في النصرانية يستخدمون كلمة " التثليث " على أنها الركن الأساس لذلك الدين ، فهل ورد ذكر لذلك الاعتقاد في القرآن ؟ وإذا كان ذلك اعتقاداً صحيحاً ، أفلا يندرج ذلك تحت مقدمات الشرك ؟. الجواب : الحمد لله نعم ورد ذكر لهذا الاعتقاد في القرآن الكريم ، ولكنه ورد ببطلانه والمنادة على صاحبه بالكفر والشرك ، قال الله تعالى : (( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )) المائدة / 17 ، وقال تعالى : (( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) المائدة / 73 ، وقال تعالى : (( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ، اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) التوبة / 31 وصار هذا من الأمور المنتشرة علمها بين المسلمين ، ولذلك أجمعوا على كفر النصارى ، بل أجمعوا على كفر من لم يكفرهم ، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام المجمع عليها : ( من لم يُكَفِّر المشركين ، أو شَكَّ في كفرهم ، أو صحّح مذهبهم كفر ) وإننا لنعجب من هذا السؤال والذي يظن صاحبه أن الشرك الذي عند النصارى له وجود في دين المسلمين ، ولذلك فإننا ننصح السائل بالقراءة في كتب العقائد والتي تبين التوحيد ومعناه وأحكامه ، وتبين أيضاً الشرك وأنواعه ، وسماع الأشرطة المفيدة في ذلك ، فإن هذا من أوجب الواجبات على العبد ، وهذا التثليث الذي يعتقده النصارى ليس من مقدمات الشرك ، بل هو الشرك بعينه ، والتثليث الذي اخترعه النصارى المتأخرون لا يستدل عليه بشيء من العقل والفطرة ولا بشيء من الكتب الإلهية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى . قال ابن القيم : وهذا شأن جميع أهل الضلال مع رؤسائهم ومتبوعيهم ، فجهَّال النصارى إذا ناظرهم الموحِّد في تثليثهم وتناقضه وتكاذبه قالوا : الجواب على القسيس ، والقسيس يقول : الجواب على المطران ، والمطران يحيل الجواب على البترك ، والبترك على الأسقف ، والأسقف على الباب ، والباب على الثلاثمائة والثمانية عشر أصحاب المجْمَع الذي اجتمعوا في عهد " قسطنطين " ، ووضعوا للنصارى هذا التثليث والشرك المناقض للعقول والأديان ... " مفتاح دار السعادة " ( 2 / 148 ) . ومن حيث اللفظ فإنه لم يأت في القرآن ولا في السنة ، بل جاء لفظ " التثليث " في كلام العلماء عند كلامهم على التثليث في " الاستجمار بالحجارة ، الوضوء ، الغسل ، غسل الميت ، التسبيح في الركوع والسجود ، الاستئذان للدخول للبيت ، وغير ذلك . والمعنى في كل ما سبق إنما هو فعل الأمر ثلاث مرات ، ولا علاقة له بتثليث النصارى ، والذي بيَّن الله تعالى أنه قولهم وأمرهم بتوحيده تعالى والاعتقاد بعيسى أنه رسول وليس بإله . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال تعالى : {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراًلكم } ، فذكر سبحانه في هذه الآية " التثليث والاتحاد " ، ونهاهم عنهما وبيَّن أن المسيح إنما هو { رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه } ، وقال : {فآمنوا بالله ورسله } ، ثم قال : { ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم } . " الجواب الصحيح " ( 2 / 15 ) . وقد ظن بعض النصارى – لجهلهم – أن ضمير الجمع الدال على التعظيم في نحو قوله تعالى : ( إنا فتحنا لك ) ، ( إنا أنزلناه ) أنه يدل على عقيدتهم الفاسدة عقيدة التثليث . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومذهب سلف الأمَّة وأئمَّتها وخلفها : أن النَّبي صلَّى الله عليه وسلم سمع القرآن من جبريل ، وجبريل سمعه من الله عز وجل ، وأما قوله { نتلوا } و { نقص } { فإذا قرأناه } : فهذه الصيغة في كلام العرب للواحد العظيم الذي له أعوان يطيعونه ، فإذا فعل أعوانه فعلاً بأمره قال : نحن فعلنا ، كما يقول الملك : نحن فتحنا هذا البلد ، وهزمنا هذا الجيش ، ونحو ذلك ؛ لأنه إنما يفعل بأعوانه ، والله تعالى رب الملائكة وهم لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وهو مع هذا خالقهم وخالق أفعالهم وقدرتهم ، وهو غني عنهم ، وليس هو كالملِك الذي يفعل أعوانه بقدرة وحركة يستغنون بها عنه ، فكان قوله لِما فعله بملائكته : نحن فعلنا : أحق وأولى من قول بعض الملوك . وهذا اللفظ هو من " المتشابه " الذي ذكر أن النصارى احتجوا به على النبي صلى الله عليه وسلم على التثليث لمَّا وجدوا في القرآن { إنا فتحنا لك} ونحو ذلك ، فذمَّهم الله حيث تركوا المحكَم من القرآن أن الإله واحد ، وتمسكوا بالمتشابه الذي يحتمل الواحد الذي معه نظيره ، والذي معه أعوانه الذين هم عبيده وخلقه ، واتبعوا المتشابه يبتغون بذلك الفتنة ، وهي فتنة القلوب بتوهم آلهة متعددة ، وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم . " مجموع الفتاوى " ( 5 / 233 ، 234 ) . |
هل للتثليث وجود في الاسلام ؟
تقليص
X
-
هل للتثليث وجود في الاسلام ؟
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
مواضيع ذات صلة
تقليص
-
بواسطة د.أمير عبداللهالقس عبد المسيح بسيط أبو الخير في ميزان العلم !إعداد
منتديات الجامع الإسلامية
لدعوة أهل الكتاب
والرد على المنصرين والمستشرقين
((( يقوم الأب القس "عبد المسيح بسيط أبو الخير" صاحبأشهر سلسلة كتب( Apologetics اللاهوت الدفاعي)، بإجابة أهم إستفسارات المواطنين المتعلقة بالديانة المسيحية , والديانة المسيحية فقط )))
((نقلاً عن... -
بواسطة مصر المسلمة...الرد على شبهة الطعن فى نسب النبىبرجاء قراءة الموضوع كامل فهو مميزصفعة على قفا من شكك فى نسب النبي المصطفىاننا لسنا بصدد الكلام عن كذبة أبريل بل اننا بصدد الكلام عن أكبر كذبة عرفها العالم وهذه الكذبة ليس لها اى أساس من الصحة وكلها كذب فى كذب وانا اقول للنصرانى يا نصرانى لن تستطيع ان تنصر دينك بالكذب فأنت عديم الفهم عديم العلم كثير الكذب
ان النصارى لديهم مشكلة كبيرة وهى1 أبر, 2022, 09:56 م -
بواسطة كريم العينيالأناجيل الأربعة ورسائل بولس ويوحنا تنفي ألوهية المسيح كما ينفيها القرآن - سعد رستم...
بقـلم :
سـعــد رســتـم
ماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة البنجاب (لاهور) ـــ ماجستير في التفسير و الحديث من الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماجستير فلسفة في الدراسات الإسلامية من جامعة العلامة إقبال المفتوحة (إسلام آباد / باكستان)
إسلام آباد / باكستان: 1417 هـ. ــــ 1997 م.-
المنتدى: منتدى الثالوث والألوهية
-
-
بواسطة وداد رجائيتفنيد عقيدة التثليث
" إن التثليث النصراني يتأرجح بين التوحيد والشرك ، فهم يقولون إن الله واحد في ثلاثة ، أو ثلاثة في واحد ، وكأنهم لا يدرون أهو واحد أم ثلاثة ؟ كيف يكون الواحد في ثلاثة أو الثلاثة في واحد ؟ ؟"(163) ، وحول هذا المعنى يتفلسفون مضطربين في إجاباتهم، كثير منهم غير مقتنعين ؛ فإذا سألت أياً منهم...-
المنتدى: منتدى الثالوث والألوهية
11 أبر, 2021, 07:31 م -
-
بواسطة إبراهيم صالحالشيء الوحيد الذي لا يغفره الله تعالى هو الشرك بالله تعالى
فقد قال تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً...-
المنتدى: منتدى التساؤلاتِ والإسْتِفسارات
-
-
- جار التحميل...
- لا مزيد من المواد
مواضيع من نفس المنتدى الحالي
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
ابتدأ بواسطة Abdullah, 21 أغس, 2006, 02:36 ص
|
ردود 42
13,096 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة صفي الدين
|
||
ابتدأ بواسطة أحمد., 30 يول, 2012, 12:47 ص
|
ردود 41
231 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة عبد الله مجاهد
|
||
ابتدأ بواسطة التاعب, 18 ينا, 2009, 02:55 ص
|
ردود 40
15,797 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة Mohamed Karm
|
||
ابتدأ بواسطة Eng.Con, 27 يول, 2010, 02:31 م
|
ردود 33
18,472 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة د.أمير عبدالله
|
||
ابتدأ بواسطة ابوجاسر محمد مصطفى, 25 أغس, 2010, 12:17 ص
|
ردود 30
21,241 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة سيف الكلمة
|