المطلب الثامن (8 - 6) :- إنكار الصدوقيين ليوم القيامة ونشرها بين بني إسرائيل هو السبب عدم وجود نص يتكلم عن قيامة الآخرة في الأسفار الخمسة الأولى وكذلك عدم وضوحها في باقي أسفار العهد القديم بشكلها الحالي
المقدمة :-
- استكمالا لمواضيع (كيف حرف اليهود الهلينستيين و الكهنة الصدوقيين الأسفار الخمسة الأولى)
ومجموعة المواضيع عن تحريف الكتاب من أجل تقنين و نشر فكرة الكهنوت بمساعدة الملوك ، والتى كان آخرها :- (هكذا حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة (7) : اختراع شخصية ملكي صادق لتوطيد سلطة الملوك الكهنة المكابيين)
المبحث الرابع :- اليهودية الهلنستية و المصالح المشتركة كانت سبب الاتفاق في بعض القصص بين طوائف اليهود والمسيحيين :-
وان شاء الله سوف أبدأ المجموعة الثانية لمواضيع تدور حول :-
التحريف من أجل إنكار يوم القيامة والحساب والعقاب فى الآخرة ، وبالتالى زيادة سلطانهم على بني إسرائيل ، فالحساب والعقاب في الدنيا فقط ، ولذلك يجب يا اسرائيلى أن تنول رضا الكاهن الصدوقى و تشبع بطنه حتى تنال الخير فى الدنيا
- حيث أوضح فيها كيف حرف الكهنة الصدوقيين (الذين ظهروا في آخر القرن الثالث قبل الميلاد) الأسفار الخمسة الأولى من أجل إعطاء القانونية لفكرة عدم وجود قيامة ولا بعث بعد الموت وبالتالي عدم وجود ثواب وعقاب في الآخرة وهي الأفكار التي اعتنقوها بسبب تأثرهم بالفلسفة الأبيقورية اليونانية الإلحادية (والتى تخدم مصالحهم الدنيوية لأنه عندها سيكون الثواب والعقاب فى الدنيا فقط حيث أن الصفح عن الخطايا فى يد الكاهن (لاويين 5: 6 ،، 5: 13 ،، 15: 30) ولذلك يجب على كل اسرائيلى أن ينال رضا الكاهن الصدوقى و يغدق عليه بالأموال حتى ينوله الثواب فى الدنيا ، فرضا الكاهن من رضا الرب)
- فهذه الأفكار لم تكن في الكتاب الأصلى ولكنها دخلت نتيجة تحريفهم ثم نشر تلك الأفكار بين بني إسرائيل في ظل قيام الحكام بالتنكيل وحرق كتب معارضيهم من الفريسيين ، وإن شاء في أحد المواضيع في هذه السلسلة سوف أوضح أحد النصوص بسفر التكوين والذى لا جدال فيه بأنه تم التلاعب به و حذف أجزاء منه عمدا لأنه كان يحتوى على حديث عن العقاب في الحياة الآخرة ، وهذا في حد ذاته يثبت أن الكتاب الأصلي كان يتكلم عن الحياة الآخرة بعكس الشكل الحالي للأسفار الخمسة الأولى
- فمشكلة البعض الذين درسوا الكتاب المقدس تكمن في تجاهلهم الظروف التاريخية التي واكبت وجود الشكل الحالي للكتاب المقدس وكذلك دراسة طوائف بني إسرائيل في تلك الفترة ، وهو الأمر الذي أدى الى استنتاجهم الخاطئ بأن فكرة قيامة الآخرة هي فكرة مستحدثة في بني إسرائيل ، ظهرت في العهد الجديد وغير موجودة في العهد القديم ، بينما من يدرس التاريخ وطوائف بني إسرائيل وكذلك تحليل القصص ورؤية العوار الواضح في شكل تلك القصص وهو ما يدل على أنه لم يكن الشكل الأصلي ، سوف يدرك أن ما نراه حاليا من كتاب أسموه العهد القديم (التناخ عند اليهود) ما هى إلا نصوص تحكم في تشكيل الجزء الأكبر منها طائفة الصدوقيين الذين اعتنقوا الفلسفة الأبيقورية فحرفوا في الكتاب الأصلي لتتناسب مع تلك الفلسفة ، فتاريخ أقدم مخطوطات هذا الكتاب ترجع إلى فترة ظهور فلسفات اليونانيين بين بني إسرائيل
بدليل أننا نجد فكرة القيامة والبعث بعد الموت موجودة في حضارة المصريين القدماء (راجع نصوص الأهرام) وهي أقدم من تاريخ بني إسرائيل ، أي أن الفكرة موجودة بين البشر وكانت متوغلة في القدم و لم تكن مستحدثة ، وانما الذي حدث أنه ظهرت فلسفة ملحدة يونانية تسمى الفلسفة الأبيقورية انتشرت بين بني إسرائيل في الفترة الهلينستية ، وأفسدت الجزء الأكبر منهم مما حدا بأتباعها من بني إسرائيل إلى تحريف الكتاب الحقيقي ، وهذا هو ما فعلته طائفة الصدوقيين
- و مواضيع هذه السلسلة بالإضافة إلى هذا الموضوع هي كالتالي :-
- إنكار الصدوقيين ليوم القيامة ونشرها بين بني إسرائيل هو السبب عدم وجود نص يتكلم عن قيامة الآخرة في الأسفار الخمسة الأولى وكذلك عدم وضوحها في باقي أسفار العهد القديم بشكلها الحالي
- إنكار الكهنة الصدوقيين ليوم القيامة السبب في تحريف الحكم على سيدنا آدم في سفر التكوين الى (موتا تموت) أى بمعنى الموت الأبدي الذي لا قيامة بعده
- إنكار الكهنة الصدوقيين ليوم القيامة و تأثرهم باليونانيين السبب فى تحديد أنواع الشجر إلى شجرة معرفة الخير والشر وشجرة الحياة حتى لا يأكل منها فيصير الحكم موتا تموت أي الموت الأبدي الذي لا حياة بعده
- ضلال الصدوقيين كان وراء تحريف مكان الجنة التي سكن فيها سيدنا آدم وجعلها كأى حديقة على الأرض ، وكذلك تحريف دلالة جهنم كعقاب الآخرة و استبدالها بالهاوية لاقناع بني إسرائيل بعدم وجودهم في الآخرة وحذف حوار ابنى آدم
- إخفاء توبة سيدنا آدم وزوجته في سفر التكوين كان بسبب إنكار الصدوقيين ليوم القيامة والبعث بعد الموت
- كان اعتقاد اليهود عن أخنوخ أنه مات حتى لا يموت روحيا (أي يرتكب الشر)
- اخفاء إحياء الميت في قصة سيدنا موسى و تحريف الدلالة الحقيقية لتقطيع الطيور في قصة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام
- و الموضوع الأول في هذه السلسلة سوف أوضح فيه ان شاء الله أنه لا يوجد أي نص في الأسفار الخمسة الأولى يتكلم عن وجود قيامة الآخرة و الحياة الآخرى ، وهذا في حد ذاته غريب جدا ، فمن المفروض طبقا لادعاء اليهود والمسيحيين أن كاتب الأسفار الخمسة الأولى هو سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، وهو لم يكتب غيرها ، فهل يعقل أنه لم يكلم بني إسرائيل عن الحياة بعد الموت وعن جهنم وعقاب المكذبين و عن الجنة وثواب المؤمنين ؟؟!!!!
بالتأكيد كلمهم و لكننا مع ذلك لا نرى هذه النصوص ، في نفس الوقت الذي نعرف فيه أن الكهنة الصدوقيين الذين سيطروا على الهيكل في الفترة الهلينستية وعمل الحكام على تقنيين العمل بمبادئهم الدينية كانوا منكرين للحياة بعد الموت ، عرف عنهم اعتمادهم الأسفار الخمسة الأولى فقط ككتاب مقدس و التحريف وأنهم غيروا الفهم اليهودي للتوراة للفهم الهليني ، فقد قاموا بمزج ما ورثوه عن أجدادهم اليهود من معتقدات مع ما تأثروا به من أفكار يونانية وثنية ، فيما يعرف باليهودية الهلينستية
لذلك قاموا بحذف أي نص يتكلم عن القيامة والثواب والعقاب في الآخر ، وقاموا أيضا بحذف أي نص يتكلم عن قيامة ميت فى هذه الحياة كمعجزة تتم على يد الأنبياء من الأسفار الخمسة الأولى وكذلك حذف النصوص التي تتكلم عن الجنة والنار كثواب وعقاب الآخرة
للمزيد راجع :-
اليهودية الهلينستية
طائفة الصدوقيين
طائفة الفريسيين
- و بسبب محاولات نشر أفكارهم الأبيقورية بمساعدة الحكام فإنهم أثروا على أغلب بني إسرائيل
- و ما نجده هو إشارات بسيطة فى عدد قليل من أسفار أخرى غير الأسفار الخمسة الأولى تتكلم عن إمكانية القيامة من الموت في هذه الحياة فقط وذلك كمعجزة حدثت لبعض البشر على يد الأنبياء (ملوك الثاني 4: 32 إلى 4: 35 - 12: 21) ، (حزقيال 37: 9 ، 37: 10) ولكن ليس قيامة الآخرة والخلود
- إلا أن هناك نصان فقط في العهد القديم (في الأسفار الغير معترف بها من اليهود والبروتستانت) هو الواضح بهما أنه يتكلم عن قيامة الآخرة
النص الأول :- عددان فى سفر (المكابيين الثاني 7: 9 ، 7: 14) (لم يعترف به اليهود ولا البروتستانت كسفر قانونى موحى به ) فيتحدث عن قيامة للحياة الأبدية لمن ماتوا في سبيل تمسكهم بالشريعة و لكن لا يتحدث عن تفاصيل تلك الحياة وطبيعتها ولا ما الذى سيلاقيه الكافر إلا أنه لن يكون له قيامة للحياة ، أي لا وجود للجنة ونار الآخرة في هذه النصوص وإنما مجرد إشارة للقيامة الآخرة من سفر غير معترف به من اليهود والبروتستانت
النص الثانى :- من الاصحاح الثالث من سفر الحكمة (حكمة 3: 1 إلى 3: 5) يتحدث عن نفوس الصديقين التي لا يمسها العذاب ورجاءهم مملوء خلود ، ولكنه أيضا لا يوضح ما هو العذاب الذي لن ينتظرهم وما هية الثواب الذي ينتظرهم ، بالإضافة إلى هجومه في الاصحاح الثاني على فئة ترفض فكرة الحياة بعد الموت ، فمن الواضح أنه كان يهاجم الصدوقيين ولكنه لا يوضح ما سينتظر المؤمن والكافر بعد القيامة من الموت ، وهذا السفر أيضا غير معترف به من اليهود والبروتستانت
وسوف نلاحظ أن الأسفار الواضح بها وجود قيامة وهما سفر الحكمة و سفر المكابيين ، قام اليهود برفضهما ، والذين صنع قانونية كتابهم العلماء الماسورتين والذين كانوا أغلبهم من القرائين الذين اعتنقوا بعض أفكار الصدوقيين
وسواء كان السفر قانوني أم لا إلا أن هذا يعني معرفة بني إسرائيل بوجود القيامة الآخرة ، فلم تكن فكرة مستحدثة بالنسبة لهم ولكن كانت هناك أيادي تعمدت اخفاءها من الأسفار التي اعتمدتها طوائف معينة وقدموها للناس على أنها كتاب مقدس
فإذا كان كاتب سفرالحكمة و المكابيين الثاني اعتقد بوجود قيامة الآخرة وكذلك اعتقاد الفريسيين فهذا يعني أن تلك الفكرة كانت لها وجود في كتب سابقة كانت لدى اليهود وكانت هذه الكتب لها قداستها ولكننا لم نعد نراها الآن ، ومن المستحيل أن تلك الفكرة كانت في التقليد اليهودي فقط و الا ما كان قال المسيح عليه الصلاة والسلام للصدوقيين أنهم يضلون الناس في حديثه عن القيامة (مرقس 12: 27) ، فلذلك بعثه الله عز وجل وجعل على يديه معجزة إحياء الموتى لمواجهة تلك الأفكار
الأمر الهام أن هذا المعتقد لم يكن ينتظر قصة الصلب المزعومة حتى تتحقق القيامة ، فالفكرة كانت موجودة قبله ، يعني لا يوجد شئ اسمه عهد قديم أو عهد جديد وإنما تحريف المعتقد ، مرة بإنكار القيامة ، ومرة بقصة صلب مزعومة وعبادة انسان
و يشمل هذا الموضوع على النقاط الآتية :-
الفرع الأول (1-8-6) :- العهد القديم بشكل عام وخاصة الأسفار الخمسة الأولى لا يوجد به قيامة الآخرة ولا الثواب والعقاب في الآخرة
الفرع الثانى (2-8-6) :- محاولات يائسة من موقع الأنبا تكلا لتكذيب حقيقة كتابه
الفرع الثالث (3-8-6) والدليل أن أغلب بني إسرائيل في الفترة الهلنستية كانت منقادة وراء الصدوقيين في زعمهم هو
الفرع الرابع (4-8-6) :- لماذا اتفق المسيحيين واليهود على العهد القديم بالرغم من نقصه
الفرع الخامس (5-8-6) :- الأسباب التي تؤكد على أن الشكل الحالي للأسفار الخمسة الأولى ليس هو نفسه الشكل الذي كان عليه الكتاب الأصلي قبل عام 300 ق.م
تعليق