المصاحف المخطوطة الألفية
التعريف بها وأهميتها والمحافظة عليها
للدكتور اياد السامرائي*
مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد الخامس عشر - السنة العاشرة
التعريف بها وأهميتها والمحافظة عليها
للدكتور اياد السامرائي*
مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد الخامس عشر - السنة العاشرة
مُلخص البحث:
تحتفظ المكتبات العالمية اليوم بآلاف من المصاحف المخطوطة، كثير منها يعود إلى القرون الهجرية الأولى، والقرون اللاحقة حتى عصرنا الحاضر، وتتجلى أهمية هذه المصاحف بما تقدمه من معارف متنوعة في علوم القرآن، ومعرفة تاريخ تطور الخط العربي ومراحله التي مر بها، ويمكن أن يُعتمد عليها إلى جانب ما سطره علماء المسلمين في مؤلفاتهم من جهود في وصف ما في تلك المصاحف من الرسوم والعلوم. يهدف هذا البحث إلى الكشف عن عددٍ من المصاحفِ التي يبلغُ عمرها ألف سنةٍ أو يزيد، والتعريف بها، والوقوف عند تلك الجوانب التي تشير إلى أهمية المصاحف المخطوطة القديمة، وما يقتضيه ذلك من ضرورة الحفاظ عليها، وتيسير اطلاع الباحثين على نسَُخِهَا الخطية أو نسَُخٍ مصورة عنها تصويراً حديثاً يُظْهِرُها بالشكل الطبيعي لها من حيث الخط والألوان، وهي بلا شك تحتل الصدارة في الدراسة والاهتمام، لأنها أقرب النسخ من المصحف الإمام الذي نسُِخَ في زمن سيدنا عثمان بن عفان، وهي تكشف عن جوانب مهمة في تاريخ المصحف الشريف وطرائق رسمه وضبطه تنبه لها علماء السلف المتقدمون. فجاء هذا البحث ليسلط الضوء على هذه الجوانب ويعرف بها، وجاء في تمهيد وثلاثة مطالب: بينت في التمهيد مفهوم المصاحف المخطوطة الألفية، أما المطلب الأول فخصصته للتعريف بالمصاحف المخطوطة الألفية، وجاء المطلب الثاني ليبين أهمية المصاحف المخطوطة الألفية، وجاء المطلب الثالث ليبين وسائل المحافظة عليها.
* كلية التربية - جامعة سامراء - العراق.
المقدمة
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمدٍ وآله وصحبهِ أجمعين، أما بعد: فتحتفظ المكتبات العالمية اليوم بآلاف من المصاحف المخطوطة، كثير منها يعود إلى القرون الهجرية الأولى، والقرون اللاحقة حتى عصرنا الحاضر، وتُمَثِّلُ تلك المصاحف ثروة علمية عظيمة الأهمية من نواح عدة، فهي الوعاء الذي حفظ لنا القرآن الكريم إلى جانب حفظ الصدور، وهي تحكي قصة الحِفْظِ المُوَثَّقِ للمصحف منذ عصر الصحابة إلى زماننا هذا، وتُبَيِّ تلك المصاحف جوانب علمية مهمة من رسم المصحف لم يغفل عنها علماء الرسم في مؤلفاتهم، فاعتمدوا عليها إلى جانب الرواية عن شيوخ الرسم، وكذلك يمكن لهذه المصاحف أن تسهم على نحوٍ كبير في معرفة تاريخ تطور الخط العربي ومراحله التي مر بها، والجهود التي بذلها العلماء في تحسين الخطوط حتى وصل خط المصحف إلى ما وصل إليه اليوم من الجودة والإتقان والجمال، وكذلك تُقَدِّم هذه المصاحف مادة علمية مهمة في علوم القرآن والقراءات إلى جانب المصادر في هذا الباب، فيمكن الإفادة منها في معرفة تطور علامات النقط والتشكيل، وعلم عَدِّ آي القرآن وأجزائه وأحزابه، وغيرها من العلوم. وقد يسََّت الوسائل الحديثة للباحثين الاطلاع على عدد من نسخ هذه المصاحف، بعد أن كان ذلك قبل سنوات من الأمور الصعبة، إن لم يكن من المستحيل(1)، فقد خرجت أربعة مصاحف مخطوطة بتحقيق الدكتور طيار آلتي قولاج (2)، إلى جانب
(1) حدثني أستاذي الدكتور غانم قدوري، حين كان يعد رسالته للماجستير في رسم المصحف أنه بذل جهداً كبيراً للاطلاع على نسخة مصحف جامع الحسين في القاهرة، فلم يفلح في إقناع المسؤولين للسماح له بالاطلاع على المصحف، واكتفى بمشاهدته من خلف الزجاج الحافظ دون تقليب أوراقه.
(2) وهي: مصحف جامع الحسين في القاهرة، ومصحف الآثار الإسلامية، ومصحف طوپ قاپي سرايي، ومصحف صنعاء.