تأثر اليهود بالثقافة الأخلاقية والاجتماعية لليونانيين والرومان جعلهم يضعون قصص كاذبة على أنبياء الله عز وجل
المقدمة :-
سبق وأن تكلمت في موضوع (هكذا تشكل الكتاب المقدس) عن تاريخ أقدم مخطوطات العهد القديم والتي يرجع أقدمها إلى عام 100 ق.م أو 200 ق.م أي في الفترة الهلينستية التي نشر فيها اليونانيين معتقداتهم الوثنية بين بني إسرائيل ومن ضمنها الفلسفة الأبيقورية والتي كانت تنكر الغيبيات ، وأدى نشر هذه الثقافة إلى انقسام بني إسرائيل في هذه الفترة إلى طوائف بعضها تشبه باليونانيين تماما وبعضها أخذ بعض أخلاقيات وأفكار اليونانيين ودمجها بمعتقدات اليهود ، وبعضها رفض الأفكار اليونانية وظل متمسكة بالأفكار التي ورثها عن أجداده ، كل هذا في ظل قيام الحكام اليونانيين بحرق أسفار الشريعة التي كانت لدى بني إسرائيل (راجع مكابيين 1: 59) ورغم ادعاء كاتب سفر المكابيين أن يهوذا المكابى استطاع أن يجمع ما ضاع من اليهود من أسفار الأنبياء إلا أن الوقائع التاريخية وما اكتشفه العلماء خاصة من خلال مخطوطات قمران تثبت لنا أن بالفعل الكتاب الحقيقي ضاع من اليهود وأن كل طائفة عمدت إلى اعادة تشكيل الكتاب حسب أهوائها ومعتقداتها و من هنا ظهرت التعددية النصية للكتاب المقدس ففى تلك الفترة لم يكن هناك كتاب مقدس موحد بل كتاب لكل طائفة ، وظهرت على تلك الكتب سمات التأثر بالأفكار والفلسفات اليونانية الوثنية ، لذلك لا يمكن الحكم على صحة قصة من خلال وجودها أو عدم وجودها في هذا الكتاب فالأمر كان يعتمد على مدى توافق الفكرة في تلك القصة مع ما كانت تعتنقه الطائفة من أفكار ، وظل الأمر هكذا حتى ضعف الصدوقيين وقويت شوكة الفريسيين الذين أرادوا توحيد الكتاب المقدس لذلك صنعوا كتب حاولوا التوفيق فيها بين معتقدات الطوائف
للمزيد راجع (هكذا تشكل الكتاب المقدس) :-
وفي هذا المبحث إن شاء الله سوف أوضح مدى تأثر كتاب المسيحيين المقدس وبالتحديد (العهد القديم) بتلك المعتقدات فلقد كان صنيعة الصدوقيين والمتأثرين بالثقافات اليونانية
الأكيد أن العديد منا يعرف قصة أولاد حارتنا لـ نجيب محفوظ والتي قلد فيها قصص الأنبياء جميعا
وكذلك فعل بعض الكتاب ولكن ليس بالصورة التي كتب بها نجيب محفوظ روايته
وكذلك نرى أفلام أمريكية مقتبسة من قصص الأنبياء أو من قصص تاريخية ، مثل فيلم الطوفان وفيلم ….. وفيلم ……
- فكما قلت من قبل أن الانسان لا يخترع شئ من العدم :-
للمزيد راجع (الإنسان لا يخترع شئ من العدم) :-
و الأسفار التاريخية بالتحديد لم يكتبها شخص واحد ، وحتى السفر الواحد لم يكتبه شخص واحد فقد كان مجموعة من القصص لأشخاص مختلفين، إلا أن أيادي عابثة قامت بتجميع تلك القصص في كتاب وقدمته للناس على أنه كتاب واحد وأنه وحي
فالعادات والأفكار وحتى القصص اليوناني نجده بوضوح على قصص الكتاب المقدس و التي تتناول فترة تاريخية فى بنى إسرائيل تسبق بكثير جدا اليونانيين و اجتياحهم للعالم ومحاولة نشر ثقافتهم و هذا يعنى أن تلك القصص تم اعادة كتابتها في زمان متأخر بعد تحريفها طبقا لأهواء الكاتب المتأثر بالثقافة اليونانية (الهيلينية) أي تم كتابتها فى الفترة الهلينستية
وهذا لا يعنى أن الشخصيات المذكورة لا وجود لها ، لقد كانت موجودة ولكن المؤلف غير فى الأحداث لتتناسب مع أهوائه وحسب الغرض فاما لمكسب مادي أو لبث أخلاق معينة أو لفكرة معينة
مثل ما نراه في الأفلام والمسلسلات التاريخية التي تتكلم عن شخصيات حقيقية ولكنها تغير فى الأحداث
ونجد هذا واضحا فى الكتاب المقدس وخاصة في قصة مقتل شاول التي ظهر فيها عادات اليونانيين في تكريم أبطالهم المقتلون في المعارك ، و ذلك بالرغم من أن غزو اليونانيين للعالم ومن ضمنها فلسطين كان على يد الاسكندر الأكبر في القرن الرابع الميلادي ويؤرخ له سفرا المكابيين الأول والثاني وكان ذلك بعد زمان سيدنا داود عليه الصلاة والسلام و شاول (طالوت) بزمان كبير جدا ، وكان قبلها اليونانيين عبارة عن مجموعات إقليمية بعيدة كل البعد عن فلسطين
يعني لا يمكن أن يكون بني إسرائيل قاموا بهذه العادات الواردة في مقتل شاول بالكتاب المقدس
وهذا يؤكد على أنه عند نسخ الكتاب المقدس تدخلت فيه أيادي تعتنق اليهودية الهلنستية التي يدمجون فيها العادات والمعتقدات الدينية والاجتماعية والثقافية الهيلينية مع المعتقدات اليهودية
ونسب قصص اليونانيين المنحلة إلى الشخصيات التاريخية لبني إسرائيل
فيصنعون منها قصص على غرار قصص اليونانيين مثل ما اعتنقوا عقائد على غرار عقائد اليونانيين ، وأمثال هؤلاء تجدهم في عصرنا الحديث
- فعلى سبيل المثال :-
وليس معنى زيف هذا المسلسل هو عدم وجود شخصية سليمان القانوني ولا شخصية الخديوي إسماعيل ، بل إنهم شخصيات حقيقية بالفعل ولكن تم نسب قصص مزيفة إليهم
وهذا هو نفسه ما حدث مع شخصيات بني إسرائيل ، سواء كانوا أنبياء أو ملوك أو أنبياء ملوك
فهم شخصيات حقيقة ولكن الزيف كانت فى القصص التي تم نسبها اليهم
- مع مراعاة أمر هام وهو :-
فالعبرة دائما في معرفة الصواب من الخطأ هو مدى توافق أو اختلاف تلك الفعلة مع ما أمرنا به الله عز وجل وليس بمجرد وجود وجه للشبه ، فالحقيقة المطلقة في ما أمرنا به الله عز وجل
و ثقافات اليونانيين التي تشبه بها بنى إسرائيل فى الفترة الهلينستية ودمجوها في قصصهم والتي ان شاء الله سوف أذكرها في هذا الموضوع سنجد دائما أنها كانت تتناقض مع أمر الله عز وجل ومع العبادة الصحيحة وما ارتضاه للبشر وكان هذا هو الأساس الذي أعرف منه الصواب من الخطأ
ويتضمن هذا الموضوع الآتى :-
المطلب الأول (1-5) :- تدفئة الملك بفتاة عذراء
المطلب الثاني (2-5) :- شرب الخمر
المطلب الثالث (3-5) :- حرق جثث الأبطال العسكريين تشبها باليونانيين والرومان
المطلب الرابع (4-5) :- حرق الأحياء كعقوبة للخائنين وأعداء الدولة
المطلب الخامس (5- 5) :- انتحار الأبطال على أرض المعركة
المطلب السادس (6-5) :- إكليل الزهور على الرأس عادة يونانية وعند العسكريين الرومان
المطلب السابع (7-5) :- تمزيق الثياب واللطم والضرب على الصدور عادة اليونانيين القدماء
المطلب الثامن (8-5) :- ارتداء السوار على الذراع للمحاربين عادة يونانية ورومانية
المطلب التاسع (9-5) :- الملابس الملونة و القرمزية كدليل على الثراء والسلطة كان في عهد اليونانيين و الرومان
المطلب العاشر (10-5) :- التأثيرات الأخلاقية ومحاولة نشر قصص الزنا والصاقها بالقدماء مثل ما فعل اليونانيين والرومان
المطلب الحادي عشر (11-5) :- محاولة إيهام بني إسرائيل بوجود بيوت للبغاء في زمان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام (وأعوذ بالله من ذلك)
المطلب الثاني عشر (12 -5) :- عمل تماثيل للكروبيم و الأيقونات كانت تشبها بأعمال اليونانيين
تعليق