انجيل لوقا بلا عنوان فمن أقحمه؟
أولا: العنوان [ إنجيل لوقا]
متى اقْحِمَ عنوان هذا الإنجيل في بداية هذا السفر في مخطوطات إنجيل لوقا؟وما هو العنوان الصحيح (إنجيل لوقا) أم (إنجيل القديس لوقا) أم (الإنجيل وفقاً للوقا) ؟
أقدم شواهد إنجيل لوقا وهي البردية P75 تقرأ [ الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν ] ، ومعها أغلب المخطوطات اليونانية من القرن الخامس فصاعداً واللاتينية من القرن الرابع فصاعداً.
ثاني أقدم الشواهد اليونانية للإصحاح الأول للوقا هي السينائية والفاتيكانية من القرن الرابع ;في صورتهما الأصلية -وفقاً للعديد من النقاد- لم يكن بهما عناوين الأناجيل الأربعة، ثم أضيف إليهما في وقت لاحق عنوان ]وفقا للوقا ΚΑΤΑ ΛΟΥΚΑΝ [ ونفس الشئ في مخطوطة فيرونينسر اللاتينية من القرن الرابع وبركسيانوس من القرن الخامس ليس فيهما عنوان لإنجيل لوقا، ونفس الشئ المخطوطة السكندرية من القرن الخامس لم يكن بها عنوان وفقاً لجميع النقاد ثم أضيف في وقت لاحق عنوان ] الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν [.
هناك قراءات أخرى ;الجدول التالي يوضح القراءات المختلفة للعنوان مع المخطوطات الداعمة لكل منها:
القراءة الأولى | القراءة الثانية | القراءة الثالثة | القراءة الرابعة |
لوقا λουκας |
وفقاً للوقا ΚΑΤΑ ΛΟΥΚΑΝ |
الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν |
الإنجيل المقدس وفقاً للوقا το κατα Λουκαν αγιον ευαγγελιον |
القراءة الخامسة | القراءة السادسة | القراءة السابعة | القراءة الثامنة |
من الإنجيل وفقاً للوقا εκ του κατα λουκαν ευαγγελιον |
بداية الإنجيل وفقاً للوقا αρχη του κατα Λουκαν ευαγγελιου |
الحذف | أول الإنجيل المقدس وفقاً للوقا το κατα λουκαν αγιον ευαγγελιον κεφαλην α |
القراءة التاسعة | القراءة العاشرة | ||
بداية الثاني لوقا Incipit Secundum Lucam |
إنجيل يسوع المسيح المقدس sanctum iesu christi euangelium |
- قائمة بالمخطوطات اليونانية للإصحاح الأول للوقا:-عدد المخطوطات اليونانية للإصحاح العاشر لإنجيل لوقا=50 مخطوط ، وهي كالتالي:-
- صور بعض المخطوطات اليونانية الداعمة لكل قراءة :-
بداية إنجيل لوقا غير موجودة في المخطوطة، لكن الناسخ كتب اسم الإنجيل في نهاية لوقا كما هي عادة النساخ دائماً حيث يكتبون اسم السفر في بدايته ونهايته.
]2[المخطوطة الفاتيكانية B من القرن الرابع تقرأ بقراءة (وفقاً للوقا ΚΑΤΑ ΛΟΥΚΑΝ)، هذه القراءة وفقاً لبعض النقاد النصيين، لكن وفقاً لآخرين مثل نسخة نستل ألاند و CNTTS فإن هذه القراءة هي إضافة لاحقة للمخطوطة وإنجيل لوقا في صورته الأصلية لم يكتب له عنوان.
[3[المخطوطة السينائية א من القرن الرابع تقرأ بقراءة (وفقاً للوقا ΚΑΤΑ ΛΟΥΚΑΝ) هكذا في المخطوط، لكن وفقاً لبعض النقاد النصيين مثل نسخة نستل ألاند و CNTTS ، فإن هذه القراءة هي إضافة لاحقة للمخطوطة وإنجيل لوقا في صورته الأصلية لم يكتب له عنوان.
]4[مخطوطة واشنطن Wمن القرن الخامس تقرأ بقراءة (الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν).
]5[المخطوطة السكندرية A من القرن الخامس تقرأ بقراءة (الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν) هكذا في المخطوط، لكن وفقاً للنقاد النصيين مثل نسخة نستل ألاند وصمويل تريجلز، وفليب كومفرت،وهنري ألفورد و CNTTS فإن هذه القراءة هي إضافة لاحقة للمخطوطة وإنجيل لوقا في صورته الأصلية لم يكتب قبله عنوان.
]6[مخطوط بيزا D من القرن الخامس ويقرأ بقراءة (الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν)
]7[المخطوطة الإفرايمية C من القرن الخامس ويقرأ بقراءة (الإنجيل وفقاً للوقا ευαγγελιον κατα Λουκαν)
- تعليق بعض النسخ النقدية بخصوص قراءة السينائية والفاتيكانية والسكندرية :-
- نسخة CNTTS الإلكترونية[1]: القراءة الأصلية للسينائية والفاتيكانية والسكندرية هي الحذف ،كما هو ملاحظ في الصورة ، فعلامة النجمة (*) بجوار رمز المخطوط تعني القراءة الأصلية للمخطوط، ولفظة OM في الصورة تعني (OMITT=محذوف)، وعلامة 02C في الصورة تعني أن قراءة الإضافة في المخطوطة السكندرية تمت بواسطة مصحح (Corrector) متأخر.
- فليب كومفرت[2]: وضع القوسين حول رمز المخطوطة السكندرية (A) تعني أن قراءة (الإنجيل وفقاً للوقا) في المخطوطة السكندرية أضيفت بواسطة ناسخ متأخر.
- نسخة نستل ألاند النقدية[3]:
Inscriptio: ⸂ευαγγελιον κατα Λουκαν Ac D K L W Γ Δ Θ Ξ Ψ 33. 565. 700. 892. 1424. 2542 𝔪 lat samss bopt
¦ το κατα Λουκαν αγιον ευαγγελιον 209. 579
¦ αρχη του κατα Λουκαν ευαγγελιου 1241
¦ το κατα Λουκαν αγιον ευαγγελιον 209. 579
¦ αρχη του κατα Λουκαν ευαγγελιου 1241
¦ − א* A* B*
¦ txt א1 B1 vgst boms
- نسخة هنري ألفورد[4]:-
- نسخة صمويل تريجللز[5]:- علامةA* تعني أن الناسخ الأصلي للسكندرية يحذف (OM=Omitt) العنوان.
- المخطوطات الداعمة لكل قراءة:-
- بعض النسخ النقدية التي توضح المخطوطات الداعمة لكل قراءة :-
[2] نسخة CNTTSالإلكترونية:-
- [3[نسخة فليب كومفرت[7]:
- التعليق:-
[ربما لم يكن إنجيل لوقا معنوناً في صورته الأصلية, فالنصوص الأربعة الأولى به عملت كمقدمة للكتاب أكثر إيضاحاً لمحتوى الكتاب من أي عنوان[
in its original composition, the gospel of luke was probably untitled. The first four verses,which served as the introduction or preface to the book, are far more descriptive of the content of the book than any title could be.][8]
سنقوم بترتيب الأشكال المختلفة للعنوان ترتيباً تصاعدياً وفقاً للطول:-
1- الحذف
2-لوقا
3-وفقاً للوقا
4-الإنجيل وفقاً للوقا
5-بداية الثاني لوقا
6-الإنجيل المقدس وفقاً للوقا
7-إنجيل يسوع المسيح المقدس وفقا للوقا
وأما الترتيب الزمني لظهور هذه العناوين في المخطوطات المتاحة :-
1-الإنجيل وفقاً للوقا
2-الحذف
3-وفقاً للوقا
4-بداية الثاني لوقا
5-الإنجيل للمقدس وفقاً للوقا
قراءة النص المستلم (النص اليوناني الذي يقف خلف النص العربي الحالي وأغلب نسخ العهد الجديد المطبوعة إلى القرن التاسع عشر) هي ]الإنجيل المقدس وفقاً للوقا[، أي أن هذه هي قراءة النص الذي ترجمت منه نسخة الفانديك العربية الشائعة.
من الأدلة الخارجية يصعب تحديد القراءة الصحيحة، ويقصد بالأدلة الخارجية المخطوطات وتاريخها وقوة المخطوطات الداعمة لكل قراءة من حيث التنوع الجغرافي والعائلي للمخطوطات، فالشواهد المبكرة من القرون الأربعة الأولى منقسمة بين (الإنجيل وفقا للوقا) و (وفقا للوقا) و (الحذف).
لا يمكن حسم القضية إلا من خلال التصحيح بالتخمين conjectural emendation،فوفقاً لقاعدة (القراءة التي تفسر سبب ظهور القراءات الأخرى هي المفضلة) فإن قراءة (وفقاً للوقا) تفسر سبب ظهور قراءة (الإنجيل وفقاً للوقا) وما هو أطول منها ، حيث رغب النساخ في توضيح عبارة (وفقاً للوقا) فأضافوا(الإنجيل)، ثم رغبوا في إضفاء القداسة فأضافوا(الإنجيل المقدس)، لكنها تعجز عن شرح سبب ظهور قراءة الحذف، فلو كانت قراءة (الإنجيل وفقاً للوقا) هي الأصلية فلماذا قام بعض النساخ بحذفها ؟ لا يوجد مبرر منطقي.
قراءة (بداية الثاني لوقا) خاسرة من جهة الشواهد، فهي غير مدعومة بالشواهد اليونانية وهي الأهم وغير مدعومة بشواهد مبكرة قبل القرن الخامس، كما أننا نعلم أن دمج الأناجيل الأربعة معاً ليشكلوا كتاباً واحداً مع باقي ال27 سفر هو عملية متأخرة لم تظهر في القرن الأول ولا الثاني، فلا يوجد دليل على وجود الأناجيل الأربعة معاً في كتاب واحد من مخطوطات القرن الثاني ، واقدم الشواهد الدالة على ذلك هي البردية P64+67من القرن الثالث، لذا فهي قراءة متأخرة زمنياً بسبب لفظة (الثاني) التي تدل على أن الناسخ كان يعرف وجود الأناجيل الأربعة معاً في سفر واحد وقام بترتيبها.
قراءة (إنجيل يسوع المسيح المقدس وفقاً للوقا) هي الأطول وهدفها الإجابة على سؤال (هل هذا الإنجيل من اختراع لوقا) لذا هي خاسرة لأن سبب ظهورها مفهوم .
من جهة أخرى ما سبب ظهور قراءة الحذف؟ وهل يعقل أن ناسخاً يكتب سفراً بدون عنوان ؟ الإجابة قدمها لنا فليب كومفرت بقوله أن مقدمة إنجيل لوقا تصلح للتعريف بالسفر بشكل أغنى النساخ عن وضع العنوان ، تقول النصوص الأولى من إنجيل لوقا ] 1 إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا،2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ، وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ،أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.[
بل إن وجود عنوان هو أمر يناقض المقدمة !
فكيف يكتب لوقا في بداية رسالته التي أرسلها للعزيز ثاوفيلوس عنوان (إنجيل لوقا) ؟ هل يكتب أحد في بداية رسالته ( رسالة أحمد: لقد كتبت إليك عزيزي إبراهيم ..)؟ بالطبع لا يضع أحداً عنواناً في مقدمة الرسالة ، أقصد اسماً في مقدمة الرسالة ، ما يوضع له عنوان في مقدمته هو السفر ، وعندما يكون العنوان اسم المؤلف فإن الذي كتبه لن يكون المؤلف ، فالمؤلف لن يكتب ( مقال زيد) في مقدمة مقال يبدأ ب( أنا زيد أكتب لكم...إلخ) ; لدينا رسالة ولدينا عنوان يعبر عن موضوع الرسالة وهذا لا يناسب الرسائل، فالذي يكتب في مقدمته عنوان يعبر عن مضمونه هو السفر وليس الرسالة.
وبناءاً عليه فوجود عنوان في بداية السفر يعني أن الذي أراد جعل الرسالة سفراً مقدساً لم يكن لوقا، فالرسائل لا يكتب في بدايتها عنوان الموضوع !! بل تم اعتباره سفراً بعد ذلك ، وبالتالي تم وضع الاسم في فترة لاحقة .
طبيعة هذا الإنجيل (رسالة شخصية من لوقا لثاوفيلوس) تجعلنا نجزم بأن العنوان (إنجيل لوقا) متأخر، وطبيعة الرسائل أنها غير معنونة بعناوين تعبر عن مضمونها يجعل قراءة الحذف هي الأصح لأنها تفسر سبب ظهور القراءات الأخرى ، فعندما أراد الآباء جعل الرسالة الشخصية سفراً مقدساً كان لزاماً عليهم أن يضعوا له عنواناً يعبر عن مضمونه فظهر عنوان (لوقا) و (الإنجيل وفقاً لوقا) و (الإنجيل المقدس وفقاً للوقا).
اللجنة النقدية الدولية اختارت قراءة (وفقاً للوقا) كقراءة أصح ، أما فليب كومفرت فقد اختار قراءة الحذف.
الخلاصة :
- قراءة (وفقاً للوقا) قادرة على تفسير سبب ظهور أغلب القراءات الأخرى لكن قراءة الحذف قادرة على تفسير سبب ظهور جميع القراءات ، لذا هي الأصح.
- الاضطراب الحاصل في القرون الخمسة الأولى في عنوان الإنجيل في المخطوطات بالإضافة لطبيعة هذا الإنجيل (رسالة شخصية بين شخصين) تجزم بأن العنوان قد أضيف في وقت لاحق.
- لا يمكننا معرفة من الذين وضعوا هذا الاسم على سبيل التعيين ، وهل أصابوا أم لا.
[1]NEW TESTAMENT TEXT AND TRANSLATION COMMENTARY.,BY PHILIP COMFORT.,PG165.
[2] NEW TESTAMENT TEXT AND TRANSLATION COMMENTARY.,BY PHILIP COMFORT.,PG165.
[3] Nestle, E., & Nestle, E. (2012). Nestle-Aland: NTG Apparatus Criticus. (B. Aland, K. Aland, J. Karavidopoulos, C. M. Martini, & B. M. Metzger, Eds.) (28. revidierte Auflage, p. 177). Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft.
[4] The greek new testament,edited from ancient authorities with their various readings in full,and with latin version of Jerome,by Samuel predeaux tregelles,part2,pg217.
[5] The greek new testament with a critical revised text., by Henry Alford.,pg366.
[6] Nestle, E., & Nestle, E. (2012). Nestle-Aland: NTG Apparatus Criticus. (B. Aland, K. Aland, J. Karavidopoulos, C. M. Martini, & B. M. Metzger, Eds.) (28. revidierte Auflage, p. 177). Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft.
[7] NEW TESTAMENT TEXT AND TRANSLATION COMMENTARY.,BY PHILIP COMFORT.,PG166.
[8] H. Milton Haggard Center for New Testament Textual Studies. (2010). The Center for New Testament Textual Studies: NT Critical Apparatus (Lk 1). New Orleans Baptist Theological Seminary.
تعليق