تويت
ثامنا: ما هي علامات صدق النبوة ؟
1- صدق النبي (المرسل) في ذاته، قبل النبوة وبعد النبوة، صدقه في ذاته، وصدقه في اخلاقه، فالعقل يوجب ان يختار الله من بين عبيده من يكون القدوة الحسنة لهم، والعقل يوجب ان يكون النبي معصوما في التبليغ عن الله، من اهل الصدق، وإلا فكيف تقوم به الحجة إن كان كذابا؟، فيشهد له الاقربون وكل من عرفوه، وهذا القيد من موجبات العقول، ولذا كان شرط اساسي في نقل الحديث عن رسول الله " شرط العدالة" أن لا يُقبل الحديث الا من عدل، ومن أخص صفات العدل " الصدق"، وهذا الشرط البدهي لم يتحقق في أنبياء اليهود والنصارى، لا عند اليهود ولا عند النصارى، برغم شهادة الكتب عليهم وعلى بدهية هذا القيد كما جاء في سفر حزقيال 13: 6- 7 " رأوا باطلا وعرافة كاذبة، وحي الرب والرب لم يُرسلهم وانتظروا اثبات الكلمة. ألم تروا رؤيا باطلة وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين وحي الرب وانا لم اتكلم"، ومثال ذلك على ضلال النصارى في هذا الشرط: خديعة بولس، خدعهم وانخدعوا له، وهو نفسه يقر بهذا الكذب فيقول في رسالته الى اهل رومية 3: 7: " فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟"، بل ويفتخر بنفاقه ويعُذ هذا من علامات الذكاء، كما في رسالته الاولى لاهل كورنثوس 9: 19 - 23 " فإني إذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لأربح الأكثرين. فصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس – مع أني لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس للمسيح – لأربح الذين بلا ناموس. صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء. صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوما، وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل لأكون شريكا فيه". وحال بولس هذا قبل النصرانية هو القتل لتلامذة المسيح، فكيف يُصدق ويؤتمن على دين المسيح؟
2- تصديق النبي للانبياء قبله: فدين الله واحد وإن اختلفت الشرائع، وإن كان الرسل من عند الله عز وجل، فمن أطاع رسولاً واحداً فقد أطاع جميع الرسل، ومن آمن بواحدٍ منهم فقد آمن بالجميع، ومن عصى واحداً منهم فقد عصى الجميع، ومن كذّب واحداً منهم فقد كذّب الجميع؛ لأنّ كلّ رسولٍ يُصدّق الآخر ويقول: إنه رسول صادق، ويأمر بطاعته. فمن كذّب رسولاً فقد كذّب الذي صدّقه، ومن عصاه فقد عصى من أمر بطاعته. ولذا كان من اهم علامات النبوة وصدقها هو اقرار النبي بدعوى من سبقوه من الأنبياء وتصديقهم. وهذا اختبار حقيقي يدل على صدق النبي مع تحقق باقي الشروط، وهو متحقق في محمد صلى الله عليه وسلم، وانبياء الكتاب المقدس، كما أن الأنبياء يصدق بعضهم بعضاً، ودعواهم واحدة، فإن آية كلّ نبيّ هي آية لجميع الأنبياء، لأن ما أتى به الأول من الآيات، فهو دليلٌ على نبوّته، ونبوّة من يُبشّر به من بعده، وما أتى به الثاني فهو دليلٌ على نبوّته ونبوة من يُصدّقه ممّن تقدّمه من الانبياء. وهذا الشرط يُمكن به اسقاط نبوة النبي الكاذب كما عند النصارى، فهو غير متحقق في بولس، فقد انقطع عن الانبياء قبله، فكذبهم، لكنهم باقرارهم انبياء الله، فيكون تكذيب بولس لهم ابطال لنبوته بصحة نبوتهم. وظاهر انسلاخ بولس عنهم فهو الذي لعن المسيح ونعته بكل نقيصة قبل ان يدعي انه مرسل، وأما بعد ادعائه النبوة، وانه رسول المسيح، فقد عمم النقيصة بالمسيح وجعل اصل العبادة عند النصارى ان يكون المسيح ملعونا، فالمسيح لعنة، بل وان يُلعن كل انبياء الله السابقين، ويكون الناموس ذاته لعنة!. ولذا برأ الله المسيحَ من افتراء كتبة الكتاب بأنه قال على الانبياء قبله سراق ولصوص، بل أكد على تصديق المسيح عليه السلام بموسى عليه السلام؛ كما حكى الله ذلك عنه بقوله: " وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاة". وجعل الله شرط الايمان وركنه الركين الايمان بجميع انبياء الله ورسله السابقين.
3- صدق وتحقق النبوات والمعجزات، النبوة هي أصل المعجزة، فلا نبوة بلا معجزات، والمعجزات قد يُعلم بها ثبوت الصانع (اثبات الخالق) وصدق الرسول، معاً والمعجزة (آيات الله الكبرى) دليل على النبوة كما ان الكرامة (آيات الله الصغرى) دليل على صدق المتبع للنبوة الصادقة. إذن فآيات الأنبياء هي أدلة وبراهين على صدقهم، والدليل يستلزم المدلول عليه، وكما أن الحادث دليل على المحدِث؛ ويمتنع وجود حادث بلا محدِث، فكذلك المعجزة دليل على صدق النبوة، ويمتنع وجود المعجزة (الدليل) مع غياب صدق النبوة (المدلول). ومن شرط المعجزة أو الآية للأنبياء أن تكون خارقة للعادة ولا يقدر أحد على معارضتها، والإتيان بمثلها. ولا يكفي أن يقال ان تكون خارقاً للعادة، بل خارقة لعادة غير الأنبياء. فمتى عُرف أنّه يُوجد لغير الأنبياء بطلت دلالة الاعجاز. كما ان من معجزات النبي وخواص الانبياء: الإخبار عن الغيب، والإنباء به.
4- حقيقة الدعوى: حقيقة دعوى النبي هي التوحيد: دعوة الناس إلى عبادة الله وحده، وخلع عبادة ما سواه، وكل ما يوافق صريح العقل، فالعقول توجب الاقرار بالخالق، والإقرار برسله، لذا يجب ان يتضمن الأصل الأول الذي يدعو اليه ويصححه النبي: إثبات الصفات والتوحيد والقدر، والأصل الثاني يتضمن تفصيل الشرائع، والأمر والنهي والإباحة، وبيان ما يُحبّه الله وما يكرهه، والأصل الثالث يتضمن الإيمان باليوم الآخر، والجنة والنار، والثواب والعقاب. وكل ما سيق مدار المعرفة به على الرسل، فإن لم يبينه النبي او الرسول، فكيف يثبت صدق النبوة، وعلاما بُعِث إذن؟!
هل الكتب السابقة معجزة، أم لا ؟
من قال: إنها ليست بمعجزة، فإن أراد ليست معجزة من جهة اللفظ والنظم؛ كالقرآن، فهذا صحيح، لأنهم ضيعوا أصولها، وأما كون التوراة معجزة من حيث مافيها من معانٍ باقية، لما فيها من الإخبار عن الغيوب، أو الأمر والنهي. فهذا لا ريب فيه. وممّا يدلّ على أنّ كتب الأنبياء معجزة: أنّ فيها الإخبار بنبوّة محمدصلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث بمدة طويلة. وهذا لا يُمكن علمه بدون إعلام الله لهم.
تاسعا: هل تلقى النبي القرآن عن غيره؟
وكرر المستشرقون ما قيل ويُقال أن الرسول تلقى القرآن من عند غيره، مع اختلافهم في هذا الغير من يكون؟ وهم لم يُبدعوا ويأتوا بأي جديد في هذا، فكحيرة كل مكذب حتى في زمان النبي، لا يستطيع ان يرى تفسيرا، ولا يريد ان يقر بالوحي، " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)"
فتارة يقولون إنه:
1 - أخذه عمن أسلم من اليهود والنصارى.
2- وتارة يقولون عن عبيد فارسيين، او عن سلمان الفارسي، وتارة يقولون علمه قوم من اليهود!
3- الحداد الرومي: وكرر هذا المستشرق جوتيين، في كتابه دراسات في تاريخ الإسلام ونظمه، فيرد عليهم الله عز وجل " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)".
4 - بحيرا الراهب النصراني:
اولا: نبين للاحباب إن الراهب في تلك الحادثة لم يسم مطلقاً في الرواية الصحيحة، يعني ليس اسمه "بحيرا"، وتسمية الراهب بـ ( بحيرا ) إنما جاء في بعض الروايات الواهية ، في إحداها الواقدي وهو كذاب ، وفي الأخرى محمد بن إسحاق صاحب السيرة رواها بدون إسناد ، وهاتان الروايتان هما عمدة كل المؤرخين الذي سموه بهذا الاسم ، فلا يجوز اعتبارهما.
ثانيا وللرد نقول:
1- على المدعي البينة: فليخبرونا ما الذي سمعه محمد صلى الله عليه وسلم من الراهب ومتى كان ذلك وأين كان؟
2- ثم أن لقاء الراهب بالنبي كان وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاما، وكان لقاءا قصيرا محدودا، فطبيعة اللقاء تنفي أن يكون قد حصل تعلم لمحمد عليه السلام من الراهب؛ لأنه لقاء قصير عابر لا يكفى للدرس والتحصيل، وسن النبي إذ ذاك صغيرة لا تؤهِّله للتلقي، ولا توجد رواية تذكر ذلك التعليم، ثم إن اللقاء حضره عدد من رجال القافلة، فلم يذكروا شيئاً من ذلك، وقد كانوا أحرص الناس على إحباطها بعد إعلانها.
3- والرواية لا تقول اكثر من ان الراهب رأى علامات النبوة على ذلك الفتى، وأخبر عمه أبا طالب بأنه سيكون له شأن عظيم، فمن أين ابتدع المشكك بخياله الخصب أن يكون قد املاه هذا الدين كله؟، وهل يعقل أن بحيرا كلم هذا الطفل في ساعة من نهار بهذا الدين المتكامل الذي تعجز البشرية جمعاء أن تأتي بمثله، والذي تنزل على محمد على مدار 23 عاما؟ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
4- ولو تنزلنا وقلنا باحتمالية انه تعلم على يديه وتتلمذ فمتى كان هذا؟، عبر الانترنت مثلا؟ فالتاريخ لا يعرف أكثر من أنه سافر إلى الشام في تجارة إلا مرتين، مرة في طفولته ومرة في شبابه، ولم يسافر غير هاتين المرتين، ولم يجاوز سوق بصرى فيهما، ولم يسمع من الراهب ولا من غيره شيئا من الدين ولم يك أمره سرا هناك بل كان معه شاهد في المرة الأولى وهو عمه أبو طالب، وشاهد في الثانية وهو ميسرة غلام خديجة
الغريب ان بحيرى كان أسقفا شديد الايمان بالمسيح و الثالوث الاقدس و الخلاص ....الخ فهل يشرح لنا الجهابزة لماذا تآمر و لقن الرسول ما يهدم به عقائد المسيحية ؟ بحيرى ليس عربيا و لغته هى العبرية ، ألا يشرح لنا الجهابزة كيف ألف هذا الرجل اقوى كتاب لغوى فى التاريخ ، و بالمقارنة هل يمكن لشخص يابانى ان يؤلف كتابا أدبيا باللغة العربية أقوى من كل الادب الذى صاغه عمالقة الادب العربى ؟
قصة بحيرا الراهب مخطوط سريانى كُتب بلغة الانجيل أدعى فيه صاحب المخطوط ان بحيرا علم رسول الاسلام القرآن، وقام الدكتور اسماعيل على معتوق بدراسة المخطوط وأثبت أن المخطوط كُتب فى القرن الثانى عشر الميلادى ، وذلك لأن ماورد فى المخطوط من أحداث تصل إلى هذا التاريخ، كما أن مؤلفه غير معروف، وأثبت أن بحيرة لم يكتب شيئا ، وأثبت أن بحيرة لا يستطيع أن يمد النبى بشىء قل أو كثر لأن ثقافة بحيرة لا تؤهله لذلك من ناحية ولأن القرآن قد أعجز العرب أجمعين . انظر: قصة بحيرة الراهب السريانية ، رسالة دكتوراة مقدمة من اسماعيل على معتوق ، كلية الآداب جامعة القاهرة (فؤاد الأول سابقا) 1949م.
5 - ورقة بن نوفل القرشي
يدعون أن ورقة بن نوفل هو ملهم القرآن للرسول صلى الله عليه و سلم، وهذا ادعاء درمنغام ومونتغمري واط، وقد اخذاه عن راهب نصراني اسمه يوحنا الدمشقي جاء بعد النبي بمائتي عام واراد ان يطعن في نبوته فهو اول من قال انه تعلم من ورقة ومن بحيرى، نافيا مصدره الالهي، معتبرا الاسلام هرطقة مسيحية، طبعا من يقرأ كتاب يوحنا هذا يجد كم السذاجة التي كان عليها فقد كان يضع حوارا وهميا بين مسلم ومسيحي بغاية تعليم المسيحيين كيفية الرد على المسلمين، فتجد الحوارات سطحية ساذجة، يعني لو جئنا بمتدأ في الحوار اليوم مع النصارى، لهلهل امثال يوحنا هذا، وهذا ليس بمستغرب فحتى قساوستهم اليوم لا يوجد عندهم اي منطق في الحوار، بكل بساطة لانه دين اعتنق التناقضات العقلية، فطبيعي ان ينعكس هذا عليهم وعلى عقليتهم في حوار الاديان.
نعود الى ورقة ابن نوفل، وللرد:
1- على المدعي البينة: اين نصوص التقاءه بورقة والتعلم منه؟
2- اللقاء الوحيد الذي تم كان قصيرا وكان بعد الوحي وليس قبله، ولايوجد أي صلة سابقة بين محمد عليه السلام وورقة، فلو كانت هناك صلة سابقة كما زعم (واط) من غير دليل؛ لتبادرت إلى ذهن الرسول لسؤاله عما حدث له، حتى إنَّ فكرة الاتصال به لم تطرأ على بال النبي، بل كانت الفكرة من اقتراح زوجتهـ فمن رتب اللقاء هي السيدة خديجة زوج النبي رضي الله عنها، وفي هذا اللقاء لم يكن يعرف ورقة اي شيء عن ماحدث للنبي في الغار، وانما حكوا له ما حصل، لعلهم يجدون عنده تفسيرا، و لم يثبت لقائه معه في غير ذلك، ولو كان ورقة هو معلمه لقال له عند إدعائه النبوة : " يمكنك أن تقول هذا وتضحك به على أي أحد غيري" ، ولفضحه عند زوجته خديجة والمقربين منه ، وكل هذا لم يحدث ، بل أن ورقة تمنى أن لو كان شابا ليساعده، ولما سمع ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم آمن به وشهد.
3- ثم لم يذكروا لنا كيف فعل ذلك ورقة وعلّم النبي وهو ميت؟!، لم يعاصر ورقة التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم على مدى 23 سنة من نزوله إذ انه قد توفي في أول البعثة، " فأجابه ورقه : هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جذعا إذ يخرجك قومك قال أَوَ مُخرِجِيَّ هم قال نعم ما أتى أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذي ، وان يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً. ثم لم يلبث ورقة أن توفي .." ، كيف كتب الآيات طيلة العشر سنوات إذن في مكة او العشر سنوات في المدينة، وكيف علم بالغيب ما سيحدث ورتب لها الايات ونزلها لمحمد - وورقة ميت والاحداث لم تحدث- المهم انه عند اهل الضلال أنه كتبها له قبل حدوث الاحداث بعشرين عاما، فهذا من السخف والضلال.
4- ثم ان كان ورقة يعلمه، فكيف يعلمه ما يناقض دينه ونصرانيته، روى البخارى فى صحيحه بخصوص ورقة بن نوفل : ” كان امرأً تنصر فى الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبرانى ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمى ”.
بل الظاهر من النصوص ان كل الارهاصات كانت تنتظر نبيا يأتي من العرب، وقد كان من العرب ممن ينتظر هذا النبي: ورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو بن نفيل، حتى انهما ارادا ان يلتمسا دينا يعبدوا الله عليه، فتنصّر ورقة ، وقيل لهم إنه يوشك أن يظهر الذى تطلبون فى أرضكم "، حتى اليهود كانوا ينتظرون هذا النبي في المدينة لان هذا النص لايزال مذكورا عندهم في كتبهم، وإن كانوا يرون انه سيظهر في العرب ولكن لا يكون عربيا بل سيكون يهوديا منهم.
4 - تلقاه من اليهود والنصارى: وهذا قول جولد زيهر، و كارل بروكلمان، وغوستاف لوبون، وكثير من المستشرقين ومنهم كذلك: دانييل، وس. جويتين، وأديسون، وتايلور، وجورج سيل. وعليه يجب ان لا يكون أميا، ولذا يحاولون بشتى الطرق نفي الامية عنه، وممن نفاها الفريد جيوم و مونتغمري واط. وقدر ردوا على بعضهم البعض، وممن رد عليهم من المستشرقين واكد أمية محمد صلى الله علسيه وسلم توماس كارلايل و المستشرق الكونت هنري، والمستشرق الإنجليزي لايتنر، وهنري كاستنر.
عاشرا: الالزام الالهي
قال تعالى: " كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ" أي: يوحي الله اليك مثل ما اوحى الى الذين من قبلك، مثلية الوحي هذه في جنسه وموضوعه والغرض منه؛ لأنه خاتمهم المكمل لهدايتهم. وهذه الاية نظير قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، ومنه قوله تعالى: "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا " المقصود بيان أن أهل الكتاب عندهم ما يصدقك ، فيما كذبك فيه الكافرون ، كما في قوله تعالى : ( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ، وقوله سبحانه : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) ) ، وقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) إلى أمثال ذلك من الآيات التي تدل على أن المقصود بيان أن أهل الكتاب عندهم ما يصدق محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيما كذبه فيه المشركون من الدعوة إلى التوحيد ، وفي أن الرسل إلى البشر من البشر ، وفيما ينتابه من الوحي وغير ذلِك، كما هي سنة الله تعالى الحكيمة .
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
وهذه الآية من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وليس في الآية ما يدل على وقوع الشك ولا السؤال أصلا ، فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط ، بل ولا على إمكانه ، تعليق الحكم بالشرط لا يستلزم تحقق الشرط ووجوده ؛ إذ قد يتعلق الحكم بشرط ممتنع، كما قال تعالى : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) الأنبياء/ 22 ، وقوله : ( قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ) الإسراء/ 42 ، وقوله : ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) الزخرف/ 81 ، وقوله : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ) وقوله سبحانه : ( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ، فأخبر سبحانه بأن هؤلاء الأنبياء لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ، مع انتفاء الشرك عنهم ، بل مع امتناعه منهم ؛ لأنهم قد ماتوا على التوحيد ، ولأنهم معصومون من الشرك . ، ونظائره ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشك ولم يسأل ...
فإن قيل : فإذا لم يكن واقعا ولا ممكنا ، فما مقصود الخطاب والمراد به ؟ قيل : المقصود به : إقامة الحجة على منكري النبوات والتوحيد ، وأنهم مُقِرُّون بذلك لا يجحدونه ولا ينكرونه ، وأن الله سبحانه أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه بذلك ، وأرسل ملائكته إلى أنبيائه بوحيه وكلامه ، فمن شك في ذلك ، فليسأل أهل الكتاب ، فأخرج هذا المعنى في أوجز عبارة ، وأدلها على المقصود ، بأن جعل الخطاب لرسوله الذي لم يشك قط ، ولم يسأل قط ، ولا عرض له ما يقتضي ذلك . وأنت إذا تأملت هذا الخطاب بدا لك على صفحاته : من شك فليسأل ، فرسولي لم يشك ولم يسأل "
الحادي عشر: ارهاصات الوحي النبوي عند اهل الكتاب
سفر التكوين الإصحاح 17 : 20: وأَمَّا إِسْماعيلُ فقَد سَمِعتُ قَولَكَ فيه. وهاءَنَذا أُبارِكُه وأُنْميه وأُكَثِّرُه جِدًّا جِدًّا، ويَلدُ اَثنَي عَشَرَ رَئيسًا، وأَجعَلُه أُمَّةً عظيمة سفر التكوين 13 :21 "وابن الجارية ايضا ساجعله امة لانه نسلك" Dt:18:18 اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به. وإخوة بني إسحاق هم بني إسماعيل ولا شك ...ناهيك أنه بالتواتر عرف أن إسماعيل عاش بمكة والكتاب المقدس يقول أن Gen 21:21 وسكن (إسماعيل) في برية فاران. وقرأ أن النبي سيكون من فاران أي جبال مكة Dt:33:2 فقال.جاء الرب من سيناء واشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. ورغم تدليس النصارى واليهود منذ النبي حتى الآن يقول قاموس Strong's Hebrew Bible Dictionary ان فاران في صحراء العرب: " Paran, a desert of Arabia".
في سفر أشعياء الإصحاح (21) الأعداد (13 - 16):"وحيٌ من جهة بلاد العرب: في الوعر في بلاد العرب تبيتِين، يا قوافل الددانيِّين، لاقوا العطشان بالماء، يا سُكَّان تيماء، وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب، فإنه هكذا قال لي السيِّد: في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قِيدار".
42: 1 هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم. 42: 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. 42: 3 قصبة مرضوضة لا يُقصف وفتيلة خامدة لا يطفأ، إلى الأمان يخرج الحق. 42:4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته"، والجزائر ليست دولة الجزائر بل كل الارض، كل الارض اليايسة التي تحيط بها المياة.
ويقول تعالى : " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157). فطبيعي ان يعلم ورقة واليهود والنصارى وبحيرى الراهب، واي اسم يودون وضعه، طبيعي ان يعلموا جميعا ان هناك نبي آت، من بلاد العرب من نسل اسماعيل، من بين الاميين، ان هذا النبي سيأتيه الناموس وهو لا يعرف القراءة ويلقى عليه في فمه، كما في سفر اشعياء (29 : 12). هذا نصها ( او يدفع الكتاب لمن لايعرف الكتابة ويقال اقرأ هذا , فيقول لا اعرف الكتابة )، واكمال النبوءة : "واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه". وماذا عنه أيضا: من صفات النبي القادم أن يكون بين كتفيه خاتم النبوة، وهذا كان مشهورا بين كل النصارى في الشام .. اشعياء9 : 6-7 .."لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه" مرة اخرى طبيعي ان يعلم ورقة واليهود والنصارى وبحيرى الراهب، واي اسم يودون وضعه، لماذا قد يتفحص الراهب الصبي محمد –صلى الله عليه وسلم- فوجد خاتم النبوة
بل وهو النبي المنتظر بعد المسيح الذي قال عنه المسيح "لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي (الباركليتيوس-الشفيع). ولكن ان ذهبت ارسله اليكم." (يو 16 : 7)، وفيه (16/13-14): (متى جاء هو أي روح الحق أرشدكم إلى الحق كله لأنه لا يتكلم من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما سيحدث، سيمجدني لأنه يأخذ مما لي ويطلعكم عليه). - وفيه (14/25-27): ( قلت لكم هذه الأشياء وأنا مقيم عندكم ولكن المؤيد .. هو يعلمكم جميع الأشياء، ويذكركم جميع ما قلته لكم ).
قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره،" (متى 21/33 - 45)،
وقال لهم ايضا كما جاء في انجيل متى: " 34 يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء و راجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا35 هوذا بيتكم يترك لكم خرابا و الحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب" لكن متى ولوقا نقلا هذه النبوءة عن كتاب سابق لهما كما قال لوقا قبلها: "تقول حكمة الله"، وحين نقل كلاهما النبوءة، فانهما لم يكملاها وحذفوا المكان الذي سيظهر منه هذا الاتي باسم الرب، لكن اليهود والنصارى الذين امنوا بكتاب عزرا الرابِع IV Ezra أو رؤْيا عِزْرا عندهم مكتوب فيها هذه النبوءة كذلك، لكن فيها التفصيل الذي حذفه متى ولوقا.
وقال عنه اليهود معددين ثلاث أشخاص ليوحنا المعمدان Jn:1:19 وهذه هي شهادة يوحنا حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من انت. 20 فاعترف ولم ينكر واقرّ " اني لست انا المسيح.21 فسألوه اذا ماذا.ايليا انت.فقال لست انا.النبي انت.فاجاب لا.22 فقالوا له من انت لنعطي جوابا للذين ارسلونا.ماذا تقول عن نفسك.23 قال انا صوت صارخ في البرية قوّموا طريق الرب كما قال اشعياء النبي.24 وكان المرسلون من الفريسيين.25 فسألوه وقالوا له فما بالك تعمّد ان كنت لست المسيح ولا ايليا ولا النبي.
(وانظر لوقا 20/9 - 19)،وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتاً، فأحسنها وأجملها وأكملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون: ألا وضعت هاهنا لبنة، فيتم بنيانك، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: فكنت أنا اللبنة" (رواه البخاري ح3535، ومسلم ح2286)، إنه الحجر الذي تمت به النبوات.ومن يا ترى تكون الأمة العظيمة التي أعطيت لها هذه الرسالة ، ومن بعد أمة عيسى عليه السلام تحملت الوحي وعبدت الله وحده دون سواه ، إنها أمة الإسلام .
وأخيرا وبعد سوق هذه الارهاصات والادلة ولم اطل فيها، فإن أكبر دليل ينكر ان يكون محمد صلى الله عليه وسلم قد تلقى هذا القرآن من احد من اهل الكتاب ، هو هذا التواطؤ الغيبي ببشارات الانبياء قبله، مع عجزهم عن الاتيان بالدليل، فمصادرنا مفتوحة للجميع.
وكون النبي يتعلم من غيره اذا تنزلنا –فرضا- فهذا لا يطعن في نبوته، والا فبنفس الكأس انت تطعن في نبوة المسيح عندك، لانك اتهكمت محمد النبي الامي الذي لا يقرأ ولا يكتب بانه تعلم من الرهبان والقساوسة واليهود والنصارى، وكل ما سبق بلا دليل او برهان الا خيالك الخصب وامنياتك السعيدة، لكن عندنا نحن الدليل على ان المسيح لما تاه من أمه وأبوه وجدوه يتعلم في الهيكل (لوقا إصحاح 2 ): “ولما لم يجداه رجعا الى اورشليم يطلبانه. وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته. فلما ابصراه اندهشا.وقالت له امه يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا.هوذا ابوك وانا كنا نطلبك معذبين.”(لو 2:44-48
وماسبق هي أمثلة بسيطة .. والا فغيرها الكثير والكثير جدا الذي يجب على كل داعية ان يلم به، في اثبات تحقيق النبي محمد لنبوة الانبياء قبله، فان كان دليل واحد صدفة او خمسة صدفة، فهل عشرين وخمسين ومائة صدفة؟، وكأنهم كلهم تواطؤوا ان يتحدثوا عن محمد؟
والحمدلله رب العالمين.
1- صدق النبي (المرسل) في ذاته، قبل النبوة وبعد النبوة، صدقه في ذاته، وصدقه في اخلاقه، فالعقل يوجب ان يختار الله من بين عبيده من يكون القدوة الحسنة لهم، والعقل يوجب ان يكون النبي معصوما في التبليغ عن الله، من اهل الصدق، وإلا فكيف تقوم به الحجة إن كان كذابا؟، فيشهد له الاقربون وكل من عرفوه، وهذا القيد من موجبات العقول، ولذا كان شرط اساسي في نقل الحديث عن رسول الله " شرط العدالة" أن لا يُقبل الحديث الا من عدل، ومن أخص صفات العدل " الصدق"، وهذا الشرط البدهي لم يتحقق في أنبياء اليهود والنصارى، لا عند اليهود ولا عند النصارى، برغم شهادة الكتب عليهم وعلى بدهية هذا القيد كما جاء في سفر حزقيال 13: 6- 7 " رأوا باطلا وعرافة كاذبة، وحي الرب والرب لم يُرسلهم وانتظروا اثبات الكلمة. ألم تروا رؤيا باطلة وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين وحي الرب وانا لم اتكلم"، ومثال ذلك على ضلال النصارى في هذا الشرط: خديعة بولس، خدعهم وانخدعوا له، وهو نفسه يقر بهذا الكذب فيقول في رسالته الى اهل رومية 3: 7: " فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟"، بل ويفتخر بنفاقه ويعُذ هذا من علامات الذكاء، كما في رسالته الاولى لاهل كورنثوس 9: 19 - 23 " فإني إذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لأربح الأكثرين. فصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس – مع أني لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس للمسيح – لأربح الذين بلا ناموس. صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء. صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوما، وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل لأكون شريكا فيه". وحال بولس هذا قبل النصرانية هو القتل لتلامذة المسيح، فكيف يُصدق ويؤتمن على دين المسيح؟
2- تصديق النبي للانبياء قبله: فدين الله واحد وإن اختلفت الشرائع، وإن كان الرسل من عند الله عز وجل، فمن أطاع رسولاً واحداً فقد أطاع جميع الرسل، ومن آمن بواحدٍ منهم فقد آمن بالجميع، ومن عصى واحداً منهم فقد عصى الجميع، ومن كذّب واحداً منهم فقد كذّب الجميع؛ لأنّ كلّ رسولٍ يُصدّق الآخر ويقول: إنه رسول صادق، ويأمر بطاعته. فمن كذّب رسولاً فقد كذّب الذي صدّقه، ومن عصاه فقد عصى من أمر بطاعته. ولذا كان من اهم علامات النبوة وصدقها هو اقرار النبي بدعوى من سبقوه من الأنبياء وتصديقهم. وهذا اختبار حقيقي يدل على صدق النبي مع تحقق باقي الشروط، وهو متحقق في محمد صلى الله عليه وسلم، وانبياء الكتاب المقدس، كما أن الأنبياء يصدق بعضهم بعضاً، ودعواهم واحدة، فإن آية كلّ نبيّ هي آية لجميع الأنبياء، لأن ما أتى به الأول من الآيات، فهو دليلٌ على نبوّته، ونبوّة من يُبشّر به من بعده، وما أتى به الثاني فهو دليلٌ على نبوّته ونبوة من يُصدّقه ممّن تقدّمه من الانبياء. وهذا الشرط يُمكن به اسقاط نبوة النبي الكاذب كما عند النصارى، فهو غير متحقق في بولس، فقد انقطع عن الانبياء قبله، فكذبهم، لكنهم باقرارهم انبياء الله، فيكون تكذيب بولس لهم ابطال لنبوته بصحة نبوتهم. وظاهر انسلاخ بولس عنهم فهو الذي لعن المسيح ونعته بكل نقيصة قبل ان يدعي انه مرسل، وأما بعد ادعائه النبوة، وانه رسول المسيح، فقد عمم النقيصة بالمسيح وجعل اصل العبادة عند النصارى ان يكون المسيح ملعونا، فالمسيح لعنة، بل وان يُلعن كل انبياء الله السابقين، ويكون الناموس ذاته لعنة!. ولذا برأ الله المسيحَ من افتراء كتبة الكتاب بأنه قال على الانبياء قبله سراق ولصوص، بل أكد على تصديق المسيح عليه السلام بموسى عليه السلام؛ كما حكى الله ذلك عنه بقوله: " وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاة". وجعل الله شرط الايمان وركنه الركين الايمان بجميع انبياء الله ورسله السابقين.
3- صدق وتحقق النبوات والمعجزات، النبوة هي أصل المعجزة، فلا نبوة بلا معجزات، والمعجزات قد يُعلم بها ثبوت الصانع (اثبات الخالق) وصدق الرسول، معاً والمعجزة (آيات الله الكبرى) دليل على النبوة كما ان الكرامة (آيات الله الصغرى) دليل على صدق المتبع للنبوة الصادقة. إذن فآيات الأنبياء هي أدلة وبراهين على صدقهم، والدليل يستلزم المدلول عليه، وكما أن الحادث دليل على المحدِث؛ ويمتنع وجود حادث بلا محدِث، فكذلك المعجزة دليل على صدق النبوة، ويمتنع وجود المعجزة (الدليل) مع غياب صدق النبوة (المدلول). ومن شرط المعجزة أو الآية للأنبياء أن تكون خارقة للعادة ولا يقدر أحد على معارضتها، والإتيان بمثلها. ولا يكفي أن يقال ان تكون خارقاً للعادة، بل خارقة لعادة غير الأنبياء. فمتى عُرف أنّه يُوجد لغير الأنبياء بطلت دلالة الاعجاز. كما ان من معجزات النبي وخواص الانبياء: الإخبار عن الغيب، والإنباء به.
4- حقيقة الدعوى: حقيقة دعوى النبي هي التوحيد: دعوة الناس إلى عبادة الله وحده، وخلع عبادة ما سواه، وكل ما يوافق صريح العقل، فالعقول توجب الاقرار بالخالق، والإقرار برسله، لذا يجب ان يتضمن الأصل الأول الذي يدعو اليه ويصححه النبي: إثبات الصفات والتوحيد والقدر، والأصل الثاني يتضمن تفصيل الشرائع، والأمر والنهي والإباحة، وبيان ما يُحبّه الله وما يكرهه، والأصل الثالث يتضمن الإيمان باليوم الآخر، والجنة والنار، والثواب والعقاب. وكل ما سيق مدار المعرفة به على الرسل، فإن لم يبينه النبي او الرسول، فكيف يثبت صدق النبوة، وعلاما بُعِث إذن؟!
هل الكتب السابقة معجزة، أم لا ؟
من قال: إنها ليست بمعجزة، فإن أراد ليست معجزة من جهة اللفظ والنظم؛ كالقرآن، فهذا صحيح، لأنهم ضيعوا أصولها، وأما كون التوراة معجزة من حيث مافيها من معانٍ باقية، لما فيها من الإخبار عن الغيوب، أو الأمر والنهي. فهذا لا ريب فيه. وممّا يدلّ على أنّ كتب الأنبياء معجزة: أنّ فيها الإخبار بنبوّة محمدصلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث بمدة طويلة. وهذا لا يُمكن علمه بدون إعلام الله لهم.
تاسعا: هل تلقى النبي القرآن عن غيره؟
وكرر المستشرقون ما قيل ويُقال أن الرسول تلقى القرآن من عند غيره، مع اختلافهم في هذا الغير من يكون؟ وهم لم يُبدعوا ويأتوا بأي جديد في هذا، فكحيرة كل مكذب حتى في زمان النبي، لا يستطيع ان يرى تفسيرا، ولا يريد ان يقر بالوحي، " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)"
فتارة يقولون إنه:
1 - أخذه عمن أسلم من اليهود والنصارى.
2- وتارة يقولون عن عبيد فارسيين، او عن سلمان الفارسي، وتارة يقولون علمه قوم من اليهود!
3- الحداد الرومي: وكرر هذا المستشرق جوتيين، في كتابه دراسات في تاريخ الإسلام ونظمه، فيرد عليهم الله عز وجل " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)".
4 - بحيرا الراهب النصراني:
اولا: نبين للاحباب إن الراهب في تلك الحادثة لم يسم مطلقاً في الرواية الصحيحة، يعني ليس اسمه "بحيرا"، وتسمية الراهب بـ ( بحيرا ) إنما جاء في بعض الروايات الواهية ، في إحداها الواقدي وهو كذاب ، وفي الأخرى محمد بن إسحاق صاحب السيرة رواها بدون إسناد ، وهاتان الروايتان هما عمدة كل المؤرخين الذي سموه بهذا الاسم ، فلا يجوز اعتبارهما.
ثانيا وللرد نقول:
1- على المدعي البينة: فليخبرونا ما الذي سمعه محمد صلى الله عليه وسلم من الراهب ومتى كان ذلك وأين كان؟
2- ثم أن لقاء الراهب بالنبي كان وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاما، وكان لقاءا قصيرا محدودا، فطبيعة اللقاء تنفي أن يكون قد حصل تعلم لمحمد عليه السلام من الراهب؛ لأنه لقاء قصير عابر لا يكفى للدرس والتحصيل، وسن النبي إذ ذاك صغيرة لا تؤهِّله للتلقي، ولا توجد رواية تذكر ذلك التعليم، ثم إن اللقاء حضره عدد من رجال القافلة، فلم يذكروا شيئاً من ذلك، وقد كانوا أحرص الناس على إحباطها بعد إعلانها.
3- والرواية لا تقول اكثر من ان الراهب رأى علامات النبوة على ذلك الفتى، وأخبر عمه أبا طالب بأنه سيكون له شأن عظيم، فمن أين ابتدع المشكك بخياله الخصب أن يكون قد املاه هذا الدين كله؟، وهل يعقل أن بحيرا كلم هذا الطفل في ساعة من نهار بهذا الدين المتكامل الذي تعجز البشرية جمعاء أن تأتي بمثله، والذي تنزل على محمد على مدار 23 عاما؟ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
4- ولو تنزلنا وقلنا باحتمالية انه تعلم على يديه وتتلمذ فمتى كان هذا؟، عبر الانترنت مثلا؟ فالتاريخ لا يعرف أكثر من أنه سافر إلى الشام في تجارة إلا مرتين، مرة في طفولته ومرة في شبابه، ولم يسافر غير هاتين المرتين، ولم يجاوز سوق بصرى فيهما، ولم يسمع من الراهب ولا من غيره شيئا من الدين ولم يك أمره سرا هناك بل كان معه شاهد في المرة الأولى وهو عمه أبو طالب، وشاهد في الثانية وهو ميسرة غلام خديجة
الغريب ان بحيرى كان أسقفا شديد الايمان بالمسيح و الثالوث الاقدس و الخلاص ....الخ فهل يشرح لنا الجهابزة لماذا تآمر و لقن الرسول ما يهدم به عقائد المسيحية ؟ بحيرى ليس عربيا و لغته هى العبرية ، ألا يشرح لنا الجهابزة كيف ألف هذا الرجل اقوى كتاب لغوى فى التاريخ ، و بالمقارنة هل يمكن لشخص يابانى ان يؤلف كتابا أدبيا باللغة العربية أقوى من كل الادب الذى صاغه عمالقة الادب العربى ؟
قصة بحيرا الراهب مخطوط سريانى كُتب بلغة الانجيل أدعى فيه صاحب المخطوط ان بحيرا علم رسول الاسلام القرآن، وقام الدكتور اسماعيل على معتوق بدراسة المخطوط وأثبت أن المخطوط كُتب فى القرن الثانى عشر الميلادى ، وذلك لأن ماورد فى المخطوط من أحداث تصل إلى هذا التاريخ، كما أن مؤلفه غير معروف، وأثبت أن بحيرة لم يكتب شيئا ، وأثبت أن بحيرة لا يستطيع أن يمد النبى بشىء قل أو كثر لأن ثقافة بحيرة لا تؤهله لذلك من ناحية ولأن القرآن قد أعجز العرب أجمعين . انظر: قصة بحيرة الراهب السريانية ، رسالة دكتوراة مقدمة من اسماعيل على معتوق ، كلية الآداب جامعة القاهرة (فؤاد الأول سابقا) 1949م.
5 - ورقة بن نوفل القرشي
يدعون أن ورقة بن نوفل هو ملهم القرآن للرسول صلى الله عليه و سلم، وهذا ادعاء درمنغام ومونتغمري واط، وقد اخذاه عن راهب نصراني اسمه يوحنا الدمشقي جاء بعد النبي بمائتي عام واراد ان يطعن في نبوته فهو اول من قال انه تعلم من ورقة ومن بحيرى، نافيا مصدره الالهي، معتبرا الاسلام هرطقة مسيحية، طبعا من يقرأ كتاب يوحنا هذا يجد كم السذاجة التي كان عليها فقد كان يضع حوارا وهميا بين مسلم ومسيحي بغاية تعليم المسيحيين كيفية الرد على المسلمين، فتجد الحوارات سطحية ساذجة، يعني لو جئنا بمتدأ في الحوار اليوم مع النصارى، لهلهل امثال يوحنا هذا، وهذا ليس بمستغرب فحتى قساوستهم اليوم لا يوجد عندهم اي منطق في الحوار، بكل بساطة لانه دين اعتنق التناقضات العقلية، فطبيعي ان ينعكس هذا عليهم وعلى عقليتهم في حوار الاديان.
نعود الى ورقة ابن نوفل، وللرد:
1- على المدعي البينة: اين نصوص التقاءه بورقة والتعلم منه؟
2- اللقاء الوحيد الذي تم كان قصيرا وكان بعد الوحي وليس قبله، ولايوجد أي صلة سابقة بين محمد عليه السلام وورقة، فلو كانت هناك صلة سابقة كما زعم (واط) من غير دليل؛ لتبادرت إلى ذهن الرسول لسؤاله عما حدث له، حتى إنَّ فكرة الاتصال به لم تطرأ على بال النبي، بل كانت الفكرة من اقتراح زوجتهـ فمن رتب اللقاء هي السيدة خديجة زوج النبي رضي الله عنها، وفي هذا اللقاء لم يكن يعرف ورقة اي شيء عن ماحدث للنبي في الغار، وانما حكوا له ما حصل، لعلهم يجدون عنده تفسيرا، و لم يثبت لقائه معه في غير ذلك، ولو كان ورقة هو معلمه لقال له عند إدعائه النبوة : " يمكنك أن تقول هذا وتضحك به على أي أحد غيري" ، ولفضحه عند زوجته خديجة والمقربين منه ، وكل هذا لم يحدث ، بل أن ورقة تمنى أن لو كان شابا ليساعده، ولما سمع ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم آمن به وشهد.
3- ثم لم يذكروا لنا كيف فعل ذلك ورقة وعلّم النبي وهو ميت؟!، لم يعاصر ورقة التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم على مدى 23 سنة من نزوله إذ انه قد توفي في أول البعثة، " فأجابه ورقه : هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جذعا إذ يخرجك قومك قال أَوَ مُخرِجِيَّ هم قال نعم ما أتى أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذي ، وان يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً. ثم لم يلبث ورقة أن توفي .." ، كيف كتب الآيات طيلة العشر سنوات إذن في مكة او العشر سنوات في المدينة، وكيف علم بالغيب ما سيحدث ورتب لها الايات ونزلها لمحمد - وورقة ميت والاحداث لم تحدث- المهم انه عند اهل الضلال أنه كتبها له قبل حدوث الاحداث بعشرين عاما، فهذا من السخف والضلال.
4- ثم ان كان ورقة يعلمه، فكيف يعلمه ما يناقض دينه ونصرانيته، روى البخارى فى صحيحه بخصوص ورقة بن نوفل : ” كان امرأً تنصر فى الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبرانى ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمى ”.
بل الظاهر من النصوص ان كل الارهاصات كانت تنتظر نبيا يأتي من العرب، وقد كان من العرب ممن ينتظر هذا النبي: ورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو بن نفيل، حتى انهما ارادا ان يلتمسا دينا يعبدوا الله عليه، فتنصّر ورقة ، وقيل لهم إنه يوشك أن يظهر الذى تطلبون فى أرضكم "، حتى اليهود كانوا ينتظرون هذا النبي في المدينة لان هذا النص لايزال مذكورا عندهم في كتبهم، وإن كانوا يرون انه سيظهر في العرب ولكن لا يكون عربيا بل سيكون يهوديا منهم.
4 - تلقاه من اليهود والنصارى: وهذا قول جولد زيهر، و كارل بروكلمان، وغوستاف لوبون، وكثير من المستشرقين ومنهم كذلك: دانييل، وس. جويتين، وأديسون، وتايلور، وجورج سيل. وعليه يجب ان لا يكون أميا، ولذا يحاولون بشتى الطرق نفي الامية عنه، وممن نفاها الفريد جيوم و مونتغمري واط. وقدر ردوا على بعضهم البعض، وممن رد عليهم من المستشرقين واكد أمية محمد صلى الله علسيه وسلم توماس كارلايل و المستشرق الكونت هنري، والمستشرق الإنجليزي لايتنر، وهنري كاستنر.
عاشرا: الالزام الالهي
قال تعالى: " كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ" أي: يوحي الله اليك مثل ما اوحى الى الذين من قبلك، مثلية الوحي هذه في جنسه وموضوعه والغرض منه؛ لأنه خاتمهم المكمل لهدايتهم. وهذه الاية نظير قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، ومنه قوله تعالى: "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا " المقصود بيان أن أهل الكتاب عندهم ما يصدقك ، فيما كذبك فيه الكافرون ، كما في قوله تعالى : ( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ، وقوله سبحانه : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) ) ، وقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) إلى أمثال ذلك من الآيات التي تدل على أن المقصود بيان أن أهل الكتاب عندهم ما يصدق محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيما كذبه فيه المشركون من الدعوة إلى التوحيد ، وفي أن الرسل إلى البشر من البشر ، وفيما ينتابه من الوحي وغير ذلِك، كما هي سنة الله تعالى الحكيمة .
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
وهذه الآية من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وليس في الآية ما يدل على وقوع الشك ولا السؤال أصلا ، فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط ، بل ولا على إمكانه ، تعليق الحكم بالشرط لا يستلزم تحقق الشرط ووجوده ؛ إذ قد يتعلق الحكم بشرط ممتنع، كما قال تعالى : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) الأنبياء/ 22 ، وقوله : ( قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ) الإسراء/ 42 ، وقوله : ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) الزخرف/ 81 ، وقوله : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ) وقوله سبحانه : ( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ، فأخبر سبحانه بأن هؤلاء الأنبياء لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ، مع انتفاء الشرك عنهم ، بل مع امتناعه منهم ؛ لأنهم قد ماتوا على التوحيد ، ولأنهم معصومون من الشرك . ، ونظائره ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشك ولم يسأل ...
فإن قيل : فإذا لم يكن واقعا ولا ممكنا ، فما مقصود الخطاب والمراد به ؟ قيل : المقصود به : إقامة الحجة على منكري النبوات والتوحيد ، وأنهم مُقِرُّون بذلك لا يجحدونه ولا ينكرونه ، وأن الله سبحانه أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه بذلك ، وأرسل ملائكته إلى أنبيائه بوحيه وكلامه ، فمن شك في ذلك ، فليسأل أهل الكتاب ، فأخرج هذا المعنى في أوجز عبارة ، وأدلها على المقصود ، بأن جعل الخطاب لرسوله الذي لم يشك قط ، ولم يسأل قط ، ولا عرض له ما يقتضي ذلك . وأنت إذا تأملت هذا الخطاب بدا لك على صفحاته : من شك فليسأل ، فرسولي لم يشك ولم يسأل "
الحادي عشر: ارهاصات الوحي النبوي عند اهل الكتاب
سفر التكوين الإصحاح 17 : 20: وأَمَّا إِسْماعيلُ فقَد سَمِعتُ قَولَكَ فيه. وهاءَنَذا أُبارِكُه وأُنْميه وأُكَثِّرُه جِدًّا جِدًّا، ويَلدُ اَثنَي عَشَرَ رَئيسًا، وأَجعَلُه أُمَّةً عظيمة سفر التكوين 13 :21 "وابن الجارية ايضا ساجعله امة لانه نسلك" Dt:18:18 اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به. وإخوة بني إسحاق هم بني إسماعيل ولا شك ...ناهيك أنه بالتواتر عرف أن إسماعيل عاش بمكة والكتاب المقدس يقول أن Gen 21:21 وسكن (إسماعيل) في برية فاران. وقرأ أن النبي سيكون من فاران أي جبال مكة Dt:33:2 فقال.جاء الرب من سيناء واشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. ورغم تدليس النصارى واليهود منذ النبي حتى الآن يقول قاموس Strong's Hebrew Bible Dictionary ان فاران في صحراء العرب: " Paran, a desert of Arabia".
في سفر أشعياء الإصحاح (21) الأعداد (13 - 16):"وحيٌ من جهة بلاد العرب: في الوعر في بلاد العرب تبيتِين، يا قوافل الددانيِّين، لاقوا العطشان بالماء، يا سُكَّان تيماء، وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب، فإنه هكذا قال لي السيِّد: في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قِيدار".
42: 1 هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم. 42: 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. 42: 3 قصبة مرضوضة لا يُقصف وفتيلة خامدة لا يطفأ، إلى الأمان يخرج الحق. 42:4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته"، والجزائر ليست دولة الجزائر بل كل الارض، كل الارض اليايسة التي تحيط بها المياة.
ويقول تعالى : " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157). فطبيعي ان يعلم ورقة واليهود والنصارى وبحيرى الراهب، واي اسم يودون وضعه، طبيعي ان يعلموا جميعا ان هناك نبي آت، من بلاد العرب من نسل اسماعيل، من بين الاميين، ان هذا النبي سيأتيه الناموس وهو لا يعرف القراءة ويلقى عليه في فمه، كما في سفر اشعياء (29 : 12). هذا نصها ( او يدفع الكتاب لمن لايعرف الكتابة ويقال اقرأ هذا , فيقول لا اعرف الكتابة )، واكمال النبوءة : "واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه". وماذا عنه أيضا: من صفات النبي القادم أن يكون بين كتفيه خاتم النبوة، وهذا كان مشهورا بين كل النصارى في الشام .. اشعياء9 : 6-7 .."لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه" مرة اخرى طبيعي ان يعلم ورقة واليهود والنصارى وبحيرى الراهب، واي اسم يودون وضعه، لماذا قد يتفحص الراهب الصبي محمد –صلى الله عليه وسلم- فوجد خاتم النبوة
بل وهو النبي المنتظر بعد المسيح الذي قال عنه المسيح "لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي (الباركليتيوس-الشفيع). ولكن ان ذهبت ارسله اليكم." (يو 16 : 7)، وفيه (16/13-14): (متى جاء هو أي روح الحق أرشدكم إلى الحق كله لأنه لا يتكلم من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما سيحدث، سيمجدني لأنه يأخذ مما لي ويطلعكم عليه). - وفيه (14/25-27): ( قلت لكم هذه الأشياء وأنا مقيم عندكم ولكن المؤيد .. هو يعلمكم جميع الأشياء، ويذكركم جميع ما قلته لكم ).
قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره،" (متى 21/33 - 45)،
وقال لهم ايضا كما جاء في انجيل متى: " 34 يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء و راجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا35 هوذا بيتكم يترك لكم خرابا و الحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب" لكن متى ولوقا نقلا هذه النبوءة عن كتاب سابق لهما كما قال لوقا قبلها: "تقول حكمة الله"، وحين نقل كلاهما النبوءة، فانهما لم يكملاها وحذفوا المكان الذي سيظهر منه هذا الاتي باسم الرب، لكن اليهود والنصارى الذين امنوا بكتاب عزرا الرابِع IV Ezra أو رؤْيا عِزْرا عندهم مكتوب فيها هذه النبوءة كذلك، لكن فيها التفصيل الذي حذفه متى ولوقا.
وقال عنه اليهود معددين ثلاث أشخاص ليوحنا المعمدان Jn:1:19 وهذه هي شهادة يوحنا حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من انت. 20 فاعترف ولم ينكر واقرّ " اني لست انا المسيح.21 فسألوه اذا ماذا.ايليا انت.فقال لست انا.النبي انت.فاجاب لا.22 فقالوا له من انت لنعطي جوابا للذين ارسلونا.ماذا تقول عن نفسك.23 قال انا صوت صارخ في البرية قوّموا طريق الرب كما قال اشعياء النبي.24 وكان المرسلون من الفريسيين.25 فسألوه وقالوا له فما بالك تعمّد ان كنت لست المسيح ولا ايليا ولا النبي.
(وانظر لوقا 20/9 - 19)،وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتاً، فأحسنها وأجملها وأكملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون: ألا وضعت هاهنا لبنة، فيتم بنيانك، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: فكنت أنا اللبنة" (رواه البخاري ح3535، ومسلم ح2286)، إنه الحجر الذي تمت به النبوات.ومن يا ترى تكون الأمة العظيمة التي أعطيت لها هذه الرسالة ، ومن بعد أمة عيسى عليه السلام تحملت الوحي وعبدت الله وحده دون سواه ، إنها أمة الإسلام .
وأخيرا وبعد سوق هذه الارهاصات والادلة ولم اطل فيها، فإن أكبر دليل ينكر ان يكون محمد صلى الله عليه وسلم قد تلقى هذا القرآن من احد من اهل الكتاب ، هو هذا التواطؤ الغيبي ببشارات الانبياء قبله، مع عجزهم عن الاتيان بالدليل، فمصادرنا مفتوحة للجميع.
وكون النبي يتعلم من غيره اذا تنزلنا –فرضا- فهذا لا يطعن في نبوته، والا فبنفس الكأس انت تطعن في نبوة المسيح عندك، لانك اتهكمت محمد النبي الامي الذي لا يقرأ ولا يكتب بانه تعلم من الرهبان والقساوسة واليهود والنصارى، وكل ما سبق بلا دليل او برهان الا خيالك الخصب وامنياتك السعيدة، لكن عندنا نحن الدليل على ان المسيح لما تاه من أمه وأبوه وجدوه يتعلم في الهيكل (لوقا إصحاح 2 ): “ولما لم يجداه رجعا الى اورشليم يطلبانه. وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته. فلما ابصراه اندهشا.وقالت له امه يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا.هوذا ابوك وانا كنا نطلبك معذبين.”(لو 2:44-48
وماسبق هي أمثلة بسيطة .. والا فغيرها الكثير والكثير جدا الذي يجب على كل داعية ان يلم به، في اثبات تحقيق النبي محمد لنبوة الانبياء قبله، فان كان دليل واحد صدفة او خمسة صدفة، فهل عشرين وخمسين ومائة صدفة؟، وكأنهم كلهم تواطؤوا ان يتحدثوا عن محمد؟
والحمدلله رب العالمين.
