كان اعتقاد اليهود عن أخنوخ أنه مات حتى لا يموت روحيا (أي يرتكب الشر)
المقدمة :-
- استكمالا لمواضيع (كيف حرف اليهود الهلينستيين و الكهنة الصدوقيين الأسفار الخمسة الأولى)
هكذا حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة (8) :اخفاء أى نص يتكلم عن قيامة الآخرة والحساب والعقاب الأخروي
هكذا حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة (9) :تحريف الحكم على سيدنا آدم في سفر التكوين الى (موتا تموت) أى بمعنى الموت الأبدي الذي لا حياة بعده
هكذا حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة (10) :تحديد أنواع الشجر إلى شجرة معرفة الخير والشر وشجرة الحياة كان بسبب إنكار الصدوقيين للقيامة وآدم لم يقع فى الخطيئة
هكذا حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة (11) :جنة الخلد و نار جهنم تحولت الى أماكن على الأرض وحذف حوار ابنى آدم من أجل إنكار يوم القيامة
- هكذا حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة (12) : إخفاء توبة سيدنا آدم وزوجته في سفر التكوين بالرغم من اشارة كاتب سفر الحكمة لها
- وفى هذا الموضوع ان شاء الله أناقش ما ورد في سفر التكوين عن أخنوخ (سيدنا ادريس عليه الصلاة والسلام)
و قصته في السفر لا تتعارض مع معتقد الصدوقيين عن أن البشر يموتون ولا يقومون من الموت بعد ذلك لأن قصته في سفر التكوين لا تنفي موته فعليا بل تؤكد هذا الموت بأنه لم يوجد (أي لم يوجد بين الناس) لأن الله عز وجل أخذه أي أماته يعني مات مستوفيا أجله ، فكان هذا هو المقصود من النص ، و لذلك ترك الصدوقيين النص لأنه لا يتعارض مع معتقداتهم في أن الإنسان عوقب بالموت الأبدي حتى وإن سار مع الله ، لأن المشكلة في معتقدهم هو أن الإنسان اكتسب المعرفة ولا يمكن أن يجمع بين المعرفة والخلود
للمزيد راجع :-
- طائفة الصدوقيين
إلا أنه نتيجة للفهم الخاطئ للنص في نفس الوقت الذى تسلل فيه إلى اليهود أفكار من الأمم الوثنية فظهرت بينهم أفكار غير صحيحة تشبها منهم بتلك الأمم ، فتزعم تلك الأفكار أن أخنوخ أصبح شخص خالد يعرف باسم / ابن الإنسان (لأنه أصبح يعيش في السماء بين الملائكة وهو مختلف عنهم)
للمزيد راجع سفر أخنوخ - الفصل 70 ، والذى ورد به وصف لأخنوخ ( You are the Son of man) في هذا الرابط :-
ثم في تطور آخر لتلك الأفكار و ذلك في القرنين الخامس والسادس الميلادي سنجد في سفر أخنوخ الثالث أن أخنوخ أصبح هو الملاك ميتاترون الذي يجلس على العرش السماوي و يطلق عليه اسم (يهو الأصغر) ، ويهو عند اليهود أي الله
ملحوظة :-
من الواضح أن وصف المسيح في الأناجيل بأنه ابن الإنسان ثم النص الذي جاء على لسانه بأنه (قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن) - (يوحنا 8: 58) - هو نتيجة لاعتقاد الكاتب بتناسخ الأرواح و أن المسيح هو أخنوخ في ميلاد جديد - حيث أن وصف (ابن الانسان) كمارأينا تم اطلاقه قبل ذلك على أخنوخ الذى كان فى اعتقاد اليهود فى أواخر الفترة الهلنستية أنه صعد الى السماء حى ، وفكرة تناسخ الأرواح من الواضح أنها كانت منتشرة بين اليهود في أواخر الفترة الهلينستية حيث نجد إشارات لها في العهد الجديد فعلى سبيل المثال يصبح يوحنا المعمدان هو إيليا في ميلاد جديد
فنقرأ من إنجيل متى :-
مت 17 :12 و لكني أقول لكم ان ايليا قد جاء و لم يعرفوه بل عملوا به كل ما ارادوا كذلك ابن الانسان أيضا سوف يتالم منهم
مت 17 :13 حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان
و أيضا نقرأ من انجيل متى :-
مت 16 :13 و لما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سال تلاميذه قائلا من يقول الناس اني أنا ابن الانسان
مت 16 :14 فقالوا قوم يوحنا المعمدان و اخرون ايليا و اخرون ارميا أو واحد من الانبياء
مت 16 :15 فقال لهم و انتم من تقولون اني أنا
لماذا يعتقد اليهود أن المسيح هو ايليا هو ارميا أو واحد من الأنبياء ؟؟!!!!
لأن فكرة تناسخ الأرواح كانت موجودة بينهم
ولكن فيما يبدو أن الكاتب لم يعتقد أنه أى من هذه الشخصيات لأنه (ابن الانسان) فهو المسيح المنتظر الذى هو أخنوخ ابن الانسان (لم يكن من الأنبياء لأن اليهود لا يعتقدون أن الله عز وجل بعث أنبياء قبل سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام) ، والذى كان فى السماء (بين الملائكة) ثم عاد اليهم فى صورة المسيح يسوع ، مثلما جاءهم ايليا فى صورة يوحنا المعمدان
يعني نص (قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن) لم يكن نص ألوهية ولكنه نص تناسخ أرواح ، حيث من الواضح أن الكاتب كان يظن أن المسيح هو أخنوخ (الكائن قبل سيدنا إبراهيم) فهو لم يقل أنه كائن قبل آدم حتى يكون نص ألوهية ، فهو (ابن الانسان) الذى من ذرية آدم وكان كائن قبل ابراهيم لأنه أخنوخ الذى كان فى السماء
ولذلك يقول فى انجيل (يوحنا 3: 13) - (وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ) لأنه فى اعتقاد الكاتب الضال أن المسيح يسوع عو أخنوخ (ابن الانسان) الذى صعد الى السماء وكان فى السماء ثم نزل اليهم فى ميلاد جديد باسم يسوع المسيح ، (انه تناسخ أرواح)
هذا الفكر الضال الذي نرى عكسه تماما في القرآن الكريم
قال الله تعالى :- (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91)) (سورة الأنبياء)
يعني سيدنا إدريس (أخنوخ) ليس هو المسيح
قال الله تعالى :- (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85)) (سورة الأنعام)
يعنى سيدنا يحيى (يوحنا المعمدان) ليس هو سيدنا الياس (ايليا)
قال الله تعالى :- (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)) (سورة الفجر)
النفس عندما تموت لا تذهب الى جسد آخر ولكنها تعود إلى خالقها حتى يحين موعد بعثها في يوم القيامة ، وهناك آيات كثيرة من القرآن الكريم تؤكد على هذا المعنى
و من هذا الفكر الضال عن تناسخ الأرواح هو الذي استقى منه الضال القادياني ادعاءه بأنه المسيح المنتظر وأضل من اتبعوه ، هذا الضال حاول أن يدمج بين معتقدات اليهود والمسيحيين ويدخلها في الإسلام ثم يدعى كذبا أنه مجدد ، تماما كما فعلها قبله الصدوقيين و اليهود الهلنستيين
ولكن الإسلام ليس بحاجة لأنبياء لأن كتاب الله عز وجل (القرآن الكريم ) موجود و سوف يظل إلى يوم الدين وهو الحجة على الناس )
انتهى
وعودة إلى موضوعنا
فان شاء الله في هذا الموضوع سوف أعرض الأدلة على أن معنى النص عن أخنوخ في (تكوين 5) كان الموت و سنرى لماذا كان أسلوب الإشارة إلى موته مختلف عن باقي الأشخاص المذكورين في الاصحاح 5 من سفر التكوين
وذلك في النقاط الآتية :-
الفرع الأول (1 -13-6) :- طبقا للعهد القديم فإن أخنوخ صديق نقله الله عز وجل إلى عصمته أي توفاه وأماته
الفرع الثانى (2-13-6) :- لماذا تم وصف موت أخنوخ في سفر التكوين بطريقة مختلفة عن باقي الأشخاص المذكورين فى الاصحاح 5
الفرع الثالث (3 -13-6) :- طبقا لرسالة الى العبرانيين فإن أخنوخ نقل لكى لا يرى الموت بمعنى أنه نقل حتى لا يعاين الوقوع في الخطيئة
الفرع الرابع (4 -13-6) :- أفكار خاطئة عن أخنوخ تداولها اليهود في تقاليدهم فى القرون الميلادية الأولى حتى جعلوه خالد
الفرع الخامس (5 -13-6) :- ايليا لم يتم اصعاده حي إلى السماء
الفرع السادس (6 -13-6) :- سيدنا إدريس في القرآن الكريم رفعه الله عز وجل مكانا عليا أى رفع درجته فى الدنيا فكان من الأنبياء المصطفين وهو من أهل الجنة
تعليق