ذخائر القديسين وصكوك الغفران!
ماهي ذخائر القديسين:
عبارة عن بقايا من القديسين أو بقايا من أمتعتهم ، ولقد منح بعض الباباوات غفرانات عديدة لمن يزور هذه البقايا ، وكان المقصود بهذه الغفرانات تقصير المدة التي يجب على الانسان ان يقضيها في المطهر ، فمثلا كانت توجد غفرانات لاعفاء الإنسان من العذاب في المطهر لمدة مائة سنة أو خمسين سنة أو عشرين سنة ... الخ يتوقف هذا على نوع الغفران والثمن الذي دفع فيه أو التضحية التي بذلت لأجله.
كما منحت بعض الغفرانات لمن قاموا بزيارة الأماكن المقدسة ، بعيدة كانت أو قريبة ، مثل أورشليم أو روما.
لهذا السبب ترى الملك فردريك الثالث ملك ساكس يحاول جمع اكبر عدد من ذخائر القديسين ، ففي المرحلة التي قام بها إلى أورشليم سنة 1493 أحضر معه كمية كبيرة منها وكانت ذات أهمية عظيمة ، ويقال أنه أحضر معه احلى اسنان القديس جيروم ، وأربعة أجزاء من جسد يوحنا فم الذهب ، وأربع خصل من شعر العذراء مريم ، وقطعة من لفائف يسوع ، وأشياء أخرى كثيرة.
وفي سنة 1509وصلت ذخائر القديسين المعروضة في كاتدرائية قيمتيرج إلى خمسين ألف وخمس قطع ، وفي سنة 1518 وصل عدد هذه الذخائر في نفس المدينة إلى 17443قطعة وهذه الكمية تعقلی اعفاء من المطهر لمدة ۱۲۷۷۹۹ سنة ، 116 يوم.
وكما قلنا فقد أستخدمت الكنيسة في مرات كثيرة هذه الوسيلة كلما احتاجت الى المال . ولذلك لجأ كل من البابا ليون العاشر والبرت رئيس اساقفة أحدى الامارات الألمانية إلى استغلال هذه الوسيلة لجمع المال الذي كانا في حاجة إليه.
جلس البابا ليون العاشر على كرسي القديس بطرس في سنة 1513م و نظرا لأنه كان من عائلة آل يتشى العريقة فقد تمسك ليون بحياة الرفاهية والبذخ وتعظم المعيشة والاسراف كما أنه كان شغوفا أيضا بالفن والعمارة ولذلك فقد عزم على إجراء بعض المباني والأصلاحات في كنيسة القديس بطرس ، وتمويل هذا المشروع الضخم فقد أصدر قرارا في ۳۱ مارس ( آذار) سنة 1515 ببيع صكوك غفران كاملة .
ولما رفضت بعض الولايات الألمانية هذا المشروع ، فقد عرضه البابا على البرت (Albrecht) رئيس اساقفة ماينس (Mayence) ووعده بنصف ثمن الصكوك . وكان البرت يمر في هذا الوقت بأزمة مالية شديدة لكثرة الديون التي تراكمت عليه ، فقد كان طموحا يحاول الوصول الى المناصب الدينية والدنيوية في أن واحد ، ولقد استطاع فعلا أن يكون رئيس أساقفة لثلاثة أبراشپات ومنتخبا لمقاطعة ماينس (Mayence) وقد وصل إلى بعض هذه المناصب بطرق غير قانونية و بدون حق" ووصل إلى البعض الآخر عن طريق الرشوة ودفع المبالغ الكبيرة من المال ولذلك فقد لجأ إلى بنك (Fugger) الذي أقرضه المال الذي كان في حاجة إليه ولكن بفائدة تبلغ 20%, لذلك قبل البرت عقد الصفقة مع البابا ليون العاشر في الرابع والعشرين من ابريل ( نيسان ) سنة 1516.
وقد اتفقا على أن توزع الأموال المجموعة من بيع صكوك الغفران بالطريقة الآتية :
النصف للبابا في ايطاليا لبناء كنيسة القديس بطرس والنصف الباقي يدفع مباشرة نيك (Fugger) لتسديد القرض وفوائده.
وكان هذا حلا مثاليا ومريحا مرضيا للطرفين، فهل كان مرضيا أيضا لله ؟!!! كان الحل مرضيا للبابا الذي شرع في اصلاح و بناء كنيسة القديس بطرس كما كان حلا مريحا و مرضيا أيضا لألبرت رئيس الأساقفة لسد ديونه وكان مريحا أيضا للبنك الذي سوف يسترد أمواله وكان مقيدا ومرضيا للذين يقومون ببيع الصكوك إذ كانوا يتقاضون عمولة عن عملهم وكان أخيرا مريحا و مرضيا ومطمعا للذين يشترون هذه الصكوك لكي تستريح ضمائرهم وتطمئن قلوبهم على المستقبل .
كل هذه الأمور كانت حقيقية واكيدة أما الأمر غير الحقيقي فهو مدى فاعلية هذه الصكوك في نظر الله هذا هو نفس السؤال الذي سأله لوثر عندما تسلق السلم المقدس في روما : عندما قال : " من يعرف إذا كان هذا صحيحا ؟!!!" ، ولهذا السبب عينه قام لوثر في يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول ) بتعليق 95 أحتجاجا على صكوك الغفران .
ويعتبر هذا التاريخ بداية تاريخ الإصلاح