1: 2-1 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ
a) الأنبياء
b) إشعياء النبي
c) سفر أقوال إشعياء النبي
------------------------------------------------------------
هامش المخطوطات:
a) A E F H K M P S W U V Σ Φ 0211 f13 4 16 26 28 61 79 117 118 152 153 154 178 179 191 238 273 346 349 377 382 389 427 472 495 513 517 543 569 579 590 595 695 697 Byz[1500] Vgms Sy(h) Cop(boms-mg) Armmss Aeth Slav Arbmss | b) 01 B D L Δ Θ f1 22 33 63 115 131 151 152 161 176 184 205 209 222 348 372 391 555 565 566 700 747 800 829 873 892 929 989 1032 1071 1087 1241 1279 1579 2174 2193 2427 2486 2737 Lat(a aur b c d e f ff2 i q) Vg Sy(p hmg Pal) Cop(sa bo) Geo Armmss Got Arbmss | c) 544 1273 2680
التعليق النصي:
على النقيض من الحالة النصية السابقة فإن الأغلبية من علماء النقد النصي ومفسري الكتاب المقدس يجمعون بأن القراءة الأصلية هنا هي "إشعياء النبي" [واين كاندي 65:2004]. أسباب هذا القرار يمكن رؤيتها ببساطة من خلال الدعم المخطوطي المميز لتلك القراءة.
القراءة c أضعف القراءات ويمكن تفسير نشأتها بسهولة من خلال القراءة bعلى انها محاولة إزائية من بعض النساخ لتعديل قراءة مرقس هنا لتتناسب مع قراءة لوقا 3/4، فضلاً عن ضعف دعمها المخطوطي (3 مخطوطات يونانية فقط) مقارنة بالقراءتين a و b.
القراءة a وإن كانت تتمتع بدعم أغلب المخطوطات اليونانية فيما يزيد عن 1500 مخطوط يوناني فضلاً عن مخطوطات القراءات الكنسية إلا ان القراءة b تتميز عنها بالقدم والجودة من خلال دعم أقدم المخطوطات كالمخطوط السينائي والفاتيكاني مع دعم المخطوط بيزا والكوريديتي، أيضاً فإن التميمة P.Oxy 75:5073 المذكورة سابقاً تدعم قراءة "إشعياء" على ان دعم القراءة a يظهر من خلال المخطوط السكندري ويعود للقرن الخامس والمخطوط واشنطن ويعود لنهاية القرن الرابع او بداية القرن الخامس.
الترجمات القديمة كذلك تميل الى دعم القراءة b من خلال شهادة الترجمات اللاتينية القديمة عدا قراءة شاذة للمخطوط اللاتينيr1 والذي يقرأ "فى أشعياء والأنبياء"، أيضاً مخطوطات الفولجاتا كلها تقرأ "أشعياء" عدا القراءة الأصلية للمخطوط T والذي يعود للقرن العاشر حيث يحذف "فى الأنبياء" بدون الإشارة الى مصدر الإقتباس، أيضاً القراءة الأصلية لمخطوط الفولجاتا Ep والذي يعود للقرن التاسع حيث يقرأ "فى الأنبياء" وليس "أشعياء"، على ان كلا القراءتين قد تم تصحيحهم لاحقاً. مخطوطات الترجمة السريانية البشيطا والفلسطينية تدعم قراءة "إشعياء" بلا إختلاف فى حين مخطوطات الترجمة الهركلية تدعم قراءة "فى الأنبياء" على ان هامش عدد من تلك المخطوطات الهركلية مثل V267 وV268 و CB703ينص على ان هناك مخطوطات أخري تقرأ "إشعياء" [سامر يوحنا 93:2015]. كذلك هو الحال فى المخطوطات القبطية فقراءة "إشعياء" تتمتع بالدعم الكامل من مخطوطات الترجمة الصعيدية والبحيرية عدا مخطوط بحيري واحد يعود للقرن الرابع عشر يضع بالهامش قراءة "فى الأنبياء" ومخطوطتين أخرتين يذكران أيضاً بالهامش ان النسخ اليونانية تحتوي على قراءة "فى الأنبياء". الجورجية والقوطية تدعمان "إشعياء" بينما السلافية والأثيوبية تدعم "الأنبياء" وأخيراً فالترجمات الأرمينية والعربية وإن كانت تنقسم مخطوطاتها فى دعم كلا القراءاتين إلا أنه من الواضح ان المخطوطات الأقدم من كلا الترجمتين تدعم قراءة "إشعياء".
الدعم الآبائي يُظهر ان القراءة السائدة كانت "إشعياء" حيث انها مدعومة من قبل إيرينيوس2 وأوريجانوس3 وفيكتورينوس أسقف بيتوه3 وجيروم4 وسرابيون4 وإبيفانيوس4 وخروماتيوس4 وأوغسطينوس5 وسيفيريان5 وهيسيخوس5، أما قراءة "الأنبياء" فمدعومة من إيرينيوس2 وأستيريوس4 وفوتيوس9 وثيؤفيلاكت1077. يمكننا ان نري كذلك ان الدعم الآبائي واضح فى تفضيل فراءة "إشعياء",
إلا ان هناك ثلاثة نقاط هامة يجب ملاحظتها:
1- ذكر العلماء لإيرينيوس بالهوامش النقدية لكلا القراءتين ملفت للنظر فالمواضع الثلاثة المُقتبس بها النص من كتابة ضد الهرطقات هيا ذاتها المواضع المعتلقة بالحالة النصية السابقة: 3:10.5 (النسخة اللاتينية) و 3:16.3 (اللاتينية والأرمينية) و 3:11.8 (اليونانية واللاتينية)، المثير للإستغراب انه فى الموضعين 3.10.5 و3.16.3 فإن نص إيرينيوس يقرأ: "كما هو مكتوب بالأنبياء" بينما فى الموضع 3.11.8 يقرأ: "كما هو مكتوب بإشعياء"!! فهل كان إيرينيوس يعرف كلا القراءتين؟ إجابة العالم [جوردون دي في 197:1993] ان قراءة إيرينيوس الصحيحة هى "إشعياء" من خلال كون الإقتباس 3.11.8 هو الوحيد الذي يحتفظ باللغة الأصلية للعمل وهي اليونانية اما المواضع الأخري فقد تم إفسادها من قبل المُترجم اللاتيني، فضلاً عن كون قراءة "الأنبياء" غير معروفة فى كتابات الآباء حتى القرن التاسع. رد المدافعين عن قراءة "الأنبياء" عند إيرينيوس جاء من قبل [موريس روبنسون 73:1996] مبيناً انه من الصعب القول بأن المُترجم قد حرف موضعين وأهمل تحريف الأخر، بالإضافة الى ان هناك موضع أخر بـ 3.11.4 يقول "الذى وعد بالأنبياء، انه سيرسل ملاكه أمام وجه ابنه" يمكن الإستشهاد به أيضاً فى معرفة إيرينيوس لقراءة "الأنبياء"، فضلاً عن انه لا توجد اى مشكلة فى تفهم ان إيرينيوس مثله مثل كثير من الآباء وفقاً للعديد من القضايا النصية كان يعرف قراءتين مختلفتين، على نفس النهج ذهب [ويلبر بيكرينج 36:1987] الى ان إيرينيوس لم يتقبس النص بـ 3.10.5 فحسب وإنما علق عليه أيضاً الأمر الذى لا يمكن التصور معه ان الناسخ قام بتحريف التعليق بعد تحريفة للإقتباس خصوصاً إذا اخذنا فى الإعتبار شهادة العالم [هارولد جرينلي 54:1964] من ان النساخ أميل الى تحريف الإقتباسات النصية من العهد الجديد بكتابات الآباء أكثر من تحريف نص الآباء أنفسهم.
2- بالقرن الثالث كتب احد الفلاسفة ويدعى فرفوريوس الصوري كتاباً ضد المسيحية عبر خمسة عشر مجلداً ينتقد فيه الكثير من المواضيع كلاهوت يسوع وأقواله والأناجيل وبطرس وبولس، هذا العمل وصف من قبل اللاهوتى والمؤرخ الألماني [ادولف هارناك 505:1908] بأنه "الأطروحة الأعمق والأكثر شمولية التى كتبت على الإطلاق ضد المسيحية"، بالتأكيد فإن عمل بهذا الوصف يمكن تصور تأثيره فى إحداث إضطرابات شديدة بالكنيسة وقتها مما دعا الامبراطور قسطنطين ببداية القرن الرابع الميلادي الى إصدار الأمر بحرق هذا العمل والتلويح بعقوبة الموت لكل من يحتفظ بنسخة منه [تيموثي بارنز 211:1981]، لكن هذا المرسوم الأمبراطوري لم يكن كافياً للقضاء عليه بشكل تام إذ عبر سفريان أسقف جبالة بنهاية القرن الرابع عن ان البعض قد فقدوا إيمانهم بسبب كتابات فرفوريوس ما دعا إلى إصدار مرسوم أخر عام 448م من قبل الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني وفالنتينيان الثالث بإدراج كتابات فرفوريوس وغيره من الكتابات الأخري ضد المسيحية ضمن الأعمال التى يجب ان "تُحرق" لانها "تُغضب الرب وتُؤذى النفس"، للأسف فإن هذه الإجراءات ضد عمل فرفوريوس تسببت فى تدمير نسخه بشكل تام ولم يتبقى منها سوي بعض الإقتباسات الضئيلة الموجودة ببعض كتابات الآباء ممن قاموا بالرد عليه أمثال يوسابيوس القيصري وجيروم وغيرهم. بالمجلد الرابع عشر ينتقد فرفوريوس إقتباسات الأناجيل من العهد القديم حيث ينقل لنا جيروم نقد فرفوريوس المتعلق بالحالة النصية مرقس 1/2 والذي يشير إلى أن "الإنجليين رجال جهلة ليس فقط فى الأمور العامية ولكن أيضا فيما يتعلق بالكتابات المقدسة، حيث يقتبسون شهادة أحد الأنبياء وينسبونها الى أخر"، لتوضيح تأثير هذا النقد للقارئ المعاصر فإنه يجب علينا توضيح كيف ان جيروم عبر كتاباته المختلفة قدم لنا مراحل عديدة من التفسيرات:
أ) بالعظة رقم 75 على بداية مرقس أشار جيروم إلى ان مرقس لم يخطأ وإنما إستخدم إقتباس مركب من ملاخي 3/1 كنوع من المقدمة إلى إقتباسة بأشعيا 40/3 وهو الرأي القريب من تبرير أوريجانوس والذي يرى ان مرقس كان يقصد الدمج بين النبوتين فى مكان واحد.
ب) فى الرسالة رقم 57 الى باماكيوس أختلفت رؤية جيروم للمشكلة النصية وبدا واضحاً انه يري عدم وجود تفسير مقنع لها، ففى معرض الرد على منتقديه بان ترجمة الفولجاتا غير دقيقة وبها أخطاء ذهب جيروم إلى إلزام منتقديه بأنه يطبقوا رؤيتهم عن الفولجاتا على الإنجيليين أنفسهم مستدلاً بأن إستيعابهم لفكره ان مرقس إستشهد بكلمات: "ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك" ناسباً إيها الى إشعيا رغم علمهم: "انها لم ترد فى أشعيا على الإطلاق، بل فى ملاخي اخر الأنبياء الإثني عشر" ساخراً منهم بالقول: "فليأتنا إذاً هؤلاء الجهلة بحل لهذه المسألة، إن هم استطاعوا، وسأسألهم العفو فى أني على خطأ"، جيروم هنا لم يكن يريد: "اتهام الأنجليين بالتزوير ... بل لأرد التهمة عني الى منتقدي، فأفوز منهم بأن يجيزوا لى، ... ما كانوا سيجيزونه للرسل فى الكتب المقدسة، شاؤوا أم أبوا." بإعتبار ان رؤية جيروم أصبحت الأن تنص على ان "الرسل والإنجيليين، فى نقلهم شهادات من العهد القديم، تعمدوا نقل المعنى دون التقيد بالحرف. ولم يهتموا كثيراً بالحفاظ على شكل الجملة وعلى سبكها، بل ركزوا اهتمامهم على أن يأتي كلامهم واضحاً وبمتناول الفهم". [سعدالله سميح 338:2008]
ت) المرحلة الأخيرة فى تعليقاته النصية على إنجيل متي 3/3 نقل جيروم نقد فرفوريوس مجدداً حول تلك الحالة النصية مشيراً الى ان "رجال الكنيسة" قاموا بالرد على إنتقاده هذا بالتفصيل قبل ان يوضح أن رأيه الشخصي هو "إما ان إسم اشعيا إضيف بالخطأ من قبل النساخ، وهو الأمر الذي يمكن إثبات حدوثه فى نصوص أخري، او على الأقل انها كانت وحدة واحدة تم إنشائهم من شهادات دينية متنوعة. إقرأ المزمور الثالث عشر وسوف تكتشف نفس الشئ"، بشكل واضح فإن جيروم هنا فى إشارته الى "رجال الكنيسة" كان يقصد يوسابيوس القيصري، حيث ان النظرية التي تفيد بخطأ الناسخ فى إضافة قراءة "أشعيا" تعود الى يوسابيوس القيصري بكتابه المفقود "الإنجيل اسئلة وحلول - الى مارينوس"، الإشارة الضمنية لهذا الرأي من قبل يوسابيوس موجودة اليوم بهامش المخطوط اليوناني 773 والذي يعود للقرن العاشر. [وليام لامب 221:2012]
ب) فى الرسالة رقم 57 الى باماكيوس أختلفت رؤية جيروم للمشكلة النصية وبدا واضحاً انه يري عدم وجود تفسير مقنع لها، ففى معرض الرد على منتقديه بان ترجمة الفولجاتا غير دقيقة وبها أخطاء ذهب جيروم إلى إلزام منتقديه بأنه يطبقوا رؤيتهم عن الفولجاتا على الإنجيليين أنفسهم مستدلاً بأن إستيعابهم لفكره ان مرقس إستشهد بكلمات: "ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك" ناسباً إيها الى إشعيا رغم علمهم: "انها لم ترد فى أشعيا على الإطلاق، بل فى ملاخي اخر الأنبياء الإثني عشر" ساخراً منهم بالقول: "فليأتنا إذاً هؤلاء الجهلة بحل لهذه المسألة، إن هم استطاعوا، وسأسألهم العفو فى أني على خطأ"، جيروم هنا لم يكن يريد: "اتهام الأنجليين بالتزوير ... بل لأرد التهمة عني الى منتقدي، فأفوز منهم بأن يجيزوا لى، ... ما كانوا سيجيزونه للرسل فى الكتب المقدسة، شاؤوا أم أبوا." بإعتبار ان رؤية جيروم أصبحت الأن تنص على ان "الرسل والإنجيليين، فى نقلهم شهادات من العهد القديم، تعمدوا نقل المعنى دون التقيد بالحرف. ولم يهتموا كثيراً بالحفاظ على شكل الجملة وعلى سبكها، بل ركزوا اهتمامهم على أن يأتي كلامهم واضحاً وبمتناول الفهم". [سعدالله سميح 338:2008]
ت) المرحلة الأخيرة فى تعليقاته النصية على إنجيل متي 3/3 نقل جيروم نقد فرفوريوس مجدداً حول تلك الحالة النصية مشيراً الى ان "رجال الكنيسة" قاموا بالرد على إنتقاده هذا بالتفصيل قبل ان يوضح أن رأيه الشخصي هو "إما ان إسم اشعيا إضيف بالخطأ من قبل النساخ، وهو الأمر الذي يمكن إثبات حدوثه فى نصوص أخري، او على الأقل انها كانت وحدة واحدة تم إنشائهم من شهادات دينية متنوعة. إقرأ المزمور الثالث عشر وسوف تكتشف نفس الشئ"، بشكل واضح فإن جيروم هنا فى إشارته الى "رجال الكنيسة" كان يقصد يوسابيوس القيصري، حيث ان النظرية التي تفيد بخطأ الناسخ فى إضافة قراءة "أشعيا" تعود الى يوسابيوس القيصري بكتابه المفقود "الإنجيل اسئلة وحلول - الى مارينوس"، الإشارة الضمنية لهذا الرأي من قبل يوسابيوس موجودة اليوم بهامش المخطوط اليوناني 773 والذي يعود للقرن العاشر. [وليام لامب 221:2012]
3- اخيراً فإن الكاتب السوري يشوعداد المروزي (القرن التاسع) والذي يعد أحد مصادر معرفتنا بنص إنجيل تاتيان المفقود [أيمن تركي 61:2015] تعرض فى تعليقاته على إنجيل مرقس لحالتنا النصية مبيناً الأراء المختلفة المطروحة فى عصره لحل تلك المشكلة: [مرجريت جيبسون 126:1911]
أ ) الرأي الأول: يقول ان الإقتباس كان موجوداً بسفر أشعيا ولكنه ضاع.
ب) الرأي الثاني: ان إقتباس ملاخي هو علامة كإجابة لإقتباس أشعيا.
ت) الرأي الثالث: ان إنجيل مرقس كانت لغة تدوينة الأصلية هي اللاتينية وخلال عملية ترجمته من اللاتينية لليونانية ثم إلى السريانية تم إدخال إسم أشعيا بدلاً من ملاخي بالخطأ.
ج) الرأي الرابع: على غرار رؤية جيروم فإن مرقس لم يهتم بالدقة فى توضيح مرجعه كما هي عادة الكتابات المقدسة.
ي) الرأي الخامس: هو ان الدياتسرون يكتب "الأنبياء" بدلاً من "أشعيا".
ب) الرأي الثاني: ان إقتباس ملاخي هو علامة كإجابة لإقتباس أشعيا.
ت) الرأي الثالث: ان إنجيل مرقس كانت لغة تدوينة الأصلية هي اللاتينية وخلال عملية ترجمته من اللاتينية لليونانية ثم إلى السريانية تم إدخال إسم أشعيا بدلاً من ملاخي بالخطأ.
ج) الرأي الرابع: على غرار رؤية جيروم فإن مرقس لم يهتم بالدقة فى توضيح مرجعه كما هي عادة الكتابات المقدسة.
ي) الرأي الخامس: هو ان الدياتسرون يكتب "الأنبياء" بدلاً من "أشعيا".
الملاحظ ان يشوعداد لم يعمد الى تفضيل رأي على أخر او حتى يُظهر ميله نحو رأى معين وإنما صدر كل مقترح بجملة (أخرين يقولون) وذلك على النقيض من نظيره ديونيسيوس إبن صليبا (القرن الثاني عشر) والذي نادي بالرأي الخامس قائلاً "في كتاب الدياتسرون حيث تم تجميعه في الإسكندرية وكتبه تاتيان الأسقف وأيضاً في الإنجيل اليوناني وفي الهرقلية فإنه كتب: (في النبي) بدون توضيح من هو يكون النبي" [وليام بيترسين 60:1994]، تلك الشهادة لنص الدياتسرون ليست بالقوة الكافية لتأخر زمنها فضلاً عن ان قراءة المخطوطات اليونانية والهرقلية هي "الأنبياء" وليست "النبي".
بصورة بسيطة فإن قراءة "أشعيا" تظهر فى كتابات الآباء -شرقاً وغرباً- بالشكل المؤكد الذي يتطلب منهم شرح تفسيري لها مثلما فعل أوريجانوس وايضاً أمبروسياستر4 الذي بدا من تعليقه على النص ودفاعه عن (علم ويهودية) مرقس ان قراءة "الأنبياء" لم تكن مطروحة للنقاش، لذا فإن أطروحة "خطأ الناسخ" سواء من جيروم او يوسابيوس يمكن فهمها على انه تبرير فقط وليس لها دليل مادي او تاريخي عند الآباء.
الدليل الداخلي بشكل نظري يسير فى إتجاه دعم قراءة "أشعيا" وليس "الأنبياء" من خلال سهولة تفهم قيام الناسخ بتعديل قراءة "أشعيا" الى "الأنبياء" مع صعوبة تخيل أسباب القيام بالعكس [آمي أندرسون 164:2018]. يمكننا هنا ضرب مثال صغير لتوضيح تلك الفكرة. فإذا قام احدهم بالإقتباس من الأناجيل بالشكل التالي: (كما هو مكتوب فى إنجيل مرقس فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله هذا هو بدء انجيل يسوع المسيح ابن الله)، بالتأكيد سيكون الأمر للقارئ العادي مربكاً بعض الشئ فالفقرة الأولى من الإقتباس تعود إلى إنجيل يوحنا وليس مرقس، ما يجعله يتسائل حول المنطقية او الصحة الإستدلالية هنا بالإشارة الى فقرة يوحنا كبداية للإقتباس وتنسيبها الى انجيل مرقس؟!، الحافز هنا سيكون مفهوماً إذا عدل احدهم الإقتباس لاحقاً ليصبح: (كما هو مكتوب فى الأناجيل فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله هذا هو بدء انجيل يسوع المسيح ابن الله)، لقد أصبحت الفقرة الآن أكثر سلاسة ويمكن أستيعابها بسهولة.
بالرجوع الى حالتنا النصية بإنجيل مرقس 1/2 لتطبيق ذلك فإن الإقتباس هنا المنسوب الى "أشعيا" منقسم الى فقرتين، الأول مكون من نص الخروج 23/20 (وفقاً لنص الترجمة السبعينية) أو نص ملاخي 3/1 (أقرب للنص الماسوري عن الترجمة السبعينية) والثاني هي الفقرة المقتبسة بشكل حرفي من الترجمة السبعينية لسفر اشعيا 40/3. لذا فإن قراءة "الأنبياء" هي القراءة التى يسهل تفسير نشأتها عكس "أشعيا" من خلال قيام أحد النساخ بتصحيح قراءة "أشعيا" الى "الأنبياء" لجعل الإقتباس منطقي وسلسل بشكل يسمح بإستيعاب الفقرتين معاً. هذا التفسير اليوم هو التبرير الذى يعول عليه كافة علماء النقد النصي الإنتقائي وجمهور الأغلبية من المفسرين في إختيارهم لصحة قراءة "اشعيا" [بروس متزجر 62:1994] [روجر أومانسون 57:2006] [فيليب كمفورت 93:2008].
على الجانب الأخر فإن مدافعي نص الأغلبية يردون على ذلك بقوة من خلال توضيح نقطتين:
الأولى ان قراءة "أشعيا" هنا نابعة من كونه اشهر الأنبياء قديماً لكثره اشارته الى المسيح وبالتالي فإن النساخ يعمدون الى ذكره او بمعني أدق (حشره) فى كثير من إقتباسات الأناجيل من العهد القديم سواء أكان إضافة إسم "أشعيا" صحيحاً مع الأقتباس ام حتى غير صحيح. بداية هذا التفسير نجدها جذورها عند جيروم فى تعليقة على انجيل متي 3/3 كما أشرنا من قبل عندما أشار قائلاً أن: " إسم اشعيا إضيف بالخطأ من قبل النساخ، وهو الأمر الذي يمكن إثبات حدوث فى نصوص أخرى"، فعلى سبيل المثال بإنجيل متي 1/22 قام عدد كبير من النساخ شرقا وغربا بإضافة إسم "اشعيا" الى النص، أهمية هذا المثال نابعة من قدم تلك الإضافة حيث ان الدعم المخطوطي يأتى من الترجمات اللاتينية القديمة والسريانية القديمة والدياتسرون والترجمة اللاتينية لإيرينيوس وأيضاً فإن المخطوط بيزا هو من شهود تلك الإضافة.
اما من الأمثلة على (حشر) اسم "اشعيا" بالنص حتى ولو لم يكن الإقتباس صحيحاً فإنه يمكننا ان نجده فى المثال الشهير بإنجيل متي 13/35 حيث تم إضافة إسم "أشعيا" من قبل الناسخ الأصلي للمخطوط السينائي والمخطوط الكوريديتي وعائلتي المخطوطات f1 و f13 وعدد من المخطوطات اليونانية الهامة مثل 33، كذلك فإن يوسابيوس القيصري وجيروم يعرفان مخطوطات بها إسم "أشعيا". الشاهد فى هذا المثال ان الإقتباس يعود الى المزامير وليس اشعيا ما يعني ان النساخ فعلاً قد تضيف إسم اشعيا للنص حتى ولو تسبب فى خلق مشكلة نصية خطيرة تؤثر على مصداقية الإناجيل - ومن الجدير بالذكر ان الفيلسوف فرفوريوس والذى كان يحمل نسخة إنجيلية تشهد لوجود قراءة إشعيا بالنص قد إستخدم هذا النص أيضاً فى الهجوم على مصداقية الأنجيل - ما يجعلنا نتسائل عن صحة قراءة"أشعيا" بهذا الموضع!.
النقطة الثانية هى فى توضيح ان وجود قراءة "اشعيا" بالنص ليس بالضرورة يجعل تسلسله غير منطقياً بل علينا ان نضع فى الإعتبار ان الإقتباسات المركبة من عدة أسفار -او حتى غير المركبة- وتنسب الى سفر واحد فقط ليست بالفكرة الغريبة على منهجية الإنجيليين فعلى سبيل المثال نص إنجيل متي 27/9 ينسب إقتباس من سفر زكريا 11/12-13 الى النبي أرميا ومع ذلك فإن محاولات تصحيح اسم ارميا تمت فى نطاق ضيق جدا من المخطوطات لا يؤثر على رؤية النقاد فى صحة إسم ارميا بالنص سواء من تلك المخطوطات التي تحذف إسم ارميا او قامت بتعديله الى زكريا او حتى بتعديله الى اشعيا.
كذلك فبإمكاننا ان نجد نفس الأسلوب فى العزو الى المصادر عند كاتب سفر أخبار الأيام الثاني 36/21 والذي صدر إقتباسه قائلاً: (لإِكْمَالِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا) رغم ان الإقتباس مركب من سفر إرميا 25/12 واللاويين 26/34. [وليام هندريكسن 34:1975] ، لكن تلك النقطة الاخيرة لا تبدو بتلك القوة حيث يمكننا ان نرى بشكل مناقض من خلال فعل النساخ ان الأمر لم يكن بتلك الفكرة المقبولة فى الكتابات القديمة خصوصاً وان مخطوطات سريانية ولاتينية قديمة قامت بحذف إسم ارميا بالإضافة الى ان تعليق الآباء على تلك الفقرة ينفى تماماً شهرة ذلك الأسلوب فى الإقتباس، فعلى سبيل المثال أوريجانوس فى تعليقاته على تلك الفقرة أقر بان الإقتباس لا يوجد بأى سفر يهودي معروف قبل ان يقدم سببين لوجود إسم ارميا بالنص، الأول هو ان إسم ارميا راجع لخطأ من الناسخ - والثاني ان الفقرة مكتوب بسفر سري يعود لأرميا.
على نفس المنهاج سار يوسابيوس القيصري وجيروم، فالأول تبنى سبب أوريجانوس الأول موضحا ان الخطأ اما من خلال الحذف المتعمد لتلك الفقرة من سفر ارميا واما من خلال خطأ النساخ فى كتابة ارميا بدلاً زكريا، كذلك جيروم فقد تبني السبب الأول قبل ان يقوم لاحقاً بإختيار السبب الثاني مؤكدا رؤيته لهذا السفر السري لأرميا المحتوي على تلك الكلمات. الشاهد إذاً فى النقطة الثانية عند مدافعي قراءة "الأنبياء" ليس فى صحة او منطقية التسلسل وإنما فى الإستدلال من ان هناك مواضع اخري مشابهة لمرقس 1/2 تحمل نفس الصعوبات التفسيرية ومع ذلك لم يتم التعامل معها من قبل النساخ بنفس الأسلوب. كذلك فمن اوجة ضعف النقطة الأولي ان عادة إضافة اسم "اشعيا" ليست بذلك المنهاج الدوري فى المخطوطات. فعبر خمسة مواضع إقتبس فيها مرقس من أشعيا (1/2 و4/12 و7/6 و11/17 و12/32) فإن إسم إشعيا لم يضاف الا فى موضعين فقط 1/2 و7/6 ما يعني ان أسلوب إضافة "أشعيا" من قبل النساخ لا يمكن تأسيسة على انه منهج (سائد) وانه على أكثر الأحوال يبقي مجرد (إحتمال) خصوصاً وان باقي الحالات لا يوجد بها اى أثار مخطوطية واضحة لإلحاق إسم أشعيا بالنص.
فى حالتنا النصية تلك فإنه على الرغم من ان الدليل الخارجي بالمخطوطات يقدم لنا الدليل الواقعى الملموس على صحة قراءة "اشعيا" إلا ان الدليل الداخلي لا يسير بنفس القوة بل ان هناك صعوبات لا يملك النقد النصي اى اجوبة او تفسير لها. فإذا كان النساخ فعلاً أحسوا بشئ من الصعوبة فى قراءة "أشعيا" بمرقس 1/2 وقاموا بتعديلها الى "الأنبياء" لحل تلك الصعوبات فلماذا لم يجدوا نفس الصعوبة فى تعاملهم مع متي 27/9 ؟!، وإذا كان النساخ يميلون دوماً الى توفير القراءة الأسهل التى تجنب القارئ مشقة مواجهة صعوبات نصية فلماذا نجد إضافة إسم "اشعيا" بمتي 13/35 بشكل غير صحيح تماماً؟! وهل يكفي هنا ان نقول ان من اسباب ضعف قراءة "الأنبياء" انها مدعومة من قبل المخطوطات المتأخرة فى حين على النقيض سنرفض قراءة "أشعيا" بمتي 1/22 رغم إثبات وجودها بالقرن الثاني؟!
النتيجة انه لا يمكن تنفيذ قواعد النقد النصي سواء الخارجية او الداخلية بشكل ميكانيكي فالقاعدة التى يمكنها ان تنتصر لقراءة "أشعيا" قد تحمل ايضا فى وجه منها تفضيل لقراءة "الأنبياء"، على ان المحرك النهائي للقرار النصي فى تلك الحالة هو فى الرؤية الخاصة لكل عالم فى كيفية رؤيتة لتعامل الكنيسة الأولي مع النص والصعوبات المصاحبة لذلك النص او لنقل بشكل أوضح رؤيته الخاصة لـ(تاريخية) النص. فمن قدم قراءة "اشعيا" على انها القراءة الأصلية عليه ان يفسر كيفية إنتشار تلك القراءة فى معظم المخطوطات اليونانية وهل يعتبر هذا دليلاً على ان النص الموجود بأغلب المخطوطات اليونانية يعود الى نموذج واحد تم النقل منه ؟!، على الجانب الأخر فمن يدافع عن قراءة "الأنبياء" يضع التقليد المخطوطي كله فى مهب الريح بإعتبار ان الأخطاء المتعمدة (التحريفية) تعود الى القرون الأولي قبل إنتشار المخطوطات بالتوزيع الجغرافي ما يجعلها بدون اى قيمة حقيقية، على انه يضع حتي قراءة "الأنبياء" نفسها فى موضع شك فضلا عن اى قراءة أخري بالعهد الجديد [دانيال والاس 2004].
اليوم فإن قراءة "أشعيا" هى قراءة أغلب الترجمات الإنجليزية مثل: وRSV و TEV و NIV و TNIVو REB و NEB و NET بالإضافة الى انها قراءة (كافة) النسخ اليونانية النقدية: (جريسباخ) و(كارل لاشمان) و(تريجليز) و(الفورد) و(تاسكر) و(ألكسندر سوتير) و(جوزيف بوفر) و(هاينريك جوزيف فوجليز) و(أوغسطينوس ميرك) و(ماري جوزيف لاجرانج) و(برنارد وايس) و (بيرنارد أورشارد) و(قسطنطين تشندورف) وإصدار العالمين (ويستكوت وهورت) وإصدار العالم (سيمون بلجون) وإصدارات نستل-آلاند1-28 وإصدار دار الكتاب المقدس البريطانية والأجنبية BFBS1958 والإصدار الخاص للعالم (جورج كيلباتريك) الصادر عام 1961م والإصدارات الخمسة لجمعية الكتاب المقدس UBS والإصدار التنقيحي لنسخة العالم (ألبيرت هوك) من قبل العالم (هاينريك جريفين) Huck-Greeven13 والإصدار النقدى للإزائية الإنجيلية عام 1986 للعالم الدومنيكانيّ الفرنسيّ الشهير (ماري-اميل بوامار) وإصدار (مايكل هولمز) SBL وإصدار لجنة Tyndale بجامعة كامبريدج.
أما قراءة "الأنبياء" فمدعومة بشكل أساسي من ترجمة الملك جيمس KJV وأيضا الإصدار الحديث منها NKJV1975 على ان دعم النسخ اليونانية يقتصر فقط على مؤيدي نص الأغلبيه وهما نسخة H&F1985 وP&R1991&2005.