هل السحر لا يجوز على النبي لأنه قادِح في النبوة والوحْي ؟!
والرد :
أولا: جزاكم الله خيرا، لسؤالكم وعلمكم بكونها شُبهة.
ثانيًا: تتساءَل أخي الكريم هل يُعقل أن يُسحر النبي؟
فنعم يُعقل طالما أننا مسلمون ونؤمن ونُسلِّم تسليما بما قال الله وقال الرسول .. ولا يجوز إذا ثبُت النص ان نرده بالعقل طالما أقررنا بصحة دين الاسلام ونسبته الى الله عز وجل.. وثبوت النص ثبوتا قطعيا.
قال الله تعالى: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".
فوجب التسليم التام للوحي.
ثالثا: حديث سحر النبي هو ثابت يقينا عن النبي وفي أعلى درجات الصحة.
رابعا: ومع ذلك فإن السحر يجوز على الأنبياء بنص كتاب الله:
فقد نص كتاب الله على حدوث: ( سِحْر التخيُّل) وأنه جائِز على النبي ، الرسول ، المعصوم ، من أولي العزْم ، ممن يتنزّلُ عليْهِ الوحي والشريعة.
والدليل قول الله تعالى عن موسى عليْه السلام الذي خُيّل عليْه بالسحر أن الحبال تسْعى .. فيقول تعالى : " يُخيّل إليْه من سحْرِهِم أنها تسْعى".. إذًا فكليمُ الله موسى ، المعصوم ، النبي الرسول ، الذي نزل عليْهِ وحي الله وتوراته جاز عليْه سحْر التخييل.. وما يجوز على موسى ، يجوز على عيسى ومحمد ، صلى الله عليْهِم وسلّم ..
خامسًا: قاعدة في الجواز والإسْتحالة العقلية:
ما يجوز عقلًا على نبي من الأنبياء , يجوز عقلًا على باقي الأنبياء , وما يستحيل عقلًا على نبي من الأنبياء , يستحيل عقلًا على باقي الأنبياء ، وأي محاولة للإنتقائِيّة بين نبي ونبي هو من هوى النفس ، وضلال الأفئِدة.. أما نقلًا فهو ما نقله لنا الله في قرآنه عن أي خصيصة خصها الله لنبيٍ أو موعِدةٍ وعدها إياه واصطفاه بها عن باقي أنبيائِه.
.
- فإذا استحال عقلًا أن يقع نبي في كبيرة من الكبائِر ، فيستحيل على كل الأنبياء
- وإذا وجبت العصمة في الوحي على نبي ، فقد وجبت على كل الأنبياء
- وإذا جاز سحر التخييل على نبيٍ ، جاز على كلّ الأنبياء. إذًا وبغضِّ النظر عن حديثِ سِحْر النبيِّ ، فإن فكرة جواز السحر على نبي معصوم ، هي من التقرير القرآني الإلهي ،
- وإذا وجبت العصمة في الوحي على نبي ، فقد وجبت على كل الأنبياء
- وإذا جاز سحر التخييل على نبيٍ ، جاز على كلّ الأنبياء. إذًا وبغضِّ النظر عن حديثِ سِحْر النبيِّ ، فإن فكرة جواز السحر على نبي معصوم ، هي من التقرير القرآني الإلهي ،
ومن يرْفُض الفكرة أصلًا وقد أقرها الله في قرآنِه يكْفُر .. بل إنّ القرآن يُقرر جواز ان يكون النبي مسْحورًا ويتنزل عليه الوحي في نفس الوقت ( فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف ).. مما يعني أن لا تعارض بل لا يؤثر السحر على عقل النبي وادراكِه.. وتلقيه للوحي.
وبالتالي فمن يرْفُض فكرة سْحر التخيُّل للأنبياء ومنهم محمد صلى الله عليْهِ وسلّم بحجةِ أنه يُنافي العصْمة أو يتعارض مع الوحي ، فهو في مصيبة في دينِه لأنه يعترِض بل ويحكم بالإستحالة على أصْل وحقيقةٍ قرآنيّة حكم الله عليْها بالإمكان والجواز !
سادسًا: السِحْر لا يؤثِّر على عقل وإدراك النبي للوحي، وإنما يكون في فعل دنيوي مخصوص:
ولا يُمكِن أن يؤثر سحْر على عقل وإدراك النبي، أيُّ نبيٍّ .. وسندْحَضُ هذا الزعم بمثالٍ عن نبي الله موسى - بعونِ الله ، ونُثْبِته من كتاب الله بالأدلة.. وبقول العلم.
1-أن موسى عليْه السلام أوْجس في نفسِه خوفًا حينَ عاين سحْر التخيُّل كما نص كتاب الله:
من الأدلة العلميّة المعجِزةِ في قصّةِ سِحْر موسى وتُثْبِت أن: السّحر لم يؤثِّر على عقلِه وإدْراكِه كما زعم دكتور علم النفس : هو قول الله تعالى (( أوجس في نفسه خيفة ))
وتستوقفنا حِكْمةُ قد تسْتنبِطُها من ذكر الله لخوْف موسى في هذا الموْقِف ( خيفة )، وتحكمه في عدم إظهار الخوف (( أوجس في نفسِه )) !!
فهذا من دقّة كتاب الله بل من الإعجاز القرآني ، أن يذكر الله عزّ وجلّ خوْف موسى من السِّحْر ، ويٌبيِّن الله أن موسى لم يُظْهر هذا الخوْف .. أي تحكّم فيه !!!!! ، وهذا النوْع من التحكم في العواطِف ومنها الخوف هو من الثبات الإنفعالي وهو أعلى درجات الإدراك ولا توجد إلا في شخْص ناضِج عقليًا وانفعاليًا مسيطر على ذاتِه ومتحكم في الموقف (أشرف أحمد عبد القادر 1992 ص 84) ، يعْرِف ماذا يفعل ، وتؤكد على سلامة الإدراك وتمام الوعْي .. بعكْس المجنون أو مسلوب الإدراك أو العقل أو من فقد التحكم وترك الأمر لعقله الباطني يقوده، فسيكون غير متحكم في خوفِه ومشاعِرِه وانفعالاتِه .. والمجنون والحيوان أو من عنده ضمور عقلي قد يخاف .. لكِن وحده العاقِل ، كامل الإدراكِ ، الواعي هو الذي يتحكّم في خوفِه ومشاعِره فيُمكن أن يُسِره في نفسِهِ ولا يُظْهره ..
ولِذا فأحدث نظريات علم الأعصاب الإدراكي التنموي : أن التحكم بالعواطف مرتبطة بأعلى درجات التحكم المعرفي ،وأن العاطفة والإدراك ترتبط حيويًا ويعملان معا !! (Martha Ann Bell and Christy D. Wolfe , 2004 ) و ( R. J. Dolan , 2002 ).
وكأن ذكْر اللهُ عزّ وجلّ بتقريره خوْف موسى ، وبأنه أضمر هذا الخوْف يُبين ان جواز السحر على النبي لا يعني ان السحر يؤثر على ادراك النبي، ما يسري على موسى يسري على محمدٍ صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء !!
2-كلام الله له في نفسِ الموقفِ بالوحي والأمر الإلهي :
وطالما يتنزّل عليْه الوحي في نفْس الموقف الذي حدث فيه سْحر التخيُّلِ ، فهذا ينفي بالكلية أن يكون سحْر التخيُّل أصاب عقلَهُ وادراكَه ، فموسى عليْه السلام يُسْحر بسحر التخيّل ثم يخاف فيثبَت ويُضْمِر خوفَه ثم يأمره الله بالوحي " قلنا لا تخف " ثم يُطمئِنُه " إنك أنت الأعلى" ثم يتّخِذ موسى ردّ فعل بأمر الله : "وألقِ مافي يمينِك " ، كل ذلِك ولايزال سحْر التخييل مُسْتمِرًّا !! يؤْمَر وينزل الوحْي ويستجيب ويُنفّذ ..
في أيّ لغةٍ من لغات الدنيا يُقال عن هذا أن السّحْر أثّر على عقلِهِ وإدْراكِه ؟!!!
سابعًا: أثر سحْر التخيُّل على الانبياء يكون أثرًا عضْويًا كالمرض وهو جائِزٌ في حقِّ أنبياء الله، ولا يؤثّر على العقل والإدراك والوحي :
والدليل من كتاب الله عزّ وجل" فلما ألْقوا سحروا أعيُنَ الناس واسترهبوهم" ، فبيّن الله عزّ وجل أن سحْر التخييل وقع على الأعيُنِ وليْس على العقل أو الإدْراك !
ومما يُبين انه كالمرض، والمرض جائز على الأنبياء، ما قد وقع في رواية عمرة قول النبي عن سحره: " أن الله أنبأني بمرضي ".
وفيه دلالة على تلقي النبي الوحي، وعدم تأثر عقله وادراكه بالسحر.
بل إن ما أصاب النبي هو من جنْس المرض وأدلة ذلِك :
.
1) ان البخاري ذكر حديث السحر تحت باب الطب.
2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أما أنا فقد شفاني الله".
3) وفي حديث بن عباس عند بن سعد " مرض النبي صلى الله عليه و سلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب".
ثامنا: بل قد يحدث للنبي ماهو أشد من السحر، كان يلقي الشيطان عليه الشُّبَه:2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أما أنا فقد شفاني الله".
3) وفي حديث بن عباس عند بن سعد " مرض النبي صلى الله عليه و سلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب".
فما من نبي أو رسول أرسله الله إلا وقد ألقى الشيْطان في تلاوتِه وقراءتِه أو في صدرهِ من الوساوِس والشّبَه .. فينسَخ الله ما يُلقي الشيطان ويُبطله ويحفظ وحْيَه ويُثبت الحق .. فلا يخرج أو يظهر بل لا يكون للشيطان سُلطان ..
وهذا بنصِّ كتاب الله فيقول تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍ إلا إذا تمنى ألقى الشيْطان في أمنيتِه، فينسَخ الله ما يُلقي الشيْطان ثم يُحْكِمُ اللهُ آياتِه والله عليم حكيم".. فمثله مثل السحرـ لا يضُر الوحي شيئا.
فهنا أثبت الله عداوة الشيْطان لأنبياء الله ، ومحاولته ان يحيد بالوحي ، وبين الله عزّ وجلّ أنه لا ولن يطال الوحْي لأن الله يحفظه ويُحْكِمُه.. فقال تعالى : " إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ" ، وقال تعالى " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ"
لكِن يبدأ ويتساءل من في قلوبهم مرض ويقول كيف؟ ، فيُخبر الله تعالى عن هؤلاء : " ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض"
تاسعا: الأدلة على أن سحْر النبي لم يُصِبه في إدراكه وعقله
أولًا: الادلة النقلية من حديث السّحِْر نفسِه:
1- الإلحاح والإصْرار في الدعاء :
جاء في الحديث " لكنه دعا ودعا" ، وكذلك في الرواية التي أوردها البخاري في كتاب بدء الخلق " حتى كان ذات يوم دعا ودعا " ، وفي رواية وهيب في مسندِ أحمد وكذلِك في طبقات ابن سعد "فرأيته يدعو " , ووقع في رواية بن نمير في صحيح مسلم " فدعا ثم دعا ثم دعا " وهذا هو المعهود منه أنه كان يكرر الدعاء ثلاثا.
.. ونستنبط من ذلِك أن سحْر التخييل لم يضره في عقله وفهمه بحيث أنه توجه إلى الله بالدعاء وألحّ وأصرّ على الدعاء بل دعا بنفس طريقةدعائِه إلى الله ثلاثًا !
2- تنزّل الوحي على النبي :
فقد جاءت الروايات بتنزل الملكين عليه - برغمِ سحْرِه - فلم يتعارض السِّحر مع الوحي ، وقد وقع في رواية عمرة قول النبي " أن الله أنبأني بمرضي ".. فانباء الله له من الوحي ، وكون ان الرجليْن هم ملاكين ، وأن من نزل عليْه بالوحي وأنباه بمرضِه هو جبريل عليه السلام ، فهذا وحْي ودلّ نزول الوحي على ان ادراكه وعقله - صلوات الله عليه وسلامه - لم يتأثر.
3- الأدلة من الحديثِ على ان السحْر في حق النبي كان تخييلا في شيء محدد بعينه، كما كان في حق موسى، ولا يتعلق بالإدراك والعقل :
1) جاء صريحا في رواية ابن عيينة " حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن " وجاء في رواية الحميدي " أنه يأتي أهله ولا يأتيهم".. إذًا فالحديث يتحدّث صراحةً عن سحْر تخييلي ، والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخيل إليه أنه يأتي زوجه وهو لم يأتها، فهذه ليس فيها أي شيء متعلق بالإدراك أو غياب العقل ، بل يُحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك كما هو شأن المعقود.. أو كالربط المنتشر بين العامة ، لو تأثر المصاب به فلا علاقة لذلِك بعقله وإدراكه..
2) بل هو من قبيل سِحْر موسى يؤثِّر على بصرِه وليْس عقلَهُ وإدْراكه ، وقد جاء تفصيله في مرسل سعيد بن المسيب " حتى كاد ينكر بصره " قال القاضي عياض " فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده ".
3) بل إن ما أصاب النبي هو من جنْس المرض كما بينا.
عاشرًا : الأدلة النقلية من كتاب الله وسنة نبيِّه على استحالة ان يؤثر مرض او سحر او نسيان على الوحي:
1) ما من نبي أو رسول أرسله الله إلا وقد ألقى الشيْطان في تلاوتِه وقراءتِه أو في صدرهِ من الوساوِس والشّبَه .
. فينسَخ الله ما يُلقي الشيطان ويُبطله ويحفظ وحْيَه ويُثبت الحق .. فلا يخرج أو يظهر بل لا يكون للشيطان سُلطان .. وهذا بنصِّ كتاب الله فيقول تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍ إلا إذا تمنى ألقى الشيْطان في أمنيتِه، فينسَخ الله ما يُلقي الشيْطان ثم يُحْكِمُ اللهُ آياتِه والله عليم حكيم"..
فهنا أثبت الله عداوة الشيْطان لأنبياء الله ، ومحاولته ان يحيد بالوحي ، وبين الله عزّ وجلّ أنه لا ولن يطال الوحْي لأن الله يحفظه ويُحْكِمُه.. فقال تعالى : " إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ" ، وقال تعالى " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ" لكِن يبدأ ويتساءل من في قلوبهم مرض ويقول كيف؟ ، فيُخبر الله تعالى عن هؤلاء : " ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض"
وكما تبيّن من الآيات فصون النبي صلى الله عليه و سلم من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده فقد جاء كذلِك في الحديث الصحيح أن شيطانا أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه ، وكذلك السحر ما ناله من ضرره ما يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف أو عجز عن بعض الفعل أو حدوث تخيل لا يستمر بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين.
2) الوعد والتأكيد الإلهي بعدم نسيان الوحي:
قول الله " سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى " .. وقوله تعالى : " لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" , لا يمكن لمسلمِ أن يقول ان النبي قد ينسى الوحي !! ، زي ماهي بديهية كده مع النسيان ، فهي كذلِك بديهية مع السّحْر والمرض لا يُمكِن أن يطال السحر او المرض الوحي !! ...
بل وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص حين جاء الناس إليه فقالوا: تكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء! فإن رسول الله بشر ينسى كما ينسى البشر، ويغضب كما يغضب البشر، فربما تكلم بكلام لم يوح إليه به، فذهب عبد الله بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة فقال: يا رسول الله! إني أكتب خلفك كل كلمة تتكلم بها فقال لي الناس: كذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اكتب والله ما يخرج إلا الحق)، يعني: الوحي من الكتاب أو السنة، ويُستفاد من ذلِك أن لا النسيان ولا السحر ولا المرض قد يؤثر على الوحي ، ولا يخرج إلا الحق الذي حفظ من كل سوء.
3) تأكيد الله ان النبي لا ينطق بالهوى:
قول الله تعالى " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى "، وَقَوْلُهُ تعالى: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : " وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ". فهذه الأدلة الثابتة الراسخة كالجبال الرواسي تثبت أن لبيداً لم يؤثر في الوحي ولم يسلط على الوحي، لكنه سلط على البدن.
الحادي عشر: الأدلة العقلية الملزِمة بالقياس، في حال النبي مع السحر لن يكون باصعب من حاله مع النسيان:
1) لم يصدر منه صلى الله عليه و سلم وهو في هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها، ولو كان ظهر ما يدُل على ذلِك لاستطاع المعترض أن يُثبِت به شبهته ، وكان له وجاهته ، وهذا لم يحْدُث ، بل ثبُت أن من يشغبون على المسلمين اعتمدوا على الهوى والتلفيق او سوء الفهم.
2) وإذا جاز على النبي أن يخلِط في الوحْي إذا سحر جاز عليه أن يخْلط في الوحْيِ إذا نسى لكِن إذا علموا انه معصوم من ان ينسى ذلك أو أشياء منه ، فليعلموا انه معصوم من أن يقع في التبليغ تخييل ـ وإن خيل إليه في غيره ـ والمسألتان سواء .
والدليل قد قام كما بينا في (ثانيًا الأدلة النقلية) على صدق النبي صلى الله عليه و سلم فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ..
وبالتالي لا يوجد مسلم يمكن أن يُجوّز ما قام الدليل على خلافه .. وقد تواترت الأخبار على إن الرسل ينسون : قال الله عن موسى ( قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ) , وقد صح عن الرسول أنه قال " كانت هذه من موسى نسيانا " , وقال تعالى عنه وعن غلامه ( فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ) وقال ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما ) و قال لخاتم الرسل ( سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله انه يعلم الجهر وما يخفى ) , وقد صح أن رسول الله عليه السلام سمع قارئا يقرأ آية فقال " ذكرني آية كنت أنسيتها " , وتواتر عنه عليه السلام أنه نسى في صلاته ، وانه قال ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني )
والشبهة التي قد يوردها النصراني وأمثاله على السحر ترد على النسيان ، وإذا جاز على النبي أن يخلِط في الوحْي إذا سحر جاز عليه أن يخْلط في الوحْيِ إذا نسى .. فإذا احتمل أن يُسْحرفي التبليغ جاز أن ينسى في التبليغ ، وجاز أن ينسى بعض ما أوحي إليه وأن ينسى أشياء من القرآن و الدين .. لكِن إذا علموا انه معصوم من ان ينسى ذلك أو أشياء منه ، فليعلموا انه معصوم من أن يقع في التبليغ تخييل ـ وإن خيل إليه في غيره ـ والمسألتان سواء .
الثاني عشر: موازنة عقلية
ومثال ذلِك النسيان.. إذا جاز النسيان على النبي محمد ، فهل يُعْقل أن يأتي مسْلِم ويقول ، طيب ما جايز ينسى الوحي ؟!..
لا يُعْقل .. لأنه معلوم بالأدلة القاطعة التي يكفر منكرها ان النسيان إذا جاز في حق النبي يكون على أمور الدنيا وليْس على أمور الدين ..
ونفْس الأمر مع المرض.. إذا جاز المرض على الأنبياء .. فهل يُعْقل أن يأتي مسْلِم ويقول ، طيب ما جايز يؤثّر على الوحي ؟!
لا يُعْقل .. لأنه معلوم بالأدلة القاطعة التي يكفر منكرها ان المرض إذا جازفي حق النبي قد يُعيقه في أمور الدنيا وليْس في أمور الدين ..
ونفس الأمر مع السحر..إذا جاز السحر على الأنبياء فهل يُعْقل أن يأتي مسْلِم ويقول ، طيب ما جايز يؤثّر على الوحي ؟!. ..
لا يُعْقل .. لأنه معلوم بالأدلة القاطعة التي يكفر منكرها ان السّحِْر إذا جاز في حق النبي قد يُعيقه في أمور الدنيا وليْس في أمور الدين ..
إذًا فثبوت السحر بالقرآن على الأنبياء ( كما في قصة موسى عليه السلام ) ، أو ثبوت المرض ( كما في قصةِ أيوب عليه السلام) أو ثبوت النسيان ( كما في قصة موسى وآدم ومحمد عليهم السلام ) .. يجعل أي مسْلمٍ موحد ما إن يسْمع بسحْر النبي أو مرضه أو نسيانِه إلا ويجْزم يقينًا انه لا يؤثر على عقله وادراكه ولو اجتمع عليه الف لبيد وبني يهو.د .. وبالتالي سِحْر النبي مثله مثل المرض مِثْله مثل النسيان , ومِثْله مثل أي عارضٍ يُسلط على الجوارح، وليْس الوحي ..
وأخيرا فائدة للمسلمين لنبذ الجهل فيما يخص السحر، بينها رسول الله:
جميع احاديث السحر في البخاري ومُسْلم وغيرها مما صحّ من الأحاديثِ في كتب السنةِ تؤكِّد أن :
1-أن النبي صلى الله عليْهِ وسلّم دعا الله فشفاه.
2- وأن الله استجاب له فأنزل عليه الملكين بالرقيةِ والمعوذتيْن.
3-وأنه صلى الله عليه وسلّم شُفي بنزول الملكين والرقية والمعوِّذتيْن.
4-وأنه نهى صراحة عن استخراج السّحْر من الجُفّ أو من البئِْر للتنشُّر. قال فاستخرج قالت فقلت أفلا ؟ - أي تنشرت - فقال ( أما والله فقد شفاني الله وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا )
5-وأنه بيّن الحجةَ من النهي عن استخراج السحر حتى يُغلق بابًا من الشر عن أمته. 6- السحر لا يؤثر في ادراك او عقيدة .,.!!
2- وأن الله استجاب له فأنزل عليه الملكين بالرقيةِ والمعوذتيْن.
3-وأنه صلى الله عليه وسلّم شُفي بنزول الملكين والرقية والمعوِّذتيْن.
4-وأنه نهى صراحة عن استخراج السّحْر من الجُفّ أو من البئِْر للتنشُّر. قال فاستخرج قالت فقلت أفلا ؟ - أي تنشرت - فقال ( أما والله فقد شفاني الله وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا )
5-وأنه بيّن الحجةَ من النهي عن استخراج السحر حتى يُغلق بابًا من الشر عن أمته. 6- السحر لا يؤثر في ادراك او عقيدة .,.!!
فكل من يزعم اننا يجب ان نستخرج السحر ومكانه او نذهب الى دجال فهو كذاب أشر .. بل يكفي التنبه والدعاء والرقية بالمعوذتين التي انزلها الله رحمة لأمة محمد شفاءا من السحر.
والحمدلله رب العالمين.
تعليق