بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله منذ أيام قليلة يتداول بعض الدعاة والعلماء الأفاضل فيديوهات على يوتيوب تحت مسمى تحدي الإسلام، فكرتها انه يطلب من كل داعية أن يُقدم في سبع دقائق أدلة على صحه الإسلام، ثم ينقل التحدي لبعض الأصدقاء. موخرا نقل الدكتور الفاضل منقذ السقار هذا التحدي للعبد الفقير وأنا أقبله شاكراً لثقته; لكن قررت أن اجعل التحدي للملحدين أنفسهم وأن لا أنقله لأحد من الإخوة فربما البعض ليس لديه الوقت لمواصلة التحدي ولا أريد إحراج أحد.
أقول مستعينا بالله:
1- اني مهما عددت من أدلة وبراهين منطقيه وعقليه وعلميه وتاريخيه على صدق نبوة محمد فالذي ينكر أو يشك أو يقول إنه لا أدري سيظل مستعداً للرد بأنها أدله غير كافيه لأنه ببساطه يفككها، يطعن في كل واحدة منها على حداه، على إعتبار أنه ليس من المستحيل مثلاً أن يؤلف أحدهم كتاباً بليغاً و لا أن يكون هناك قيادي زاهد في حياته، وعلى أخلاق عاليه ثم يدعي النبوة كذباً أو توهماً، ولا أن تكون كل التفاصيل الدامغة من سيرته التي وصلتنا بالنقل جيلا عن جيل على مدى 14 قرن تعرضت للتزوير. بحسب هذا المقياس لن تبقى هناك أي حقيقة تاريخية! .. لن يصدق الملحد إذاً أن ملك بابل حمورابي وضع شريعة من 282 ماده بالتحديد قبل الميلاد بحوالي 1700 سنه ولن يصدق أن قوات رمسيس الثاني مثلاً جاءت من مصر إلى سورية لتواجه الحثيين بمدينة قادش قبل الميلاد ب-1274 سنه تحديدًا، ولن يصدق أن الاسكنر الأكبر فتح فارس في عام 335 قبل الميلاد، بل لن يصدق أن المنحوتات المتبقيه لدينا تمثل فعلاً وجوه فلاسفة الإغريق و أباطرة الرومان. لكن الغريب والعجيب أن المحلد والشكاك واللا أدري يصدق غالباً تلك المعطيات ويعتبر أنها معلومات أكاديميه علمية محترمة!!.
2- الملحد لا يتساءَل لماذا لم يُفلت أي كتاب أو حتى روايةٍ شفهيه من أعداء محمد تكشف كذبه أو حتى تقدم صورة مغايره لشخصيته!! بل كيف تواطأ آلاف الناس الذين عاصروه على أن ينقلوا إلى الأجيال التاليه صورة في غاية الجمال لأخلاق هذا الرجل!! كان هناك منافقون في عصره ثم تكاثر الزنادقة بعد الفتوحات وظهرت طوائف وملل تنخر في الإسلام من الداخل لماذا قدموا تأويلات محرفة باطنية للدين ولم يقدموا تاريخاً آخر لمُحمدـ؟ لماذا ظلت صورته منزهة في كل مصادر التاريخ التي تملأ ملايين الصفحات فهي أغزر سيرة ذاتيه في التاريخ البشري كله!
3- في أوروبا المسيحيه كان الكتاب المقدس مكتوبا بلغات أخرى والشعب معظمه أمي، والنص غير متداول ولما طبع لأول مرة في منتصف القرن السادس عشر بدأ الباحثون بإكتشاف تناقضاته العجيبة، حتى صار الإلحاد شائعاً خلال الأجيال التالية !! حسنا لماذا لم يتحول الإلحاد إلى ظاهرة في العالم الإسلامي طوال 14 قرن- لم يظهر إلا في السنوات الأخيرة وتحت ضغط خارجي وفي ظل إنهيار حضاري للمسلمين وليس بفعل مراجعات داخلية كما حدث في أوروبا؟! لماذا كان القرآن يحفظه ملايين الناس العاديين ولم يكن مخفياً ولم تنجح أي محاولة لتغيير كلمه أو حرف فيه فكل قراءاته مدونه ومنقوله بالإجماع وبالسند المتصل حتى اليوم إلى النبي نفسه!! ولم يظهر عالم أو فيلسوف واحد له وزنه ليؤلف كتابًا معتبرًا بنقد القرآن وكشف تناقضاته!! طوال هذا التاريخ في أوروبا بدأ الفلاسفه بنقد الكتاب المقدس فوراً بعد طباعته أما في التاريخ الإسلامي فلدينا أطنان من الكتب التي وضعت في تفسير القرآن والكشف عن معجزاته البلاغيه والنحويه و التعرف على قصص أمم سابقة بل واستنباط الأحكام الشرعيه منه وأصول الفقه وحتى ضوابط المعرفه
4- كيف تمكن رجل واحد من تأليف هذا الكتاب الضخم وهو ليس قصيدة ولا نصا ابداعياً صغيرا ودون أن يمسك عليه النقاد الادبيون والتاريخيون خطأ واحدا طوال هذه القرون وحتى دون أن نكتشف تناقضاً علمياً تجريبيا في العصر الحديث كيف إستطاع محمد أن يجمع قصص الأمم السابقة وهو أمي؟ من علمه؟ أين هي اللجنه التي كانت تجمع له وتصحح وتنقح ثم تقدم النص النهائي للناس والذي لا يقبل التراجع؟ بالمناسبه نسخ بعض الأيات لم يكن تراجعا بل تعديل لأحكام شرعيه متغيرة بتغير الظروف وإذا كانت هناك لجنه بالفعل، فلماذا كانت بهذه البراعة التي لم تكن لدى كتبة الكتاب المقدس؟ لماذا كانت كاملة المواصفات؟ بينما لدينا الآن تناقضات هائلة تركها أحبار بني إسرائيل لما أعادو كتابة التوراة على طريقتهم الخاصة كيف نجح محمد أو اللجنه التي ساعدته إن وجدت في وضع تشريع أخلاقي وإجتماعي وسياسي متكامل؟ كيف صاغوا قوانين الزواج والطلاق وأحكام الحرب والحدود والكفارات ومقادير الزكاة وحسابات المواريث المعقده؟ كيف كان ينجح محمد بتقديم هذه الدساتير من أول مرة ولا يخطئ فيها؟ لماذا لم يستطع مؤسس الديانه البهائيه مثلاً الذي ادعى النبوه أن يقدم شيئاً مماثلاً؟ بل كانت شريعته مليئة بالأخطاء والهفوات بالرغم من الدعم البريطاني الذي كان ورائه!!
5- كيف كانت تأتي إلى محمد بصفته قائداً سياسياً وعسكرياً وقاضياً حالات مفاجئة فينزل عليه الوحي ويعط الجواب أو الحل في وقته ويكون حلاً مثالياً !! ثم إذا كان مدعياً أنه إنسان خارق كما يفعل أدعياء النبوه والإتصال بالكائنات الخارقه والوعي الكوني فلماذا كان أحيانا يقول أنه ليس لديه جواب وعليه أن ينتظر لماذا كان يتواضع بالاعتراف بأن الوحي لا يأته على هواه بل لا ينقذه حتى في بعض المواقف الشخصيه المحرجه حتى تأخر شهراً في تبرئة زوجته عائشه من تهمه كانت تطعن في عرضه وهو ساكت
6- كيف تحققت الكثير من النبوءات المستقبليه الذي ذكرها النبي؟ سواء في القرآن أو في كلامه إلى أصحابه نقلاً عن الوحي قصة إنتصار الروم مثلاً في بضع سنين وهي مدة محددة وقصيرة وليست مفتوحة وكانت التوقعات السياسيه آنذاك تشير إلى العكس تماماً وقصص لا تحصى تحققت في حياة النبي ثم في عصر الصحابة؟ هل انصاره الفوا هذه القصص بعد ما حدثت ليزعموا أنه نبي؟! طيب كيف نقل لنا حديث عن قتال قوم صغار الأعين ذلف الأنوف ثم قاتل المسلمون المغول بعد 600 سنه من وفاة النبي كيف تحققت الكثير من علامات الساعة الصغرى في عصرنا الحالي ومنها تطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان وأمثله أخرى لا يتسع لها الوقت، السوأل الأهم هنا لماذا لم تكذب نبوءة واحدة من كل هذه النبوءات لماذا اخطا نوستراداموس مثلاً وكل العرافين طوال التاريخ بما فيهم أدعياء حركة العصر الجديد المنتشرة حالياً في الغرب لماذا تنبوءاتهم دائماً غامضه ومفتوحة الإحتمالات وتحتمل التأويلات ومع ذلك يظهر كذبها وتناقضها بينما لم تفشل نبوءة واحدة لمحمد؟؟
7- لماذا أيضاً كان يعرض نفسه لمخالطة الناس كل يوم بدلاً من الإختفاء ووضع الحجاب والحرس حتى لا ينفضح في المعاملات اليوميه أو في أي تصرف عابر هل هنالك مدعي واحد يستطيع أن يخدع حشوداً من الناس بهذه الطريقة أنا راجعت سيرة حياة كثير من الأدعياء المعاصرين خصوصاً الهنود أوشو مثلاً كانت قريته في أمريكا حافلة بالجنس والمخدرات وكان لديه أسطول من سيارات رولس رويس بيكرام مثلاً الذي هاجر من الهند لأمريكا وأسس امبراطوريه من مدارس اليوغا قدم نفسه للاعلام على أنه أكثر الناس نقاء وطهارة حسب تعبيره هو، ولما كان الصحفيون يسألونه لماذا يعيش في ترف كان يقول هذا هو نمط الحياة المعتاد أصلاً في بيفرلي هيلز - وهي المكان الذي يعيش فيه نجوم هوليوود -و في النهاية انكشفت فضائح تحرشه وإغتصابه لعشرات النساء وهرب من أمريكا قبل أن يحاكموه لماذا لم يستطع هولاء تحقيق التوازن بالرغم من شعارات الطهارة والزهد التي يرفعونها لماذا كانو فاسدين ولم يصمدوا أمام إغراءت السلطة و النفوذ و النساء و الترف؟ لماذا كان بينهم وبين عامة الناس حجاب؟ لماذا حتى كانو في طريقة كلامهم وسلوكهم أمام الناس يتصنعون القداسه ولا يتصرفون على طبيعتهم؟ بالمقابل قالت عائشه كنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لنمكث شهراً ما نوقد فيه بنار ما هو إلا التمر والماء وأحاديث زهد النبي تحتاج لوحدها أكثر من سبع دقائق وهو كان لديه دخل مستقل من الغنائم والفيء وكان بإمكانه فعلاً أن يعيش حياة أفضل على الأقل مثل حياتنا نحن في الطبقة الوسطى حتى لو كان يرفض حياة الملوك لكنه لم يفعل بل كان لا يترك مالاً في بيته وينفقه بمجرد أن يصل إليه لم يغير شيئا في نمط حياته منذ أن كان مضطهداً في مكة إلى أن أصبح قائد دوله في المدينه المنورة!!
8- هل كان من المنطق لرجل يريد أن يسود قومه في قريش المتخلفة، الوثنية أن يأتي بدين مختلف جذرياً ويطالب الناس بقلب كل نظام حياتهم السياسي والإقتصادي؟ تعالو نفترض أن كل التاريخ الذي نقله لنا الصحابه عن معاناته في مكة مبالغ فيه، بأي منطق دنيوي يمكن أن نفهم صموده 13 سنه في مكة وهو يتعرض للتضييق والتكذيب ولم يؤمن به إلا العشرات من يثرب وأعداد قليلة من قبائل أخرى؟! ألم يكن من الأولى له أن يقدم طريقه أخرى ليسيطر على الناس؟ - هذا على فرض أننا لن نصدق قصة أن قريش عرضت عليه السلطة أصلاً مقابل التخلي عن دعوته - كل الموشرات كانت تدل على أنهم سيقتلوه أو يقضوا على دعوته طوال هذه السنوات فلماذا كان يخاطر إذا؟ 13 سنه بدون أي مؤشر على أي فرج قريب فضلاً على أن يصبح صاحب سلطة و مؤسس دولة. لماذا كان يتحمل أذى صناديد قريش شبه اليومي ولم يفقد أعصابه مرة واحدة؟!! على الأقل كبار الفلاسفه الذين جاءتنا سيرتهم من الإغريق والتي كتبها مؤيدوهم و محبوهم أصلاً قدموا لنا مواقف بشريه عاديه لهولاء العظماء لماذا محمد مختلف؟
9- كيف كان يجمع بين قمة التواضع وقمة الثبات وقوة الشخصيه؟ حتى بعد هجرته وتحوله إلى صاحب سلطة ولديه جيش وأتباع يقدسونه لماذا لم يتغير؟ لماذا لم يكن يخرج عن طوره لما يتعرض لمواقف غير مؤدبه من بعض الجهله مثلاً لما هجم عليه أعرابي بدون مقدمات وهو بين أصحابه وشده من بردته حتى أثرت على رقبته وقال له مُر لي من مال الله الذي عندك، فضحك النبي وأمر له بعطاء والوقت لا يسمح لتكرار المواقف المماثله وفي كل منها كان في غاية الأدب. كيف لم يفقد أعصابه أمام الناس ولو مرة واحده؟ نحن اليوم لو إشتهر واحد منا ومهما ألزم نفسه بالتواضع سيغضب من بعض تصرفات المعجبين وخصوصا السفهاء والحمقى كيف كان محمد في غاية السماحه؟ كيف كان يوازن بين قيادة أمة وبين ممازحة الأطفال والإجابه على اسئلة الجواري والعجائز والتواضع للفقراء والإهتمام بأدق تفاصيل كل الناس من حوله؟!
10- هل هذه كلها أكاذيب ومبالغات وضعها محبوه من بعده؟! حسنا هل هنالك حضارة واحده انجزت قواعد لنقد وتمحيص الأحاديث كما فعل المسلمون؟ كل ما ما لدينا من سيرة محمد تم تمحيصها بنفس الطريقة وهي طريقة مكشوفة يمكن لكل مستشرق أو باحث محايد أن يدرسها وينقدها!!. معظم المستشرقين الكبار الذين لم يدخلوا الإسلام أصلاً أقروا بكل هذه الصفات العظيمه والمفارقه للعاده لشخصية محمد لكن الإقتناع بالإسلام يحتاج لإرادة، للنظر في كل هذه التفاصيل معاً ووضعها كلها في قالب واحد ثم إضافة انجازات الصحابه التي لا تحصى و انقلابهم من مشركين معربدين إلى ما يشبه الأبطال الأسطوريين لدى الأمم الأخرى وأيضاً إضافة سيرة الخلفاء الراشدين الذين قدموا نماذج لم تتكرر في التاريخ لرجال كانوا عاديين ليسوا أنبياء معصومين ولا ينزل عليهم الوحي ولكنهم حملوا إرث هذا النبي وقضوا على دولة فارس العظمى كلياً وانتزعوا مناطق استراتيجيه واسعة من دولة الروم البيزنطيه ودون سابق خبرة في السياسه ولا في الحرب ثم وضعوا نظام متسامح غير مسبوق في التاريخ تجاه السكان غير المسلمين.
التأمل في هذه التفاصيل السريعة وحده يكفي لاتخاذ قرار يقيني بأن هذا كله ليس كذبة ولا صدفة، يمكنك أن تأخذ موقفا معاندا مثل الكثير من المستشرقين الذين لم يتنازلوا ولم يملكوا الجرأة الكافيه لإعلان ايمانهم بنبوة هذا الرجل لكن معظمهم رفع القبعة لشخصية محمد العظيمه ولإنجازاته الخارقة وبعضهم أقر بأنه أعظم شخصيه في التاريخ كله والموسف أن الإيمان ليس مجرد خيار يخضع لما نرتاح له ويوافق مصالحنا بل هو هدف وجودنا ويترتب على عدم قبولنا به وعيد شديد والوقت قد ينفذ في أي لحظة فلا أحد منا يعرف متى يموت ولا أحد منا سيعود ليعيد هذا الإختبار
والسلام عليكم