ماذا قالوا عن الفطرة؟
" لا يوجد ملحدون في الخنادق "
" لا يوجد ملحدون في الخنادق ":مثل ظهر لأول مرة أثناء الحرب العالمية الثانية ، وهو يشير إلى حقيقة أن الناس غالبًا ما يلجأون إلى إله " القوة العليا"، في أوقات التوتر الشديد عندما يشعرون بالعجز. وهذا المثل لا ننقله لاثبات الايمان، او الكفر، بل ننقله لاثبات النزعة وكيف يعبر عنها البشر في مختلف ثقافاتهم، و هو تعبير فطري للحقيقة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه ويخبرها كل انسان في نفسه، من لجوء كل نفس بشرية في لحظات اليأس والعجز الى واجِدٍ يلجأ إليه. هي حقيقة لا تعجب كل مكابر مثل هؤلاء المائتي ملحد من احدى المنظمات الالحادية الكبرى في امريكا الذين طلبوا الالتحاق بالعسكرية الامريكية لاثبات عدم صحة هذا المثل، وهذا دون ان يشعروا يقودنا مرة اخرى الى اكمال النصف الاخر من هذه الحقيقة وهي انه في الرخاء وبعيدا عن لحظات العجز، فإنه يظهر امثال فاردي الصدور هؤلاء، ليضع الله التقرير كاملا غير مبتور، فقال تعالى : ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زُين للمسرفين ماكانوا يعملون )، وقال تعالى : ( هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصـين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين )، وقال تعالى : ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ).
واثبات فطرية ميل البشر الى الايمان بقوة عليا هي ضرورة ونزعة نفسية لا مناص منها، يخبرها كل انسان في نفسه، وبالتالي فإنها لا تحتاج الى البراهين والدراسات العلمية، ولكننا نسوقها من باب اثبات ان هذه النزعة تدفع العلماء دفعا الى دراستها، ولإقامة الحجة في مقام مع الملحدين.
(1)
البراهين العلمية
وننقل الآن بعضا من هذه الدراسات ولا نقول بما فيها وانما ننقلها لهؤلاء ممن طُمِست ضمائرهم او اضطُرِب عليهم، كاثبات جدلي على نزعة دفعت العلماء دفعا لدراستها ووضع النظريات حولها، نهديها لكل مُسيِّر لا يلقى بالا الا لما يخرج من اوراق الاروقة العلمية المزعومة.
1) علم النفس والفلسفة: ميل البشر الفطري الى الايمان بالله واليوم الاخر:
في بحث علمي نشرته جامعة اكسفورد، عام 2011، أجراه 57 باحثًا، في 40 دراسة منفصلة، في 20 دولة، تحت عنوان: "البشر "يميلون" إلى الإيمان بالآلهة والحياة الآخرة"، خلص البحث - الذي لم يكن يهدف إلى إثبات وجود الله أو غير ذلك- إلى ان الايمان بالالهة او باليوم الاخر، ليس شيء اكتسبه البشر بالدراسة، وإنما هو متأصل في الطبيعة البشرية!!
اعتمد "مشروع الإدراك والدين واللاهوت" بقيادة الدكتور جاستن باريت ، من مركز الأنثروبولوجيا والعقل في جامعة أكسفورد ، على أبحاث من مجموعة من التخصصات ، بما في ذلك الأنثروبولوجيا وعلم النفس والفلسفة واللاهوت. قاموا بتوجيه هيئة دولية من الباحثين الذين يجرون دراسات في 20 دولة مختلفة تمثل مجتمعات دينية تقليدية وملحدة.
بعض نتائج مشروع الإدراك والدين واللاهوت:
1- تشير الدراسات التي أجراها إميلي ريد بورديت وجوستين باريت ، من جامعة أكسفورد ، إلى أن الأطفال دون سن الخامسة يجدون أنه من الأسهل الإيمان ببعض الخصائص الخارقة غير البشرية، أكثر من تفهمهم للقيود البشرية المماثلة. سُئل الأطفال عما إذا كانت والدتهم ستعرف محتويات صندوق لا تستطيع أن ترى ما فيه، يعتقد الأطفال في سن الثالثة أن والدتهم والله سيعرفان المحتويات دائمًا ، ولكن بحلول سن الرابعة ، يبدأ الأطفال في فهم أن أمهاتهم لا يرون او يعلمون كل شيء. ومع ذلك ، قد يستمر الأطفال في الإيمان بالعوامل الخارقة للطبيعة والتي تعرف كل شيء ، مثل الإله أو الآلهة.
2- تشير التجارب التي شارك فيها الكبار ، والتي أجراها جينغ تشو من جامعة تسينغهوا (الصين) ، وناتالي إيمونز وجيسي بيرنغ من جامعة كوينز في بلفاست ، إلى أن الناس عبر العديد من الثقافات المختلفة يعتقدون غريزيًا أن جزءًا من عقولهم أو أرواحهم أو أرواحهم تعيش بعد ذلك. -الموت. تُظهر الدراسات أن الناس "ثنائيين" بطبيعتهم، فيجدون أنه من السهل تصور الفصل بين العقل والجسد.
2) علم فسيولوجيا الاعصاب: الله موجود في الدوائر العصبية الدماغية لكل البشر:
زعم هذا الزعم: أندرو نيوبيرج ، عالم الأعصاب الذي يدرس الدماغ في ضوء التجربة الدينية ، أمضى حياته المهنية في اتباع هذا الحدس. زعم في كتابه كيف يغير الله دماغك، ان : " التفكير في الإله ينشط دوائر في الدماغ تجعل الله حقيقة من الناحية العصبية" وقال : "إذا كنت تفكر في الله لفترة كافية ، يحدث شيء مفاجئ في الدماغ. يبدأ الأداء العصبي في التغيير. يتم تنشيط دوائر مختلفة ، بينما يتم إلغاء تنشيط دوائر أخرى. تتشكل تشعبات جديدة ، ويتم إجراء اتصالات متشابكة جديدة ، ويصبح الدماغ أكثر حساسية لعوالم الخبرة الدقيقة. تتغير المفاهيم ، وتبدأ المعتقدات في التغيير ، وإذا كان لله معنى بالنسبة لك ، يصبح الله حقيقيًا من الناحية العصبية ". وقد حدد نيوبيرج الفصوص الدماغية، التي تختص بالتعاطي مع فكرة " الالوهية" وبينها على النحو التالي:
.
" دوائر "الله" في دماغك منذ الطفولة المبكرة ، يوجد الله في دماغ كل شخص كمزيج من الأفكار والصور والمشاعر والأحاسيس والعلاقات الذاتية / الأخرى. فيما يلي رسم مصغر للبنى العصبية الرئيسية والدوائر التي تشكل تصورنا عن الله:
دائرة الفص الدماغي الخلفي/الجداري ( OCCIPITAL-PARIETAL): تحدد الله ككائن موجود في العالم، حيث يرى الأطفال الصغار الله كوجه لأن أدمغتهم لا تستطيع معالجة المفاهيم الروحية المجردة.
دائرة الفص الدماغي الأمامي/ الجداري (PARIETAL-FRONTAL): تؤسس علاقة بين شيئين معروفين باسم "أنت" و "الله". فتضع الله امامك في الفضاء وتسمح لك باختبار وجود الله. إذا قللت من نشاط الفص الجداري من خلال التأمل أو الصلاة المكثفة ، فإن الحدود بينك وبين الله تتلاشى. تشعر بالوحدة مع موضوع التأمل ومعتقداتك الروحية.
الفص الامامي (FRONTAL LOBE) : يبتكر ويدمج كل أفكارك عن الله - إيجابية كانت أم سلبية - بما في ذلك المنطق الذي تستخدمه لتقييم معتقداتك الدينية والروحية. إنه يتنبأ بمستقبلك بالعلاقة مع الله ويحاول الإجابة بشكل فكري على جميع أسئلة "لماذا وماذا وأين" التي تثيرها القضايا الروحية.
المهاد الدماغي THALAMUS: يعطي معنى عاطفيًا لمفاهيمك عن الله. يمنحك المهاد إحساسًا كليًا بالعالم ويبدو أنه العضو الرئيسي الذي يجعلك تشعر بأن الله موجود على الحقيقة"
لوزة المخيخ AMYGDALA: عندما يتم تحفيزها بشكل مفرط ، تخلق اللوزة انطباعًا عاطفيًا عن إله ذو رهبة، وذو سلطان، شديد العقاب ، وتثبط قدرة الفص الجبهي على التفكير الوجودي في الله.
الجسم المخطط الدماغي STRIATUM: يمنع النشاط في لوزة المخيخ ، مما يسمح لك بالشعور بالأمان في حضور الله ، أو في أي موضوع أو مفهوم تفكر فيه.
الحزام الدماغي الامامي ANTERIOR CINGULATE: يسمح لك باختبار حب الله ورحمته، و يقلل من القلق الديني والشعور بالذنب والخوف والغضب عن طريق قمع النشاط في اللوزة."
دائرة الفص الدماغي الخلفي/الجداري ( OCCIPITAL-PARIETAL): تحدد الله ككائن موجود في العالم، حيث يرى الأطفال الصغار الله كوجه لأن أدمغتهم لا تستطيع معالجة المفاهيم الروحية المجردة.
دائرة الفص الدماغي الأمامي/ الجداري (PARIETAL-FRONTAL): تؤسس علاقة بين شيئين معروفين باسم "أنت" و "الله". فتضع الله امامك في الفضاء وتسمح لك باختبار وجود الله. إذا قللت من نشاط الفص الجداري من خلال التأمل أو الصلاة المكثفة ، فإن الحدود بينك وبين الله تتلاشى. تشعر بالوحدة مع موضوع التأمل ومعتقداتك الروحية.
الفص الامامي (FRONTAL LOBE) : يبتكر ويدمج كل أفكارك عن الله - إيجابية كانت أم سلبية - بما في ذلك المنطق الذي تستخدمه لتقييم معتقداتك الدينية والروحية. إنه يتنبأ بمستقبلك بالعلاقة مع الله ويحاول الإجابة بشكل فكري على جميع أسئلة "لماذا وماذا وأين" التي تثيرها القضايا الروحية.
المهاد الدماغي THALAMUS: يعطي معنى عاطفيًا لمفاهيمك عن الله. يمنحك المهاد إحساسًا كليًا بالعالم ويبدو أنه العضو الرئيسي الذي يجعلك تشعر بأن الله موجود على الحقيقة"
لوزة المخيخ AMYGDALA: عندما يتم تحفيزها بشكل مفرط ، تخلق اللوزة انطباعًا عاطفيًا عن إله ذو رهبة، وذو سلطان، شديد العقاب ، وتثبط قدرة الفص الجبهي على التفكير الوجودي في الله.
الجسم المخطط الدماغي STRIATUM: يمنع النشاط في لوزة المخيخ ، مما يسمح لك بالشعور بالأمان في حضور الله ، أو في أي موضوع أو مفهوم تفكر فيه.
الحزام الدماغي الامامي ANTERIOR CINGULATE: يسمح لك باختبار حب الله ورحمته، و يقلل من القلق الديني والشعور بالذنب والخوف والغضب عن طريق قمع النشاط في اللوزة."
ويرى نيوبيرج أن فقدان الايمان بالله ينشأ عن خلل دماغي في اي فص من هذه الفصوص المذكورة، فيقول: " في حالة حدوث خلل في أي من أجزاء الدماغ ، يمكن أن تحدث أفكار وتصورات غير عادية. يمكن أن يصبح بعض الأشخاص المصابين بأضرار عصبية مهووسين بالله ، بينما قد يفقد البعض الآخر كل الاهتمام بالدين."، ويرى كذلك ان سبب الخلل عند الملحدين هو عدم نشاط الفص الامامي المسؤول عن الادراك والتفكير المنطقي اثناء تفكيرهم في الله: "في الطرف الآخر من الطيف العصبي ، إذا بقيت كل من القشرة الأمامية والمراكز العاطفية للدماغ غير نشطة عندما يفكر الشخص في الله ، فلن يكون لله معنى أو قيمة. هذا ما نعتقد أنه يحدث في أدمغة الأفراد غير المتدينين ، وما تشير اليه دراساتنا الأولية لمسح دماغ الملحدين.": At the other end of the neurological spectrum, if both the frontal cortex and the emotional centers of the brain remain inactive when a person contemplates God, God will hold little meaning or value. This is what we believe happens in the brains of nonreligious individuals, and our preliminary brain-scan studies with atheists points in this direction.
3- علم النفس المعرفي: الصفات المعرفية للانسان تهيؤه للإيمان:
يوضح باسكال بوير، أستاذ علم النفس والأنثروبولوجيا بجامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية ، وهو مؤلف كتاب "شرح الدين"، في مقال له بمجلة الطبيعة " nature"، أن " الإلحاد سيكون دائمًا أكثر صعوبة من الدين ، لأن عددًا كبيرًا من الصفات المعرفية تهيئنا للإيمان".
وفي اجابة على تساؤله ما اذا كان الدين هو النتاج الطبيعي للعقل، لان العقل مهيّا للدين، فإنه يقول: " في السنوات العشر الماضية ، بدأت الدراسة التطورية والمعرفية للدين تنضج. إنها لا تحاول تحديد الجينات أو الجينات للتفكير الديني. كما أنها لا تحلم ببساطة بالسيناريوهات التطورية التي ربما أدت إلى ظهور الدين كما نعرفه. إنها تقدم ماهو أفضل بكثير من ذلك. هذه الدراسات تطرح فرضيات جديدة وتوقعات قابلة للاختبار. إنها تسأل ماهية هذا الشيء الذي يجعل الدين في التركيبة البشرية ممكنًا وناجحًا.يمكن اعتبار الفكر والسلوك الديني جزءًا من القدرات البشرية الطبيعية (الفطرية) ، مثل الموسيقى أو الأنظمة السياسية أو العلاقات الأسرية أو التحالفات العرقية. تعِدُ النتائج المستمدة من علم النفس المعرفي وعلم الأعصاب والأنثروبولوجيا الثقافية وعلم الآثار بتغيير نظرتنا إلى الدين."
4- ايمان عميق بالتصميم الذكي ينتشر شرقا وغربا بين الامم عند مواجهة الموت:
هذه التجربة العلمية قامت بها الباحثة في الجامعة البريطانية بكلومبيا جيسيكا تري، والتي عللت بدراستها سبب ان هناك ايمان عميق بالتصميم الذكي ينتشر شرقا وغربا بين الامم، وان هذا مرده الى ان هناك نزعة داخلية في النفوس تظهر عند مواجهة الموت!،
https://www.livescience.com/13534-de...evolution.html
When faced with the thought of death, people are more likely to believe in intelligent design, the idea that life on Earth and other features of the universe can be explained by an "intelligent being" guiding the process, a new study finds.
(2)
ملحدون ولكن !
1- لماذا أنا ملحد يؤمن بالله؟
في تصوير للصراع بين الايمان والكفر في عقل الملحد: يجد فرانك شيفر الاديب الملحد، نفسه " ملحدا يُصلي!"، فيصور صراعه بين وجود الله وبين عدم ايمانه في كتابه : " لماذا انا ملحد يؤمن بالله"، حزينا فيه على وفاة أحد الأصدقاء ، يجد فرانك شيفر نفسه يؤمن بالله ولا يؤمن به - ملحدًا يصلي. يتصارع مع الإيمان والكفر ، ويشارك أفكاره العميقة بشعر غنائي يندرج تحت الأدب الواقعي. يكتب شيفر على أنه ابن غير مثالي، زوج وجد، يفوق حبه لعائلته وفنه وحياته لاهوتيات الاله الغاضب والرؤية الملحدة لكون بارد لا معنى له!.
2- أنا ملحدة فلماذا لا استطيع طرد الإله من اعماقي؟
تقول الكاتبة الملحدة، اليزابيث كينج، في الواشنطن بوست: " لم أؤمن بوجود إله أو جنة ونار. لم يكن حتى خيارًا اتخذته. لقد توقفت ببطء عن الاعتقاد حتى ذهب كل ذلك. او كذلك ظننت انا. على الرغم من أنني كنت ملحدةً بالفعل لمدة عقد من الزمان ، إلا أن الله بطريقة ما وجد طريقة للبقاء في ذهني. ليس إله الكتاب المقدس الذي خلق السماء والأرض - فالله الذي بقي معي يصعب تفسيره. أفضل طريقة يمكنني التفكير فيها لوصفها هي مثل شخصية من فيلم رأيته مرارًا وتكرارًا ، أو مثل ذكرى أصدقائي الأوائل. إنه ليس حقيقيًا ، لكنه موجود. فكرة الله تزعجني وتجعلني أفكر في أنني ربما لست مخلصة لقناعاتيكما أرغب في أن أكون كذلك. ربما ما زلت لا شعوري خائفًة من الجحيم وأريد الذهاب إلى الجنة عندما أموت. إنه أمر محير ومحبط أن تشعر بوجود شيء لا تؤمن به. ومما يزيد الأمر تعقيدًا حقيقة أن شخصية الله تظهر غالبًا عندما أشعر بالإحباط بالفعل ...... إنه لمن دواعي ارتياحي أن أعرف أنني لست الوحيدة التي تشعر بهذه الطريقة. وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث حول الدين والإلحاد العام الماضي ، يؤمن 18 في المائة من الملحدين بالله أو "القوة العليا". ليست نسبة كبيرة ، ولكن بالنظر إلى أن الملحد هو بحكم التعريف شخص ينكر وجود الله ، فإن 18% يسلط الضوء على شيء مثير للفضول بشأن الإيمان".
وفيما ذكرته عن دراسة مركز بيو للابحاث في عام 2019، فهذا ما جاء فيها: " قياس الإلحاد أمر معقد. يقول بعض الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بأنهم ملحدين إنهم يؤمنون بنوع من القوة الأعلى أو القوة الروحية....في الوقت نفسه ، يقول واحد من كل خمسة من الذين يصفون أنفسهم بالملحدين (18٪) أنهم يؤمنون بنوع من القوة الأعلى. ومع ذلك ، لم يقل أي من الملحدين الذين شملهم الاستطلاع أنهم يؤمنون بـ "الله كما هو موصوف في الكتاب المقدس".
3- كنائس الملاحدة:
يتصارع الملحدون لكبح تلك النزعة من فطرة العبادة واللجوء إلى الخالق بإنكارها أو التهكم منها، وأحيانا سبّها. فلماذا يُصرون على الجدال حول ذلك الأمر وهو غير موجود برأيهم؟! وبالطبع، هم لا يؤمنون بالجزاء والعقاب؛ فلا فائدة ستعود عليهم من ذلك الأمر. ومنهم من أقر بها ولكن ذلك لم يرُدّه عن إلحاده، فماذا فعل؟ أسسوا دورًا تُسمى «كنائس الملاحدة»، فتجد عشرات الأشخاص متجمعين لسماع أناشيد موسيقية، ثم إلى عظات بشكل يشبه العظات التي تُقام في الكنيسة يوم الأحد. وقد بدأ تلك الفكرة ألبرت أينشتاين وأنصاره من الملحدين للتجمع يوم الأحد، ووفقًا له: “فالدين كله ليس سيئًا”، وليس هناك ما يمنع الاستفادة من إيجابياته!
4- دين الالحاد:
وإذا كانت عبارة "ثقافتنا" تبدو ضيقة الأفق ، حسنًا ، فهذه مشكلة يتعامل معها جراي صراحة ، مشيرًا إلى أن ما نسميه "الإلحاد" هو شيء أكثر تحديدًا من مجرد رفض أو غياب الدين بحد ذاته. إنه رفض لمعتقدات دينية معينة - وهذا يضيق المجال بالفعل ، حيث أن العديد من ديانات العالم ليست أنظمة عقائدية في المقام الأول على الإطلاق. يجادل جراي ، على وجه الخصوص ، بأنه رفض للاعتقاد بإله خالق كلي القدرة ، مما يعني أنه في حين أن الإلحاد هو قريب للمسيحية ، فإنه لا علاقة له بالهندوسية أو البوذية على الإطلاق. إذن هذا كتاب عن التفكير ما بعد المسيحي - معظمه ، من وجهة نظر جراي ، تفكير سيء جدًا أيضًا. أحد أهدافه النزعة الإنسانية العلمانية ، التي يصفها بأنها "نسخة مفرغة من الإيمان المسيحي بالخلاص عبر التاريخ". والآخر هو ما يسميه "صنع الدين من العلم" ، وهو وهم يتتبعه على طول الطريق من المسمرية في أواخر القرن الثامن عشر ، عبر المادية الديالكتيكية في القرنين التاسع عشر والعشرين ، إلى أولئك المفكرين المستقبليين اليوم الذين يحلمون بتحميل كائن بشري. الوعي لدارات الكمبيوتر ، مما يجعلها خالدة. والآخر هو الدين السياسي ، "من اليعقوبية عبر الشيوعية والنازية إلى الليبرالية الإنجيلية المعاصرة". من الواضح أن هناك تداخلات بين هذه الأنواع الثلاثة للإلحاد الحديث ؛ على سبيل المثال ، شكلت المادية الديالكتيكية أيضًا جزءًا من عقيدة الدين السياسي الماركسي. الشيء الأساسي المشترك بينهما ، حسب حساب جراي ، هو أنهم جميعًا مذاهب للتقدم ، لمسيرة صعود وصعود للبشرية عبر التاريخ. لست متأكدًا مما إذا كان محقًا في قوله إن الإنسانية العلمانية ملتزمة بهذا الرأي. لا شك أن أولئك الذين يؤمنون بالأخلاق الإنسانية سوف يعتقدون أيضًا أنه إذا تبنى المزيد والمزيد من الناس نظامهم الأخلاقي ، فإن العالم سيصبح مكانًا أفضل ، ولكن ليس من الواضح سبب اعتبار ذلك أمرًا لا مفر منه.
المقدمات العقلية الضرورية هذه هي رأس مالك، إن ضاعت، ضِعت!، هي الحد الفاصل بين العاقل والمجنون، بهذه المقدمات الاولية الضرورية والتي لا تحتاج الى برهان، يجب ان تبدأ، لانها يقينيات مغروسة في النفوس، وأظهر من ان تحتاج الى اثبات، عليها قام وكان كل شيء حولك، حتى القواعد الفيزيائية التي تخبرها العقول تبدأ بها، مما يجعل من المُحال البحث لها عن برهان لانك تُسلم بها تسليما. ولذا هي اول بوابة يجب ان تبدأ بها حتى تضع القواعد العلمية والنظريات فتصنع السيارة وتصعد للقمر، بغير هذه المقدمات الضرورية لكانت البشرية قد انتهت قبل ان تبدأ تحت نصل الجنون.
لماذا يظهر الشك في البدهيات؟
العلوم الضرورية نزعة فطرية، يقر بها كل انسان عاقل على وجه الارض، حتى المتشكك، لكن لماذا يظهر الشك في البدهيات؟
يظهر الشك عند فلسفة ما لايحتاج فلسفة، فالبدهيات يُستدل بها لا يُستدل عليها، فحين تفعل وتعتقد ان هذا ذكاء او ان هذا هو المطلوب منك!، يبدأ الشك بمجرد ان تبدأ طلب الدليل على البدهيات الضرورية!، افترض انك طلبت دليل على البدهيات، واللي طلبت منه لم يعرف ان يستدل او لم يستطع صياغتها بلغة صحيحة، هنا يبدا يحصل غمامة على الطريق الغريب الذي سلكته ووجهت عقلك اليه، لانك وجهت نفسك في طريق غلط، فتبدأ تشك وتبدأ رحلة التوهة، عذبت نفسك بلا طائل!.
افترض انك طلبت دليل على البدهيات، ومَنْ طلبت منه لم يعرف ان يستدل او لم يستطع صياغتها بلغة صحيحة، هنا يبدأ ظهور الغمامة على الطريق الغريب الذي سلكته ووجهت عقلك اليه، لانك وجهت نفسك في طريق ماكان يجب ان تسلكه اصلا، فتبدأ الشك وتبدأ رحلة التوهة!!، عذبت نفسك بلا طائل!.
تعالَ اضرب لك مثالا بسيطا على سخف محاولة اثبات هذه المقدمات العقلية الضرورية:
لو اعطيتك عشر ريالات وقلت لك قسمها على اصحابك الخمسة بالتساوي، هل ستجد اي صعوبة في ذلك؟، حتى الجاهل يستطيع ذلك، لانها ضرورة فطرية، لا تحتاج علم ومدرسة وجامعة واستدلالات .. ولا يضيرك كذلك من يشكك او يقول لك " يجوز او ربما"، لا يُعقل ان تؤجل تقسيم العشرة ريال وتقول: انتظر حتى نسأل العلم اولا!!
طيب ماذا لو أن سفوسطائيًا فاضي، قال لك : استوب، غير مقبول ان توزعها بدون العلم !!، فعقلك قد يتوهم يا اخي !! العلم اولا !!.
إذا سمعت كلامه وتوقفت حتى ترى رأي العلم !! .. هنا يبدأ الشك فورا !! وتبدأ رحلة التعذيب النفسي، هنا هو غالطك وخدرك بكلمة سحرية اسمها "علم"!!، يعني ايش اوزع عشرة ريالات على خمسة بالعلم؟، طيب وماذا يقول العلم يا مستر سفوسطائي؟: انظر جواب السفوسطائي:
" لابد ان نُعرِّف الريال أولا، ومما يتكون، ثم يجب ان ندرس جدول الضرب، ونتعرف على كيفية القسمة، اما عملية الضرب فهي عملية رياضية معاكسة ومقابلة لعملية القسمة، وفي الحساب الابتدائي يمكن تفسير عملية الضرب بأنها عمليات جمع متكررة للعدد ذاته، ولابد ان نوضح حدي عملية الضرب: " المضروب" و " المضروب به" وكذلك عوامل الضرب وهي نتيجة هذا الضرب او الجداء. ثم نتعرف على القسمة وهي عكس ما سبق بتوزيع احاد احد العددين على احاد العدد الاخر، فنسمي المقسوم بسطا، ونسمي المقسوم عليه مقاما، بينما نسمي الناتج من هذا: خارج القسمة أو ناتج القسمة، والذي قد يكون ناتجا منتهيا اي صفر، وناتج غير منتهي ! يتم وضعه بعد علامة التساوي، بحيث لو ضُرِب الخارج في المقام نتج عنه البسط".
وماذا لو أن سفوسطائيًا ثانٍ اعترض على الاول فقال : تعريفك للضرب والقسمة فيه نظر، اخر التعريفات العلمية تقول ....... الخ.
هنا شُلّت آلة التفكير !!
ومع أن كل الكلام السابق يحتمل الصحة، ويحتمل كذلك الخطأ في شرحه وفي تصوره، الا انك قد لا تفهمه .. ولن يبقى لديك غيرَ الشك .. والاحساس بالعجز والشلل!، وكل هذا لم تكن بحاجة اليه، لا نحتاج اليه اصلا!
فكل عاقل لديه مال يريد أن يقسمه بين عدد يعرفهم بالتساوي، إذا ألزم نفسه أنه لا يقسمه حتى يتصور هذا كله ويتعلمه فقد ضلّ وغوى!!، لذا كان الحل السماوي المباشر، من خالق الاكوان .. على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ".
لم يمنعك النبي من هذا الا لحفظ عقلك وكرامتك وتمييزك.
الموضوع كُتِب على عُجالة وسنشرع في اثرائِه بما يتيسر من أدلة وبراهين وغير ذلك إن شاء الله تعالى
تعليق