نفى الوهية المسيح

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عاطف عثمان اكتشف المزيد حول عاطف عثمان
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاطف عثمان
    0- عضو حديث
    • 31 ديس, 2006
    • 23

    نفى الوهية المسيح

    الفصل الرابع
    الوهية المسيح والتجسد
    المبحث الاول
    الوهية المسيح ومصادرها عند المسيحيين
    أرني أين قال المسيح:”أنا هو الله فاعبدوني“؟
    خادم الرب الأخ يوسف رياض
    يُعتبَر الإيمان بلاهوت المسيح حجر الزاوية في الإيمان المسيحي، والسجود له - بحسب كلمة الله - هو الطريق الوحيدة للحياة الأبدية. وحيث أن ملايين المسيحيين في العالم اليوم يؤمنون أن المسيح هو الله، وبالتالي فإنهم يتعبدون له، فإننا معرضون لهذا السؤال: ”أرني أين قال المسيح: أنا هو الله فاعبدوني؟“.
    ، فإن المسيح لم يقل بحصر اللفظ: ”أنا هو الله فاعبدوني“. ولا كان من المنتظر أن يقول ذلك، ولو أنه قال هذا المعنى - كما ذكرنا – مرة ومرات، لا بطريقة واحدة بل بطرق عديدة.
    هذا ما قاله المسيح
    لاحظ ان اغلب الاقوال عن الوهية المسيح خاصة الصريح منها –كما يزعم – يرجع الى انجيل يوحنا وهذا الانجيل والشكوك حوله قصة نذكرها باذن الله عند الحديث عن مشكلات الكتاب المقدس , وكذلك لاحظ ان الادلة كلها نقل من الكتاب فهى موجهة اساسا للمؤمنين به وليس للعقلاء من الناس الذين قد يكون لديهم تطلع للايمان بتلك العقيدة
    قال المسيح: إنه الأزلي، والواجب الوجود:
    فلقد قال المسيح لليهود:
    «الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن». (يوحنا8: 58و59).
    والرد على ذلك هو نفس النص فى الترجمة الكاثوليكية يقول:
    58فقالَ لَهم يسوع: (( الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: قَبلَ أَن يَكونَ إِبراهيم، أَنا هو
    والنص اليونانى هو
    Joh 8:58 ειπεν3004 V-2AAI-3S αυτοις846 P-DPM ο3588 T-NSM ιησους2424 N-NSM αμην281 HEB αμην281 HEB λεγω3004 V-PAI-1S υμιν4771 P-2DP πριν4250 ADV αβρααμ11 N-PRI γενεσθαι1096 V-2ADN εγω1473 P-1NS ειμι1510 V-PA
    والكلمات باللون الاخضر تعنى (انا اكون ) وهى فى زمن المضارع وليس الماضى , فلو كان المقصود مايحكيه خادم الرب لوجب ان يكون النص ( انا كنت) , والان يقول خادم الرب اول كلامه ان المسيح لم يعلن صراحة انه الله لان اليهود لن يفهموا وسوف يقتلونه , وفى الاية 59 نجد ان اليهود فهموا-كما يقول خادم الرب- معنى الكلام وحاولوا رجمه, فلماذ لم يقل لهم صراحة ؟ وبعد ذلك ماذا فعل الاله حينما حاولت تلك الحثالة من اليهود رجمه؟ اختفى , لانعتقد ان الالهة تتصرف هكذا فالهروب يقوم به الجبناء وليس الاله القادر.
    قال المسيح إن له ذات الكرامة الإلهية
    «لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب» (يوحنا5: 23)
    والتدليس هنا واضح فان بقية الاية باللون الاخضر
    (SVD) لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ.
    فالابن مجرد رسول
    قال المسيح إنه ابن الله الوحيد:
    «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأن لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد» (يوحنا3: 16).
    انظر النصوص اليونانية الاتية ولاحظ
    النص الاول ( رسالة بولس للعبرانيين 11/17)
    Heb 11:17 πιστει4102 N-DSF προσενηνοχεν4374 V-2RAI-3S-ATT αβρααμ11 N-PRI τον3588 T-ASM ισαακ2464 N-PRI πειραζομενος3985 V-PPP-NSM και2532 CONJ τον3588 T-ASM μονογενη3439 A-ASM προσεφερεν4374 V-IAI-3S ο3588 T-NSM τας3588 T-APF επαγγελιας1860 N-APF αναδεξαμενος324 V-ADP-NSM
    Heb 11:17 بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ - قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ
    النص الثانى والذى نعلق عليه الان وهو يوحنا 3/16
    Joh 3:16 ουτως3779 ADV γαρ1063 CONJ ηγαπησεν25 V-AAI-3S ο3588 T-NSM θεος2316 N-NSM τον3588 T-ASM κοσμον2889 N-ASM ωστε5620 CONJ τον3588 T-ASM υιον5207 N-ASM αυτου846 P-GSM τον3588 T-ASM μονογενη3439 A-ASM εδωκεν1325 V-AAI-3S ινα2443 CONJ πας3956 A-NSM ο3588 T-NSM πιστευων4100 V-PAP-NSM εις1519 PREP αυτον846 P-ASM μη3361 PRT-N αποληται622 V-2AMS-3S αλλ235 CONJ εχη2192 V-PAS-3S ζωην2222 N-ASF αιωνιον1
    Joh 3:16 لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
    والكلمة التى ترجموها ابنه الوحيد باللون الاخضر هى نفس الكلمة التى وردت باللون الاحمر عن اسحاق , انه ابنه الوحيد ومعلوم ان اسحاق ولد بعد اسماعيل فكيف يكون ابنه الوحيد ؟ ان هذا النص ليس مجرد خطأ فى الترجمة وانما هو افتراء على الكتاب المقدس فضلا على انه افتراء على الله, فهناك مئات الايات فى الكتاب عن ابناء الله وهى كلها القاب مجازية كما سبق واوضحنا.كما ان النص العبرى الذى ترجموه خطأ (وحيدك) هو الاتى
    (HOT) ויאמר קח־נא את־בנך את־יחידך אשׁר־אהבת את־יצחק ולך־לך אל־ארץ המריה והעלהו שׁם לעלה על אחד ההרים אשׁר אמר אליך׃
    والكلمة باللون الاحمر لاتعنى وحيدك وانما تعنى حبيبك وهى فى الترجمة السبعينية كالاتى
    (LXX) καὶ εἶπεν Λαβὲ τὸν υἱόν σου τὸν ἀγαπητόν, ὃν ἠγάπησας, τὸν Ισαακ, καὶ πορεύθητι εἰς τὴν γῆν τὴν ὑψηλὴν καὶ ἀνένεγκον αὐτὸν ἐκεῖ εἰς ὁλοκάρπωσιν ἐφ᾿ ἓν τῶν ὀρέων, ὧν ἄν σοι εἴπω
    والكلمة باللون الاخضر وتعنى ( حبيبك) كما انه فى معجم (strong) معنى الكلمة كالاتى
    H3173
    יחיד
    yâchîyd
    yaw-kheed'
    From H3161; properly united, that is, sole; by implication beloved; also lonely; (feminine) the life (as not to be replace): - darling, desolate, only (child, son), solitary.
    فالكلمة تعنى حبيبك او عزيزك , وانما ترجمت وحيدك عن قصد وسوء نية لتقترن قصة الذبيح بالفداء المسيحى حتى ولو على حساب الافتراء على الكتاب نفسه.
    قال المسيح: ”أنا والآب واحد“:
    «قلت لكم ولستم تؤمنون, لأنكم لستم من خرافي, خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد, أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد» (يوحنا10: 25-30).
    لاحظ الكلمة باللون الاخضر وسبق وذكرنا قول المسيح ابى اعظم منى
    قال المسيح إن من رآه رأى الآب
    «أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت أرنا الآب. أ لست تؤمن أني أنا في الآب والآب في؟» (يوحنا14: 8-10).
    وقال ايضا الله لم يره احد وسبق شرح ذلك
    قال يسوع إنه مصدر الحياة الأبدية ومعطيها
    «الحق الحق أقول لكم تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون» (يوحنا5: 25). انظر أيضا يوحنا10: 27، 28؛ 17: 2
    والرد على ذلك بعد خمس ايات من تلك الاية حيث يقول
    Joh 5:30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
    وكذلك فى الاية التى قبلها
    Joh 5:24 «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ
    فان المسيح لايعطى حياة ابدية وانما الايمان هو الذى يعطى الحياة الابدية كما فلى الايات
    قال المسيح إنه مقيم الموتي ومحيي الرميم:
    «الحق الحق أقول لكم تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته (صوت المسيح)، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة» (يوحنا5: 28و29).
    احياء الموتى فى الكتاب ليس دليل على الوهية صاحبه فالتلاميذ احيوا الموتى وليسوا الهة, وكذلك موسى عليه السلام حول العصا الخشبية ثعبان حى وهذا اعظم من احياء الموتى لانه يشمل التصوير والحياة معا , ولم يعتبر الها
    قال المسيح إنه أتى من السماء إلى الأرض.
    «لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني» (يوحنا6: 38)
    ايليا واخنوخ صعدوا الى السماء
    قال المسيح إن روحه الإنسانية ملكه وتحت سلطانه:
    «ليس أحد يأخذها (نفسي) مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أيضًا أن آخذها» (يوحنا10: 17).
    التدليس هنا واضح , فلو افترضنا صحة هذا الفهم العجيب-وهو ليس صحيح- فان بقية الاية تقول
    Joh 10:18 لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي».
    والجزء باللون الاخضر حذفه المؤلف لانه عكس مايدعى, فلو فرضنا ان للمسيح سلطان على نفسه-وهذا غير صحيح- فان هذا السلطان اعطاه الله له اى ليس مطلق كما يدعى المؤلف
    قال المسيح إنه ”النور“
    «أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة» (يوحنا 8: 11)
    قال المسيح إنه الراعي الصالح:
    «أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف» (يوحنا10: 14).
    قال المسيح إنه هو القيامة والحياة
    فلقد قال لمرثا: «أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد» (يوحنا11: 24-26).
    قال المسيح إنه يستجيب الدعاء
    «ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئا باسمي فإني أفعله» (يوحنا14: 13، 14)
    لماذا اذا كان يدعو وهو على الصليب –فى زعمهم- اذا كان هو الذى يجيب الدعاء؟
    قال المسيح إن تلاميذه بدونه لا يقدرون أن يفعلوا شيئًا.
    «لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا» (يوحنا15: 5).
    قال المسيح إنه هو معطي الروح القدس
    «خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم» (يوحنا16: 7).
    قال المسيح إن كل ما للآب هو له
    «كل ما للآب هو لي» (يوحنا16: 15)،
    «كل ما هو لي فهو لك، وما هو لك فهو لي» (يوحنا 17: 10).
    قال المسيح إنه صاحب المجد الأزلي
    «والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم» (يوحنا17: 4و5).
    قال المسيح: إنه هو الرب الديان
    «كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: ”يا رب يا رب: أ ليس باسمك تنبأنا؟ وباسمك أخرجنا شياطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟“ حينئذ أصرح لهم إني ما أعرفكم» (متى7: 22).
    (GNT-BYZ+) πολλοι4183 A-NPM ερουσιν2046 V-FAI-3P μοι1473 P-1DS εν1722 PREP εκεινη1565 D-DSF τη3588 T-DSF ημερα2250 N-DSF κυριε2962 N-VSM κυριε2962 N-VSM
    الكلمة اليونانية بمعنى سيد وليس رب وسبق شرح الفرق بين الكلمتين
    قال المسيح: إنه المُعين، ومريح كل المتعبين
    ففي متى 11: 28 يقول المسيح: «تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم»
    وكيف يعنى هذا انه الله؟
    قال المسيح إنه رب السبت:
    «إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا» (متى12: 8).
    لاحظ العلامة باللون الاخضر, وكلمة رب لها معانى كثيرة ترد فيما بعد
    قال المسيح إنه موجود في كل مكان.
    «لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم» (متى 18: 20).
    معروف لدى العقلاء من الناس ان الله ليس فى مكان فهذا المعنى مجازى ويشرحه الاية قبله حيث تقول
    Mat 18:19 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ
    قال المسيح إنه رب داود.
    «ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ فقالوا ابن داود. فقال لهم يسوع: فكيف يدعوه داود بالروح ربًا قائلا: قال الرب لربي حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك؟ فإن كان هو ابنه فكيف يكون ربه؟» (متى22: 42-45).
    سبق الرد على هذه الاية
    قال المسيح إنه هو الذي يرسل الأنبياء.
    «لِذَلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ» (متى 23: 34)
    يقول كلارك بارنز
    Mat 23:34 -
    I send unto you prophets ... - Jesus doubtless refers here to the apostles, and other teachers of religion. Prophets, wise men, and scribes were the names by which the teachers of religion were known among the Jews, and he therefore used the same terms when speaking of the messengers which he would send. “I send” has the force of the future, I “will” send.
    Some of them ye shall kill - As in the case of Stephen Act_7:59 and James Act_12:1-2.
    Crucify - Punish with death on the cross. There are no cases of this mentioned; but few historical records of this age have come down to us. The Jews had not the power of crucifying, but they had power to deliver those whom they condemned to death into the hands of the Romans to do it.
    Shall scourge - See the notes at Mat_10:17. This was done, Act_22:19-24; 2Co_11:24-25.
    Persecute ... - See the notes at Mat_5:10. This was fulfilled in the case of nearly all the apostles.
    وترجمة ذلك( ان المسيح يقصد الحديث عن المستقبل وعن تلاميذه الذين سيرسلهم ...وقد تحقق ماقال , فقد قتلوا ستيفان وجيمس ..... راجع الايات باللون الاخضر) ولا يقصد بالطبع الرسل والانبياء الذين كانوا قبله لان زمن الحديث مضارع , والترجمة اللاتينية هى
    (Vulgate) ideo ecce ego mitto ad vos
    قال المسيح أن كلامه لا يزول
    «السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول» (متى 24: 35).
    وهل زال كلام الانبياء قبله؟
    قال إنه صاحب كل سلطان في السماء وعلى الأرض:
    «دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض» (مت28: 18).
    هل يعنى ذلك انه لم يكن له سلطان قبل هذا؟ وهل يعنى ذلك ان صاحب السلطان لم يعد ذى سلطان؟
    المسيح قال إنه واحد مع الآب والروح القدس:
    «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (متى 28: 20).
    سبق الرد على ذلك
    قال المسيح إنه الموجود دائما أبدًا
    «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (متى 28: 20)
    اذا كان كما يقول معهم ابد الدهر يعنى انه ازلى فهل يعنى كذلك انهم ازليون ايضا؟ لقد ماتوا فكيف يكون معهم الى انقضاء الدهر ؟ لاشك ان ذلك امر مجازى
    قال المسيح: إنه الرب:
    «اذهب إلى بيتك وإلى أهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك» (مرقس 5: 19).
    سبق الرد على ذلك ( الرب يعنى السيد وليس الاله) وسيأتى ايضا معنى الرب فى التوراة
    قال المسيح: إنه ”ابن الله“:
    «قال يسوع: أنا هو (المسيح ابن المبارك)» (مرقس14: 62).
    لم ترد كلمة المبارك هذه فى الكتاب كله الا مرة واحدة ولا نعرف المقصود بها , وهنا خلاف بين رواية مرقس ومتى لرد المسيح ففى رواية متى
    Mat 26:63 وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتاً. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟»
    Mat 26:64 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ».
    وفى رواية مرقس
    فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟»
    Mar 14:62 فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ
    فاى الروايتين صحيح ؟ ماذا قال المسيح حتى نرد على مانقلوه عنه,
    قال المسيح إنه المخلص الوحيد.
    «لستما تعلمان من أي روح أنتما لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص» (لوقا9: 55، 56).
    «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا19: 10).
    «أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعي» (يوحنا10: 9)
    هل المخلص يعنى الاله؟
    قال المسيح إنه هو الأول والآخر. البداية والنهاية. الألف والياء.
    «لا تخف أنا هو الأول والآخر» (رؤيا1: 17)؛
    مجمع نيقيه الذى اصدر قانون الايمان لم يعترف بهذا السفر ولا يوجد فى المخطوطة الفاتيكانية
    «هذا يقوله الأول والآخر. الذي كان ميتًا فعاش» (رؤيا2: 8)؛
    «قال لي قد تم. أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية. أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا» (رؤيا21: 5و6)
    «وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر» (رؤيا22: 12و13)
    قال المسيح إنه هو الحي إلى أبد الآبدين.
    «الحي. وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين» (رؤيا1: 18)
    قال المسيح إن له مفاتيح الموت والهاوية
    «ولي مفاتيح الهاوية والموت» (رؤيا1: 18).
    قال المسيح أنا فاحص القلوب
    فهو قال لملاك كنيسة ثياتيرا: «فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب، وسأعطي كل واحد منكم بحسب أعماله» (رؤيا2: 23).
    قال المسيح إنه أصل داود (أي خالقه)
    «أنا أصل وذرية داود، كوكب الصبح المنير» (رؤيا22: 16).
    ماذا قالت أعمال المسيح؟
    «صدقوني, وإلا فصدقوني بسبب الأعمال نفسها» (يوحنا 10: 37و38).
    1- تطهير الأبرص:
    2- شفاء المرضى:
    3- فتح أعين العميان:
    4- إسكات عاصفة البحر:
    5- المشي فوق الماء:
    6- إخراجه للشياطين.
    7- تكثير الخبز:
    8- إقامة الموتى
    سيتم الرد على ذلك فى مطلب نفى الوهية المسيح, والان مع شاهد اخر
    هل آمنت الكنيسة الأولي بأنَّ المسيح هو اللَّه؟
    القس عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد

    يقول القدِّيس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس بالروح "
    إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيماً آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى فَقَدْ تَصَلَّفَ " (1تي6/3-4)، "
    لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ
    وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».
    يقول بابياس أسقف هيرابوليس بفرجية في آسيا الصغرى
    ولكنني لا أتردَّد أيضًا عن أنْ أضع أمامكم مع تفسيري كلّ ما تعلمته بحرصٍ من الشيوخ ( أي آباء الكنيسة ) 000 وكلَّما أتي أحدٌ ممن كان يتبع المشايخ سألته عن أقوالهم، عمَّا قاله إندراوس أو بطرس، عمَّا قاله فيلبُّس أو توما أو يعقوب أو يوحنَّا أو متَّي، أو أي أحدٍ آخر من تلاميذ الربِّ أو عمَّا قاله أريستون أو القسّ يوحنَّا أو تلاميذ الربِّ. لأنني أعتقد أنَّ ما تحصل عليه من الكتب يُفيدني بقدر ما يصلْ إليّ من الصوت الحيّ الدائم "
    ويقول أريناؤس أسقف ليون (120 - 202م)؛
    " المعرفة الحقيقيَّة قائمة في تعليم الرُسل وقيام الكنيسة في العالم كلّه، وفي امتياز استعلان جسد المسيح بواسطة تتابع الأساقفة الذين أعطوا الكنيسة القائمة في كلِّ مكان أنْ تكون محروسة ومُصانة دون أي تزييف أو ابتداع في الأسفار بسبب طريقة التعليم الكاملة والمتقنة التي لم تُستهدف لأيّ إضافه أو حذف ،
    كما يسجِّل ذلك القدِّيس إكليمندس الإسكندري
    (وينقل يوسابيوس عن كتابه "وصف المناظر" أنَّه إستلم التقليد بكلِّ دقَّةٍ من الذين تسلَّموه من الرسل " التقاليد التي سمعها من الشيوخ الأقدمين " وقد حافظ هؤلاء الأشخاص علي التقليد الحقيقيّ للتعليم المبارك، المسلَّم مباشرة من الرسل القدِّيسين بطرس ويعقوب ويوحنَّا وبولس، إذ كان الابن يتسلَّمه عن أبيه 000 حتَّي وصل إلينا بإرادة اللَّه لنحافظ علي هذه البذار الرسوليَّة
    فقد سجلوا في كتاب الدياديكية أو تعاليم الرسل الأثني عشر
    " وبعد أنْ تعلّموا كلّ ما سبق عمَّدوا كما يأتي " باسم الآب والابن والروح القدس بماء جارٍ (1:7
    وجاء في رسالة برنابا (من 90 - 100م تقريبا
    " لو لم يأتِ بالجسد لما استطاع البشر أنْ ينظروا خلاصهم. إذا كانوا لا يستطيعون أنْ ينظروا إلي الشمس التي هي من أعمال يديه فهل يمكنهم أنْ يحدِّقوا إليه لو كان قد جاءهم بغير الجسد. إذا كان اِبن اللَّه قد أتي بالجسد فلأنَّه أراد أنْ يضع حدًا لخطيئة أولئك الذين اضطهدوا أنبياءه " (10:4،11) .
    " للمرَّة الثانية يظهر يسوع لا كاِبن للبشر بل كاِبن للَّه ظهر بشكل جسديّ وبما أنَّه سيُقال أنَّ المسيح هو اِبن داود فإنَّ داود يُسرع ويتنبَّأ قائلاً " قال الربُّ لربِّي إجلس عن يميني حتَّي أجعل أعداءك موطئا لقدميك
    ويتكلم القديس إكليمندس الرومانيّ،
    " أنَّ صولجان جلال اللَّه، الربّ يسوع المسيح، لم يأتِ متسربلاً بجلال عظمته - كما كان في استطاعته - بل جاء متواضعًا كما تنبَّأ عنه الروح القدس "
    " كلُّ الأجيال من آدم إلي يومنا هذا قد عبرت، أمَّا المتكلِّمون في الحبِّ بالنعمة الإلهيَّة فيجلسون في مجالس القدِّيسين ويظهرون عند إعلان ملكوت المسيح " (ف50) .
    " أليس لنا إلهٌ واحدٌ، ومسيحٌ واحدٌ، وروحُ نعمةٍ واحدٍ سُكب علينا " (ف46)، " حيّ هو اللَّه، حيّ هو يسوع المسيح ربنا، وحيّ هو الروح القدس " (ف58) .
    ويصف المسيح باِبن اللَّه الحبيب والوحيد " ابنه الحبيب يسوع المسيح 000 بيسوع المسيح ابنك الوحيد 000 أنَّك أنت هو اللَّه ويسوع المسيح هو اِبنك "(ف59) .
    ويختم رسالته بنفس أسلوب الرسل " نعمة ربنا يسوع المسيح تكون معكم ومع جميع الذين دعاهم لله في كل موضع بالمسيح الذي له ومعه المجد والكرامة والسلطان والعظمة والعرش الأبدي من جبل إلى جيل ، آمين " .
    ويشرح القديس أغناطيوس (35 - 107م)،
    " تحيَّة لا شائبة فيها في يسوع المسيح إلهنا ". "وقد أكملت عمل الإخوة حتى النهاية بدم اللَّه " (أفسس1:1). " المسيح يسوع الذي من نسل داود والمولود من مريم، الذي وُلد حقًا وأكل حقًا وشرب حقًا، وصُلب حقًا علي عهد بيلاطس البنطي، ومات حقًا أمام السمائيِّين والأرضيِّين " (ترالس 9)، " أشكر يسوع المسيح الإله 000 الذي وُلد حقًا من نسل داود حسب الجسد " (ازمير1) .
    ويؤكِّد علي حقيقة كونه إلهًا وإنسانًا في آنٍ واحدٍ " يُوجد طبيبٌ واحدٌ هو في الوقت نفسه جسدٌ وروحٌ (إنسانٌ وإلهٌ)، مولود وغير
    مولود، الله صار جسدًا، حياة حقيقيَّة في الموت، من مريم ومن اللَّه، في البدء كان قابلاً للألم وأصبح الآن غير قابلٍ للألم، هو يسوع المسيح ربُّنا " (أفسس8 : 2)،
    ويقول القديس بوليكاربوس أسقف أزمير (65- 155م)،
    من لا يعترف بأنَّ يسوع قد جاء في الجسد فهو ضد المسيح " (ف 7 : 7). " أن المسيحيين يعبدون المسيح كاللَّه أو اِبن اللَّه ". وأيضًا " عادة يجتمع المسيحيُّون قبيل الفجر في يوم محدَّد لإكرام المسيح إلههم بالترانيم
    يوستينوس الشهيد (100 إلى 165م): فيقول " لأنَّه كما آمن إبراهيم بصوت اللَّه وحُسب له ذلك برًا، ونحن بنفس الطريقة آمنا بصوت اللَّه الذي تحدَّث لنا بواسطة رسل المسيح وأُعلن لنا بواسطة الأنبياء حتَّي الموت لأنَّ إيماننا تبرَّأ بكلِّ ما في العالم "
    " مكتوب في مذكرات رسله (أي الأناجيل) أنَّه ابن اللَّه، ولأننا ندعوه الابن، فقد أدركنا أنَّه وُلد من الآب قبل كلِّ الخلائق بقوَّته وإرادته 000 وصار إنسانًا من العذراء لكي يدمِّر العصيان الذي نتج بسبب الحيَّة "
    " تعلَّمنا أنَّ الخبز والخمر كانا جسد ودم يسوع الذي صار جسدًا "
    " " تُبيَّن الأسماء المختلفة للمسيح، بحسب الطبيعتَين أنَّه، هو اللَّه الذي ظهر للآباء، وقد دُعي مرَّة بملاك المشورة العظيم (ملا 3/1)، ودُعي إنسانًا في حزقيال، ومثل اِبن إنسان في دانيال، ووُلد في أشعياء، ودعاه داود مسيح وإله ومعبود 000 هو اللَّه ابن اللَّه الغير مولود وغير المنطوق به، لأنَّ موسي يقول الآتي في مكان ما في الخروج " وَأنَا ظَهَرْتُ لابْرَاهِيمَ وَاسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِانِّي الْالَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَامَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ اعْرَفْ عِنْدَهُمْو وَأَيْضًا اقَمْتُ مَعَهُمْ عَهْدِي" (خر6/3-4). ويقول أيضًا أنَّ إنسانًا صارع مع يعقوب، ويؤكِّد أنَّه اللَّه، رؤيا اللَّه، فقد قال يعقوب " نَظَرْتُ اللهَ وَجْها لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي " (تك32/24-30)، ومكتوب أنَّه دعا اسم المكان الذي صارعه فيه وظهر له وباركه فيه وجه اللَّه " فنيئيل " 000 ودعي بالكلمة لأنَّه يحمل الأخبار من الآب للبشر ولكنه غير منقسم أو منفصل عن الآب أبدًا كما يُقال أنَّ نور الشمس الذي علي الأرض غير مُنقسم وغير مُنفصل عن الشمس في السماء 000 إنَّه مولود من الآب بقوَّته وإرادته ولكن دون انفصال"
    وقال عن ناسوته " دعي يسوع نفسه اِبن الإنسان أمَّا بسبب ولادته من خلال عذراء أو لأنَّه جاء من نسل داود والبطاركة).
    ايريناؤس (120-202م) أسقف ليون :
    " تسلَّمت الكنيسة 000 من الرسل ومن تلاميذهم هذا الإيمان [ فهي تؤمن ] بإلهٍ واحدٍ الآب القدير خالق السماء والأرض والبحر وكلّ ما فيها، وبيسوع المسيح الواحد، ابن اللَّه الذي تجسَّد لأجل خلاصنا ".
    " صار الله إنسانًا والرب نفسه خلَّصنا معطيًا لنا علامة العذراء
    " كلمة اللَّه ربّنا يسوع المسيح الذي صار إنسانًا بين البشر في الأيام الأخيرة ليُوحِّد النهاية في البداية، أي اللَّه بالإنسان "
    " لأجل خلاصنا ، يسوع المسيح ربنا "
    " كان الكلمة موجودًا في البدء مع اللَّه، وبه خلق كلّ شيء وكان دائمًا موجودًا مع الجنس البشريّ، وحديثًا جدًا، في لحظة معيَّنة من الآب، اتحد مع صنعة يديه وبه صار إنسانًا خاضعًا للألم "
    " وباطل أيضًا الأبيونيين الذين لم يقبلوا الإيمان لنفوسهم في اتحاد اللَّه والإنسان 000 ولم يريدوا أنْ يفهموا أنَّ الروح القدس حلَّ علي العذراء وأنَّ قوة العليّ ظلَّلتها ، ولذا فالذي وُلد هو قدوس وابن اللَّه العليّ أبو الكلِّ ، ونتج التجسُّد "
    من لا يتغيَّر، أي ذاك الذي يعلو الزمان والمكان ولا يري ولكن صار مرئيًا لأجلنا، لا يُلمس ولا يتألَّم ولكنه صار ملموسًا ومتألمًا وإحتمل كلِّ شيء لأجلنا "، فقال " أنَّ الربّ يسوع المسيح من أجلنا قبل الحدود الجسديَّة والإنسانيَّة، الذي كان غير مرئي صار مرئيًا، غير المتألِّم صار متألمًا لأجلنا، غير المدرك صار مدركًا لأجلنا"
    وكان الخلاف بين آريوس ومن شايعه وبقيَّة آباء الكنيسة ليس في لاهوت المسيح وحقيقة كونه اِبن اللَّه وإله الكون وخالقه ومدبِّره وديانه، وإنما في عبارة " المولود من الآب قبل كلّ الدهور" والتي آمن آباء الكنيسة أنَّها ولادة في ذات اللَّه الآب بلا بداية وبلا نهاية، مثل ولادة النور من النور، كقول الكتاب " اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يو1/18). أمَّا آريوس فقد إعتقد أنَّ هذه الولادة قد بدأت في نقطة ما قبل كلّ الدهور ! قبل الزمن والخليقة! بمعني أنَّه كان هناك وقت لم يكنْ فيه الابن! ثمَّ ولد اللَّه الابن بمعني أوجده قبل الزمان والخليقة ليخلق به الكون ويدبِّره!! مناقضًا بذلك قول المسيح نفسه " أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ" (رؤ22/13).
    كان بولس السموساطي أسقفا لإنطاكية (في الفترة من 260إلى 268م) وكان له نفوذ سياسي في الإمبراطورية الرومانية ، كما كان نائبا للملكة زنوبيا ملكة تدمر (بالميرا) والتي كانت تتبعها إنطاكية في ذلك الوقت . وقد نادى بأن المسيح مجرد بشر وقد صار إلهاً ، ولكي يوفق بين قوله هذا وبين آيات الكتاب المقدس التي تؤكد على حقيقة لاهوت المسيح قال أنه صار إلها بالتبني . ويلخص العلماء أفكاره كالآتي :
    1 - أن الله واحد وحدانية مطلقة في أقنوم واحد ومع ذلك يمكن أن نميز فيه الكلمة (اللوجوس) والحكمة ، كصفتان أو قوتان مثل العقل والفكر في الإنسان ( Schaff Vol. 2 : 581 )، وأن اللوجوس خرج من الله وهو يعمل في الأنبياء وقد حل في المسيح الإنسان منذ ميلاده ولكن بقوة أكبر من الأنبياء ، وهو هنا يميز بين الكلمة ويسوع .
    2 - أن الابن لم يكن موجوداً دائما وأنه أقل من ال- ( Logos- λογος) وأن اتحاد الابن مع الكلمة هو اتحاد عن طريق التعليم وليس اتحادا وجودياOntological ، كما أن الابن وجد قبل الأزمنة في علم الله السابق ، وأن الآب وحده هو الله أما الابن فإله بالنعمة ، وبالتبني لأن الله تبناه
    لن نتحدث الان عن اريوس وبولس السمساطى وانما نؤجل ذلك عند الحديث حول تاريخ العقيدة الميسيحية, والان يقول القس ان تأليه المسيح وتجسده هو تعليم الاباء ورثوه عن الرسل وعلى رأسهم بولس , والان نناقش ماقاله بولس مع مراعاة مانقله القس عنه الان وهو يقول وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ
    وقبل ان نسهب فى الحديث عن بولس ننقل للقارىء المتعجل بعض ايات من رسائل بولس تدل على وحدانية الله وعبودية المسيح وهى
    النص الاول , رسالة كورنثيوس الاولى 8/4-6 , والنص العربىهو
    1Co 8:4 فَمِنْ جِهَةِ أَكْلِ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي الْعَالَمِ وَأَنْ لَيْسَ إِلَهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً.
    1Co 8:5 لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ.
    1Co 8:6 لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ.
    والنص اليونانى (الاصلى ) هو
    1Co 8:4 περι4012 PREP της3588 T-GSF βρωσεως1035 N-GSF ουν3767 CONJ των3588 T-GPN ειδωλοθυτων1494 A-GPN οιδαμεν1492 V-RAI-1P οτι3754 CONJ ουδεν3762 A-NSN-N ειδωλον1497 N-NSN εν1722 PREP κοσμω2889 N-DSM και2532 CONJ οτι3754 CONJ ουδεις3762 A-NSM-N θεος2316 N-NSM ετερος2087 A-NSM ει1487 COND μη3361 PRT-N εις1520 A-NSM
    1Co 8:5 και2532 CONJ γαρ1063 CONJ ειπερ1512 COND εισιν1510 V-PAI-3P λεγομενοι3004 V-PPP-NPM θεοι2316 N-NPM ειτε1535 CONJ εν1722 PREP ουρανω3772 N-DSM ειτε1535 CONJ επι1909 PREP | γης1093 N-GSF | [γης]1093 N-GSF VAR: της3588 T-GSF γης1093 N-GSF :END | ωσπερ5618 ADV εισιν1510 V-PAI-3P θεοι2316 N-NPM πολλοι4183 A-NPM και2532 CONJ κυριοι2962 N-NPM πολλοι4183 A-NPM
    1Co 8:6 αλλ235 CONJ ημιν1473 P-1DP εις1520 A-NSM θεος2316 N-NSM ο3588 T-NSM πατηρ3962 N-NSM εξ1537 PREP ου3739 R-GSM τα3588 T-NPN παντα3956 A-NPN και2532 CONJ ημεις1473 P-1NP εις1519 PREP αυτον846 P-ASM και2532 CONJ εις1520 A-NSM κυριος2962 N-NSM ιησους2424 N-NSM χριστος5547 N-NSM δι1223 PREP ου3739 R-GSM τα3588 T-NPN παντα3956 A-NPN και2532 CONJ ημεις1473 P-1NP δι1223 PREP αυτου846 P-GSM
    لاحظ كلمة الهة, اله,باللون الاحمر وهى التى كتبت عن الاب, اما عن المسيح فاستعملت الكلمة باللون الاخضر وتعنى سيد
    النص الثانى تيموثاوس الاولى
    1Ti 2:5 لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ،
    1Ti 2:5 εις1520 A-NSM γαρ1063 CONJ θεος2316 N-NSM εις1520 A-NSM και2532 CONJ μεσιτης3316 N-NSM θεου2316 N-GSM και2532 CONJ ανθρωπων444 N-GPM ανθρωπος444 N-NSM χριστος5547 N-NSM ιησους2424 N-NSM
    نعتقد ان القارىء حفظ تلك الكلمات اليونانية من كثرة ماكررناها ولم يحتاج ترجمة , والان نتحدث عن بولس
    عبارات بولس التي يظن عادة أنها نص منه على تأليه المسيح، لا تخرج عن أحد ثلاثة أمور:
    ـ إما هي ترجمة احتمالية مرجوحة للنص اليوناني الأصلي، الذي يمكن أن يترجم بصورة أخرى، تبعا للتغُّير المحتمل للموضع، المشكوك به، للفاصلة أو النقطة في النص الأصلي، مما يجعل العبارة تتغير تغيرا تاما من نص على إلهية المسيح إلى كلام عن إلهية الله تعالى الآب!.
    ـ أو هي عبارات مجازية، من الخطأ فهمها على معناها الحرفي الظاهر، و ذلك بدلالة سياق الكلام، و بدلالة القرائن الأخرى، كملاحظة موارد استعمال بولس لنفس هذه الألفاظ في المواضع الأخرى من رسائله، مما يبين أن المراد الحقيقي لبولس من هذه الألفاظ هو معنى مجازي استعاري و ليس المعنى الحرفي.
    ـ أو هي عبارة تتضمن وصف المسيح بلفظة مشتركة، مثل لفظة: " الربّ "، التي أحد معانيها هو الله، لكن لها معنى آخر هو: السيد، مع وجود قرائن تؤكد أن بولس يريد منها هذا المعنى الثاني غير التأليهي.
    لا توجد في رسائل بولس أي عبارة أو نص صريح قاطع في تأليه للمسيح، بمعنى اعتباره الله تعالى نفسه الذي تجسد و نزل لعالم الدنيا، بل على العكس، نجد في رسائل بولس، نصوص واضحة و محكمة لا تحتمل أي تأويل، تؤكد أن عقيدة الرجل كانت توحيدية محضة، حيث يؤكد على تفرّد الله تعالى (الآب) بالإلـهية و الربوبية و الخالقية و استحقاق العبادة، و أنه وحده الإلـه الخالق الحكيم القدير بذاته، الذي لم يُرَ و لا يُرَى، الذي أبدع المخلوقات لوحده و أوجد جميع الكائنات بمن فيهم المسيح نفسه، الذي يعتبره بولس بكر كل خليقة، أي أول مخلوقات الله عز و جل، و يصرح بولس بأن الله تعالى إله المسيح و سيده.
    نعم يعتقد بولس أن الله تعالى، خلق بالمسيح و فيه سائر الكائنات، أي ينظر للمسيح بمنظار اللوجوس في الفلسفة الأفلوطينية الحديثة التي ترى ـ حسب نظرية الفيض ـ أن اللوجوس (العقل الكلي) هو أول ما فاض عن المبدأ الأول (الله ) و به و فيه وجدت سائر الكائنات، فبولس يرى أن المسيح هو ذلك الكائن الروحي الوسيط الذي فاض عن الله و به و فيه خلق الله سائر الكائنات، و اتخذه الله ابنا حبيبا و جعله الواسطة بينه و بين خلقه، ثم صيره في آخر الزمن، في الميعاد المقرر أزلا، إنسانا بشرا، و أرسله لخلاص بني الإنسان، بعمله التكفيري العظيم، الذي تجلى ـ حسب قول بولس ـ بآلامه و سفك دمه و موته على الصليب، تكفيرا لخطايا البشر و فداء لهم بنفسه، فكرمه الله تعالى لأجل ذلك، و مجَّده و رفع قدره فوق كل الكائنات و أجلسه عن يمينه فوق عرشه (يتفق النصارى هنا على تنزيه الله تعالى عن حدود المكان و الزمان و يفهمون هذه العبارات على نحو غير تجسيمي ) و جعله شفيعا للمؤمنين و قاضيا و حاكما بينهم يوم الدين، ثم ليخضع في النهاية لأبيه الروحي و خالقه و إلهه: الله تعالى الذي هو ـ حسب تعبير بولس ـ الكل في الكل.
    أقاويل بولـــس الصريحة في نفي إلـــهية المســيح و إفراد الله تعالى وحده بالألوهية
    " و هناك رب واحد و إيمان واحد و معمودية واحدة، و إلــهٌ واحدٌ أبٌ لجميع الخلق و فوقهم جميعا يعمل بهم جميعا و هو فيهم جميعا "
    Eph 4:5 εις1520 A-NSM κυριος2962 N-NSM μια1520 A-NSF πιστις4102 N-NSF εν1520 A-NSN βαπτισμα908 N-NSN
    Eph 4:6 εις1520 A-NSM θεος2316 N-NSM και2532 CONJ πατηρ3962 N-NSM παντων3956 A-GPM ο3588 T-NSM επι1909 PREP παντων3956 A-GPM και2532 CONJ δια1223 PREP παντων3956 A-GPM και2532 CONJ εν1722 PREP πασιν3956 A-DPM

    يقول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي (4 / 6 ـ 7 ):
    " لا تكونوا في هم من أي شيء كان. بل في كل شيء لترفع طلباتكم إلى الله بالصلاة و الدعاء مع الشكر. فإن سلام الله الذي يفوق كل إدراك يحف قلوبكم و أذهانكم في المسيح يسوع "
    فطلب الحوائج و الصلاة و الدعاء و الشكر يجب رفعها لله تعالى، لكي ينزل الله سكينته على المؤمنين بواسطة المسيح و لكي يثبت قلوبهم ـ في المصاعب ـ على الإيمان و الثقة بالمسيح و محبته.
    و يقول في رسالته إلى أهل أفسس (3 / 14 ـ 20 ) :
    " لهذا أجثو على ركبتي للآب، فمنه تستمد كل أسرة اسمها في السماء و الأرض، و أسأله أن يهب لكم، على مقدار سِـعَة مجده، أن تشتدوا بروحه ليقوى فيكم الإنسان الباطن [4] و أن يقيم المسيح في قلوبكم الإيمان، حتى إذا تأصلتم في المحبة و أسسـتم عليه، أمكنكم أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض و الطول و العلو و العمق و تعرفوا محبة المسيح التي تفوق كل معرفة فتمتلئوا بكل ما لله من كمال. ذاك الذي يستطيع بقوته العاملة فينا أن يبلغ ما يفوق كثيرا كل ما نسأله و نتصوره، له المجد في الكنيسة و في المسيح يسوع على مدى الأجيال و الدهور آمين
    فبولس يؤكد أن الصلاة (الجثو على الركبتين )، إنما هي للآب فقط، لأنه منه وحده يستمد كل شيء اسمه و وجوده كما أنه بيده تعالى قلوب العباد و منه تعالى الثبات و التوفيق و الهداية التي ينزلها على من يشاء بواسطة الملائكة و المسيح، فالمسيح هو مَجرَى الفيض و واسطة المدد فحسب، لذا فالتسبيح و المجد لله تعالى المعطي و المفيض، و يا ليت النصارى يأخذون بهذا و يكفون عن عبادة المسيح، و الجثو للصلبان و التماثيل !
    و يقول في رسالته الثانية إلى أهل قورنتس (1/ 3 ـ 4 و 9 ـ 10 ):
    " تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، أبو الرأفة و إلـه كل عزاء، فهو الذي يعزينا في جميع شدائدنا لنستطيع، بما نتلقى نحن من عزاء من الله أن نعزي الذين هم في أية شدة كانت... لئلا نتكل على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات، فهو الذي أنقذنا من أمثال هذا الموت و سـيُـنـقِـذُنا منه: و عليه جَعَـلْـنَا رجاءَنا بأنه سينقذنا منه أيضا. "
    2Co 1:2 χαρις5485 N-NSF υμιν4771 P-2DP και2532 CONJ ειρηνη1515 N-NSF απο575 PREP θεου2316 N-GSM πατρος3962 N-GSM ημων1473 P-1GP και2532 CONJ κυριου2962 N-GSM ιησου2424 N-GSM χριστου5547 N-GSM
    أما أن المسيح عليه السلام مخلوق لله فقد جاء واضحا في رسالة بولس إلى أهل قولسي (أو كولوسي ) (1 /15 ) حيث قال يصف المسيح:
    " هو صورة الله الذي لا يرى و بكر كل خليقة "
    Col 1:15 ος3739 R-NSM εστιν1510 V-PAI-3S εικων1504 N-NSF του3588 T-GSM θεου2316 N-GSM του3588 T-GSM αορατου517 A-GSM πρωτοτοκος4416 A-NSM-S πασης3956 A-GSF κτισεως2937 N-
    أما عبارة صورة الله الذي لا يرى، فسأتكلم عنها مفصلا عندما سنتعرض بعد قليل لتفنيد الشبهات التي يتمسك بها المؤلهون للمسيح من كلمات بولس، أما مرادنا من العبارة فهو وصف المسيح بأنه " بكر كل خليقة " التي تصرح بأن المسيح هو باكورة خليقة الله أي أول مخلوقات الله المتصدر لعالم الخلق، و بديهي أن المخلوق عبد لخالقه و لا يكون إلـها أبدا.
    و أما أن اللهَُ تعالى إلـهُ المسيح فقد جاء صريحا في قول بولس في رسالته إلى أهل أفسس (1 / 16 ـ 17 ):
    " لا أكف عن شكر الله في أمركم، ذاكرا إياكم في صلواتي لكي يهب لكم إلــهُ ربِّنا يسوع المسيحِ، أبو المجد، روحَ حكمة يكشف لكم عنه تعالى لتعرفوه حق المعرفة "
    Eph 1:17 ινα2443 CONJ ο3588 T-NSM θεος2316 N-NSM του3588 T-GSM κυριου2962 N-GSM ημων1473 P-1GP ιησου2424 N-GSM
    فهذا بيان صريح في أن الله تعالى، أبا المجد، هو إلــهُ يسوع، و بالتالي يسوع عبده، و هذا نفي قاطع لإلـهية المسيح لأن الإله لا يكون له إلـه !
    و أما أن المسيح يستمد قوته من الله و يخضع في النهاية، ككل المخلوقات، لله تعالى، فقد جاء صريحا في كلام بولس التالي، في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس (كورنثوس): (15 / 24ـ 28 ):

    " ثم يكون المنتهى حين يسلِّم (المسيحُ ) المُلْـكَ إلى اللهِ الآبِ بعد أن يكون قد أباد كل رئاسة و سلطان و قوة. فلا بد له (أي للمسيح ) أن يملك حتى ((يجعل جميع أعدائه تحت قدميه ))، و آخر عدو يبيده هو الموت، لأنه ((أخضع كل شيء تحت قدميه )). و عندما يقول: ((قد أخضع له كل شيء )) فمن الواضح أنه يستثني الذي أخضَعَ له كلَّ شيء. و متى أَخضَع له كل شيء، فحينئذ، يخضع الابن نفسه لذاك الذي أَخضَعَ له كلَّ شيء، ليكون اللهُ كل شيء في كل شيء. "
    1Co 15:28 وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.
    تظهر من هذا النص الحقائق التالية:
    ¨ أن المُلْكَ الحقيقيَ الأصيلَ لِلَّهِ الآبِ وحدَه، و أما السلطان و المُلْكُ الذي أوتيه المسيح، فهو من عطاء الله و موهبته، و هو أمانة لأداء رسالة محددة وفق مشيئة الله، ثم يسلم المسيح فيما بعد الأمانة لصاحبها الحقيقي.
    ¨ أن المسيح لم يخـضِع شيئا من قوات الشر في العالم بقوته الذاتية، بل الله تعالى هو الذي أخضعها له.
    ¨ أن المسيح نفسَه، بعد أن ينصره الله على قوى الشر و يجعلها تحت قدميه، سيخضع بنفسه لله ليكون الله تعالى وحده الكل في الكل.
    و كل نقطة من هذه النقاط الثلاث تأكيد واضح على عدم إلـهية المسيح و كونه محتاجا لله و خاضعا له سبحانه و تعالى، و على انحصار الإلهية بالله الآب وحده.
    و هاك قول آخر لبولس يؤيد أيضا ما قلناه، قال في رسالته الثانية إلى كورنثوس (13 /4 ):
    " أجل، قد صُـلِبَ (أي المسيح ) بضعفه، لكنه حيٌ بقوة الله. و نحن أيضا ضعفاء فيه، و لكننا سنكون أحياء معه بقدرة الله فيكم. "
    فما أصرح هذه العبارة في تأكيد عبودية المسيح لله و عدم إلـهيته، حيث يقول أنه أي المسيح ضعيف بنفسه لكنه حي بقوة الله تعالى، مثلنا نحن الضعفاء بأنفسنا و لكن الأحياء بقوة الله تعالى.
    و أما أن اللهَ تعالى سيدُ المسيح و مولاه الآمرُ له، فجاء واضحا في قول بولس في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس أيضا (11 / 3 ):
    " و لكني أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح و رأس المرأة هو الرجل و رأس المسيح هو الله ".
    من الواضح أنه ليس المراد هنا بالرأس، معناه الحقيقي، بل المراد معنىً مجازيٌّ للرأس هو "الرئيس المُطاع و السيد الآمر" [5]. فهذا النص يقول أنه كما أن الرجل هو سيد المرأة و رئيسها القوام عليها و الذي ينبغي عليها إطاعته [6]، فكذلك المسيح عليه السلام سيد الخلق (في عصره) الذي ينبغي على الناس إطاعته و الامتثال لأمره، و الله تعالى سيد المسيح و رئيسه و القوام عليه، الذي يجب على المسيح إطاعته و الامتثال لأمره. أفليس هذا رد صريح للادعاء بأن المسيح هو الله ذاته أو أنه إله مماثل لأبيه؟‍‍‍‍‍! والترجمة الفرنسية تؤيد ذلك
    (FLS) Je veux cependant que vous sachiez que Christ est le chef de tout homme, que l'homme est le chef de la femme, et que Dieu est le chef de Christ.
    تأكيد بولس الدائم، على الغـيـريـّة الكاملة بين الله تعالى و المسـيح عليه السلام و التعبير عنهما دائما ككائنين اثنين و شخصين منفصلين :
    من أوضح الأدلة على عدم اعتقاد بولس إلـهية المسيح ما يظهر في كل عبارة من عبارات رسائله من فصل و تمييز واضحين بين الله، و الذي يعبر عنه غالبا بالآب أو أبينا، و المسيح الذي يعبر عنه غالبا بالرب أو ربنا، و اعتبارهما شخصين اثنين و كائنين منفصلين. و توضيح ذلك أن بولس يؤكد أن الله واحد أحد لا إله غيره، كما مر، كما يؤكد ألوهية الآب، و يؤكد أن المسيح غير الآب، فبالنتيجة لا يمكن أن يكون المسيح إلـها ـ في نظر بولس ـ لأنه لو كان إلـها لصار هناك إلـهين اثنين، طالما أن المسيح غير الآب، و هذا ما يؤكده بولس عندما يؤكد أن الله واحد لا إله غيره. و أعتقد أن المسألة واضحة لا تحتاج لتأمل كبير! و الشواهد على هذا الموضوع ـ أعني أن الله غير المسيح و أنهما اثنين ـ من كلام بولس، كثيرة جدا، مر بعضها فيما سبق، و نضيف هنا بعض الشواهد الأخرى لمزيد من التوضيح:

    الديباجة الدائمة التي يفتتح بها بولس رسائله فيقول:
    " عليكم النعمة و السلام من لدن الله أبينا و الرب يسوع المسيح " [7]
    في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس (3 / 22 ):
    " كل شيء لكم و أنتم للمسيح و المسيح لله "
    شبهات المؤلهين للمسيح من عبارات بولـــس و الرد عليها
    الشبهة الأولى
    قول بولس عن المسيح: " و هو فوق كل شيء إلـهٌ مباركٌ أبد الدهور ". الرسالة إلى أهل رومة: 9/ 3 ـ 5.
    الرد على هذه الشبهة:
    في البداية ننقل تمام الفقرة التي جاءت ضمنها تلك الجملة. يقول بولس:
    " لقد وددت لو كنت أنا نفسي محروما و منفـصلا عن المسيح في سبيل أخوتي بين قومي باللحم و الدم، أولـئك الذين هم بنو إسرائيل و لهم التبني و المجد و العهود و التشريع و العبادة و المواعيد و الآباء، و منهم المسيح من حيث إنه بشر، و هو فوق كل شيء إلـه مبارك أبد الدهور. آميــن ".
    و الآن أقول: إن العبارة التي وضعتُ تحتها خط، عبارةٌ مختلف في ترجمتها. أي أن الأصل اليوناني للعبارة يمكن قراءته على نحو آخر، كما أشارت لذلك الترجمة الفرنسية الحديثة المراجعة للعهد الجديد في حاشيتها فقالت ما نصه:

    " On peu traduire aussi: De qui est issue le Christ
    selon la chair. Que le Dieu qui est au-dessus de toute choses soit beni eternellment. Amen " [9] a

    و ترجمته : " نستطيع أن نترجم أيضا (على النحو التالي ): و منهم المسيح حسب الجسد. تبارك الله الذي هو فوق كل شيء أبد الدهور. آميـن."
    في هذه القراءة نلاحظ أن الكلام من عند: و منهم المسيح... ينتهي بعبارة: بحسب الجسد." ثم نقطة. ثم تبدأ جملة مستأنفة جديدة هي: " تبارك الله الذي هو فوق كل شيء.. الخ."، و عليه فالكلام، في هذه القراءة، ليس فيه أي تأليه للمسيح.
    هذا و لقد أحسَـنَت الترجمة الإنجليزية العصرية المراجَعة للعهد الجديد، حيث لم تذكر هذه القراءة الثانية في الحاشية، بل جعلتها هي الأصل و هي الترجمة الصحيحة المختارة فترجمت العبارة في المتن كالتالي:

    “ And Christ , as a human being , belongs to their race. May God , who rules over all , be praised for ever. Amen“ [10
    و ترجمته: " و المسيح، ككائن بشري ينتمي لعرقهم. ليتبارك الله الذي يحكم فوق الجميع للأبد. آمين. ".
    (GNT-BYZ+) ων3739 R-GPM οι3588 T-NPM πατερες3962 N-NPM και2532 CONJ εξ1537 PREP ων3739 R-GPM ο3588 T-NSM χριστος5547 N-NSM το3588 T-NSN κατα2596 PREP σαρκα4561 N-ASF ο3588 T-NSM ων1510 V-PAP-NSM επι1909 PREP παντων3956 A-GPN θεος2316 N-NSM ευλογητος2128 A-NSM εις1519 PREP τους3588 T-APM αιωνας165 N-APM αμην281 HEB
    ويمكن ترجمة النص اليونانى كذلك ( والذى فوق ذلك عليه بركات الله الى الابد)
    الشبهة الثانية
    قول بولـس: ".... منتظرين الرجاء المبارك و ظهور مجد الله العظيم و مخلصنا يسوع المسيح". رسالته إلى تيطس (2/13) بحسب النسخة البروتستانتية.

    الرد على هذه الشبهة:

    أولاً: العبارة، حتى في صورتها الحالية، لا تدل على ألوهية المسيح، لأن جملة: " و مخلصنا يسوع المسيح " معطوفة على الله العظيم بواو العطف التي تقتضي المغايرة، و العامل في الجملتين هو المصدر: ظهور، أي أن العبارة معناها كالتالي: منتظرين ظهور مجد الله و ظهور مخلصنا المسيح.

    ثم ينبغي أن نلاحظ أن الظهور سيكون لمجد الله لا لذات الله، و لا شك أن ظهور نبي الله و سيادته على العالم هو ظهور لمجد الله في الواقع،
    و ثانياً: ذكرت حاشية الترجمة العربية الحديثة الكاثوليكية للعهد الجديد، بإشراف الرهبانية ******ية تعليقا على هذه الفقرة، ما يلي:
    " منهم من يترجم: مجد إلـهنا العظيم. و مجد مخلصنا يسوع المسيح ". ثم حاول المحشي أن يثبت رجحان الترجمة الأولى التي في المتن و التي تؤكد حسب زعمه لاهوت المسيح. و كلا الادعائين خطأ. أما كون الترجمة الأولى تؤكد لاهوت المسيح فقد تبين بطلانه، و أما الدليل على عدم رجحان الترجمة الأولى فهو أن كل ما ذكرناه في الفصل السابق من نصوص عن بولـس يؤكد فيها تفرد الآب بالألوهية و أنه إلـه المسيح و خالقه، و أن المسيح عبده الطائع الخاضع لسلطانه، يوجب حمل كل عبارة لبولـس تحتمل معنيين ( أحدهما يجعل المسيح هو الله و الآخر لا يجعله الله ) على المعنى الذي لا يؤله المسيح لكي يبقى كلام بولـس متسقا مع بعضه منسجما غير متناقض. و بتعبير آخر، إن نصوص بولـس الصريحة المحكمة في نفي إلهية المسيح و إفراد الله الآب بالإلـهية، تحكم على النصوص المتشابهة، فتفسر المعنى المراد منها، و هذا ما يعبر عنه في علم التفسير الإسلامي بـرد المتشابه إلى المحكم.

    هذا و من المفيد أن نذكر أن الترجمة الإنجليزية العصرية المراجعة للعهد الجديد أوردت في حاشية هذا النص تعليقا يبين هذا الاحتمال الثاني لترجمة العبارة من الأصل اليوناني فقالت:


    “ Or: (The Glory of ) the Great God and our Savior Jesus Christ “

    أي: " أو (مجد ) الله العظيم و (مجد) مخلصنا يسوع المسيح ".
    ولذلك شاهد هو
    Mat 16:27 فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.
    الشبهة الثالثة
    قول بولـس: " الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى للملائكة، كُرِزَ به بين الأمم، أومِنَ به في العالم، رُ فِـع في المجد ". رسالته إلى تيموثاوس (3/ 16 ) كما في الترجمة التقليدية البروتستانتية.
    الرد على هذه الشبهة:
    سبق شرح ان هذا النص غير موجود وتم حذفه

    الشبهة الرابعة
    وصف بولس للمسيح بأنه " صورة الله ".

    الرد على هذه الشبهة :
    قبل تفنيد هذه الشبهة، يجدر بنا أن نذكر الفقرات التي جاء تعبير بولس هذا ضمنها. فالأول جاء في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس (4 / 3 ـ 4) كما يلي :
    " فإذا كانت بشارتنا محجوبة، فهي محجوبة عن السائرين في طريق الهلاك. (محجوبة ) عن غير المؤمنين، الذين أعمى أبصارهم إلـه هذه الدنيا لئلا يبصروا نور بشارة مجد المسيح و هو صورة الله ".
    و الموضع الثاني جاء في رسالته إلى أهل فيليبي (2 / 5 ـ 8 ) :
    " فليكن فيما بينكم الشعور الذي هو أيضا في المسيح يسوع، فمع أنه في صورة الله لم يعد مساواته لله غنيمة بل تجرد من ذاته متخذا صورة العبد و صار مثال البشر و ظهر في هيئة إنسان فوضع نفسه و أطاع حتى الموت موت الصليب
    و الآن نقول: إن وصف بولس للمسيح بأنه " صورة الله "، ليس فيه أي تأليه للمسيح، لأن هذه الصفة تكررت بعينها مرات عديدة نجد بولس يعبر عن الرجل ـ كل رجل ـ بأنه " صورة الله " فيقول مثلا في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس (11 / 7 ):
    " و أما الرجل فما عليه أن يغطي رأسه لأنه صورة الله و مجده "
    " أما الآن فألقوا عنكم أنتم أيضا كل ما فيه غضب و سخط و خبث و شتيمة. لا تنطقوا بقبيح الكلام و لا يكذب بعضكم بعضا، فقد خلعتم الإنسان القديم و خلعتم معه أعماله، و لبستم الإنسان الجديد ذاك الذي يجدد على صورة خالقه ليصل إلى المعرفة " رسالة بولس إلى أهل قولسي: 3 / 8 ـ 10.
    فإذا كانت صفة " صورة الله" تقتضي الألوهية، فبمقتضى كلام بولس نفسه ينبغي أن يكون جميع القديسين بل جميع الرجال آلهة! و هذا ما لا يتفوه به عاقل و لا يشك في بطلانه أحد.
    هذا أولا، و ثانيا: إذا نظرنا إلى تتمة كلام بولس، ظهر لنا بكل وضوح انتفاء قصد إلـهية المسيح و استحالة كون المسيح هو الله في نظر بولس، حيث قال: " فوضع نفسه و أطاع حتى الموت موت الصليب، لذلك رفعه الله إلى العلى و وهب له الاسم الذي يفوق جميع الأسماء..." فيليبي: 2 / 8 ـ 9.
    فعبارات أنه مات ثم رفعه الله إلى العلا و وهب له الاسم... تصيح بأعلى صوتها أن المسيح ليس الله بل عبد لله، محتاج له، و ليس بإلـه، لأن الإلـه لا يموت و لا يحتاج لمن يرفعه للعلا، و لا لمن يهبه أي شيء !

    الشبهة الخامسة
    قول بولس عن المسيح: " فقد حسن لدى الله أن يحل به الكمال كله "، ثم قوله: " فـفـيه (أي في المسيح) يحل جميع كمال الألوهية حلولا جسديا "
    الرد على هذه الشبهة:
    إذا رجعنا لرسائل بولس، عرفنا أن مقصوده من حلول الكمال الإلـهي في شخص ما، ليس معناه أبدا حلول الذات الإلـهية فيه أو اتحادها به و تحول الشخص لله!!:
    " أما أنتم فلستم تحيون بالجسد، بل في الروح لأن روح الله حال فيكم "
    و يقول أيضا في رسالته إلى أهل أفسس:
    "... و تعرفوا محبة المسيح التي تفوق كل معرفة، فتمتلئوا بكل ما في الله من كمال "
    و من الواضح أن بولـس لا يدعو مسيحيي أفسس أن يصبحوا الله و لا بأن ذات الإلـه حالة في المؤمنين من أهل رومية! و إنما يريد بعباراته: " حلول الكمال الإلـهي " أو " حل به كمال الله " أو " روح الله حال فيه " التعبير عن التأييد الإلـهي للمؤمنين و أن روح الله بمعنى المحبة و القداسة و الأناة و الشفقة و العدل و الحكمة و... الكمالات الإلهية صارت إليهم و معهم و بهم، فصاروا مع الله منقطعين عن أنفسهم و ذواتهم و أهوائهم و عن سائر الأغيار، فانين بكليتهم في الله و إرادته.

    الشبهة السادسة
    تعبير بولس عن المسيح بـ "ابن الله"

    الرد على هذه الشبهة:

    لعل ما ذكرناه سابقا في الفصل الماضي من بيان مقصود لغة الكتاب المقدس من عبارة ابن الله يكفي لتفنيد هذه الشبهة [15] ، حيث يستخدم بولس نفس لغة و تعبيرات الكتاب المقدس، و لكن لمزيد من الإيضاح نورد هنا أقوال لبولس نفسه يعبر فيها عن المؤمنين البارين القديسين بأنهم أبناء الله، فقد قال مثلا في رسالته إلى أهل رومية (8 / 13 ـ 17):

    "... لأنكم إذا حييتم حياة الجسد تموتون أما إذا أمتم بالروح أعمال الجسد فستحيون. إن الذين ينقادون لروح الله يكونون أبناء الله حقا. لم تتلقوا روح عبودية لتعودوا إلى الخوف بل روح تَـبَـنٍّ به ننادي: أبا، يا أبـتِ ! و هذا الروح نفسه يشهد مع أرواحنا بأننا أبناء الله. فإذا كنا أبناء الله فنحن ورثة: ورثة الله و شركاء المسيح في الميراث لأننا إذا شاركناه في آلامه نشاركه في مجده أيضا ".

    و قال في رسالته إلى أهل غلاطية (3 / 26):

    " لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع ".

    فالتعبير عن الشخص بابن الله إشارة لمرتبة روحية لا لطبيعة تكوينية. ولو كان مقصود بولس من بنوة المسيح لله شيء آخر، أي طبيعة تكوينية، لما أجاز مشاركة المؤمنين الصالحين للمسيح فيها حين قال: و شركاء المسيح في الميراث، إذ من المسلَّم به قطعا أن بولس لا يزعم أن الصالحين يصيرون بصلاحهم آلهة!!، فلا يبقى إلا المشاركة في المرتبة الروحية و الدنو من الله و الاختصاص التام به حتى يكونوا فعلا كمنزلة الابن من أبيه.

    الشبهة السابعة
    تعبير بولس عن المسيح بـِ " الربّ "

    الرد على هذه الشبهة :

    كلمة " الرب " هي عبارة بولس المفضلة عندما يشير إلى المسيح عليه السلام، و هو يكررها في رسائله كثيرا، خاصة في افتتاحيات رسائله حين يقول مثلا: "عليكم النعمة و السلام من لدن أبينا و الرب يسوع المسيح، تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح... " (2 قورنتس: 1/2 ـ3)، أو قوله: " و يشهد كل لسان أن يسوع المسيح هو الرب " (فيليبي: 2/1)... الخ.
    و الحقيقة أن وصف المسيح بالربّ أو بربِّنا، لا يقتصر على بولس بل يقول به جميع أصحاب رسائل العهد الجديد الآخرين أيضا، أي القديسون يوحنا و بطرس، و يهوذا و يعقوب يعنون بها معنى المعلم و السيد المطاع أمره، فكلمة الرب كانت وصفا لمنزلة المسيح الرسالية النبوية التعليمية و مقامه ومنصبه الذي أقامه الله فيه، لا وصفا لطبيعته أو تحديدا لجوهر ذاته.
    فقد جاء في إنجيل يوحنا أن اليهود كانوا يخاطبون النبي يحيى عليه السلام بعبارة :"رابِّـي " (يوحنا: 3/26) ، و من الواضح أن أحدا لم يقصد ألوهية يحيى عليه السلام .
    كما جاء في نفس الإنجيل (يوحنا: 1/38) أيضا ما نصه:
    " فقالا (للمسيح): ربِّـي!، الذي تفسيره يا معلم، أين تمكث؟ "
    [ ملاحظة: جملة: (الذي تفسيره يا معلم) المعترضة، هي ليوحنا نفسه مؤلف الإنجيل و ليست لأحد من الشراح، فهي من متن الإنجيل نفسه وليست مضافة] .
    و جاء في إنجيل يوحنا كذلك (20 / 16) :
    " قال لها: يا مريم! فالتفتت إليه و قالت له ربوني الذي تفسيره: يا معلم ".
    و جاء أيضا في إنجيل يوحنا (13/ 13 ـ 14)أن المسيح قال لتلامذته:
    " أنتم تدعوني " المعـلِّـم و الـرب " و أصبتم فيما تقولون فهكذا أنا. فإذا كنت أنا الرب و المعلم قد غسلت أقدامكم فيجب عليكم أنتم أيضا أن يغسل بعضكم أقدام بعض ".
    لكن النسخة التقليدية القديمة (البروتستانتية)للعهد الجديد ترجمت نفس تلك الآيات كالتالي:
    " أنتم تدعوني معلماً و ســيـداً و حسنا تقولون لأني أنا كذلك، فإن كنت وأنا الســيـد و المعلم غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أقدام بعض"
    إذاً ما ترجم بالسـيِّـد في الترجمة التقليدية القديمة، ترجم بالـربّ في الترجمة الحديثة، أي اختيرت لفظة الرب بدلا من السيد لترجمة الأصل اليوناني، مما يؤكد أن المقصود بالأصل من كلمة الرب هو معنى السيد و أنهما مترادفان.
    و جاء في إنجيل لوقا (20 / 41 ـ 44) أن المسيح عليه السلام قال لليهود:
    " كيف يقال للمسيح أنه ابن داود و داود نفسه يقول في كتاب المزامير: "قال الرب لـربـِّي: اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك"؟ فداود نفسه يدعو المسيح ربا، فكيف يكون المسيح ابنه؟ ".
    في هذا النص يستند المسيح عليه السلام لآية في مزامير داود (الزبور) يعتبرها بشارة عنه، فإذا رجعنا لمزامير داود في العهد القديم وجدنا أن البشارة هي الآية الأولى من المزمور رقم 110، و لفظها ـ كما في الترجمة الكاثوليكية الحديثة ـ:
    " قال الرب لسـيّدي اجلس عن يميني حتىأجعل أعداءك موطئا لقدميك" العهد القديم / ص 1269.
    فما عبر عنه المسيح بلفظة ربي هو في الحقيقة بمعنى سيدي و لا حرج فالمقصود واحد.
    لذلك نجد أن الترجمات العربية المختلفة للعهد الجديد، خاصة القديمة منها كانت تستخدم لفظة السيد في مكان لفظة الرب، و لفظة المعلم في مكان لفظة رابِّـي. و فيما يلي أمثلة مقارنة تدل على ما نقول، أخذناها من ثلاث ترجمات مختلفة للعهد الجديد هي التالية (من الأقدم إلى الأحدث):

    • الترجمة البروتستانتية القديمة التي قامت بها: جمعية التوراة البريطانية و الأجنبية، طبع كامبريدج، بريطانيا. و رمزتُ لها بالترجمة البريطانية البروتستانتية.
    • الترجمة المسماة: كتاب الأناجيل المقدسة. طبع المطبعة المرقسية الكاثوليكية بمصر في عهد رئاسة الحبر الجليل الأنبا كيرلِـس الثاني بطريرك المدينة العظمى الإسكندرية و سائر الكرازة المرقسية، سنة 1902 مسيحية. و رمزتُ لها بالترجمة المصرية الكاثوليكية.
    ومن ناحية أخرى إذا رجعنا إلى القاموس العبري ـ العربي [16] نرى أن لفظة الرب العبرية تعني: [[ حاخام، معلم، وزير، ضابط، سيد ]].
    موضع الشاهد الترجمة البريطانية البروتستانتية الترجمة المصرية الكاثوليكية الترجمة البيروتية ******ية
    إنجيل يوحنا: 1/ 49 أجاب نثنائيل و قال له: يا معلم ! أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل. أجاب ناثانائيل و قال له: رابي ! أنت هو ابن الله أنت ملك إسرائيل. أجابه نتنائيل: رابي ! أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل.
    إنجيل يوحنا: 3/ 1 ـ 2
    هذا جاء إلى يسوع ليلا و قال له: يا معلم نعلم أنك قد أتيت من الله معلما لأنه ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه. فجاء إلى يسوع ليلا و قال له: رابي ، نحن نعلم أنك أتيت من الله معلما لأنه ليس يقدر أحد أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل ما لم يكن الله معه. فجاء إلى يسوع ليلا و قال له: رابي ، نعلم أنك جئت من لدن الله معلما فما من أحد يستطيع أن يأتي بتلك الآيات التي تأتي بها إن لم يكن الله معه.
    إنجيل يوحنا: 4 / 11.
    قالت له: يا ســيـد ! لا دلو لك و البئر عميقة فمن أين لك الماء الحي؟ قالت له الامرأة: يا ســيـدي ! إنه لا مستقى لك و البئر عميق فمن أين لك الماء الحي؟ قالت له المرأة: يا رب ! لا دلو عندك و البئر عميقة، فمن أين لك الماء الحي؟
    هذا بعض مما قاله بولس , فلماذا لم يذكره الاباء ولو حتى للتعليق عليه؟ وربما كان هذا الفهم لبولس هو مافهمه اريوس والنسطوريون وغيرهم , وسنفصل ذلك عند الحديث عن تاريخ المسيحية, والان مع شاهد اخر يتحدث عن بولس
    الخديعة الكبرى
    تأليف د. روبرت كيل تسلر
    التناقض بين عيسى وبولس لدى قادة الفكر وكبار رجال اللاهوت وبعض أهل الإختصاص
    1-ما يثير العجب العجاب هو كيفية ثبات رجال اللاهوت على هذا الدين رغم وجود الهوة السحيقة بين تعاليم عيسى وبولس،
    وهذا أمر مؤكد منذ بزوغ فجر المسيحية الأولى، الأمر الذي يعرفه جيداً كل رجل دين إلا أنه يخفي عن شعب الكنيسة وطوائفها، على الرغم من إدراك معظم قراء الكتاب المقدس لوجود تناقضات به، ومع ذلك يفضلون إضطرابات الفكر وتصدعاته عن الإعتراف بتناقض واحد، ثم تحمُّل نتائج هذه العاقبة.
    2- لذلك كان لزاماً علينا هنا أن نشير بكل وضوح إلى التناقض الحاد بين أفكار عيسى وتعاليمه وبين مثيلتها عند بولس، الأمر الذي أقره أكبر المفكرين وأبرزوه جيداً .
    3- بدأت سلسلة هؤلاء الكتاب المناهضين لبولس منذ وقت الإصلاح الديني، فظهر حينئذ: فيلكيف، ويعقوب ليفر، ورويشليكن، وإيرازموس وكارلشتات، وبيترو بمبو .
    4- لاحظ بولينجبروك Bolingbroke 1678 - 1751) وجود ديانتين في العهد الجديد : ديانة عيسى وديانة بولس
    5- أما رجل الدين والفلسفة المربى باول يبرلين
    في كتابه الإنجيل واللاهوت "Das Evangelium und die Theologie" صفحات 57 -67 ما يلي:
    " إن تعاليم بولس الشريرة المارقة عن المسيحية لتزداد سوءً بربطها موت المسيح عيسى فداءً برحمة الله التي إقتضت فعل ذلك مع البشرية الخاطئة. فكم يعرف الإنجيل نفسه عن ذلك !
    فهو ينادي برحمة الله وبرِّه الإجباري، الأمر الذي لا يمتد بصلة إلى مقومات البر، ولا إلى الرحمة نفسها، حيث لا تجتمع الرحمة والبر الإجبارى. كما نرى أن إدخال الشيطان في العلاقة بين الله والإنسان لها مكانة خاصة في تعاليم بولس بشأن الخلاص، فنجدها ترتبط عنده بآدم، ومرةأخرى بواقع "الشريعة اليهودية" . .(وسنعود لهذا الموضوع بإستفاضة فيما بعد)
    "إن أفكار بولس عن الفداء لتصفع بشارة الإنجيل على وجهها. فمسيح الإنجيل هو الفادي، ولكن ليس له علاقة بذلك الفداء الذي يفهمه بولس والذي أصبح مفهوماً بسبب خصائصه المطلقة. أما مَن يعتنقها فيكون بذلك قد ابتعد عن رسالة المسيح عيسى .
    فالإنسان لا يمكن أن يتقبل رسالة الله المتعلقة بالرحمة الإجبارية، ويؤمن في نفس الوقت أنها شيطانية، الأمر الذي تنادي به تعاليم بولس بشأن العلاقة بين أهمية المسيح عيسى وبين آدم .
    وليس للمرء أن يفهم إرسال المسيح عيسى بصورة غير مسيحية أي كوحي منزل من الله ليزيل الخطيئة التي ارتكبها آدم في حق الله، وليس للمرء أيضاً أن يتعلق بفكرة الفداء هذه، لأن من يقترف مثل هذا الذنب يكون مصراً على اتباع الخطيئة الشيطانية ." " ونؤكد مرة أخرى أن تعاليم بولس الشيطانية هذه - تلك التي تبْرَأ منها المسيحية والتي تنادي بالخلاص من خطيئة آدم - لن تخفَّ حدتها، بل ستزداد بتعاليمه عن الرحمة . ".
    "وأقوى التعاليم عن اللاهوت الشيطاني وآخرها هي نظرية بولس بشأن اختيار الرحمة، وليس مهماً أن يختلف معها النشاط التبشيري للرسول، بل تكمن الأهمية في أنها تعارض الإنجيل نفسه . فإذا ما كانت رحمة الله إجبارية، فلابد لها إذن أن تشمل البشرية كلها، فلو لم يتنصر كل الناس في المستقبل، فسيرهق هذا المسيحي دائماً بدافع الحب في أن يكسب غير الأبرار إلى هذا البر، وإذا ما فشل فسيعتبر هذا قضاء الله، ولكنه سوف يراه بمثابة واقع إلهي."
    "وهذا يعني أنه سوف يؤمن برحمة الله. ولكنه سيتألم لأنه ليس كل المؤمنين بها من الأبرار، ويزداد هذا الألم عند إيمانه بأن كل شيء جميل أمام الله، سواء كان هذا كائناً موجوداً أو سيحدث هذا فيما بعد فهو حسن عند الله، فكيف لنا أن نصدر حكماً ضد ذلك."
    "أما تعاليم بولس فتقضي بالنقيض من ذلك
    6- وكتب كذلك رجل اللاهوت الذي يتمتع بشهرة خاصة أدولف هارنك في كتابه تاريخ العقائد Die Dogmengeschichte صفحة (93) موضحاً أن: "الديانة البولسية لا تتطابق مع الإنجيل الأساسي".
    7- كذلك انتهى رجل الدين إيمانويل هارتمان Emanuel Hartmann إلى أن مسيحية اليوم (وخاصة تعاليم الفداء) لا علاقة لها بالمسيح عيسى بن مريم ، ولكن ترجع أصولها إلى مؤسسها بولس .
    8- ويوضح بروفسور اللاهوت هاوسرات Hausrat في كتابه (بولس الحواري) " Der Apostel Paulus " أنه لو كان بولس قد بشر فعلاً بتعاليم المسيح عيسى ، لكان وضع أيضاً ملكوت الله في مركز بشارته . فهو يبدأ ديانته التي اخترعها بمفهوم كبش الفداء، فهو يرى أن الله قد أنزل شريعته لتزداد البشرية إثماً على آثامها .
    فما تقدره حق تقديره عند عيسى لا تراه يمثل شيئاً مطلقاً عند بولس، الذي تهبط الأخلاق عنده تحت مستوى الشريعة، بدلاً من أن يكملها، كما أراد عيسى ، لأن بولس كان يكره في الحقيقة كل جهد ذاتي .
    والأسوأ من ذلك أن تعاليم بولس قد صدقها الناس في الوقت الذي فعل فيه المسيح عيسى كل شيء من أجلنا .
    9- أما البروفسور دكتور كارل هيلتي Carl Hilty - فيلسوف ومحامي سويسري شهير- قد لفظ تعاليم بولسس عن الفداء الدموي نهائياً، ووصف تعاليمه عن " اختيار الرحمة " أنها " أحد أكثر أجزاء العقيدة المسيحية ظلاماً " ارجع إلى كتابه ( السعادة : Das Glück الجزء الثالث صفحات 167، 363 ) .
    10- ويؤكد بروفسور اللاهوت الشهير يوليشر Jülicher في كتابه ( بولس وعيسى Paulus und Jesus إصدار عام 1907 صفحات 52 / 72 ) أن الشعب البسيط لا يفهم تخريفات بولس الفنية ( اقرأها " التحايل والســفـســطة " ) ولا المتاهات التي تدخــلنا في أفكاره،
    فلم يعتبر عيسى نفسه مطلقاً أحد صور العبيد، ولم يتكلم البتة عن قوة تأثير موته : أي موته فداءً، ولم يشغله غير فكرة وجود أرواح طاهرة قبل موته (وقد تبنى بولس هذه الفكرة أيضاً).
    11- كذلك لاحظ يوليشر من القرائن التاريخية أن النقض كان موجها دائماً إلى بولس (ص13). ويضيف أيضا - وهو مُحِقٌ في ذلك - أنه كان من المتوقع أن نُعطي لعيسى الأولوية في ظل هذه التناقضات، إلا أن الكنيسة قد فعلت العكس تماماً، أي أنها فضلت بولس عن عيسى .
    12- كذلك توصل سورين كيركيجارد Sören Kierkegaard إلى أن السيادة التي نالتها ديانة بولس، ولم يتساءل عنها أحد (للأسف) هي التي غيرت العقيدة المسيحية الحقة من أساسها، وجعلتها غير مؤثرة بالمرة (إقتباس من المرجع السابق لــ Ragaz صفحة 19).
    13-كذلك وجد يواخيم كال Joachim Kahl - وهو أيضاً من رجال الدين - أن كل ما يسيء المسيحية فترجع أصوله إلى بولس .أما الكاتب يوحنا ليمان31أ Johnnes Lehmann فقد قال فىنهاية بحثه إن بولس قد قلب تعاليم عيسى رأساً على عقب (ص151 من كتابه Jesus Roport).
    كما ذكر في كتيب ( المسيحية ليست ديناً جديداً Das Christentum war nichts Neues) أن تعاليم بولس عن الفداء بل وديانته نفسها ليست إلا نسخة متطابقة مع الأديان الوثنية التي سبقت المسيحية ( مثل ديانات : أنيس، وديونيس، ومترا وغيرهم ) . وتمثل تعاليمه هذه قلب رسالته .
    14- وأكثر الناس معرفةً لهذه القرائن هو رجل الدين الكاثوليكي السابق والباحث الديني ألفريد لوازي Alfred Loisy، وهو قد ساق لنا التناقض الصارخ بين رسالة عيسى وتعاليم الفداء البولسية في أعماله الشاملة : le sacrifice Essai historique sur إصدار باريس عام 1920 وأيضاً Les mystères païens et le mystère chrètien إصدار باريس عام 1930.
    وقد صرح لوازي في أعماله المذكورة أن عيسى لم يكن لديه أدنى فكرة عن مثل هذا الدين الوثني الغامض، الذي أبدله بولس برسالته وعيسى منها بريء (وهو هنا يتكلم عن تحوُّل، وإبعاد، وتغيير).
    فقد أقام بولس المسيحية على قاعدة تختلف تماماً عن تلك التي بنيت عليها رسالة عيسى ، لذلك تحولت رسالة عيسى إلى ديانة من ديانات الخرافات الأسطورية، فقد جعل بولس عيسى في صورة المخلّص الفادي التي تعرفها الأديان الأخرى الوثنية، وفيما بعد سيطرت أسطورة الفداء هذه على إنجيل عيسى الذي لم يعتنقه العالم القديم، واعتنق بدلاً منه خرافة أخرى لا علاقة لعيسى بها .
    كذلك تحدث لوازي عن تحول بولس وإنسلاخه، وأكد أن فكرة هذه الديانة الوثنية الغامضة لم تكن فكرة عيسى ، الأمر الذي أبدل روح الإنجيل بروح أخرى تماماً.
    15- وقال القس البروتستانتي كورت مارتي Kurt Marti ؛ إن بولس قد غيّر رسالة عيسى تماماً (Exlibris Heft إصدار ديسمبر 1973 - صفحة 5) .
    16- وقال بروفسور اللاهوت الشهير فرانتس فون أوفربيك Franz Von Overbeck : "إن كل الجوانب الحسنة في المسيحية ترجع إلى عيسى ، أما كل الجوانب السيئة فهي من عند بولس " إقتباس من Ragaz من كتاب ( هل هذا إصلاح أم تقهقر ؟ Reformation vorwärts oder rükwärts? " صفحة 18 .
    17- ويرى بفيســترفي كتابه (المسيحية والخوف Das Christentum und die Angst صفحة 400) أن الإصلاح الديني هذا فضَل التمسك بتعاليم بولس عن الرسالة الحقة لعيسى .
    18- كما لاحظ بروفسور اللاهوت الشهير بفلايدرر O. Pfleiderer- بجانب العديد من الرسائل الأخرى المتعلقة بالموضوع - أن وجهة نظر بولس عن عملية الفداء الأسطورية بموت عيسى كانت غريبة تماماً عن الأمة المسيحية الأولى ( كما كانت غريبة أيضاً عن عيسى عليه السلام) (إرجع إلى نشأة المسيحية Die Entstehung des Christentums صفحة 146) .
    "إن وجهة النظر الغريبة التي تتعلق بموت المسيح عيسى تقضي بموت المسيحين ونشورهم بطريقة غامضة لم تكن معروفة عند الأمة المسيحية الأولى لذلك لم يَشتق مصطلح الفداء من كلمة التضحية .
    19- أما رينان Renan فقد وجد في عصره أن تعاليم عيسى مختلفة تماماً عن تعاليم بولس (ارجــع إلى كتــابه "الحــواريون" "Die Apostel" صفحة 193 طبعة Reclam).
    20- وكذلك تحدث بروفسور اللاهوت رينجلينج Ringeling في كتابه " الأخلاق " "Ethik" عن سفسطة بولس المتحايلة (صفحة 15).
    21- أما الكاتب الكاثوليكي ألفونس روزنبرج Alfons Rosenberg مؤلف في علم النفس واللاهوت - فقد تناول في كتابه (تجربة المسيحية Experiment Christentum" إصدار عام 1969) موضوع بولــس وأفرد له فصــلاً بعنوان "من يقذف بولس إلى خارج الكتاب المقدس؟ " وقد قال فيه :
    "وهكذا أصبحت مسيحية بولس أساس عقيدة الكنيسة، وبهذا أصبح من المستحيل تخيل صورة عيسى بمفرده داخل الفكر الكنسي إلا عن طريق هذا الوسيط .
    وهذا لا يثبت فقط مقدار الحجم الكبير لهذا الحواري ( بولس ) بل وخطورته أيضاً. فإن كان بولس قد نشر تعاليمه فقط دون تعاليم عيسى ، فإلى أين كانت إذن وجهتنا؟ فربما لا نكون مسيحيين بالمرة بل بولسيين؟
    كما يشهد بأهمية بولس الذي أصبح دون قصد مؤسس العقيدة المسيحية وذلك من خلال خطابات الإرشاد التي أرسلها إلى الطوائف المختلفة التي أسسها هو نفسه، وتُعَد رسالته إلى سَالونيكي هي أقدم ما نملكه له من أعمال .
    ومن اراد البقية فليرجع للكتاب الاصلى ,وما يعنينا من كل هذا هو ان نبرهن على ان مافهمه بولس ونقله عنه الاباء كما قال القس عبد المسيح ليس هو الفهم الوحيد للمسيحية –فضلا عن ان يكون الفهم الصحيح- وانما هناك فهم اخر على العكس منه تماما, فهمه من قبل اريوس وذكره الان من تحدثنا عنهم فى الخديعة الكبرى وكلهم علماء مسيحين متخصصين فى اللاهوت, وقد برهنا عليه من رسائل بولس نفسه.
    المبحث الثانى
    التجسد
    الله طرق اعلانه عن ذاته
    عوض سمعان
    الحاجة إلى ظهور الله للبشر
    يجب ان يلاحظ القارىء ان اسلوب الاستاذ سمعان بعيد كل البعد عن المنطق, فهو يفترض فروضا ويتبعها باستنتاجات ليوهم القارىء انه يستخدم المنطق ولكن الحقيقة غير ذلك, فقبل ان نقول( بما ان) اى نفترض, يجب ان نبرهن صحة الفرض الذى نبنى عليه الاستنتاج والا تهافت الاثنين معا, وفى استنتاجه الاول نوضح لك تلك الخديعة حيث يقول الاستاذ
    بما أن آدم، بسقوطه في الخطيئة، فقد حياة الاستقامة التي كان قد خُلق عليها أولاً، وفقد تبعاً لذلك امتياز الاتصال الروحي بالله ومعرفة ذاته ومقاصده معرفة صحيحة (لأنه ليست هناك علاقة بين الخطيئة والبر، أو الظلمة والنور)،
    من اين جاء ذلك الافتراض ؟ ومادليل صحته؟لم يقدم الاستاذ اى تبرير من العقل او من الكتاب ليدل على صحة افتراضه هذاورغم ذلك نجده يبنى عليه افتراضات باعتباره نتيجة بالمخالفة لكل قواعد المنطق المتعارف عليها
    وبما أننا بوصفنا نسل آدم، قد ورثنا بحكم قانون الوراثة،
    اى قوانين الوراثة ؟ قوانين علم الاحياء( التى درسناها فى كلية الطب ) تدل على وراثة الصفات الجسدية ولا يوجد قانون – على حد علمنا-لوراثة روحية, كان جديرا بالاستاذ ان يوضح لنا هذا القانون
    طبيعته الخاطئة، وعَجزْنا مثله عن الاتصال بالله، ومعرفة ذاته ومقاصده بهذه المعرفة،
    وبما أن الله وإن كان لقداسته يكره الخطيئة، لكن لمحبته يعطف علينا ويهتم بنا (لأنه سبق وخلقنا على صورته كشبَهه) فقد قال قبل أن يخلق الإنسان: نعمل الإنسان على صورتنا كشَبَهنا . (تكوين 1: 26
    كان من البديهي( اى بديهية) ألاّ يتركنا وشأننا بعد سقوطنا، بل أن يتولّى هدايتنا وإرشادنا إلى الحالة السامية التي كان قد خلقنا عليها أولاً. وبما أننا لا نستطيع أن نفيد من هدايته وإرشاده، طالما كان في معزل عنا، فقد كان من البديهي أيضاً أن يتفضَّل ويظهر لنا، بأي وجه من الوجوه التي تتفق مع جوده وصلاحه.
    هكذا ترى مقدمات لاتدرى من اين جاءت ونتائج لاتدرى كيف تم اشتقاقها, فلماذا- مثلا- تركنا الله للخطيئة ؟ لماذا ترك الحية تدخل الجنة وتغوى المرأة كما يقول الكتاب؟.... هناك المئات من علامات الاستفهام ولكننا سنستمر فى الرحلة مع الاستاذ ونعلق على مفاهيمه من الكتاب المقدس الذى هو مصدر عقائده.
    كيفية ظهور الله للأنبياء، في العهد القديم
    ظهوره بهيئة غير منظورة
    بما أن الله منزَّه عن الزمان والمكان، ولا يُرى في ذاته على الإطلاق، لأنه ليس له شكل أو أعضاء، كان من البديهي أنه عندما يعلن لنا ذاته أو مقاصده، أن يكون ذلك بطريقة غير منظورة،
    1- ( لاحظ ان بديهية الاستاذ هذه تدل على ان الله غير منظور يعنى لايمكن رؤيته, وهذا ينسف دعوى التجسد من اساسها اذ كيف يصبح غير المنظور جسد , والجسد مرئى ؟ وبقواعد المنطق حسب بديهية الاستاذ نقول
    الله غير منظور, الله تجسد, ( والجسد منظور) اذا الله منظور
    هل هذا منطق ؟ )
    فيُسمعنا صوتاً دون أن نرى منه شيئاً. ظهر لآدم (تكوين 3: 8) وصموئيل (1صموئيل 3: 4) وإشعياء وإرميا وغيرهما من الأنبياء. فقد قال موسى النبي لبني إسرائيل: وكلّمكم الرب من وسط النار، وأنتم سامعون صوت كلام، ولكن لم تروا صورة بل صوتاً (تثنية 4: 12-16).
    2-( هذه الاية دليل صريح ان الله لايتصور)
    والآن وقد عرفنا أن الله كان يظهر لبني اسرائيل في صوت أو كلام، لنسأل أنفسنا:
    1 - هل كان من الممكن لبني إسرائيل أن يصدّقوا أن الله هو الذي كان يتكلّم أمامهم، لو أنه كان يُسمعهم صوتاً عادياً، في ظروف عادية، بدلاً من النار المرعبة التي كان يتكلم معهم منها؟
    الجواب: أكبر الظن( المسألة اذا مجرد ظن) أنهم لم يكونوا ليصدقوا، لأنه ليس كل صوت لا يُعرف مصدره، يكون صادراً من الله.( وهل وجود النار مع الصوت يدل على انه صوت الله)
    2 - هل يتوافق مع عطف الله على البشر من جهة، وضعف البشر وقصورهم من جهة أخرى، أن يظهر لهم في نار، كلما أراد أن يعلن لهم ذاته أو مقاصده؟
    الجواب: أكبر الظن أنه لا يفعل ذلك، لأن النار مرعبة ومخيفة، وبما أن الله لكماله لا يريد أن يرعبنا أو يخيفنا، بل أن يمنحنا سلاماً واطمئناناً، كان من البديهي أن يكلّمنا في جو هادئ لا يُرعب أو يُخيف.
    3 - قد يسأل سائل: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا كان الله يظهر في نار لبني إسرائيل؟
    الجواب: أكبر الظن أنه كان يظهر لهم في نار، لأنهم كانوا وقتئذ شعباً بدائياً، والشعب البدائي لا يفهم الواجب عليه بصوت النعمة بقدر ما يفهمه بصوت القوة. ولكن عندما يسمو روحياً، يستطيع أن يفهم النعمة ويفيد منها،
    3-لاحظ العلامة باللون الاصفر, هل كان موسى النبى بدائيا؟ لماذا ظهر الله له بنفس الصورة؟
    هل يتوافق مع محبة الله للبشر، أن يقتصر في معاملته معهم على الظهور لهم في كلام يُسمعهم إياه؟
    الجواب: أكبر الظن أنه لا يقتصر على ذلك، لأنه من شأن المحب أن يُفسح المجال أمام من يحبهم، ليقتربوا منه ويتوافقوا معه. وإذا كان الأمر كذلك، كان من البديهي أن يظهر لهم في هيئة واضحة يمكنهم إدراكها،
    (يعنى ذلك انها ليست حقيقية وانما على قدر ادراكهم)
    وعن طريقها يمكنهم الاتصال به والتوافق معه. وبما أننا لا نستطيع أن نتصل أو نتوافق إلا مع إنسان نظيرنا، لأننا لم نألف العيش إلا معه، ولا نفهم إلا لغته، كان من البديهي أن يتنازل الله ويظهر لنا، أو لأكثر الناس استعداداً منا للاتصال به، في هيئة إنسانية أو قريبة من الإنسانية.
    4- ( لماذا ليس على شكل ملاك كما ظهر للانبياء؟)
    لاحظ ان الكلام هنا عكس السابق فى رقم (1) فبعد ان كان الله لايتصور اصبح هنا يجب ان يتصور
    لذلك لا غرابة إذا طالعنا الكتاب المقدس في مواضع أخرى منه، بأنه كان يظهر أيضاً للأنبياء والقديسين، تارة في هيئة ملاك، و أخرى في هيئة إنسان،
    5- نرتب كلام الاستاذ
    الله لايتصور لذلك اعلن عن ذاته فى شكل صوت , لكى يصدق بنى اسرائيل انه صوت الله ظهر مع الصوت نار, النار مرعبة, الله لايريد ان يرعبنا, الله يظهر فى شكل غير مرعب
    فى اى قواعد المنطق تعلم الاستاذ هذا؟ اقل مايوصف به هذا انه تخريف لان نتيجة منطق الاستاذ هذا عكس فروضه فاذا كان الله فى النهاية يظهر فى شكل غير مرعب لكى يؤكد صحة الصوت فلماذا لم يكتفى من البداية بالشكل دون الصوت؟
    ظهوره بهيئة منظورة
    1 - عندما كانت هاجر في البرية، قيل بالوحي إنه ظهر لها ملاك الله، وقال لها: تكثيراً أُكثِّر نسلك فدعت اسم الرب الذي تكلّم معها أنت إيل رئي أي أنت إله رؤية أو بتعبير آخر أنت إله حقيقي يمكن رؤيته (تكوين 16: 10-13).
    وكلمة الرب هنا، ترد في الأصل العبري يهوه أي الكائن بذاته وهو اسم الجلالة الذي يتفرد به، ولذلك قال لهاجر: تكثيراً أكثّر نسلك بينما لو كان ملاكاً عادياً، لكان قد قال لها مثلاً: الرب يكثر نسلك تكثيراً .
    النص العبرى
    Gen 16:7 וימצאה4672 מלאך4397 יהוה3068 על5921 עין5869 המים4325 במדבר4057 על5921 העין5869 בדרך1870 שׁור׃7793
    وباللون الاصفر (ملاك يهوه) اى ملاك الرب فكيف تعنى ملاك الرب , الرب نفسه , لايتوافق هذا مع اللغة فضلا عن المنطق, فالذى ظهر هنا ملاك وليس اله و لو كان الرب لماذا قال ملاك الرب ولم يقل وظهر لها الرب , وقال لها الرب
    2 - وعندما كان إبراهيم الخليل جالساً مرة عند باب خيمته، رأى ثلاثة رجال واقفين، فركض إليهم وتحدَّث معهم. فاتضح له أثناء الحديث أن اثنين منهما كانا ملاكين، وأن الثالث كان هو الرب نفسه. وقد تحقق إبراهيم من شخصية الثالث هذا تحقّقاً كاملاً،
    ( لم يقل لنا الاستاذ كيف تم هذا التحقق)
    ولذلك كان يدعوه تارة المولى وتارة أخرى ديَّان كل الأرض (تكوين 18: 25 و 27). كما قيل بالوحي عن هذا الشخص في خمس آيات متتالية إنه الرب يهوه (تكوين 18: 13، 17، 20، 26، 33).
    النص العبرى هوتكوين 18/1-2
    Gen 18:1 וירא7200 אליו413 יהוה3068 באלני436 ממרא4471 והוא1931 ישׁב3427 פתח6607 האהל168 כחם2527 היום׃3117
    Gen 18:2 וישׂא5375 עיניו5869 וירא7200 והנה2009 שׁלשׁה7969 אנשׁים376 נצבים5324 עליו5921 וירא7200 וירץ7323 לקראתם7125 מפתח6607 האהל168 וישׁתחו7812 ארצה׃776
    Gen 18:3 ויאמר559 אדני113 אם518 נא
    لاحظ انه رأى الرب اولا( باللون الاحمر) ثم
    وباللون الاصفر ( شلشيم انسيم ) اى ثلاثة بشر
    وباللون الاصفر( ادوناى )
    وانظر تلك الاية
    Gen 18:22 وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ وَامَّا ابْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِما امَامَ الرَّبِّ.
    انصرف الرجال وبقى الرب اى ان الرجال كانوا غير الرب
    وانظر تلك الاية
    Gen 18:8 ثُمَّ اخَذَ زُبْدا وَلَبَنا وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَاذْ كَانَ هُوَ وَاقِفا لَدَيْهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ اكَلُوا.
    هل يأكل الرب
    وانظر الايات
    Gen 18:22 وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ وَامَّا ابْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِما امَامَ الرَّبِّ.
    Gen 18:25 حَاشَا لَكَ انْ تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الامْرِ انْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الاثِيمِ فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالاثِيمِ. حَاشَا لَكَ! ادَيَّانُ كُلِّ الارْضِ لا يَصْنَعُ عَدْلا؟»
    لاحظ ان ابراهيم كان يدعو من يكلمه ديان كل الارض( باللون الاحمر) بعدما انصرف الرجال( باللون الاصفر)
    ارأيت هذا الخلط والتدليس عند الاستاذ
    والقصة الكاملة كالاتى
    Gen 18:1 وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ
    Gen 18:2 فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَاذَا ثَلاثَةُ رِجَالٍ وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لِاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ الَى الارْضِ
    Gen 18:3 وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ انْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلا تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ.
    Gen 18:4 لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا ارْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ
    Gen 18:5 فَاخُذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ ثُمَّ تَجْتَازُونَ لانَّكُمْ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَى عَبْدِكُمْ». فَقَالُوا: «هَكَذَا تَفْعَلُ كَمَا تَكَلَّمْتَ».
    Gen 18:6 فَاسْرَعَ ابْرَاهِيمُ الَى الْخَيْمَةِ الَى سَارَةَ وَقَالَ: «اسْرِعِي بِثَلاثِ كَيْلاتٍ دَقِيقا سَمِيذا. اعْجِنِي وَاصْنَعِي خُبْزَ مَلَّةٍ».
    Gen 18:7 ثُمَّ رَكَضَ ابْرَاهِيمُ الَى الْبَقَرِ وَاخَذَ عِجْلا رَخْصا وَجَيِّدا وَاعْطَاهُ لِلْغُلامِ فَاسْرَعَ لِيَعْمَلَهُ.
    Gen 18:8 ثُمَّ اخَذَ زُبْدا وَلَبَنا وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَاذْ كَانَ هُوَ وَاقِفا لَدَيْهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ اكَلُوا.
    Gen 18:9 وَقَالُوا لَهُ: «ايْنَ سَارَةُ امْرَاتُكَ؟» فَقَالَ: «هَا هِيَ فِي الْخَيْمَةِ».
    Gen 18:10 فَقَالَ: «انِّي ارْجِعُ الَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَاتِكَ ابْنٌ». وَكَانَتْ سَارَةُ سَامِعَةً فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَهُوَ وَرَاءَهُ -
    Gen 18:11 وَكَانَ ابْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الايَّامِ وَقَدِ انْقَطَعَ انْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَالنِّسَاءِ.
    Gen 18:12 فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: «ابَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ!»
    Gen 18:13 فَقَالَ الرَّبُّ لابْرَاهِيمَ: «لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: افَبِالْحَقِيقَةِ الِدُ وَانَا قَدْ شِخْتُ؟
    Gen 18:14 هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ ارْجِعُ الَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ».
    Gen 18:15 فَانْكَرَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: «لَمْ اضْحَكْ». (لانَّهَا خَافَتْ). فَقَالَ: «لا! بَلْ ضَحِكْتِ».
    Gen 18:16 ثُمَّ قَامَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَتَطَلَّعُوا نَحْوَ سَدُومَ. وَكَانَ ابْرَاهِيمُ مَاشِيا مَعَهُمْ لِيُشَيِّعَهُمْ.
    Gen 18:17 فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ اخْفِي عَنْ ابْرَاهِيمَ مَا انَا فَاعِلُهُ
    Gen 18:18 وَابْرَاهِيمُ يَكُونُ امَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ امَمِ الارْضِ؟
    Gen 18:19 لانِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ انْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ لِيَعْمَلُوا بِرّا وَعَدْلا لِكَيْ يَاتِيَ الرَّبُّ لابْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ».
    Gen 18:20 وَقَالَ الرَّبُّ: «انَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّا.
    Gen 18:21 انْزِلُ وَارَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْاتِي الَيَّ وَالَّا فَاعْلَمُ».
    Gen 18:22 وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ وَامَّا ابْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِما امَامَ الرَّبِّ.
    Gen 18:23 فَتَقَدَّمَ ابْرَاهِيمُ وَقَالَ: «افَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الاثِيمِ؟
    Gen 18:24 عَسَى انْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارّا فِي الْمَدِينَةِ. افَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلا تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ اجْلِ الْخَمْسِينَ بَارّا الَّذِينَ فِيهِ؟
    Gen 18:25 حَاشَا لَكَ انْ تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الامْرِ انْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الاثِيمِ فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالاثِيمِ. حَاشَا لَكَ! ادَيَّانُ كُلِّ الارْضِ لا يَصْنَعُ عَدْلا؟»
    Gen 18:26 فَقَالَ الرَّبُّ: «انْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارّا فِي الْمَدِينَةِ فَانِّي اصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ اجْلِهِمْ».
    Gen 18:27 فَقَالَ ابْرَاهِيمُ: «انِّي قَدْ شَرَعْتُ اكَلِّمُ الْمَوْلَى وَانَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ.
    Gen 18:28 رُبَّمَا نَقَصَ الْخَمْسُونَ بَارّا خَمْسَةً. اتُهْلِكُ كُلَّ الْمَدِينَةِ بِالْخَمْسَةِ؟» فَقَالَ: «لا اهْلِكُ انْ وَجَدْتُ هُنَاكَ خَمْسَةً وَارْبَعِينَ».
    Gen 18:29 فَعَادَ يُكَلِّمُهُ ايْضا وَقَالَ: « عَسَى انْ يُوجَدَ هُنَاكَ ارْبَعُونَ». فَقَالَ: «لا افْعَلُ مِنْ اجْلِ الارْبَعِينَ».
    Gen 18:30 فَقَالَ: «لا يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَاتَكَلَّمَ. عَسَى انْ يُوجَدَ هُنَاكَ ثَلاثُونَ». فَقَالَ: «لا افْعَلُ انْ وَجَدْتُ هُنَاكَ ثَلاثِينَ».
    Gen 18:31 فَقَالَ: «انِّي قَدْ شَرَعْتُ اكَلِّمُ الْمَوْلَى. عَسَى انْ يُوجَدَ هُنَاكَ عِشْرُونَ». فَقَالَ: «لا اهْلِكُ مِنْ اجْلِ الْعِشْرِينَ».
    Gen 18:32 فَقَالَ: «لا يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَاتَكَلَّمَ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى انْ يُوجَدَ هُنَاكَ عَشَرَةٌ». فَقَالَ: «لا اهْلِكُ مِنْ اجْلِ الْعَشَرَةِ».
    Gen 18:33 وَذَهَبَ الرَّبُّ عِنْدَمَا فَرَغَ مِنَ الْكَلامِ مَعَ ابْرَاهِيمَ وَرَجَعَ ابْرَاهِيمُ الَى مَكَانِهِ.
    هناك قصتان احدهما عن الرجال الثلاثة باللون الاخضر والاخرى عن الرب باللون الاحمر وقد خلطهما الاستاذ عن سوء نية لانه لايعقل انه لم يفهم الكتاب , والكلام واضح فقد تكلم الرب مع ابراهيم بعد ان انصرف الرجال ثم انصرف بعد ذلك ولم توضح القصة كيف ظهر الرب لابراهيم
    كما ان الرب لايأكل وقد اكل الرجال
    ولا ندرى لماذا لم يذكر الاستاذ القصة التالية
    Gen 32:24 فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ انْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
    Gen 32:25 وَلَمَّا رَاى انَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ.
    Gen 32:26 وَقَالَ: «اطْلِقْنِي لانَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لا اطْلِقُكَ انْ لَمْ تُبَارِكْنِي».
    Gen 32:27 فَسَالَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ».
    Gen 32:28 فَقَالَ: «لا يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ اسْرَائِيلَ لانَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ».
    Gen 32:29 وَسَالَهُ يَعْقُوبُ: «اخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْالُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ.
    Gen 32:30 فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلا: «لانِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْها لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».
    هل تعنى القصة ان الله تجسد ليعقوب وان يعقوب هزمه فى المصارعة؟
    4 - وعند خروج بني إسرائيل من مصر، قيل بالوحي وكان الرب يهوه يسير أمامهم (خروج 13: 21)، ولما اقترب فرعون بجيوشه منهم قيل بالوحي: فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر اسرائيل، وسار وراءهم (خروج 14: 19).
    والرد على كل ذلك من كتاب اظهار الحق
    (الأمر الثالث) في الآيات الكثيرة الغير المحصورة من العهد العتيق إشعار بالجسمية والشكل والأعضاء للّه تعالى مثلاً في الآية 26 و 27 من الباب الأول من سفر التكوين والآية 6 من الباب التاسع من السفر المذكور إثبات الشكل والصورة للّه، وفي الآية 17 من الباب التاسع والخمسين من كتاب أشعياء إثبات الرأس، وفي الآية 9 من الباب السابع من كتاب دانيال إثبات الرأس والشعر، وفي الآية 3 من الزبور الثالث والأربعين إثبات الوجه واليد والعضد، وفي الآية 22 و 23 من الباب الثالث والثلاثين من كتاب الخروج إثبات الوجه والقفا، وفي الآية 15 من الباب الثالث والثلاثين إثبات العين والأذن، وكذا في الآية 18 من الباب التاسع من كتاب دانيال إثبات العين والأذن، وفي الآية 29 و 52 من الباب الثامن من سفر الملوك الأول وفي الآية 17 من الباب السادس عشر والآية 19 من الباب الثاني والثلاثين من كتاب أرمياء والآية 21 من الباب الرابع والثلاثين من كتاب أيوب، والآية 21 من الباب الخامس والآية 3 من الباب الخامس عشر من كتاب الأمثال إثبات العين، وفي الآية 4 من الزبور العاشر إثبات العين والأجفان، وفي الآية 6 و 8 و 9 و 15 من الزبور السابع عشر إثبات الأذن والرجل والأنف والنفس والفم، وفي الآية 27 من الباب الثلاثين من كتاب أشعياء إثبات الشَّفة واللسان، وفي الباب الثالث والثلاثين من سفر الاستثناء إثبات اليد والرجل، وفي الآية 18 من الباب الحادي والثلاثين من سفر الخروج إثبات الأصابع، وفي الآية 19 من الباب الرابع من كتاب أرمياء إثبات البطن والقلب، وفي الآية 3 من الباب الحادي والعشرين من كتاب أشعياء إثبات الظهر، وفي الآية 7 من الزبور الثاني إثبات الفرج، وفي الآية 28 من الباب العشرين من أعمال الحواريين إثبات الدم، وللتنزيه في التوراة آيتان وهما الآية الثانية عشرة والآية الخامسة عشرة من الباب الرابع من سفر الاستثناء وهما هكذا: 12 "فكلمكم الرب من جوف النار فسمعتم صوت كلامه ولم تروا الشبه ألبتة" 15 "فاحفظوا أنفسكم بحرص فإنكم لم تروا شبيهاً يوماً كلمكم الرب في حوريب من جوف النار" ولما كان مضمون هاتين الآيتين مطابقاً للبرهان العقلي، وجب تأويل الآيات الغير المحصورة لا [عدم] تأويلهما، وأهل الكتاب ههنا أيضاً يوافقوننا ولا يرجحون الآيات الغير المحصورة على هاتين الآيتين، وكما يوجد الإشعار بالجسمية للّه تعالى فكذا يوجد بإثبات المكان للّه تعالى في الآيات الغير محصورة من العهد العتيق والجديد مثل الآية 8 باب 25، والآية 45 و 46 من باب 29 من سفر الخروج، وفي الآية 3 باب 5 و 34 باب 35 من سفر العدد، وفي الآية 15 من الباب السادس والعشرين من سفر الاستثناء، وفي الآية 5 و 6 من الباب السابع من سفر صموئيل الثاني، وفي الآية 30 و 32 و 34 و 36 و 39 و 45 و 49 من الباب الثامن من سفر الملوك الأول، وفي الآية 11 من الزبور التاسع، وفي الآية 4 من الزبور العاشر، وفي الآية 8 من الزبور الخامس والعشرين، وفي الآية 16 من الزبور السابع والستين، وفي الآية 2 من الزبور الثالث والسبعين وفي الآية 2 من الزبور الخامس والسبعين وفي الآية 1 من الزبور الثامن والتسعين وفي الآية 21 من الزبور المائة والرابع والثلاثين، وفي الآية 17 و 21 من الباب الثالث من كتاب يوتيل، وفي الآية 2 من الباب الثامن من كتاب زكريا وفي الآية 45 و 48 باب 5 و 1 و 9 و 14 و 26 باب 6 و 11 و 21 باب 7 و 32 و 33 باب 10 و 50 باب 2 و 13 باب 15 و 17 باب 16 و 10 و 14 و 19 و 35 باب 18 و 19 و 22 باب 23 من إنجيل متى، ولا توجد في العهد العتيق والجديد الآيات الدالة على تنزيه اللّه عن المكان إلا قليلة مثل الآية 1 و 2 من الباب السادس والستين من كتاب أشعياء، والآية 48 من الباب السابع من أعمال الحواريين، لكن لما كان مضمون هذه الآيات القليلة موافقاً للبراهين أولت الآيات الكثيرة الغير المحصورة المشعرة بالمكان للّه تعالى لا هذه الآيات القليلة، وأهل الكتاب أيضاً يوافقوننا في هذا التأويل، فقد ظهر من هذا الأمر الثالث أن الكثير إذا كان مخالفاً للبرهان يجب إرجاعه إلى القليل الموافق له، ولا يعتد بكثرته فكيف إذا كان الكثير موافقاً والقليل مخالفاً فإن التأويل فيه ضروري ببداهة العقل.
    (الأمر الرابع) قد علمت في الأمر الثالث أنه ليس للّه شبه وصورة وقد صرح به في العهد الجديد أيضاً في مواضع عديدة أن رؤية اللّه في الدنيا غير واقعة، في الآية الثامنة عشرة من الباب الأول من إنجيل يوحنا هكذا: "اللّه لم يره أحد قط" وفي الآية السادسة عشرة من الباب السادس من الرسالة الأولى إلى تيموثاوس: "لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه" وفي الآية الثانية عشرة من الباب الرابع من رسالة يوحنا الأولى: "اللّه لم ينظره أحد قط" فثبت من هذه الآيات أن من كان مرئياً لا يكون إلهاً قط، ولو أطلق عليه في كلام اللّه أو الأنبياء أو الحواريين لفظ اللّه ومثله فلا يغتر أحدٌ بمجرد إطلاق مثل لفظ اللّه، ولا يدعي أن التأويل مجاز فكيف يرتكب لأن المصير إلى المجاز يجب عند القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة سيما إذا دل البرهان القطعي على المنع، نعم يكون لإطلاق مثل هذه الألفاظ على غير اللّه وجه مناسب لكل محل، مثلاً إن إطلاقها في الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام على بعض الملائكة لأجل ظهور جلال اللّه فيه أزيد من الغير، وفي الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج قول اللّه سبحانه هكذا: 20 "أنا أرسل ملاكي أمامك ليحفظك في الطريق ويدخلك إلى المكان الذي أن استعديت 21 فاحتفظ به وأطع أمره ولا تشاقّه، إنه لا يغفر إذا أخطأت، إن اسمي معه 23 وينطلق ملاكي أمامك فيدخلك على الأموريين والحيثانيين والفرزانيين والكنعانيين والحوايين واليانوسانيين الذين أنا أخرجهم" فقوله: أرسل ملاكي أمامك، وكذا قوله ينطلق ملاكي، نصان على أن الذي كان يسير مع بني إسرائيل في عمود سحاب في النهار وعمود نار في الليل كان ملكاً من الملائكة وقد أطلق عليه مثل هذه الألفاظ كما ستطّلع عليه لأجل ما قلت، كما يظهر من قوله إن اسمي معه، وقد جاء إطلاقها في مواضع غير محصورة على الملك والإنسان الكامل، بل على آحاد الناس، بل على الشيطان الرجيم، بل على غير ذوي العقول أيضاً، وقد علم من بعض المواضع تفسير بعض هذه الألفاظ، وفي بعض المواضع يدل سوق الكلام بحيث لا يشتبه على الناظر في بادئ الرأي، وها أنا أورد عليك شواهد هذا الباب وأنقل في هذا الباب عبارة كتب العهد العتيق عن الترجمة العربية التي طبعت في لندن سنة 1844 من الميلاد وعبارة العهد الجديد، إما من الترجمة المذكورة وإما من الترجمة العربية التي طبعت في بيروت سنة 1860 ولا أنقل جميع عبارة الموضع المستشهد به بل أنقل الآيات التي يتعلق الغرض بها في هذا المقام وأترك الآيات الغير المقصودة، في الباب السابع عشر من سفر التكوين هكذا: 1 "ولما صار أبرام ابن تسعة وتسعين سنة تراءى له الرب وقال أنا اللّه ضابط الكل فسر أمامي وكن تاماً" 4 " وقال له اللّه أنا هو وعهدي معك وستكون أباً لأمم كثيرة" 7 "وأقيم ميثاقي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك بأجيالهم ميثاقاً أبدياً لأكون إلهاً لك ولنسلك من بعدك" 8 "وسأعطي لك ولنسلك أرض غُربتك جميع أرض كنعان مِلْكاً إلى الدهر، وأكون لهم إلهاً" 9 "فقال اللّه لإبراهيم ثانية الخ" 15 وقال "اللّه أيضاً لإبراهيم الخ" 18 "وقال اللّه الخ" 22 "ولما فرغ اللّه من خطابه صعد عن إبراهيم" وكان هذا المتكلم المرئي ملكاً لما علمت، ولقوله صعد عن إبراهيم، ففي هذه العبارة أطلق عليه لفظ اللّه والرب والإله، وأطلق هو على نفسه "أنا اللّه ضابط الكل لأكون إلهك ولنسلك من بعدك وأكون إلهاً لهم" وكذا أطلق أمثال هذه الألفاظ في الباب الثامن عشر من سفر التكوين على الملك الذي ظهر على إبراهيم عليه السلام مع الملكين الآخرين، وبشره بولادة إسحاق وأخبر بأن قرى لوط ستخرب في أزيد من أربعة عشر موضعاً، وفي الباب الثامن والعشرين من السفر المذكور في حال يعقوب عليه السلام إذ سافر إلى بلد حاله هكذا: 10 "وخرج يعقوب من بير سبع ماضياً إلى حرّان" 11 "وأتى إلى موضع وبات هناك فأخذ حجراً من حجارة ذلك الموضع ووضعه تحت رأسه ونام هناك" 12 "فنظر في الحلم سلماً قائماً على الأرض ورأسه يصل إلى السماء وملائكة اللّه يصعدون ويهبطون فيه" 13 "والرب كان ثابتاً على رأس السلم، وقال أنا هو اللّه إله إبراهيم أبيك وإله إسحاق فالأرض التي أنت عليها راقد أعطيكها لك ولنسلك" 14 "ويكون نسلك مثل رمل الأرض، ويتسع إلى المغرب والمشرق، ويتيمن ويتبارك بك وبزرعك جميع قبائل الأرض" 15 "وأحفظك حيثما انطلقت، وأعيدك إلى هذه الأرض ولا أخليك حتى أعمل ما قلته لك" 16 "فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حقاً إن الرب في هذا المكان وأنا لم أكن أعلم" 17 " وخاف وقال ما أخوف هذا الموضع ما هذا إلا بيت اللّه وباب السماء" 18 "وقام يعقوب بالغداة وأخذ الحجر الذي كان توسد به وأقامه نصبة وسكب عليه دهناً" 19 "ودعا اسم المدينة بين إيل التي كانت أولاً لوزاً" 20 "ونذر نذراً قائلاً إن كان اللّه يكون معي ويحفظني في الطريق الذي أنا سائر به ويرزقني خبزاً آكل وكسوة ألبس" 21 "ورجعت بسلام إلى بيت أبي فالرب يكون لي إلهاً" 22 "وهذا الحجر الذي أقمته نصبة يدعى بيت اللّه وكل ما أعطيتني أديت إليك عشوره".
    وفي الباب الحادي والثلاثين من السفر المذكور قول يعقوب عليه السلام في خطاب زوجته لِيَا وراحيل هكذا: 11 "فقال لي ملاك اللّه في الحلم يا يعقوب فقلت هو ذا أنا" 12 "فقال لي الخ" 13 "أنا إله بيت إيل حيث مسحت قائمة الحجر ونذرت لي نذراً والآن قم فاخرج من هذه الأرض وارجع إلى أرض ميلادك" وفي الباب الثاني والثلاثين من السفر المذكور هكذا: 9 "وقال يعقوب يا إله أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق أيها الرب الذي قلت لي ارجع إلى أرضك وإلى مكان ميلادك وأباركك" 12 "فأنت تكلمت وقلت إنك تحسن إلي وتوسع نسلي مثل رمل البحر الذي لا يحصى لكثرته" وفي الباب الخامس والثلاثين من السفر المذكور هكذا: "وقال اللّه ليعقوب قم فاصعد إلى بيت إيل واسكن هناك، وانصب هناك مذبحاً للّه الذي ظهر لك وأنت هارب من وجه عيصو أخيك" 2 "وقال يعقوب لأهله الخ" 3 "نصعد إلى بيت إيل لنصنع هناك مذبحاً للّه الذي استجاب لي في ضيقتي وكان معي في طريقي" 6 "فجاء يعقوب إلى لوزا التي في أرض كنعان هذه بيت إيل الخ" 7 "وبنى هناك مذبحاً ودعا اسم المكان بيت اللّه لأن هناك ظهر له اللّه الخ" وفي الباب الثامن والأربعين من السفر المذكور هكذا: 3 "إن اللّه الضابط الكل استعلن عليّ في لوزا بأرض كنعان وباركني" 4 "وقال لي أني منميك وجاعلك بجماعة الشعوب وأعطيك هذه الأرض ولنسلك من بعدك ميراثاً إلى الدهر" فظهر من الآية الحادية عشرة والثالثة عشرة من الباب الحادي والثلاثين أن الذي ظهر على يعقوب عليه السلام، ووعده وعهد ونذر يعقوب عليه السلام معه كان ملكاً، وجاء إطلاق لفظ مثل اللّه عليه في العبارات المذكورة في أزيد من ثمانية عشر موضعاً وقال هذا الملك: "أنا هو الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحاق، وقال يعقوب عليه السلام في حقه "يا إله أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق أيها الرب وإن اللّه ضابط الكل استعلن عليّ" وفي الباب الثاني والثلاثين من السفر المذكور هكذا: 24 "وتخلف هو وحده وهو ذا رجل فكان يصارعه إلى الفجر" 25 "وحين نظر أنه لا يقوى به فجس عرق وركه ولساعته ذبل" 26 "وقال له أطلقني لأنه قد أسفر الصبح وقال له لا أطلقك أو تباركني" 27 "فقال له ما اسمك فقال يعقوب" 28 "قال لا يدعي اسمك يعقوب بل إسرائيل من أجل أنك إن كنت قويت مع اللّه فكم بالحري لك قوة في الناس" 19 "فسأله يعقوب عرفني ما اسمك فقال له لم تسأل عن اسمي وباركه فيذلك المكان" 30 "فدعا يعقوب اسم ذلك المكان فنوائل قائلاً رأيت اللّه وجهاً لوجه وتخلصت نفسي" وهذا المصارع كان ملكاً لما عرفت ولأنه يلزم أن يكون إله بني إسرائيل في غاية العجز والضعف حيث صارع يعقوب عليه السلام إلى الفجر، ولم يغلب عليه بدون الحيلة، ولأن كلام هوشع نص في هذا الباب في الباب الثاني عشر من كتابه هكذا: 3 "في البطن عقب أخاه وفي جبروته أفلح معه الملاك" 4 "وغلب الملك وتقوّى وبكى وسأله ووجده في بيت إيل وهناك كلمنا" فأطلق عليه لفظ اللّه في الموضعين وفي الباب الخامس والثلاثين من سفر التكوين هكذا: 9 "فظهر اللّه ليعقوب أيضاً من بعد ما رجع من بين نهري سورية وباركه" 10 "قائلاً لا يدعي اسمك بعدها يعقوب بل يكون اسمك إسرائيل ودعا اسمه إسرائيل" 11 "وقال له أنا اللّه الضابط الكل أتم وأكثر الأمم ومجامع الشعوب تكون منك والملوك من صلبك يخرجون 12 والأرض التي أعطيت إبراهيم وإسحاق فلك أعطيها وأعطي نسلك هذه الأرض من بعدك 13 وارتفع اللّه عنه 14 ونصب يعقوب حجراً في الموضع الذي كلمه فيه اللّه قائمة حجرية ودفق عليه مدفوقاً وصب عليه دهناً 15 ودعا اسم الموضع الذي كلمه اللّه هناك بيت إيل" وهذا الذي ظهر هو الملك المذكور فأطلق عليه لفظ اللّه في خمسة مواضع وقال هو "أنا اللّه الضابط الكل" وفي الباب الثالث من سفر الخروج 2 "وتراءى له الرب بلهيب النار من وسط العليقة فنظر إلى العليقة تتوقد فيها النار، وهي لم تحترق 3 ورأى اللّه أنه جاء الخ 6، وقال له إني أنا اللّه إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب، فغطى موسى وجهه من أجل أنه خشي أن ينظر نحو اللّه 7 فقال له الرب الخ 11 فقال موسى للّه الخ 12 فقال له اللّه أنا أكون معك وهذه علامة لك أني أنا أرسلتك إذا أخرجت شعبي من مصر يعملون ذبيحة قدّام اللّه على هذا الجبل 13 فقال موسى للّه هو ذا أنا أذهب إلى بني إسرائيل، وأقول لهم إله آبائكم أرسلني إليكم، فإن قالوا لي ما اسمه ماذا أقول لهم؟ 14 فقال اللّه لموسى اهية اشراهيه، وقال له: هكذا تقول لبني إسرائيل اهية أرسلني إليكم 15 وقال اللّه أيضاً لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل الرب إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم هكذا اسمي إلى الدهر، وهذا هو ذكري إلى جيل الأجيال 16 فاذهب اجمع شيوخ بني إسرائيل وقل لهم الرب إله آبائكم استعلن عليّ إله إبراهيم وإله يعقوب الخ".
    فالذي ظهر على موسى وكلمه قال في حقه "إني أنا اللّه إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب" ثم قال "اهية اشراهية" ثم أمر موسى عليه السلام أن يقول لبني إسرائيل "اهية أرسلني والرب إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم" وقال "هذا اسمي إلى الدهر وهذا هو ذكري إلى جيل الأجيال" وأطلق عليه في هذه العبارة لفظ اللّه والرب وأمثالهما في أزيد من خمسة وعشرين موضعاً، وأطلق عليه المسيح عليه السلام أيضاً لفظ اللّه كما نقل مرقس في الباب الثاني عشر، ومتى في الباب الثاني والعشرين، ولوقا في الباب العشرين قول المسيح عليه السلام في خطاب الصدوقيين هكذا: "أفما قرأتم في كتاب موسى في أمر العليقة كيف كلمه اللّه قائلاً أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب" انتهى بعبارة مرقس، وهذا كان مَلكاً لما عرفت، ولذلك في أكثر التراجم الهندية والفارسية بدل لفظ اللّه لفظ فرشته الذي هو ترجمة الملك، والآية الأولى من الباب السابع من سفر الخروج هكذا: "فقال الرب لموسى انظر فإني قد جعلتك إلهاً لفرعون وهارون أخوك يكون لك نبياً" والآية السادسة عشرة من الباب الرابع من سفر الخروج هكذا: "هو يتكلم مع الشعب عوضك، وهو يكون لك وأنت تكون له في أمور اللّه" فوقع لفظ الإله واللّه في حق موسى عليه السلام، ومن ههنا يظهر ترجيح اليهود على المسيحيين في هذه العقيدة لأنهم مع ادعاء محبتهم لموسى وترجيحه على سائر الأنبياء ما أوصلوه إلى رتبة الألوهية متمسكين بمثل هذه الأقوال، وفي الباب الثالث عشر من سفر الخروج هكذا: 21 "وكان الرب يسير أمامهم ليريهم الطريق في النهار بعمود سحاب وفي الليل بعمود نار ليهديهم الطريق نهاراً وليلاً 22 لم يزل قط عمود السحاب نهاراً ولا عمود النار ليلاً من قدام الشعب" ثم في الباب الرابع عشر من السفر المذكور هكذا: 19 "فانطلق ملاك اللّه الذي كان يسير قدّام عسكر إسرائيل، ومشى خلفهم وعمود الغمام أيضاً معه فتحوّل من قدام وجوههم إلى ورائهم 24 فلما كان عند محرس السحر نظر الرب إلى محلة المصريين بعمود النار والغمامة وقتل عسكرهم"، وهذا السائر كان ملكاً كما صرح به في الآية 19 وأطلق عليه لفظ الرب على وفق الترجمة العربية ولفظ يَهُواه على وفق الهندية الموجودة عندي، وفي الباب الأول من سفر الاستثناء هكذا: 30 "فإن الرب الإله الذي يسير أمامكم فهو يقاتل عنكم كما عمل في مصر، والكل ينظرون 31 وفي البرية أنت رأيت بعينيك، حملك الرب إلهك كما أنه يحمل الرجل ولده الخ" 32 "ولم تؤمنوا في ذلك بالرب إلهكم 33 الذي سار أمامكم في الطريق، وحدد لكم المكان الذي كان فيه يجب أن تنصبوا الخيام، في الليل يريكم الطريق بالنار، وفي النهار بعمود الغمام، فجاء إطلاق لفظ الرب الإله في ثلاثة مواضع على الملك المذكور، لأنه كان سائراً أمامهم وقاتلاً لعسكر المصريين. وفي الباب الحادي والثلاثين من السفر المذكور هكذا: 3 "فالرب إلهك هو يعبر قدامك الخ" 4 "فيصنع الرب الخ" 5 "فإذا أمكنكم الرب الخ" 6 فاجترءوا عليهم وتقووا ولا تخافوا ولا ترهبوا إذا نظرتموهم "إن الرب إلهك فهو يسير أمامك الخ 8 والرب الذي هو السائر أمامكم فهو يكون معك الخ" ففي هذه العبارة أيضاً إطلاق لفظ الرب إلهك والرب على الملك المذكور: والآية 22 من الباب الثالث عشر من كتاب القضاة في حق الذي تكلم مع نوح وامرأته وبشرهما بالولد هكذا: "فقال منوح لامرأته بموت نموت لأننا عاينا اللّه" وصرح به في الآية 3 و 9 و 13 و 15 و 16 و 18 و 21 من هذا الباب أنه كان ملكاً فأطلق عليه لفظ اللّه، وكذا جاء هذا الإطلاق على الملك في الباب السادس من كتاب أشعياء، والباب الثالث من سفر صموئيل الأول، والباب الرابع والتاسع من كتاب حزقيال، والباب السابع من كتاب عاموص والآية السادسة من الزبور الحادي والثمانين على وفق الترجمة العربية، ومن الزبور الثاني والثمانين على وفق التراجم الأخر هكذا: "أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلى كلكم" فجاء ههنا إطلاق الآلهة وأبناء اللّه على العوام فضلاً عن الخواص، وفي الباب الرابع من الرسالة الثانية إلى أهل قورنيثوس هكذا: 3 "ولكن إن كان إنجيلنا مكتوماً فإنما هو مكتوم في الهالكين 4 الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان الغير المؤمنين لئلا تضيء لهم نارة إنجيل مجد المسيح" والمراد بإله الدهر الشيطان على ما زعم علماء البروتستنت، فجاء مثل هذا الإطلاق على الشيطان الرجيم على زعمهم فضلاً عن الإنسان، وإنما قلت على زعمهم لأنهم يريدونه ههنا لئلا يلزم نسبة الإعماء إلى اللّه تعالى، فيلزم كون اللّه خالق الشر، وهذا هو هوس من هوساتهم لأن خالق الشر على وفق كتبهم المقدسة يقيناً هو اللّه تعالى، وأنقل ههنا شاهدين وستطلع على شواهد أخر أيضاً في موضعه.
    الآية السابعة من الباب الخامس والأربعين من كتاب أشعياء هكذا: "المصور النور والخالق الظلمة الصانع السلام والخالق الشر أنا الرب الصانع هذه جميعاً" وقال مقدسهم بولس في الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالو نيقي: "سيرسل إليهم اللّه عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالإثم" ولما كان زعمهم كما ذكرنا والمقصود النقل على سبيل الإلزام فالمقصود حاصل، وهو أن إطلاق إله الدهر جاء على الشيطان والآية 16 من الباب الثالث من رسالة بولس إلى أهل فيلبس هكذا: "الذين نهايتهم الهلاك الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم" فأطلق مقدسهم على البطن لفظ الإله، وفي الباب الرابع من الرسالة الأولى ليوحنا هكذا: 8 "ومن لا يحب لم يعرف اللّه لأن اللّه محبة 16، ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي للّه فينا اللّه محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في اللّه واللّه فيه" فيوحنا أثبت اتحاد المحبة باللّه، وقال في الموضعين اللّه محبة ثم أثبت التلازم هكذا من يثبت في المحبة يثبت في اللّه واللّه فيه، وإطلاق الآلهة على الأصنام كثير جداً في الكتب السماوية، فلا حاجة إلى نقل شواهد. وكذا إطلاق الرب بمعنى المخدوم والمعلم كثير جداً يعني عن نقل شواهده. التفسير الواقع في الآية 38 من الباب الأول من إنجيل يوحنا هكذا: "فقال ربي تفسيره يا معلم" إذا علمت ما ذكرت فقد حصلت لك البصيرة التامة أنه لا يجوز لعاقل أن يستدل بإطلاق بعض هذه الألفاظ على بعض الحوادث التي حدوثها وتغيرها وعجزها من الحسيات أنه إله أو ابن اللّه، وينبذ جميع البراهين العقلية القطعية، وكذا البراهين النقلية وراءه.
    (الأمر الخامس) إن وقوع المجاز في غير المواضع التي مرّ ذكرها في الأمر الثالث والرابع كثير: مثلاً وعد اللّه إبراهيم عليه السلام في تكثير أولاده هكذا الآية السادسة عشرة من الباب الثالث عشر من سفر التكوين: "وأجعل نسلك مثل تراب الأرض فإن استطاع أحد من الناس أن يحصي تراب الأرض فإنه يستطيع أن يحصي نسلك" والآية السابعة عشرة من الباب الثاني والعشرين من السفر المذكور: "أباركك وأكثر نسلك كنجوم السماء ومثل الرمل الذي على شاطئ البحر الخ" وهكذا وعد يعقوب عليه السلام بأن نسلك يكون مثل رمل الأرض كما عرفت في الأمر الرابع، وأولادهما لم يبلغ مقدارهم عدد رطل رمل في الدنيا في وقت من الأوقات فضلاً عن مقدار رمل شاطئ البحر أو رمل الأرض، ووقع في مدح الأرض التي كان وعد اللّه إعطاءها في الآية الثامنة من الباب الثالث من سفر الخروج وغيرها من الآيات بأنه يسيل فيها اللبن والعسل ولا أرض في الدنيا كذلك، ووقع في الباب الأول من سفر الاستثناء هكذا: "والقرى عظيمة محصّنة إلى السماء" ووقع في الباب التاسع من السفر المذكور هكذا: "وأشد منك مدناً كبيرة حصينة مشيدة إلى السماء" وفي الزبور السابع والسبعين هكذا: 65: "واستيقظ الرب كالنائم مثل الجبار المفيق من الخمر 66 فضرب أعداءه في الوراء وجعلهم عاراً إلى الدهر"، والآية الثالثة من الزبور المائة والثالث في وصف اللّه هكذا: "والمسقف بالمياه علاليه الذي جعل السحاب مركبه الماشي على أجنحة الرياح" وكلام يوحنا مملوء من المجاز قلما تخلو فقرة لا يحتاج فيها إلى تأويل كما لا يخفى على ناظر إنجيله ورسائله ومشاهداته، وأكتفي ههنا على نقل عبارة واحدة من عبارته قال في الباب الثاني عشر من المشاهدات هكذا: 1 "وظهرت آية عظيمة في السماء: امرأة متسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً 2 وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلده 3 وظهرت آية أخرى في السماء هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون، وعلى رؤوسه سبعة تيجان 4 وذنبه يجر ثلث نجوم السماء، فطرحها إلى الأرض، والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت 5 فولدت ابناً ذكراً أن يرعى جميع الأمم بعصى من حديد واختطف ولدها إلى اللّه وإلى عرشه 6 والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من اللّه لكي يعولوها هناك ألفاً ومائتين وستين يوماً 7 وحدثت حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وحارب التنين وملائكته" إلى آخر كلامه وهذا الكلام في الظاهر كلام المجاذيب فلو لم يؤول فمستحيل قطعاً، وتأويله أيضاً يكون بعيداً لا سهلاً وأهل الكتاب يؤوّلون الآيات المذكورة وأمثالها يقيناً ويعترفون بكثرة وقوع المجاز في الكتب السماوية قال صاحب (مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين) في الفصل الثالث عشر من كتابه: "وأما اصطلاح الكتاب المقدس فإنه ذو استعارات وافرة غامضة وخاصة العهد العتيق" ثم قال: "واصطلاح العهد الجديد أيضاً هو استعاري جداً وخاصة مسامرات مخلصنا وقد اشتهرت آراء كثيرة فاسدة لكون بعض معلمي النصارى شرحوها شرحاً حرفياً، ولأجل ذلك نقدم بعض أمثال لنرى بها أن تأويل الاستعارات حرفياً ليس صواباً، وذلك كقول المسيح عن هيرودس اذهبوا وقولوا لذلك الثعلب، فمن المعلوم أن المراد بلفظة الثعلب في هذه العبارة جبار ظالم لأن ذلك الحيوان المدعو هكذا معروف بالحيلة والغدر أيضاً، قال ربنا لليهود: أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء فكل من أكل من هذا الخبز يحيا إلى الأبد، والخبز الذي أنا أعطيه هو جسدي سوف أعطيه لحياة العالم، يوحنا ص 6 عدد 15، فاليهود الشهوانيون فهموا هذه العبارة بالمعنى الحرفي وقالوا كيف يقدر هذا الرجل أن يعطينا جسده لنأكله؟ آية 52 ولم يلاحظوا أنه عني بذلك ذبيحته التي وهبها كفارة لخطايا العالم، وقد قال مخلصنا أيضاً عن الخبز عند تعيينه العشاء السري: هذا هو جسدي، وعن الخمر هذا هو دمي، متّى ص 26 عدد 26، فمنذ الدهر الثاني عشر جعلت الرومانيون الكاثوليكيون لهذا القول معنى آخر معكوساً ومغايراً لشواهد أخرى في الكتب المقدسة وللدليل الصحيح، وحتموا أن ينتجوا من ذلك تعليمهم عن الاستحالة أي تحويل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه الجوهريين عندما يلفظ الكاهن بكلمات التقديس الموهوم، مع أنه قد يظهر لكل الحواس الخمسة أن الخبز والخمر باقيان على جوهرهما ولم يتغيرا، فأما التأويل الصحيح لقول ربنا فهو أن الخبز بمثل جسده والخمر بمثل دمه" انتهى كلامه بلفظه. فاعترافه بين لا خفاء فيه لكن لا بد من النظر في قوله فمنذ الدهر الثاني عشر إلى آخره فإنه رد على الرومانيين في اعتقاد استحالة الخبز والخمر إلى جسد المسيح عليه السلام ودمه بشهادة الحس، وأوّلَ قول المسيح عليه السلام بحذف المضاف وإن كان ظاهر القول كما فهموا لأنه هكذا: 26 "وفيم هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ قال خذوا كلوا هذا هو جسدي 27 وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم 28 لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا"، فقالوا: إن لفظ هذا يدل على جوهر الشيء الحاضر كله، ولو كان جوهر الخبز باقياً لما صح هذا الإطلاق، وإنهم كانوا قبل ظهور فرقة البروتستنت أكثر المسيحيين في العالم وأنهم كثيرون من هذه الفرقة إلى هذا الحين أيضاً. فكما أن هذه العقيدة غلط بشهادة الحس عند هذه الفرقة فكذلك عقيدة التثليث غلط، ولو فرضنا دلالة بعض الأقوال المتشابهة بحسب الظاهر عليها بل محال بالأدلة القطعية، فإن قالوا ألسنا من ذوي العقول فكيف نعترف بها لو كانت محالاً؟ قلنا أليس الرومانيون من ذوي العقول مثلكم، وفي المقدار أكثر منكم إلى هذا الحين فضلاً عن سالف الزمان، فكيف اعترفوا وأجمعوا على ما هو غير صحيح عندكم ويشهد ببطلانه الحس أيضاً؟ وهو باطل في نفس الأمر أيضاً بوجوه:
    (الأول) أن الكنيسة الرومانية تزعم أن الخبز وحده يستحيل جسد المسيح ودمه ويصير مسيحاً كاملاً، فأقول إذا استحال مسيحاً كاملاً حياً بلاهوته وناسوته الذي أخذه من مريم عليهما السلام، فلا بد أن يشاهد فيه عوارض الجسم الإنساني ويوجد فيه الجلد والعظام والدم وغيرها من الأعضاء لكنها لا توجد فيه بل جميع عوارض الخبز باقية الآن كما كانت فإذا نظره أحد أو لمسه أو ذاقه لا يحس شيئاً غير الخبز، وإذا حفظه يطرأ عليه الفساد الذي يطرأ على الخبز لا الفساد الذي يطرأ على الجسم الإنساني، فلو ثبتت الاستحالة تكون استحالة المسيح خبزاً لا استحالة الخبز مسيحاً، فلو قالوا إن المسيح استحال خبزاً لكان أقل بعداً من هذا، وإن كان هو أيضاً باطلاً ومصادماً للبداهة.
    (الثاني) إن حضور المسيح بلاهوته في أمكنة متعددة في آن واحد وإن كان ممكناً في زعمهم لكنه باعتبار ناسوته غير ممكن لأنه بهذا الاعتبار كان مثلنا حتى كان يجوع ويأكل ويشرب وينام ويخاف من اليهود ويفر وهلم جرّا، فكيف يمكن تعدده بهذا الاعتبار بالجسم الواحد في أمكنة غير محصورة في آن واحد حقيقة؟ والعجب أنه ما وُجد قبل عروجه إلى السماء بهذا الاعتبار في مكانين أيضاً فضلاً عن الأمكنة الغير المتناهية وكذا بعد عروجه إلى السماء فكيف يوجد بعد القرون بعد اختراع هذا الاعتقاد الفاسد بالاعتبار المذكور في أمكنة غير محصورة في آن واحد.
    (الثالث) إذا فرضنا أن مليونات من الكهنة في العالم قدسوا في آن واحد واستحالت تقدمة كل إلى المسيح الذي تولد من العذراء، فلا يخلو إمّا أن يكون كل من هؤلاء المسيحيين الحادثين عين الآخر أو غيره، والثاني باطل على زعمهم والأول باطل في نفس الأمر لأن مادة كل غيرُ مادة الآخر.
    (الرابع) إذا استحال الخبز مسيحاً كاملاً تحت يد الكاهن فكسر هذا الكاهن هذا الخبز كسرات كثيرة وأجزاء صغيرة فلا يخلوا إمّا أن يتقطع المسيح قطعة قطعة على عدد الكسرات والأجزاء أو يستحيل كل كسرة وجزء مسيحاً كاملاً أيضاً فعلى الأول لا يكون المتناول متناول مسيح كامل، وعلى الثاني من أين جاءت هؤلاء المسحاء لأنه ما حصل بالتقدمة إلا المسيح الواحد؟.
    (الخامس) لو كان العشاء الرباني الذي كان قبل صلبه بيسير نفس الذبيحة التي حصلت على الصليب لزم أن يكون كافياً لخلاص العالم، فلا حاجة إلى أن يصلب على الخشبة من أيدي اليهود مرة أخرى لأن المسيح ما جاء إلى العالم في زعمهم إلا ليخلص الناس بذبيحة مرة واحدة، وما أنى لكي يتألم مراراً كما يدل عليه عبارة آخر الباب التاسع من الرسالة العبرانية صراحة.
    (السادس) لو صح ما ادعوه لزم أن يكون المسيحيون أخبث من اليهود لأن اليهود ما آلموه إلا مرة واحدة فتركوا وما أكلوا لحمه، وهؤلاء يؤلمونه ويذبحونه كل يوم في أمكنة غير محصورة، فإن كان القاتل مرة واحدة كافراً وملعوناً فما بال الذين يذبحونه مرات غير محصورة ويأكلون لحمه ويشربون دمه؟ نعوذ باللّه من الذين يأكلون إلههم ويشربون دمه حقيقة فإذا لم ينج من أيدي هؤلاء إلههم الضعيف المسكين فمن ينجو، بعّدنا اللّه من ساحتهم، ولنعم ما قيل "دوستي نادان سراسَر دُشمني ست " (توضع على الهامش: ) يتضمن معنى المثل العربي: عدو عاقل خير من صديق جاهل والترجمة الحرفية: الصديق الجاهل مثل العدو. .
    (السابع) وقع في الباب الثاني والعشرين من لوقا قول المسيح في العشاء الرباني هكذا: "اصنعوا هذا لذكري" فلو كان هذا العشاء هو نفس الذبيحة لما صح أن يكون تذكرة لأن الشيء لا يكون تذكرة لنفسه، فالعقلاء الذين عقولهم السليمة تحكم بأمثال هذه الأوهام في الحسيات لو وهموا في ذات اللّه أو في العقليات فأي استبعاد منهم؟ لكني أقطع النظر عن هذا وأقول في مقابلة علماء البروتستنت: إنه كما اجتمع هؤلاء العقلاء عندكم على هذه العقيدة المخالفة للحس والعقل تقليداً للآباء أو لغرض آخر فكذلك اجتماعهم واجتماعكم في عقيدة التثليث المخالفة للحس والبراهين، والأناس الكثيرون الذين تسمونهم ملاحدة ومقدارهم في هذا الزمان أزيد من مقدار فرقتكم بل من فرقة الرومانيين أيضاً وهم عقلاء مثلكم ومن أبناء أصنافكم ومن أهل دياركم وكانوا مسيحيين مثلكم فتركوا هذا المذهب لاشتماله على أمثال هذه الأمور يستهزؤون بها استهزاء بليغاً لا يستهزؤون بشيء آخر مثلها، كما لا يخفى على من طالع كتبهم، وفرقة يوني نيرين من فرق المسيحيين أيضاً ينكرونها والمسلمون واليهود سلفاً وخلفاً يفهمونها من جنس أضغاث الأحلام.
    ويتحدث الاستاذ بعد ذلك عن الموضوعات الاتية (الأقنوم الذي كان يظهر للأنبياء في العهد القديم) ولانجد ضرورة لبحث الاقنوم الذى ظهر وقد اوضحنا انه لم يحدث ظهور كما يدعى الاستاذ ولايعقل ان نرد على ادلة شىء نفينا وجوده , ونكتفى فى بقية الكتاب بمناقشة باقى ادلة الاستاذ
    1 - سجَّل داود النبي مزمور 40: 6-8 خطاباً وجَّهه الابن بصفته الناسوتية التي كان عتيداً أن يظهر بها في العالم، إلى الله، جاء فيه: بذبيحة وتقدمة لم تُسرّ. أذنيَّ فتحْتَ. محرقة وذبيحة خطية لم تطلب. حينئذ قلت هأنذا جئت، (لأنه) بدرج الكتاب مكتوب عني: أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت . وقد اقتبس هذه الآية كاتب الرسالة إلى العبرانيين سنة 70 م، فقال بالوحي: لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخوله (المسيح) إلى العالم، يقول: ذبيحة وقرباناً لم ترد، لكن هيّأت لي جسداً، لأنه بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرّ. ثم قلت هأنذا أجيء، (لأنه) في درج الكتاب مكتوب عني، لأفعل مشيئتك يا الله (عبرانيين 10: 4-9).
    ولاندرى كيف يفهم الاستاذ هذا الفهم العجيب , يقول بارنز
    Thou didst not desire - The word here rendered desire means to incline to, to be favorably disposed, as in reference to doing anything; that is, to will, to desire, to please. The meaning here is, that he did not will this or wish it; he would not be pleased with it in comparison with obedience, or as a substitute for obedience. He preferred obedience to any external rites and forms; to all the rites and forms of religion prescribed by the law. They were of no value without obedience; they could not be substituted in the place of obedience. This sentiment often occurs in the Old Testament, showing that the design of all the rites then prescribed was to bring men to obedience, and that they were of no value without obedience..
    وترجمة ذلك ( ان الذبائح والقرابين لاتغنى عن طاعة الله ولافائدة منها بدون الطاعة) واذا كان بولس فى رسالته للعبرانين يعتبر ان دم المسيح هو افضل ذبيحة لتكفير الخطايا فان هذا الفهم لا يتوافق مع الكتاب المقدس فى الزبور الذى نقله الاستاذ ولا يتوافق مع فهم كثير من المسيحيين حيث يقول مؤلف الخديعة الكبرى
    ويوضح بروفسور اللاهوت هاوسرات Hausrat في كتابه (بولس الحواري) " Der Apostel Paulus " أنه لو كان بولس قد بشر فعلاً بتعاليم المسيح عيسى ، لكان وضع أيضاً ملكوت الله في مركز بشارته . فهو يبدأ ديانته التي اخترعها بمفهوم كبش الفداء، فهو يرى أن الله قد أنزل شريعته لتزداد البشرية إثماً على آثامها .
    أما البروفسور دكتور كارل هيلتي Carl Hilty - فيلسوف ومحامي سويسري شهير- قد لفظ تعاليم بولسس عن الفداء الدموي نهائياً،
    وفى الكتاب تفاصيل كثيرة عن التعارض بين اعتبار المسيح كبش فداء لغفران الخطايا كما يدعى بولس وبين مافى الاناجيل من رحمة وتسامح
    2 - وقال إشعياء النبي قبل ظهور المسيح بسبعمائة وخمسين سنة: ها العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمَّانوئيل (اشعياء 7: 14)، وقد اقتبس متى الرسول هذه الآية بالوحي، بعد المسيح بأربعين سنة تقريباً، فقال بعد تسجيله لحديث الملاك مع العذراء: وهذا كله ليتم ما قيل بالنبي القائل، هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمَّانوئيل، الذي تفسيره الله معنا (متى 1: 22 و 23).
    سبق الرد على ذلك
    3 - وقال على لسان اشعياء النبي أيضاً: لأنه يولد لنا ولد، ونُعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيباً، مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام (اشعياء 9: 6 و 7).
    سبق الرد على ذلك
    1 - قال بولس الرسول: ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبنّي (غلاطية 4: 4 و5). وملء الزمان اصطلاح ديني، يُراد به الزمن المعيَّن عند الله، الذي تتم فيه مقاصده الأزلية. فالمسيح هو ابن الله قبل مجيئه إلى العالم، أو قبل ولادته من العذراء. ومع أنه فوق الناموس، إلا أنه رضي أن يُولد تحت الناموس، ليفتدينا نحن الذين بحكم مركزنا، كنا تحت الناموس، لأن مهمّة الفادي هي أن يضع نفسه موضع الذين يريد أن يفديهم، حتى تكون فديته حقيقية.
    نحن نتحدث عن التجسد فهل نسى الاستاذ؟
    اذا كان يقصد من تلك الاية ان المسيح ابن الله فقد سبق الرد على ذلك وسيأتى مطلب كامل فى الرد , واذا كان يتحدث عن فداء فان النص ليس فيه اى اشارة للتجسد , والنص اليونانى
    Gal 4:4 οτε3753 ADV δε1161 CONJ ηλθεν2064 V-2AAI-3S το3588 T-NSN πληρωμα4138 N-NSN του3588 T-GSM χρονου5550 N-GSM εξαπεστειλεν1821 V-AAI-3S ο3588 T-NSM θεος2316 N-NSM τον3588 T-ASM υιον5207 N-ASM αυτου846 P-GSM γενομενον1096 V-2ADP-ASM εκ1537 PREP γυναικος1135 N-GSF γενομενον1096 V-2ADP-ASM υπο5259 PREP νομον3551 N-ASM
    Gal 4:5 ινα2443 CONJ τους3588 T-APM υπο5259 PREP νομον3551 N-ASM εξαγοραση1805 V-AAS-3S ινα2443 CONJ την3588 T-ASF υιοθεσιαν5206 N-ASF απολαβωμεν618 V-2AAS-1P
    والكلمات باللون الاخضر ( الاولىارسل الرب ابنه) ( والثانية لنصبح ابناء الله) فليس فى النص خصوصية للمسيح بالتأله,
    وبقية الايات
    Gal 4:6 ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ».
    Gal 4:7 إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ابْناً، وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.
    لاحظ العلامات باللون الاخضر( ابناء من؟ ابنا لمن ؟ فهم ايضا ابناء الله كما ورد فى اكثر من مناسبة النص –الستم ابناء الله )
    يقول بارنز
    That we might receive the adoption of sons - Be adopted as the sons or the children of God; see Joh_1:12, note; Rom_8:15, note.
    2 - وقال أيضاً: وبالإجماع عظيم هو سرّ التقوى، الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفع في المجد (1تيموثاوس 3: 16).
    سبق الرد على ذلك
    3 - وقال كذلك: وإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو أيضاً (أي الابن) كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت، ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس (العبرانيين 2: 14) والأولاد هنا، هم المؤمنون بالله في العهد القديم.
    والرد على ذلك فى نفس الرسالة قبل بضعة اسطر يقول
    Heb 2:9 وَلَكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ.
    يسوع اقل من الملائكة , والاستاذ يتحدث عن الوهيته وتجسده, اليس هذا تخريف؟
    4 - وقال يوحنا الرسول: والكلمة صار جسداً، وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً (يوحنا 1: 14).
    والرد كذلك فى الاية قبلها
    Joh 1:13 اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.
    هؤلاء الذين ولدوا من الله مباشرة وليس من دم ولا جسد هم اولى بالالوهية من الذى ولد من الجسد لو اننا اخذنا كلام الاستاذ بمعناه الحرفى , ولكن الامر مجرد مجاز فى اللغة كما قلنا ويدل على ذلك الاية التالية فى نفس السياق من نفس الاصحاح
    Joh 1:18 اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ..
    كما ترى الاستاذ يجتزىء الكلمات ليلفق ادلة
    5 - وقال أيضاً: بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، فهو من الله. وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، فليس من الله (1يوحنا 4: 2 و 3).
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 10 نوف, 2020, 09:04 م.
  • عاطف عثمان
    0- عضو حديث
    • 31 ديس, 2006
    • 23

    #2
    نفى الوهية المسيح 2

    سوف نذكر الادلة على وحدانية الله من رسائل يوحنا فى مطلب نفى الوهية المسيح
    آراء الفلاسفة المنتمين إلى المسيحية اسماً
    1 - قال الأبيونيون في القرن الأول: وُلد المسيح ولادة طبيعية من يوسف ومريم وحجتهم في ذلك أنه ليس من المعقول أن يولد إنسان ذو جسد حقيقي، بغير هذه الولادة.
    وكان غرض الأبيونيين مزج المسيحية باليهودية،ولذلك كانوا ينهون أتباعهم عن أكل لحوم بعض الحيوانات، ويأمرونهم بممارسة بعض الطقوس اليهودية، وقد اندثرت بدعتهم في القرن الرابع.
    الرد: (أ) بما أن ولادة المسيح من العذراء ليست من الحقائق التي ذكرها الإنجيل فحسب، بل هي أيضاً من صميم النبوات التي أعلنها الوحي في التوراة، إذن فآراء الأبيونيين ليس لها نصيب من الصواب من الوجهة الدينية.
    2 - قال الغنوسيون في القرن الثاني: الجسد الذي ظهر به المسيح في العالم، لم يكن جسداً حقيقياً، بل كان جسداً شكلياً أو بالحري أثيرياً، هبط به من السماء ومرَّ به في بطن العذراء مرور الهواء في الميزاب، ولذلك فإنه لم يأخذ جسداً منها وحجتهم في ذلك أن كل ذي جسد حقيقي يخطئ، والمسيح لم يخطئ على الإطلاق.
    وكان غرضهم مزج المسيحية بالفلسفة اليونانية، واندثرت بدعتهم في القرن الخامس. ولكن حدث في القرن العشرين أن قام شهود يهوه وغيرهم بإخراجها من مقبرتها وإذاعتها بأساليب متنوعة.
    والأثير شيء يختلف عن المادة اختلافاً كلياً، يفترض علماء الطبيعة وجوده في الفضاء، ويُسندون إليه الفضل في نقل الرسائل اللاسلكية. وهذا الأثير كما يقولون لا يتأثر بالحرارة ولا يخضع لأي ناموس من نواميس المادة. أما علماء الأرواح فيقولون إنه أول طبقات العالم الروحي، وإنه قوام الروح للبشرية. وذهب فريق آخر إلى أنه من الجائز أن يكون أزلياً (الدين والعلم، للمشير أحمد عزت باشا ص 95)، وهكذا تتضارب الآراء فيه تضارباً عظيماً.
    الرد: تدل حياة المسيح وأعماله وتصرفاته على أن جسده كان جسداً حقيقياً، ولذلك فرأي الغنوسيين ليس له نصيب من الصواب..
    3 - قال الباولسيون في القرن الثاني: نزل المسيح من السماء مباشرة بجسد حقيقي وحجتهم في ذلك مثل حجة الغنوسيين، أنه لم يخطئ على الإطلاق.
    الرد: هذا الرأي لا يعتمد على نص ديني أو تاريخي، ولا يتفق مع حياة المسيح الواقعية التي عاشها على الأرض.
    4 - وقال أبوليناريوس في القرن الرابع: المسيح وإن كان قد وُلد من العذراء إلا أنه لم يتخذ جسده منها، بل أن جوهره الإلهي استحال إلى جسد في بطنها، ولذلك لم تكن له نفس بشرية، إذ أن لاهوته حل محل النفس فيه . وحجته في ذلك أن النفس تميل إلى الخطيئة، والمسيح لم يمل إليها إطلاقاً، بل عاش كل حياته بعيداً كل البعد عنها.
    الرد: (أ) بنى أبوليناريوس رأيه هذا على التفسير اللفظي للآية والكلمة صار جسداً وقد أخطأ خطأ عظيماً، لأن هذه الآية لا تدل على أن اللاهوت تحوَّل إلى ناسوت، كما يتحول الأبيض إلى أسود أو الخشب إلى فحم، بل تدل على أن اللاهوت تجسّد أو ظهر في جسد، كما هو مكتوب: الله ظهر في الجسد (1تيموثاوس 3: 16) لأنه إن جاز أن يتحول الأبيض إلى أسود، والخشب إلى فحم تحت تأثير العوامل الطبيعية، لا يمكن أن يتحول اللاهوت إلى ناسوت، إذ أنه منزه عن الاستحالة والتغيير كل التنزيه.
    5 - قال نسطوريوس في القرن الخامس: لم يكن المسيح هو الله، بل كان إنساناً عادياً حلَّ فيه الله، دون أن يتحد به . وحجته في ذلك أن تجسّد الله يقتضي تعرضه للتغيُّر، وهو لا يتغيَّر. وليوضح وجهة نظره، كان يشبّه اللاهوت بالزيت، والناسوت بالماء. وقد جاراه الفريق المعارض له في التشبيه، فقال إن اتحاد اللاهوت بالناسوت يشبه اتحاد النار بالحديد - ولكن هذا التشبيه لا نصيب له من الصواب أيضاً. لأن النار باتحادها مع الحديد تمدده وتغير صلابته، كما تتأثر هي أيضاً بدرجة حرارته الأصلية. والحال أن اتحاد اللاهوت بالناسوت لم يترتب عليه حدوث أي تغير فيهما أو في أحدهما. والحق أنه من الجهل أن نشبّه اتحاد اللاهوت بالناسوت بشيء من الطبيعة لأنه اتحاد لا شبيه له، كما أن الله لا شبيه له.
    الرد: (أ) بما أن تجسّد الله يتوافق مع ذاته وكماله، لأنه ذو تعيّن خاص ولأنه أيضاً يحب البشر ويعطف عليهم، وبما أنه بتجسّده لم يتقيد لاهوته أو ينحصر في حيّز ما، بل ظل كما هو منذ الأزل الذي لا بدء له، لأنه غير قابل للتأثر بأي مؤثر، إذن لا سبيل للظن بأنه بتجسّده تعرض لتغيُّر ما، كل ما في الأمر أنه أظهر ذاته وصفاته بوسيلة يستطيع البشر إدراكه بها. ولا مجال للاعتراض على ذلك، فالمحبة تظهر بمظاهر كثيرة لمن تتجه إليهم، دون أن يطرأ عليها أو على المتصف بها تغيير ما. فاذا أضفنا إلى هذه الحقيقة أن الله ذو تعيّن خاص منذ الأزل، وانه متجلٍّ وظاهر منذ الأزل أيضاً، وأنه بالتجسّد ظل محتفظاً بكل خصائصه، لا يبقى أمامنا شك في خطأ نسطوريوس.
    6 - وقال أوطيخوس في القرن الخامس: الطبيعة البشرية في المسيح تلاشت في الطبيعة الإلهية، ولذلك كانت للمسيح طبيعة واحدة هي الطبيعة الالهية وحجته في ذلك أن المسيح كان كاملاً كل الكمال.
    الرد: أراد أوطيخوس أن يصحح خطأ نسطوريوس فوقع في خطأ آخر، لأن الأعمال الجسدية التي كان يقوم بها المسيح على الأرض، مثل الأكل والشرب والنوم، تدل بكل وضوح على أن طبيعته البشرية لم تتلاشَ، بل كانت موجودة بكل خصائصها، ولذلك فهذا الرأي لا نصيب له من الصواب كذلك.
    وقد نشأ من هذا الاختلاف (إن جاز أن يُسمى اختلافاً) أن الفريق الأول قال: للمسيح مشيئتان متوافقتان كل التوافق وأن الفريق الثاني قال: له مشيئة واحدة، لأنه لا خلاف بين لاهوته وناسوته .
    والحق أن أقوال الفريقين متشابهة، بل تكاد تكون واحدة في معناها، فكلٌّ منهما يرفض بدعتي أوطيخوس ونسطوريوس، والفرق الوحيد بينهما (إن جاز أن يُسمَّى فرقاً) هو أن الفريق الأول بدأ بالحذر من بدعة أوطيخوس، وانتهى بالحذر من بدعة نسطوريوس، أما الفريق الثاني فبدأ بالحذر من بدعة نسطوريوس، وانتهى بالحذر من بدعة أوطيخوس.
    7 - وقال إيلاريوس في القرن الخامس: إن آلام الصلب وغيرها من الآلام التي وقعت على المسيح، وقعت على اللاهوت والناسوت معاً . وحجته في ذلك أن اللاهوت كان متحداً بالناسوت اتحاداً كاملاً.
    الرد: مرَّ بنا أنه باتحاد اللاهوت بالناسوت لم يفقد أحدهما شيئاً من خصائصه، لأنه ليست في أحدهما قابلية للاختلاط أو الامتزاج بالآخر، إذ أن الأول غير محدود ومنزه عن التأثر بالأعراض، والثاني محدود ومعرض للتأثر بها. ولذلك فإن اللاهوت ظل هو اللاهوت بكل خصائصه، والناسوت ظل هو الناسوت بكل خصائصه. وبما أن الأمر كذلك فمن البديهي أن تكون آلام الصلب وغيرها من الآلام قد وقعت على الناسوت وحده، لأنه هو المحدود والمعرض للتأثر بالأعراض.
    ومع ذلك نقول إنه نظراً لاتحاد اللاهوت بالناسوت، فإن جميع الاضطهادات التي وُجهت إلى المسيح عندما كان على الأرض، تُحسب أنها موجَّهة إلى الله نفسه، لأن المسيح ليس إنساناً متألهاً أو إلهياً، بل هو الله متأنساً أو ظاهراً في الجسد.
    8 - وقال بعض فلاسفة الأرمن في القرن السادس: إن جسم المسيح قديم وحجتهم في ذلك أن المسيح قديم أو أزلي.
    النقد: بما أن المادة ليست أزلية بل حادثة، إذن فليس من المعقول أن جسم المسيح كان أزلياً. ومع ذلك نقول إنه نظراً لأن المسيح كان على علم تام بكل شيء أزلاً، بوصفه أقنوم الابن الأزلي فإنه ولا شك كان يعلم منذ الأزل أنه سيتخذ جسداً في يوم من الأيام، كما كان يعلم أنه سيقدم نفسه في هذا الجسد كفارة عن الناس.
    آراء الفلاسفة المسيحيين
    1 - قال القديس بطرس الأول في القرن الرابع: أقنوم الكلمة، الواحد مع أقنومَيْ الآب والروح القدس في اللاهوت، قد تجسد ليعلن لنا اللاهوت، الذي لا نستطيع من تلقاء أنفسنا أن ندركه أو نراه .
    2 - وقال القديس الكسندر الأول في القرن الرابع: المسيح، الذي هو صورة الله منذ الأزل، اتحد بناسوت في يوم من الأيام، ليعلن لنا الله، ويجعلنا في حالة التوافق معه .
    3 - وقال القديس أثناسيوس الرسولي في القرن الرابع: المسيح هو ابن الله وابن الإنسان معاً، وليست له طبيعتان (أو شخصيتان، كما يقول غيره)، نسجد لإحداهما ولا نسجد للأخرى، بل نسجد له سجوداً كاملاً (أي غير مقتضب)، لأنه له المجد شخص واحد . وقال أيضاً: ابن الله هو بعينه ابن الإنسان، وابن الإنسان هو بعينه ابن الله .
    4 - وقال القديس غريغوريوس النزيزي في القرن الرابع: الله الذي لا جسد له، ظهر في جسد، لنراه ونعرفه، وتكون لنا علاقة حقيقية معه .
    5 - وقال العلامة أوريجانوس: إن المسيح هو مظهر العقل الخالد. وأن ظهوره في المسيح حادث طبيعي من الحوادث التي يتجلى بها الله .
    6 - وقال القديس يوحنا فم الذهب في القرن الرابع: اللاهوت والناسوت اتحدا معاً اتحاداً تاماً في المسيح، حتى أنك تستطيع أن تقول عنه إن هذا الإنسان هو الله .
    7 - وقال القديس باسيليوس الكبير في القرن الرابع: إن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته لحظة واحدة، أو طرفة عين .
    8 - وقال القديس تيموثاوس في القرن الرابع: المسيح من حيث أقنوميته هو واحد مع الآب والروح القدس في اللاهوت، ومن حيث الناسوت هو مساوٍٍ لنا في كل شيء ما عدا الخطية .
    تعليق: ليس المسيح مساوياً للآب والروح القدس في اللاهوت، بل هو واحد معهما فيه، لأن اللاهوت واحد ووحيد، لا شريك له أو نظير. ولكنه ليس واحداً معنا في الناسوت، بل هو مساوٍ لنا فيه، لأن الناسوت يشترك فيه البشر قاطبة - هذا مع مراعاة أن ناسوته لم يكن مثل ناسوتنا في كل شيء، إذ كان خالياً من الخطيئة خلواً تاماً، الأمر الذي لا يتوافر لأحد منا على الإطلاق.
    9 - وقال القديس كيرلس الكبير في القرن الخامس: أقنوم الكلمة لا يُدعى المسيح بالانفصال عن الناسوت، والناسوت المولود من العذراء لا يُدعى المسيح بالانفصال عن أقنوم الكلمة، لأنهما متحدان معاً اتحاداً تاماً . وقال أيضاً: ربنا يسوع المسيح هو أقنوم واحد، لأن ناسوته متحد مع لاهوته باتحاد إلهي لا مجال فيه للتفكك أو الانفصال على الاطلاق .
    10 - وقال القديس ديسقوروس الأول في القرن الخامس: اتحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح، لم يكن بامتزاج أو اختلاط، لأن كلاً منهما غير قابل للامتزاج أو الاختلاط بالآخر، بل كان بوسيلة إلهية تفوق العقل والادراك .
    11 - وقال العلامة ترتوليان الشهير: هل التجسد غير لائق بكمال الله؟ الجواب طبعاً لا، بل هو لائق بكماله كل اللياقة، لأن من مستلزمات هذا الكمال، العطف على الناس وإنقاذهم من خطاياهم وتقريبهم إلى الله، ليعرفوه ويفيدوا منه . والتجسد هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الأغراض.
    12 - وقال القديس أبيفانيوس في القرن السادس: الرب نفسه أخذ ناسوتاً خالياً من الخطيئة، وظهر به في العالم بيننا، ثم احتمل في هذا الناسوت آلامنا وأوجاعنا عوضاً عنا. لكن اللاهوت مع اتحاده بالناسوت لم يقع عليه شيء من هذه الآلام أو الأوجاع، لأنه غير قابل للتأثر بأي عرض من الأعراض .
    نقلنا اراء الفلاسفة مسيحين وغيرهم رغم انها لاتعنينا فى شىء لاننا نناقش العقائد المسيحية فى ضوء ما ا تفق عليه العقل او ماهو صحيح فى الكتاب المقدس , وغرضنا من النقل ان نوضح للقارىء ان هناك مسيحيون فهموا فهما مختلفا عن ما فهمته الكنيسة ولا شك ان كان لديهم ان لم نقل حجج واسانيد فلنقل شكوك واراء , ولكن الاستاذ لم يورد منها شىء بحجة انها مخالفة للكتاب المقدس , وعندما نقل عن المسيحيين الذين يوافقون رأيه لم يقدم لنا الحجج والاسانيد وانما مجرد اراء مرسلة ومن ذلك يتضح لك مدى تعصب الاستاذ وتحيزه لرأيه. وهو مايتنفى مع المنطق ومع مايدعيه الناشرين لكتبه من انه فيلسوف مسيحى.
    وخلاصة الفصل كما ترى ان الاستاذ لم يقدم ادلة منطقية , وكل مانقله من الكتاب هو مردود عليه كما رأيت .
    المطلب الثالث
    نفى الوهية المسيح
    الأناجيل الأربعة ورسائل بولس ويوحنا تنفي ألوهية المسيح
    بقـلم :
    سـعــد رســتـم
    النصوص الإنجيلية النافية لإلهية عيسـى و المثبتة لعبوديته
    مرقس (12 / 28 ـ 32)
    " أيةُ وصيَّةٍ هي أوّل الكلّ؟ فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد، و تحب الرب إلهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل فكرك و من كل قدرتك، و هذه هي الوصية الأولى. و الثانية مثلها و هي: تحب قريبك كنفسك. ليس وصية أخرى أعظم من هاتين. فقال له الكاتب: جيدا يا معلم قلت: لأن الـلـه واحـد و ليـس آخـر سواه.."
    يوحنا (17 / 1ـ 3):
    " تكلم يسوع بهذا و رفع عينيه نحو السماء و قال: أيها الآب قد أتـت الساعة... و هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإلـه الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي أرسلته ".
    متى (4 / 8 ـ10)
    " ثم أخذه أيضا إبليس إلى جبل عال جدا و أراه جميع ممالك العالم و مجدها. و قال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت و سجدت لي! حينئذ قال له يسـوع: اذهب يا شيـطان. لأنه مكتوب: للرب إلـهك تسجد و إياه وحده تعبد"
    متى (19 / 16 ـ 17):
    " و إذا واحد تقدم و قال: أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحيوة الأبدية؟ فقال (المسيح) له: و لماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا واحد و هو الله. و لكن إذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا.
    متى (23 / 8 ـ 10) " و أما أنتم فلا تدعوا سيدي، لأن معلمكم واحد المسيح و أنتم جميعا أخوة، و لا تدعوا لكم أبـاً على الأرض، لأن أباكم واحد الذي في السماوات ".
    رسالة بولس إلى أهل أفسس (4 / 6):
    " ربٌّ واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة. إلـه و آب واحد للكل، الذي على الكل و بالكل و في كلكم ".
    يوحنا (20 / 17):
    " قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. و لكن اذهبي إلى إخوتي و قولي لهم: إني أصعد إلى أبي و أبيكم و إلهي و إلهكم "
    متى (27 / 46)، و إنجيل مرقس (15 / 34):
    " و نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إيلي إيلي لم شبقتني: أي إلـهي إلـهي لماذا تتركني؟ "
    رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس (1 / 3 و 16 ـ 17):
    " مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح.....
    لا أزال شاكرا لأجلكم ذاكرا إياكم في صلواتي. كي يعطيكم إلهُ ربِّنا يسوعَ المسيحِ، أبو المجد، روح الحكمة و الإعلان في معرفته "
    نصوص تبين عبادة المسيح لله عز و جل و إكثاره من الصلاة له تبارك و تعالى
    متى (4 / 23 ـ 24)
    "و بعد ما صفَّ الجموع، صعَد (أي المسيح) إلى الجبل منفرداً ليصلي. و لما صار المساء كان هناك وحده. و في الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم يسوع ماشيا على البحر!".
    مرقس (1 / 35):
    " و في الصباح الباكر جدا قام و خرج و مضى إلى موضع خلاء. و كان يصلي هناك ".
    نص يبين المسيح فيه أن الله تعالى أعظم منه و نصٌّ لبولس يؤكد فيه أن الابن خاضع لله مثل جميع المخــلوقات
    يوحنا (14 / 28)
    " سمعتم أني قلت لكم أنا أذهب ثم آتي إليكم. لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني أمضي إلى الآب، لأن أبي أعظم منّي "


    رسالة بولس الأول إلى أهل كورنثوس (15 / 28):
    " و متى أُخْضِعَ له (أي لله) الكـل، فحينئذ الابن نفسه أيضا سيخضع للذي أخضع له الكل، لكي يكون الله الكـل في الكـل. "
    نصوص يؤكد فيها المسيح محدودية علمه
    مرقس (13 / 32)
    " و أما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما أحد و لا الملائكة الذين في السماء و لا الابن، إلا الآب ".
    متى (24 / 36)، " و أما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما أحد و لا ملائكة السماوات، إلا أبي وحده
    متى (21 / 18 ـ 19) مرقس (11 / 11 ـ 4) :
    " فدخل يسوع أورشليم... و في الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع. فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق و جاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا. لأنه لم يكن وقت التين. فأجاب يسوع و قال لها: لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد! ".
    هذا النص يبين أن سيدنا عيسى عليه السلام لما رأى الشجرة من بعد، لم يدر و لم يعلم أنها في الواقع غير مثمرة، بل توقع لأول وهلة أن تكون مثمرة، لذلك ذهب باتجاهها، لكن لما اقترب منها ظهر له أنها غير مثمرة فعند ذلك غضب عليها و لعنها!.
    و في هذا عدة دلائل واضحة على نفي إلـهية عيسى عليه السلام :
    فأولاً: عدم علمه منذ البداية بخلو الشجرة من الثمر يؤكد بشريته المحضة لأن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض و لا في السماء.
    وثانياً: كونه جاع تأكيد آخر أنه بشر محض يحتاج للغذاء للإبقاء على حياته، فإن قالوا بأنه جاع بحسب ناسوته، قلنا أفلم يكن لاهوته قادرا على إمداد ذلك الناسوت (أي الجسد)؟! خاصة أنكم تدعون أن اللاهوت طبيعة دائمة له و حاضرة لا تنفك عنه!!
    وثالثاً: أنه لما وجد الشجرة غير مثمرة لعنها و بقي جائعا! و لو كان إلـها لكان عوضا عن أن يلعنها و يبقى جائعا، يأمرها أمرا تكوينيا أن تخرج ثمرها على الفور، لأن الله لا يعجزه شيء بل يقول للشيء كن فيكون، فكيف يُصْرَفون عن هذه الدلائل الواضحات و الآيات البينات! وهل بعد الحق إلا الضلال ؟
    المسيح يُعرِّف نفسه بأنه نبيٌّ و رسولٌ لِلَّه و يؤكد أنه عبدٌ مأمورٌ لا يفعل إلا ما يأمره به الله تعالى و لا يتكلم إلا بما يسمعه من الله تعالى
    متى (13 / 54 ـ 58):
    " و لما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا و قالوا من أين لهذا هذه الحكمة و القوات؟ أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم و إخوته يعقوب و يوسي و سمعان و يهوذا؟ أو ليست أخواته جميعهن عندنا؟ فمن أين لهذا هذه كلها؟ فكانوا يعثرون به. و أما يسوع فقال لهم: ليس نبيٌّ بلا كرامة إلا في وطنه و في بيته. و لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم "
    و الشاهد في قوله " ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه " حيث عبر عن نفسه بأنه نبي، و هذه الجملة وردت في الأناجيل الأربعة جميعا.
    متى كذلك (10 / 40 ـ 41)
    "من يقبلكم يقبلني و من يقبلني يقبل الذي أرسلني و من يقبل نـبـياً باسم نـبـي فأجر نـبـيٍ يأخذ."
    و في إنجيل يوحنا (4/19) :
    " يا سـيـّد! أرى أنك نـبـيّ.. ".
    و في إنجيل يوحنا (6/14) :
    " فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: إن هذا هو بالحقيقة النـبـي الآتي إلى العالم ".
    لوقا (24/19) ::
    " فقال (لهما) (يسوع): و ما هي؟ (أي تلك الأحداث التي جعلتكم مغمومين) قالا: المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنسـانا نّـبِـيَّـاً مقتدرا في الفعل و القول أمام الله ".
    أجل، هكذا كان إيمان الحواريين بالمسيح: أنه كان إنسانا نبياً. و من الجدير بالذكر أن هذا الحوار جرى في آخر حياة المسيح عليه السلام ، و قبيل رفعه، فلا مجال للقول بأن هذا كان تصورهم القديم في بداية الدعوة لكنهم آمنوا بعد ذلك بألوهيته؟؟
    نصوص تؤكد أن المسيح لم يكن يمتلك بذاته و مستقلا عن الله أي قدرة و قوة، و أن السلطان ـ أي الولاية التكوينية و التشريعية ـ الذي أوتيه إنما دُفع إليه من قبل الله تعالى
    لوقا: (5/19) :
    " فأجاب يسوع و قال لهم: الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل ".
    و فيه أيضا (5/ 30) :
    " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا. كما أسمع أدين و دينونتي عادلة لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني ".
    و في نفس الإنجيل (5 / 36) :
    " و أما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنَّا. لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأعملها، هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني ".
    نصوص تفيد أن المعجزات التي كان يصنعها المسيح عليه السلام لم يكن يفعلها بقوته الذاتية المستقلة بل كان يستمدها من الله و يفعلها بقوة الله، أي أن الفاعل الحقيقي لها كان الله عز و جل الذي أظهرها علي يدي المسيح عليه السلام لتكون شاهدا له على صحة نبوته
    يوحنا يروي لنا معجزة إحياء المسيح لشخص مضى على وفاته أربعة أيام يدعى " عازر "، فيبين بوضوح أن هذه المعجزة ما حصلت إلا بعد أن تضرع المسيح لله عز و جل و طلب منه تحقيق هذه المعجزة ليؤمن الناس به و يصدقوا أن الله تعالى أرسله (11/ 41 ـ 44)
    " فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعا و رفع يسوع عينيه إلى فوق و قال: أيها الآب أشكرك لأنك سمعتَ لي. و أنا علمتُ أنك في كل حين تسمع لي. و لكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت، ليؤمنوا أنك أرسلتني. و لما قال هذا، صرخ بصوت عظيم: " لعازر! " هلمَّ خارجا. فخرج الميت و يداه و رجلاه مربوطات بأقمطة و وجهه ملفوف بمنديل. فقال لهم يسوع: حلُّوه و دعوه يذهب "
    ومعجزة اخراج الشياطين
    متى (12 / 24 ـ 28):
    " أما الفريسيون فلما سمعوا قالوا: هذا لا يخرج الشياطين إلا بِـبَـعْلَزَبُول رئيس الشياطين.فعلم يسوع أفكارهم و قال لهم: كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. فإن كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته؟.. و لكن إذا كنتُ أنا بروح الله أخرج الشيطان فقد أقبل عليكم ملكوت الله "
    وشاهد اخر
    يوحنا (5/36)
    " و أما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأعملها، هذه الأعمال بعينها التي أعملها هي تشهد لي بأن الآب قد أرسلني "
    كيف كان التلاميذ ينظرون إلى معجزات المسيح
    أعمال الرسل (2 / 14 و 22):
    " فوقف بطرس مع الأحد عشر و رفع صوته و قال لهم:... أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات و عجائب و آيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون "
    متى (9 / 6 ـ 8):
    “... حينئذ قال للمفلوج: قم احمل فراشك و اذهب إلى بيتك. فقام و مضى إلى بيته. فلما رأى الجموعُ ذلكَ تعجّبوا و مـجـَّدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا “
    يوحنا (3 / 1 ـ 2):
    " كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيسا لليهود. هذا جاء إلى يسوع ليلا و قال له: يا معلم، نعلم أنك قد أتيت من الله معلما لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه "
    يوحنا (9 / 30 ـ 31)
    "أجاب الرجل و قال لهم (أي لليهود) إن في هذا عجبا أنكم لستم تعلمون من أين هو (أي عيسى) و قد فتح عيـنيَّ، و نعلم أن الله لا يسمع للخطاة. و لكن إن كان أحد يتقي الله و يفعل مشيئته فلهذا يسمع. منذ الدهر لم يُسْمَع أن أحدا فتح عيني مولود أعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا "
    يوحنا (11/12)
    " فقالت مرثا ليسوع: يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي. لكني الآن أيضا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه "
    نصوص فيها استغاثة المسيح بالله عز و جل و طلبه من الله تعالى المدد و العون و دعاؤه الله تعالى لنفسه و لأجل تلاميذه مما يبين افتقار عيسى عليه السلام لله تعالى و عدم استغنائه بنفسه.
    لوقا (22 / 39 ـ 44):
    " و خرج مضى كالعادة على جبل الزيتون. و تبعه أيضا تلاميذه، و لما صار إلى المكان قال لهم: صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة، و انفصل عنهم نحو رمية حجر و جثا على ركبتيه و صلى قائلا: يا أبتاه! إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس. و لكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. و ظهر له ملاك من السماء يقوِّيه. و إذا كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة و صار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض "
    هل الله يحتاج لنجدة غيره أو يضطر للاستعانة بغيره و التضرع إليه؟؟ أو ليس الله بنفسه على كل شيء قدير؟! فلو كان سيدنا عيسى عليه السلام إلـها كما زُعِمَ فما معنى تضرعه إلى الله و سؤاله إياه أن يكشف عنه الكرب و ينقذه من المصيبة المحيطة به؟!
    لوقا: ( 23/34) :
    " فقال يسوع: يا أبتاه! اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ".
    إن الإلـه لا يحتاج أن يسأل أحدا غيره أن يغفر ذنب أحد، بل يغفر ذنب من يشاء بنفسه و يعذب من يشاء، فطلب عيسى عليه السلام المغفرة من الله للذين ظلموه، دليل على عدم إلـهيته و على أنه ليس له من الأمر شيء بل الأمر لله الآب وحده.
    متى (26 / 50 ـ 54) :
    " حينئذ تقدموا و ألقوا الأيادي على يسوع و أمسكوه. و إذا واحد من الذين مع يسوع مد يده و استل سيفه و ضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. فقال له يسوع: رد سيفك إلى مكانه، لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون. أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة؟! فكيف تكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون. "
    " أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي..... " الذي هو دليل واضح على نفي إلـهية عيسى لأن الإلـه لا يستعين بغيره و لا يطلب شيئا من سواه، و لو كان المسيح إلـها لقال عوضا عن ذلك: " أتظن أني لا أستطيع الآن أن أحضر أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة... " أو قال " أتظن أنني لا أستطيع أن أقضي عليهم جميعا بأمر كن فيكون؟!..." الخ. أما قوله: أستطيع أن أطلب من أبي فيدل على أنه عبدٌ لله تعالى محتاج دائما لنصره و مدده.
    يوحنا (14 / 15 ـ 16) :
    " إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي و أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد "
    " و أنا أطلب من الآب.. " مما يثبت احتياج عيسى عليه السلام لله تعالى و أنه لا يقدر من نفسه على أن يفعل ما يريد بل يطلب ذلك من ربه سبحانه و تعالى.
    المسيح عليه السلام يصرِّح بأنه إنســان و ابن إنســان و كذلك حواريّوه الخُلَّـص كانوا يؤمنون بأن المسيح إنسان نبيٌّ و رجلٌ مؤيّدٌ من الله
    يوحنا (8 / 40)
    " و لكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنـسـان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ".
    " و من أراد أن يصير فيكم أولا، يكون للجميع عبدا، لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت لـيُـخْـدَم بل لـيَـخْـدِم و ليبذِل نفسه فدية عن كثيرين " مرقس: 10 / 44 ـ 45.
    " و كما رفع موسى الحية في البرية، هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحيوة الأبدية "
    اعتراضـان أساسيان لعلماء المســيحية على الأدلة التي ذكرناها مع الإجابة عليهما :
    الاعتراض الأول:
    يجيب علماء المسيحية عن النصوص الإنجيلية التي استشهدنا بها بأن تلك الصفات و الأعراض البشرية التي تثبتها النصوص للمسيح ـ كصلاته لله أو عدم علمه بالساعة أو دعائه الله و طلبه منه المدد أو نومه و جوعه و عطشه و ألمه و موته... إلخ ـ إنما هي أعراضٌ لناسوته، و يقولون: نحن نقِرُّ و لا ننكر، بل نؤكد الطبيعة البشرية (الناسوتية) الكاملة للسيد المسيح، و نقول أنه إله تأنَّس أي صار بشرا، لذلك لما صار بشرا فلا بد أن تعرض له جميع صفات البشر، هذا في نفس كونه هو بذاته إلها حقا كامل الألوهية
    ، و هذه هي العقيدة التي أقرها مجمع خلقيدونية المسكوني عام 451 م. و التي نصت على أن المسيح أقنوم (أي شخـص) واحد ذو طبيعتين: طبيعة ناسوتية و طبيعة لاهوتية!.
    الجواب:
    أولاً:
    1- إن قولكم أن هذه الأعراض البشرية هي بحسب الناسوت و الجسد الذي تدرع به الله الابن، لا يمشي في جميع ما ذكر في الأناجيل عن المسيح من أعراض الضعف الطبيعي البشري، حيث تبين معنا فيما مضى أن بعض هذ الأعراض ليست أعراض جسدية بل من أعراض الروح، فإذا قالوا إنما جاع و عطش و تألم و مات بحسب الجسد الحقيقي الذي تجسد به، فماذا يقولون في نفيه علم الساعة عن نفسه و في جهله بعدم حمل شجرة التين للثمر و في ترقيه التدريجي بالحكمة و في ابتداء بعثته بنزول روح القدس عليه عند معموديته عن يد يوحنا المعمدان؟
    2- هل يقولون أنه كان ناقص العلم بحسب جسده؟! و متى كان الجسد يجهل أو يعلم؟ أم يقولون تدرج بالحكمة بحسب جسده؟؟ فمتى يكون الجسد حكيما؟! أم يقولون أن ابتداء بعثته و رسالته كان بحسب جسده! ومتى كان الجسد هو الذي يبعث بالرسالة؟ أليس الذي يبعث هو الشخص؟ و كذلك خوفه وارتعاده، و حزنه و بكاؤه و اضطرابه في الروح... الخ أليست هذه كلها صفات نفسية معنوية تتنافى مع كون الشخص إلها أو ذا طبيعة إلهية؟!
    و ثانيـاً:
    1- إن قولكم أن المسيح عليه السلام شخص واحد ذو طبيعتين ناسوتية و لاهوتية أي أنه هو إلـه خالق رازق كامل، و بنفس الوقت هو نفسه و عينه بشر مخلوق محتاج ناقص أيضا، فضلا عن أنه ادعاء لا دليل على شقه الأول أصلا من الإنجيل و تعاليم المسيح عليه السلام ـ كما سنفصله في الفصل القادم إن شاء الله ـ هو قولٌ لا يُفهَمُ معناه و لا يُعْقَل المراد منه و لا مُحَصَّل له، إذ هو بمثابة قولنا عن شخص واحد بعينه أنه قديم و مُحْدَث بنفس الوقت! أو أنه موجود و معدوم بنفس الوقت! أو أنه عالم بكل شيء و غير عالم بكل شيء بنفس الوقت!.. الخ،
    2- و أعتقد أن كل عاقل منصف يحترم العقل الذي زيننا الله تعالى به لا يشك في استحالة مثل هذا الفرض و لا يجادل في أن مثل هذا الكلام لا يعدو السفسطة المحضة و المناقضة الصريحة لأبسط بديهيات العقل و مسلمات المنطق و الوجدان
    3- هذا و من المفيد ذكره هنا أن إقرار هذه العقيدة ـ أعني عقيدة المسيح الأقنوم (الشخص) الواحد في طبيعتين ناسوتية و لاهوتية ـ الذي تم، كما قلنا، في مجمع خلقيدونية عام 451 م.، إنما كان على أثر جدل واسع بين آباء و أساقفة النصارى حول هذه النقطة و كان قرار ذلك المجمع هو السبب في انشقاق الكنائس الشرقية عن كنيسة روما،
    4- أعني الكنيسة القبطية التي رفضت قراره و قالت بالمسيح الشخص الواحد ذي الطبيعة الواحدة فقط [الناشئة في الأصل من طبيعيتن] و اتفق مع الأقباط في ذلك اليعاقبةُ في بلاد الشام و الجزيرة (الذين يعرفون بالسريان الأورثوذوكس) و طائفة من الأرمن هم أتباع الكنيسة الغريغورية الأرمنية.
    5- يضاف إلى ذلك، انشقاق النساطرة قبل ذلك أيضا إثر انعقاد المجمع الأفسسي قبل عشرين عاما من المجمع الخلقيدوني، أي سنة 431م.، ذاك الذي كان قد حكم بوجود: " اتحاد جوهري بين الطبيعتين في المسيح و أن الإله و الإنسان في المسيح هما واحد و بأن مريم والدة الإله "، فقد رفض البطريرك الكبير نسطوريوس، بطريرك القسطنطينية، هذه العقيدة لأنه كان يؤكد على التمايز بين أقنوم (شخصية) الإله و أقنوم (شخصية) الإنسان في السيد المسيح و قال ما مؤداه أنهما أقنومان اتحدا في المسيح، حيث أكد أن مريم لم تلد الله و لا يجوز أن يولد الله بل ولدت يسوع الإنسان، و كذلك لم يكن الله هو الذي صُلِب ـ في اعتقاده ـ و تألم و مات، إذ كيف يتألم الله و يموت؟! بل كان هو يسوع الإنسان.
    6- و بالتالي فقد ميَّزَ نسطوريوس في الحقيقة بين أقنومين (شخصيتين) في السيد المسيح و ليس فقط بين طبيعتين، و لذلك فمذهبه على الطرف النقيض تماما من مذهب الأقباط و اليعاقبة، و لذلك كل من المذهبين يكفِّـر الآخر و يلعنه و يتبرأ منه، هذا و قد كان مع نسطوريوس في عقيدته هذه كثير من مسيحيي المشرق الذين عرفوا بالنساطرة أو بطائفة الآشوريين أو الكلدان.
    7- و إنما ذكرت ذلك ليتبين أن هذه العقيدة بالمسيح الشخص الواحد ذي الطبيعتين، عقيدةٌ انقسم في شأنها المسيحيون أنفسهم، و رفضها قسم كبير منهم، مما يدل على أنها صياغة و تفسير اجتهادي للإنجيل و ليست من الأمور الواضحة القطعية فيه و إلا لما حصل حولها كل هذا الخلاف.
    8- و الحقيقة أن كثيرا من أساقفة و كهنة الكنيسة العامة لم يخف عليهم مدى غموض و انغلاق هذه العقيدة، و كونها غير معقولة و لا مفهومة إذا ما أراد الإنسان التعمق فيها و فهمها حق الفهم. لذا نجد أن عديدا منهم يجهدون أنفسهم لتوجيه هذه العقيدة المبهمة و تبريرها عقليا بمحاولة ضرب أمثلة مشابهة لها من عالم الواقع
    9- و قد نشأ من هذه الأبحاث علم قائم بذاته عرف باسم: Christology أي: علم (طبيعة) المسيح! و الحق أن كل ما ذكروه من أدلة عقلية أو أمثلة لتوجيه تلك العقيدة أو الدفاع عنها لا يخلو من تهافت و ضعف و ثغرات كبيرة و قابلية للنقد و النقض، و لولا خشية الإسهاب و الإطالة لذكرت أمثلتهم مع بيان تهافتها و عدم انطباقها على المسألة
    10- هذا و لشعور الكثيرين منهم بضعف الأمثلة و البراهين التي يطرحونها، رجَّحوا عدم البرهنة و الاستدلال العقلي على تلك العقيدة و اكتفوا بالقول بأنها سر من أسرار الله هو "سرّ التجسُّد" معترفين بأنه طلسم غيبي لا سبيل للعقل البشري المحدود أن يدركه أو يفهمه، لأنه ـ على حد زعمهم ـ من أسرار الربوبية و صفات الباري تقدس و تعالى التي يعجز البشر عن الإحاطة بكنهها و عجائب أفعالها وقدرتها!،
    11- و قالوا: إنها مسألة إيمان، و نحن نؤمن بما قاله آباؤنا العظام القدامى لأنهم معصومون مؤيدون من الله، أو بما نصت عليه النصوص المقدسة الإلهامية، بزعمهم، و لا يضرنا بعد ذلك أن لا يستوعب فهمنا هذا السر أو لا يدركه عقلنا!.
    12- و لكن الحقيقة أن هذا لا يحل المشكلة لأن المسألة ليست مسألة أمر "لا يدركه العقل" بل هي مسألة أمر: " يناقض بديهيات العقل"، و فرق كبير شاسع بين الأمرين،
    13- ففي حين يمكن قبول الأول و يوجد عقائد من ذلك النموذج في كل دين، لا يمكن قبول الثاني بحال من الأحوال، لأن القول بالمسيح الشخص الواحد بعينه إلهاً كاملاَ و بشراً حقيقياً، أي له طبيعتين، أو لنقل صفتين: اللاهوتية (أي الإلهية) الكاملة و الناسوتية (أي البشرية) الحقيقية بنفس الوقت، بمثابة قولهم أن زيدا نفسه عالم و جاهل بنفس الوقت، أي له صفتي الجهل و العلم بنفس الوقت! أو قادر و عاجز، و مستغن و محتاج بنفس الوقت! أو بمثابة قولنا أن الشكل الفلاني دائري و مربع بنفس الوقت، أو أن هذا الشيء بعينه موجود و معدوم بنفس الوقت...! و كل هذا مما يحكم صريح العقل ببطلانه و استحالته لأنه جمع بين المتناقضات و نقض لأبسط البديهيات العقلية التي بدون احترامها و الاعتماد عليها لا يقوم برهان على أي شيء في الدنيا.
    14- فشتان شتان بين أمر لا يناقض العقل و لا يتضمن أي استحالة عقلية لكن العقل لا يتمكن من الإحاطة به أو اكتناه حقيقته مثل كنه ذات الله عز و جل أو أزليته أو الأبدية اللانهائية و غير ذلك من مغيبات يؤمن بها كل دين، و بين أمر يتضمن استحالة عقلية و مناقضة لبديهيات العقل و مسلمات المنطق و الوجدان كالقول بشخص و ذات واحدة بعينها لها صفتي الألوهية الكاملة و البشرية الناقصة؟! أي القول بالمسيح الإله ـ الإنسان.
    الاعتراض الثاني
    : أيضا يجيب كثير من أساقفة و علماء اللاهوت المسيحيين عن الجواب السابق بأن الله تعالى لا يستحيل عليه شيء، و ما هو متناقض مستحيل في ذهننا، هو ممكن سهل بالنسبة إليه، و كيف لا و هو الرب الذي هو على كل شيء قدير و الفعّال لما يشاء؟! لذا فلا يعجزه و لا يمتنع عليه أن يتحول بذاته لإنسان حقيقي مخلوق و محتاج تعرض له جميع أعراض الضعف البشري الطبيعية من عدم علم ببعض الأمور و من خوف و احتياج للخالق و جوع و عطش و نوم و تألم و موت... إلخ كل هذا مع احتفاظه التام بألوهيته الكاملة! يقولون: نعم إنه يفعل هذا و أكثر و لا يُسْأَلُ كيف؟ لأنه على كل شيء قدير.
    الجواب:
    1- إن هذا الكلام أيضا مردود عقلا و نقلا:
    أما عقلا فلأن قدرة الله ـ التي هي بلا شك مطلقة و غير محدودة ـ إنما تتعلق بالممكنات العقلية لا بالمستحيلات العقلية، فالقدرة مهما كانت مطلقة و لا حدود لها تبقى في دائرة ممكنات الوجود، و لا تتعلق بالمستحيلات، و ليس هذا بتحديد لها، و لتوضيح هذه النقطة نضرب بعض الأمثلة:
    نسأل جميع هؤلاء الأساقفة و اللاهوتيين: هل يستطيع الله تعالى أن يخلق إلـها آخر مثله؟ إن قالوا: نعم. قلنا لهم: هذا المخلوق كيف يكون إلـها و هو مخلوق؟ و كيف يكون مثل الله مع أنه حادث في حين أن الله أزلي قديم؟ في الحقيقة إن عبارة " خلق إله " سفسطة و تناقض عقلي لأن الشيء بمجرد أن يُخلَق فهو ليس بإله، فسؤالنا هذا بمثابة سؤالنا هل يستطيع الله تعالى أن يخلق " إلـها غير إله "؟! و بديهي أن الجواب لا بد أن يكون: إن قدرة الله لا تتعلق بذلك، لأن كون الشيء إلـها و غير إله تناقض عقلي مستحيل الوجود و قدرة الله لا تتعلق بالمستحيلات.
    مثال آخر: نسألهم أيضا: هل يستطيع الله تعالى أن يخرِج أحدا حقيقة من تحت سلطانه؟
    2- إن أجابوا بالإيجاب حددوا نفوذ الله تعالى و سلطانه، و إن أجابوا بالنفي، و هو الصحيح، وافقونا بأن قدرة الله المطلقة لا تتعلق بالمستحيلات، لأنه مستحيل عقلا أن يخرج أي مخلوق من سلطان و نفوذ خالقه و موجده.
    3- مثال ثالث: سألني مرة أحد الملحدين فقال: " هل يستطيع ربكم أن يخلق صخرة هائلة تكون من الضخامة بحيث يعجز هو نفسه عن تحريكها "؟ و أضاف متهكِّما: " إن قلت لي نعم يستطيع، فقد أثبت لربك العجز عن تحريك صخرة و هذا دليل على أنه ليس بإله، و إن قلت لي: كلا، لا يستطيع، اعترفت بأنه لا يقدر على كل شيء، و بالتالي فهو ليس بإله "!.
    4- فأجبت هذا الملحد بكل بساطة: نعم، لا يدخل ضمن قدرة الله أن يخلق صخرة يعجز عن تحريكها، لأن كل ما يخلقه الله يقدر على تحريكه، و لكن عدم إمكان تعلق قدرة الله تعالى بخلق مثل هذه الصخرة المفترضة ليس دليلا على عجزه بل ـ على العكس تماما ـ هو دليل على كمال قدرته! لأن سؤالك هذا بمثابة من يسأل: هل يستطيع الله تعالى أن يكون عاجزا عن شيء ممكن عقلا؟ و بديهي أن الإجابة بالنفي لا تفيد تحديد قدرة الله بل تفيد تأكيد كمال قدرته تعالى و تمامها، لأن عدم العجز، عين القدرة و ليس عجزا. تماما كما أنه لو قلنا إن الله لا يمكن أن يجهل أو ينسى شيئا، لا يكون في قولنا هذا إثباتٌ لعجز فيه تعالى أو نقص، بل يكون تأكيداً على كماله تعالى و كلية قدرته و علمه.
    5- إذا فهمت هذه القاعدة جيدا، نعود إلى مسألتنا فنقول: إن رب العالمين و بارئ الأكوان أجمعين غني مطلق و قادر على كل شيء، و حي أزلي أبدي قيوم بل هو منبع كل حياة و مصدر كل وجود، و كل ما عداه قائم به سبحانه و موجود بوجوده، فهو جل شأنه عالم بكل شيء لأنه موجد كل شيء و مشيٍّئُ كل شيء، و كل الأشياء لا تتمتع بالوجود إلا بما أنها قائمة بالله تعالى، فكيف يعزب عنه علم شيء؟
    6- و كل هذه الصفات، صفات لازمة لذات واجب الوجود، فهي ليست صفات عرضية و لا مكتسبة حتى يجوز عليها التبدل أو الزوال، لكنها صفات الله الذاتية التي لا يمكن أن تتبدل و لا تزول، فلا يمكن أبدا لعلم الله المطلق أن يتحول إلى جهل و لا أن تتبدل قدرته الكلية إلى احتياج أو عجز، و لا أن تزول عنه صفة الغنى فيصير محتاجا و لا أن تزول عنه صفة الحياة فيطرأ عليه الموت! إذ أن تبدل الصفة الذاتية وزوالها من المستحيلات العقلية لذلك فقدرة الله لا تتعلق به،
    7- يعني أن الله تعالى لا يقدر ـ إن صح التعبير ـ أن يصير فعلا هو نفسه و بنحو حقيقي بشرا ضعيفا ناقص القدرة أو غير كامل العلم أو عرضة للألم و للموت! و بعبارة صريحة لا يمكن أن يصير هو بذاته المسيح الإنسان نفسه.
    8- اللهم إلا إذا قيل أن كل تلك الأعراض البشرية المذكورة عن المسيح في الأناجيل كانت مجرد تظاهر و تمثيل لا حقيقة له في الواقع، لكن مثل هذا الافتراض أمر ترفضه تماما كل الكنائس و المذاهب المسيحية لأن فيه مخالفة صريحة لظواهر الأناجيل أولا، و لأنه يصير هدما لأساس الديانة التي أقاموها على مبدأ فداء الله تعالى للبشر بتقديم ابنه، الإله الذي صار إنسانا، للعذاب و الآلام و الموت الحقيقي الواقعي كفارة لخطايا البشر و تخليصا لهم، إذ لو كانت بشرية المسيح و ما صاحبها من آلام و عذاب و موت ـ حسب اعتقادهم ـ مجرد تمثيل لأنهدمت عقيدة الفداء و الكفارة التي أقامت الكنيسة صرح النصرانية كلها عليه.
    9- و خلاصة الكلام أن الإنجيل أثبت للمسيح أعراض الضعف و النقص البشرية، و الله تعالى لا يمكن و لا يتعلق بقدرته أن يتصف حقيقةً بهذه الأعراض،
    10- فالنتيجة أن الله تعالى لا يمكن أن يكون المسيح. هذا عقلا وأما نقلا فقد أيدت أيضا نصوص الكتاب المقدس ما تحكم به بديهة العقل من أن صفات الله تعالى الذاتية لا تتبدل و لا تتغير و لا تزول،
    11- فقد جاء في العهد القديم في سفر النبي ملاخي (الإصحاح الثالث / آية 6) ما نصه: "لأني أنا الرب لا أتغير فأنتم يا بني يعقوب لم تفنوا ".
    و كذلك جاء في العهد الجديد في رسالة القديس يعقوب (الإصحاح الأول / 16 ـ 17) ما نصه: " لا تضلوا يا إخوتي الأحباء، فكل عطية صالحة و كل هبة كاملة تنزل من فوق، من عند أبي الأنوار، و هو الذي لا يتغير و لا يدور فيرمي ظلاً "[19] .
    فهذه النصوص تؤكد أن الله تعالى لا يتغير و صفاته لا تتبدل، فسبحان الله تعالى عما يصفون.
    شبهات المؤلهين للمسيح والرد عليها
    الشبـهات الـقولية
    الشبهة الأولى
    إطلاق عبارة "ابن الله " على المسيح عليه السلام في الإنجيل.
    الإجابة عن هذه الشبهة :
    الوجه الأول:
    1- مبدئيا نقول أنه لا يمكن أن يكون المقصود من عبارة " ابن الله " المستخدمة بحق عيسى بن مريم عليه السلام معنى حقيقيا، لأن ذلك سيتعارض مع إطلاق عبـارة " ابن الإنسان " و عبارة " ابن داود " كثيرا على المسيح أيضا، إذ من البديهي أنه لا يمكن للشخص الواحد نفسه أن يكون ابنا لأبوين بالمعنى الحقيقي!!
    2- و لا عبرة لقولهم أنه ابن الإنسان من ناحية ناسوته و ابن الله من ناحية لاهوته، لأنه سبق و بينا استحالة أن يكون شخص واحد بعينه و بذاته: بشراً و إلهاً بنفس الوقت!.
    3- فلا بد أن تكون البنوَّة في إحدى التعبيرين مرادة حقيقة أي هي بنوة التولُّد، و في الآخر مرادة مجازا عن معنى معنوي آخر.
    3- فنقول أن الأدلة البينة التي فصلناها في الفصل الماضي و ما سيأتي في هذا الفصل كافية لبيان أن بنوته للإنسان هي البنوّة المرادة بمعناها الحقيقي أما بنوته لله فذات معنى مجازي سيأتي توضيحه.
    الوجه الثاني:
    1- لدى تتبعنا لاستخدام عبارة " ابن الله " في الأناجيل نرى أن هذا التعبير يقصد به معنى الصالح البار الوثيق الصلة بالله و المتخلِّق بأخلاق الله. فقد جاء في إنجيل مرقس (15/ 39): "و لما رأى قائد المائة، الواقف مقابله، أنه صرخ هكذا، و أسلم الروح، قال: حقا كان هذا الإنسان ابن الله". نفس هذا الموقف أورده لوقا في إنجيله فنقل عن قائد المائة أنه قال عن المسيح: "بالحقيقة كان هذا الإنسان با رَّ اً "، فما عبر عنه مرقس في إنجيله بعبارة " ابن الله " عبر عنه لوقا بعبارة "بارّاً "، مما يبين أن المراد من عبارة ابن الله ليس إلا كونه بارا صالحا.
    2- و بهذا المعنى كان يستخدم اليهود ـ مخاطَبي المسيح ـ لفظة " ابن الله "، التي لم تكن غريبة عليهم، بل شائعة و مستخدمة لديهم بالمعـنـى الذي ذكرناه، و لذلك نجد مثلا، أن أحد علماء اليهود و اسمه " نتنائيل"، لما سمع من صديقه فيليبس، عن نبيٍّ خرج من مدينة الناصرة، استنكر ذلك في البداية، لكنه لما ذهب ليرى عيسى بنفسه، عرفه عيسى {.. و قال فيه: " هو ذا اسرائيلي خالص لا غش فيه "، فقال له نتنائيل: " من أين تعرفني؟ "، أجابه يسوع: " قبل أن يدعوك فيليبس و أنت تحت التينة، رأيتك! " فأجابه نتنائيل: " رابِّي! أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل "} (يوحنا 1/ 45 ـ 49)،
    3- و مما لا شك فيه، أن مقصود نتنائيل، كإسرائيلي يهودي موحد، عالم بالكتاب المقدس، من عبارة ابن الله هذه، لم يكن: أنت ابن الله المولود منه و المتجسد! و لا مقصوده: أنت أقنوم الابن المتجسد من الذات الإلهية!! لأن هذه الأفكار كلها لم تكن معروفة في ذلك الوقت، و لا تحدث المسيح نفسه عنها، لأن هذه الحادثة حدثت في اليوم الثاني لبعثة المسيح فقط، بل من الواضح المقطوع به أن مقصود نتنائيل من عبارته أنت ابن الله: أنت مختار الله و مجتباه، أو أنت حبيب الله أو من عند الله، أو أنت النبي الصالح البار المقدس، و نحو ذلك. هذا
    4- و مما يؤكد ذلك، أن لقب " ابن الله " جاء بعينه، في الإنجيل، في حق كل بارٍّ صالح غير عيسى عليه السلام، كما استعمل " ابن إبليس" في حق الإنسان الفاسد الطالح
    ففي إنجيل متى (5/ 9): " طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناءُ الله يُدْعَوْنَ "، و فيه أيضا: " و أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم، و يطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات " متى (5 / 44 ـ 45).
    فسمَّى الأبرار المحسنين بلا مقابل المتخلِّقين بـخُلُقِ الله بـِ " أبناء العلي " و " أبناء أبيهم الذي في السموات ".
    و في إنجيل لوقا أيضا يطلِق المسيح عليه السلام على أهل الجنة عبارة " أبناء الله" فيقول: " و لكن الذين حُسِبوا أهلا للحصول على ذلك الدهر و القيامة من الأموات لا يُـزوِّجون و لا يُـزَوَّجون. إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضا لأنهم مثل الملائكة و هم أبناء الله إذ هم أبناء القيامة "لوقا:20 / 35ـ 36
    5- و قد جاء في بعض رسائل العهد الجديد ما يوضح هذا المجاز أشد الإيضاح و لا يترك فيه أي مجال للشك أو الإبهام. فقد جاء في رسالة يوحنا الأولى (5/1ـ2) قوله: “ كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله. و كل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضا. بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله و حفظنا وصاياه ".
    و في آخر نفس هذه الرسالة: " نعلم أن كل من ولد من الله لايخطئ بل المولود من الله يحفظ نفسه و الشرير لا يمسه " 5/18.
    و أيضا في الإصحاح الثالث من نفس تلك الرسالة، يقول يوحنا: "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطيَّة لأن زرعه يثبت فيه و لا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله، بهذا أولاد الله ظاهرون و أولاد إبليس... الخ " رسالة يوحنا الأولى: 3/ 9ـ10.
    و في الإصحاح الرابع من تلك الرسالة أيضا: " أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا لأن المحبة هي من الله و كل من يحب فقد ولد من الله و يعرف الله " رسالة يوحنا الأولى: 4/7.
    و في رسالة بولس إلى أهل رومية (8 / 14 ـ 16): "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولـئك هم أبناء الله. إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله".
    6- و في رسالة بولس إلى أهل فيليبس (2 / 14 ـ 15): "افعلوا كل شيء بلا دمدمة و لا مجادلة. لكي تكونوا بلا لوم و بسطاء أولاد الله بلا عيب في وسط جيل معوج و ملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم".
    ففي كل هذه النصوص استعملت عبارات: ابن الله، أبناء الله، أولاد الله، و الولادة من الله، بذلك المعنى المجازي الذي ذكرناه.
    الوجه الثالث :
    1- لقد جاء أيضا في العهد الجديد و القديم، إطلاق عبارة " ابن الله " و أحيانا " بكر الله " أي ابنه البكر، على بعض أنبياء بني إسرائيل الذين أنعم الله عليهم و فضَّلهم ـ في ذلك الوقت ـ على العالمين،
    2- و فيما يلي ذكر الشواهد على ذلك:
    سفر الخروج (4/ 22 ـ 23)
    فتقول لفرعون: هكذا يقول الرب: إسرائيل ابـنـي البـكـر، فقلت لك أطلق ابـنـي ليعبدني فأبيت أن تطلقه. ها أنذا أقـتل ابنك البكر"
    صموئيل الثاني: 7/12ـ14
    ، يقول الرب لعبده داوود: "متى كملت أيامك و اضطجعت مع آبائك أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبني بيتا لاسمي و أنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أبا و هو يكون لي ابنا ".
    . المزامير: 89/ 25ـ 27.
    " و أَجعلُ على البحر يده و الأنهار يمينه. و هو يدعوني أبي أنت. إلـهي و صخرة خلاصي. و أنا أيضا أجعله بكراً على من ملوك الأرض "
    3- ففي الشاهدين الأخيرين أطلق الله تعالى على أفرايم و داود عليهما السلام لفظ "بِكري "، و في الشاهد رقم 2 أطلق على إسرائيل ( أي يعقوب عليه السلام ) لقب " ابني البكر "و في الشاهد رقم 3 اعتبر سليمان أو المسيح عليهما السلام (حسب تفسير البشارة) ابناً له كذلك. فلو كان إطلاق مثل هذه العبارة، أعني عبارة البنوة لله، على نبي عظيم، يفيد إلـهيته لكان كل من اسرائيل و داود وأفرايم و سليمان عليهم السلام آلهة!! بل أحق بالألوهية من عيسى عليه السلام، لإن الابن البكر أقرب للأب من غيره و أحق بالإكرام بحسب الشرائع السابقة و بحسب العرف الرائج بين الناس في احترام الابن البكر!.
    4- " أنتم أولاد للرب إلـهكم " تثنية: 14/1.
    المزامير 82 / 6 ـ7.
    " أنا قلت إنكم آلهة، و بني العلـيِّ كلكم. لكن مثل الناس تموتون و كأحد الناس تسقطون "
    : " لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال و لا يعد و يكون عوضا عن أن يقال لهم لستم شعبي يقال لهم أبناء الله الحي" هوشع: 1/ 10.
    " لما كان إسرائيل غلاما أحببته و من مصر دعوت ابني" هوشع: 11 /1
    5- أن كل هذه الشواهد تكفي للاقتناع بأن لفظ " ابن الله الحي " أو " ابني " أو " أولاد الله " لا يراد منها ـ في لغة الكتاب المقدس ـ البنوة الحقيقية و الولادة الواقعية بالمعنى الحرفي للكلمة، و إلا لكان جميع بني إسرائيل آلهة! و إنما المراد بها نوع من العلاقة المعنوية الوثيقة التي تدل على اعتناء و اختصاص و عطف من الله بمن أُطْلِقَ عليهم أبناؤه أو أولاده، فهي في غاية الأمر بنوَّة معنوية فحسب.
    6- فإن قيل: إنما سمى الإنجيل عيسى عليه السلام بـ "الابن الوحيد " لله مما يفيد أن بنوَّته لله بنوَّة فريدة متميزة لا يشاركه فيها أحد فهي غير بنوَّة أنبياء بني إسرائيل، لِـلَّه، وغير بنوَّة المؤمنين الأبرار الصالحين عموما أو بنوَّة شعب بني إسرائيل أو الملائكة، لله.. الخ، فلا يبقى إلا أنها كذلك لأنها بنوَّة حقيقية جوهرية.
    7- فجوابه: إن عبارة "الابن الوحيد " في الكتاب المقدس لا تعني بالضرورة الانفراد و الوحدانية الحقيقية بل قد يقصد بها الحظوة الخاصة و المنزلة الرفيعة،
    8- يدل على ذلك أن سفر التكوين من التوراة يحكي أن الله تعالى امتحن إبراهيم عليه السلام فقال له: "يا إبراهيم! فقال: هأنذا. فقال: خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، اسـحق، و اذهب إلى أرض المـريا... " تكوين: 22/1ـ2.
    فأطلق الكتاب المقدس على اسحق لقب الابن الوحيد لإبراهيم، هذا مع أنه، طبقا لنص التوراة نفسها، كان اسماعيل قد وُلِد لإبراهيم، قبل إسحق، كما جاء في سفر التكوين: " فولدت هاجر لأبرام ابنا و دعا أبرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر: اسماعيل. كان أبرام ابن ست و ثمانين لما ولدت هاجر اسماعيل لأبرام " تكوين: 16 / 15 ـ 16، ثم تذكر التوراة أنه لما بلغ إبراهيم مائة سنة بشر بولادة إسحـق (سفر التكوين: 17 / 15 إلى 20)، و بناء عليه لم يكن اسحق ابناً وحيداً لإبراهيم بالمعنى الحقيقي للكلمة، مما يؤكد أن تعبير " الابن الوحيد " لا يعني بالضرورة ـ في لغة الكتاب المقدس ـ معنى الانفراد حقيقة، بل هو تعبير مجازي يفيد أهمية هذا الابن و أنه يحظى بعطف خاص و محبة فائقة و عناية متميزة من أبيه، بخلاف سائر الأبناء، و لا شك أن محبة لله تعالى للمسيح و عنايته به أرفع و أعلى و أعظم من عنايته بجميع الملائكة و جميع من سبقه من الأنبياء لذا صح إطلاق تعبير: " ابني الوحيد" عليه.
    الشبهة الثانية
    تأكيد عيسى عليه السلام مراراً على أن الله تعالى " أباه "
    " ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات " متى: 7 / 21.
    : " كل شيء قد دفع إلي من أبي و ليس أحد يعرف الابن إلا الآب و لا أحد يعرف الآب إلا الابن و من أراد الابن أن يعـلن له " متى: 11/27.
    " و أما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما أحد و لا ملائكة السموات إلا أبي وحده " متى: 24 / 36.
    يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لايعلمون ماذا يفعلون " لوقا: 23 / 34.
    " و نادى يسوع بصوت عظيم و قال: يا أبتاه في يديك أستودع روحي " لوقا: 23 / 46.
    الإجابة عن هذه الشبهة:
    1- لم يكن عيسى يعتبر الله تعالى أباه لوحده فقط، بل كان يعتبره أيضا أبَ جميع المؤمنين أيضا، فإذا أطلق على الله تعالى عبارة " أبي" فقد أطلق مرارا كذلك عبارة: " و أبيكم "، بلا أي فرق، بل علَّم المؤمنين أن يبدؤا صلاتهم اليومية بقولهم: " أبانا الذي في السموات ليتقـدَّس اسمك.. الخ " ، فإذا كانت أبوة الله لعيسى تدل على إلـهيته فإذن أبوة الله لنا تدل على إلـهيتنا نحن كذلك، و هذا أمر باطل باتفاق الجميع، فثبت أن هذه الأبوة هي أبوة معنوية، أي أبوة بالمعنى المجازي
    2- يوحنا (20/17): " قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. و لكن اذهبي لإخوتي و قولي لهم: إني أصعد إلى أبي و أبـيكم و إلـهي و إلـهكم ".
    متى (5/45 و 48): "... و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم و يطردونكم لكي تكونوا أبناء أبـيكم الذي في السموات... فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل... ".
    لوقا (6/36): " فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم "
    3- هذا التعبير بعينه جاء على لسان بعض الأنبياء السابقين
    "... فإنك أنت أبونا. إبراهيم لم يعرفنا. و إسرائيل لم يعلم بنا. أنت يا رب أبـونا. منذ الأزل اسمك فادينا " [6] إشعيا: 63 / 16.
    ففي لغة الكتاب المقدس، درج الأنبياء على اعتبار الله تعالى أباهم لا على المعنى الحقيقي بل المجازي
    الشبهة الثالثة
    قول المسيح عليه السلام : " أنا و الآب واحد "
    الإجابة عن هذه الشبهة :
    كمقدمة نقول إن أي عبارة جاءت في وسط كلام ما، إذا أردنا أن نفهمها على وجهها الصحيح و ندرك المقصود منها بالضبط، لا يجوز أن نقتطعها من سياقها الذي جاءت فيه و نفصلها عمَّا سبقها و ما يلحقها، بل لا بد من فهمها ضمن سياق الكلام الذي جاءت فيه. لذا لا بد لنا أن ننظر تمام كلام المسيح عليه السلام الذي ناقش به اليهود و الذي جاءت هذه العبارة في وسطه:
    جاء في إنجيل يوحنا (10/ 22 ـ 36):
    " و كان عيد التجديد في أورشليم و كان شتاء. و كان يسوع يتمشَّى في الهيكل في رواق سليمان. فاحتاط به اليهود و قالوا له: إلى متى تعلق أنفسنا؟ إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهرا. أجابهم يسوع: إني قلت لكم و لستم تؤمنون. الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي و لكنكم لستم تؤمنون لأنكم لستم من خرافي كما قلت لكم. خرافي تسمع صوتي و أنا أعرفها فتتبعني. و أنا أعطيها حياة أبدية و لن تهلك إلى الأبد و لا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل و لا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا و الآب واحد.
    فتناول اليهود أيضا حجارة ليرجموه. أجابهم يسوع: أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي، بسبب أي عمل منها ترجمونني؟ أجابه اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فإنك و أنت إنسان تجعل نفسك إلـها. أجابهم يسوع: أليس مكتوبا في ناموسكم " أنا قلت إنكم آلـهة"؟ فإن قال آلهة لأولـئك الذين صارت إليهم كلمة الله ـ و لا يمكن أن ينقض المكتوب ـ فالذي قدَّسه الآب و أرسله إلى العالم، أتقولون له إنك تجدِّف لأني قلت إني ابن الله؟ "
    قلت: في البداية ينبغي أن نوضح أن قول المسيح عليه السلام: أليس مكتوبا في ناموسكم: أنا قلت إنكم آلهة، هو إشارة منه لآيتين وردتا في سفر المزامير الموحى لداود عليه السلام من كتاب العهد القديم و هما الآيتان 6 و 7 من المزمور 82، و تمام الآيتين كما يلي: " أنا قلت إنكم آلهة و بنو العليِّ كلكم، لكن مثل الناس تموتون و كأحد الرؤساء تسقطون ".فالآن نقول: أولا: لو تأملنا ما قاله المسيح عليه السلام لليهود بعد اعتراضهم على قوله: " أنا و الآب واحد " لتبين لنا بكل وضوح مراده عليه السلام من هذا القول.
    و تفصيل ذلك أن اليهود لما أنكروا على المسيح عليه السلام قوله: " أنا و الآب واحد" لأنهم ظنوا أن المسيح أراد منه معناه الحرفي الظاهر و هو جعل نفسه عين الله تعالى، تبرَّأ المسيح من إرادة ذلك المعنى و بين أن مقولته تلك هي من قبيل التجوُّز، و بين لهم جهة التجوِّز، فقال ما فحواه أن كتابكم المقدس قد جاء فيه تسمية داود لكم بالآلهة، و طبعا ليس المراد منه أنكم آلهة حقيقة، إنما أطلق عليكم هذا اللفظ لمعنى و هو صيرورة كلام الله و وحيه إليكم، فكذلك أنا الذي شاركتكم في صيرورة كلام الله و وحيه إليِّ، لماذا تنكرون عليِّ استخدام نفس هذا التعبير المجازي في حقي؟!
    و حاصل كلامه أن هذا التعبير ضرب من المجاز استعماله حسن شائع غير منكر و قد صرَّح عيسى عليه السلام في النص المذكور بجهة المجاز، بقوله: " إن قال آلهة لأولـئك الذين صارت لهم كلمة الله ".
    و ليس المراد بالكلمة هنا طبعا لفظا ذا حروف، و إنما أراد بالكلمة سرا يهبه الله لمن يشاء من عباده، يحصل لهم به التوفيق إلى ما يصيِّرهم غير مباينين لله ، بل يصيِّرهم لا يحبون إلا ما يحبه، و لا يبغضون إلا ما يبغضه و لا يكرهون إلا ما يكرهه، و لا يريدون إلا ما يريده من الأقوال و الأعمال اللائقة بجلاله.
    فإذا صار بهم التوفيق إلى هذه الحالة، حصل لهم المعنى المصحِّح للتجوُّز، هذا و يؤكد صحة التأويل الصارف إلى المجاز المذكور أنه عليه السلام احترز عن إرادة ظاهر هذا النص الدال على الاتحاد، بقوله:" فكيف تقولون لي أنا الذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم أنت تكفر لأني قلت أنا ابن الله؟ "فصرح عيسى عليه السلام بهذا أنه غير الآب، بل أن الآب هو الذي قدسه و أرسله، فهو رسولٌ لِلَّه و ليس هو عين الله، متبرأً بهذا من الإلـهية التي تخيل اليهود أنه ادعاها لنفسه، مثبتا لنفسه خصوصية الرسل و الأنبياء فحسب.
    هذا و لو كان مراد عيسى عليه السلام من قوله " أنا و الآب واحد " هو مفهومه الظاهر و أنه عين الله تعالى نفسه، لكان جهر بذلك و صرح به و لم يكن يتهرَّب من هذا المعنى، و لكان ما فعله من تهربه من إظهار ذلك و إنكاره له بما ضربه لهم من مثال على أن هذا مجاز لا حقيقة، مغالطة منه و غشا في الدعوة و تحريفا للعقيدة التي يؤدي الجهل بها إلى سخط الله، و هذا لا يليق بالأنبياء المرسلين الهادين إلى الحق.
    فإن قيل: إنما ضرب لهم المثل لاتقاء شرهم و ليدفع عن نفسه أذاهم، قلنا: الخوف من اليهود لا يليق بمن يُدَّعى فيه أنه إلـه العالم و موجد الكائنات؟! ثم إن كان هو الإله الذي يجب أن يعبد حقا، و قد غشهم و صرفهم عن اعتقاد ذلك، يكون قد أضلهم عن أساس الدين و أمرهم بعبادة غيره، و هذا لا يليق بمن يُدَّعى فيه أنه أتى لخلاص العالم، بل لا يليق بمن انتصب للإرشاد و الهداية من عامة الناس، فضلا عمن صرح بأنه رسول هاد مرشد.
    ثانيا: هذا التعبير الذي أطلقه عيسى على نفسه، بأنه و الآب واحد، أطلقه بعينه تماما على الحواريين عندما قال في نفس إنجيل يوحنا هذا: " و لست أسأل من أجل هؤلاء فقط، بل أيضا من أجل الذي يؤمنون بي بكلامهم ليكون الجميع واحدا كما أنك أنت أيها الآب فـيَّ و أنا فيك، ليؤمن العالم أنك أرسلتني، و أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني، ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد. أنا فيهم و أنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد" إنجيل يوحنا: 17/ 20 ـ 23.
    إذن فالوحدة هنا ليس المقصود منها معناها الحرفي، أي الانطباق الذاتي الحقيقي، و إنما هي وحدة مجازية أي الاتحاد بالهدف و الغرض و الإرادة، و هذا ظاهر جدا من قوله " ليكونوا هم أيضا واحدا فينا "و قوله: " ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد، أنا فيهم و أنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد "، حيث دعى الله تعالى أن تكون وحدة المؤمنين الخلَّص مع بعضهم البعض مثل وحدة المسيح عليه السلام مع الله سبحانه وتعالى ، و لا شك أن وحدة المؤمنين مع بعضهم البعض و صيروتهم واحدا ليست بأن ينصهروا مع بعض ليصبحوا إنسانا واحدا جسما و روحا!! بل المقصود أن يتحدوا بع بعضهم بتوحد إرادتهم و مشيئتهم و محبتهم و عملهم و غرضهم و هدفهم و إيمانهم...الخ أي هي وحدة معنوية، فكذلك الوحدة المعنوية بين الله تعالى و المسيح.
    و يؤكد ذلك أنه عليه السلام دعا الله تعالى لوحدة الحواريين المؤمنين ليس مع بعضهم البعض فحسب بل مع المسيح و مع الله تعالى أيضا، بحيث تجعل الجميع واحدا، فلو كانت وحدة المسيح مع الله هنا تجعل منه إلـها، لكانت وحدة الحواريين مع المسيح و مع الله تجعل منهم آلهة أيضا!! و للزم من ذلك أن المسيح يدعو الله تعالى أن يجعل تلاميذه آلهة، و خطور ذلك ـ كما يقول الإمام أبي حامد الغزالي ـ ببال من خلع ربقة العقل، قبيح، فضلا عمن يكون له أدنى خيار صحيح، بل هذا محمول على المجاز المذكور، و هو أنه عليه السلام سأل الله تعالى أن يفيض عليهم من آلائه و عنايته و توفيقه إلى ما يرشدهم إلى مراده اللائق بجلاله بحيث لا يريدون إلا ما يريده و لا يحبون إلا ما يحبه و لا يبغضون إلا ما يبغضه، و لا يكرهون إلا ما يكرهه، و لا يأتون من الأقوال و الأعمال إلا ما هو راض به، مؤثر لوقوعه، فإذا حصلت لهم هذه الحالة حسن التجوز.
    و يدل على صحة ذلك أن إنسانا لو كان له صديق موافق غرضه و مراده بحيث يكون محبا لما يحبه و مبغضا لما يبغضه كارها لمايكرهه، حسن أن يقال: أنا و صديقي واحد. و يتأكد هذا المعنى المجازي لعبارة المسيح عليه السلام إذا لا حظنا الكلام الذي جاء قبلها و أن المسيح كان يقول أن الذي يأتي إلي و يتبعني أعطيه حياة أبدية و لا يخطفه أحد مني، لأن أبي الذي هو أعظم من الكل هو الذي أعطاني أتباعي هؤلاء و لا أحد يستطيع أن يخطف شيئا من أبي، أنا و أبي واحد، يعني من يتبعني يتبع في الحقيقة أبي لأنني أنا رسوله و ممثل له و أعمل مشيئته فكلانا شيء واحد. و هذا مثل قوله تعالى عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " من يطع الرسول فقد أطاع الله "، و أعتقد أن قصد الوحدة المجازية واضح جدا.
    و قد جاء نحو هذا التعبير بالوحدة المجازية مع الله، عن بولس أيضا في إحدى رسائله و هي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (6 / 16 ـ17) حيث قال: " أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد لأنه يقول: يكون الاثنان جسدا واحدا؟ و أما من التصق بالرب فهو روح واحد "، و عبارة الترجمة العربية الكاثوليكية الجديدة: " و لكن من اتحد بالرب صار و إياه روحا واحدا ".
    فكل هذا يثبت أن الوحدة هنا لا تفيد أن صاحبها هو الله تعالىعينه ـ تعالى الله عن ذلك ـ و إنما هي وحدة مجازية كما بينا.

    الشبهة الرابعة
    قول عيسى عليه السلام : " الآب فيَّ و أنا في الآب
    الإجابة عن هذه الشبهة:
    الاستدلال بأمثال هذه العبارات على إلـهية المسيح ضعيف و باطل أيضا من عدة وجوه:
    أولا: هذه النصوص واجبة التأويل عند جمهور أهل التثليث لكونهم جميعا لا يؤمنون بظاهرها الحرفي الذي يفيد حلول الله الآب في عيسى الناصري البشر، لأن جمهور المسيحيين يرون أن الله الابن ـ و ليس الآب ـ هوالذي تجسد في المسيح عليه السلام، و لذلك فهذا النص يؤولونه بأن المقصود بعبارة: " الآب فيَّ و أنا في الآب " اتحاد الآب و الابن في الجوهر أي الاتحاد الباطني، و إن كانا شخصيتين منفصلتين.
    ثم يصححون حلول الله الابن في عيسى البشر الذي كان الناس يرونه ـ رغم أن الله تعالى لا يرى و لا تدركه الأبصار باتفاق المسيحيين كلهم ـ بأن المسيح كان إنسانا كاملا و إلـها كاملا بنفس الوقت! و لذلك صح هذا الحلول باعتبار لاهوته، و لكننا سبق و أن بينا بالتفصيل أن هذا باطل و مخالف لصريح العقل و بديهيات المنطق و الوجدان [12] .
    إذن لا مجال للأخذ بظاهر هذا النص و بمعناه الحرفي بل لا بد من المصير إلى معنى مجازي لهذا الاتحاد المذكور، و سيأتيك فيما يلي توضيح هذا المعنى المجازي استنادا إلى نصوص متشابهة من نفس الإنجيل و رسائل القديسين.
    ثانيا: في نفس الإصحاح من إنجيل يوحنا الذي جاءت فيه تلك العبارة، جاء في الآية 20 منه قول المسيح عليه السلام أيضا: " في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي و أنتم فيَّ و أنا فيكم " يوحنا: 14 / 20.
    كذلك مر معنا في الشبهة الماضية قول المسيح عليه السلام في دعائه الله تعالى لأجل التلاميذ:
    " ليكون الجميع واحدا كما أنك أيها الآب فِـيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني... (إلى قوله) أنا فيهم و أنت فـيَّ ليكونوا مكمِّـلين إلى واحد.." إنجيل يوحنا: 17 / 21 ـ 23.
    فالمسيح عليه السلام لم يقل أن الله تعالى فيه و هو في الله فقط، بل كذلك قال أن الحواريين أيضا هم في المسيح و المسيح فيهم، و دعا أيضا الله تعالى أن يكون الحواريون في الله و في المسيح أيضا فقال: ليكونوا هم أيضا فينا!
    فإذا كانت الكينونة " في الله " تعني الإلـهية، فإذن المسيح يدعو الله تعالى أن يصير تلاميذه آلهة! و هذا لا يقول به مسيحي.
    ثم لما كان ـ حسب تلك العبارات ـ الآب في المسيح و المسيح في التلاميذ، إذن، الآب في التلاميذ أيضا لأن الحالَّ في حالٍٍّ في محلٍٍّ، حالٌّ أيضا في ذلك المحلِّ، فإذا كان ثبات الله تعالى في المسيح يدل على ألوهيته، فإن ثبات الله تعالى في التلاميذ يعني ألوهيتهم أيضا!! و هذا ما لا يعتقده مسيحي، إذن هذا الاتحاد في المحل و هذه الكينونة أو الثبات في الله، ليست مرادة بمعناها الحرفي، بل المراد منها معنى مجازي، فما هو؟ إن الحواريين أنفسهم و كتَّاب الرسائل الملحقة بالأناجيل في العهد الجديد حلوا لنا هذا الإشكال بكل وضوح، و هذا ما نراه في النقطة التالية:
    ثالثـا: لقد جاءت مثل هذه التعبيرات مرات عديدة في رسائل العهد الجديد المكملة للأناجيل، و منها يظهر مرادهم من حلول الله تعالى أو ثباته في شخص، و فيما يلي بعض هذه النصوص التي تظهر إرادة هذا المعنى المجازي من تعبير الحلول و الثبات في الله:
    (1) جاء في رسالة يوحنا الأولى (4/ 12ـ 15):
    " الله لم ينظره أحد قط، إن أحب بعضنا بعضا فالله يثبت فينا و محبته قد تكملت فينا. بهذا نعرف أننا نثبت فيه و هو فينا أننا قد أعطانا من روحه. و نحن قد نظرنا و نشهد أن الله قد أرسل الابن مخلِّصا للعالم. من اعترف أن يسوع هو ابن الله فا لله يثبت فيه و هو في الله ".
    (2) و جاء في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس (6 / 16):
    " فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: أني سأسكن فيهم و أسير بينهم و أكون لهم إلـها و هم يكونون لي شعبا "
    قلت: فمن هذه النصوص يتضح جليَّاً أن مرادهم من تعبير ثبات الله تعالى في المؤمنين المطيعين، هو أنه تعالى معهم و مؤيد لهم و محب و ناصر لهم و أنه تعالى جعل إرادتهم مثل إرادته و مشيئتهم كمشيئته، إذ لو كان ثبات الشخص في الله أو ثبات الله فيه مشعرا بالاتحاد و مثبتا للألوهية للزم أن يكون الحواريون، بل جميع أهل كورنثوس و جميع الصالحين آلهة!!، فكذلك تماما ثبات الله تعالى في المسيح و ثبات المسيح فيه معناه أن ما يقوله المسيح و يفعله هو قول الله تعالى و فعله و مطابق لمشيئته و منطلق من تأييده و محبته و رضوانه، فإرادتهما متحدة و هدفهما واحد.
    الشبهة الخامسة
    قول المسيح عليه السلام : " الذي رآني فقد رأى الآب " يوحنا:14 / 9.
    مناقشة هذه الشبهة :
    لفهم هذه العبارة لا بد أن نلاحظ تمام الكلام الذي جاءت في وسطه. لقد جاءت هذه العبارة ضمن حوار، رواه يوحنا في إنجيله (14/1 ـ 10)، جرى بين المسيح عليه السلام و تلاميذه الإثني عشر، في العشاء الأخير، و فيه يقول المسيح:
    " لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة. و إلا فإني كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعد لكم مكانا. و إن مضيت و أعددت لكم مكانا آتي أيضا و آخذكم إلى حيث أنا تكونون أنتم أيضا. و تعلمون حيث أنا أذهب و تعلمون الطريق. قال له توما: يا سيد لسنا نعلم أين تذهب كيف نقدر أن نعرف الطريق ؟ قال له يسوع: أنا هو الطريق و الحق و الحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي. لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا. و من الآن تعرفونه و قد رأيتموه. قال له فيليبس: يا سيد أرنا الآب و كفانا. قال له يسوع: أنا معكم زمانا هذه مدته و لم تعرفني يا فيليبس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب ؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب و الآب فـيَّ؟ الكلام الذي أكلمكم به ليس أتكلم به من نفسي لكن الآب الحالَّ فيَّ هو يعمل الأعمال "
    و الآن نقول: إن الاستدلال بقول المسيح “ من رآني فقد رأى الآب “ على ألوهيته، استدلال في غاية الضعف، لأن المجاز في هذا التعبير، خاصة لمن يلاحظ السياق الذي جاء به، أوضح من أن يُسْتدل عليه.
    فأولاً: لا يمكن أن يكون المعنى الحرفي مرادا، حتى عند جمهور النصارى، لأنه لا أحد منهم يعتقد أن ذلك الـمُشَاهَد، أي جسم عيسى المادي، هو الله تعالى أي الآب الذي في السموات نفسه! لأن الآب تعالى ليس بجسم و لا يُحَدُّ و لا يُرى، باتفاق جميع النصارى، لذلك يؤولون الرؤية هنا بالمعرفة و يقولون أن المعنى أن من عرفني و عرف حقيقتي اللاهوتية فقد عرف الآب، لكن سبق و بينا أنه من المحال أن يكون الشخص الواحد بعينه إلـها و بشرا بنفس الوقت، فهذا التأويل باطل.
    إذن هم متفقون معنا على أن مثل هذا التعبير لا يراد به معناه الظاهري الحرفي أي تطابق المفعول به الأول للرؤية مع المفعول به الثاني لها، تطابقا حقيقيا تاما بكونهما شيئا واحدا، بل يراد به معنى مجازي، فلا بد من المصير إلى مجاز منطقي يقبله العقل و تساعد عليه النصوص الإنجيلية المماثلة الأخرى.
    مثلاً في إنجيل لوقا (10/16) يقول المسيح عليه السلام لتلاميذه السبعين الذين أرسلهم اثنين اثنين إلى البلاد للتبشير :
    " الذي يسمع منكم يسمعني و الذي يرذلكم يرذلني و الذي يرذلني يرذل الذي أرسلني "
    و لا يوجد حتى أحمق فضلا عن عاقل يستدل بقوله عليه السلام : " من يسمعكم يسمعني "، على أن المسيح حالٌّ بالتلاميذ أو أنهم المسيح ذاته !
    و كذلك جاء في إنجيل متى (10/40) أن المسيح عليه السلام قال لتلاميذه:
    " من يقبلكم يقبلني و من يقبلني يقبل الذي أرسلني ".
    و مثله ما جاء في إنجيل لوقا (9/48) من قول المسيح عليه السلام في حق الولد الصغير:
    "من قبل هذا الولد الصغير باسمي يقبلني و من قبلني يقبل الذي أرسلني"
    و وجه هذا المجاز واضح و هو أن شخصا ما إذا أرسل رسولا أو مبعوثا أو ممثلا عن نفسه فكل ما يُـعَامَلُ به هذا الرسول يعتبر في الحقيقة معاملة للشخص المرسِـل أيضا.
    فالآن نعود لعبارتنا وللنص الذي جاءت فيه، فنرى أن الكلام كان عن المكان الذي سيذهب إليه المسيح و أنه ذاهب إلى ربه، ثم سؤال توما عن الطريق إلى الله، فأجابه المسيح أنه هو الطريق، أي أن حياته و أفعاله و أقواله و تعاليمه هي طريق السير و الوصول إلى الله، ثم يطلب فيليبس من المسيح أن يريه الله، فيقول له متعجبا: كل هذه المدة أنا معكم و ما زلت تريد رؤية الله، و معلوم أن الله تعالى ليس جسما حتى يرى، فمن رأى المسيح و معجزاته و أخلاقه و تعاليمه التي تجلى فيها الله تبارك و تعالى أعظم تجل، فكأنه رأى الله، ثم شرح المسيح ذلك ـ و هنا بيت القصيد ـ فقال: " إن الكلام الذي أقوله لكم لا أقوله من عندي بل الآب الحال في يعمل أعماله صدقوني أني في الآب و الآب فيَّ "، و هنا نعيد للأذهان إجابتنا عن الشبهة السابقة و أن حلول الله في الشخص و العكس المقصود منه، بلغة الإنجيل، تـو لِّـي الله لهذا الشخص و نشوء التوافق الكامل بينه و بين الله في الإرادة و الهدف و القصد و المشيئة و المحبة أو بتعبير الصوفية المحو عن النفس و الفناء في الله.
    و حاصل الكلام أن المسيح لما كان رسولَ الله و كلمتَه و روحا منه و كان لا يتكلم إلا بأمره و وحيه و كانت أعماله و معجزاته و تعاليمه كلها من عند الله و بأمر الله و برضا الله و فيها تجلى الله و عرف مراده و تجلت صفاته، كان ممثلا عن الله، و بالتالي حسن التجوز بالتعبير من أن من رآه فقد رأى الله.
    و نحو هذا المجاز كثير في العهد القديم كذلك، فعلى سبيل المثال، يقول الله تعالى على لسان النبي إرميا:
    " أكلني ابتلعني بختنصر ملك بابل، جعلني كإناء فارغ، بلعني كتنين، ملأ بطنه من رخصتي و طردني " سفر إرميا: 51 / 34.
    الشبهة السادسة
    قول عيسى عليه السلام : " أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم أما أنا فلست من هذا العالم "
    الرد على هذه الشبهة :
    بالنسبة للآية الأولى فإن عيسى عليه السلام قال مثل هذا القول في حق تلاميذه أيضا، فقد جاء في إنجيل يوحنا هذا (15/19): " لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته و لكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم "
    و في الإصحاح 17 من هذا الإنجيل أيضا يقول عيسى في دعائه لأجل التلاميذ:
    " أنا قد أعطيتهم كلامك و العالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما أني لست من العالم. لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما أني لست من العالم " يوحنا: 17 / 14 ـ 15.
    فقال في حق تلاميذه أنهم ليسوا من العالم و سوَّى بينه وبينهم في عدم الكون من هذا العالم، فلو كان هذا مستلزما للألوهية كما زعموا، للزم أن يكونوا كلهم آلهة ـ و العياذ بالله ـ ، بل التأويل الصحيح لتلك الآية الإنجيلية هو: أنا لست من أبناء هذه الدنيا، أي الراكنين إليها المطمئنين بها الراغبين بها، بل من طلاب الله و الآخرة، الذين ليس في قلبهم تعلق و حب إلا لِلَّه، فأنا من أهل ذلك العالم العلوي القدسي عالم الأطهار و الملائكة، لأنه هو قبلتي و وجهتي و منه جئت برسالة الله و إليه أعود بعد أدائها.
    فتعبيره نوع من المجاز، و هو مجاز شائع معروف، يقال فلان ليس من هذا العالم، يعني هو لا يعيش في الدنيا و لا يهتم بها و لا بمفاتنها بل همُّـهُ كله الله و الدار الآخرة فقط.
    الشبهة السابعة
    قوله عليه السلام : " و ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء "
    الرد على هذه الشبهة:
    أولا: في هذه الآية، جملة محرفة مضافة، و هي جملة " الذي هو في السماء " الأخيرة. و قد أقر بذلك شراح الأناجيل، كما جاء ذلك في كتاب تفسير الكتاب المقدس حيث قال: " الذي هو في السماء: هذه العبارة لم ترد في أقدم المخطوطات ".
    و لذلك فإن الترجمة العربية الجديدة المنقحة للكتاب المقدس التي قامت بها الرهبانية ******ية، حذفت هذه الجملة من ترجمتها و أوردت النص كما يلي: " فما من أحد يصعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء و هو ابن الإنسان ".
    ثانيا: لوأخذنا النزول من السماء على معناه الحرفي فليس فيه أي إثبات لإلـهية المسيح، إذ أن نزول الشخص أو الكائن من السماء إلى الأرض لا يفيد إلـهيته لا من قريب ولا من بعيد، فكثير من الكائنات الملكوتية نزلت من السماء، كجبريل مثلا الذي كان ينزل من السماء إلى الأرض حاملا رسالات الله أو منفذا أمرا من أوامر الله عز و جل، كما أنه في كثير من الأحيان، هبطت بعض الملائكة إلى الأرض آخذة لباسا بشريا، كالملائكة الثلاثة، الذين جاؤوارا لزيارة إبراهيم عليه السلام و بشارته ثم ذهبوا إلى لوط عليه السلام ليطمئنوه حول نزول العذاب على قومه الفاسقين.
    فأقصى ما يفيده مثل هذا النص، لو أخذ على معناه الحرفي، هو أن المسيح كان مخلوقا بالروح قبل أن يلد كإنسان على الأرض، ثم لما جاء وقته نزل بأمر الله إلى الأرض و ولد كسائر البشر بالجسد و الروح. فأين في هذا أي دليل على ألوهيته؟!
    ثالثا: والحقيقة أن هذا التعبير بنزول المسيح من السماء لا يقصد به معناه الحرفي بل هو ذو معنى مجازي، و لفهمه على وجهه الصحيح لا بدَّ أن نقرأ ذلك النص و تلك الآية ضمن سياقها سباقها و لحاقها، فقصة هذا الكلام تبدأ من أول الإصحاح الثالث في إنجيل لوقا هكذا:

    " كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيسا لليهود. هذا جاء إلى يسوع ليلا و قال له يا معلم نعلم أنك قد أتيت من الله معلما لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه. أجاب يسوع و قال له: الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس: كيف يمكن الإنسان أن يولد و هو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية و يولد؟ أجاب يسوع: الحق الحق أقول لك، إن كان أحد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر أن يرى ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو، و المولود من الروح هو روح. لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق. الريح تهب حيث تشاء و تسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي و لا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح. أجاب نيقوديموس و قال له: كيف يمكن أن يكون هذا؟ أجاب يسوع و قال له: أنت معلم إسرائيل و لست تعلم هذا؟ الحق الحق أقول لك، إننا إنما نتكلم بما نعلم و نشهد بما رأينا و لستم تقبلون شهادتنا. إن كنت قلت لكم الأرضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون إن قلت لكم السمويات. و ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء " يوحنا: 3 / 1 ـ 13.
    قلت: بتأمل هذا النص يتبين لنا أن المسيح عليه السلام يمثل للولادة الروحية الجديدة بالولادة من فوق أو الولادة من الروح، و أن من لم يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله، فالولادة من فوق أو من الروح، تعبير مجازي عن الانقلاب الروحي الشامل للإنسان الذي يشرح الله تعالى فيه صدره و يفتح قلبه و بصيرته لنوره، فتتغير كل رغباته و هدفه في الحياة حيث يخرج عن عبادة ذاته و حرصه على الدنيا لتصبح إرادته مستسلمة و موافقة لإرادة الله و يصبح هدفه هو الله تعالى و رضوانه و محبته و صحبته و جواره في دار السلام لا غير، فكأنه بهذا ولد من جديد، و من هذا المنطلق يقول المسيح عن نفسه أنه نزل من السماء: أي أنه رسول الله و مبعوث السماء، اجتباه الله و قدسه و جعله سفيره إلى الخلق، فهذا معنى نزوله من السماء، بدليل مقارنته و مشابهته عليه السلام بين هذا النزول من السماء و بين الولادة من فوق التي يجب أن يحصل عليها كل إنسان لكي يرى ملكوت الله.
    و لو رجعنا لتفسير الكتاب المقدس لوجدناه يفسر العبارة بتفسير غير بعيد عما ذكرناه فيقول: " لم يصعد أحد إلى السماء، و مع ذلك فقد أراد الله أن يكون هناك نزول من السماء إلى الأرض قد أتى يسوع من السماء بمعرفة كاملة لله، ليعلن اللهَ للناس ".
    الشبهة الثامنة
    قول المسيح عليه السلام : " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن "
    مزيد من البسط للشبهة :
    و مثل ذلك أيضا قول النبي يحيى (يوحنا المعمدان) عن المسيح: " هذا (أي المسيح) الذي قلت فيه: إن الآتي بعدي قد تقدمني لأنه كان من قبلي " إنجيل يوحنا: 1/15.
    كما توجد بعض النصوص الأخرى التي تفيد حسب ظاهرها ـ لكن بأقل صراحة من المذكور أعلاه ـ أن عيسى عليه السلام كان قبل خلق هذا العالم و ذلك كالعبارات التي جاءت في دعاء عيسى عليه السلام لأجل التلاميذ، في الإصحاح السابع عشر من إنجيل يوحنا:
    " و الآن مجدني أيها الآب عن ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " يوحنا: 17 / 5.
    " أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم "يوحنا:17/24.
    الرد على هذه الشبهة:
    أولا: كون الشخص وجد قبل إبراهيم أو قبل يحيى (عليهما السلام) أو حتى قبل آدم أو قبل خلق الكون كله، لا يفيد، بحد ذاته، ألوهيته بحال من الأحوال، بل أقصى ما يفيده هو أن الله تعالى خلقه قبل خلق العالم أو قبل خلق جنس البشر، مما يفيد أنه ذو حظوة خاصة و مكانة سامية و قرب خصوصي من الله سبحانه وتعالى ، أما أنه هو الله، فهذا يحتاج لنص صريح آخر، و ليس شيء من العبارات المذكورة أعلاه بنص في ذلك على الإطلاق، و هذا لا يحتاج إلى تأمل كثير.
    ثانيا: هذا إن أخذنا ذلك التقدم الزماني على ظاهره الحرفي، مع أنه من الممكن جدا أن يكون ذلك من قبيل المجاز، بل قرائن الكلام تجعل المصير إلى المعنى المجازي متعينا، و هذا يحتاج منا لذكر سياق تلك العبارة من أولها:
    جاء في إنجيل يوحنا (8 / 56 ـ 59):
    "... و كم تشوق أبوكم إبراهيم أن يرى يومي، فرآه و ابتهج. قال له اليهود: كيف رأيت إبراهيم، و ما بلغت الخمسين بعد؟ فأجابهم: ((الحق الحق أقول لكم: كنت قبل أن يكون إبراهيم)) فأخذوا حجارة ليرجموه، فاختفى و خرج من الهيكل " [17] .
    فقبلية عيسى المسيح على إبراهيم هنا، لا يمكن أن تكون قبلية حقيقية في نظر النصارى، لا باعتبار ناسوت المسيح المنفك عن اللاهوت طبقا لاعتقادهم، لأن ولادة عيسى الإنسان كانت بعد إبراهيم عليه السلام اتفاقا، و لا باعتبار حصول الحقيقة الثـالثـة المدعاة له أي تعـلُّـق اللاهوت بالناسوت [18] ، لأن ذلك تم مع ولادة المسيح من العذراء و روح القدس الذي تم أيضا بعد إبراهيم اتفاقا.
    و لا يمكن أن يكون قصده سبق المسيح على إبراهيم باعتبار لاهوته الأزلي المدَّعى، بقرينة أن بداية الكلام كانت عن رؤية إبراهيم لهذا اليوم، أي يوم بعثة المسيح و رسالته، و ابتهاج إبراهيم به، فالكلام إذن عن رؤية المسيح المبعوث في الأرض، و هذا تم بعد إبراهيم اتفاقا، فلم يبق إلا أن يكون المراد بالقبلية علم الله السابق بتقدير إرسال عيسى عليه السلام في هذا الوقت، و ما يترتب عليه من الإرشاد و الرحمة بالعباد. فإن قيل: أيُّ خصوصية للمسيح في ذلك، إذ أن هذا المحمل ـ أي علم الله السابق ـ مشترك بينه و بين سائر الأنبياء، بل جميع البشر؟
    فالجواب: أنه عليه السلام لم يذكر ذلك في معرض الخصوصية، و إنما ذكره قاطعا به استبعاد اليهود لسرور إبراهيم و فرحه بيومه، و تصحيحا لصدقه فيما أخبر و لصحة رسالته، ببيان أن دعوى رسالته ثابتة في نفس الأمر و مقررة سابقا و أزلا في علم الله القديم.
    الشبهة التاسعة
    قول المسيح عليه السلام لليهود: " كيف يُـقال لمسيح أنه ابن داود، و داود نفسه يقول في كتاب المزامير (( قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك)) فداود نفسه يدعو المسيح ربا، فكيف يكون المسيح ابنه؟
    الرد على هذه الشبهة :
    الحقيقة أن من يتأمل تلك الجملة التي استشهد بها السيد المسيح عليه السلام من سفر المزامير معتبرا إياها بشارة في حقه، يراها دليلا واضحا على نفي إلـهية المسيح لا على إثبات إلـهيته!
    فعبارة المزامير تقول: [قال الرب (أي الله سبحانه وتعالى) لربي (أي المسيح) اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطأً لقدميك]، و بناء على هذه الجملة لا يمكن أن يكون المقصود من كلمة ربي الثانية هو الله أيضا، و ذلك لأن المعنى سيصبح عندئذ: قال الله لِـلَّه اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك!! و كيف يجلس الله عن يمين نفسه!؟ ثم إذا كان ربي الثانية إلها فإنه لا يحتاج لأحد حتى يجعل أعداءه موطئا لقدميه، بل هو نفسه يسخر أعداءه بنفسه و لا يحتاج إلى من يسخرهم له، هذا كله عدا عن أن مخاطبة الله لإلـه آخر تعني وجود إلهين اثنين و هذا يناقض عقيدة التوحيد التي هي أساس الرسالات السماوية! فهذا كله يؤكد أن ربي الثانية ليس الله و لا بإلـه ثان بل لا بد أن يكون معناها شيئا غير ذلك، فما هو؟
    الحقيقة أن ما يريده المسيح عليه السلام من عبارته تلك هو تذكير اليهود بمقامه العظيم ـ الذي تشير إليه عبارة نبيهم داود عليه السلام ـ قائلا لهم: كيف تعتبرون المسيح مجرد ابنٍ لداود مع أن داود نفسه اعتبر المسيح الآتي المبشر به و الذي سيجعله الله دائنا لنبي إسرائيل يوم الدينونة: ربَّاً له: أي سيدا له و معلما ؟!
    و بمراجعة بسيطة للأناجيل ندرك أن لفظة الرب تستخدم بحق المسيح بمعنى السيد و المعلم، و قد سبقت الإشارة لذلك و لا مانع أن نعيدها هنا، فقد جاء في إنجيل يوحنا (1/38): " فقالا: ربي! الذي تفسيره يا معلم، أين تمكث؟ " و جاء فيه أيضا: (20/16): " قال لها يسوع: يا مريم! فالتفتت تلك و قالت له: ربوني! الذي تفسيره يا معلم ".
    هذا ما ذكرته بنفسي دون الاطلاع على النص الأصلي لتلك البشارة كما جاء في الترجمة العربية الحديثة للكتاب المقدس، التي قامت بها الرهبانية ******ية ببيروت (1989)، فلما راجعت هذا النص وجدت ترجمتهم له عين ما توصلت إليه، فقد جاء في المزمور 110 / آية 1 ما يلي: " قال الرب لســـيَّدي: اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك ". و الحمد لله الذي أظهر الحق.
    الشبهة العاشرة
    قول المسيح عليه السلام : " و لكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا
    و وجه استدلالهم بهذا النص أن غفران الخطايا أمر منحصر بالله سبحانه وتعالى ، فإذا كان للمسيح ذلك السلطان، فهذا يعني أنه الله تعالى.
    الرد على هذه الشبهة :
    أولا: لمناقشة هذه الشبهة علينا أن نرجع إلى النص الكامل للواقعة التي جاء هذا الكلام للمسيح فيها.
    يبتدأ الإصحاح التاسع من إنجيل متى بذكر هذه الواقعة فيقول :
    " فدخل السفينة و اجتاز و جاء إلى مدينته. و إذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحا على فراش. فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج ثق يا بني. مغفورة لك خطاياك. و إذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يجدف. فعلم يسوع أفكارهم فقال: لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال قم و امش؟ و لكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا. حينئذ قال للمفلوج. قم احمل فراشك و اذهب إلى بيتك. فقام و مضى إلى بيته. فلما رأى الجموع تعجبوا و مجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا " متى: 9 /1 ـ 8.
    هناك أمران في هذا النص تنبغي ملاحظتهما لأنهما يلقيان ضوءا على حقيقة سلطان السيد المسيح عليه السلام لغفران الخطايا :
    الأول: أن المسيح لم يقل للمفلوج: ثق يا بني لقد غفرتُ لك خطاياك! بل أنبأه قائلا: مغفورة لك خطاياك. و الفرق واضح بين الجملتين، فالجملة الثانية لا تفيد أكثر من إعلام المفلوج بأن الله تعالى قد غفر ذنوبه، و ليس في هذا الإعلام أي دليل على ألوهية المسيح، لأن الأنبياء و الرسل المؤيدين بالوحي و المتصلين بجبريل الأمين، يطلعون، بإطلاع الله تعالى لهم، على كثير من المغيبات و الشؤون الأخروية و منها العاقبة الأخروية لبعض الناس، كما أخبر نبينا محمد ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) عن بعض صحابته فبشرهم أنهم من أهل الجنة و عن آخرين فبشرهم أنهم من أهل النار.

    ثانيا: قد يشكل على ما قلناه قول المسيح فيما بعد: و لكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا علىالأرض أن يغفر الخطايا، فنسب غفران الخطايا لنفسه.
    قلنا: آخر النص يجعلنا نحمل هذه النسبة على النسبة المجازية، أي على معنى أن ابن الإنسان (المسيح) خوله الله أن يعلن غفران خطايا، و ذلك لأن الجملة الأخيرة في النص السابق تقول: " فلما رأى الجموع ذلك تعجبوا و مجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا "، فالغافر بالأصل و الأساس هو الله تعالى، ثم هو الذي منح هذا الحق للمسيح و أقدره عليه، لأن المسيح فنى في الله تعالى و كان على أعلى مقام من الصلة بالله و الكشف الروحي و لا يتحرك إلا ضمن حكمه و إرادته فلا يبشر بالغفران إلا من استحق ذلك.
    و مما يؤكد أن غفران المسيح للذنوب هو تخويل إجمالي من الله تعالى له بذلك، و ليس بقدرة ذاتيه له عليه السلام ، هو أن المسيح، في بعض الحالات، كان يطلب المغفرة للبعض من الله تعالى فقد جاء في إنجيل لوقا (23 / 34):
    " فقال يسوع: يا أبتاه! اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ".
    فانظر كيف طلب من الله غفران ذنبهم و لو كان إلـها يغفر الذنوب بذاته و مستقلا، كما ادعوا، لغفر ذنوبهم بنفسه.
    فهذا السلطان بغفران الخطايا الذي أعطاه الله تعالى للمسيح، شبيه بذلك السلطان الذي منحه المسيح أيضا لحوارييه الخلص بعد ظهوره لهم من جديد، بعد صلبه (الذي شُـبِّـهَ لهم به)، حين قال:
    " فقال لهم يسوع أيضا: سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. و لمّا قال هذا نفخ و قال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. من أمسكتم خطاياه أمسكت " يوحنا: 20 / 21 ـ 23.
    و شبيه بذلك السلطان الذي منحه لبطرس رئيس الحواريين حين قال له:
    " طوبى لك يا سمعان بن يونى، إن لحما و دما لم يعلنا لك. لكن أبي الذي في السموات. و أنا أقول أيضا: أنت بطرس و على هذه الصخرة أبني كنيستي و أبواب الجحيم لن تقوى عليها. و أعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السموات، و كل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السموات " متى: 11 / 17 ـ 18.

    فكما أن هذا السلطان بغفران الخطايا الذي ناله بطرس خاصة و الحواريون عامة، بإذن الله، عبر المسيح، لا يفيد ألوهيتهم؛ فكذلك امتلاك المسيح لذلك السلطان، بإذن الله، لا يفيد ألوهيته.
    هذا و من الجدير بالذكر أن الكنيسة الكاثوليكية قد توسعت لحد بعيد في إعطاء هذا الحق بغفران الخطايا من بطرس لخلفائه الباباوات و حتى لمن يرسمونهم من الأساقفة، و منه نشأ تقليد الاعتراف للقسيس و غفران الأخير لذنوب المعترف! بل وصل الأمر في عصر من العصور لبيع صكوك الغفران و بيع قطع الأرض في الجنة جاهزةً لمن يتبرع للكنيسة، و من المفيد أن ننقل هنا نصا لأحد صكوك الفغران، كما جاء في كتاب " سوسنة سليمان في أصول العقائد و الأديان " لمؤلفه (النصراني) نوفل أفندي نوفل، حيث ذكر ترجمة لأحد صكوك الغفران التي كانت تباع في مدينة ويتمبرغ الألمانية (التي كان مارتن لوثر يدرس فيها) عام 1513 م. و نص الصك كما يلي:
    " ربنا يسوع المسيح يرحمك يا فلان و يُحِلُّكَ باستحقاقات آلامه الكلية القداسة و أنا بالسلطان الرسولي المعطى لي أحـلك من جميع القصاصات و الأحكام و الطائلات الكنسية التي استوجبتها و أيضا من جميع الافراط و الخطايا و الذنوب التي ارتكبتها مهما كانت عظيمة و فظيعة و من كل علة و لئن كانت محفوظة لأبينا الأقدس البابا و الكرسي الرسولي، و أمحو جميع العجز و كل علامات الملامة التي ربما جلبتها على نفسك في هذه الفرصة، وأرفع القصاصات التي كنت تلتزم بمكابدتها في المطهر، و أردك حديثا إلى الشركة في أسرار الكنيسة و أقرنك في شركة القديسين، و أردك ثانية إلى الطهارة و البر اللذين كانا لك عند معموديتك حتى أنه في ساعة الموت يغلق أمامك الباب الذي يدخل منه الخطاة إلى محل العذابات و العقاب و يفتح الباب الذي يؤدي إلى فردوس الفرح، إن لم تمت سنين مستطيلة فهذه النعمة تبقى غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة... باسم الآب و الابن و الروح القدس الواحد، آميــن. " [23]
    و بناء على ما ذكر نقول: أنه لو كان امتلاك حق غفران الخطايا يدل على ألوهية مالك هذا الحق للزم منه أن يعتبر الحواريون و القديس بطرس الرسول و بولس و كل آباء الكنيسة و اساقفتها المخولون ذلك الحق آلهة أيضا!! و هذا ما لا يقول به أحد.
    و إذا بطل اللازم، بطل الملزوم، فبطل الاستدلال بسلطان المسيح على غفران الخطايا، على ألوهيته.
    الشبهة الحادية عشرة
    قول توما للمسيح عليه السلام : " ربي و إلهي! " و عدم اعتراض المسيح على ذلك.
    الرد على هذه الشبهة:
    لمناقشة هذه الشبهة علينا أن نرجع أولا إلى النص الكامل للواقعة التي خاطب فيها توما معلمه المسيح عليه السلام بتلك العبارة، و فيما يلي نصها:
    " و بعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضا داخلاً و توما معهم. فجاء يسوع و الأبواب مغلقة و وقف في الوسط و قال سلام لكم. ثم قال لتوما: هات اصبعك إلى هنا و أبصر يدي و هات يدك و ضعها في جنبي و لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا. أجاب توما و قال له: ربي و إلهي! فقال له يسوع: لأنك رأيتني يا توما آمنت؟ طوبى للذين آمنوا و لم يروا! "
    من هذا السياق يتضح أن ما أطلقه توما من عبارة كان في موضع الاندهاش و التعجب الشديد فقال: ربي و إلهي! و لا يقصد أن المسيح نفسه ربه و إلهه، بل هو كما يقول أحدنا إذا رأى فجأة أمرا مدهشا و محيرا للغاية: ألـلــه! أو يا إلــهي!!، فهي صيحةٌ لله تعالى و ليست تأليها للمسيح.
    و حتى لو سلمنا أن هذه الصيحة لم تكن لله الآب تعالى، بل قصد توما بها المسيحَ نفسه عليه السلام، فهذا أيضا لن يكون دليلا على تأليه المسيح لأن لفظة الإلـه في الكتاب المقدس، مثلهامثل لفظة الرب، تأتي أحيانا على معان مجازية، لا تفيد الربوبية و لا الألوهية الخاصة بالله سبحانه وتعالى ، أما بالنسبة للفظة الرب فقد بينا أكثر من مرة أنه يقصد بها " السيد المعلم " ، و لا حاجة للإعادة هنا.
    و أما بالنسبة للفظة الإله، فنرجع القارئ الكريم إلى ما تقدم ذكره حول إطلاق المسيح و التوراة كذلك لفظة الآلــهة على المؤمنين الربانيين الذين صار إليهم وحي الله فالتزموا بوحي الله و ما أنزله عليهم من منهج و تعاليم, و نضيف على ذلك هذه العبارة من التوراة:
    " قد جعلتك إلـها لفرعون، و أخاك هارون رسولك " الخروج: 17/1.
    فهذا النص يبين أنه في لغة الكتاب المقدس Bible تأت أحيانا لفظة الإله للدلالة على السيد الكبير و النبي العظيم.
    و لذلك يحتمل أن يكون المراد بقول توما للمسيح: " ربي و إلـهي "، هذا المعنى بالذات، و ما دام هذه الاحتمال وارد، لم تعد تلك اللفظة كافية للدلالة على إلـهية المسيح، لأنه كما يقولون: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
    هذا فضلا عن أن القول بإلهية ذلك الإنسان البشر، الذي أثبت الإنجيل نفسه صفاته البشرية المحضة و عروض جميع عوارض الضعف البشري الطبيعي عليه، يستتبع محالات عقلية سبقت الإشارة إليها مما يغني عن إعادتها.
    الشبهات من أحوال و معجزات المسيح عليه السلام :
    و الرد على هذه الشبهات في غاية السهولة و الوضوح، ذلك أن كل ما أثبته الإنجيل، و العهد الجديد بشكل عام، للمسيح عليه السلام ، من أحوال خارقة كولادته من غير أبوين أو ارتفاعه بعد موته (حسب تصورهم)، و من معجزات و أعمال خارقة كإحياء الموتى و شفاء الأعمى و الأبرص من الولادة و غير ذلك، أثبت الكتاب المقدس مثلها تماما أو حتى أكبر منها، لغيره من الأنبياء أو للحواريين، فإن كانت تلك الأحوال و المعجزات دليلا على ألوهية صاحبها، فإن الألوهية عندئذ لن تقتصر على السيد المسيح فحسب، بل ستعم أولـئك الأنبياء الذين سبقوه و الذين كانت لهم مثل معجزاته و أحواله، بل ستعم الألوهية حوارييه و تلاميذه و تلاميذ تلاميذه الذين ظهرت على يديهم ـ حسب كلام العهد الجديد ـ مثل معجزاته أيضا!. و إليك تفصيل هذا المجمل :
    رد الاستدلال بولادة المسيح من غير أب، بل بنفخة من روح الله، على ألوهيته :
    ليس في ولادة المسيح عليه السلام من غير أب و أنه ولد من نفخ روح القدس، أي دليل على ألوهيته، فآدم عليه السلام ولد أيضا من غير أب و لا أم، بل من نفخ الله تعالى فيه من روحه، أي من روح قدسه، بل يذكر العهد الجديد اسم كاهن مقدس وجد منذ قديم الأيام بلا أب و لا أم أيضا و هو الاهن "ملكي صادق" و لم يقل أحد من المسيحيين بألوهيته !
    لننظر ماذا جاء عنه في الإصحاح السابع من الرسالة إلى العبرانيين المعتبرة أحد الراسائل القانونية الإلهامية في كتاب العهد الجديد:
    " و كان ملكيصادق هذا ملك ساليم و كاهن الله تعالى، خرج لملاقاة إبراهيم عند رجوعه بعد ما هزم الملوك و باركه، و أعطاه إبراهيم العشر من كل شيء، و تفسير اسمه أولاً ملك العدل ثم ملك ساليم أي ملك السلام. و هو لا أب له و لا أم و لا نسب و لا لأيامه بداءة و لا لحياته نهاية. و لكنه على مثال ابن الله، يبقى كاهنا إلى الأبد " الرسالة إلى العبرانيين: 7 /1 ـ 3.
    فإذا كان ملكي صادق، رغم كونه بلا بداية و لا أب و لا أم و لا نسب، عبدا مخلوقا، بإقرار النصارى جميعا، حيث لم يقل أحد منهم بألوهيته، فكيف إذن يصح استدلالهم باتصاف المسيح ببعض هذه الصفات على ألوهيته؟!
    رد الاستدلال بأعمال المسيح المعجزة الخارقة على ألوهيته :
    ما من معجزة نقلها الإنجيل عن المسيح عليه السلام، إلا نقل كتاب العهد القديم وقوع مثلها أو أقوى منها عن بعض من سبق المسيح من الأنبياء عليهم السلام، و نقل كتاب العهد الجديد وقوع مثلها أيضا على يد حواريي المسيح، أو نقل بيان المسيح إمكانية وقوعها على يد كل مؤمن صادق من تلامذته و أتباعه إذا تمحض كمال الإيمان و أخلص العمل. و فيما يلي شواهد على ما نقول:
    أ ـ فبالنسبة لإحياء الموتى، كلنا يعرف معجزة موسى عليه السلام بقلب العصا حية حقيقية أمام فرعون و سحرته [26] ، و هذه المعجزة أشد إعجازا من إحياء عيسى عليه السلام للميت، لأن معجزة عيسى عليه السلام ليس فيها إلا بعث الحياة في هيكل إنساني كامل موجود، في حين اشتملت معجزة موسى عليه السلام على أمرين :
    أولاً: تغيير شكل و صورة العصا و إيجاد صورة و شكل جديدين لها بتحويلها لحية تسعى ذات عينين و لسان و جلد، و ثانياً: بعث الحياة فيها.

    و كذلك يروي لنا العهد القديم قصة إحياء النبي إيليَّـا عليه السلام ابنَ المرأة الأرملة، التي كانت تعوله عندما كان ملتجأً في قرية صرفة قرب صيدون [27] و التي مات ابنها لشدة المرض، فدعا إيليا ربه فاستجاب له و بعث الحياة من جديد في الولد الميت.
    و كذلك يروي لنا سفر أعمال الرسل من العهد الجديد، قصة إحياء القديس بطرس الرسول، تلميذ المسيح المقرب و حواريه، للتلميذة الصالحة " طابيـثـا " من أهل " يافا "، بعد أن ماتت و غسلت و وضعت في قبرها، و فيما يلي ننقل هذه القصة كما جاءت في آخر الإصحاح التاسع من سفر أعمال الرسل:
    " و كان في يافا تلميذة اسمها طابيـثـا، الذي ترجمته غزالة. هذه كانت ممتلئة أعمالا صالحة و إحسانات كانت تعملها. و حدث في تلك الأيام أنها مرضت و ماتت فغسلوها و وضعوها في عُـلِّـيَّـة. و لما كانت اللدُّ قريبة من يافا و سمع التلاميذ أن بطرس فيها أرسلوا رجلين يطلبان إليه أن لا يتوانى عن أن يجتاز إليهم. فقام بطرس و جاء معهما. فلما وصلوا صعدوا به إلى الـعُـلِّـيَّـة فوقفت لديه جميع الأرامل يبكين و يرين أقمصة و ثيابا مما كانت تعمل غزالة و هي معهن، فأخرج بطرس الجميع خارجا و جثا على ركبتيه و صلى ثم التفت إلى الجسد و قال: يا طابيـثـا قومي. ففتحت عينيها. و لما أبصرت بطرس جلست. فناولها يده و أقامها. ثم نادى القديسين و الأرامل و أحضرها حية. فصار ذلك معلوما في يافا فآمن كثيرون بالرب " أعمال الرسل: 9 / 36 ـ 41.
    ب ـ و بالنسبة لشفاء ذوي العاهات الخلقية المستديمة كشفاء الأبرص و المقعد من الولادة و الأعرج... إلخ.. و إخراج الشياطين من المجانين و المصروعين، فقد نقل العهد الجديد مثلها عن الحواريين و رسل المسيح عليه السلام بل عن عامة أتباعه الصالحين، و فيما يلي ذكر ذلك:
    جاء في سفر أعمال الرسل (3 / 2 ـ 8):
    " و كان رجل أعرج من بطن أمه يُحْمَل، كانوا يضعونه كل يوم عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل ليسأل صدقة من الذين يدخلون الهيكل. فهذا لما رأى بطرس و يوحنا مزمعين أن يدخلا الهيكل سأل ليأخذ صدقة. فتفرس فيه بطرس مع يوحنا و قال أنظر إلينا. فلاحظهما منتظرا أن يأخذ منهما شيئا. فقال بطرس ليس لي فضة و لا ذهب و لكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قم و امش. و أمسكه بيده اليمنى و أقامه، ففي الحال تشددت رجلاه و كعباه فوثب و وقف و صار يمشي و دخل معهما إلى الهيكل و هو يمشي و يطفر و يسبح الله "
    ـ و جاء فيه أيضا (8 / 4 ـ 8):
    " فانحدر فيليبس إلى مدينة من السامرة و كان يكرز لهم بالمسيح و كان الجموع يصغون بنفس واحدة إلى ما يقوله فيليبس عند استماعهم و نظرهم الآيات التي صنعها. لأن كثيرين من الذين بهم أرواح نجسة كانت تخرج صارخة بصوت عظيم. و كثيرون من المفلوجين و العرج شفوا، فكان فرح عظيم في تلك المدينة "
    ـ و فيه كذلك (14 / 8 ـ 10):
    " و كان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه و لم يمش قط. هذا سمع بولس يتكلم. فشخص إليه و إذ رأى أن له إيمانا ليشفى، قال بصوت عظيم: قم على رجليك منتصبا. فوثب و صار يمشي "
    ـ و فيما يلي إعلان عام من السيد المسيح عليه السلام عن قدرة كل من يؤمن حقا على إظهار أكبر المعجزات، جاء في إنجيل يوحنا (14 / 12):
    " الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي فالأعمال التي أعملها يعملها هو أيضا و يعمل أعظم منها "
    و مثله قول المسيح عليه السلام أيضا لتلاميذه، لما دهشوا و تعجبوا من يبس شجرة التين فور دعاء المسيح عليها، فقال لهم:
    " الحق أقول لكم: إن كان لكم إيمان و لا تشكون، فلا تفعلون أمر التينة فقط، بل إن قلتم لهذا الجبل انتقل و انطرح من البحر فيكون. و كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه " إنجيل متى: 21 / 21 ـ 22.
    قلت : فقد صار واضحا أن ظهور الخوارق و المعجزات، مهما كان شأنها عظيما، على يد شخص، لا يصلح بحد ذاته أن يعتبر مؤشرا على ألوهية هذا الشخص و إلا لوجب القول بألوهية كل الأنبياء السابقين و الحواريين و تلاميذ المسيح أيضا!!
    و قد يقال : إن تلك المعجزات التي صدرت عن الأنبياء ممن سبق المسيح عليه السلام أو عن تلاميذ المسيح، لم تكن من فعلهم أنفسه بل كانت من أفعال الله تعالى الذي أظهرها على أيديهم، أما معجزات المسيح فكانت من فعله بنفسه، لذا كانت دليلا على ألوهيته!
    و للإجابة على هذا نحيل القارئ إلى القسم التاسع من الفصل الأول الذي ذكرنا فيه شواهد من الأناجيل تفيد أن المعجزات التي كان يصنعها المسيح أيضا، لم يكن يفعلها بقوته الذاتية المستقلة بل كان يستمدها من الله و يفعلها بقوة الله، أي أن الفاعل الحقيقي لها كان الله سبحانه وتعالى الذي أظهرها علي يدي المسيح لتكون شاهدا له على صحة نبوته، و نكتفي هنا بإعادة نص واحد ظاهر بين في ذلك و هو ما قاله بطرس الحواري في خطابه لبني إسرائيل بعد رفع المسيح:
    " فوقف بطرس مع الأحد عشر و رفع صوته و قال لهم:... أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات و عجائب و آيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون " سفر أعمال الرسل: (2 / 14 و 22).
    رد الاستدلال بقيام المسيح حيّاً من الأموات على ألوهيته :
    قال بعض أساقفة و لاهوتيي النصارى: إن الأنبياء مهما كانوا عظماء، فإن أقصى ما فعلوه هو أنهم أحيوا بعض الموتى بإذن الله، أما أن يقوموا بأنفسهم أحياء بعد موتهم فهذا ما لم يقدروا عليه أبدا، بعكس المسيح الذي " لما كان إلـها قدر بقوته الإلـهية أن يقوم من الأموات و يعود إلى الحياة و يصعد إلى السماء ممجدا إلى يومنا هذا ".
    و الجواب على هذا الدليل ـ مع التسليم جدلا بأنه عليه السلام مات فعلا على الصليب و دفن ثم قام حيا بعد موته بثلاث ليال كما يدعون [28] ـ هو أن نصوص العهد الجديد نفسها تشهد بأن المسيح لم يقم من الموت بقدرته الذاتية الإلـهية، بل إن الله تعالى هو الذي أحياه و أقامه من الأموات، و عندئذ فلا يبقى في قيامه حيا بعد موته أي دليل على ألوهيته، و إلا لكان جميع البشر آلهة لأن الله تعالى سيقيمهم أحياء من قبورهم يوم القيامة!! و قد تكرر التعبير بأن " الـلهُ أقام المسيحَ من الأموات " مرات عديدة، على لسان الحواري بطرس و لسان بولس، في سفر أعمال الرسل، و فيما يلي ذكر بعض الشواهد من ذلك:
    ـ جاء في سفر أعمال الرسل في خطاب القديس بطرس الحواري لرجالٍ من بني إسرائيل:
    " فيسوع هذا، أقامه الله، و نحن جميعا شهود لذلك. و إذ ارتفع بيمين الله [29] و أخذ موعد الروح القدس من الآب، سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه و تسمعونه " أعمال الرسل: 2 / 32 ـ 33.
    ـ و فيه أيضا في خطبة أخرى لبطرس الحواري :
    " و لكن أنتم أنكرتم القدوس البار و طلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. و رئيس الحيوة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات و نحن شهود لذلك " أعمال الرسل: 3 / 14 ـ 15. [30]
    و جاء في رسالة بولس إلى أهل رومية (4 / 24 ـ 25) :
    " نؤمن بمن أقام يسوع ربنا من الأموات. الذي أسلم من أجل خطايانا و أقيم لأجل تبريرنا "
    و في نفس الرسالة (8 / 18) :
    "... و إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكنا فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضا بروحه الساكن فيكم "
    و في رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (6 / 14) :
    "... و الله قد أقام الرب (اي المسيح) و سيقيمنا نحن أيضا بقوته "
    قلت: فإقامة المسيح من الأموات مماثلة لإقامتنا من الأموات التي ستحصل يوم البعث و القيامة، فلا دلالة فيها أصلا على إلهية المسيح لا من قريب و لا من بعيد.
    رد الاستدلال بسجود بعض التلاميذ للمسيح على ألوهيته :
    ذُكِر في الأناجيل أن المجوس الذين قدموا من المشرق و عرفوا من النجوم بولادة المسيح، ذهبوا إليه فلما رأوه في بيت لحم و هو في المهد، آمنوا به و سجدوا له، و كذلك جاء أن مريم المجدلية و مريم أم يعقوب و التلاميذ و الأعمى الذي شفاه المسيح [31] سجدوا له عليه السلام أيضا، و لم يرد أن عيسى عليه السلام منعهم من السجود له، فقال بعض أساقفة النصارى: إن هذا دليل واضح على ألوهية المسيح لأن السجود لا يكون إلا لله وحده، فلولا أن المسيح كان إلـها حقا لما رضي بسجود تلاميذه له.
    و نقول في الإجابة عن هذه الشبهة: إن كل عالم بالكتاب المقدس Bible يعرف أنه قد جاء في كثير من مواضعه ذكر سجود البشر للأنبياء و أحيانا سجود النبي للنبي بل حتى أحيانا سجود الأنبياء للبشر، مما يؤكد أنه في عرف الكتاب المقدس لا يعتبر السجود عبادة محضة خاصة بالله، بل هو أعم من ذلك، فقد يكون عبادة، و قد يكون مجرد خضوع و احترام للمسجود له، و بالتالي في هذه الحالة الأخيرة يجوز أداؤه لغير الله. و ليس هذا خاصا بالكتاب المقدس بل أثبت القرآن أيضا ذلك الأمر في قصصه عن الأمم السابقة، فكل مسلم يعرف أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم، و يعرف قصة سجود أبوي يوسف و إخوته الأحد عشر ليوسف عليه السلام. لكن دعنا الآن نذكر الشواهد من الكتاب المقدس:
    ـ في سفر التكوين (23 / 6): " فقام إبراهيم و سجد لشعب الأرض لبني حث " وفيه في نفس الإصحاح كذلك: " و سجد إبراهيم أمام شعب الأرض " 23 / 12.
    ـ و في سفر التكوين (33 / 3 ـ 7): أن يعقوب عليه السلام، سجد و نساؤه و أولاده لعيسو عندما التقوا به.
    ـ و فيه أيضا (42 / 6 و 43 / 26 و 28): أن إخوة يوسف عليه السلام سجدوا له.
    ـ و فيه أيضا (48 / 12): أن يوسف عليه السلام سجد أمام وجه أبيه.
    ـ و في سفر الخروج (18 / 7): أن موسى عليه السلام خرج لاستقبال حميه و سجد و قبله.
    ـ و في سفر صموئيل الأول (24 / 8): أن داود عليه السلام : " نادى وراء شاول قائلا يا سيدي الملك، فلما التفت شاول إلى وراءه، خر داود على وجهه إلى الأرض و سجد ".
    ـ و في سفر صموئيل الأول أيضا (25 / 23 ـ 24) ما نصه:
    " و لما رأت أبيجايل داود أسرعت و نزلت عن الحمار و سقطت أمام داود على وجهها و سجدت إلى الأرض و سقطت على نعليه و قالت: علي أنا يا سيدي هذا الذنب و دع أمتك تتكلم... "
    ـ و في سفر الملوك الأول (1 / 16): " فخرت بششبع و سجدت للملك (داود) ".
    ـ و في سفر الملوك الأول أيضا (1 / 22 ـ 23) ما نصه: " و بينما هي مكلمة إذا ناثان النبي داخل. فأخبروا الملك (داود) قائلين هو ذا ناثان النبي. فدخل إلى أمام الملك (داود) و سجد للملك على وجهه إلى الأرض ".
    ـ و في سفر الملوك الثاني (12 / 5): أن بني الأنبياء سجدوا للنبي إيلياء عليه السلام لما ظهرت منه المعجزة.

    و الشواهد على ذلك كثيرة نكتفي بما ذكرناه.
    نفي إلـهية المسيح في رسائل يوحنا :
    ليوحنا، مؤلف الإنجيل الرابع، ثلاث رسائل صغيرة في كتاب العهد الجديد كما له في آخر العهد الجديد رؤيا كشفية رمزية اعتبرت سفرا إلهاميا كذلك فضمت للأسفار القانونية للعهد الجديد.
    إن الإنجيل الرابع الذي ألفه يوحنا يختلف عن الأناجيل الثلاثة المتشابهة التي قبله اختلافا بينا، و هو أكثر حرصا على إضفاء هالة ألوهية على السيد المسيح عليه السلام، و إن كان صاحبه لا يدعي و لا يقول أبدا بشكل محدد أن المسيح هو الله، و لذلك فإن أغلب النصوص المتشابهة التي يستند إليها و يتمسك بها المؤلهون للمسيح مأخوذة من إنجيل يوحنا هذا [20] .
    فمن هو يوحنا مؤلف الإنجيل الرابع و رسائل و رؤيا يوحنا ؟؟
    سؤال اختلفت الأوساط المسيحية في الإجابة عنه منذ القديم. فالكنيسة التقليدية اعتبرت ـ منذ القرن الثاني للميلاد ـ أن يوحنا هذا، هو نفس " يوحنا بن زبدي " تلميذ المسيح المقرب و أحد الحواريين الاثني عشر. لكن دوائر مسيحية قديمة أيضا ـ و على رأسها الكاهن كايوس ـ شككت في هذا الأمر [21] .
    و قد استمر هذا التشكك في بعض الأوساط المسيحية الضئيلة في كل قرن من قرون تاريخ المسيحية و حتى عصر التنوير. و في القرنين الأخيرين طرحت مسألة التحقيق في هوية يوحنا هذا على بساط البحث، و كانت النتيجة التي توصلت إليها غالبية المفكرين و النقاد المسيحيين هي القطع بأن مؤلف الإنجيل الرابع ـ و الذي هو نفسه مؤلف الرسائل الثلاث باسم رسائل يوحنا و الرؤيا الكشفية الأخروية التي في آخر العهد الجديد أيضا ـ ليس الحواري " يوحنا بن زبدي " بل يوحنا آخر متأخر لم يتتلمذ مباشرة على المسيح عليه السلام بل هو مسيحي من تلاميذ المدرسة الإسكندرية الفلسفية.

    يبتدأ مؤلف الإنجيل الرابع، إنجيله، بافتتاحية يختص بها دون سائر الأناجيل الثلاثة، و هي افتتاحية يتبادر من ظاهرها النص على إلـهية الكلمة أي المسيح، لذا كانت هذه الافتتاحية أحد أهم مستمسكات المؤلهين للمسيح من كتاب العهد الجديد، إن لم تكن، أهم مستمسكاتهم على الإطلاق.
    و إنما لم أتعرض لها في الفصل الماضي خلال تفنيدي لشبهات المؤلهين لعيسى من الأناجيل، لأن هذه الافتتاحية ليست في الواقع من كلام المسيح أو تعاليم إنجيله، بل هي من كلام يوحنا، لذلك أرجأت الكلام عنها لحين كلامي عن نفي إلـهية المسيح في كلام يوحنا في هذا الفصل.
    لكن قبل البدء في مناقشة و تفنيد العبارات التي يستند إليها المؤلهون للمسيح من كلام القديس يوحنا، أبدأ بذكر العبارات الصريحة الواضحة ليوحنا نفسه، التي تؤكد عبودية المسيح لله تعالى و أن الله تعالى إلـه المسيح و خالقه، متبعا نفس الأسلوب الذي اتبعته مع مناقشة عبارات الأناجيل و عبارات بولس.
    القسم الأول: أقوال يوحنا الصريحة التي تنفي إلـهية المسيح و تؤكد أنه عبدٌ مخلوقٌ ِللهِ عز و جل:
    (1) أما نصه على أن الله تعالى إلـه المسيح و بالتالي فالمسيح عبد مربوب لله، فقد جاء في رؤيا يوحنا الكشفية (1 / 6) حين قال:
    "... و من لدن يسوع المسيح الشاهد الأمين و البكر من بين الأموات و سيد ملوك الأرض، ذاك الذي أحبنا فحلنا من خطايانا بدمه، و جعل منا مملكة من الكهنة لإلــهـه و أبــيـه... "
    (2) و أما نصه على أن المسيح مخلوق لله سبحانه وتعالى ، فجاء وضحا في رسالته الأولى (2/ 1) في قوله:
    " أكتب إليك ما يقول الأمين (المسيح)، الشاهد الأمين الصادق، بدء خليقة الله... "
    (3) و أما أن المسيح يستمد من الله و بالتالي لا يمكن أن يكون إلـهاً لأن الله غني بذاته، فقد جاء ذلك مثلاً في رؤياه الكشفية أيضا (1 /1) حين يقول:
    " هذا ما كشفه يسوع المسيح بعطاء من الله "
    (4) و أما عن الغيرية الكاملة و التمايز و الاثنينية بين الله: الآب و المسيح عليه السلام فالأمثلة عليه كثيرة من كلام يوحنا نكتفي بهذا الشاهد من رسالته الأولى(2/1):
    " و إن خطئ أحد فهناك شفيع لنا عند الآب و هو يسوع المسيح البار "
    (5) ثم إن نفس النصوص الإنجيلية، التي استقيناها في الفصل الأول من إنجيل يوحنا، النافية لإلـهية عيسى و المثبتة لعبوديته، تصلح كذلك للكشف عن عقيدة يوحنا مؤلف ذلك الإنجيل حول عدم إلـهية المسيح إذ من البديهي أن الرجل دوَّن في إنجيله ما يعتقده أو أنه كان يعتقد بما دونه، و نكتفي هنا بإشارة سريعة لثلاث نصوص قاطعة من إنجيل يوحنا:
    " قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. و لكن اذهبي إلى أخوتي و قولي لهم: إني أصعد إلى أبي و أبيكم و إلـهي و إلـهكم " إنجيل يوحنا:20 / 17.
    " تكلم يسوع بهذا و رفع عينيه نحو السماء و قال: أيها الآب، قد أتت الساعة... و هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإلـه الحقيقي وحدك، و يسوع المسيح الذي أرسلته... " إنجيل يوحنا: 17 / 1 ـ 3.
    " فقال لهم يسوع: لو كنتم أبناء إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم، و لكنكم الآن تطلبون أن تقـتلوني و أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " إنجيل يوحنا:8/40.

    و أعتقد أن ما ذكر أعلاه يكفي ـ لمن تجرد للحق و أنصف و جانب التقليد و التعصب ـ للتأكد من عقيدة يوحنا التوحيدية و أنه لم يعلِّم التثليث و لا أن الله هو المسيح، بل أفرد الله تعالى وحده بالإلـهية، فينبغي أن يبقى هذا بالبال عند مناقشتنا التالية للشبهات التي استندوا إليها من كلام يوحنا.
    شبهات المؤلهين للمسيح من عبارات يـوحنا و الرد عليها
    الشبهة الأولى
    افتتاحية يوحنا لإنجيله التي يقول فيها: " في البدء كان الكلمة، و الكلمة كان عند الله، و كان الكلمة ا لله، هذا كان في البدء عند الله، كل شيء به كان و بغيره لم يكن شيء مما كان... و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و رأينا مجده كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة و حقَّـاً " إنجيل يوحنا: 1 / 1 ـ 3، 14.
    الرد على هذه الشبهة:
    أولا: أعود و أذكر أن هذا النص ليس من كلام المسيح عليه السلام و لا من كلام أي حواري أو تلميذ مباشر من تلاميذه بل كلام مسيحي تابعي ـ إن صح التعبير ـ و فيلسوف عاش في أواخر القرن الأول و أوائل القرن الثاني فلا يحمل في طياته أية حجة إلـهية ملزمة. أما دعوى أنه كتب إنجيله بإلهام و وحي من الله فلا دليل علها إلا مجرد الظن.
    و ثانيا: ما دام قائل هذا الكلام هو يوحنا، و ما دام قد ثبت معنا بالدلائل السابقة أن يوحنا هذا يؤمن بأن الله الآب هو الإلـه الحقيقي وحده و إلـه المسيح و خالقه و مرسله، فلكي يكون كلام يوحنا منسجما مع بعضه، لا بد أن يُفهَم هذا النص أو يُفسَّر على نحو يتسق و ينسجم مع عقيدته التوحيدية تلك، و هناك تفسيران محتملان لهذا النص:
    التفسير المعقول الأول: هذه الافتتاحية قرأها كثير من القدماء على نحو فيه اختلاف بسيط في اللفظ، لكن مهم جدا، و قد أورد الغزالي في كتابه " الرد الجميل لإلـهية عيسى بصريح الإنجيل " اللفظ القديم الذي يمثل الترجمة الحرفية للمتن اليوناني الأصلي على النحو التالي:
    " في البدء كان الكلمة، و الكلمة كان عند الله، و إلـه هو الكلمة، كان هذا قديما عند الله، كلٌّ به كان و بغيره لم يكن شيء مما كان... "
    فالفرق بين الترجمتين هو في الجملة الثالثة، ففي حين تقول الترجمات الحديثة: " و كان الكلمةَ اللهُ "، تقول الترجمة الحرفية القديمة: " و إلـهٌ هو الكلمة " بتنكير إلـه.
    و تذكر الكتب التي تتحدث عن تاريخ العقيدة النصرانية أن آريوس و منكري ألوهية المسيح كانوا يؤكدون على أن الترجمة الحرفية الصحيحة للأصل اليوناني هي " و إلـهٌ هو الكلمة " [22] .
    و المسألة هي أن كلمة " إلـه " في اصطلاح الإنجيل ـ و اصطلاح الكتاب المقدس بشكل عام ـ لا تعني بالضرورة الله، بل تأتي أحيانا على معنى السيد و الرئيس المطاع، مثل كلمة الرب، أو على معنى الملاك العظيم. و سبق و أشرنا لذلك في الفصل الثاني و نذكر هنا مثالين على ما نقول:
    (1) جاء في سفر الخروج من التوراة قول الله تعالى لموسى عليه السلام :
    " قد جعلناك إلـها لفرعون و أخاك هارون رسولك " الخروج: 7 / 1.
    (2) و في المزمور الثاني و الثمانين من سفر المزامير قول الله تعالى لداود عليه السلام :
    " الله قائم في مجمع الله، في وسط الآلهة يقضي.. (إلى قوله): أنا قلت إنكم آلهة و بنو العلي كلكم لكن مثل الناس تموتون و كأحد الرؤساء تسقطون " المزامير: 82 / 1، 6 ـ 7.
    حيث يتفق مفسروا العهد القديم أن المقصود بالآلـهة و ببني العلي هنا: الرؤساء و القضاة و الملائكة الذين هم أعضاء البلاط الإلـهي ـ إذا صح التعبير ـ، و أن لقب آلهة و أبناء الله، لهم، ليس إلا لقبا تشريفيا لا أكثر، و لا يعني أبدا أنهم شركاء الله تعالى في ذاته و إلـهيته، كيف و من تعاليم التوراة الأساسية وحدانية الله تعالى!
    بناء عليه، فعبارة " و إلـه هو الكلمة " معناها: و كائنٌ روحيٌّ عظيم بل رئيسٌ للكائنات وعظيمٌ مقرب من الله هو الكلمة.
    هذا و مما يرجح هذه القراءة و يوجب المصير إلى هذا التفسير، أن الترجمات الحديثة التي تذكر " و كان الكلمة الله " تجعل افتتاحية يوحنا نصا مختل المبنى غير مستقيم المعنى، بل لا معنى له و لا يصح لأن معناها يصبح هكذا:
    [ في البدء كان الله، و كان الله عند الله! و كان الله هو الله، الله كان في البدء عند الله!! ]
    و من البديهي أن الشيء لا يكون عند نفسه، فلا يصح أن نقول كان زيد عند زيد !!
    أما على التفسير الذي ذكرناه، فإذا صار الإله المُنَـكَّر بمعنى الكائن الروحي العظيم الذي هو غير الله، صح أن نعتبره كان عند الله.
    التفسير الممكن الثاني: يرى البعض أن الكلمة هي الأمر الإلـهي " كن فيكون " الذي به يخلق الله ما يشاء من الكائنات، كما جاء في سفر المزامير: " بكلمة الرب صنعت السماوات... إنه قال فكان، و أمر فوجد " المزمور: 33/6، 9.
    و تصديق ذلك أننا نجد، في سفر التكوين من التوراة، أن الخلق تم بأوامر و كلمات إلـهية: " و قال الله: ليكن نور، فكان نور..... و قال الله: ليكن في وسط المياه.... فكان كذلك.... الخ " التكوين: 1 / 3، 6.
    و قالوا: إن الترجمة القديمة الصحيحة لعبارة " و الكلمة صار جسدا " هي: " و الكلمة صنع جسدا " [23] أي أنه بالأمر الإلهي تم خلق إنسان بشر. فالكلمة هي الله و لكن الإنسان الذي خلق بها ليس الكلمة، و بالتالي فالمسيح مخلوق بالكلمة و ليس الكلمة ذاتها.
    و منهم من يرى أن هناك محذوف تقديره:"و أثر الكلمة صار جسدا" [24] .
    و على كل حال فهذه تفسيرات ممكنة و معقولة لهذه الافتتاحية، و لا ندعي أنها صحيحة قطعا، لكن نرى أن المصير لفهم توحيدي للنص واجب، بعد أن عرفنا من عبارات يوحنا السابقة، نفيه كون المسيح الله، و ذلك عندما اعتبره مخلوقا خاضعا لله مستمدا منه و بين أن اللهَ تعالى إلـهُ المسيح و أن الله هو الإلـه الحقيقي وحده.
    الشبهة الثانية
    قول يوحنا في رسالته الأولى (5/20): " نحن في الحق إذ نحن في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإلـه الحق و الحياة الأبدية. يا بني احذروا الأصنام. "
    الرد على هذه الشبهة:
    أولاً دعنا نأتي بنص العبارة من أولها، حيث يلخص يوحنا رسالته الأولى بهذه الخاتمة فيقول:
    " نحن نعلم أننا من الله و أما العالم فهو كله تحت وطأة الشرير. و نعلم أن ابن الله أتى و أنه أعطانا بصيرة لنعرف بها الحق. نحن في الحق إذ نحن في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإلـه الحق و الحياة الأبدية. يا بني احذروا الأصنام".
    فنقول: إن الذين يستشهدون بهذه الفقرة كنص على إلـهية المسيح، يفترضون أن الإشارة بِـ: هذا هو الإله الحق....، تعود لآخر مذكور و هو المسيح، لكن الحقيقة أن هذا مجرد تخمين و احتمال ضعيف، أما الاحتمال الأقوى بل المتعيِّن فهو رجوع الإشارة إلى هاء الضمير في كلمة ابنـه، أي إلى الله تعالى، لأن الكلام من البداية كان عن الله تعالى، و يدل عليه أيضا جملته الأخيرة: يا بَنِـيَّ احذروا الأصنام، أي أنه يقول في آخر رسالته: ليس لنا إلا إله واحد هو الله و أما بقية الآلهة فهي باطلة فاحذروها. و أقصى ما يقال هو أن ما ذكرناه إن لم يكن هو المتعين فهو بالتأكيد محتمل و مجرد احتماله يسقط استدلالهم بالآية لأنه: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
    و ليس ما ذكرناه من عدم تعين رجوع الإشارة للمسيح، شيء انفردنا به لوحدنا، بل هذا ما أشارت إليه شروح الإنجيل، فقد جاء في كتاب " تفسير الكتاب المقدس " عند شرح هذه العبارة ما نصه:
    ".... ثم يمضي يوحنا فيقول: هذا هو الإلـه الحق و الحياة الأبدية. و مرّة أخرى لا يكون من السهولة تبين ما إذا كان المعنِيّ هو الآب أم الابن؟ غير أنهما من التقارب بحيث يغدو الفارق ضئيلا جداً. بالنسبة إلى أقوام العالم القديم كان هناك آلهة كثيرون. بيد أن يوحنا يرى أنهم كانوا كلهم آلهة باطلة، فلا إلـه إلا إلـه واحد حق و للناس حياة أبدية فيه. " [25] .

    الشبهة الثالثة
    ما جاء في رؤيا القديس يوحنا الكشفية منسوبا للمسيح قوله: " أنا الألف و الياء، و الأول و الآخر، و البداية و النهاية " الرؤيا: 22 / 13.

    الرد على هذه الشبهة:

    الحقيقة أن هذه الشبهة واهية للغاية و بطلانها أوضح من الشمس، و ذلك لسببين: أولا أن هذه العبارات: " أنا الألف و الياء... الخ "، التي تكررت في الرؤيا عدة مرات إنما ينقلها الملاك، الذي ظهر ليوحنا في رؤياه، عن قول الله سبحانه وتعالى عن نفسه، لا عن قول المسيح عن نفسه!. نظرة بسيطة لأول مرة جاءت فيها هذه العبارة في أول إصحاح من سفر رؤيا يوحنا هذا توضح ذلك:

    " من يوحنا إلى الكنائس السبع في آسية. عليكم النعمة و السلام من لدن الذي هو كائن و كان و سيأتي، و من الأرواح السبعة الماثلة أمام عرشه، و من لدن يسوع الشاهد الأمين و البكر من بين الأموات و سيد ملوك الأرض. لذاك الذي أحبنا فحلنا من خطايانا بدمه، و جعل منا مملكة من الكهنة لإلـهه و أبيه، له المجد و العزة أبد الدهور آمين. ها هو ذا آتٍ في الغمام. ستراه كل عين حتى الذين طعنوه، و تنتحب عليه جميع قبائل الأرض. أجل، آمين. " أنا الألف و الياء " هذا ما يقوله الرب الإلـه، الذي هو كائن و كان و سيأتي، و هو القدير. " رؤيا يوحنا: 1 / 4 ـ 8.

    فنلاحظ بوضوح أن قائل أنا الألف و الياء هو: الرب الإلـه الذي هو كائن و كان و سيأتي، و هو غير المسيح، بدليل أنه عطفه عليه في البداية عندما قال: عليكم النعمة و السلام من الذي هو كائن و كان و.. و من الأرواح السبعة... و من لدن يسوع الشاهد...، و العطف يقتضي المغايرة.

    و كذلك عندما تتكرر هذه العبارة ينبغي أن تفهم مثل هنا على أن المقصود منها هو الله تعالى.

    هذا من جهة و من الجهة الثانية، فإن هذه العبارة حتى لو قلنا أنها للمسيح، فلا تتضمن نصا في تأليهه، لأنه يمكن تفسير عبارته: "أنا الأول و الآخر و البداية و النهاية" بمعنى: أنا أول خلق الله (أو بكر كل خليقة على حد تعبير يوحنا) فبهذا يكون الأول و البداية، و الحاكم يوم الدينونة بأمر الله، فبهذا يكون الآخر و النهاية لعالم الخليقة، و ما دام هذا الاحتمال وارد، فالاستدلال بالعبارة ساقط، كيف و مثل هذه العقيدة الخطيرة تقتضي الأدلة القطعية الصريحة التي لا تحتمل أي معنى آخر.
    جامع العقائد الجزء الاول – اهل السنة
    http://www.4shared.com/file/38082887/2e4d06a8/____.html
    جامع العقائد الجزء الثانى - المسيحية
    http://www.4shared.com/file/38083183/9e4d9e5b/__2_.html
    جامع العقائد الجزء الثالث - الصوفية
    http://www.4shared.com/file/38083302/2217f0ab/___3.html
    جامع العقائد الجزء الرابع – اهل الحديث
    http://www.4shared.com/file/38083514/d6e2186d/__4.html
    جامع العقائد الجزء الخامس - الشيعة
    http://www.4shared.com/file/37784969..._5_online.html
    الامامة ولوازمها عند الشيعة
    http://www.4shared.com/file/37593063...ified=929a0869
    جامع العقائد شاملة
    http://www.4shared.com/file/39612028.../__online.html
    جامع العقائد للشاملة رابط اخر
    http://www.filesend.net/download.php...faa804da313078
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 10 نوف, 2020, 09:03 م.

    تعليق

    • أحمدحسام الدين محمدصلاح
      1- عضو جديد
      رحِمهُ اللهُ رحْمةً واسِعة
      غفر له بها ما تقدّم من ذنبِهِ وما تأخر
      وأفسحَ له في قبْرهِ
      • 8 فبر, 2008
      • 97

      #3
      بسم الله الرحمن ارحيم

      بارك الله فيك أخى عاطف عثمان

      مجهود هائل و مبارك بأذنة تعالى
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 10 نوف, 2020, 09:03 م.

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة كريم العيني, منذ أسبوع واحد
      ردود 3
      42 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة كريم العيني
      بواسطة كريم العيني
      ابتدأ بواسطة fares_273, منذ 4 أسابيع
      ردود 0
      28 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة fares_273
      بواسطة fares_273
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 8 ماي, 2024, 10:22 م
      ردود 2
      27 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 مار, 2024, 03:34 ص
      ردود 0
      42 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 11 مار, 2024, 01:39 ص
      رد 1
      57 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      يعمل...