تناقض:
في هذا العدد كلام كثير جدا واختلاف كبير وتناقض واضح لا يضحد. حيث أن إنجيل متى يعطي تصريحا واضحا لا يقبل النقاش في ولادة المسيح عليه السلام في أيام ولاية الملك هيردوس وسلطته ولكن هذا يتناقض مع ما كتبه لوقا في إنجيله :-[١وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. ٢وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. ٣فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. ٤فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، ٥لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. ٦وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. ٧فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ،]
فنرى هنا أن البشير لوقا يسرد قبل ولادة المسيح بأيام أن الملك أوغسطس أصدر قرار بالإحصاء السكاني والذي هو في عهد ولاية كيرينيوس ومن المعلوم أن كيرينيوس لم يتولي الحكم حتي عام 6 ميلادي، ويعلق على هذا الدكتور بارت إيرمان في كتابه The New Testament : A historical introduction to the early Christian writings” على صفحه 155:
“In addition to the difficulties raised by a detailed comparison of the two birth narratives found in the New Testament, serious historical problems are raised by the familiar stories found in Luke alone. Contrary to what Luke indicates, historians have long known from several ancient inscriptions, the roman historian Tacitus, and the Jewish historian Josephus that Quirinius was not the governor of Syria until 6 C.E., fully ten years after Herod the great died. If Jesus was born during the region of Herod, then Quirinius was not the Syrian governo
ترجمة الجزء المراد من الاقتباس:-
(....... عرف المؤرخون منذ زمن طويل من العديد من النقوش القديمة للمؤرخ الروماني تاسيتوس ، والمؤرخ اليهودي جوزيفوس أن كيرينيوس لم يكن حاكم سوريا حتى عام 6 م ، بعد عشر سنوات كاملة من وفاة هيرودس الكبير......... )
فالحاصل أن إنجيل متى يُرجع ولادة المسيح إلى عهد ولاية هيردوس الكبير، بينما يُرجع إنجيل لوقا ولادة المسيح إلي عهد ولاية كيرينيوس، فيظهر الفرق والتضارب بين تأريخ الإنجيلين بما يقارب العشر سنوات. كما أننا لو اعتبرنا بالمصادر اليهوديه كما عند المؤرخ يوسيفوس فإننا نجده قد بوب على موت هيردوس الكبير أنه كان في (4 ق. م) وقد اقتبست من النسخه التي اعدها الراهب القمص انطونيوس الأنطوني وتغاضيت عن الاقتباس من كتاب يوسيفوس مباشرة. فالفرق بين 4 ق. م و6 م عشر سنوات كاملات كما ذكر الدكتور بارت إيرمان.
ونتج عن هذا اختلاف بين علماء الكنيسه منذ القرن الثالث وحتى الخامس الميلادي من حيث ولادة المسيح.
يقول المؤرخ يوسابيوس القيصري أبو التاريخ الكنسي في كتابه تاريخ الكنيسه صفحه 24 في باب (ظهوره بين البشر): (كان في السنة الثانية والأربعين من حكم أوغسطس، وفي السنة الثانية والعشرين، بعد إخضاع مصر وموت أنطونيوس وكليوباترا، اللذين انتهت بموتهما أسرة البطالة في مصر، أن مخلصنا وربنا يسوع المسيح ولد في بيت لحم اليهودية، وفقا للنبؤات التي تحدثت عنه وقد تمت ولادته اثناء الإحصاء الأولي إذ كان كيرينيوس واليا علي سورية)
فهنا يرجح يوسابيوس القيصري كلام انجيل لوقا أي أن الولاده كانت في عصر الإكتتاب الأول في عهد ولاية كيرينيوس
ولكن القس الذي عرب الكتاب (مرقس داوود) علق في الهامش عارضا آراءًا كثيرة حول ميلاد المسيح فمن الآباء من قال أنه ولد في سنة 2ق.م وهذا رأي أكلمينضس السكندري وأبيفانوس ومنهم القائل أنه ولد في سنة 3 ق. م وهذا ما قرره إيريناوس وترتليانوس ومنهم القائل أنه كان 7ق.م بل ويعلق القس قائلا (فقد كثر النزاع حول تحديد ميلاد المسيح كثيرا)
وأتساءَل: لو أن انجيل لوقا وانجيل متى قد اتفقا على تأريخ الولادة فمن أين صدر الخلاف؟؛ الخلاف اصله بين الأناجيل بلا شك في هذا. ورغم كل السرد الذي حدث امامكم والتناقض الواضح الجليِّ، فإن القس (مرقس داوود) يتحايل على هذه الورطة قائلا:- [يظن البعض ان في رواية لوقا صعوية تاريخية على أساس أن كرينيوس اقيم واليا على سورية سنة 6 م ، وفي عهده اجرى إحصاء ذكره يوسيفوس (۱۷ : ۱۳ و ۱۸ : ۱). وهذا الإحصاء أو الاكتتاب هو المشار إليه في( اع 5 :: ۳۷)، وهو الذي تم بعد ولادة المسيح بنحو عشر سنوات، وأنه ليس هو الذي أشار إليه لوقا في انجيله (۲ ۲)، على أن العاليمين (زميت» Zuropt) و (مومسين» Moeiatnnet) اثبتا أنه قد ولى الحكم على سورية واليان بإسم کرینیوس الأول في خريف سنة 4 ق م. حتي سنة 1 ق.م]
وكلام القس مردود لاسباب:-
1:-لو اعتبرنا أن هنالك اثنان ولاة حملوا اسم كرينيوس اولهم كان من 4ق.م إلي 1ق. م وثانيهما تولى من بداية 6مم، فعليه أن يُجيبنا من الذي تولى من عام 1ق.م الى 6م إن كان كرينيوس لم يتولى الحكم حتى عام 6 م؟؟؟
2:- والسبب الثاني أن الوقت الذي تحدث فيه لوقا عن ولاية كرينيوس لا يسمح أن نقول أنه المراد به هو كرينيوس الاول لأن لوقا أضاف قائلا:-(٢وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. ٣فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ.). والإكتتاب الأول معروف تاريخه وذلك لحدوث ثورة الجليليين عقبه وهذا كله حدث عقب عام 6 م أي بعد وفاة هيردوس الكبير على الأقل بعشر او أحد عشر سنة.
3:- ولو افترضنا صحة قول العالمين (زميت» Zuropt) و (مومسين» Moeiatnnet) الذي استشهد بهما القس، وأنه قد تولى الحكم على سورية والِيان بإسم کرینیوس الأول في خريف سنة 4 ق م. حتى سنة 1 ق.م فهذا لا يدعم صحة كلام انجيل متى بل يناقضه حيث أن هيردوس الكبير توفي عام 4ق.م كما وضحنا مسبقا، فنخرج بقولٍ ثالثٍ ورأيٍ آخر وهو
أن المسيح ولد بعد موت هيردوس وقبل تولية كرينيوس الثاني!!
ونظل حائرين أمام إنجيل متى و إنجيل لوقا (أولهم يقول بأنه ولد في عصر هيردوس والثاني يقول أنه ولد في عصر الإكتتاب الأول في عهد ولاية كرينيوس).
وكتبه فؤاد النمر