هناك سوء فهم حتى بين كثير من أهل العلم فيما يتعلق بالنسخ وآية السيف

ببساطة معنى النسخ عند الصحابة والتابعين غير معناه عند الاصوليين في القرن الثاني والثالث.

فاية السيف ناسخة بمعنى النسخ المنتشر اللغوي والعرفي في زمان الصحابة.

انما ليست ناسخة بمعنى النسخ الاصولي والفقهي الذي اتى فيما بعد.

من اختلط عليه الامر لم يفرق بين معنى النسخ ما قبل وما بعد التأصيل.

بمعنى لو ان الخمرة تطلق على السجادة ( مصلى الخوص) في الزمان الاول .. ثم هي في اصطلاح اليوم لا تعني الا المُسكر .. فاذا قرأت عن النبي قوله ناوليني الخمرة .. هل تقيسها بمعناها في زمانك ام بمعناها في زمان النبي؟ .. بالتاكيد بمعناها في زمان المتحدث .. فيفهم انه يعني ناوليني مصلى الخوص (السجادة).

نفس الامر مع النسخ: الاستثناء كان يعد نسخا في زمان الصحابة .. والتفصيل بعد الايجاز يعد نسخا في زمان الصحابة .. والتخصيص يعد نسخا في زمان الصحابة. انما بعد ظهور علم اصول الفقه .. اصبحت كل هذه اقسام منفصلة .. واصبح النسخ لا يطلق الا على تغيير الحكم وحده,

يعني اذا قلت لك حارب القبيلة الفلانية الا فلان وفلان ..
فهذا نسخ ( لانه استثناء حسب اللغة العربية وفي زمن الصحابة)
وهذا ليس بنسخ حسب اصول الفقه ( لانه لم يحدث تغيير في الحكم)

واذا قلت لك الصلاة عماد الدين .. ثم قلت والصلاة ركوع وسجود وتبدا بتكبيرة الاحرام وتنتهي بالتسليم وتقرا فيها بالفاتحة ...الخ.
فهذا نسخ ( حسب اللغة العربية وفي زمن الصحابة - لانه تفصيل لمعنى الصلاة)
وهذا ليس بنسخ حسب اصول الفقه ( لانه لم يحدث تغيير في الحكم)

الخلط يحدث حين يأتي أحد من العامة او العلماء ومطلع على اصول الفقه وفاته ما كان عليه الحال ما قبل تاصيل الاصول .. فيظن ان قول من قالوا بالنسخ قبل زمان الاصول يعني ان هناك تغيير في الحكم .. فيعتقد ان اية السيف نسخت ايات السلم .. وهذا فهم مغلوط سببه عدم الالمام بالاصطلاحات وتغيرها بين اهل الاختصاص.


هذا ببساطة خلاصة الامر

و هل كثير من العلماء "لا يفهمون" حتى لا يميزوا بين النسخ بالمعنى القديم و النسح بالمعنى الجديد !!!؟؟؟ بل هناك أقوال من الصحابة تؤيد ان اية السيف نسخت ايات السلم و الموادعة و هو قول أكثر المفسرين !!!!!

هذا لا يُسمى "لا يميزون: ولا يُسمى " لا يفهمون" وغياب علم الشيء عن العالم لا يطعن في فهمه ولا تمييزه .. انت اللي منطقك مطعون فيه ومُعوج!
حين تتربى عمرك كله على علم الاصول .. لن تقيس الشيء بغيره .. ولن تلتفت للتاريخية ما قبله .. هذا لا يطعن في علمك وفهمك.

لكن العلماء يتفاوتون في العلم والاطلاع والعلماء في قضية النسخ بين اصناف ثلاثة
1- منهم من نبّه على هذا الفارق الدقيق وهم المدققون المجتهدون
2- ومنهم من هو من اهل التخصص بأصول الفقه فلا يطلع على ما قبل التأصيل.
3- ومنهم العلماء ممن ليس هذا محل اطلاعهم وعهدتهم أنهم ينقلون عمن سبقوهم.

حين تجد قول الصحابي ان الاية هذه نسخت الآية تلك .. فهو لا يعني بالضرورة نسخ تغيير الحكم (الفهم الاصولي الوحيد) .. إنما قد يعني النسخ بلغة العرب (اما الاستثناء وإما التخصيص وإما التفصيل وإما تغيير الحكم) فيجب ان تتبع مراده من قوله ان الآية هذه ناسخة.

هلا اعطيتني امثلة على قول الصحابي بالنسخ و هو يقصد معنى اخر

الامثلة متعددة وعامة يمكِن تقسيم مفهوم النسْخ الأشْملِ عند الصحابةِ والتابعين إلى:

1. نسخ كلي : رفع الحُكم الكلي، كما هو المراد عند الشافِعي والأصوليين من بعدِه.
2. نسخ جزئي: رفع أي جزء من الحكم :
   والنسخ الجزئي هذا هو الداخل فيه التخصيص والاستثناء والتقييد والاطلاق .. الخ

وسأضرب على كل نوع مثال عليه:

من تخصيص العام : هذا الفهم للنسخ في زمان الصحابة استخدمه ابن عباس رضي الله عنه حيث اعتبر الاستناء من النسخ، كما في الخبر عن عكرمة عن ابن عباس قال "يايها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا" قال: ثم نسخ واستثنى من ذلك "ليس عليكم جناح ان تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم" (البخاري في الادب المفرد، نواسخ القرآن لابن الجوزي 1/ 199.)، فسمى ابن عباسٍ رضي الله عنه الاستثناءَ: نسخًا.

ومن تقييد المُطلَق :مثل قول قتادة وبعض السلف في قوله تعالى "يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاتِه" قالوا نُسِخَت بقوله تعالى "فاتّقوا الله ماستطعتُم".. ففي الأولى الأمر مُطلق بالتقوى، ومقيد في الآيةِ الثانِيَةِ بالاسْتِطاعة، بينما يظل الأمر بالتقوى (اي الحكم) ثابتٌ في الآيتيْن. وقال أبو جعفر النحاس "معنى قول الأولين نسخت هذه الآية أي أنزلت الأخرى بنسختها وهما واحد وإلا فهذا لا يجوز أن ينسخ لأن الناسخ هو المخالف للمنسوخ من جميع جهاته الرافع له المزيل حكمه" (نواسخ القرآن 1/109)

ومن تبيين المجمل وتفسيره :مثل قوْلِهِم عن قوله تعالى " إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله" قالوا نسخت بما قاله الله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" .. فالآية الثانية تفسير وتفصيل للمجمل.

ومن ترك العمل بالنص مؤقتاً لتغير الظروف... نقل حكم الإباحةِ الأصْلِيّة : أي نقل كل ماكان مسكوتاً عنه كالمآكل والمشارب والملابس إلى حكم جديٍد - بالنص - كما في الخمْر. (المقدمات الأساسية في علوم القرآن لعبدالله الجديع 1/214.)

وبالتوفيق

حسنا اخي ....... تعود للنقطة الاصلية و هي اية السيف نسخت ايات السلم " وقد سمعت ذلك من أحد السلفيين الموجودين في منطقتي - بل اني سمعت ان يقول ان الاسلام يبيح الاغتيال السياسي مستشهدا بقصة ام قرفة !!!!! ولكن هذا ليس موضوعنا - " هل صح ان اغلب المفسرين قالوا ان اية السيف نسخت أيات السلم أم لا (نسخ بالمعنى الاصولي و هو الكلي ) و على ما أعتقد أن ابن كثير قال أن اكثر المفسرين قالوا بذلك وذكر ان ذلك غير مقنع ؟؟!

اكثر المفسرين لم يقولوا بذلك بل تناقلوا اقوال من قالوا بذلك .. ولو صح ان اكثرهم قال .. فعلم النسخ لا يؤخذ من المفسرين .. وانما من اهل الفقه والاصول.

وان صح ان احدا قال .. فحجتنا هي الدليل لا يقال بالنسخ الا بدليل صحيح .. وصحة الدليل مداره على اهل الحديث.


اذن كفاك مغالطة لنفسك سؤالك ينم عن تخبط في طريقة التفكير .. انت لا تاخذ دينك من قال فلان .. بل تاخذ ما قال فلان اذا ارفق الدليل والحجة .. لا قول اخرين.

اترك عنك طريقة تفكير العقلية المسيحية .. اذا قال ابونا سمعنا واطعنا .. لايوجد عندنا هذا العبث..

في دين اهل الحق كل يؤخذ منه ويرد .. وعمدتنا قل هاتو برهانكم ان كنتم صادقين.

أما الآية الخامسة وهي قوله تعالى : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فيطلق عليها العلماء " آية السيف "
قال ابن كثير رحمه الله :
" وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 99) .
ونزلت - في قول الجمهور - ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين ، آمرة بقتالهم .
وقال بعض أهل العلم : ليست آية السيف ناسخة لتلك الآيات ، ولكن الأحوال تختلف ؛ فإذا قوي المسلمون وصارت لهم قوة استعملوا آية السيف ، وما جاء في معناها ، وقاتلوا جميع الكفار ، وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع : فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ، ويكفوا عمن كف عنهم ، فيكون الأمر بحسب المصلحة والنظر في العواقب ، وهذا القول هو الراجح



هذا الكلام من موقع الاسلام سؤال و جواب و رغم اختيار الموقع القول بعدم النسخ الا انه قال أن القول بالنسخ هو قول الجمهور !!!! فالسؤال هنا و بالنسبة لقصة السلفي ..... هل يختار قولا قال به قليل من العلماء أم يختار قول الجمهور و السؤال لك : لا شك ان الاسلام ليس فيه الكهنوت و لكن العبرة بقوة الدليل !! و كون الاختلاف شاذ لانه قاله قلة من العلماء فهل الجمهور يخطؤون أم لا ......

القاعدة الأولى: بالنسبة للسلفي أو لكل مسلمٍ ، لي ولك .. لا يختار بناءًا على قول الجمهور ولا قول القليل .. بل يختار بناءا على من صح عنده الدليل.

القاعدة الثانية: فارق بين قول الإجماع اي مجمع عليه وبين قول الجمهور، وأنت تخلط بين الاجماع وبين قول الجمهور .. فالملزم لي ولك هو إجماع العلماء .. إجماع الأمة .. فهذا الذي لا مناص إلا اتباعه.. أما قول الجمهور فغير ملزم إلا بالدليل والحجة.

​​​​القاعدة الثالثة: يجوز ان يكون جمهور العلماء على خطأ .. وأن يكون الصواب مع قول العالم والإثنين.. وهذا كثيرا جدا ما حدث ويحدث ويظل يحدث.. والعبرة ليس بكثرة من قال.

القاعدة الرابعة: قول الجمهور لا يعني قلة من عارضهم بل لو قال ١٠ برأي وقال ٩ بخلافه .. فإن العشرة يُسمون الجمهور .. فلا يعني بالضرورة قلة من خالفهم.

​​​​​​أخيرًا .. قول الجمهور هنا ليس خطأ على إطلاق .. فهي مسألة تدقيق ألفاظ وتتبع لتاريخيتها ومعانيها .. أي أنها مسألة تنظيرية أكاديمية في الحقيقة وليس خطأ فعلي واقعي ..

فقولهم أنها ناسخة فهي ناسخة كما أسلفنا وذلك إن أرادوا بالنسخ اللغوي والعرفي في زمان الصحابة والوحي .. فتغير الأحوال من النسخ .. فاذا قلت لك لا تقاتلهم واعف واصفح ثم قاتلهم ان عادو ا وقاتلوك .. فهذا نسخ بتغير الأحوال والظروف .. لكنه ليس نسخًا أصوليًا بمعنى إلغاء حكم سابق بحكم متراخٍِ، اي الغاء التسامح والصفح والعفو والسلام مع الكفار.. وإقرار الحرب مطلقًا.

فمن قال انه نسخ فهو صواب ان عنى بفهم اللغة
ومن قال انه ليس بنسخ فهو صواب إن عنى (نسخ الحكم) اي بفهم الأصوليين.

وذلك مثل قول الله " وإن عدتم عدنا" فهذه الآية لا يوجد فيها نسخ أصلا بمفهوم النسخ الأصولي وهو الغاء الحكم بالكلية وسقوطه .. لكنه نسخ بالمفهوم اللغوي اي تعليق وقوع الامر بالشرط وزواله بزواله.

وعليه فإذا راجعت من قالوا بالنسخ من الجمهور .. ووجدت أنهم لا يعارضون السلم مع الكافر إن أفضت الظروف إلى ذلك وهذا الراجح .. علمت انه لا إشكال في حقيقة الأمر أصلا.. وتبقى المسألة مسألة خلاف في مراد اللفظ.. وتدقيقه.

خاصة ان الأكثرين ممن قال بالنسخ هم في الزمن الأول ممن لم يتحرر عندهم التقعيد الأصولي، اي قبل تصنيف الكتب في الأصول.

أما اليوم - بعد تقعيد القواعد- واقتصار العلماء على تخصيص اصطلاح النسخ بـ (نسخ الحكم) دون غيره، فما عاد ينصرف فهم معنى كلمة النسخ إلا حسب الفهم الاصولي.

والله أعلم.

إن انتهى تساؤلك هنا نقلناه الى العام إن لا مانع عندك ..

لا بأس أخي و نشر العلم خير

جزاكم الله خيرا