بسم الله الرحمن الرحيم
قول العرفان بما حدث عند الصلبان
الجزء الأول
حيا الله جميع الأحبة الكرام وأهلا وسهلا بضيوفنا الكرام
بداية أقول:
ان من اكبر معجزات القرآن الكريم انه نفى نفيا قاطعا القول بصلب المسيح عليه السلام لقد جاء النفى فى آية واحدة هى الآية رقم 157 من سورة النساء ... لكن قضايا أخرى كألوهية المسيح أو ان المسيح ابن الله ذكرها القران فى عدة مواضع متعددة وتكفل بالرد عليها باعتبارها كفرا صريحا ...ولقد استغرق الحديث عن التوحيد فى ثلث القران الكريم تقريبا ومن المعلوم ان سورة الاخلاص تعدل ثلث القران الكريم .
ويحق لنا ان نقول : لو كان القران من عند غير الله وان بشرا فى الارض قد الفه بيده مثلا وادعى انه اوحى اليه أما الأجدر له والأيسر لرواج دعوته وانتشارها فى الافاق ان يقول بصلب المسيح باعتبار ذلك كان شائعا بين الناس فحينئذ يستميل قلوب النصارى الى دعوته ويقلل من المشاكل التى تعوق مسار دعوته والعقبات التي تعترضم فى قبول الإسلام .
ان الشواهد القريبة تبين ان تحول مسيحي من طائفة إلى أخرى من نفس ديانته شيئا عاديا جدا وان هذا من حرية الاعتقاد...لكن تحول مسيحي من المسيحية إلى الإسلام تسبب ضجة كبيرة ويعتبر انقلابا كبيرا فى حياته ومعتقداته لأنه غير مفاهيم وعقائد كثيرة ترسبت ى عقله ووجدانه.
لكن القرآن لم يجار النصارى على معتقداتهم وما تعارفوا عليه لكنه حدد المواقف تحديدا واضحا فجعل القول بالوهية المسيح او ببنوة المسيح لله يعتبر كفرا محضا وشركا لا يغفره الله أبدا.
فالقران لا يقول الا الحق بصرف النظر اخوانى عما اذا كان ذلك الحق يتفسق وما شاع بين الناس وصار من المسلمات بينهم ...... وبما ان الصلب قضية فالأولى بنا ان نذكر قاعدة بسيطة متفق عليها " كل ما تسرب اليه الاحتمال سقط به الاستدلال " ......
قضية الصلب
الآن نذهب الى قضية الصلب كما تعرضها الأناجيل وهى التي تبدأ بمجموعة من الإحداث الخاصة بمحاولة قتل المسيح إلى ان تنتهي بتعليق شخص يصرخ يائسا على الصليب وما أعقب ذلك من تكفينه ودفنه .
*****************
1_ مسح جسد المسيح بالطيب :
اختلفت الاناجيل حول هذه الحادثة البسيطة التى تعتبر مقدمة لاحداث الصلب . يقول مرقس فى الإصحاح الرابع عشر من الأعداد 1 إلى 5 (( .........وفيما هو فى بيت عنيا فى بيت سمعان الابرص وهو متكىء جاءت امراة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن فكسرت القارورة وسكبته على راسه ... وكان قوم مغتاظين فى انفسهم فقالوا لماذا تلف الطيب هذا لانه يمكن ان يباع هذا باكثر من ثلاثمائة دينار ويعطى للفقراء وكانوا يؤنبونها .
وذكر متى هذه الحادثة فى الاصحاح السدس والعشرين فى العدد ستة الى تسعة .... وعند لوقا بالاصحاح السابع ستة وثلاثين الى تسعة وثلاثين ... وعند يوحنا الاصحاح الثنى عشر الاعداد واحد الى ستة .... مع اختلافهم فى التوقيت والعناصر الرئيسية .
ويمكن اخوانى ان نلخص اختلاف الاناجيل فى هذه القصة كالاتى :
مكان الحادث :
عند مرقس ومتى ين المكان هو بيت سمعان الابرص وعند لوقا بيت فريسى وعند يوحنا بيت الاخوة لعازر ومريم ومرثا.
شخصية المراة :
عند مرقس ومتى مجهولة ... وعند لوقا الاسم ليس صحيحا ...وعند يوحنا هى مريم اخت لعازر .
ماذا فعلت المراة :
عند مرقس ومتى دهنت راس يسوع بالطيب ... وعند لوقا ويوحنا دهنت رجليه بالطيب .
رد الفعل عند المشاهدين :
عند مرقس اغتاظ قوم لاسرافها ...... عند متى اغتاظ التلاميذ .... عند لوقا اغتاظ يهوذا الاسخريوطى .
2_ التحضير للعشاء الاخير ( الربانى ) :
يقول مرقس فى الاصحاح الرابع عشر فى العددى 12 الى 17 (( وفى اليوم الاول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه : اين تريد ان نمضى ونعد لتاكل الفصح .............. الى ان قال فى العدد السابع عشر : فخرج تلميذاه واتيا الى المدينة ووجدا كما قال لهما فاعدا الفصح ولما كان المساء جاء مع الاثنى عشر )).
ويختلف متى مع مرقس فى قصة الاعداد للعشاء فى ستة وعشرين ثمانى عشر وما بعده .
***********
3_ توقيت العشاء واثره على قضية الصلب :
يقول جون فنتون : يتفق متى مع مرقس وكذلك لوقا فى اثنين وعشرين /ثمانية ... فى ان العشاء الاخير كان هو الفصح . وعلى العكس من ذلك نجد الانجيل الرابع يجعل الفصح يؤكل فى المساء بعد موت يسوع ..
فى حين نجد يوحنا يرمى كل ذلك بعرض الحائط ويقرر ان العشاء الاخير كان قبل الفصح فى ثلاثة عشر واحد الى خمسة ........... وايضا يقرر يوحنا انهم قبضوا على يسوع فى مساء اليوم السابق لاكل الفصح فى ثمانى عشرة :ثمانى وعشرين . (( ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا الى دار الولاية وكان صبح ......
اذن اخوانى اختلاف الاناجيل فى العشاء الاخير وتوقيته ترتب عليه اختلافهم فى نقطة جوهرية تعتبر واحدة من اهم عناصر قضية الصلب الا وهى تحديد يوم الصلب .. لو اخذنا رواية مرقص ومتى ولوقا لكان يسوع اكل الفصح مع التلاميذ مساء الخميس ثم يتم القبض عليه بعد قليل من نفس المساء وبذلك يكون الصلب حدث فى يوم الجمعة ... ولو اخذنا رواية يوحنا نرى ان القبض حدث مساء الاربعاء والصلب يوم الخميس .... اذن متى حدث الصلب الخميس ام الجمعة ؟؟؟
4_ الآم المسيح :
يقول مرقس:فى الاصحاح الرابع عشر فى الاعداد 32 الى 42 ...(( وجاءوا الى ضيعة اسمها جشيمانى فقال لتلاميذه : اجلسوا ههنا حتى اصلى ............. الى ان قال ... ثم جاء ثالثة وقال لهم الان استريحوا يكفى قد اتت الساعة هو ذا ابن الانسان يسلم الى ايدى الخطاة قوموا لنذهب ....
اخوانى :
ان ابسط تعليق على هذا الكلام هو انه واضح تماما ان المسيح لم يكن يتوقع هذه المفاجاة وهى ان اعداؤه سيقتلونه ولذلك كان يصلى كل وقت لكى تعبر عنه هذه الساعة او هذه الكاس حتى ينجو ... اذن ياضيوفنا الاعزاء نستطيع ان تقرر مبدئيا انه لا يمكن قولكم ان المسيح جاء ليبذل نفسه فداء عن اخرين او ان سفك دمع كان ضروريا لتكفير للخطيئة الاصلية ... واذا كان عصيان ادم يكون تكفيره بقتل ابن الاله غصبا فهذا خطير لان الخطية ستتضاعف بهذه الصورة ..
5_ القبـــــض :
يقول مرقس فى الاصحاح 14 فى الاعداد 43 الى 52 ..(( وللوقت فيما هو يتكلم اقبل يهوذا واحد من الاثنى عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعصى من عند رؤساء الكهنة والكتبةوالشيوخ وكان مسلمه .. يهوذا ..قد اعطاهم علامة قائلا الذى اقبله هو هو امسكوه وامضوا به بحرص فجاء للوقت وتقدم اليه قائلا ياسيدى ياسيدى وقبله فالقوا ايديهم عليه وامسكوه ..))
كانت القبلة هى بداية عملية القبض وهذا ما اتفق عليه متى ولوقا ومرقس مع خلاف يسير اما يوحنا فلا وجود عنده اثرا للقبلة كما فى الاصحاح ثمانى عشر العدد 3 الى 8 .. كما هو واضح .
اتفقت الاناجيل الاربعة على شىء مهم جدا وهو انه ابتداء من ذلك الوقت الذى كان فى ظلمة الليل لانهم جاءوا بمصابيح فقد تركه التلاميذ وهربوا .
6_ المحـــــاكمة :
لم تتفق الاناجيل على عدد المحاكمات ونظر لضيق الوقت الان وانا اعلم انكم متضايقون منى نكتفى بالحديث عم محاكمتين فقط .
أ_ الاولى ... امام مجمع اليهود :
يقول مرقس فى الاصحاح الرابع عشر بداية من العدد 52 الى نهاية العدد 65 ((مضوا بيسوع الى رئيس الكهنة فاجتمع ومعه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة ....................... مرورا فى الاعداد بمحاورة يسوع لهم باثباته انه هو .
جاء احد احبارهم ويقول :
ليس من السهل ان نتبين كيف نشا هذا الجزء ولقد كان سؤالنا حول قيمته التاريخية ومن الواجب ان نعرض الاسباب الرئيسية للشك فى قيمته التاريخية ونناقشها باختصار :_
أ _ يصف مرقس المحاكمة على انها حدثت امام الجميع وهذا الوصف يكشف عدد من التناقضات اغلبها جديرة بالاعتبار .
ب _ هل من الممكن لن يجتمع الكهنة ومن معهم فى منتصف الليل لعيد الفصح ؟! ان محاكمة رسمية فى مثل هذا الوقت لا يمكن تصديقه .
ب _ الثانية : امام بيلاطس :
يقول مرقس فى الاصحاح الخامس عشر ما بين العدد الاول الى الخامس عشر ((وللوقت فى الصباح الباكر تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله واوثقوا يسوع ومضوا به الى بيلاطس ....) ثم بدا الحوار بين يسوع وبيلاطس ورغم ان المحاكمة تعرض لنا باعتبارها وقعت فى العراء فان رواية مرقس لا يمكن اعتبارها على اية حال تقريرا لشاهد عيان والواقع انها ليست تقريرا على الاطلاق .
7_ الصلـــــب :
نتوقف الى هنا ونتابع فى اشعار اخر عندما اجمع نصوصا تفيد هذه النقطة الفاصلة مع الجزء الثاني ............................ جزاكم الله خيرا
تعليق