعفها في اللغة، ولا يحفل أئمة القرَّاء بإنكارهم شيئًا.

    تلك هي ضوابط القراءة الصحيحة، فإن اجتمعت الأركان الثلاثة:

    1- موافقة العربية. 2- ورسم المصحف.

    3- وصحة السند، فهي القراءة الصحيحة، ومتى اختل ركن منها أو أكثر أُطْلِقَ عليها أنها ضعيفة، أو شاذة، أو باطلة))

    ثانيهما : ما قاله ايضا بعض المتاخرين من ان كل قراءة من القراءات العشر متواترة و هو شرط لقبول القراءة .

    وردا على المنصر فقد اتفق المذهبان على القول بثبوت القراءات السبع الا ان الفريق الاول لم يشترط التواتر في كل اسناد كل قراءة و الفريق الثاني ذهب الى تواتر كل قراءة من القراءات السبع .

    نقرا من البرهان في علوم القران للزركشي الجزء الاول النوع الثاني و العشرون :
    (( قَالَ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْرُوءُ بِهِ عَلَى تَوَاتُرِ نَقْلِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآنًا وَاسْتَفَاضَ نَقْلُهُ بِذَلِكَ وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ كَهَذِهِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الْيَقِينُ وَالْقَطْعُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَتَمَهَّدَ فِي الْأُصُولِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ مَا عَدَا الْعَشَرَةِ فَمَمْنُوعٌ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِهِ مَنْعَ تَحْرِيمٍ لَا مَنْعَ كَرَاهَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ وَمَمْنُوعٌ مِنْهُ مِمَّنْ عَرَفَ الْمَصَادِرَ وَالْمَعَانِيَ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ وَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَقُومَ بِوَاجِبِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا نَقَلَهَا مَنْ نَقَلَهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ لِفَوَائِدَ منها ما يتعلق بعلم العربية لا القراءة بِهَا هَذَا طَرِيقُ مَنِ اسْتَقَامَ سَبِيلُهُ ثُمَّ قَالَ وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ مَا نُقِلَ قُرْآنًا مِنْ غَيْرِ تَوَاتُرٍ وَاسْتِفَاضَةٍ مُتَلَقَّاةٍ بِالْقَبُولِ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْمُحْتَسِبُ لِابْنِ جَنِّي وَغَيْرِهِ ))

    ثم دلس المنصر بكل خبث على الدكتور عب العلي المسؤول اذ نقل من في الصفحة 63 كلامه في تفصيل كلام انصار المذهب الثاني القائلين بتواتر القراءات السبع و اشتراط وقوع التواتر لقبول القراءة و لكنه دلس و خان الامانة العلمية وبلغت به الوقاحة مبلغا تصل الى حد القذارة حيث :

    1.عرض الكلام على انه راي للدكتور عبد العلي بينما الدكتور كان يعرض وجهة نظر انصار المذهب الثاني و ما يستلزم من قولهم

    2. اخفى ان الدكتور عارض انصار هذا المذهب و قال بجواز صحة القراءة مع الاكتفاء بصحة السند و رسم المصحف و موافقة الفصيح دون الحاجة الى تواتر القراءة .

    3. اخفى ان الدكتور عرض الخلاف في المسالة و كان الدكتور جزم بوجود راي واحد و الاعجب من هذا انه جعل الدكتور من انصار القول الثاني مع انه فند ادعاءاتهم !!!!

    4. جهل المنصر بما ذكرناه سابقا و هو الفرق بين تواتر القران جملة و تواتر كل قراءة من العشر .









    ثم دلس ايضا الصفاقسي في كتابه غيث النفع في القراءات السبع من اوجه :

    1. عرض ما نقله الصفاقسي من مذهب الاصوليين باشتراط التواتر في كل قراءة على انه كلام الصفاقسي ايضا و اخفى رده على انصار هذا المذهب .

    نقرا من كتاب غيث النفع في القراءات السبع المقدمة :
    (( الثانية: مذهب الأصوليين، وفقهاء المذاهب الأربعة والمحدثين القراء أن التواتر شرط في صحة القراءة ولا تثبت بالسند الصحيح غير المتواتر ولو وافقت رسم المصاحف العثمانية والعربية وقال الشيخ أبو محمد مكي: القراءة الصحيحة ما صح سندها إلى النبي- صلى الله عليه وسلّم-، وساغ وجهها في العربية ووافقت خط المصحف وتبعه

    على ذلك بعض المتأخرين ومشى عليه ابن الجزري في نشره وطيبته قال فيها:

    فكلّ ما وافق وجه نحو ... وكان للرسم احتمالا يحوي

    وصحّ إسنادا هو القرآن ... فهذه الثّلاثة الأركان

    وحيثما يختلّ ركن أثبت ... شذوذه لو أنّه في السّبعة

    وهذا قول محدث لا يعول عليه ويؤدي إلى تسوية غير القرآن بالقرآن، ولا يقدح في ثبوت التواتر اختلاف القراءة فقد تتواتر القراءة عند قوم دون قوم فكل من القراء إنما لم يقرأ بقراءة غيره لأنها لم تبلغه على وجه التواتر ولذا لم يعب أحد منهم على غيره قراءته لثبوت شرط صحتها عنده وإن كان هو لم يقرأ بها لفقد الشرط عنده فالشاذ ما ليس بمتواتر، وكل ما زاد الآن على القراءات العشرة فهو غير متواتر، قال ابن الجزري: وقول من قال إن القراءات المتواترة لا حد لها إن أراد في زماننا فغير صحيح لأنه لم يوجد اليوم قراءة متواترة وراء العشرة وإن أراد في الصدر الأول فمحتمل، وقال ابن السبكي: ولا تجوز القراءة بالشاذ والصحيح أنها ما وراء العشرة وقال في منع الموانع: والقول بأن القراءات الثلاثة غير متواترة في غاية السقوط ولا يصح القول به عمن يعتبر قوله في الدين))

    2. جهل المنصر ما نقلناه سابقا من ان القائلين باشتراط التواتر لم ينكروا القراءات السبع و العشر انما قالوا بتواترها و هذا هو المشترك بين من اشترط تواتر القراءة و بين من لم يشترط اذ اتفقوا على ان القراءات العشر صحت بمعاييرهم .

    نقرا من المرشد الوجيز لابي شامة رحمه الله الجزء الاول الباب الخامس :
    (( وقد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة، أي كل فرد فرد مما روى عن هؤلاء الأئمة السبعة، قالوا: والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب.

    ونحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها. فإن القراءات السبع المراد بها ما روي عن الأئمة السبعة القراء المشهورين، وذلك المروي عنهم منقسم إلى ما أجمع عليه عنهم لم يختلف فيه الطرق، وإلى ما اختلف فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق. فالمصنفون لكتب القراءات يختلفون في ذلك اختلافا كثيرًا، ومن تصفح كتبهم في ذلك ووقف على كلامهم فيه عرف صحة ما ذكرناه))

    و اما حجة القائلين بتواتر كل قراءة فانهم احتجوا بان اسانيد بعض القراءات و ان لم تصل الى التواتر الا ان اجماع اهل كل مصر من مختلف طبقاتهم جيلا بعد جيل على تلك القراءة تفيد التواتر و ان كان بصفة معنوية .

    نقرا من كتاب الموسوعة القرانية المتخصصة الجزء الاول باب التواتر و احادية المخرج :
    (( [التواتر وآحادية المخرج:]

    تواتر قراءات العشرة ليس عن طريق ما دوّن فى الأسانيد، لأنها ترجع إلى عدد محصور، ولكن إذا نظرت إلى أن هذا العدد المحصور لم يختص بها، بل كانت روايته هذه يقرأ بها غيره ممن لا حصر لهم- غاية الأمر أن المدوّنين اقتصروا على هؤلاء ليضبطوا ما دوّنوه ويحرروه- فإنك تعلم قطعا أنها كانت متواترة ولا تزال متواترة. فليست القراءات كالحديث مخرجها كمخرجه إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية- ليس الأمر كذلك- ولكنها إنما نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحا، وإلا فأهل كل بلدة كانوا يقرءونها أخذوها أمما عن أمم، ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل العلم بالقراءات لم يوافقه على ذلك أحد، بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها ))

    و كذلك دلس على الامام ابن الجزري رحمه الله وقد سبق ان نقلنا ان ابن الجزري جعل القراءة التي استوفت شرط صحة السند و موافقة اللغة و الرسم العثماني قراءة صحيحة غير شاذة و لا ضعيفة و ما فعله المنصر هنا من اقتباسه من بحث مطاعن اللغويين و النحويين في القراءات السبع ما هو الا ليوهم القارئ ان ابن الجزري قال بشذوذ بعض القراءات و هذا كذب اذ اننا كما بينا مرارا و تكرارا ان لفظ الشذوذ لا يطلق على القراءة التي استوفت اركان الصحة الثلاثة - و ان لم تبلغ التواتر في الاسنايد - حتى عند من لم يشترط التواتر .

    قال ابن الجزري رحمه الله في النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة :

    ((ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم ، عرفت طبقاتهم ، واختلفت صفاتهم ، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف ، وكثر بينهم لذلك الاختلاف ، وقل الضبط ، واتسع الخرق ، وكاد الباطل يلتبس بالحق ، فقام جهابذة علماء الأمة ، وصناديد الأئمة ، فبالغوا في الاجتهاد وبينوا الحق المراد ، وجمعوا الحروف والقراءات ، وعزوا الوجوه والروايات ، وميزوا بين المشهور والشاذ ، والصحيح والفاذ ، بأصول أصلوها ، وأركان فصلوها ، وها نحن نشير إليها ونعول كما عولوا عليها فنقول :

    كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها ، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها ، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها ، سواء كانت عن الأئمة السبعة ، أم عن العشرة ، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة ، سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم ، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف ، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب ، وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي ، وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة ، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه . ))
    ثم ذكر حادثة من كتاب المعيار المعرب و الجامع المغرب في عن فتاوي اهل افريقية و الاندلس و المغرب الجزء الثاني عشر الصفحة 76 ما حاصله ان شخصا انكر تواتر القراءات السبع فقتل مذبوحا فكانما اراد ايهام الناس " انظروا كيف الوضع حساس عندكم " و لكن المشكلة ان في نفس الصفحة ما ينسف كلامه حيث يقول المؤلف بعدها ببضعة اسطر :
    ((و ذكر لي شيخنا ابو عبد الله بن الحباب القصة وقال لي ذبحه ابن اخيه ليستعجل ارثه ))

    و هذا مضحك لانه لا علاقة لهذه الحادثة باثبات ان القول بعدم تواتر بعض القراءات دال عدم تواتر القران و ان عدم تواتر بعض القراءات مع استيفاءها الشروط الثلاثة دال على شذوذها فالمنصر هنا يرمي اي شيء ليحلي كلامه و لكن هيهات ففي الصفحة نفسها نجد ان قتل هذا الرجل رجع في حقيقة الامر الي طمع ابن اخيه بماله !!! .

    ثم ان المنصر نقل كلاما عن ايمن بقلة في كتابه تسهيل علم القراءات الصفحة 212 وواقع الامر :
    1.ان الشيخ كان يعقب على كلام الزرقاني رحمه الله لا انه كلامه
    2. ان الشيخ انما قال هذا التعقيب في معرض بيان ان المتقدمين لم يكونوا يشترطوا التواتر اثناء تلقي القراءة عن شيوخهم بل كان همهم هو صحة السند و موافقة العربية و موافقة رسم المصاحف العثمانية .
    ويدل على ذلك ما ذكره في الصفحة 212 و نضع لكم سياق الكلام كاملا في الصور ادناه






    وبعدها قام بالتدليس على عدة مصادر بناءا على جهله الذي بيناه اعلاه في اختلاف الفريقين حول كون تواتر القراءة ضابطا لقبول صحة القراءة مع اتفاقهم على كون القراءات العشر صحيحة و مقبولة .
    و من هذه المصادر كتاب علم القراءات نشاته اطواره اثره في العلوم الشرعية للدكتور نبيل ال اسماعيل

    اما التدليس الذي يوضح ان المنصر فعلا خائن في نقله ما دلسه على الزركشي في البرهان فاننا قد سبق لنا -اعلاه- ان وضحنا ان الزركشي يقول بان القران جملة متواتر و ان القراءات منها ما لم تتواتر و بعضها تواتر وفوق ذلك تصريح الزركشي في موضع اخر من كتابه بان القراءات السبع استوفت شروط الصحة على عكس ما اراد ايهامنا المنصر به و هي المعادلة التي لا يفعلها الا النوكى :
    بعض القراءات غير متواترة كما قال الزركشي اذا الزركشي ينكر صحة هذه القراءات لانها غير متواترة اذا القران غير متواتر و غير محفوظ !!!
    نقرا ما اقتطعه المنصر مما قاله الامام الزركشي في البرهان الجزء الاول النوع الثاني و العشروين :
    (( النوع الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نقص أو تغييرحركة أَوْ إِثْبَاتِ لَفْظٍ بَدَلَ آخَرَ


    وَذَلِكَ مُتَوَاتِرٌ وَآحَادٌ وَيُوجَدُ هَذَا الْوَجْهُ مِنْ عِلْمِ الْقِرَاءَةِ وَأَحْسَنُ الْمَوْضُوعِ لِلْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ كِتَابُ التَّيْسِيرِ لِأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَقَدْ نَظَمَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ الشَّاطِبِيُّ فِي لَامِيَّتِهِ الَّتِي عَمَّ النَّفْعُ بِهَا وَكِتَابُ الْإِقْنَاعِ لِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْبَاذِشِ وَفِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ كِتَابُ الْمِصْبَاحِ لِأَبِي الْكَرَمِ الشَّهْرُزُورِيِّ

    وَاعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْقِرَاءَاتِ حَقِيقَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ فَالْقُرْآنُ هُوَ الْوَحْيُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبَيَانِ وَالْإِعْجَازِ وَالْقِرَاءَاتُ هِيَ اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الْوَحْيِ الْمَذْكُورِ فِي كَتَبَةِ الْحُرُوفِ أَوْ كَيْفِيِّتِهَا مِنْ تَخْفِيفٍ وَتَثْقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ هَاهُنَا أُمُورٌ:

    أَحَدُهَا: أَنَّ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ بَلْ مَشْهُورَةٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ المبرد قراءة حمزة {والأرحام} و {مصرخي} وَلَا بِإِنْكَارِ مَغَارِبَةِ النُّحَاةِ كَابْنِ عُصْفُورٍ قِرَاءَةَ ابْنِ عَامِرٍ {قَتْلُ أَوْلَادَهُمْ شركائهم} وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ أَمَّا تَوَاتُرُهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ إِسْنَادَ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ بِهَذِهِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ وَهِيَ نَقْلُ الْوَاحِدِ عَنِ الْوَاحِدِ لَمْ تُكْمِلْ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ فِي اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ وَهَذَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِهِمْ وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِهِ الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ))

    و نقرا تصريح الزركشي بصحة القراءات من نفس المصدر السابق :
    (( وَهَذَا تَحَامُلٌ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ قِرَاءَةِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ وَلَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا وَلِهَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا هذا بشرا} وَبَنُو تَمِيمٍ يَرْفَعُونَهُ إِلَّا مَنْ دَرَى كَيْفَ هِيَ فِي الْمُصْحَفِ
    وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ مَرْوِيَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَكُونُ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ مَا روي عنه انتهى ))

    و بنفس المنطق و التدليس الخائب نقل عن الشوكاني رحمه الله في نيل الاوطار مع ان الشوكاني يقول بصحة القراءات التي صح سندها و وافقت العربية و الرسم العثماني و لذا اقتبس نفس كلام ابن الجزري و ابي شامة اللذين نقلتهما في الاعلى .
    نقل من نيل الاوطار للامام الشوكاني رحمه الله الجزء الثاني كتاب اللباس باب ابواب الصلاة :
    ((بَابُ الْحُجَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ]
    حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَفِيهِ جَرِيرُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ. قَوْلُهُ: (ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ جَمِيعًا فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ. وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَقَدَ هَذَا الْبَابَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ الْقُرَّاءِ الْمَشْهُورِينَ، قَالُوا: لِأَنَّ مَا نُقِلَ أُحَادِيًّا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَلَمْ تَتَوَاتَرْ إلَّا السَّبْعُ دُونَ غَيْرِهَا، فَلَا قُرْآنَ إلَّا مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَدَّ هَذَا الِاشْتِرَاطَ إمَامُ الْقِرَاءَاتِ الْجَزَرِيُّ فَقَالَ فِي النَّشْرِ: زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّا إذَا اشْتَرَطْنَا التَّوَاتُرَ فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْخِلَافِ انْتَفَى كَثِيرٌ مِنْ أَحْرُفِ الْخِلَافِ الثَّابِتَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ: وَلَقَدْ كُنْتُ أَجْنَحُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُهُ وَمُوَافَقَةُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَالَ: الْقِرَاءَةُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى كُلِّ قَارِئٍ مِنْ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ مُنْقَسِمَةٌ إلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالشَّاذِّ غَيْرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ لِشُهْرَتِهِمْ وَكَثْرَةِ الصَّحِيحِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِمْ تَرْكَنُ النَّفْسُ إلَى مَا نُقِلَ عَنْهُمْ فَوْقَ مِمَّا نُقِلَ عَنْ غَيْرِهِمْ اهـ.

    فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ اشْتِرَاطَ التَّوَاتُرِ قَوْلًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَجَعَلَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي النَّشْرِ: كُلُّ قِرَاءَةٍ وَافَقَتْ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ بِوَجْهٍ وَافَقَتْ أَحَدَ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَصَحَّ إسْنَادُهَا فَهِيَ الْقِرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَلَا يَحِلُّ إنْكَارُهَا بَلْ هِيَ مِنْ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ قَبُولُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ أَمْ عَنْ الْعَشَرَةِ أَمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَقْبُولِينَ، وَمَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْكَانِالثَّلَاثَةِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا ضَعِيفَةٌ أَوْ شَاذَّةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ السَّبْعَةِ أَوْ عَمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمْ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَدَنِيُّ وَالْمَكِّيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو شَامَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْ أَحَدِهِمْ خِلَافُهُ ))

    و نقرا ما قاله الشوكاني رحمه الله ايضا في ارشاد الفحول الجزء الاول المقصد الاول الفصل الثاني :
    (( ، وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ القرءات مَا هُوَ مُتَوَاتِرٌ، وَفِيهَا مَا هُوَ آحَادٌ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِتَوَاتُرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ السَّبْعِ، فَضْلًا عَنِ الْعَشْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ، وَأَهْلُ الْفَنِّ أَخْبَرُ بِفَنِّهِمْ.
    وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْمُصْحَفُ الشَّرِيفُ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ الْمَشْهُورُونَ فَهُوَ قُرْآنٌ، وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَإِنِ احْتَمَلَ رَسْمُ الْمُصْحَفِ قِرَاءَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ مَعَ مُطَابَقَتِهَا لِلْوَجْهِ الْإِعْرَابِيِّ. وَالْمَعْنَى الْعَرَبِيِّ، فَهِيَ قُرْآنٌ كُلُّهَا. وَإِنِ احْتَمَلَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ، فَإِنْ صَحَّ إِسْنَادُ مَا لَمْ يَحْتَمِلْهُ، وَكَانَتْ مُوَافِقَةً لِلْوَجْهِ الْإِعْرَابِيِّ، وَالْمَعْنَى الْعَرَبِيِّ، فَهِيَ الشَّاذَّةُ، وَلَهَا حُكْمُ أَخْبَارِ الْآحَادِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَدْلُولِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا.
    وَأَمَّا مَا لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ مِمَّا لَمْ يَحْتَمِلْهُ الرَّسْمُ فَلَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَلَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ أَخْبَارِ الْآحَادِ ))

    ثم اجتهد المنصر في بيان ما قاله اهل المذهب الاول (ممن لم يشترط التواتر لقبول صحة القراءة ) حول كون ان كل قراءة في حقيقة الحال هي من ناحية السند متواترة عن المقرئ الذي نسبت اليه القراءة و هذا مع صحته الا انه لا ينفي تواتر القران كما بينا سابقا نظرا للفرق بين تواتر القران جملة و تواتر كل قراءة وبينا انصار المذهب الثاني ردو على انصار المذهب الاول بما اقبتسناه و نعيده مرة اخرى
    نقرا من كتاب الموسوعة القرانية المتخصصة الجزء الاول باب التواتر و احادية المخرج :

    (( [التواتر وآحادية المخرج:]

    تواتر قراءات العشرة ليس عن طريق ما دوّن فى الأسانيد، لأنها ترجع إلى عدد محصور، ولكن إذا نظرت إلى أن هذا العدد المحصور لم يختص بها، بل كانت روايته هذه يقرأ بها غيره ممن لا حصر لهم- غاية الأمر أن المدوّنين اقتصروا على هؤلاء ليضبطوا ما دوّنوه ويحرروه- فإنك تعلم قطعا أنها كانت متواترة ولا تزال متواترة. فليست القراءات كالحديث مخرجها كمخرجه إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية- ليس الأمر كذلك- ولكنها إنما نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحا، وإلا فأهل كل بلدة كانوا يقرءونها أخذوها أمما عن أمم، ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل العلم بالقراءات لم يوافقه على ذلك أحد، بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها ))

    و هذا ما قاله الزرقاني رحمه الله نفسه بعد ان اورد المنصر كلامه و لكن كالعادة - التدليس و البتر و الاقتطاع ليزداد مجد الرب نقرا من مناهل العرفان للزرقاني رحمه الله الجزء الاول النوع الثاني و العشرون :
    (( قلت: هذا من جنس ذلك الكلام المتقدم. أوقفت عليه شيخنا الإمام واحد زمانه شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب بيبرود الشافعي فقال لي: معذور أبو شامة حيث إن القراءات كالحديث مخرجها كمخرجه إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية وخفي عليه أنها نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحا وإلا فكل أهل بلدة كانوا يقرؤونها أخذوها أمما عن أمم. ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل بلده لم يوافقه على ذلك أحد بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها.

    قلت: صدق. ومما يدل على هذا ما قال ابن مجاهد: قال لي قنبل: قال القواس في سنة سبع وثلاثين ومائتين. الق هذا الرجل يعني البزي فقل له: هذا الحرف ليس من قراءتنا. يعني {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} مخففا. وإنما يخفف من الميت من قد مات ومن لم يمت فهو مشدد. فلقيت البزي فأخبرته فقال له: قد رجعت عنه وقال محمد ابن صالح: سمعت رجلا يقول لأبي عمرو: كيف تقرأ {لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} ؟ فقال: {لا يُعَذِّبُ} بالكسر. فقال له الرجل: كيف؟ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعذب بالفتح. فقال له أبو عمرو: لو سمت الرجل الذي قال: سمت النبي صلى الله عليه وسلم ما أخذته عنه. أو تدري ما ذاك؟ لأني أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة. قال الشيخ أبو الحسن السخاوي: وقراءة الفتح أيضا ثابتة بالتواتر. قلت: صدق لأنها قراءة الكسائي. قال السخاوي: وقد تواتر الخبر عند قوم دون قوم. وإنما أنكرها أبو عمرو لأنها لم تبلغه على وجه التواتر ))
    ثامنا : الرد على ما نقله عن اجازة ابن عساكر رحمه الله كما نقله بن الجزري رحمه الله وبيان جهله او كذبه بمصطلحات الحديث .

    نقل المنصر الجهول هذا الكلام من كتاب (معاصر طبعا !!) افة علو الاسانيد


    و استشهد به على انهم كانوا يخترعون الاسانيد و يدعون انهم يسمعون من بعض في سن الثالثة و ما اقل و تالله مثل هذا الكلام لا ياتي الا من جاهل لا يدري كوعه من بوعه فمؤلف الكتاب وضع هذا النوع من التلقي تحت باب الاجازة في كل القران ببعض القران


    وطبعا المنصر هنا وقع في هذا الجهل المضحك لانه لا يعلم معنى مصطلح الاجازة - وهذا طبيعي على مستواه لان هذه المصطلحات اكبر من حجمه -


    نقرا من مقدمة ابن الصلاح رحمه الله الجزء الاول الباب الرابع و العشرون :
    (( لْقِسْمُ الثَّالِثُ
    مِنْ أَقْسَامِ طُرُقِ نَقْلِ الْحَدِيثِ وَتَحَمُّلِهِ: الْإِجَازَةُ
    وَهِيَ مُتَنَوِّعَةٌ أَنْوَاعًا:
    أَوَّلُهَا: أَنْ يُجِيزَ لِمُعَيَّنٍ فِي مُعَيَّنٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: " أَجَزْتُ لَكَ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ، أَوْ: مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ فَهْرَسَتِي هَذِهِ "، فَهَذَا عَلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا، وَلَا خَالَفَ فِيهَا أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَإِنَّمَا خِلَافُهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا النَّوْعِ. وَزَادَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ الْمَالِكِيُّ فَأَطْلَقَ نَفْيَ الْخِلَافِ، وَقَالَ: " لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَازَةِ مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا "، وَادَّعَى الْإِجْمَاعَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَحَكَى الْخِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِهَا، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

    قُلْتُ: هَذَا بَاطِلٌ، فَقَدْ خَالَفَ فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَازَةِ
    جَمَاعَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ، وَذَلِكَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رُوِيَ عَنْ صَاحِبِهِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: " كَانَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرَى الْإِجَازَةَ فِي الْحَدِيثِ. قَالَ الرَّبِيعُ: أَنَا أُخَالِفُ الشَّافِعِيَّ فِي هَذَا.

    وَقَدْ قَالَ بِإِبْطَالِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ، مِنْهُمُ الْقَاضِيَانِ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِهِ (الْحَاوِي)، وَعَزَاهُ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَا جَمِيعًا: " لَوْ جَازَتِ الْإِجَازَةُ لَبَطَلَتِ الرِّحْلَةُ ". وَرُوِيَ أَيْضًا هَذَا الْكَلَامُ عَنْ شُعْبَةَ، وَغَيْرِهِ.

    وَمِمَّنْ أَبْطَلَهَا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْإِمَامُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمُلَقَّبُ بِأَبِي الشَّيْخِ، وَالْحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ الْوَايِلِيُّ السِّجْزِيُّ. وَحَكَى أَبُو نَصْرٍ فَسَادَهَا عَنْ بَعْضِ مَنْ لَقِيَه ُ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ: وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: قَوْلُ الْمُحَدِّثِ: قَدْ أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي تَقْدِيرُهُ: أَجَزْتُ لَكَ مَا لَا يَجُوزُ فِي الشَّرْعِ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ رِوَايَةَ مَا لَمْ يُسْمَعْ.
    لْحَنَفِيَّةِ قَالَ: مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: " أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ "، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: " أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ ".

    ثُمَّ إِنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَقَالَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَغَيْرِهِمُ: الْقَوْلُ بِتَجْوِيزِ الْإِجَازَةِ، وَإِبَاحَةِ الرِّوَايَةِ بِهَا.

    وَفِي الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ غُمُوضٌ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يَقُولَ: إِذَا أَجَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَهُ بِهَا جُمْلَةً، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ تَفْصِيلًا، وَإِخْبَارُهُ بِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى التَّصْرِيحِ نُطْقًا كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ حُصُولُ الْإِفْهَامِ، وَالْفَهْمِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْإِجَازَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.))

    فالاجازة يا جهبذ زمانك لا تشترط التلقي المباشر و ان كنت اكملت قراءة نفس الكتاب الذي استشهدت به لوجدت التالي في الصفحتين 30 و 31




    تاسعا : استشهاده من كتاب فهرس الفهارس باسناد فيه اناس من الجان .

    اقول : ثبت العرش ثم انقش اذ ان اسانيد هذه الرواية لا تصح الى من ذكرت اسماؤهم من الجن و هذا ما صرح به كتاب فهرس الفهارس نفسه .
    نقرا من كتاب فهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني الجزء الاول حرف الباء:
    (( وساق الحديث المسلسل بقراءة الفاتحة هكذا: " المسلسل بقراءة الفاتحة قرأتها على شيخنا الجزيري والأمير والبيلي ومرتضى والعروسي والجوهري والشبراوي وهم قرأوها على العدوي، وهو قرأها على عقيلة، وهو قرأها على أحمد النخلي، وهو قرأها على العلامة أبي مهدي عيسى الثعالبي، وهو قرأها على الشيخ عليّ الأجهوري. ح: قال: وقرأتها على شيخنا الجزيري المذكور، قال قرأتها على خالي، قال قرأتها على سيدي عبد الرحمن عمار، قال قرأتها على سيدي محمد المقري، قال قرأتها على سيدي عليّ الأجهوري، وهو قرأها على قاضي الجن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم شمهروش الجني، قال قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم. ح: وقرأتها على شيخنا مرتضى، وهو قرأها على عمر بن عقيل، وهو قرأها على عبد الله بن سالم البصري، وهو قرأها على البرهان مؤدب الأطفال شيخ الجان، وهو قرأها على القاضي شمهروش، قال قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم. ح: وقرأتها على العروسي، وهو على سيدي محمد بن الطيب المدني، وهو على سيدي محمد ابن عبد القادر الفاسي، وهوعلى عبد الله بن محمد الديري الدمياطي، وهو على الزعتري، وهو على شمهروش صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال إثر هذه الأسانيد: " وفي هذا السند الرواية عن الجن وهي ضعيفة لكن يعمل بها في مثل هذا للتبرك بالقرب من سيد البشر، قال شيخنا مرتضى في ثبته:
    ومثله إن لم يكن معتبراً ... لكنه يذكر حتى ينظرا

    تبركاً بالسند الغريب ... وليس في السياق بالمعيب ثم نقل كلام السيوطي في " لقط المرجان في أخبار الجان " في الموضوع))

    وقد انكر الدكتور عبد الله حسن بركات على من استخدم مثل هذه الاسانيد الباطلة عن الجن و المح الى عدم صحتها (و هذا يظهر جليامن سياق كلامه كما ساضعه ان شاء الله ) في كتابه افة علو الاسانيد (نفس المعاصر الذي استدل به هذا الانوك)




    و اما ما نقله المنصر عن كتاب رد الحجج الباطلة و المضللة للسيد بن احمد بن عبد الرحيم فان ما نقله عن قراءات عن الجان انما كان موردها مورد الانكار على المتاخرين من بعض القراء الذين استهتروا بالاجازات مع مدحه للمتقدمين
    فاقرؤو سياق كلام المؤلف كيف كلامه كله من باب الانكار لا من باب الاثبات



    و هنا كلامه في المقدمة حيث يصرح ان هذا الامر مختصر على بعض قراء المتاخرين لا المتقدمين نظرا للدقة التي كان عليها تحري اسانيد القراءات


    و هذا كلامه في الصفحة 145 بعد ان انتهى من ذكر امثلة ائمة القراءة من الجان من باب الانكار على من فعل ذلك طلبا لعلو الاسناد



    فانظرو كيف اراد المنصر ايهام المستمع ان هذه الاسانيد معتمدة عند اهل التحقيق و ان هذا المنهج سار عليه جميع القراء من المتقدمين و المتاخرين و هذا قمة التدليس !!!!

    عاشرا : رمتني بدائها وانسلت .

    اولا : كوارث مقدمة انجيل لوقا : جهالة الكاتب و طامة تاليف القصص !!!
    تكلم المنصر عن الاختلاف في تعيين صحبة الراوي من عدمه فماذا عن كتابه !!! الناظر الى كتابه يجد ان انجيل لوقا الفه رجل يدعى لوقا كرسالة الى شخص مجهول اسمه ثاوفيلس
    الكارثة ليست في جهالة ثاوفيلس الكارثة في امرين اخرين :

    1. سياق مقدمة انجيل لوقا يوحي ان هناك اناجيلا اخري ضاعت و لم تصلنا و ان الكل كان يؤلف القصص كما هب ودب دون ضابط !!! و لمعرفة السبب تاريخيا في هذا سنرجع قليلا الى الوراء .


    1. اعتمد نص العهد الجديد بعد عروج المسيح عليه الصلاة و السلام على النقل الشفهي ، الا انه تميز بسلبيتين عظيمتين : الاول : افتقاد الاسانيد والذي بدوره ادى الى السلبية الثانية و هي : بزوغ قصص وروايات مختلفة كثيرة مجهولة المصدر عن افعال واقوال و حتى سيرة المسيح عليه الصلاة و السلام مما سبب عشوائية كبيرة انتجت لنا اناجيل عديدة في فترة مبكرة جدا من القرن الاول من بعد عروج المسيح عليه الصلاة و السلام ترجع الى زمن الحواريين انفسهم و امام عيني بولس حتى اضطر للاعتراف بتحريف إنجيل المسيح
    كما في رسالته الى غلاطية الاصحاح الاول
    ((6 إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ!
    7 لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.
    8 وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»!
    9 كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»!
    10 أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ.
    11 وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ.))

    ويرجع سبب هذه العشوائية في النقل الشفهي و افتقار الضبط في النقل و افتقار عامل الكتابة في هذه الفترة - كما نقلنا سابقا - الى اعتقاد النصارى في تلك الفترة ان الرجعة الثانية للمسيح عليه الصلاة و السلام ستكون قريبة جدا خلال سنوات قليلة !
    نقرأ من المدخل إلى العهد الجديد لفهيم عزيز الصفحة 106 - 107 :
    (( ويمكن للدارس أن يجد سببين مهمين لعدم إسراع المسيحيين الأوائل في تدوين هذه الشهادة، السبب الأول هو أنهم كانوا يؤمنون أن المسيح آت سريعاً ونهاية العالم قد قربت.... أما السبب الثاني فهو عقيدة الأوائل بأن الكلمة المقولة أعظم كثيراً من الكلمة المكتوبة. وما دام الرسل الذين كانوا معاينين لا زالوا موجودين، ولديهم الخبر اليقين فلا داعي للكتابة فكلمتهم أعظم من أية كلمة تكتب. ولقد ظل هذا الرأي سائداً حتى بعد أن كتبت الأناجيل وانتشرت))

    2. تبعت هذه الفترة من النقل الشفهي فترة كتابة الاناجيل و قد تميزت بكثرة التاليف المعتمد على ذلك النقل الشفهي الغير مضبوط و العشوائي و الغير مسند فكتبت عدة اناجيل تميزت هي بدورها ايضا بفقدان اسانيدها مما ادى الى الجهالة من جهة المؤلف ، و لا يمكن تحديد كاتب هذا او ذاك الانجيل او بعض تلك الرسائل الا بالترجيح و الحدس و الظن !!!
    نقرا من كتاب المدخل إلى الكتاب المقدس للقس حبيب سعيد الصفحة 215-216:
    ((. ويسوع نفسه لم يكتب شيئاً ولا فكر أتباعه في تدوين قصة مكتوبة عن سيدهم وتسليمها للأجيال اللاحقة. ونظراً لعدم وجود أدلة مباشرة نسترشد بها فإننا مضطرون إلى أن نلجأ إلى الحدس والتخمين . ومن المرجح جداً أن بعض تلاميذ يسوع قد جمعوا لاستعمالهم الخاص مجموعات من أقوال المسيح والحوادث التي رأوها ذات شأن خطير. ))

    3. و مع هذا و ذاك كان الناتج اناجيل مجهولة المؤلف جمعت بعضا من تلك القصص و الروايات العشوائية و ضاعت بعض تلك الروايات و القصص الاخرى !!
    و هنا نضع اعتراف المفسر ادم و كلارك حيث يقول ان في ذلك العهد كانت هناك أناجيل و قصص اخرى متداولة عن المسيح لعل بعضها يتكلم عن التمسك على الشريعة !!! و يشير ادم كلارك هنا الى لوقا 1: 1
    نقرا كلام ادم كلارك
    ((Another gospel - It is certain that in the very earliest ages of the Christian Church there were several spurious gospels in circulation, and it was the multitude of these false or inaccurate relations that induced St. Luke to write his own. See Luk 1:1. We have the names of more than seventy of these spurious narratives still on record, and in ancient writers many fragments of them remain; these have been collected and published by Fabricius, in his account of the apocryphal books of the New Testament, 3 vols. 8vo. In some of these gospels, the necessity of circumcision, and subjection to the Mosaic law in unity with the Gospel, were strongly inculcated. And to one of these the apostle seems to refer.))
    https://www.sacred-texts.com/bib/cmt/clarke/gal001.htm

    و هذا بدوره يفسر لنا لم قال كاتب انجيل لوقا في بداية إنجيله
    ((1 إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا،
    2 كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ،
    3 رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،
    4 لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.))

    4. وبعد ذلك صار نص العهد الجديد ينقل كتابة (على اوراق البردي حتى القرن الرابع حينما ظهرت لنا المخطوطات الكبيرة كالسينائية و الفاتيكانية ) الا ان هذه الكتابة تميزت بسلبيات عديدة : اولها ضياع الكتابات الاصلية او بالاحرى النسخ الاصلية وثانيها فقدان الاسانيد المثبتة لصحة المنقول و امانة ووثاقة وضبط الناقل و ثالثها عدم وجود ضابط او معيار لنقل النص كتابة .
    فكان الحاصل من كل ما ذكرناه (عن نص العهد الجديد) بضعة برديات من القرن الثاني الى القرن الرابع ثم مخطوطات من القرن الرابع ، لا نعرف هوية كاتبها و لا وثاقة و لا امانة و لا ضبط الناقل و لا نعرف عن اي نسخة نسخت مع وجود الاختلافات بين المخطوطات بعضها ببعض و بين نسخ العهد الجديد اليوم بتراجمه !!!! مع الاخذ بعين الاعتبار عدم وجود - اليوم- اي بردية او مخطوطة لنص العهد الجديد من القرن الاول !!! .
    2. جهالة مؤلف انجيل لوقا و بيان بطلان نسبته الى نفسه لوقا الطبيب المذكور في سفر اعمال الرسل .


    وقد اجمع النقاد بناءا على طريقة كتابة النص و انهما في مقدمتهما موجهان الى نفس الشخص (تاوفيلس ) غيرها من الاسباب ان مؤلف انجيل لوقا هو نفسه مؤلف سفر اعمال الرسل .
    نقرا من الترجمة الرهبانية اليسوعية الصفحة 179 :
    (( انجيل لوقا هو الانجيل الوحيد الذي له مقدمة مثل كثير من المؤلفات اليونانية في تلك الايام. و هذه المقدمة موجهة الى رجل اسمه تاوفيلس يبدو انه امرؤ ذو شان. و لكتاب اعمال الرسل مقدمة ايضا موجهة الى ذلك الرجل نفسه و تحيل القارئ الى الكتاب الاول حيث ذكر المؤلف ((جميع ما فعل يسوع و علم)) (رسل 1: 1-2) فاستنتج منذ ايام الكنيسة القديمة ان للانجيل و اعمال الرسل مؤلفا الرسل . و اثبت النقاد في عصرنا هذا الراي استنادا الى تجانس اللغة و التفكير في الكتابين و الى تجانس ما يرميان اليه ))

    تشير الدلائل ان الانجيل تم كتابته بين عامي 80 و 90 و مع انه موجه في المقدمة الى تاوفليس الا انه موجه ايضا الى جماعة مسيحية ذي ثقافة يونانية . وقد جزم النصارى ان الكاتب هو لوقا لوجود شهادة ايريناوس و لان الكاتب يبدو انه طبيب و لوقا كان طبيبا الا ان هذا مردود من وجهين :
    الوجه الاول : ان ايريناوس ذكر هذا الكلام بدون سند و ذكره في نهاية القرن الثاني
    الوجه الثاني : ان المعلومات المذكورة في الانجيل معروفة لدى اي طبيب في القرن الاول .

    نقرا من الترجمة الرهبانية اليسوعية الصفحة 184- 185 :
    (( فالنقاد غالبا ما يحددون تاليفه بين السنة 80 و 90 و منهم من يجعلون له تاريخا اقدم .
    ان الكتاب مرفوع الى تافليس و لكنه موجه خاصة من خلال هذا الرجل الى مسيحيين ذوي ثاقفة يونانية ....ويبدو ايضا ان المؤلف نفسه ينتمي الى العالم الهلنستي بلغته وبعدد من الميزات التي سبق ذكرها . و غالبا ما تبين للنقاد عدم معرفته لجغرافية فلسطين و لكثير من عادات هذا البلد .
    و هناك تقليد اقدم شاهد عليه ايريناوس الذي عاش في اواخر القرن الثاني. يقول التقليد ان كاتب هذا الانجيل الثالث هو لوقا الطبيب الذي ذكره بولس في قوله 4/ 14 وف 24 و 2 طيم 4 /11. وقد وجد الكثيرون دليلا على مهنة كاتب الانجيل الثالث الطبية في دقة وصفه للامراض، و لكن هذا الدليل ليس قاطعا، لان المفردات التي يستعملها لا تختلف عن المفردات التي كان يستعملها كل انسان مثقف في ذلك الزمان. اما علاقته ببولس فلسنا نجد في الانجيل ما يساعدنا على كشفها سوى بعض الالفاظ فلا بد للبت في هذا الموضوع من البحث في شواهد كتاب اعمال الرسل . ))
    [ATTACH=CONFIG]n811147[/ATTACH]

    [ATTACH=CONFIG]n811148[/ATTACH]


    وقد حاول البعض الاستدلال بنصوص سفر اعمال الرسل لمحاولة اثبات ان سفر اعمال الرسل هو من تاليف احد تلاميذ بولس و ان المرشح الوحيد لذلك هو لوقا الطبيب الا ان هذا مشكوك لعدة اسباب :
    1. الاختلاف بين افكار كاتب سفر الاعمال و بين افكار بولس في رسائله
    2. اهمال مؤلف سفر اعمال الرسل لبعض الحوادث التي ذكرها بولس و التي من المستحيل ان لات ذكر من قبل تلميذ لبولس .

    نقرا الترجمة الرهبانية اليسوعية الصفحة 372 :
    (( و لكن من المؤلف ؟ ان وجود اجزاء بصيغة ((نحن)) يوحي ان المؤلف كان منتميا الى بيئة بولس . يضاف اليه ان الاعتدال في ذلك الايحاء الذي يخصه الكاتب برسالة بولس و التوافق الوثيق بين افكار المؤلف و افكار بولس امران يدعوننا الى البحث عن هوية المؤلف، من هذه الجهة ، فيكون ((لوقا الطبيب الحبيب)) (قول 4 /14 وف 24) هو المرشح الممكن الوحيد. لكن هناك امورا لا بد من النظر فيها . فالتوافق بين افكار سفر اعمال الرسل و افكار بولس يبقى، في اقل تقدير غير اكيد في شؤون بعضها مهم كمعنى الرسالة على سبيل المثال (13/ 31) و مكانة الشريعة. و كذلك تاكيد سفر اعمال الرسل لبعض الاشياء او اهماله لغيرها يدعوان الى الدهش. فكيف يمكن رفيق لبولس، معروف، لما ورد في وثائق اخرى ، باهتمامه الشديد بمسالة اهتداء الوثنيين ، ان يسكت عن الازمة الغلاطية؟ لا شك ان لهذه المسائل شانها. و لكن هل يستنتج من ذلك انه لا يمكن ان يكون مؤلف الانجيل الثالث و سفر اعمال الرسل رفيقا لبولس و ان اقتراح اسم لوقا مستبعد استبعادا تاما ؟ اقل ما يقال ان هذا الامر قابل للبحث))
    [ATTACH=CONFIG]n811149[/ATTACH]


    فحقيقة الامر ان كون لوقا هو كاتب الانجيل الثالث و سفر اعمال الرسل هو امر مشكوك فيه و مجرد استنتاج و ان اقر عليه اباء الكنيسة و ذلك لان التصريح بهذا الاسم انما جاء في القرن الثاني الميلادي و ليس لاحد من المصرحين سندا متصلا الى لوقا لاثبات ان الكاتب هو لوقا الطبيب ! بل ان فرضية ان الكاتب كان احد رفقاء بولس هو امر مشكوك فيه ايضا !

    نقرا من موسوعة Standard International Bible Encyclopedia :
    (( The first writers who definitely name Luke as the author of the Third Gospel belong to the end of the 2nd century. They are the Canon of Muratori (possibly by Hippolytus), Irenaeus, Tertullian, Clement of Alexandria. We have already seen that Julicher (Introduction, 330) admits that the ancients Universally agreed that Luke wrote the Third Gospel. In the early part of the 2nd century the writers did not, as a rule, give the names of the authors of the Gospels quoted by them. It is not fair, therefore, to use their silence on this point as proof either of their ignorance of the author or of denial of Luke's authorship. ))
    https://www.internationalstandardbib...gospel-of.html

    و مع ان الكاتب يحاول ان يبرر و يقول انه من غير الانصاف ان يستخدم هذا التاخير في التسمية قي نفي ان لوقا هو كاتب الانجيل الثالث و سفر اعمال الرسل الا انه يمكن قلب المعادلة بالقول :
    انه من غير المنصف ايضا التاكيد و الجزم على ان لوقا الطبيب هو كاتب الانجيل الثالث و سفر اعمال الرسل لمجرد ان اباء الكنيسة في القرن الثاني ذكروا ذلك .

    وافضل يمكن ان يرجحوه هو ان كاتب الانجيل و سفر اعمال الرسل كان رفيقا لبولس - ان تغاضينا النظر عن المشاكل التي ذكرتها الترجمة الرهبانية اليسوعية - و تبقى مع هذا هوية المؤلف مجهولة .

    واما الاصرار على ان رفيق بولس المذكور هو لوقا الطبيب مردود :
    1. لان المفردات المذكورة في الانجيل و اعمال الرسل مفردات عامة يعرفها اي مثقف في ذلك الزمان و ليست محصورة على الاطباء فقط
    2. لان لوقا الطبيب ليس الوحيد الذي رافق بولس
    3. لانه لا يمكن الجزم ايضا بان لوقا كان الطبيب الوحيد من رفقاء او معارف بولس (ان قلنا ان كاتب الانجيل و اعمال الرسل طبيب )

    ثانيا : الخرافة في اعتقاد اباء الكنيسة و اثرها على حكمهم بقدسية بعض الاسفار من عدمها مع بيان التناقض و السخافة في استدلالاتهم .

    نقرا ما قاله اوغسطين في كتابه مدينة الله الجزء الثاني الصفحة 269 :
    (( لندع جانبا اساطير تلك الكتب المسماة منحولة لانها استمدت اصولها من ابائنا الذين اخذنا عنهم ما للكتب الحقيقية من سلطان ، من خلال تقليد معروف و اكيد ، و مع ان تلك الكتب المنحولة تحتوي على شيء من الحقيقة فالاخطاء الكثيرة التي تتضمنها تنزع عنها كل سلطة قانونية . و ان يكن انوش المتحدر السابع من ادم قد كتب تحت الهام الهي فذاك ما لا نستطيع ان ننكره، طالما ان الرسول يهوذا يشهد له به في رسالته القانونية. و لم يكن غياب كتب انوش عن الكتب القانونية المحفوظة في هيكل اليهود و تحت رعاية كهنتهم غيابا لا سبب له .... ))

    و يقول في الصفحة 236 ناقلا اتهام البعض لليهود بتحريف النسخة العبرية ليحطوا من السبعينية عند النصارى :
    (( ان المؤيدين لهذا الراي و خوفا من ان يؤثروا بالسوء على الايمان بالكتب المقدسة التي توليها الكنيسة كل سلطان يعزون هذا الخطا لليهود لا على ترجمة المفسرين و ينسبونه الى الاصل المنقول الى اليونانية. لانهم يقولون ان النسخة السبعينية التي التقى ناسخوها علي فهم النص كما على مدة عملهم لا يمكن ان تكون نتيجة خطا منهم او غش لا مصلحة لهم فيه، اوليس من الارجح ان اليهود الذين غاروا من رؤية كتب الشريعة و الانبياء تنتقل الينا قد شوهوا كتبهم ليضعفوا من سلطة كتبنا ؟ ليتخذ كل من اراد الراي او الافتراض الذي يرضيه ))

    اذا نستنتج من هذا الكلام شيئين :
    اولا : كتب الابوكريفا (و لا اقصد هنا الاسفار القانونية الثانية ) تحتوي على كثير من الحق و الباطل فما وافق منها اقتباسات العهد الجديد فهو حق و ما خالفه فهو باطل ـ و هذا عين ما نقوله عن علاقة القران الكريم بالكتب السابقة المحرفة !!!

    ثانيا : القديس اوغسطين لا يستبعد الراي القائل ان اليهود مباشرة بانهم لهم يد في تحريف كتب الشريعة و الانبياء و ادخال الخرافة فيها ليطعنوا في كتب النصارى !!!

    ويؤكد هذا الراي محبوب بن قسطنطين المنبجي اسقف مدينة منبج و اتهامه اليهود الماسوريين بتحريف النص العبري الماسوري عمدا
    نقرا من تاريخ محبوب بن قسطنطين الصفحة 581- 582 :
    (( فذلك سبع مائة و خمس وتسعين سنة ومن مولد مهلالايل تم لادم تسع مائة و ثلاثين سنة التي هي مدة حياته فاما على ما في التورية التي في ايدي اليهود على ما افسدوا و نقصوا منها من السنين اعني من السنين التي نقصوا من حياتهم قبل ان يولد لهم الاولاد التي تحسب لمدة من تاريخ سني العالم وتورية السريانيين من التورية لان التورية السريانية من العبرانية نقلت بعد النصرانية و بعد الفساد فانه مكتوب فيها ان ادم عاش الى الجيل التاسع من ولد ولده وذلك الى سنة ست و خمسين من مولد لامك بن اخنوخ لانهم نقصوا من سني ادم و غيره من الاباء مائة سنة من قبل ان يولد لهم الاولاد وزادوها في سني عيشهم من بعد ان ولد لهم الاولاد ارادوا كهنة اليهود حنان وقيافا ابطال مجي المسيح و انه لم يبلغ المدة التي تاتي فيها فيما ذكروا ))




    و العجيب اننا اذا رجعنا الى كلام اوغسطين في كتابه مدينة الله الجزد الثاني سنفاجا بانه نسب اختلاف الاعمار بين السبعينية و العبرية لا الي خبث اليهود و تحريفهم المتعمد و لكن الى خطا الناسخ الاصلي و هو ينسخ النص في مكتبة بتولوميوس !!!


    و يحق لنا ان نسال اوغسطين عن الدليل على كلامه و لكننا نعلم يقينا ان هذا الكلام لا يمكن التثبت منه فاوغسطين اذا يقول اي كلام و اي ادعاء دون اسنادها الى وثيقة او سند تاريخي !!!

    و من العجائب التي اتانا بها اوغسطين في نفس الكتاب انه مع كونه ينكر وقوع الجماع الجنسي بين الملائكة و بين نساء البشر وولادتهم للعمالقة الجبابرة (كما في سفر اخنوخ الابوكريفي وراجع سفر التكوين الاصحاح السادس الاعداد : 1-4 ) الا انه لا ينكر وجود عمالقة بالاوصاف المذكورة ويحكي لنا قصة طريفة عن عملاقة تسكن مع والديها !!

    هل رايتم اين الخرافة ؟؟؟



    هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم
  • الراجى رضا الله
    مشرف عام

    حارس من حراس العقيدة
    • 15 أكت, 2009
    • 519
    • مهندس
    • مسلم والحمد لله

    #2
    للمزيد من التفاصيل، يمكنكم قراءة الموضوعات التالية :

    الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي حول اسانيد القران الجزء الاول
    الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم على اسانيد القران : الجزء الثاني
    الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم على اسانيد القران: الجزء الثالث
    الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم باسانيد القران : الجزء الرابع
    الرد على المعترضين من كتاكيت اللاهوت الدفاعي في طعنهم على اسانيد القران : الجزء السادس و الاخير


    الحمد لله عدد خلقه، ورضا نفسه، وسعه عرشه ، ومداد كلماته

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
    رد 1
    10 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
    ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, منذ 2 أسابيع
    ردود 6
    110 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة فارس الميـدان
    ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 11 أكت, 2024, 01:13 ص
    رد 1
    151 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د.أمير عبدالله
    ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 10 أكت, 2024, 10:33 ص
    رد 1
    155 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة الراجى رضا الله
    ابتدأ بواسطة محمد,,, 3 أكت, 2024, 04:50 م
    ردود 4
    33 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة محمد,,
    بواسطة محمد,,
    يعمل...