المحاضرة الثالثة عشر في علوم القرأن الكريم: الجمع العثماني

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.أمير عبدالله
    حارس مؤسِّس

    • 10 يون, 2006
    • 11248
    • طبيب
    • مسلم

    المحاضرة الثالثة عشر في علوم القرأن الكريم: الجمع العثماني

    ثالثا: جمع القران في عهد عُثمان بن عفان رضي الله عنه.



    1- انتقال القرآن الكريم إلى كل الأقطار بالسماع و الحفظ في الصدور

    اتسعت الفتوحات في زمن عثمان واستبحر العمران وتفرق المسلمون في الأمصار والأقطار ونبتت ناشئة جديدة كانت بحاجة إلى دراسة القرآن. وطال عهد الناس بالرسول والوحي والتنزيل. و نقل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم القرآن الكريم لكل هذه الأقطار والبلدان التي دخلها الإسلام وكان كل صحابي يُعلِّم من أسلم بالقراءة التي سمِعها و أخذها عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم , وهكذا انتشر القرآن الكريم بالسماع و الحفظ في الصدور في كل الأقطار , وغدا الحفظة للقرآن بالآلاف ...مِن بين المُسلِمين الجُدد.


    2- سبب جمع عثمان القرآن الكريم في المصاحِف هو فتنة المُسلِمين الجُدد :
    كان أهل كل إقليم من أقاليم الإسلام يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة فأهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب وأهل الكوفة يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود وغيرهم يقرأ بقراءة أبي موسى الأشعري. فكان بينهم اختلاف في حروف الأداء ووجوه القراءة بطريقة فتحت باب الشقاق والنزاع في قراءة القرآن أشبه بما كان بين الصحابة قبل أن يعلموا أن القرآن نزل على سبعة أحرف بل كان هذا الشقاق أشد لبعد عهد هؤلاء بالنبوة وعدم وجود الرسول بينهم يطمئنون إلى حكمه ويصدرون جميعا عن رأيه.

    فظهر من المسلمين الجُدد فى عهد سيدنا عثمان بن عفان من بدأ يُكفِّر الآخر إن وجده يقرأ بآية من آيات القرآن حسب قِراءة تلقاها عن شيخه وتختلِف عن قراءة الآخر ... وربما وُجد بينهم من يقرأ بقراءة غير صحيحة، وهكذا ظهر الاختلاف في القراءات بين الناس وهم فى غزوة أرمينية وأذربيجان وظهر تعصبهم لبعض القراءات ، إلى حد الافتخار بقراءة على قراءة أخرى

    ويُوضِّح ذلِك وسببه ما في البخاري : عن أنس ان حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازى أهل الشام في فتح أرمينية وأذريجان مع اهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان يا امير المؤمنين أدرك هذه الامة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى .


    3- فماذا فعل عثمان؟ أمر بنسح صُحُف الجمع الاولى في عهد أبي بكر للمصاحِف :

    وكنا عرفنا انه قد جمع زيد القرآن في الصُحُف البكرية من الوثائق الخطية التي ىسجلها كتبة الوحى فى حضرة النبى عليه صلى الله عليه وسلم , و أُخِذت سماعاً مُباشِراً منه وعلى العرضة الأخيرة، و قوبلت تلك الصحف بما تستحق من عناية فائقة إذا ما احتاجت اليها الأمة، ولم نحتج اليها حتى زمان عثمان، فحفظها أبو بكر عنده حتى توفاه الله. ثم حفظها عمر بعده حتى توفاه الله . ثم حفظتها أم المؤمنين حفصة بنت عمر بعد وفاة عمر. وإلى أن قدم حذيفة بن اليمان على عثمان ,اخبره بشأن اختلافهم في القراءة.

    فنكمل الحديث: " فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي الينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها اليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان

    وهكذا فقد اعتمد نسخ المصاحِف العثمانية على هذه الصُحُف المُدققة و الموثوقة , فكان لا يُقبل شىء فى مرحلة الجمع الثانى (العثماني) إن كان ليس له وجود فى تلك الوثائق التي أقرها النبى عليه الصلاة والسلام. وهكذا كانت هذه الصُحُف إماماً للمُصحف الإمام و شاهِداً على دِقّتِه , بل لم يطمئِن قلب عُثمان ولم يصدُر أمره بنشره على الأمصار إلا بعد مُراجعة المُصحف بنفسه و للمرة الرابعة , والتأكد من دقة ما خطه زيد وذلك بمراجعة المُصحف و عرضه على الصُحُف البكرية فوجد تطابقهما , فأمر بنشره على الامصار .

    4- ناسِخوا القرآن في المصاحِف :

    وندب عُثمان ابن عفان لهذه المهمة الجليلة حسب ما قيل إثنى عشر رجُلاً، إلا أن الثابت انه خص منهم أربعة .. رجل من الأنصار و هو كاتب وحي رسول الله زيد بن ثابت و ثلاثة من قريش : عبد الله بن الزبير ، سعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام .ويُوضِّح ذلِك، اكمال الحديث: " فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد ابن ثابت , وعبد الله بن الزبير, وسعيد بن العاص, و عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام, فنسخوها في المصاحف.

    وأما الروايات المرسلة ومنها تلك التي قيل فيها انهم اثنى عشر كاتبا، فقد ذكرت منهم أبي بن كعب، وهذا في رواية ابن سعد، وهذا لا يصح لان أبي بن كعب توفي في زمان عمر رضي الله عنه.

    5- قواعدهم في نسخ الصُحُف البكرية في المصاحِف العُثمانية :
    سنجد أن هناك ثلاث قواعد عامة اشترك فيها الجمع البكري والعثماني، وخمس قواعد خاصة بالجمع العثماني هي التي وضعت الحد في الاختلاف:
    القواعد الثلاثة العامة:


    1- وكان زيد بن ثابت هو رئيس الفريق الذى ندبه عثمان - رضى الله عنه - لهذه المهمة الجليلة ؛ لأنه - أى زيد بن ثابت - قد تحققت فيه مؤهلات أربعة للقيام بهذه المسئولية وهى :
    1. - كان من كتبة الوحى فى الفترة المدنية.
    2. - كان حافظًا متقنًا للقرآن سماعًا مباشرًا من فم رسول الله.
    3. - كان ممن حضر العرضة الأخيرة للقرآن من النبى عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه السلام
    4. - كان هو الذى جمع القرآن فى خلافة أبى بكر.
    5. وجمعُهُ هو المُعوّل عليه في نسخ المصاحِف في عهد عُثمان.

    2- أوكلوا مهمة الاملاء للأفصح، والكتابة للأكتب: فقد كانت الصُحُف البكرية تُنسخ في المصاحف العُثمانية عن طريق إملاء سعيد ابن العاص منها لانه افصحهم، ولأنه من قريش، ويكتبها زيد من املائه لانه أكتبهم، وهو كاتبه بين يدي رسول الله، ثم هو من كتب هذه الصحف، فقد سأل عثمان رضي الله عنه الصحابة: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت قال: فأي الناس أعرب؟ وفي رواية أفصح. قالوا: سعيد بن العاص، قال عثمان : فليُملِ سعيد، وليكتب زيد ". وقد عرفنا أن أصل نزول القرآن كان بلغة قريش، وبالتلالي فالمملي يكون من قريش، وهذا كما جاء في رواية عمر ، ايام الجمع البكري : "لا يملين في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش، أو غلمان ثقيف" فهي نفس السنة ونفس المنهج لا يتغير.

    3- واعتمادهم على الصُحُف البكرية، يعني اعتماد المصاحف العثمانية نفس خواص الصحف البكرية: فاذا راجعنا ما عرفناه من خواص الجمع البكري فإننا بالتبعية نوقن انه ينطبق على المصاحف العثمانية لأنه نسخ منها، .. وهي :
    • · أنه لم يكتب شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن.
    • · لم يكتب شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العرضة الأخيرة
    • · لم يكتب شيء إلا بعد التأكد أنه لم ينسخ .
    • · لم يكتب شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة .
    • · لا يكتُب شيئاً إلا وقد كان مكتوبا بين يدي رسول الله صلى الله عليْه وسلّم و يشهد شاهدان عدلان على أنه كُتِب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    • · ولا يكتب شيئاً إلا ويستخرِجه من المحفوظ في صدور الرجال.
    • · و عدم الإكتفاء بحفظ القلوب دون المكتوب , ولا المكتوب دون المحفوظ.
    • · بلوغها حد التواتر
    • · إجماع الأمة عليها .
    القواعد الخمسة الخاصة التي أنهت الخلاف:





    4- عند الاختلاف في كتابة شيء فإنه يُكتب بلسان قريش: وهذا أهم شرط في الجمع كله، تعميم لسان قريش ورسم المصاحف به. فلم يكتفوا بأن يكون مجرد نسخ فقط، بل لابد من التوحد حتى في رسم الكلمات، كما جاء في الحديث: " وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم انتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فانه انما نزل بلسانهم ففعلوا"، وقد مر قول عمر:: "لا يملين في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش"

    وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار، " أَن عُثْمَان بن عَفَّان أَمر فتيَان الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أَن يكتبوا الْمَصَاحِف قَالَ: فَمَا اختلفتم فِيهِ فَاجْعَلُوهُ بِلِسَان قُرَيْش، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: التابوت، وَقَالَ الْأَنْصَار: التابوه، فَقَالَ عُثْمَان: اكتبوه بلغَة الْمُهَاجِرين التابوت"


    5- مراجعة وعرض المصاحِف بعد كِتابتِها وقبل إرسالِها للأمصار. . فلا معنى من نسخ لم يُراجع،
    أما مراجعة المصحف ...فبعد أن أنهى زيد نسخه ... قام بعرضِه و مراجعته قيل ثلاث مرات حسب رواية الطبري ففي المرة الأولى وجدها تنقص آية من سورة الأحزاب، كما جاء في صحيح البخاري: " أنه سمع زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر فألحقناها في سورتها في المصحف". ثم راجعه مرتين ثم أرسل إلى عُثمان ابن عفان ... و الذي بدوره قام هو أيضاً بمراجعة رابِعة , على صُحُف أبي بكر فوجده لا يختلِف في شيء , فاطمأن قلبه , وهكذا صار المُصحف جاهِزا لنشره على الأمصار ..

    - ، ثم عمد عثمان إلى كل ماعدا " المصحف الإمام " من مصاحف الأفراد - المخالفة أدنى مخالفة للمصحف الإمام ، ومنها مصحف الصحابى الجليل ابن مسعود - وأمر بحرقها أواستبعادها ؛ لأنها كانت تحتوى على قراءات غير صحيحة ، وبعضها كان يُدخل بعض عبارات تفسيرية فى صلب الآيات أو فى أواخرها.

    6- تعميم المصاحف على الأمصار: وهذا الشرط لا يقل أهمية عن الشروط السابقة، لانه لو حفظ المصحف بعد نسخه كما حُفظت الصحف البكرية، ولم تصل للامصار فلن يُحل أي خلاف، فكان لابد من نشر الصحف البكرية على الجميع بنسخها في مصاحف متعددة، وعلى رسم موحد، فنكمل ما جاء في الحديث: " حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وارسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا". فأمر بنسخ المصاحف من " المصحف الإمام " وتم نسخ بضعة مصاحف منها، أرسل كل مصحف منها إلى قطر من أقطار الإسلام ، مثل الكوفة والحجاز ، وبقى المصحف الأم فى حوزة عثمان - رضى الله عنه

    وبعد إرسال نسخ من المصاحِف إلى الأمصار الإسلامية، حملوا الناس في كل مصر على ان يكتبوا المصاحف على هذا المصحف الامام، وصدق الله إذ يقول: " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " , فنشط المسلمون في نسخ مصاحف منها للأفراد وكان زيد بن ثابت في المدينة يتفرغ في رمضان من كلِّ سنة لعرض المصاحف فيعرضون مصاحفهم عليه وبين يديه مصحف أهل المدينة.


    7- ارسال قارىء مع كل مصحف ليقرىء الناس القران الكريم:

    8- الأمر باحراق او غسل المصاحف الاخرى التي لم يجتمع عليها صحابة رسول الله:
    وهذا الشرط لا يقل أهمية كذلك عمن سبقوه، فنكمل في الحديث: "وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق ...."

    وتظهر أهمية هذا الشروط الخمسة الأخيرة باستقراء ما نشأ ونتج عنه: (نشر الصحف البكرية في الامصار/ مكتوبة بلسان قريش/ والعزوف عما عداه مما سبب الاختلاف) :

    1- تعميم رسم واحد فقط وهو الرسم بلسان قريش والذي به القرآن نزل. مما يعني أن اي قراءة او رخصة رخص بها النبي صلى الله عليه وسلم لن توافق الرسم المصحفي ولو احتمالا ستسقط. وبالتالي انتهت معظم أوجه الخلاف حول فرش الاحرف بتوحيد الرسم، فان يُكتب في المصحف لسان قريش "حتى حين" فإنه بالتبعية تسقط قراءة ابن مسعود بلسان هذيل " عتى حين" لمخالفتها الرسم العثماني، ولو صحت.
    2- فتح الطريق لتواتر القراءات التي نزلت على النبي بلسان قريش وانتشاره في الآفاق، لانها وافقت خط المصحف العثماني، وأفول تناقل ما خالف الرسم فلم يتواتر.

    3- وأصبح اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات يرسم بصورة واحدة .
    4- وإذا اجتمعوا على صحة رسمين وكلاهما ثابت مجمع عليه، انوزع بين المصاحف. . مثل (
    ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) ، فإنها تكتب في نسخة أخرى (وأوصى). و مثل (سارعوا) فى مصاحف مكة والكوفة والبصرة وبدون الواو فى مصاحف الشام والمدينة. وبذلك اتخذ الناس فى القراءة بمعنى أنهم أجمعوا على صحة ما عندهم فلا يخطئ بعضهم بعضا فالجميع على صواب.
    5- وتجوزوا في القراءات التي اجازها النبي من الاحرف السبعة لصحابته ولو لم تكن بلسان قريش إذا وافقت رسم المصحف العثماني. فاللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ويمكن رسمه في الخط محتملاً لها كلها يكتب برسم واحد يحتمِل القراءتين مثل : (
    إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، فإنها تصح أن تقرأ بالقراءة الأخرى (فتثبتوا) لأن الكتابة كانت خالية من النقط والشكل. و مثل { نُنْشِزُهَا } قُرأت أيضاً (ننشرها).
    6- وأمروا بتوزيع المصاحف على الامصار وان ينقل الناس عنها، ويُقرأ بها، وكل ما عداها في ايديهم يُحرق او يُمحى، فإن لم يُحرق ولم يُغسل فلا معنى من الجمع العثماني، لانه صار توحيدا للرسم والحرف المكتوب.
    7- فقام الناس بالنقل من هذه المصاحف لأنفسهم ، فظهر علم الرسم القراني وعلم الضبط والقراءات التي بُنيت على ما بقي من الاحرف السبعة ووافقت رسم المصحف العثماني واقرأ بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    وبهذا المنهج الدقيق والأسس السليمةكتب المصحف العثماني فكان في غاية الدقة والضبط والتحري . ولله الحمد والمنة.[7



    6- اجماع الصحابة جميعاً على ما أقره عثمان :

    وقد أجمع عليه جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعارض عثمان منهم أحدُ ، حتى عبد الله بن مسعود، وكان له مصحف خاص كتبه لنفسه ، لم يعترض على المصحف "المجمع عليه" الذى دعا إلى نسخه عثمان - رضى الله عنه - ، ثم تلقت الأمةهذا العمل الجليل بالرضا والقبول ، فى جميع الأقطار والعصور .


    9- المزايا التي تميّز بها الجمع العُثماني , فنال لأجلِهِ إجماع الصحابة :

    1- الاقتصار على ما يحتمله الرسم من الاحرف السبعه.
    2- توحيد المصحف على رسم واحد، واستبعاد مصاحف الأفراد لأنها لم تسلم من الاختلاف . وقد تمذلك على خير وجه .
    3- القضاء على القراءات غير الصحيحة والغير مُثبتة ، وجمع الناس على القراءات الصحيحة المُثبتة بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليْه وسلّم.
    4- الإقتصار على القراءة التى قرأ بها النبى عليه الصلاة والسلام فى العرضة الأخيرة على جبريل في العام الذى توفى فيه , وإهمال ما عداه .
    5- حماية الأمة من التفرق حول كتاب ربها .
    6- القضاء على التعصب لقراءة بعض القراء على قراءة قراء آخرين .
    7- وفى جميع الأزمنة فإن القرآن يؤخذ سماعًا من حُفَّاظ مجودين متقنين ، ولا يؤخذ عن طريق القراءة من المصحف ؛ لإن الحفظ من المصحف عرضة لكثير من الأخطاء ، فالسماع هوالأصل فى تلقى القرآن وحفظه . لأن اللسان يحكى ما تسمعه الأذن ، لذلك نزل القرآن ملفوظًا ليسمع ولم ينزل مطبوعًا ليُقرأ .
    8- كان مرتب الآيات والسور على الوجه المعروف الآن باتفاق الصحابة . قال الحاكم في المستدرك: "إن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جُمِع بعضه بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث هو في ترتيب السور وكان في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين".


    10- الفرق بين جمع أبي بكر (الصُحُف البكرية ) و جمع عُثمان (المُصحف العُثماني الإمام) :

    والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر :

    1- أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر رضي الله عنه تقييد القرآن كله مجموعاً في مصحف، حتى لا يضيع منه شيء ولذا لم تكن الغاية توحيد الناس على مصحف واحد بمعنى رسم وفرش للاحرف واحد، لأنه لم يظهر في زمانه أثرٌ لاختلاف قراءاتهم مما قد يدعوه إلى حملهم على ذلك.

    2- ما كتبه ابو بكر لم ينشُره على الأمصار لأن الأصل هو حفظ النص القراني من الضياع حيطة، الحِفظ في الصدور , وما كتبه عُثمان نشره على الامصار لِحاجة الجيل المسلم الجديد للتوحد على القراءة .

    2- جمع أبو بكر القرآن من العظام و الرقاع في الصُحُف, ونسخ عُثمان صُحف أبي بكر في المصاحِف.

    3- جمع أبوبكر قيل انه حوى الأحرف السبع، بينما اكتفى عثمان من جمع أبي بكر بلُغة قُريش .

    4- المُهيمن على جمع أبي بكر هو اجناع الصحابة والمحفوظ في الصدور ثم المكتوب على العظام وألادم , بينما المُهيمن على جمع عُثمان هو اجماع الصحابة ثم المحفوظ في الصدور ثم صُحُف أبي بكر.

    5- أنَّ جمع أبي بكر رضي الله عنه كان مرتب الآيات بينما كان في ترتيب السور خلاف، أمَّا جمع عثمان فقد كان مرتب الآيات والسور باتفاق.

    قال ابن التين وغيره: الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب جملته لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد فجمعه في صحائف مرتبا لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة حتى قرؤوه بلغاتهم على اتساع اللغات فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض فخشي من تفاقم الأمر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتبا لسوره واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجا بأنه نزل بلغتهم وإن كان قد وسع قراءته بلغة غيرهم رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر فرأى أن الحاجة إلى ذلك قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة.

    إذاً فقد كان الهدف من الجمع الأول فى خلافة أبى بكر - رضى الله عنه - هو جمع تلك الوثائق المتفرقة فى مكان واحد منسقة السور والآيات ، دون نقلها فى مصحف حقيقى جامع لها . فهذا الجمع بلغة العصر مشروع جمع لا جمع حقيقى فى الواقع ولهذا عبَّر عنه أحد العلماء بأنه أشبه ما يكون بأوراق وجدت متفرقة فى بيت النبى فربطت بخيط واحد ، مانع لها من التفرق مرة أخرى. أما الجمع فى خلافة عثمان - رضى الله عنه - فكان نسخًا ونقلاً لما فى الوثائق الخطية ،التى حررت فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام وأقرها بعد تلاوتها عليه ، وجمعها فى مصحف واحد فى مكان واحد . وإذا شبهنا الوثائق الأولى بقصاصات ورقية مسطر عليها كلام، كان الجمع فى خلافة عثمان هو نسخ ذلك الكلام المفرق فى القصاصات فى دفتر واحد .


    11- حقائق تجلّت من العرض السابِق نوجزها في النقاط التالية :

    1- إن تدوين متون القرآن ( نصوصه ) تم منذ فجر أول سورة نزلت بل أول آية منالقرآن، وكان كلما نزل نجم من القرآن أملاه عليه الصلاة والسلام على كاتب الوحى فدونه سماعًا منه لتوه .

    2- ما مِن آية يكتُبها كاتِب الوحي و إلا ويُراجِعهُا معه النبي صلى الله عليْهِ و وسلّم ويُطالبه بقرائتها عليْه لتدارُك خطأ الكِتابة.

    3- إن هذا التدوين أو الجمع المبكر للقرآن كان وما يزال هو الأصل الثابت الذى قامت على أساسه كل المصاحف فيما بعد ، حتى عصرنا الحالى .. ونقول قامت على أساسه المصاحِف و ليس القرآن ... أما القرآن فالأساس فيه التسلُّم بالسماع وليس بالكتابة.
    • · و هذه الآيات المُدونة على العِظام و الرق و التي راجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعها أبو بكر و وضعها في الصُحُف.
    • · ومن صُحُف أبي بكر أخذ عثمان ونسخ في المصاحِف.
    • · ومِن مصاحِفِ عُثمان وحتى اليوم ينسخ المُسلمون المصاحِف.
    4-لم يلق عليه الصلاة والسلام ربه إلا والقرآن كله مدون فى الرقاع وما أشبهها من وسائل التسجيل . وهذا هو الجمع الأول للقرآن وإن لم يذكر فى كتب المصنفين إلا نادرًا

    5- إن الفترة النبوية التى سبقت جمع القرآن فى خلافة أبى بكر- رضى الله عنه - ، لم تكن فترة إهمال للقرآن ، كما يزعم بعض خصوم القرآن من المبشرين والمستشرقين والملحدين بل العكس هو الصحيح ، كانت فترة عناية شديدة بالقرآن. اعتمدوا فيها على ركيزتين بالغتى الأهمية :
    • · الأولي : السماع من الحفظة المتقنين لحفظ القرآن وتلاوته .
    • · الثانية : الحفظ المتقن فى الصدور .

    6- السماع والحفظ في الصدور هما أقدم الوسائل لحفظ وتلاوة كتاب الله العزيز . وسيظلان هكذا إلى يوم الدين .

    7- أن الجمعان البكرى والعثمانى لم يُدْخِِِِِلا على رسم الآيات ولا نطقها أى تعديل أو تغيير أو تبديل لم يثبت عن رسول الله، وفى كل الأماكن والعصور واكب حفظ القرآن تدوينه فى المصاحف ، وبقى السماع هو الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن على مدى العصور حتى الآن وإلى يوم الدين

    8- إن القرآن منذ أول آية نزلت منه ، حتى اكتمل وحيه لم تمر عليه لحظة وهو غائب عن المسلمين ، أو المسلمون غائبون عنه ، بل كان ملازمًا لهم ملازمة الروح للجسد.
    • · فكان المُسلمون يتسابقون على حِفظِه ودراستِه بمُجرد وحيِه.
    • · وأمِروا بقراءته آناء الليل و أطراف النهار , فصدحت أصواتهم يُرتلونه و يتدارسونه في المساجِد و المجالِس.
    • · أمِروا بقرائته في صلواتِهِم المفروضة و نوافِلِهم.
    • · أمِروا بقراءته وختْمِه في رمضان.
    • · أمِروا بحِفظه في الصدور و إجادة قراءته و ترتيله.
    • · كان لكل قارىء عشر من المُسلِمين الجُدد يقوم بتعليمهم وتحفيظِهم القرآن الكريم.
    9- إن تاريخ القرآن واضح كل الوضوح ، ومعروف كل المعرفة ، لم تمر عليه فترات غموض ، أو فترات اضطراب ، كما هو الشأن فى عهدى الكتاب المقدس التوراة والإنجيل . وما خضعا له من أوضاع لا يمكن قياسها على تاريخ القرآن ، فليس لخصوم القرآن أى سبب معقول أو مقبول فى اتخاذهم مراحل جمع القرآن منافذ للطعن فيه ، أو مبررًا يبررون به ما اعترى كتابهم المقدس من آفات تاريخية ، وغموض شديد الإعتام صاحب وما يزال يصاحب ، واقعيات التوراة والأناجيل نشأة ، وتدوينًا ، واختلافًا واسع المدى ، فى الجوهر والأعراض التى قامت به .

    هل هناك فرق بين القراءات و القرآن ؟!!
    نقول نعم ..

    النص القرآني ثابِتٌ واحِد لا يتغيّر وهو المرسوم بالرسم العُثمانيِّ في المصاحِفِ , بينما تعددت القراءات لهذا النص الواحِد.

    بالتأكيد هناك فوارِقُ كثيرة بين القرآن والقراءات وإن لم تكُن فوارِقُ جوْهرِيّة ...

    1- فليس كل ما يُروى من القراءات تجوز القراءة به بينما كل القرآن يُقرأ بِهِ .
    2- والقرآن كُلُّهُ مُتواتر , بينما القراءات فيها المتواتر و الصحيح والشاذ .
    3- والنص القرآني واحِد , بينما القراءات مُتعدِّدة.
    4- ومأمورون بِحِفظ النص القرآني في الصدور لا بِحِفظ القراءات .
    5- كما ان دراسة وتعلم القراءات فرض كفاية على جماعة المسلمين بينما تعلم القرآن هو واجب على كل مسلم

    النص القرآني ثابِتٌ واحِد لا يتغيّر وهو المرسوم بالرسم العُثمانيِّ في المصاحِفِ , بينما تعددت القراءات لهذا النص الواحِد.

    إذاًَ يجِب تعريف القرآن وتعريفُ القراءات .. لفهم أعمق للفارِق بينهما :

    فالقرآن هو : كلمات الوحي وحروفه.
    والقراءة هي: كيفية أداء كلمات القرآن وحروفه.
    و القراءات هي : معرفة اختِلاف نطق وأداء الكلمات بين القراء الناقلين للقرآن ومذاهِبهم من تخفيف و تشديد وإمالة....الخ

    يعني ممكن نقول باختِصار ولعدم التشتيت ولسهولة الفهم أن : القراءات هي الإختِلافات بين أداء القراء في الكلمة القرآنية المثبتة بالرسم العثماني ... فمثلاً قراءة عاصِم لهذه الكلمة (...) هي .... بينما قراءة حمزة هي .... الخ.

    إذاً لابد من التمييز بين مصطلحات ثلاثة :
    1- نص القرآن الكريم بين دفتي اللمصحف.
    2- القراءات القرآنية للنص القُرآني.
    3- الرسم العُثماني لنص القرآن حسب القراءة العامة والعرضة الأخيرة.

    ____________________

    وبرغم الفوارِق أعلاه ... فإنها لا تُعتبر فروقٌ جوهرية في الأصل بين القرآن والقِراءات ...

    فمثلاً حين أستمِع إلى القرآن بأي قراءة من القراءات المتواترة فأنا استمِعُ الى القرآن ... فحين اقرأ او اسمع القرآن برواية ورش عن نافِع .. فأنا أستمِع قُرآناً بِرغم انها قراءة ورش , وحين أستمِع إلى القُرآن برواية حفص عن عاصِم , فأنا أسمع القُرآن برواية حفص .. فهي مِن جِهة قراءات ومِن جِهة هي قُرآن ...

    و القِراءات لا يُقبلُ مِنها إلا ما ثبُت أن النبي أجازهُ أو أقرأ بِهِ .. أي ما وصلنا بسند صحيح عن النبي , وأن يكون مُتواتراً او مستفيضاً تلقتهُ الأمة بالقبول وأن يكون مُوافِقاً لرسم المُصحفِ أي أن رسم المُصحفِ يحْتمِلُ القرائتيْنِ.

    وعلى هذا القرآن الكريم : هو المنقول لنا بالتواتر وعليهِ إجماع الامة ومرسوم في المصاحِف العثمانية.

    و القِراءات القرآنية : هي كيفية قراءة ونطق النص القرآني ويُحكم بقُرآنيتها إجماع الأمة ... أي وصلتنا بالسند الصحيح متواتراً ومستفيضاً تلقته الأمة بالقبول و ووافق وجه العربية , ووافق الرسم.

    و الرسم العُثمانيُّ : هو كيفية رسم حروف الوحي في المصاحِفِ العثمانية برسم لا يُقاس عليه أصول الإملاء .. كرسم (الصلوة )بالواو مع انها تُنطق بالألف (الصلاة).

    وما سبق هو تفصيلُ قولِنا أن:
    النص القرآني ثابِتٌ واحِد لا يتغيّر وهو المرسوم بالرسم العُثمانيِّ في المصاحِفِ
    بينما تعددت القراءات لهذا النص الواحِد.


    الحمدلله رب العالمين
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة زينب محمد ١٤٠, 11 ماي, 2021, 06:41 ص
ردود 0
84 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة زينب محمد ١٤٠
ابتدأ بواسطة فؤاد النمر, 5 أبر, 2021, 03:11 ص
ردود 0
267 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة فؤاد النمر
بواسطة فؤاد النمر
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 23 مار, 2021, 09:05 ص
ردود 6
671 مشاهدات
1 معجب
آخر مشاركة Nour Al-Hoda
بواسطة Nour Al-Hoda
ابتدأ بواسطة فؤاد النمر, 19 مار, 2021, 06:43 م
ردود 0
280 مشاهدات
1 معجب
آخر مشاركة فؤاد النمر
بواسطة فؤاد النمر
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 14 مار, 2021, 08:51 م
ردود 0
490 مشاهدات
1 معجب
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
يعمل...