تويت
الرابع عشر: نسبة القرآن الكريم الى الله بين القران والكتب المنسوبة الى السماء:
العقل والضرورة يوجبان ان يعلن صاحب الكتاب عن انه مؤلف الكتاب .. حتى الكتاب البشري التافه يسجل باسم صاحب الكتاب، اي كتاب بشري له رقم ايداع مسجل باسم مؤلفه، وله شهادة مؤلفه عليه، فما بالك بكتاب رب الارباب؟ ، ما أهمية ذلك: أهمية هذا أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في الدنيا الذي يقول فيه مؤلفه صراحة انه الله .. بخلاف التوراة والانجيل او اي كتاب اخر في الدنيا يُنسب للوحي السماوي، الكتاب الخاتم الذي جاء يقرر الحق ويبطل تحريف المحرفين، هو وحده من يُنسب الى خالق الاكوان، اما كُتُب أهل الكتاب فلا توجد فيها هذه الشهادةُ اليوم، كيف لخالق الاكوان ان لا يذكر فيها أنه أنزله إن كانت من عند الله؟، فلو لم يكن هذا صدقا، فمن ذا الذي يجرؤ أن ينفرد من بين اديان البشر وينسب كتابه لله مباشرة، ثم بعد ذلك أيتركه الله ينتشر شرقا وغربا دون ان يقطعه ويقطع دابره؟، يقول تعالى: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ"
بشهادة إلهية تشهد للكتاب انه من عند الله
- يقول تعالى: " لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا"
- ويقول تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
- ويقول تعالى: " وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ .... تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ"
- ويقول تعالى: "وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا"
- وقال تعالى: " إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ"
ويقول تعالى: " تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"
ويقول تعالى: "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"
ويقول تعالى" إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
ويقول تعالى: " تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ"
ولهذه الشهادة أهمية عظيمة في حوارك مع الباحث عن الحق، سواءا كان لا دينيًا ام كان من أهل الكتاب، فاللاديني يُثبت بالعقل والفطرة كما يُثبت كل البشر بالفطرة ان لكل سببٍ مُسبب، وان لهذا الكون بداية، إذن فله مسبب، هذه ضرورة عقليه، وهذا ما يثبته العلم الحديث، ولو جاء العلم الحديث يما يُخالف الضرورات العقلية لسقطت كل العلوم، لذا يؤمد العلم أن الكون لا يُمكن أن يكون أزليا أو اوجد نفسه بنفسه، وهذه ضرورة عقلية، يصل اليها اللاديني فيبدأ البحث عن الحق ويعلم انه المحتاج بفطرته الى الخالق وان الله غني عنه، ومع ذلك يدرك انه لكي يصل الى الخالق فلابد انه ارسل الينا وحيا، فهنا يبدأ البحث واول شيء يبدأ البحث عنه في الكتب، النسبة الى الله تعالى، فإذا ما اطلع على التوراة والانجيل وكتب البوذية والهندوسية او كتب المندائية والمورمون والبهائية غيرهم فلن يجد فيهم نسبة هذا الكلام الى الله، بل في جميعهم يقول صاحبها ومؤلفها ان هذا كلامه هو بصياغته البشرية، لا يقول ان الله نفسه من يتكلم.
فلا تجد اي تدوين لشهادة الله بنفسه في هذه الكتب .. ففي الكتاب المقدس مثلا .. يعتمدون على انه كلام الله بما قاله اباء الكنيسة فقط، وليس بما قال الله مباشرة.
ومع ما سبق فالنصارى والقساوسة أن الكلام اسلوب كاتب الانجيل لا كلام الله ذاته، وأن الاسلوب يختلف حسب كل مؤلف ورؤيته لكنه مجملا مسوق بالروح القدس !، واما نصوصهم التي يعتمدون عليها ان الكتاب موحى به فهما نصان:
1- نص بولس في تيموثاوس: " كل الكتاب هو موحى به، ونافع للتعليم والتوبيخ والتقويم"، وعندهم في هذه الفقرة خلاف بين مخطوطاتها، فهل : "كل الكتاب الموحى هو نافع " ام " كل الكتاب هو موحى ونافع"، ام " كل كتاب موحى"، فإن كان الاول فهو الذي عليه شواهد الكتاب كما هو في نسخة البشيطا السريانية ونسخة ايرونيموس (جيروم) الفولجاتا اللاتينية، وترجمة لوثيروس 1522م. اما الثاني فلا دليل عليه عند جميع اباء الكنيسة واول ظهور له هو في كتابات يوحنا ذهبي الفم اثاناسيوس وجريجوري النيزنزي، واما اقدم مخطوطات الكتاب المقدس فتوضح كلام بولس ان المراد ليس كتاب بعينه ولا هو العهد الجديد والانجيل، لانه لم يكن قد كتب في زمانه باقرارهم ويمكن الاطلاع والاستزادة من هنا:
https://www.hurras.org/vb/forum/المنب...قس-بسيط
وانظر الى انجيل مرقس يقول بابياس، أحد اقدم رهبان الكنيسة وعاش في نهاية القرن الميلادي الاول وبداية القرن الميلادي الثاني " اما مرقس فقد كتب ما تذكره"
اما يوسابيوس القيصري، فيذكر ان انجيل المسيح لم يُكتب قط قبل ان يكتبه مرقس، حين كتبه بضغط من المؤمنين ببطرس الحواري
من بين الاناجيل الاربعة فقط متى ويوحنا هم تلامذة المسيح، بينما لوقا تلميذ بولس، ومرقس تلميذ بطرس:
ومتى كتب انجيله بالعبرانية وليس اليونانية:
ويقول بابياس كذلك عن متى، أنه كتب انجيله لليهود وكتبه بالعبرية ليناسبهم،
ولعله هو انجيل العبرانيين او غيره
وتقول الموسوعة البريطانية وعلماء النقد النصي اليوم أن «متى» استخدم تقريبًا كل إنجيل مرقس بالإضافة لبعض المواد التي انفرد هو باستخدامها للكتابة.
واما يوحنا فيوسابيوس القيصري يعلل انه كتب الانجيل لانه وجد ان انجيلي مرقس ولوقا ومتى كان ينقصها وصف أعمال المسيح في بداية خدمته.
واما انجيل يوحنا في يوحنا 24:21 : "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. ونحن نعلم أن شهادته حق."، فهم يؤكدون ان الكاتب هو يوحنا طيب ومين اللي شهد له؟ الله؟ لا، شوية بشر لا نعلمهم اقحموا النص في الكتاب وقالوا : "ونحن نعلم أن شهادته حق"، قارن هذا بقول الله تعالى " لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ"
واما انجيل لوقا، فقد اراح واستراح، فيقول : "1 إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2 كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3 رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4 لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. 5 كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ .............................."
واما بولس الرسول ، فيقول في 1 كو 7: 12 "وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.." ويقول كذلك "الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب" (2كو 11: 17). وهو هنا كمان لا يعني الرب اي الله، بل يسوع المسيح، ولا يعني تأليهه كذلك، فالرومان يقولون الرب او اللورد على عظمائهم، وهذا بيانه في محاضرته مع اهل التخصص، المهم انه يقول أيضا في رسالته الثانية لاهل تيموثي 4: 13: : اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ"
الخامس عشر: القواعد العقلية والحجاج عند مناظرة أهل الكتاب في الوحي
وهذه اهم جزئية في محاضرة اليوم، لِأننا سنرسي فيها القواعد العقلية والحجاج، لان ـ 99% ممن يُشكك في الوحي هم من اهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومنهم المستشرقون ( المتجهون ناحية الشرق لدراسة اداب الشرق). فأهمية ان تعرف الوحي عند اليهود والنصارى، هو اقامة الحجة على اهل الكتاب، وعلى المستشرقين ممن يطعنون في نبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ووحيه. لان كل تفسير سلكوه لتشويه مفهوم الوحي عند محمد صلى الله عليه وسلم هو واقع يقينا بما هو اسوأ وأثبت في حق انبيائهم الذين يعترفون هم بنبواتهم، فيدل هذا على ان ما يفعلونه منشؤه العصبية الدينية العمياء. مما يعني أنه اذا نفى الوحي او شكك في وحي النبي فهذا بالضرورة ينفي الوحي والنبوة عنده، فإذا لم يُلزِم نفسه بهذا ولم يكفر بكتابه ودينه فإنها ازدواجية المعايير، أو الكيل بمكيالين.
والصواب ان المعايير ينبغي أن تطبق على الجميع، لكن من سيُطبقها؟ انت كمحاور، وكداعية، وكمؤلف وكدكتور متخصص، طيب كيف؟، بصوا يا اولادي، انت ليس لك في المناظرات الا اربع مستويات ضد ثلاثة انواع من البشر: مكابر، باحث حق، فاقد اهلية أو فقدان قضية وذلك بالتالي:
1-اظهار اغلوطاتهم وتزييفاتهم وكذبهم (اثبات الانقطاع) وكذبهم، فيلزم ان تكون عارفا بدينك، وبقواعد الجدل، فاول ما تطالبهم به هو الدليل على ما قال، فيعجز عن الاستدلال، او يظهر استدلاله بما لا يصح الاستدلال به، وبالتالي بيان افلاسه وانقطاعه، ثم تكمل بنفنيد ادلته وبيان وهميتها وتأتي عليها واحدة بواحدة بالادلة والبراهين العقلية والعلمية، فإن لم يظهر علمك ويظهر جهله، فما اعطيت هذا الدين حقه.
2- استخدام نفس الكُرة: (اثبات وقوعه في مناقضة دعواه - افحام) ما قاله عني يسمعه عنه: عين بعين، قذى بقذى، باستخدام نفس المعايير على كتابه ووحيه، فالإنسان لا يرى عيب نفسه ولو كان عظيماً ويتعرض لعيب غيره ولو كان صغيراً، وكتاب النصارى يوضح هذه القضية فيما جاء على لسان المسيح في متى 7: 1- 5 «لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، 2 لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3 وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4 أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5 يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! وبالتالي فمطاعنهم في الوحي في زعمهم الفاسد، لا تقدح في نبوة النبي على أصول كتبهم التي يؤمنون بها.
3- ولكن تعيد الكُرة قذيفة: (اسماعه ما لم يقله ولم يجده عندك وهو عنده (بهت)بما يستحيل عليهم دفعه، ولن يتأتى ذلك الا بدراسة كتبهم، وكتبك، فكما استشرقوا فينا استغربوا فيهم، بعلم. بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"
4- الإفهام: وهذه المرحلة لاثبات عظمة هذا الدين، عقلا ونقلا وضروة، وتكون لتوعية وتثبيت المسلمين ودعوة الباحثين عن الحق ممن يُرجى هدايتهم، بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن. وذلك باثبات حقائق الوحي المحمدي الذي تفرد به محمد صلى الله عليه وسلم ولا يتوافر لانبيائهم.
وقبل ان ننهي الحديث عن الوحي اذكر الاحباب جميعا بعدم اعطاء الامان او الاغترار باكثر المستشرقين حيادية او تعظيما للنبي او الوحي، فكلهم من افضلهم الى احقرهم غايتهم واحدة، ونحن حين نحتج بقولهم الايجابي فليس لقيمته بل لا قيمة له ولا وزن، وانما نحتج به على بني ملتهم، لان الفضل ما شهدت به الاعداء، ولتعلم اخي في الله أن موازين البحث عند المستشرقين تتلخص في الآتي:
1 - العداء للاسلام وعدم اغفال ما فعله الاسلام بالمسيحية، فهم متعصبون ولو تظاهروا بالانصاف.
2 - العلمية تعني البدء بمعطيات للوصول الى نتيجة، بينما المستشرق يبدأ بفكرة معلومة سلفا ويجمع كل الأدلة التي تؤيدها مهما كانت ضعيفة واهية.
3 - يلجأ جميع المستشرقين الى تفسير النصوص والاحداث بما يخالف دلالاتها التاريخية.
4 - يلجأون الى تصدير الهفوات التي لا تخلو منها أمة -مهما عظمت كمالاتها- وتقديمها على أنها تمثل الإسلام.
5 - يتصيد الشبهات، والإكثار من الفرضيات، والاعتماد على الضعيف والشاذ من الأقوال.
6- يرفضون قبول الحق، ومنه رفضهم إثبات الوحي، وذلك اعتمادا على النفي المجرد الذي لا يدعمه دليل صحيح مقبول في المنهج العلمي السليم.
7- تبني الازدواجية في المعايير، فينكرون النبوة لأنهم ينحون بتفكيرهم نحو المادية والعلمانية، فينكرون الوحي جملة وتفصيلاً بينما هذه المادية والعلمانية لا تمنعهم عن الكفر او التشكيك بالوحي.
والحمدلله رب العالمين.
العقل والضرورة يوجبان ان يعلن صاحب الكتاب عن انه مؤلف الكتاب .. حتى الكتاب البشري التافه يسجل باسم صاحب الكتاب، اي كتاب بشري له رقم ايداع مسجل باسم مؤلفه، وله شهادة مؤلفه عليه، فما بالك بكتاب رب الارباب؟ ، ما أهمية ذلك: أهمية هذا أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في الدنيا الذي يقول فيه مؤلفه صراحة انه الله .. بخلاف التوراة والانجيل او اي كتاب اخر في الدنيا يُنسب للوحي السماوي، الكتاب الخاتم الذي جاء يقرر الحق ويبطل تحريف المحرفين، هو وحده من يُنسب الى خالق الاكوان، اما كُتُب أهل الكتاب فلا توجد فيها هذه الشهادةُ اليوم، كيف لخالق الاكوان ان لا يذكر فيها أنه أنزله إن كانت من عند الله؟، فلو لم يكن هذا صدقا، فمن ذا الذي يجرؤ أن ينفرد من بين اديان البشر وينسب كتابه لله مباشرة، ثم بعد ذلك أيتركه الله ينتشر شرقا وغربا دون ان يقطعه ويقطع دابره؟، يقول تعالى: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ"
بشهادة إلهية تشهد للكتاب انه من عند الله
- يقول تعالى: " لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا"
- ويقول تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
- ويقول تعالى: " وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ .... تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ"
- ويقول تعالى: "وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا"
- وقال تعالى: " إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ"
ويقول تعالى: " تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"
ويقول تعالى: "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"
ويقول تعالى" إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
ويقول تعالى: " تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ"
ولهذه الشهادة أهمية عظيمة في حوارك مع الباحث عن الحق، سواءا كان لا دينيًا ام كان من أهل الكتاب، فاللاديني يُثبت بالعقل والفطرة كما يُثبت كل البشر بالفطرة ان لكل سببٍ مُسبب، وان لهذا الكون بداية، إذن فله مسبب، هذه ضرورة عقليه، وهذا ما يثبته العلم الحديث، ولو جاء العلم الحديث يما يُخالف الضرورات العقلية لسقطت كل العلوم، لذا يؤمد العلم أن الكون لا يُمكن أن يكون أزليا أو اوجد نفسه بنفسه، وهذه ضرورة عقلية، يصل اليها اللاديني فيبدأ البحث عن الحق ويعلم انه المحتاج بفطرته الى الخالق وان الله غني عنه، ومع ذلك يدرك انه لكي يصل الى الخالق فلابد انه ارسل الينا وحيا، فهنا يبدأ البحث واول شيء يبدأ البحث عنه في الكتب، النسبة الى الله تعالى، فإذا ما اطلع على التوراة والانجيل وكتب البوذية والهندوسية او كتب المندائية والمورمون والبهائية غيرهم فلن يجد فيهم نسبة هذا الكلام الى الله، بل في جميعهم يقول صاحبها ومؤلفها ان هذا كلامه هو بصياغته البشرية، لا يقول ان الله نفسه من يتكلم.
فلا تجد اي تدوين لشهادة الله بنفسه في هذه الكتب .. ففي الكتاب المقدس مثلا .. يعتمدون على انه كلام الله بما قاله اباء الكنيسة فقط، وليس بما قال الله مباشرة.
ومع ما سبق فالنصارى والقساوسة أن الكلام اسلوب كاتب الانجيل لا كلام الله ذاته، وأن الاسلوب يختلف حسب كل مؤلف ورؤيته لكنه مجملا مسوق بالروح القدس !، واما نصوصهم التي يعتمدون عليها ان الكتاب موحى به فهما نصان:
1- نص بولس في تيموثاوس: " كل الكتاب هو موحى به، ونافع للتعليم والتوبيخ والتقويم"، وعندهم في هذه الفقرة خلاف بين مخطوطاتها، فهل : "كل الكتاب الموحى هو نافع " ام " كل الكتاب هو موحى ونافع"، ام " كل كتاب موحى"، فإن كان الاول فهو الذي عليه شواهد الكتاب كما هو في نسخة البشيطا السريانية ونسخة ايرونيموس (جيروم) الفولجاتا اللاتينية، وترجمة لوثيروس 1522م. اما الثاني فلا دليل عليه عند جميع اباء الكنيسة واول ظهور له هو في كتابات يوحنا ذهبي الفم اثاناسيوس وجريجوري النيزنزي، واما اقدم مخطوطات الكتاب المقدس فتوضح كلام بولس ان المراد ليس كتاب بعينه ولا هو العهد الجديد والانجيل، لانه لم يكن قد كتب في زمانه باقرارهم ويمكن الاطلاع والاستزادة من هنا:
https://www.hurras.org/vb/forum/المنب...قس-بسيط
وانظر الى انجيل مرقس يقول بابياس، أحد اقدم رهبان الكنيسة وعاش في نهاية القرن الميلادي الاول وبداية القرن الميلادي الثاني " اما مرقس فقد كتب ما تذكره"
اما يوسابيوس القيصري، فيذكر ان انجيل المسيح لم يُكتب قط قبل ان يكتبه مرقس، حين كتبه بضغط من المؤمنين ببطرس الحواري
من بين الاناجيل الاربعة فقط متى ويوحنا هم تلامذة المسيح، بينما لوقا تلميذ بولس، ومرقس تلميذ بطرس:
ومتى كتب انجيله بالعبرانية وليس اليونانية:
ويقول بابياس كذلك عن متى، أنه كتب انجيله لليهود وكتبه بالعبرية ليناسبهم،
ولعله هو انجيل العبرانيين او غيره
وتقول الموسوعة البريطانية وعلماء النقد النصي اليوم أن «متى» استخدم تقريبًا كل إنجيل مرقس بالإضافة لبعض المواد التي انفرد هو باستخدامها للكتابة.
واما يوحنا فيوسابيوس القيصري يعلل انه كتب الانجيل لانه وجد ان انجيلي مرقس ولوقا ومتى كان ينقصها وصف أعمال المسيح في بداية خدمته.
واما انجيل يوحنا في يوحنا 24:21 : "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. ونحن نعلم أن شهادته حق."، فهم يؤكدون ان الكاتب هو يوحنا طيب ومين اللي شهد له؟ الله؟ لا، شوية بشر لا نعلمهم اقحموا النص في الكتاب وقالوا : "ونحن نعلم أن شهادته حق"، قارن هذا بقول الله تعالى " لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ"
واما انجيل لوقا، فقد اراح واستراح، فيقول : "1 إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2 كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3 رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4 لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. 5 كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ .............................."
واما بولس الرسول ، فيقول في 1 كو 7: 12 "وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.." ويقول كذلك "الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب" (2كو 11: 17). وهو هنا كمان لا يعني الرب اي الله، بل يسوع المسيح، ولا يعني تأليهه كذلك، فالرومان يقولون الرب او اللورد على عظمائهم، وهذا بيانه في محاضرته مع اهل التخصص، المهم انه يقول أيضا في رسالته الثانية لاهل تيموثي 4: 13: : اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ"
الخامس عشر: القواعد العقلية والحجاج عند مناظرة أهل الكتاب في الوحي
وهذه اهم جزئية في محاضرة اليوم، لِأننا سنرسي فيها القواعد العقلية والحجاج، لان ـ 99% ممن يُشكك في الوحي هم من اهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومنهم المستشرقون ( المتجهون ناحية الشرق لدراسة اداب الشرق). فأهمية ان تعرف الوحي عند اليهود والنصارى، هو اقامة الحجة على اهل الكتاب، وعلى المستشرقين ممن يطعنون في نبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ووحيه. لان كل تفسير سلكوه لتشويه مفهوم الوحي عند محمد صلى الله عليه وسلم هو واقع يقينا بما هو اسوأ وأثبت في حق انبيائهم الذين يعترفون هم بنبواتهم، فيدل هذا على ان ما يفعلونه منشؤه العصبية الدينية العمياء. مما يعني أنه اذا نفى الوحي او شكك في وحي النبي فهذا بالضرورة ينفي الوحي والنبوة عنده، فإذا لم يُلزِم نفسه بهذا ولم يكفر بكتابه ودينه فإنها ازدواجية المعايير، أو الكيل بمكيالين.
والصواب ان المعايير ينبغي أن تطبق على الجميع، لكن من سيُطبقها؟ انت كمحاور، وكداعية، وكمؤلف وكدكتور متخصص، طيب كيف؟، بصوا يا اولادي، انت ليس لك في المناظرات الا اربع مستويات ضد ثلاثة انواع من البشر: مكابر، باحث حق، فاقد اهلية أو فقدان قضية وذلك بالتالي:
1-اظهار اغلوطاتهم وتزييفاتهم وكذبهم (اثبات الانقطاع) وكذبهم، فيلزم ان تكون عارفا بدينك، وبقواعد الجدل، فاول ما تطالبهم به هو الدليل على ما قال، فيعجز عن الاستدلال، او يظهر استدلاله بما لا يصح الاستدلال به، وبالتالي بيان افلاسه وانقطاعه، ثم تكمل بنفنيد ادلته وبيان وهميتها وتأتي عليها واحدة بواحدة بالادلة والبراهين العقلية والعلمية، فإن لم يظهر علمك ويظهر جهله، فما اعطيت هذا الدين حقه.
2- استخدام نفس الكُرة: (اثبات وقوعه في مناقضة دعواه - افحام) ما قاله عني يسمعه عنه: عين بعين، قذى بقذى، باستخدام نفس المعايير على كتابه ووحيه، فالإنسان لا يرى عيب نفسه ولو كان عظيماً ويتعرض لعيب غيره ولو كان صغيراً، وكتاب النصارى يوضح هذه القضية فيما جاء على لسان المسيح في متى 7: 1- 5 «لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، 2 لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3 وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4 أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5 يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! وبالتالي فمطاعنهم في الوحي في زعمهم الفاسد، لا تقدح في نبوة النبي على أصول كتبهم التي يؤمنون بها.
3- ولكن تعيد الكُرة قذيفة: (اسماعه ما لم يقله ولم يجده عندك وهو عنده (بهت)بما يستحيل عليهم دفعه، ولن يتأتى ذلك الا بدراسة كتبهم، وكتبك، فكما استشرقوا فينا استغربوا فيهم، بعلم. بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"
4- الإفهام: وهذه المرحلة لاثبات عظمة هذا الدين، عقلا ونقلا وضروة، وتكون لتوعية وتثبيت المسلمين ودعوة الباحثين عن الحق ممن يُرجى هدايتهم، بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن. وذلك باثبات حقائق الوحي المحمدي الذي تفرد به محمد صلى الله عليه وسلم ولا يتوافر لانبيائهم.
وقبل ان ننهي الحديث عن الوحي اذكر الاحباب جميعا بعدم اعطاء الامان او الاغترار باكثر المستشرقين حيادية او تعظيما للنبي او الوحي، فكلهم من افضلهم الى احقرهم غايتهم واحدة، ونحن حين نحتج بقولهم الايجابي فليس لقيمته بل لا قيمة له ولا وزن، وانما نحتج به على بني ملتهم، لان الفضل ما شهدت به الاعداء، ولتعلم اخي في الله أن موازين البحث عند المستشرقين تتلخص في الآتي:
1 - العداء للاسلام وعدم اغفال ما فعله الاسلام بالمسيحية، فهم متعصبون ولو تظاهروا بالانصاف.
2 - العلمية تعني البدء بمعطيات للوصول الى نتيجة، بينما المستشرق يبدأ بفكرة معلومة سلفا ويجمع كل الأدلة التي تؤيدها مهما كانت ضعيفة واهية.
3 - يلجأ جميع المستشرقين الى تفسير النصوص والاحداث بما يخالف دلالاتها التاريخية.
4 - يلجأون الى تصدير الهفوات التي لا تخلو منها أمة -مهما عظمت كمالاتها- وتقديمها على أنها تمثل الإسلام.
5 - يتصيد الشبهات، والإكثار من الفرضيات، والاعتماد على الضعيف والشاذ من الأقوال.
6- يرفضون قبول الحق، ومنه رفضهم إثبات الوحي، وذلك اعتمادا على النفي المجرد الذي لا يدعمه دليل صحيح مقبول في المنهج العلمي السليم.
7- تبني الازدواجية في المعايير، فينكرون النبوة لأنهم ينحون بتفكيرهم نحو المادية والعلمانية، فينكرون الوحي جملة وتفصيلاً بينما هذه المادية والعلمانية لا تمنعهم عن الكفر او التشكيك بالوحي.
والحمدلله رب العالمين.
