بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلي آله وصحبه ومن تبعه بإحسان وسار علي هديه وانتهج بسنته وبعد:-
فإنا قد ذكرنا في المحاضرة الماضية منهجية العمل وطريقة التعامل مع هذه المادة، وكيف يجب علي المسلم دراستها، وذكرنا ما أساليب التحريف في نصوص الألوهية التي يستدلوا بها من الكتاب المقدس، وأول ما رددنا كان ردنا علي نص (عمانؤيل) الذي استدلوا به من سفر أشعياء ونقدنا هذا النص من ستة أوجه.
وما عزمت عليه أنا هو جعل هذه المحاضرة كاملة إن شاء الله هي رد علي مثل هذا النص، لننقد لاهوت المسيح عند النصارى بشكل عام بجميع طوائفهم فسواء كان كاثوليكي أو بروتستانتي أو أرثوذكسي فهم يستدلوا بالكتاب علي لاهوت المسيح، ثم في المحاضرات القادمة، نصعد إن شاء الله إلي عصر المجامع وكيف ولما انقسمت فرق النصارى، ونقد كل فرقة من الفرق بمعتقدها الخاص بها، أنا أحاول قدر المستطاع أن أرقق الكلام لكي لا يصعب علي الطلبة المبتدئين فلا يظن الشباب الذين أخذوا بعض الشئ عن المادة أنها سهلة، فلم ندخل في الثقيل بعد.
نكمل اليوم في نقد النصوص وقد اتفقنا من المحاضرة السابقة أن النصوص التي سنتعرض لها وتواجهنا سيكون بها أحد أو كل أو اثنان دون الأخري من هذه 👇
هذا بشكل عام ,ولكن توجد نصوص بها مغالطات غير هذه المغالطات ,مثل المغالطات المنطقية واللاهوتية وغيرها
، وأول ما نستفتح نأخذ نص يوحنا 1:1الذي عند النصاري هو دليل مرجعي لكل من أراد الإستدلال بألوهية الكلمة، ولننظر هل هو دليل علي تأليه المسيح عليه السلام حقا، أم أنه مجرد هرااء لا غير!
ذكر يوحنا قائلا :-(فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.)
هذا النص الذي يشير إليه النصاري علي أنه دليل في ألوهية المسيح أنا ليس عندي أدني شك أنه أكثر نص به مغالطات وتحريفات من ضمن نصوص الألوهية المزعومة،
1:-به مغالطة من حيث الإستدلال الرسولي
2:-مغالطة من حيث كينونة النص
3:-تحريف في لفظ النص
4:-تحريف في معني النص
أولا :نقول أن يوحنا عندما اقتبس هذه الفكرة لم يكن أول مبتكر لها لا لا، بل نقلها بتصرف، وكان النقل وللأسف من فيلسوف يسمى (فيلو) هذا الفيلسوف كانت أفكاره عبارة عن تأرجح بين الفلسفة واللاهوت وتركيب النظريات علي اللاهوت مثل نظرية( العقل الإلهي)، التي ظهرت جدا في زمن أفلوطين عندما وضع نظرية( الفيض).
وهذا ما نقله ول ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) الجزءالحادي عشر من الصفحة105
ومنها يعني أن يوحنا كان مجرد ناقل ليس إلا، وهذا ما حصل لآباء النصارى قبل وبعد نيقية، فكل نظرية فلسفية تتعلق بفلسفة الإلوهية، نجد تركيب للاهوت النصراني واحتضان لها من النصاري بإختلاف أنواعهم وهذا ما سندرسه مستقبلا إن شاء الله عند التعرض لفكر آباء ما قبل نيقية والتطور العقدي.
ثانيا :-المغالطة الواقعة في كينونة النص هو لو افترضنا أن يوحنا كان يكتب بوحي إلهي وأنه غريب زمانه وجليس مكانه الرجل الوحيد الذي أورد ذلك في الأناجيل، فهل ما دونه يعد فكرا صحيحا؟
نقول لا حيث ذكر في الكتاب المقدس {"اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ.* بِذَاتِي أَقْسَمْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ كَلِمَةٌ لاَ تَرْجعُ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ.* قَالَ لِي: إِنَّمَا بِالرَّبِّ الْبِرُّ وَالْقُوَّةُ. إِلَيْهِ يَأْتِي، وَيَخْزَى جَمِيعُ الْمُغْتَاظِينَ عَلَيْهِ. (إش45: 22-24)، وهذا دليل علي كلية الكمال والإرادة لله تبارك وتعالي،وفي ذات الوقت يقول (في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله) فما حال الآب عندما تجسدت الكلمة في اقنوم الإبن المولود من العذراء؟ هل ظل بدون كلمة؟؟
كيف لرب كامل وفي نفس الوقت ناقص من كلمته؟!!
فلو قلنا أن الآب كان في السماء متحدا بكلمته في الأرض فهذا يعني هراء، فكيف لعقل أت يستوعب النص بعد هذا الفهم
(في البدء كان الله والله كان عند الله وكان الله الله؟؟)
هذا عبث واضح لو طبقنا الفهم علي النص
فالآن المخاطب النصراني بين المطرقة والسندان، إما أن يكون الآب في فترة احتاج ونقص من كلمته ، إما أن نقول النص عبطي لا معني له.
طيب لو افترضنا بأن النص هذه هيئته الحقيقية فأي كلمة لله كان يسوع؟
حيث ذكر أن للآب أكثر من كلمة ليست كلمة واحدة
مثلا مثلا :-( اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلاً: ٢ «قِفْ فِي بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ وَنَادِ هُنَاكَ بِهذِهِ الْكَلِمَةِ وَقُلْ: اِسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ يَهُوذَا الدَّاخِلِينَ فِي هذِهِ الأَبْوَابِ لِتَسْجُدُوا لِلرَّبِّ. (إرميا ٧: ١، ٢))
هل تلك الكلمة التي صارت إلي إرميا من الرب هي أيضا يطبق عليها ما يطبق على يسوع حيث أن يسوع هو أيضا كلمة!؟
لو قلنا أنها ليست هذه مثل تلك، إذا نقول أن الكامل يصدر منه ناقص؟ كيف ذلك؟
إن الكامل لا يكون من ذاته إلا كامل، وإلا نقول أن يسوع كان مجرد كلمة تحتوي علي الأزلية والإله متعدد الأقانيم،،
ثالثا:-التحريف الواقع في لفظ النص، حيث أن النص ليس علي صورته الحالية التي تقرأ عليه من الفانديك وKing gams وغيرها من نسخ وتراجم النص المستلم،
بل من خلال الرجوع للمخطوطات نجد أن النص هو (وإلها كان الكلمة) وليس (وكان الكلمة الله)
فما الفرق في اللفظ بينهم أولا؟
الصورة أمامكم توضح الفرق الجلي بينهم حيث الله تأتي معرفة وإله تأتي نكرة
Θεός / του θεος
نستعرض المخطوطة السينائية أولا، وهي أول مخطوطة تجمع العهد الجديد كامل ولها أهمية كبيرة وسط المخطوطات نجد النص فيها نكرة غير معرف
هذا تفريغ نص المخطوطة من الموقع الرسمي
وكذلك أوردته النسخ النقدية مثل نستل الآلند 28
كما هي أمامكم
ليكون النص وإلها كان الكلمة وليس والله، وعلي هذا كانت أكثر من 25 مخطوطة عربية تقول بأن النص هو(إله)
موجودات في المنتدي قد جمع الدكتور حسام أبو البخاري من قبل منهم ما فوق ال30 مثلا مخطوطة (سيناء 75) ترجع للقرن التاسع
رابعا:-تحريف معني النص، هنا نقول أن هذا النص بعد تحريفه من معرف لنكرة نجد أنه تم الاستدلال به من لدن النصارى ليثبتوا الوهية المسيح المزعومة، فالنص لو بقي إله كما هو لما دل علي الإلوهية أبدا، حيث ذكر هذا اللفظ علي غير الله في الكتاب المقدس جليا
منهم موسي عليه السلام (وَهُوَ هارون يُكَلِّمُ الشَّعْبَ عَنْكَ (يا موسي). وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَماً وَأَنْتَ تَكُونُ لَهُ #إِلَهاً. سفر الخروج 4: 16)
والملائكة أيضا :-(( الله قائم في مجمع الله، في وسط الآلهة يقضي.. (إلى قوله) : أنا قلت إنكم آلهة و بنو العلي كلكم لكن مثل الناس تموتون و كأحد الرؤساء تسقطون )) [ المزامير: 82 / 1، 6 ـ 7.]
فكلمة إله مستصاغة لغير ذات الله تبارك وتعالي بل ذكر بها ابليس وهيردوس وغيره وغيره
ولو كنت تناقش أرثوذكسي واستدل أمامك بهذا النص تستطيع اخراجه من الحوار محروم كنسي حيث لو قلنا أن اللفظ هو الله وليس إله لما فرقنا بتاتا بين الكلمة والله، ولانتهت الأقانيم وعقيدتها ولرجعنا لهرطقة سابليوس وهي أن الآب هو نفسه الإبن هو نفسه الروح القدس لكن لما كان في السماء مع الملائكة هو الآب ، ولما كان في الأرض يصلب هو الإبن ولما كان يعزي كان الروح القدس وهذا ما أقره الآب متي المسكين (أول من أدخل النقد النصي للكنيسة الأرثوذكسية)
___________
في هذه المحاضرة سنحاول جاهدين تغطية الرد على النصوص المستدل بها علي الألوهية بشكل كبير، وإن كان ما سأهتم به هو النصوص الشائعة والتي أستطيع تأصيل الطالب بها للرد من بعد ذلك علي أي نص يقابله بلا إعاقات.
وبهذا نقول أن هذا هذه المحاضرة انتهت والحمد لله وإلي اللقاء في المحاضرة القادمة.
والسلام ختام
تعليق