بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد الصادق الامين وبعد ,,,,,,,
وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا
بهذه الآية يحسم القران موقف الإسلام من مسألة صلب المسيح بنفي صريح لا لبس فيه ولا ظن , ومسألة صلب المسيح هي الركن الركين في العقيدة المسيحية كما وصفها بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح الخامس عشر الفقرة الرابعة عشر:
14-وان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم .
ولكن كيف يقوم الأموات ؟ سؤال سأله بولس الرسول في نفس الإصحاح في الفقرة الخامسة والثلاثين فقال:
35-لكن يقول قائل "كيف يقوم الأموات ؟وبأي جسم يأتون؟"
ويجيب عنه في الفقرة الثانية والأربعين فيقول :
42-هكذا أيضا قيامة الأموات :يزرع في فساد ويقام في عدم فساد .
43-يزرع في هوان ويقام في مجد يزرع في ضعف ويقام في قوة .
44-يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا .يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني .
اى ان كل من قام من الأموات لابد أن يقوم جسما روحانيا وليس بولس الرسول وحده هو من قال هذا بل قاله المسيح أيضا عندما سأله الصدوقييون عن امرأة تجوزت سبعة إخوة بالتتابع لمن تكون يوم القيامة فقال في انجيل متى 22:
29- فأجاب يسوع وقال لهم "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله .
30-لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء.
وهكذا أيضا قال البابا شنودة بابا الإسكندرية في كتابه المسيح قام ص " كل الذين قاموا من الاموات قاموا بنفس الجسم المادى القابل للفساد الذى يجوع ويعطش ويتعب وينام وينحل اما السيد الرب فقام بجسد ممجد غير قابل للفساد ونحن ننتظر فىالقيامة العامة ان نقوم بمثل هذا الجسد "
وفى تفسيره للعهد الجديد من تفسير وتأملات الآباء الاولين يقول القمص تادرس يعقوب ملطى فى تفسيره للعدد الرابع والاربعين من الاصحاح الخامس عشر فى رسالة بولس الرسول لأهل كورنثوس
" يزرع جسمًا حيوانيًا، يشبه الجسم الحيواني من جهة تكوينه كجسم به عضلات وعظام وأعصاب وأوردة وشرايين الخ.، لها ذات الوظائف وبه الجهاز الهضمي الذي يحول الطعام إلى دم والجهاز التنفسي الخ "ويًقام جسمًا روحانيًا" يتسم بالكمال، فلا يحتاج إلى مئونة خارجية كالطعام والشراب والهواء؛ ولا يخضع للموت، له وجود روحي، ومئونة روحية "
وبهذا لابد لكي يكون المسيح قد قام من الأموات إن يقام جسما روحانيا ملائكيا وليس ترابيا حيوانيا ولكن هل كان جسم المسيح بعد القيامة جسما روحانيا ؟
إن في الكتاب المقدس ما يقطع بأن المسيح لم يكن روحانيا بل كان جسما ترابيا او حيوانيا كما قال بولس الرسول .
-فى انجيل متى 28-9 (وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال "سلام لكما " فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له.)
ان الجسم المادي فقط هو الذي له قدمان تمسكان أما الجسم الروحاني فليس كذلك
-فى انجيل لوقا24-38 :43 (فقال لهم "ما بالكم مضطربين ,ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم؟انظروا يدي ورجلي :انى أنا هو !جسوني وانظروا ,فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي ".وحين قال لهم هذا أراهم يديه ورجليه . - نفهم من هذا أن المسيح لم يكن جسما روحانيا إنما جسما بشريا له لحم وعظام ,ثم يكمل انجيل لوقا فيقول - وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم :"اعندكم ههنا طعام ؟".فناولوه جزءا من سمك مشوي وشيئا من شهد عسل .فأخذ واكل قدامهم .) وهنا يظهر سؤال آخر لماذا أكل المسيح قدامهم كما ذكر لوقا ؟ لو كان قد أكل لأنه شعر بالجوع فهذا يقطع بأنه جسم مادي بشرى وليس جسما مقاما من الموت وان لم يكن جائعا واكل ليثبت لهم شيء فما هو الشيء الذي كان يريد إثباته لهم انه أراد ببساطة أن يثبت لهم انه ليس روحا اى ليس جسما روحانيا بل جسما بشريا حيوانيا ماديا ترابيا وهذا يقطع بأنه لم يكن مقاما من الموت وبالتالي لم يمت ولم يصلب .
-فى انجيل يوحنا 20 – 24 : 29 (أما توما ,احد الاثنى عشر ,الذي يقال له التوأم فلم يكن معهم حين جاء يسوع .فقال له التلاميذ الآخرون :"قد رأينا الرب !".فقال لهم:"ان لم أبصر في يديه اثر المسامير,وأضع اصبعى في اثر المسامير ,وأضع يدي فى جنبه ,لا أومن " .) – هنا نسأل سؤال آخر لماذا طلب توما كل هذا ؟انه يعلم كتلميذ للمسيح وكملازم له دائما ان كل مقام من الموت لا يكون جسما ماديا بل يكون جسما روحانيا لا تظهر فيه آثار مسامير ولا يمسك ولا يلمس بيدين لكن التلاميذ اخبروه إنهم رأوه جسما ماديا امسكوا يديه وجسوا لحمه وعظامه واكل معهم السمك المشوي والعسل البرى ولهذا طلب ان يرى اثر المسامير ويضع يده على جنبه ثم يكمل يوحنا فيقول- (ثم قال لتوما:"هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي, وهات يديك وضعها في جنبي ,ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.")
وهذا النص يقطع بأن المسيح لم يكن جسما روحانيا بل كان جسما بشريا وهذا يعنى انه لم يكن مقاما من الموت ولم يكن ميتا ولا مصلوبا بالطبع.
-فى انجيل يوحنا من نفس الإصحاح نجد ما يقطع على لسان المسيح بأنه لم يكن مقاما من الأموات ففي الفقرة 15 : 17 (قال لها يسوع "يا امرأة ,لماذا تبكين ؟ .من تطلبين ؟".فظنت انه البستاني ,-وهنا نسأل لماذا ظنت انه البستاني ؟ لابد بالقطع انه كان متنكرا بزى البستاني .ثم نسأل لماذا كان متنكرا بزى البستاني ؟ إن الجسم المقام من الموت يقوم فى قوة كما قال بولس لا يخاف أحدا ولذلك ليس بحاجة إلى تنكر لكن المسيح تنكر لأنه كان يخاف ان يمسك به اليهود ثم يقتلونه ثم يكمل يوحنا فيقول -فقالت له "يا سيد .أين وضعته؟ إن كنت قد حملته فقل لي أين وضعته ,وأنا آخذه ".- هنا لابد أن نلاحظ الضمير الذي استخدمته مريم المجدلية إنها لم تستخدم ضمير يعود على غير العاقل إنما استخدمت ضمير العاقل الذي فى اللغة الإنجليزية him وليس ضمير غير العاقل it وهذا يعنى إنها لم تقصد أن تتكلم عن جسما ميتا وليس عن جثة إنما عن إنسان حي - فقال لها يسوع "يا مريم " .فالتفتت تلك وقالت له "ربوني!"الذي تفسيره يا معلم قال لها يسوع :"لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد إلى أبى ." – إن المسيح يقول لها ألا تلمسه لأنه جسما بشريا يتألم إذا لمس احد جروحه لأنه لم يصعد إلى أبيه لم يصبح جسما روحانيا بعد وهذا يقطع بأنه لم يكن مقاما من الموت .
لعل هذه النقطة ليست هي الدليل الوحيدة على نفى مسألة صلب المسيح فإننا نجد أن مريم المجدلية قد توجهت إلى قبره لكي تدهنه بالطيب كما أوضح انجيل مرقس الإصحاح السادس عشر (1- وبعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية و مريم أم يعقوب و سالومة حنوطا ليأتين ويدهنه .) وهنا نسأل هل من عادة اليهود أن يدهنوا أجسام الموتى بالحنوط بعد ثلاثة أيام في قبورهم ؟بالطبع الإجابة هي لا لأن جسد الميت في هذه الفترة يكون قد أصابه التصلب rigor mortis وبدأ في التحلل putrefaction , وبالتالي نستطيع أن نجزم أن مريم المجدلية كانت على علم بحياته والا لما ذهبت لقبره .
ولو نظرنا الى موقف السيد المسيح قبل القبض عليه وتصرفاته لو جدناها تقطع بانه لم يصلب , فالمسيحيون يزعمون ان صلب المسيح كان خطة للخلاص , لكن هذا يتناقض مع طلب السيد المسيح النجاة فيقول انجيل متى ( ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلى قائلا "يا ابتاه ان امكن فلتعبر عنى هذه الكأس , ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت " ) , ولا يتوافق هذا مع الادعاء المسيحى ان المسيح عليه السلام كان ضحية راغبة فى التضحية , ولكن لا يمكن ان نتصور ان المسيح كان يطلب النجاة خوفا من الموت او اهتزازا , لكن فى الحقيقة خوفا على شعبه من الفتنة , فقتله سيتيح الفرصة لليهود ان يشيعوا انه كذاب , حسب قول التثنية 18 : 20 ( وأما النبى الذى يطغى فيتكلم باسمى كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذى يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبى . ) وما جاء فى حزقيال 14 : 9 ( فاذا ضل النبى وتكلم كلاما فأنا الرب قد اضللت ذلك النبى وسأمد يدى عليه وابيده من وسط شعبى اسرائيل ) .
وقد استجاب له الله حسبما جاء فى العبرانيين 5 : 7 ( الذى فى ايام جسده اذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر ان يخلصه من الموت وسمع له من اجل تقواه . )
ولم يكتفى المسيح بالدعاء فقط بل اخذ بالاسباب التى قد تدفع عنه خطر اليهود , فأمر اتباعه بأتخاذ سيوف كما جاء فى انجيل لوقا 22 : 35 – 38 (ثم قال لهم " حين ارسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا احذية هل اعوزكم شىء ؟ " فقالوا : " لا " فقال لهم : " لكم لان من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثوبا ويشتر سيفا " ) .
واضافة الى ذلك فليس هناك ما يبرر القول بموت المسيح , فالمسيح بقى على الصليب ثلاث ساعات فقط , فقد ذكر انجيل متى 27 : 46 – 50 (نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني , فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا. وللوقت ركض واحد منهم واخذ اسفنجة وملأها خلا وجعلها على قصبة وسقاه. واما الباقون فقالوا اترك.لنرى هل يأتي ايليا يخلّصه. فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم واسلم الروح ) , بينما يخبرنا انجيل يوحنا 19 : 14 – 18 ان المسيح لم يكن قد وضع على الصليب حتى الساعة السادسة , وهذه الساعات الثلاث التى قضاها المسيح على الصليب لم تكن كافية لموته ابدا , وهذا ايضا كان موضع تعجب من بيلاطس كما ذكر انجيل مرقس 15 : 44 ( فتعجب بيلاطس انه مات كذا سريعا ) .
وقد ذكرت دائرة المعارف الكتابية تحت عنوان cross وتحت عنوان جانبى crucifixion ان الوفاة نادرا ما تحدث فى حالة الصلب قبل 36 ساعة وتضيف ان المؤرخ اليهودى فلاسيوس يوسيفوس سجل حالات انزلت من على الصليب نجت من الموت بالرغم من تلك الاصابات الرهيبة بعد عدة ساعات من التعليق على الصليب .
http://www.studylight.org/enc/isb/view.cgi?number=T2426
ومما يؤكد عدم موت المسيح ايضا هو مسألة آية يونان فقد ذكر انجيل متى 12 : 38 – 40 ( حينئذ اجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين " يا معلم نريد ان نرى منك آية " فأجاب وقال لهم " جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له اية الا آية يونان النبى , لأنه كما كان يونان فى بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال , هكذا يكون ابن الانسان فى قلب الارض ثلاث أيام وثلاث ليال " ) , ولنسأل انفسنا ما هو وجه التطابق بين معجزة يونان ومعجزة المسيح , فلا يمكن ان يكون التطابق هو المدة الزمنية اى ثلاثة ايام وثلاث ليال لأن المسيح ادخل القبر حسب الانجيل مساء الجمعة وفى فجر الاحد كان القبر خاليا منه , اى انه اقام فيه على احسن الفروض ليلة السبت ويوم السبت وليلة الاحد , اى يوم وليلتين , كما ان المعجزة الحقيقية ليونان ليست فى المدة الزمنية انما فى بقائه حيا طوال هذه الفترة داخل بطن الحوت , وبالتالى تكون معجزة المسيح هى بقاءه حيا ايضا .
يبقى لنا ان نتناول مسألة كفن المسيح التى استند اليها المسيحيون لأثبات ان المسيح قد مات , معتمدين على الكفن الموجود فى تورين , وسوف نكتفى بأيراد عدد من الادلة النافية لهذه المزاعم :
ما اوردته دائرة المعارف الكاثوليكية حول اكتشاف وثائق تتضمن التماس مقدم من اسقف ترويز للبابا كليمنت السابع يرجوه فيه ان يضع حدا لتلك الفضائح المتعلقة بالكفن الموجود فى ليرى , و تتضمن الوثائق تصريح من الاسقف ان الصورةالموجودة على الكفن هى من عمل رسام اعترف انه قام بطلاء تلك الصورة و لكنها عرضت بطريقة جعلت العامة تتوهم انها الكفن الحقيقى للمسيح!!
http://www.newadvent.org/cathen/13762a.htm
كما اوردت دائرة المعارف الحرة ان نتائج الاختبارات التى فوض الفاتيكان ثلاث جامعات هى جامعات اكسفورد و اريزونا والمعهد الفيدرالى السويسرى للتكنولوجيا لاجراءها عام 1988 لتحديد الفترة الزمنية التى يرجع اليها الكفن باستخدام تقنية الكربون المشع اسفرت عن ان الكفن يرجع الى العصور الوسطى!!
http://en.wikipedia.org/wiki/Shroud_of_turin
ايضا تحت عنوان Blood stains ان نتائج الاختبارات التى اجراها الكميائى والتر ماك أكرون Walter Mc Crone يؤكد من خلالها ان المواد الصبغية الموجودة بالكفن ليست الا صبغات عادية و و ان ايا من تلك التجارب لا يشير الى وجود دماء .
http://en.wikipedia.org/wiki/Shroud_...ocarbon_dating
وليس هذا هو الحد الذى تقف عنده مسألة خلط الحقائق , فحتى دخول المسيح الى اورشليم فى احد السعف قبل قيامته المزعومة بأسبوع شابها كثير من الخلط , فقد اتفق انجيلى مرقس ولوقا ان المسيح ارسل اثنين من تلاميذه عند اقترابه من اورشليم ليحضرا له جحشا كما فى مرقس 11 : 1 – 7 , وفى انجيل لوقا 19 : 28 – 35 , اما انجيل يوحنا 12 : 12 فقال ( ووجد يسوع جحشا فجلس عليه ) , ورغم مخالفة يوحنا لحادثة العثور على الجحش لما ورد فى مرقس ولوقا الا انه اتفق على انه جحش وفقط , بينما انجيل متى اتفق مع مرقس ولوقا حول ارسال اثنين من التلاميذ لأحضار الجحش الا انه لم يجعله جحشا فقط لكن جعله جحش وآتان كما فى متى 12 : 1 – 3 , ولعل متى اراد بهذا التغيير ان يطابق النبوءة الواردة فى الانبياء القائلة ( قولوا لأبنه صهيون : هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على اتان وجحش ابن اتان ) , وبينما تجاهل مرقس ولوقا هذه النبوءة الا ان يوحنا لجأ الى تغيير النبوءة بدلا من تغيير الوقائع فجعلها ( لا تخافى يا ابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك جالسا على حجش آتان ) واراح الجميع .
ملحوظة : هذا موضوع قديم كنت قد اعددته واعتمدت فيه على وجهة النظر التى قدمها الاستاذ أحمد ديدات رحمه الله فى كتابه ( صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء ) ورأيت ان اعيد نشر المقال بمناسبة عيد القيامة واسبوع الالام .
وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا
بهذه الآية يحسم القران موقف الإسلام من مسألة صلب المسيح بنفي صريح لا لبس فيه ولا ظن , ومسألة صلب المسيح هي الركن الركين في العقيدة المسيحية كما وصفها بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح الخامس عشر الفقرة الرابعة عشر:
14-وان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم .
ولكن كيف يقوم الأموات ؟ سؤال سأله بولس الرسول في نفس الإصحاح في الفقرة الخامسة والثلاثين فقال:
35-لكن يقول قائل "كيف يقوم الأموات ؟وبأي جسم يأتون؟"
ويجيب عنه في الفقرة الثانية والأربعين فيقول :
42-هكذا أيضا قيامة الأموات :يزرع في فساد ويقام في عدم فساد .
43-يزرع في هوان ويقام في مجد يزرع في ضعف ويقام في قوة .
44-يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا .يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني .
اى ان كل من قام من الأموات لابد أن يقوم جسما روحانيا وليس بولس الرسول وحده هو من قال هذا بل قاله المسيح أيضا عندما سأله الصدوقييون عن امرأة تجوزت سبعة إخوة بالتتابع لمن تكون يوم القيامة فقال في انجيل متى 22:
29- فأجاب يسوع وقال لهم "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله .
30-لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء.
وهكذا أيضا قال البابا شنودة بابا الإسكندرية في كتابه المسيح قام ص " كل الذين قاموا من الاموات قاموا بنفس الجسم المادى القابل للفساد الذى يجوع ويعطش ويتعب وينام وينحل اما السيد الرب فقام بجسد ممجد غير قابل للفساد ونحن ننتظر فىالقيامة العامة ان نقوم بمثل هذا الجسد "
وفى تفسيره للعهد الجديد من تفسير وتأملات الآباء الاولين يقول القمص تادرس يعقوب ملطى فى تفسيره للعدد الرابع والاربعين من الاصحاح الخامس عشر فى رسالة بولس الرسول لأهل كورنثوس
" يزرع جسمًا حيوانيًا، يشبه الجسم الحيواني من جهة تكوينه كجسم به عضلات وعظام وأعصاب وأوردة وشرايين الخ.، لها ذات الوظائف وبه الجهاز الهضمي الذي يحول الطعام إلى دم والجهاز التنفسي الخ "ويًقام جسمًا روحانيًا" يتسم بالكمال، فلا يحتاج إلى مئونة خارجية كالطعام والشراب والهواء؛ ولا يخضع للموت، له وجود روحي، ومئونة روحية "
وبهذا لابد لكي يكون المسيح قد قام من الأموات إن يقام جسما روحانيا ملائكيا وليس ترابيا حيوانيا ولكن هل كان جسم المسيح بعد القيامة جسما روحانيا ؟
إن في الكتاب المقدس ما يقطع بأن المسيح لم يكن روحانيا بل كان جسما ترابيا او حيوانيا كما قال بولس الرسول .
-فى انجيل متى 28-9 (وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال "سلام لكما " فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له.)
ان الجسم المادي فقط هو الذي له قدمان تمسكان أما الجسم الروحاني فليس كذلك
-فى انجيل لوقا24-38 :43 (فقال لهم "ما بالكم مضطربين ,ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم؟انظروا يدي ورجلي :انى أنا هو !جسوني وانظروا ,فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي ".وحين قال لهم هذا أراهم يديه ورجليه . - نفهم من هذا أن المسيح لم يكن جسما روحانيا إنما جسما بشريا له لحم وعظام ,ثم يكمل انجيل لوقا فيقول - وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم :"اعندكم ههنا طعام ؟".فناولوه جزءا من سمك مشوي وشيئا من شهد عسل .فأخذ واكل قدامهم .) وهنا يظهر سؤال آخر لماذا أكل المسيح قدامهم كما ذكر لوقا ؟ لو كان قد أكل لأنه شعر بالجوع فهذا يقطع بأنه جسم مادي بشرى وليس جسما مقاما من الموت وان لم يكن جائعا واكل ليثبت لهم شيء فما هو الشيء الذي كان يريد إثباته لهم انه أراد ببساطة أن يثبت لهم انه ليس روحا اى ليس جسما روحانيا بل جسما بشريا حيوانيا ماديا ترابيا وهذا يقطع بأنه لم يكن مقاما من الموت وبالتالي لم يمت ولم يصلب .
-فى انجيل يوحنا 20 – 24 : 29 (أما توما ,احد الاثنى عشر ,الذي يقال له التوأم فلم يكن معهم حين جاء يسوع .فقال له التلاميذ الآخرون :"قد رأينا الرب !".فقال لهم:"ان لم أبصر في يديه اثر المسامير,وأضع اصبعى في اثر المسامير ,وأضع يدي فى جنبه ,لا أومن " .) – هنا نسأل سؤال آخر لماذا طلب توما كل هذا ؟انه يعلم كتلميذ للمسيح وكملازم له دائما ان كل مقام من الموت لا يكون جسما ماديا بل يكون جسما روحانيا لا تظهر فيه آثار مسامير ولا يمسك ولا يلمس بيدين لكن التلاميذ اخبروه إنهم رأوه جسما ماديا امسكوا يديه وجسوا لحمه وعظامه واكل معهم السمك المشوي والعسل البرى ولهذا طلب ان يرى اثر المسامير ويضع يده على جنبه ثم يكمل يوحنا فيقول- (ثم قال لتوما:"هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي, وهات يديك وضعها في جنبي ,ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.")
وهذا النص يقطع بأن المسيح لم يكن جسما روحانيا بل كان جسما بشريا وهذا يعنى انه لم يكن مقاما من الموت ولم يكن ميتا ولا مصلوبا بالطبع.
-فى انجيل يوحنا من نفس الإصحاح نجد ما يقطع على لسان المسيح بأنه لم يكن مقاما من الأموات ففي الفقرة 15 : 17 (قال لها يسوع "يا امرأة ,لماذا تبكين ؟ .من تطلبين ؟".فظنت انه البستاني ,-وهنا نسأل لماذا ظنت انه البستاني ؟ لابد بالقطع انه كان متنكرا بزى البستاني .ثم نسأل لماذا كان متنكرا بزى البستاني ؟ إن الجسم المقام من الموت يقوم فى قوة كما قال بولس لا يخاف أحدا ولذلك ليس بحاجة إلى تنكر لكن المسيح تنكر لأنه كان يخاف ان يمسك به اليهود ثم يقتلونه ثم يكمل يوحنا فيقول -فقالت له "يا سيد .أين وضعته؟ إن كنت قد حملته فقل لي أين وضعته ,وأنا آخذه ".- هنا لابد أن نلاحظ الضمير الذي استخدمته مريم المجدلية إنها لم تستخدم ضمير يعود على غير العاقل إنما استخدمت ضمير العاقل الذي فى اللغة الإنجليزية him وليس ضمير غير العاقل it وهذا يعنى إنها لم تقصد أن تتكلم عن جسما ميتا وليس عن جثة إنما عن إنسان حي - فقال لها يسوع "يا مريم " .فالتفتت تلك وقالت له "ربوني!"الذي تفسيره يا معلم قال لها يسوع :"لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد إلى أبى ." – إن المسيح يقول لها ألا تلمسه لأنه جسما بشريا يتألم إذا لمس احد جروحه لأنه لم يصعد إلى أبيه لم يصبح جسما روحانيا بعد وهذا يقطع بأنه لم يكن مقاما من الموت .
لعل هذه النقطة ليست هي الدليل الوحيدة على نفى مسألة صلب المسيح فإننا نجد أن مريم المجدلية قد توجهت إلى قبره لكي تدهنه بالطيب كما أوضح انجيل مرقس الإصحاح السادس عشر (1- وبعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية و مريم أم يعقوب و سالومة حنوطا ليأتين ويدهنه .) وهنا نسأل هل من عادة اليهود أن يدهنوا أجسام الموتى بالحنوط بعد ثلاثة أيام في قبورهم ؟بالطبع الإجابة هي لا لأن جسد الميت في هذه الفترة يكون قد أصابه التصلب rigor mortis وبدأ في التحلل putrefaction , وبالتالي نستطيع أن نجزم أن مريم المجدلية كانت على علم بحياته والا لما ذهبت لقبره .
ولو نظرنا الى موقف السيد المسيح قبل القبض عليه وتصرفاته لو جدناها تقطع بانه لم يصلب , فالمسيحيون يزعمون ان صلب المسيح كان خطة للخلاص , لكن هذا يتناقض مع طلب السيد المسيح النجاة فيقول انجيل متى ( ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلى قائلا "يا ابتاه ان امكن فلتعبر عنى هذه الكأس , ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت " ) , ولا يتوافق هذا مع الادعاء المسيحى ان المسيح عليه السلام كان ضحية راغبة فى التضحية , ولكن لا يمكن ان نتصور ان المسيح كان يطلب النجاة خوفا من الموت او اهتزازا , لكن فى الحقيقة خوفا على شعبه من الفتنة , فقتله سيتيح الفرصة لليهود ان يشيعوا انه كذاب , حسب قول التثنية 18 : 20 ( وأما النبى الذى يطغى فيتكلم باسمى كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذى يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبى . ) وما جاء فى حزقيال 14 : 9 ( فاذا ضل النبى وتكلم كلاما فأنا الرب قد اضللت ذلك النبى وسأمد يدى عليه وابيده من وسط شعبى اسرائيل ) .
وقد استجاب له الله حسبما جاء فى العبرانيين 5 : 7 ( الذى فى ايام جسده اذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر ان يخلصه من الموت وسمع له من اجل تقواه . )
ولم يكتفى المسيح بالدعاء فقط بل اخذ بالاسباب التى قد تدفع عنه خطر اليهود , فأمر اتباعه بأتخاذ سيوف كما جاء فى انجيل لوقا 22 : 35 – 38 (ثم قال لهم " حين ارسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا احذية هل اعوزكم شىء ؟ " فقالوا : " لا " فقال لهم : " لكم لان من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثوبا ويشتر سيفا " ) .
واضافة الى ذلك فليس هناك ما يبرر القول بموت المسيح , فالمسيح بقى على الصليب ثلاث ساعات فقط , فقد ذكر انجيل متى 27 : 46 – 50 (نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني , فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا. وللوقت ركض واحد منهم واخذ اسفنجة وملأها خلا وجعلها على قصبة وسقاه. واما الباقون فقالوا اترك.لنرى هل يأتي ايليا يخلّصه. فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم واسلم الروح ) , بينما يخبرنا انجيل يوحنا 19 : 14 – 18 ان المسيح لم يكن قد وضع على الصليب حتى الساعة السادسة , وهذه الساعات الثلاث التى قضاها المسيح على الصليب لم تكن كافية لموته ابدا , وهذا ايضا كان موضع تعجب من بيلاطس كما ذكر انجيل مرقس 15 : 44 ( فتعجب بيلاطس انه مات كذا سريعا ) .
وقد ذكرت دائرة المعارف الكتابية تحت عنوان cross وتحت عنوان جانبى crucifixion ان الوفاة نادرا ما تحدث فى حالة الصلب قبل 36 ساعة وتضيف ان المؤرخ اليهودى فلاسيوس يوسيفوس سجل حالات انزلت من على الصليب نجت من الموت بالرغم من تلك الاصابات الرهيبة بعد عدة ساعات من التعليق على الصليب .
http://www.studylight.org/enc/isb/view.cgi?number=T2426
ومما يؤكد عدم موت المسيح ايضا هو مسألة آية يونان فقد ذكر انجيل متى 12 : 38 – 40 ( حينئذ اجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين " يا معلم نريد ان نرى منك آية " فأجاب وقال لهم " جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له اية الا آية يونان النبى , لأنه كما كان يونان فى بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال , هكذا يكون ابن الانسان فى قلب الارض ثلاث أيام وثلاث ليال " ) , ولنسأل انفسنا ما هو وجه التطابق بين معجزة يونان ومعجزة المسيح , فلا يمكن ان يكون التطابق هو المدة الزمنية اى ثلاثة ايام وثلاث ليال لأن المسيح ادخل القبر حسب الانجيل مساء الجمعة وفى فجر الاحد كان القبر خاليا منه , اى انه اقام فيه على احسن الفروض ليلة السبت ويوم السبت وليلة الاحد , اى يوم وليلتين , كما ان المعجزة الحقيقية ليونان ليست فى المدة الزمنية انما فى بقائه حيا طوال هذه الفترة داخل بطن الحوت , وبالتالى تكون معجزة المسيح هى بقاءه حيا ايضا .
يبقى لنا ان نتناول مسألة كفن المسيح التى استند اليها المسيحيون لأثبات ان المسيح قد مات , معتمدين على الكفن الموجود فى تورين , وسوف نكتفى بأيراد عدد من الادلة النافية لهذه المزاعم :
ما اوردته دائرة المعارف الكاثوليكية حول اكتشاف وثائق تتضمن التماس مقدم من اسقف ترويز للبابا كليمنت السابع يرجوه فيه ان يضع حدا لتلك الفضائح المتعلقة بالكفن الموجود فى ليرى , و تتضمن الوثائق تصريح من الاسقف ان الصورةالموجودة على الكفن هى من عمل رسام اعترف انه قام بطلاء تلك الصورة و لكنها عرضت بطريقة جعلت العامة تتوهم انها الكفن الحقيقى للمسيح!!
http://www.newadvent.org/cathen/13762a.htm
كما اوردت دائرة المعارف الحرة ان نتائج الاختبارات التى فوض الفاتيكان ثلاث جامعات هى جامعات اكسفورد و اريزونا والمعهد الفيدرالى السويسرى للتكنولوجيا لاجراءها عام 1988 لتحديد الفترة الزمنية التى يرجع اليها الكفن باستخدام تقنية الكربون المشع اسفرت عن ان الكفن يرجع الى العصور الوسطى!!
http://en.wikipedia.org/wiki/Shroud_of_turin
ايضا تحت عنوان Blood stains ان نتائج الاختبارات التى اجراها الكميائى والتر ماك أكرون Walter Mc Crone يؤكد من خلالها ان المواد الصبغية الموجودة بالكفن ليست الا صبغات عادية و و ان ايا من تلك التجارب لا يشير الى وجود دماء .
http://en.wikipedia.org/wiki/Shroud_...ocarbon_dating
وليس هذا هو الحد الذى تقف عنده مسألة خلط الحقائق , فحتى دخول المسيح الى اورشليم فى احد السعف قبل قيامته المزعومة بأسبوع شابها كثير من الخلط , فقد اتفق انجيلى مرقس ولوقا ان المسيح ارسل اثنين من تلاميذه عند اقترابه من اورشليم ليحضرا له جحشا كما فى مرقس 11 : 1 – 7 , وفى انجيل لوقا 19 : 28 – 35 , اما انجيل يوحنا 12 : 12 فقال ( ووجد يسوع جحشا فجلس عليه ) , ورغم مخالفة يوحنا لحادثة العثور على الجحش لما ورد فى مرقس ولوقا الا انه اتفق على انه جحش وفقط , بينما انجيل متى اتفق مع مرقس ولوقا حول ارسال اثنين من التلاميذ لأحضار الجحش الا انه لم يجعله جحشا فقط لكن جعله جحش وآتان كما فى متى 12 : 1 – 3 , ولعل متى اراد بهذا التغيير ان يطابق النبوءة الواردة فى الانبياء القائلة ( قولوا لأبنه صهيون : هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على اتان وجحش ابن اتان ) , وبينما تجاهل مرقس ولوقا هذه النبوءة الا ان يوحنا لجأ الى تغيير النبوءة بدلا من تغيير الوقائع فجعلها ( لا تخافى يا ابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك جالسا على حجش آتان ) واراح الجميع .
ملحوظة : هذا موضوع قديم كنت قد اعددته واعتمدت فيه على وجهة النظر التى قدمها الاستاذ أحمد ديدات رحمه الله فى كتابه ( صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء ) ورأيت ان اعيد نشر المقال بمناسبة عيد القيامة واسبوع الالام .
تعليق