أفعال المسيح ومعجزاته عليه السلام:
يستدل النصارى على ألوهية المسيح من معجزاته مثل قيامه بشفاء المرضى وإكثار الطعام القليل ليكفي الكثير من الناس وبإحياء الموتى.
الرد من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: هل سبق لبعض الأنبياء عمل معجزات مشابهة؟
الوجه الثاني: هل نسب المسيح هذه المعجزات لنفسه أم قال: إن الله هو الذي مكنه منها؟
الوجه الثالث: هل هناك مواقف للسيد المسيح تؤكد عجزه وقصور قدرته؟
- الوجه الأول: أرسل الله تعالى الرسل وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدق رسالتهم وقد ذكر العهد القديم العديد من المعجزات المشابهة لمعجزات المسيح 5 قام بها أنبياء ولم يّدعِ أحد ألوهيتهم، وكمثال:
أ- صبي كان ميتًا وأحياه أحد أنبياء العهد القديم (أليشع) بإذن الله تعالى:
(الملوك الثاني 4: 32 وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيِّتٌ وَمُضْطَجِعٌ عَلَى سَرِيرِهِ...35 ثُمَ قامَ وتمَشَّى في الغُرفَةِ، ذهابًا وإيابًا، وصَعِدَ السَّريرَ وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ فعَطَسَ الصَّبيُّ سَبعَ مرَّاتٍ وفتَحَ عينَيهِ).
ب- نبي أخر من أنبياء العهد القديم «إيليا» أحيا الموتى بإذن الله تعالى:
(الملوك الأول 17: 21-22 وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ ثَلاثَ مرَّاتٍ وصرَخ إلى الرّبِّ وقالَ: «أيُّها الرّبُّ إلهي، لِتَعُدْ رُوحُ الصَّبيِّ إليهِ». فاَستَجابَ الرّبُّ لَه، فعادَت روحُ الصَّبيِّ إليهِ وعاشَ).
ج- جعل «إيليا» قصعة دقيق وخابية من الزيت لا ينفدان لأيام عديدة:
(الملوك الأول 17: 14 فالرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ قالَ: قَصعَةُ الدَّقيقِ عِندَكِ لا تفرَغُ، وخابيَةُ الزَّيتِ لا تَنقُصُ إلى أنْ يُرسِلَ الرّبُّ مطَرًا).
د- جاء عن «إيليا» و«أليشع» في (الملوك الثاني 2: 7 ووقف كلاهما بجانب الأردن، وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء، فانفلق إلى هنا وهناك فعبر كلاهما في اليَبَس).
هـ- نبي الله موسى 5 أجرى الله على يده الكثير من المعجزات التي تفرد بها ولم يؤت أي نبي مثلها, مثل شق البحر، وتحويل العصا إلى ثعبان.
و- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم أن المسيح نفسه لم تكن له آيات مثل آيات موسى فضلا عن الحواريين، فإن أعظم آيات المسيح 5 إحياء الموتى وهذه الآية قد شاركه فيها غيره من الأنبياء كإلياس وغيره, وأهل الكتاب عندهم في كتبهم أن غير المسيح أحيا الله على يديه الموتى، وموسى بن عمران من جملة آياته العصا التي انقلبت فصارت ثعبانا مبينا حتى بلعت الحبال والعصي التي للسحرة، وكان غير مرة يلقيها فتصير ثعبانا ثم يمسكها فتعود عصا, ومعلوم أن هذه آية لم تكن لغيره وهي أعظم من إحياء الموتى، فإن الإنسان كانت فيه الحياة فإذا عاش فقد عاد إلى مثل حاله الأول، والله تعالى يحيي الموتى بإقامتهم من قبورهم، وقد أحيا غير واحد من الموتى في الدنيا, وأما انقلاب خشبة تصير حيوانا ثم تعود خشبة مرة بعد مرة وتبتلع الحبال والعصي فهذا أعجب من حياة الميت, وأيضًا فالله قد أخبر أنه أحيا من الموتى على يد موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل أعظم ممن أحياهم على يد المسيح6: } وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ «55» ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { [البقرة:55‑56] وَ6: } فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي الله الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ { [البقرة:73], وأيضًا فموسىFكان يخرج يده بيضاء من غير سوء، وهذا أعظم من إبراء أثر البرص الذي فعله المسيح 5 فإن البرص مرض معتاد وإنما العجب الإبراء منه، وأما بياض اليد من غير برص ثم عودها إلى حالها الأول ففيه أمران عجيبان لا يعرف لهما نظير, وأيضًا فموسى فلق الله له البحر حتى عبر فيه بنو إسرائيل وغرق فيه فرعون وجنوده وهذا أمر باهر فيه من عظمة هذه الآية ومن إهلاك الله لعدو موسى ما لم يكن مثله للمسيح, وأيضًا فموسى كان الله يطعمهم على يده المن والسلوى مع كثرة بني إسرائيل، ويفجّر لهم بضربه للحجر كل يوم اثني عشر عينا تكفيهم, وهذا أعظم من إنزال المسيح 5 للمائدة ومن قلب الماء خمرا ونحو ذلك مما يُـحكى عنه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, وكان لموسى في عدوه من القمل والضفادع والدم وسائر الآيات ما لم يكن مثله للمسيح([1]).
ما سبق أمثلة من العهد القديم عن المعجزات التي قام بها الأنبياء, ولم يدَّعِ أتباعهم أن هذه المعجزات هي دليل على الألوهية.
- الوجه الثاني: توجه المسيح بالدعاء إلى الله ليؤيده بالمعجزات ونسب القدرة إلى الله تعالى كما يلي:
أ- في الموقف الوارد بإنجيل يوحنا, عندما أخبروا المسيح عن الميت (الذي أحياه بإذن الله تعالى), توجه المسيح 5 ببصره إلى السماء يدعو الله تعالى ويشكر الله تعالى على استجابته له وتأييده له بالمعجزات حتى يؤمنوا أنه أرسله (لا ليؤمنوا أنه الله) فقال: (لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي) أي ليؤمنوا أنه رسول الله إليهم.
(يوحنا 11: 41 فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42 وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». 43 وَلَمَّا قَالَ هَذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجًا» 44 فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ»)
ب- أكد المسيح أنه لا يستطيع فعل شيء بدون تأييد الله تعالى سلطته وقوته لله تعالى فقال:
1- (متى 28: 18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ)
فمن الذي أعطاه السلطان؟ .
2- (يوحنا 5: 30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا.)
3- (متى 12: 28 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ الله أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ الله!)
4- (لوقا 11: 20 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ)
5- (يوحنا 5: 19 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إلَّا مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ).
ج- جاءت شهادة الحواري بطرس عن المسيح 5 أنه رجلٌ أيده الله بالمعجزات، وليس إلهًا يقوم بالمعجزات: (أعمال الرسل 2: 22 يا بَني إِسرائيلَ اَسمَعوا هذا الكلامَ: كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلًا أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ).
الجانب الثالث: سنذكر ثلاثة مواقف من العهد الجديد ينفيان ألوهية المسيح عن طريق بيان ضعف قدرته البشرية وعجزه المنافي لادعاء الألوهية:
1- استولى الشيطان على المسيح وأخذه ليجربه لمدة أربعين يومًا, ليتأكد من أنه ابن الله أم لا!, وقال له: اسجد لي فأعطيك ممالك الأرض, فقال المسيح للشيطان: لا, فالسجود لله وحده.
والنص التالي يسرد كيف أن الشيطان جربه وأخذه وأقامه وأقعده وأراه وطلب منه السجود ثم تركه!!.
(متى 4: 1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَاعَ أَخِيرًا. 3فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا». 4فَأَجَابَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ الله». 5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ 6وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أيضًا: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 8ثُمَّ أَخَذَهُ أيضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدًّا وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». 10حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 11ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ)!!.
2- جاع المسيح وهو في الطريق فرأى شجرة تين فذهب ليأكل منها هو والتلاميذ، فوجدها فارغة لا ثمار فيها؛ لأنه لم يكن أوان التين (كان يجهل الأوان ولم يرها جيدًا من بعيد!), فما الذي فعله؟ هل قال لها: لتكوني مثمرة طوال العام؟ ؟. ..لا بل قال لها: لا يكون منك ثمر أبدًا فيبست الشجرة.
فلو كانت عنده المقدرة وصحت الرواية لماذا لم يجعلها مثمرة ويحول المكان إلى حديقة لينعم تلاميذه ولماذا لم يتركها ليستظل بها من يريد؟ .
تعليقات النصارى على هذا الموضوع (لأن المسيح لا يستخدم لاهوته لصالح ناسوته ولكن يستخدمه للجميع, مثل موضوع إكثار الطعام!).
والرد ولماذا لم يجعلها مثمرة للتلاميذ؟ ولماذا مشى قبلها على الماء واستعمل لاهوته من أجل ناسوته في ذلك؟ ومن الذي قال لكم هذا التبرير؟ ومن الذي ذكر لاهوته وناسوته وفي أي إنجيل وردت؟ .
(مرقس 11: 12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إلَّا وَرَقًا لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَقَالَ يَسُوعُ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُونَ)
3- المسيح 5 ترك الحواريين وذهب ليصلي (لمن كان يصلي المسيح؟) ويتضرع إلى الله, وامتلأ عرقًا فأرسل الله له ملاكًا ليقويه (هل يرسل الله إلى الله ملاكًا من مخلوقاته ليقويه؟).
(لوقا 22: 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ).
د. أقوال المعاصرين للمسيح وأفعالهم:
بالرغم من كافة الأدلة والبراهين السابقة, أحيانًا تجد من يقدم أسبابًا للألوهية مناقضة لجميع أقوال المسيح وأفعاله ويعطي هذه الأقوال أهمية أكثر من أقوال المسيح نفسه:
1- يقول النصارى: ظهر المسيح بعد حادثة الصلب, وأصر توما على التأكد من شخصيته, وعندما تأكد صرخ «ربي وإلهي» مما يؤكد ألوهية المسيح.
(يوحنا 20: 28 27 ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». 28أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».030وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ الله وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ).
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول: الصيحة «ربي وإلهي» هي صيحة تعجب ودهشة وليست نداء, فهذه الصيحة من المعتاد قولها تعبيرًا عن الدهشة (الله, يا رب, يا الله), والتعبير باللغة الإنجليزية أصل الترجمة مشهور جدًا« «My God بمعنى «يا إلهي», ويقال عند اكتشاف شيء غريب غير متوقع.
الوجه الثاني: هل من المنطقي أن يكون الله أو الرب قضى معهم ثلاث سنوات ولم يتبينوا أنه هو الرب, هل هذا منطقي؟.
لقد بدأ المسيح الدعوة عندما كان عمره ثلاثين عامًا وقبل أن يصل لهذا العمر لم يلاحظوا شيئًا غريبًا عليه (لوقا3: 23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً..) , وبالنسخ الإنجليزية والتراجم الحديثة كما سيتم العرض,(ولما ابتدأ يسوع خدمته أو رسالته), أي أنه قبل أن يبلغ الثلاثين كان إنسانًا عاديًا يعمل ويدور في شوارع أورشليم, وبعد أن بدأ رسالته في سن الثلاثين استمر معهم ما يزيد على ثلاث سنوات وفي آخر السنوات الثلاث يكتشفون أنه إله!. (ما الذي يجعل الإله يستمر في العمل حتى سن الثلاثين ثم يبدأ الدعوة ثم الفداء؟).
نجد في النص السابق, أصحاب ترجمة (سميث فان دايك) , شعروا بالخجل من كتابة (ابتدأ خدمته), ولكن الترجمة (العربية المبسطة) كتبت: (لوقا 3: 23 كَانَ يَسُوعُ فِي نَحْوِ الثَّلاَثِيْنَ مِنْ عُمرِهِ عِندَمَا ابتَدَأَ خِدمَتَهُ. وَكَانَ النَّاسُ يَظُنُّونَ أنَّهُ ابنُ يُوسُفَ..), ما معنى يظنون أنه ابن يوسف!؟. وكذلك الترجمة (العربية المشتركة): (لوقا 3: 23 وكانَ يَسوعُ في نحوِ الثَّلاثينَ مِنَ العُمرِ عِندَما بدَأَ رِسالتَهُ. وكانَ النـّاسُ يَحسِبونَهُ اِبنَ يوسُفَ.)., وكذلك الترجمة (الكاثوليكية) كتبت: (لوقا 3: 23 وكانَ يسوعُ عِندَ بَدءِ رِسالتِه، في نَحوِ الثَّلاثينَ مِن عُمرِه، وكانَ النَّاسُ يَحسَبونَه ابنَ يوسف).
الوجه الثالث: في النص «أجاب تومًا», فعمَّ أجاب ولم يكن هناك سؤال؟! أم أنه كان هناك سؤال محذوف؟؟.
الوجه الرابع: حسب مفهوم العهد القديم والجديد كما بينا في أول الفصل (رب) و(إله) لا يختصان بالله تعالى وحده.
الوجه الخامس: صرح بطرس الحواري بعدها قائلًا: (أعمال الرسل 2: 22.. كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلًا أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ)
الوجه السادس: سنفترض جدلًا أن توما والتلاميذ اكتشفوا أخيرًا أن المسيح هو الله, وذلك بعد عدة سنوات قضوها معه, ما الذي كان سيتم عمله بعد هذا الاكتشاف العظيم؟.
بالطبع كان على كاتب الإنجيل أن يبرز ويبين هذه اللحظة, فقد اكتشفوا أن من معهم هو الله (حسب قولهم), فما الذي كتبه في الفقرة التالية كاتب الإنجيل (المجهول) بعد القول «ربي وإلهي»!؟ (يوحنا 20: 30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ الله وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ), لقد قال إنه كتب هذه لتؤمنوا أن يسوع هو ابن الله (التي تحدثنا عن معناها رجل صالح بار, نبي), فلم يكن هناك أي اهتمام بذكر أن الحواريين اكتشفوا شيئًا جديدًا أو أن من كان معهم يشرب ويأكل ويهرب هو الإله, ولم يكتب يوحنا لتعلموا أن المسيح هو الله المتجسد ليكفر عن الخطيئة وهو أقنوم من الثالوث وهو إله والروح القدس إله و...الخ, فهل معنى هذا أن كاتب الإنجيل عرف شيئًا مختلفًا في هذا الموقف؟ ؟.
أما الذي فعله التلميذ الذي صرخ قائلًا: «ربي وإلهي» (ويحاولون إظهار الموقف كما لو كان رأى الله أو اكتشف أن من معه هو الله!), هو أنه ذهب ليصطاد سمكًا مع باقي التلاميذ!.
فهل هذا معناه اكتشاف شيء غريب غير معتاد!؟.
(يوحنا 21: 1 بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ وَابْنَا زَبْدِي وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا).
الملاحظ أن كتبة الأناجيل لم يكونوا من التلاميذ (الحواريين), ونلاحظ عند قراءة أحداث الصلب حسب العهد الجديد أن التلاميذ هربوا فور القبض عليه حتى إن احدهم جرى عاريًا , فلم يكن الحواريون شهود عيان على أي أحداث ولم يكن كتبة الأناجيل معاصرين للمسيح 5!!.
أ- (متى 26: 56. ...حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا).
ب- (مرقس 15: 50 فتركه الجميع وهربوا. 51 وتبعه شاب لابسًا إزارا على عريه فامسكه الشبان.52 فترك الإزار وهرب منهم عريانا).
2- يقول النصارى: لقد تقبل المسيح العبادة بأن سمح للبعض أن يسجدوا له, مما يعني أنه إله!.
(متى 14: 33 وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ الله!»).(متى 15: 25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!»).
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول: هناك سجود عبادة، وسجود تحية وتعظيم، وهذا النوع كان شائعًا عند اليهود وكان موجودًا بكثرة في العهد القديم ومن أمثلته:
1- أخوة يوسف سجدوا له: (تكوين 42: 6 وكان يوسف هو المسلّط على الأرض وهو البائع لكل شعب الأرض.فأتى أخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض).
2- النبي لوط يسجد لملاكين ويقول لهما عبدكما: (تكوين 19: 1 فجاء الملاكان إلى سدوم مساء وكان لوط جالسًا في باب سدوم.فلما رآهما لوط قام لاستقبالهما وسجد بوجهه إلى الأرض 2 وقال: يا سيّديّ مِيلا إلى بيت عبدكما وبِيتا واغسلا أرجلكما.)
3- النبي سليمان يسجد لامرأة (ملوك الأول 2: 19 فدخلت بثشبع إلى الملك سليمان لتكلمه عن أدونيا.فقام الملك للقائها وسجد لها وجلس على كرسيه).
4- النبي إبراهيم يسجد للشعب: (تكوين 23: 7 فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض).
5- أولاد يعقوب يسجدون لعيسو (عمهم): (تكوين 33: 7 ثم اقتربت ليئة أيضًا وأولادها وسجدوا.وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا).
الوجه الثاني: إن كان السجود سجود عبادة فكيف يعبدونه ويبصقون عليه ويضربونه في نفس الوقت؟ .
1- (مرقس 15: 19 وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ).
2- (مرقس 14: 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ).
الوجه الثالث: حسب إنجيل متى لقد سجد له المجوس, ولم يعتبروه إلهًا (متى 2: 2...إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاؤوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ).
الوجه الرابع: لمن كان يسجد المسيح ويصلي!!؟
(متى 26: 39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلًا وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي).
3- يقول النصارى: جاء في رؤيا يوحنا إن يوحنا اللاهوتي سمع في رؤيته المسيحَ يقول ما يثبت ألوهيته فقال: (رؤيا 22: 13 أنا الألف والياء.البداية والنهاية.الأول والآخر).
الرد: سفر الرؤيا هو عبارة عن رؤيا رآها يوحنا, أثناء وجوده في جزيرة منعزلة, في الفترة من 100 إلى 110 ميلادية, وخلال هذه الرؤيا وصف أشياء غريبة منها أنه وجد حيوانات لها سبعة رؤوس، وخروفًا له سبعة أعين، وغيرها من الأشياء الغريبة, وتأتي الطامة الكبرى في أنه رأى خروفًا بجوار العرش وعرف أن هذا الخروف (حسب الرؤيا), هو رب الأرباب وملك الملوك وهو المستحق للعبادة وهو الذي يرعى المؤمنين.
(رؤيا 17: 14 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون).
(رؤيا 22: 3 ولا تكون لعنة ما في ما بعد.وعرش الله والخروف يكون فيها وعبيده يخدمونه).
فمن يقتنع أن المسيح 5 لم يعلن أنه إله طوال السنوات التي قضاها مع الحواريين, ثم جاء في الرؤيا أو في الحلم ليوحنا المجهول بعد واقعة الصلب بحوالي 70 عامًا, ليخبره أنه هو الإله في هذا النوع من الرؤى , فليقتنع ولا يلومن إلا نفسه!!.
4- يقول النصارى: لقد كتب يوحنا في بداية الإنجيل «في البدء كان الكلمة والكلمة هو الله».
(يوحنا 1: 1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ الله وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله).
حيث إن لفظ «الكلمة» أو «اللوجوس» بمعنى «العقل» يطلق على المسيح.
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول: العبارة غير مفهومة فإذا كانت الكلمة عند الله كيف تكون هي الله!؟
بالتعويض في العبارة بوضع الكلمة مكان الله (ما دامت الكلمة هي الله) نحصل على النص التالي:
في البدء كان الله وكان الله عند الله وكان الله الله. ..!!..ولا تعليق.
الوجه الثاني: هذه العبارة نسبت إلى يوحنا, ولم تكن من أقوال المسيح 5.
الوجه الثالث: أين الروح القدس؟ وهو حسب الاعتقاد وقانون الإيمان إله متساوٍ معهم وله نفس القدرة.
الوجه الرابع: إن كان يقصد يوحنا بهذا العدد أن يقول لنا: (إن عيسى والله هما واحد متساوٍ), فما الذي نفهمه من قول المسيح في نفس الإنجيل: (يوحنا 20:17…إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ»). وقوله: (يوحنا8: 40... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ الله).
الوجه الخامس: أتى يوحنا بهذا القول الفلسفي غير المفهوم من فيلسوف يهودي ينسب له هذا القول عاش في القرن الأول الميلادي في الإسكندرية (يسمى فيليو السكندري), وقاله متأثرًا بالفلسفة الأفلاطونية القائلة بأن أول ما خلق الله هو الحكمة(اللوجوس), والحكمة هي التي خلقت الكون.
فقد كتب وول ديورانت في موسوعة قصة الحضارة عن فيليو السكندري:
«وكان فيلو فيلسوفًا أكثر مما كان رجل دين، وكان صوفيًا....وكان فيلو يتأرجح بين الفلسفة واللاهوت، وبين التجريد والتجسيد، ولهذا كان يفكر في العقل الإلهي مرة كأنه شخص، وفي ساعة من ساعات نشوته الشعرية يسميه أول ما ولد الله»... ويقول: إنه عن طريق الكلمة كشف الله عن نفسه للإنسان.
ولقد كانت «عقيدة العقل الإلهي» التي يقول بها فيلو من الآراء ذات الأثر الأكبر في تاريخ التفكير البشري. ولرأيه هذا سابقات واضحة في فلسفة هرقليطس وأفلاطون، والرواقيين، وأكبر الظن أنه كان يعرف الآداب اليهودية التي نشأت في العصر القريب من عصره، والتي جعلت من حكمة الله بوصفه خالق الكون شخصًا محددًا مميزًا. وكان فيلو معاصرًا للمسيح، ويَلُوح أنه لم يسمع قط عنه، ولكنه قد أسهم على غير علم منه في تكوين اللاهوت المسيحي. ولقد حاول فيلو أن يوفق بين اليهودية والفلسفة الهلينية، فأما من وجهة النظر اليهودية فقد أخفق في مسعاه، وأما من وجهة النظر التاريخية فقد أفلح، وكانت ثمرة فلاحه هي الإصحاح الأول من إنجيل يوحنًا»([2]).
5- يدعي النصارى أنه جاء في القرآن أن المسيح هو كلمة الله وروح منه مما يعني أنه هو الله!!.
أحيانًا يلجأ الجانب النصراني للادعاء أن ألوهية المسيح واضحة وجلية ومن الممكن إثباتها من القرآن!, ومن الضلال البين أن نجد مادة تسمى «لاهوت المسيح في القرآن» تدرس في بعض الكليات الأكليريكية!. وخلاصة المنهج الادعاء بأن القرآن في ظاهره ينفي الألوهية, ولكن في باطنه يقول بألوهية المسيح!.وكمثال للأدلة الواهية التي يقدمونها:
أ- تم ذكر المسيح (عيسى) بالقرآن الكريم خمسًا وعشرين مرة، ولم يأت اسم محمد(F) إلا أربع مرات!, كما ورد اسم السيدة العذراء واحدًا وثلاثين مرة، ولم يأت ذكر أم الرسول ! ( صلى الله عليه وسلم )
والرد: أنه لو كان القرآن من عند محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لوضع فيه اسمه واسم من يشاء من أقاربه وأحبائه!! , فهذا ليس دليلا لكم بل هو دليل على صدق القرآن الكريم وأنه ليس من اختلاق محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كما أن إبراهيم عليه السلام ورد اسمه ثلاثًا وستين مرة، وموسى عليه السلام ورد اسمه مائة وواحدًا وثلاثين مرة، فهل يكون القرآن يخفي ألوهية موسى5!؟.
ب- جاءت آية في القرآن تقول: } إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ { [آل عمران:45] , فبذلك بيّن القرآن أن عيسى كلمة الله وروح من الله نفسه فيكون بذلك هو الله!!.
والرد: جاء المعنى في التفسير الميسر: وما كنت ‑ يا نبي الله ‑ هناك حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله يُبَشِّرُكِ بولد يكون وجوده بكلمة من الله , أي يقول له: «كن», فيكون اسمه المسيح عيسى بن مريم, له الجاه العظيم في الدنيا والآخرة, ومن المقربين عند الله يوم القيامة.
يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم, ولا تقولوا على الله إلا الحق,. إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله أرسله الله بالحق, وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم, وهي قوله: «كن», فكان, وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه(روح), فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له.
وقد تم وضع الرد كاملًا في نهاية الفصل الثالث في الرد على محاولات إثبات التثليث من القرآن!.
وسيأتي تفصيل معنى الروح في القرآن الكريم في الفصل السابع واختصارًا , جاءت الروح بمعنى:
1- نَسَمة الحياة في قوله تعالى: } فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ { [الحجر: 29]
2- جبريل 5: } نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ { [الشعراء: 193]
3- الوحي: } يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إلَّا أَنَاْ فَاتَّقُونِ { [النحل: 2].
([1]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – ج2 –ص 227/228
([2]) (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 11– ص103-105- الهيئة المصرية العامة للكتاب.,وعلى الانترنت ص3807-3809 في الرابط:
(http://www.civilizationstory.com/civilization)
المراجع وللمزيد من هنا
يستدل النصارى على ألوهية المسيح من معجزاته مثل قيامه بشفاء المرضى وإكثار الطعام القليل ليكفي الكثير من الناس وبإحياء الموتى.
الرد من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: هل سبق لبعض الأنبياء عمل معجزات مشابهة؟
الوجه الثاني: هل نسب المسيح هذه المعجزات لنفسه أم قال: إن الله هو الذي مكنه منها؟
الوجه الثالث: هل هناك مواقف للسيد المسيح تؤكد عجزه وقصور قدرته؟
- الوجه الأول: أرسل الله تعالى الرسل وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدق رسالتهم وقد ذكر العهد القديم العديد من المعجزات المشابهة لمعجزات المسيح 5 قام بها أنبياء ولم يّدعِ أحد ألوهيتهم، وكمثال:
أ- صبي كان ميتًا وأحياه أحد أنبياء العهد القديم (أليشع) بإذن الله تعالى:
(الملوك الثاني 4: 32 وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيِّتٌ وَمُضْطَجِعٌ عَلَى سَرِيرِهِ...35 ثُمَ قامَ وتمَشَّى في الغُرفَةِ، ذهابًا وإيابًا، وصَعِدَ السَّريرَ وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ فعَطَسَ الصَّبيُّ سَبعَ مرَّاتٍ وفتَحَ عينَيهِ).
ب- نبي أخر من أنبياء العهد القديم «إيليا» أحيا الموتى بإذن الله تعالى:
(الملوك الأول 17: 21-22 وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ ثَلاثَ مرَّاتٍ وصرَخ إلى الرّبِّ وقالَ: «أيُّها الرّبُّ إلهي، لِتَعُدْ رُوحُ الصَّبيِّ إليهِ». فاَستَجابَ الرّبُّ لَه، فعادَت روحُ الصَّبيِّ إليهِ وعاشَ).
ج- جعل «إيليا» قصعة دقيق وخابية من الزيت لا ينفدان لأيام عديدة:
(الملوك الأول 17: 14 فالرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ قالَ: قَصعَةُ الدَّقيقِ عِندَكِ لا تفرَغُ، وخابيَةُ الزَّيتِ لا تَنقُصُ إلى أنْ يُرسِلَ الرّبُّ مطَرًا).
د- جاء عن «إيليا» و«أليشع» في (الملوك الثاني 2: 7 ووقف كلاهما بجانب الأردن، وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء، فانفلق إلى هنا وهناك فعبر كلاهما في اليَبَس).
هـ- نبي الله موسى 5 أجرى الله على يده الكثير من المعجزات التي تفرد بها ولم يؤت أي نبي مثلها, مثل شق البحر، وتحويل العصا إلى ثعبان.
و- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم أن المسيح نفسه لم تكن له آيات مثل آيات موسى فضلا عن الحواريين، فإن أعظم آيات المسيح 5 إحياء الموتى وهذه الآية قد شاركه فيها غيره من الأنبياء كإلياس وغيره, وأهل الكتاب عندهم في كتبهم أن غير المسيح أحيا الله على يديه الموتى، وموسى بن عمران من جملة آياته العصا التي انقلبت فصارت ثعبانا مبينا حتى بلعت الحبال والعصي التي للسحرة، وكان غير مرة يلقيها فتصير ثعبانا ثم يمسكها فتعود عصا, ومعلوم أن هذه آية لم تكن لغيره وهي أعظم من إحياء الموتى، فإن الإنسان كانت فيه الحياة فإذا عاش فقد عاد إلى مثل حاله الأول، والله تعالى يحيي الموتى بإقامتهم من قبورهم، وقد أحيا غير واحد من الموتى في الدنيا, وأما انقلاب خشبة تصير حيوانا ثم تعود خشبة مرة بعد مرة وتبتلع الحبال والعصي فهذا أعجب من حياة الميت, وأيضًا فالله قد أخبر أنه أحيا من الموتى على يد موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل أعظم ممن أحياهم على يد المسيح6: } وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ «55» ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { [البقرة:55‑56] وَ6: } فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي الله الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ { [البقرة:73], وأيضًا فموسىFكان يخرج يده بيضاء من غير سوء، وهذا أعظم من إبراء أثر البرص الذي فعله المسيح 5 فإن البرص مرض معتاد وإنما العجب الإبراء منه، وأما بياض اليد من غير برص ثم عودها إلى حالها الأول ففيه أمران عجيبان لا يعرف لهما نظير, وأيضًا فموسى فلق الله له البحر حتى عبر فيه بنو إسرائيل وغرق فيه فرعون وجنوده وهذا أمر باهر فيه من عظمة هذه الآية ومن إهلاك الله لعدو موسى ما لم يكن مثله للمسيح, وأيضًا فموسى كان الله يطعمهم على يده المن والسلوى مع كثرة بني إسرائيل، ويفجّر لهم بضربه للحجر كل يوم اثني عشر عينا تكفيهم, وهذا أعظم من إنزال المسيح 5 للمائدة ومن قلب الماء خمرا ونحو ذلك مما يُـحكى عنه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, وكان لموسى في عدوه من القمل والضفادع والدم وسائر الآيات ما لم يكن مثله للمسيح([1]).
ما سبق أمثلة من العهد القديم عن المعجزات التي قام بها الأنبياء, ولم يدَّعِ أتباعهم أن هذه المعجزات هي دليل على الألوهية.
- الوجه الثاني: توجه المسيح بالدعاء إلى الله ليؤيده بالمعجزات ونسب القدرة إلى الله تعالى كما يلي:
أ- في الموقف الوارد بإنجيل يوحنا, عندما أخبروا المسيح عن الميت (الذي أحياه بإذن الله تعالى), توجه المسيح 5 ببصره إلى السماء يدعو الله تعالى ويشكر الله تعالى على استجابته له وتأييده له بالمعجزات حتى يؤمنوا أنه أرسله (لا ليؤمنوا أنه الله) فقال: (لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي) أي ليؤمنوا أنه رسول الله إليهم.
(يوحنا 11: 41 فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42 وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». 43 وَلَمَّا قَالَ هَذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجًا» 44 فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ»)
ب- أكد المسيح أنه لا يستطيع فعل شيء بدون تأييد الله تعالى سلطته وقوته لله تعالى فقال:
1- (متى 28: 18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ)
فمن الذي أعطاه السلطان؟ .
2- (يوحنا 5: 30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا.)
3- (متى 12: 28 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ الله أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ الله!)
4- (لوقا 11: 20 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ)
5- (يوحنا 5: 19 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إلَّا مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ).
ج- جاءت شهادة الحواري بطرس عن المسيح 5 أنه رجلٌ أيده الله بالمعجزات، وليس إلهًا يقوم بالمعجزات: (أعمال الرسل 2: 22 يا بَني إِسرائيلَ اَسمَعوا هذا الكلامَ: كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلًا أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ).
الجانب الثالث: سنذكر ثلاثة مواقف من العهد الجديد ينفيان ألوهية المسيح عن طريق بيان ضعف قدرته البشرية وعجزه المنافي لادعاء الألوهية:
1- استولى الشيطان على المسيح وأخذه ليجربه لمدة أربعين يومًا, ليتأكد من أنه ابن الله أم لا!, وقال له: اسجد لي فأعطيك ممالك الأرض, فقال المسيح للشيطان: لا, فالسجود لله وحده.
والنص التالي يسرد كيف أن الشيطان جربه وأخذه وأقامه وأقعده وأراه وطلب منه السجود ثم تركه!!.
(متى 4: 1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَاعَ أَخِيرًا. 3فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا». 4فَأَجَابَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ الله». 5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ 6وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أيضًا: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 8ثُمَّ أَخَذَهُ أيضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدًّا وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». 10حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 11ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ)!!.
2- جاع المسيح وهو في الطريق فرأى شجرة تين فذهب ليأكل منها هو والتلاميذ، فوجدها فارغة لا ثمار فيها؛ لأنه لم يكن أوان التين (كان يجهل الأوان ولم يرها جيدًا من بعيد!), فما الذي فعله؟ هل قال لها: لتكوني مثمرة طوال العام؟ ؟. ..لا بل قال لها: لا يكون منك ثمر أبدًا فيبست الشجرة.
فلو كانت عنده المقدرة وصحت الرواية لماذا لم يجعلها مثمرة ويحول المكان إلى حديقة لينعم تلاميذه ولماذا لم يتركها ليستظل بها من يريد؟ .
تعليقات النصارى على هذا الموضوع (لأن المسيح لا يستخدم لاهوته لصالح ناسوته ولكن يستخدمه للجميع, مثل موضوع إكثار الطعام!).
والرد ولماذا لم يجعلها مثمرة للتلاميذ؟ ولماذا مشى قبلها على الماء واستعمل لاهوته من أجل ناسوته في ذلك؟ ومن الذي قال لكم هذا التبرير؟ ومن الذي ذكر لاهوته وناسوته وفي أي إنجيل وردت؟ .
(مرقس 11: 12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إلَّا وَرَقًا لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَقَالَ يَسُوعُ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُونَ)
3- المسيح 5 ترك الحواريين وذهب ليصلي (لمن كان يصلي المسيح؟) ويتضرع إلى الله, وامتلأ عرقًا فأرسل الله له ملاكًا ليقويه (هل يرسل الله إلى الله ملاكًا من مخلوقاته ليقويه؟).
(لوقا 22: 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ).
د. أقوال المعاصرين للمسيح وأفعالهم:
بالرغم من كافة الأدلة والبراهين السابقة, أحيانًا تجد من يقدم أسبابًا للألوهية مناقضة لجميع أقوال المسيح وأفعاله ويعطي هذه الأقوال أهمية أكثر من أقوال المسيح نفسه:
1- يقول النصارى: ظهر المسيح بعد حادثة الصلب, وأصر توما على التأكد من شخصيته, وعندما تأكد صرخ «ربي وإلهي» مما يؤكد ألوهية المسيح.
(يوحنا 20: 28 27 ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». 28أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».030وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ الله وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ).
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول: الصيحة «ربي وإلهي» هي صيحة تعجب ودهشة وليست نداء, فهذه الصيحة من المعتاد قولها تعبيرًا عن الدهشة (الله, يا رب, يا الله), والتعبير باللغة الإنجليزية أصل الترجمة مشهور جدًا« «My God بمعنى «يا إلهي», ويقال عند اكتشاف شيء غريب غير متوقع.
الوجه الثاني: هل من المنطقي أن يكون الله أو الرب قضى معهم ثلاث سنوات ولم يتبينوا أنه هو الرب, هل هذا منطقي؟.
لقد بدأ المسيح الدعوة عندما كان عمره ثلاثين عامًا وقبل أن يصل لهذا العمر لم يلاحظوا شيئًا غريبًا عليه (لوقا3: 23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً..) , وبالنسخ الإنجليزية والتراجم الحديثة كما سيتم العرض,(ولما ابتدأ يسوع خدمته أو رسالته), أي أنه قبل أن يبلغ الثلاثين كان إنسانًا عاديًا يعمل ويدور في شوارع أورشليم, وبعد أن بدأ رسالته في سن الثلاثين استمر معهم ما يزيد على ثلاث سنوات وفي آخر السنوات الثلاث يكتشفون أنه إله!. (ما الذي يجعل الإله يستمر في العمل حتى سن الثلاثين ثم يبدأ الدعوة ثم الفداء؟).
نجد في النص السابق, أصحاب ترجمة (سميث فان دايك) , شعروا بالخجل من كتابة (ابتدأ خدمته), ولكن الترجمة (العربية المبسطة) كتبت: (لوقا 3: 23 كَانَ يَسُوعُ فِي نَحْوِ الثَّلاَثِيْنَ مِنْ عُمرِهِ عِندَمَا ابتَدَأَ خِدمَتَهُ. وَكَانَ النَّاسُ يَظُنُّونَ أنَّهُ ابنُ يُوسُفَ..), ما معنى يظنون أنه ابن يوسف!؟. وكذلك الترجمة (العربية المشتركة): (لوقا 3: 23 وكانَ يَسوعُ في نحوِ الثَّلاثينَ مِنَ العُمرِ عِندَما بدَأَ رِسالتَهُ. وكانَ النـّاسُ يَحسِبونَهُ اِبنَ يوسُفَ.)., وكذلك الترجمة (الكاثوليكية) كتبت: (لوقا 3: 23 وكانَ يسوعُ عِندَ بَدءِ رِسالتِه، في نَحوِ الثَّلاثينَ مِن عُمرِه، وكانَ النَّاسُ يَحسَبونَه ابنَ يوسف).
الوجه الثالث: في النص «أجاب تومًا», فعمَّ أجاب ولم يكن هناك سؤال؟! أم أنه كان هناك سؤال محذوف؟؟.
الوجه الرابع: حسب مفهوم العهد القديم والجديد كما بينا في أول الفصل (رب) و(إله) لا يختصان بالله تعالى وحده.
الوجه الخامس: صرح بطرس الحواري بعدها قائلًا: (أعمال الرسل 2: 22.. كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلًا أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ)
الوجه السادس: سنفترض جدلًا أن توما والتلاميذ اكتشفوا أخيرًا أن المسيح هو الله, وذلك بعد عدة سنوات قضوها معه, ما الذي كان سيتم عمله بعد هذا الاكتشاف العظيم؟.
بالطبع كان على كاتب الإنجيل أن يبرز ويبين هذه اللحظة, فقد اكتشفوا أن من معهم هو الله (حسب قولهم), فما الذي كتبه في الفقرة التالية كاتب الإنجيل (المجهول) بعد القول «ربي وإلهي»!؟ (يوحنا 20: 30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ الله وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ), لقد قال إنه كتب هذه لتؤمنوا أن يسوع هو ابن الله (التي تحدثنا عن معناها رجل صالح بار, نبي), فلم يكن هناك أي اهتمام بذكر أن الحواريين اكتشفوا شيئًا جديدًا أو أن من كان معهم يشرب ويأكل ويهرب هو الإله, ولم يكتب يوحنا لتعلموا أن المسيح هو الله المتجسد ليكفر عن الخطيئة وهو أقنوم من الثالوث وهو إله والروح القدس إله و...الخ, فهل معنى هذا أن كاتب الإنجيل عرف شيئًا مختلفًا في هذا الموقف؟ ؟.
أما الذي فعله التلميذ الذي صرخ قائلًا: «ربي وإلهي» (ويحاولون إظهار الموقف كما لو كان رأى الله أو اكتشف أن من معه هو الله!), هو أنه ذهب ليصطاد سمكًا مع باقي التلاميذ!.
فهل هذا معناه اكتشاف شيء غريب غير معتاد!؟.
(يوحنا 21: 1 بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ وَابْنَا زَبْدِي وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا).
الملاحظ أن كتبة الأناجيل لم يكونوا من التلاميذ (الحواريين), ونلاحظ عند قراءة أحداث الصلب حسب العهد الجديد أن التلاميذ هربوا فور القبض عليه حتى إن احدهم جرى عاريًا , فلم يكن الحواريون شهود عيان على أي أحداث ولم يكن كتبة الأناجيل معاصرين للمسيح 5!!.
أ- (متى 26: 56. ...حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا).
ب- (مرقس 15: 50 فتركه الجميع وهربوا. 51 وتبعه شاب لابسًا إزارا على عريه فامسكه الشبان.52 فترك الإزار وهرب منهم عريانا).
2- يقول النصارى: لقد تقبل المسيح العبادة بأن سمح للبعض أن يسجدوا له, مما يعني أنه إله!.
(متى 14: 33 وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ الله!»).(متى 15: 25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!»).
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول: هناك سجود عبادة، وسجود تحية وتعظيم، وهذا النوع كان شائعًا عند اليهود وكان موجودًا بكثرة في العهد القديم ومن أمثلته:
1- أخوة يوسف سجدوا له: (تكوين 42: 6 وكان يوسف هو المسلّط على الأرض وهو البائع لكل شعب الأرض.فأتى أخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض).
2- النبي لوط يسجد لملاكين ويقول لهما عبدكما: (تكوين 19: 1 فجاء الملاكان إلى سدوم مساء وكان لوط جالسًا في باب سدوم.فلما رآهما لوط قام لاستقبالهما وسجد بوجهه إلى الأرض 2 وقال: يا سيّديّ مِيلا إلى بيت عبدكما وبِيتا واغسلا أرجلكما.)
3- النبي سليمان يسجد لامرأة (ملوك الأول 2: 19 فدخلت بثشبع إلى الملك سليمان لتكلمه عن أدونيا.فقام الملك للقائها وسجد لها وجلس على كرسيه).
4- النبي إبراهيم يسجد للشعب: (تكوين 23: 7 فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض).
5- أولاد يعقوب يسجدون لعيسو (عمهم): (تكوين 33: 7 ثم اقتربت ليئة أيضًا وأولادها وسجدوا.وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا).
الوجه الثاني: إن كان السجود سجود عبادة فكيف يعبدونه ويبصقون عليه ويضربونه في نفس الوقت؟ .
1- (مرقس 15: 19 وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ).
2- (مرقس 14: 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ).
الوجه الثالث: حسب إنجيل متى لقد سجد له المجوس, ولم يعتبروه إلهًا (متى 2: 2...إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاؤوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ).
الوجه الرابع: لمن كان يسجد المسيح ويصلي!!؟
(متى 26: 39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلًا وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي).
3- يقول النصارى: جاء في رؤيا يوحنا إن يوحنا اللاهوتي سمع في رؤيته المسيحَ يقول ما يثبت ألوهيته فقال: (رؤيا 22: 13 أنا الألف والياء.البداية والنهاية.الأول والآخر).
الرد: سفر الرؤيا هو عبارة عن رؤيا رآها يوحنا, أثناء وجوده في جزيرة منعزلة, في الفترة من 100 إلى 110 ميلادية, وخلال هذه الرؤيا وصف أشياء غريبة منها أنه وجد حيوانات لها سبعة رؤوس، وخروفًا له سبعة أعين، وغيرها من الأشياء الغريبة, وتأتي الطامة الكبرى في أنه رأى خروفًا بجوار العرش وعرف أن هذا الخروف (حسب الرؤيا), هو رب الأرباب وملك الملوك وهو المستحق للعبادة وهو الذي يرعى المؤمنين.
(رؤيا 17: 14 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون).
(رؤيا 22: 3 ولا تكون لعنة ما في ما بعد.وعرش الله والخروف يكون فيها وعبيده يخدمونه).
فمن يقتنع أن المسيح 5 لم يعلن أنه إله طوال السنوات التي قضاها مع الحواريين, ثم جاء في الرؤيا أو في الحلم ليوحنا المجهول بعد واقعة الصلب بحوالي 70 عامًا, ليخبره أنه هو الإله في هذا النوع من الرؤى , فليقتنع ولا يلومن إلا نفسه!!.
4- يقول النصارى: لقد كتب يوحنا في بداية الإنجيل «في البدء كان الكلمة والكلمة هو الله».
(يوحنا 1: 1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ الله وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله).
حيث إن لفظ «الكلمة» أو «اللوجوس» بمعنى «العقل» يطلق على المسيح.
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول: العبارة غير مفهومة فإذا كانت الكلمة عند الله كيف تكون هي الله!؟
بالتعويض في العبارة بوضع الكلمة مكان الله (ما دامت الكلمة هي الله) نحصل على النص التالي:
في البدء كان الله وكان الله عند الله وكان الله الله. ..!!..ولا تعليق.
الوجه الثاني: هذه العبارة نسبت إلى يوحنا, ولم تكن من أقوال المسيح 5.
الوجه الثالث: أين الروح القدس؟ وهو حسب الاعتقاد وقانون الإيمان إله متساوٍ معهم وله نفس القدرة.
الوجه الرابع: إن كان يقصد يوحنا بهذا العدد أن يقول لنا: (إن عيسى والله هما واحد متساوٍ), فما الذي نفهمه من قول المسيح في نفس الإنجيل: (يوحنا 20:17…إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ»). وقوله: (يوحنا8: 40... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ الله).
الوجه الخامس: أتى يوحنا بهذا القول الفلسفي غير المفهوم من فيلسوف يهودي ينسب له هذا القول عاش في القرن الأول الميلادي في الإسكندرية (يسمى فيليو السكندري), وقاله متأثرًا بالفلسفة الأفلاطونية القائلة بأن أول ما خلق الله هو الحكمة(اللوجوس), والحكمة هي التي خلقت الكون.
فقد كتب وول ديورانت في موسوعة قصة الحضارة عن فيليو السكندري:
«وكان فيلو فيلسوفًا أكثر مما كان رجل دين، وكان صوفيًا....وكان فيلو يتأرجح بين الفلسفة واللاهوت، وبين التجريد والتجسيد، ولهذا كان يفكر في العقل الإلهي مرة كأنه شخص، وفي ساعة من ساعات نشوته الشعرية يسميه أول ما ولد الله»... ويقول: إنه عن طريق الكلمة كشف الله عن نفسه للإنسان.
ولقد كانت «عقيدة العقل الإلهي» التي يقول بها فيلو من الآراء ذات الأثر الأكبر في تاريخ التفكير البشري. ولرأيه هذا سابقات واضحة في فلسفة هرقليطس وأفلاطون، والرواقيين، وأكبر الظن أنه كان يعرف الآداب اليهودية التي نشأت في العصر القريب من عصره، والتي جعلت من حكمة الله بوصفه خالق الكون شخصًا محددًا مميزًا. وكان فيلو معاصرًا للمسيح، ويَلُوح أنه لم يسمع قط عنه، ولكنه قد أسهم على غير علم منه في تكوين اللاهوت المسيحي. ولقد حاول فيلو أن يوفق بين اليهودية والفلسفة الهلينية، فأما من وجهة النظر اليهودية فقد أخفق في مسعاه، وأما من وجهة النظر التاريخية فقد أفلح، وكانت ثمرة فلاحه هي الإصحاح الأول من إنجيل يوحنًا»([2]).
5- يدعي النصارى أنه جاء في القرآن أن المسيح هو كلمة الله وروح منه مما يعني أنه هو الله!!.
أحيانًا يلجأ الجانب النصراني للادعاء أن ألوهية المسيح واضحة وجلية ومن الممكن إثباتها من القرآن!, ومن الضلال البين أن نجد مادة تسمى «لاهوت المسيح في القرآن» تدرس في بعض الكليات الأكليريكية!. وخلاصة المنهج الادعاء بأن القرآن في ظاهره ينفي الألوهية, ولكن في باطنه يقول بألوهية المسيح!.وكمثال للأدلة الواهية التي يقدمونها:
أ- تم ذكر المسيح (عيسى) بالقرآن الكريم خمسًا وعشرين مرة، ولم يأت اسم محمد(F) إلا أربع مرات!, كما ورد اسم السيدة العذراء واحدًا وثلاثين مرة، ولم يأت ذكر أم الرسول ! ( صلى الله عليه وسلم )
والرد: أنه لو كان القرآن من عند محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لوضع فيه اسمه واسم من يشاء من أقاربه وأحبائه!! , فهذا ليس دليلا لكم بل هو دليل على صدق القرآن الكريم وأنه ليس من اختلاق محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كما أن إبراهيم عليه السلام ورد اسمه ثلاثًا وستين مرة، وموسى عليه السلام ورد اسمه مائة وواحدًا وثلاثين مرة، فهل يكون القرآن يخفي ألوهية موسى5!؟.
ب- جاءت آية في القرآن تقول: } إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ { [آل عمران:45] , فبذلك بيّن القرآن أن عيسى كلمة الله وروح من الله نفسه فيكون بذلك هو الله!!.
والرد: جاء المعنى في التفسير الميسر: وما كنت ‑ يا نبي الله ‑ هناك حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله يُبَشِّرُكِ بولد يكون وجوده بكلمة من الله , أي يقول له: «كن», فيكون اسمه المسيح عيسى بن مريم, له الجاه العظيم في الدنيا والآخرة, ومن المقربين عند الله يوم القيامة.
يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم, ولا تقولوا على الله إلا الحق,. إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله أرسله الله بالحق, وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم, وهي قوله: «كن», فكان, وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه(روح), فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له.
وقد تم وضع الرد كاملًا في نهاية الفصل الثالث في الرد على محاولات إثبات التثليث من القرآن!.
وسيأتي تفصيل معنى الروح في القرآن الكريم في الفصل السابع واختصارًا , جاءت الروح بمعنى:
1- نَسَمة الحياة في قوله تعالى: } فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ { [الحجر: 29]
2- جبريل 5: } نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ { [الشعراء: 193]
3- الوحي: } يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إلَّا أَنَاْ فَاتَّقُونِ { [النحل: 2].
([1]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – ج2 –ص 227/228
([2]) (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 11– ص103-105- الهيئة المصرية العامة للكتاب.,وعلى الانترنت ص3807-3809 في الرابط:
(http://www.civilizationstory.com/civilization)
المراجع وللمزيد من هنا