قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى: "نشرت جريدة البلاغ، يوم الأحد ١٤ جمادى الأولى سنة ١٣٧١ = ١٠ فبراير سنة ١٩٥٢ تلغرافيًّا في مدينة الفاتكان: أن بابا رومة لن يُمثَّل رومة في جنازة ملك الإنجليز جورج السادس، على الرغم من أنه يشارك الأسرة المالكة في بريطانيا والشعب البريطاني الحداد إلخ. وقال التلغراف: «وتفسير عدم اشتراك البابا بمندوب في الجنازة: بأن الصلاة في الكنيسة ستجري حسب طقوس الكنيسة الإنجليكانية، وهي طقوس لا يستطيع المندوب البابوي المشاركة فيها».
فهذا رجل مسيحي، بل هو رأس المسيحية الغربية المعترف به في دول العالم قاطبة، وملك الإنجليز الميت مسيحي أيضًا، والكنيسة التي ستقام فيها جنازته مسيحية، وطقوس الجنازة مسيحية، ولكن الفارق بين الفريقين اختلاف المذهب، لا اختلاف أصل الدين، فهذا الرجل الذي يحرص على طقوس مذهبه، يأبى أن يمثل رسميًّا في كنيسة لها طقوس غير طقوسه، ولا يستطيع مندوبه المشاركة فيها.
يفعل البابا هذا ويراه حقًّا له، ولا تستطيع رأس أن ترتفع بالدهشة لما صنع، ولا يستطيع لسان أن يقول كلمة، ولا يستطيع قلم أن يكتب حرفًا، ولا يستطيع أحد من أتباعه أو من غير أتباعه أن يرميه بالتعصب الديني بل بالتعصب المذهبيّ الفرعي. أما نحن فإذا قلنا: إن شريعتنا تحرم على كل مسلم أن يحضر صلاة غير صلاة المسلمين، في بيعة أو كنيسة أو غيرهما، ولم يشارك فيها ولم يعتقد منها شيئًا وأن من فعل هذا فقد ظهر بين المسلمين بمظهر الكفر والردة، لا يقبل منه عذرًا بمجاملة سياسية، ولا بنفاق اجتماعي، ولا بأي عذر من الأعذار، إذا قلنا شيئًا من هذا ثارت الدنيا وأخذتنا الأقلام، والألسنة من كل جانب، ونادوا بالويل والثبور من تعصب المسلمين تعصبًا دينيًّا، ورُمينا ببغض المسيحيين، وببغض الأجانب، وقال كلٌّ ما شاء، بل يقول ذلك وأكثر منه الكتاب الكبار، والمتعلمون العظماء، الذين يرون أنهم أعرف الناس بحقائق الإسلام وشرائعه، بما ارتضعوا من لبان أوربة، وبما شربوا من نتاج المبشرين، وبما ربوا في أحضان الخواجات! !."(1)
-----------------------------------------
(1)أحمد شاكر،جمهرة مقالات أحمد شاكر،ص٤٨١-٤٨٣
فهذا رجل مسيحي، بل هو رأس المسيحية الغربية المعترف به في دول العالم قاطبة، وملك الإنجليز الميت مسيحي أيضًا، والكنيسة التي ستقام فيها جنازته مسيحية، وطقوس الجنازة مسيحية، ولكن الفارق بين الفريقين اختلاف المذهب، لا اختلاف أصل الدين، فهذا الرجل الذي يحرص على طقوس مذهبه، يأبى أن يمثل رسميًّا في كنيسة لها طقوس غير طقوسه، ولا يستطيع مندوبه المشاركة فيها.
يفعل البابا هذا ويراه حقًّا له، ولا تستطيع رأس أن ترتفع بالدهشة لما صنع، ولا يستطيع لسان أن يقول كلمة، ولا يستطيع قلم أن يكتب حرفًا، ولا يستطيع أحد من أتباعه أو من غير أتباعه أن يرميه بالتعصب الديني بل بالتعصب المذهبيّ الفرعي. أما نحن فإذا قلنا: إن شريعتنا تحرم على كل مسلم أن يحضر صلاة غير صلاة المسلمين، في بيعة أو كنيسة أو غيرهما، ولم يشارك فيها ولم يعتقد منها شيئًا وأن من فعل هذا فقد ظهر بين المسلمين بمظهر الكفر والردة، لا يقبل منه عذرًا بمجاملة سياسية، ولا بنفاق اجتماعي، ولا بأي عذر من الأعذار، إذا قلنا شيئًا من هذا ثارت الدنيا وأخذتنا الأقلام، والألسنة من كل جانب، ونادوا بالويل والثبور من تعصب المسلمين تعصبًا دينيًّا، ورُمينا ببغض المسيحيين، وببغض الأجانب، وقال كلٌّ ما شاء، بل يقول ذلك وأكثر منه الكتاب الكبار، والمتعلمون العظماء، الذين يرون أنهم أعرف الناس بحقائق الإسلام وشرائعه، بما ارتضعوا من لبان أوربة، وبما شربوا من نتاج المبشرين، وبما ربوا في أحضان الخواجات! !."(1)
-----------------------------------------
(1)أحمد شاكر،جمهرة مقالات أحمد شاكر،ص٤٨١-٤٨٣