رابط الحوار الأصلي : قصتي مع اللادينية

تحية طيبة:

أشكر المشرفين على فتح موضوع مستقل عن الموضوع الأصلي . ربما يكون هذا الموضوع مكاناً نتبادل فيه الخبرات حول ما مررنا به من تجارب الإنسلاخ من الدين .

أول ما يخطر ببالي هو نظرتنا كمسلمين لديننا و لأنفسنا على أننا أقل من الآخر، و الآخر في حالتي كان هو الغرب : أوربا الغربية و الولايات المتحدة.

لما كنت أستمع لمن يقولون بأنهم يتآمرون علينا ، كنت أسخر من هكذا مقولات ، و أردد بيني وبين نفسي: و هل عندنا شئ ذو قيمة أصلاً حتى يتآمر الآخر لاختراقه و تدميره ؟

هذه النظرة الدونية للذات و الهوية جعلتني و جعلت الكثير من أبناء هذه الأمة يؤمنون أن الخلاص من هذا الواقع المتردي له طريق واحد : استنساخ التجربة الغربية في بلداننا.

لم أستيقظ من النوم لأجد نفسي قد تركت الإسلام ، و لكن الموضوع كان متدرجا. تنكرت أول الأمر للهوية الإسلامية للسبب المذكور أعلاه، لكن برغم ذلك كنت أحافظ على ما يمكن تسميته إسلام الأركان.

ثم حدث الانسلاخ بالكلية بعد مراحل سأحاول شرحها في مشاركة قادمة إن شاء الله.

بارك اللّه فيك يا أخي الكريم،وثبّتك على الحق،وأتمنى أن تستفيض في شرح أسباب عودتك للإسلام.

سدد الله رميك
تقبل الله منك
تقبل الله منك
تقبل الله منك

​​​​​​السبب في تلك النظرة الدونية هو أن الأمم الغربية هي الأمم المنتصرة والقوية،بينما حال أمة المسلمين على نقيض هذا،والمغلوب يسعى لتقليد الغالب كما قال ابن خلدون.

قال ابن خلدون في المقدمة بعد أن عنون الفصل ب(في أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده) :"و السبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب و تشبهت به. "

وقال :"حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى و لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و الاقتداء حظ كبير كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم و شاراتهم و الكثير من عوائدهم و أحوالهم حتى في رسم التماثيل في الجدان و المصانع و البيوت حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء و الأمر لله. "

ومن أبرز مظاهر تلك الظاهرة هي قضية رفض الحدود ،مع أن قضية الحدود مثبتة في الشرع،ومقبولة من العقل،إلا أنك تجد بعض الإعتراضات مثل أنها مخالفة للإنسانية!،وأنا أتعجب من تلك الإنسانية التي تحصر نفسها في القيم والثقافة الغربية،وتتجاهل قيم وثقافات بقية الأمم!

أشكر المشرف الكريم د - نيو على مشاعره الطيبة و مشاركاته . في الواقع أستاذي الكريم كلامك ذكرني بما قاله دكتور جامعة تخصص في الأمراض النسائية و التوليد في أوربا من أن الأمراض المنقولة جنسياً تكاد تشكل وباءً في الغرب , بل حتى الأزواج يشعر الواحد منهم بريبة تجاه شريكه من أنه ربما أقام-أقامت علاقة ما .

أنا أقدس رباط الزوجية , و لم تلق دعوات التحرر الجنسي صدى في نفسي حتى في عز لادينيتي . نفس الموقف ينطبق على قضية زواج المثليين . يخطر ببالي من باب النكتة دور أحمد بدير في إحدى مسرحياته - مأذون خريج السوربون - و ربما تتحول السخرية إلى واقع فيظهر عندنا مأذون سوربوني أو هارفاردي يعقد زواج الرجل بالرجل و الأنثى بالأنثى , و كل هذا في إطار - إصلاحات - أولياء الأمر لننال شهادة حسن سير و سلوك من الغرب و أننا صرنا أناساً ( موردن ) ...

تحية طيبة محاوري العزيز محمد 24 :

يمكنني وصف ما كنت أعيشه بأنه : الانبهار . أسمع عن فلاسفة التنوير فأبادر للبحث عن مقالاتهم و كتاباتهم . امتلئ زهواً حين أقول : قال روسو كذا , ذهب فولتير إلى كذا , يرى جون لوك أن ... و إن دققنا النظر في عقائد فلاسفة التنوير نجد أن غالبيتهم ربوبيون لا دينيون بل عندهم ردة فعل عنيفة تجاه كل ما يمت للكنيسة بصلة .

و قد كان كتاب : الأخلاق لسبينوزا من الكتب الأثيرة لدي , فحين تسمع أن عالماً فذاً من وزن أينشتاين كان يؤمن بإله سبينوزا , يشدك ذلك لقراءة كتابه و فهم تصوره عن الإله و الذي هو وحدة وجود قريبة مما لدى مؤسسي التصوف الفلسفي عندنا.

السبب الرئيس الذي دفعني للعودة إلى الدين هو عدم قدرتي على بناء منظومة متكاملة لحياتي تغطي كافة الجوانب التي يغطيها الدين . أذهب أبعد من ذلك فأقول بأن بناء هكذا منظومة ليس في قدرة بشر . من يستطيع أن يؤسس منظومة عقائدية تشريعية أخلاقية كتلك التي يقدمها الإسلام ؟ كل منظومات اللادينيين هي ( تجميعات ) من هنا و هناك . يأخذ برأي الفيلسوف الفلاني في الإلهيات , و المفكر الفلاني في القوانين و العلاقات الاجتماعية , و المنظر الفلاني في فلسفة الأخلاق و هكذا .

ثم أني أشترط في المنظومة ألا يناقض بعضها بعضاً , و أن تكون في ثباتها نقطة مرجعية و ليس رأياً تراه اليوم ثم تتركه غداً.
و هذا كما نعلم ليس متحققاً فيما قرره البشر من نظم .

من جهة أخرى : أين الغاية و المعنى في الفكر الغربي المعاصر ؟ نحن متفقون أنهم يكدسون المعارف بكميات مهولة , ثم ماذا ؟
هل المعرفة للمعرفة فقط ؟ أم يجب أن تكون هناك غاية يصل إليها الباحث ؟

صدقت ...نبيع ديننا لنحصل على رضا الاسياد!!

ماشاء الله، الحمد لله على فضله، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

وأذكركم أخي في الله أن الصلاة عماد الدين .. وخير عبادةٍ لله تكون بالصلاة والذكر .. والدعاء مخ العبادة .. وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجِد لله رب العالمين .. فادع الله في صلاتِك واكثر من الدعاء في سجودِك .. ما أعظم الإقرار بعبوديته، والعزة في عبادتِه، نحمده ونشكر فضْلَه أن هدانا وإياكم للإسْلام .. اللهم ثبتنا وثبتكم على الحق... مبارك عليكم اسلامكم ..

وأسأل الله تعالى الأجر والمثوبة للإخوة والأساتذة الذين تواصلوا معك في الحوار .. واخص الاخ الحبيب محمد24 ، فاللهم اجعل ذلك في ميزان حسناتهم، و ارزقهم به أمناً حين يخاف الناس، و نعيماً و ظلاً حين يشتد بأهل القيامة الخطب و الباس

أسأل الله تعالى لكم ولنا الثبات على الحق حتى نلقاه وهو راض عنا غير غضبان

اللهم آميــــــــــــن

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :

لهذا المنتدى الكريم و أعضائه فضل علي لن أنساه ما حييت ...
و أحس أن المسلم الذي كان نائماً في أعماقي قد استيقظ و أنه
يريد التعبير عن ذاته , لذا سأحاول إن شاء الله أن أنشط في المنتدى,
و أسألكم التصحيح فيما أقع فيه من أخطاء و النصيحة الدائمة.

بالتوفيق اخى الحبيب
ربنا يثبتك
و كلنا ان شاء الله فى ظهرك