قال تعالى
﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران: 55]،
﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ [النساء: 158]؛ فالله أخرَج ابن مريم من قبره، وأصعَده إلى نفسه،
وهو من المقرَّبين، وجيهًا في الدنيا والآخرة؛ ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آل عمران: 45]
وأما محمد فميِّت، لم يقم بعدُ من الأموات.
فمن الأعظم ؟
الرد :
فقد أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ (وَفَاة الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ
قَالَ ابْن عَبَّاسٍ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
في الرد على هذه الفقرة نعيد أولاً ما قلناه قبْلاً: من أن في القرآن كلامًا عن ابن مريم يوم القيامة، يصوِّره - عليه السلام - وهو واقف أمام ربه يسأله عما أتاه أتباعه من بعده من تأليههم له، سؤال الرب لعبْده الخائف الراجف الذي يعرف حدوده جيدًا، فهو يُسارِع بالتنصُّل من هذا الكفر الشنيع، وممن قالوه، ثم إن محمدًا - عليه الصلاة والسلام - لهو صاحب الشفاعة العظمى حسبما نَصَّ على ذلك كثير من الأحاديث النبوية، وهذا معنى قوله -تعالى-: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]؛ فالشفاعة ستكون لسيدنا محمد - عليه السلام - وحده من دون الأنبياء والرُّسل، بما فيهم سيدنا عيسى - عليه السلام - وهذه إحدى المكرُمات التي اخْتُصَّ بها سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان هذا لا ينال من عيسى ولا غيره من المرسلين في شيء؛ فتقديم أحد الأنبياء على سائر إخوانه لا يُسيء إليهم في قليل ولا كثير، فكلهم مكرَّمون معظَّمون بفضل الله، لكنه يدل على أن صاحب التقديم قد اختُصَّ بمزيد من التكريم والتعظيم.
ومن مقارنات الواعظ الطيب - الذي على نياته - قوله: إن عيسى قد أُصْعِد إلى السماء حيًّا، بينما لا تزال عظام محمد في قبره، وتعقيبنا على هذا هو أن عيسى - طبقًا لما يؤمن به الواعظ المحترَم وطائفته - قد مات مثلما مات محمد، فما المشكلة إذًا؟ لكنه يقول: إن عيسى قام من الأموات، أما محمد فلا، تُرى هل وجود عِظام إنسان في الأرض يعني أن رُوحه هي أيضًا في الأرض؟ إنَّ كل الأرواح عند فناء الجسد تصعَد راجِعة إلى ربها، أما الجسد فهو كساء وقتي تكتَسيه الروح، ثم تخلَعه لدى الموت، وبِناءً على هذا فوجود عظام النبي الكريم في المدينة المنورة لا يعني أبدًا أن رُوحه ليست عند ربه - سبحانه وتعالى؛ وعلى أية حال، فقد عُرج به في حياته -صلى الله عليه وسلم- إلى السموات العلا، حتى بلَغ سدرة المنتهى؛ كما ذكَر القرآن الذي يستشهِد به واعظنا الطيب، كذلك فالنص القرآني ليس قاطِع الدلالة في موضوع صعود عيسى - عليه السلام - بالجسد، ولا صعودِه حيًّا؛ إذ تقول الآية الكريمة: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران: 55]، وليس فيها على سبيل القطع الذي لا تمكِن المماراة فيه أنه - سبحانه - قد أصعَده إلى السماء حيًّا بجسده، إن مِن المسلمين مَن يفهَم تلك الآية كما فهِمها القمص، لكن هناك أيضًا من المسلمين من يقولون بالوفاة العادية ورِفْعَة المكانة لا الجسد.
وعلى أية حال: هل هناك فرقٌ يُذكر بين قوله - سبحانه - عن السيد المسيح وبين قوله عن إدريس - عليهما السلام -: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 56 - 57]؟
ثم إنَّ الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى ذكَر كذلك أن إيليا قد رفَعه الله إليه أيضًا بالمعنى المادي؛ أي: أصعَد جسده إلى السماء: "وفيما هما يسيران ويتكلَّمان إذا مركَبة من نار وخيل من نار فصَلت بينهما، فصعِد إيليا في العاصفة إلى السماء، وكان أليشع يرى وهو يصرُخ: "يا أبي، يا أبي، مركَبة إسرائيل وفرسانها"، ولم يرد بَعْدُ"؛ (ملوك: 2/ 2/ 11 - 12)، إنني لا أبغي أبدًا التقليل من شأن سيدنا عيسى - عليه السلام - فنحن المسلمين نَعُد أنفسنا أتباعه الحقيقيين، ونؤمن أن غيرنا قد كفَروا به وضلُّوا عن سواء السبيل، وأشرَكوا بالله ما لم ينزِّل به سلطانًا، كل ما هنالك أننا نحاول أن نقدِّم صورة منطقية ومستقيمة وصحيحة في المقارنة بين النبيَّين العظيمين: محمد وعيسى - عليهما السلام.
وفي النهاية نقول: فلنفترِض أن عيسى قد أُصعِد فعلاً بجسده إلى السماء، وأنه هو وحدَه الذي حدَث له ذلك، فالسؤال حينئذ هو: وماذا بعد؟ وما الفائدة التي عادت على الدعوة من جَرَّاء هذا؟ لقد ترتَّب على هذا الصعود وغيره أن أشرَكه كثير من البشر مع الله، وهو البشر الضعيف العاجز الفاني! وأخيرًا لقد سكتُّ طَوال الفقرة كلها، فلم أشأ أن أفسِد على الواعظ الطيب - الذي على نياته - فرحتَه، فأقول له: إنك بإصرارك على أن المسيح قد صعد في السماء بجسده لتَهدِم معتقدَك في ألوهيَّته وتجسُّده حسبما تقول؛ إذ إنه إنما تجسَّد هنا على الأرض؛ كي يكون مِثلنا، ويذوق الألم كما نذوقه، ويموت على الصليب كأي إنسان يموت عليه... إلخ، فما معنى أن يبقى بجسده بعد ذلك كله إذًا؛ أي: بعد أن تحقَّقت الحكمة من تجسُّده، وتَمَّ صلْبه وفداؤه للبشر من خطيئتهم، وعاد من حيث أتى ورجع إلهًا خالصًا كما كان لا تَشوبه شائبة من البشرية؟ ألا يرى واعِظنا الطيب أنه يضع نفسه دائمًا في مأزِق عسِر لا يمكنه التخلُّص منه؟
https://www.dorar.net/%D8%A7%D9%84%D...85%D8%AF%D8%A7
https://www.alukah.net/sharia/0/63634/
﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران: 55]،
﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ [النساء: 158]؛ فالله أخرَج ابن مريم من قبره، وأصعَده إلى نفسه،
وهو من المقرَّبين، وجيهًا في الدنيا والآخرة؛ ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آل عمران: 45]
وأما محمد فميِّت، لم يقم بعدُ من الأموات.
فمن الأعظم ؟
الرد :
فقد أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ (وَفَاة الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ
"ألا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَإِنَّ مُحَمَّدًا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَدْ مَاتَ
وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ"
و قَالَ: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]
وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ"
و قَالَ: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]
قَالَ ابْن عَبَّاسٍ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
في الرد على هذه الفقرة نعيد أولاً ما قلناه قبْلاً: من أن في القرآن كلامًا عن ابن مريم يوم القيامة، يصوِّره - عليه السلام - وهو واقف أمام ربه يسأله عما أتاه أتباعه من بعده من تأليههم له، سؤال الرب لعبْده الخائف الراجف الذي يعرف حدوده جيدًا، فهو يُسارِع بالتنصُّل من هذا الكفر الشنيع، وممن قالوه، ثم إن محمدًا - عليه الصلاة والسلام - لهو صاحب الشفاعة العظمى حسبما نَصَّ على ذلك كثير من الأحاديث النبوية، وهذا معنى قوله -تعالى-: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]؛ فالشفاعة ستكون لسيدنا محمد - عليه السلام - وحده من دون الأنبياء والرُّسل، بما فيهم سيدنا عيسى - عليه السلام - وهذه إحدى المكرُمات التي اخْتُصَّ بها سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان هذا لا ينال من عيسى ولا غيره من المرسلين في شيء؛ فتقديم أحد الأنبياء على سائر إخوانه لا يُسيء إليهم في قليل ولا كثير، فكلهم مكرَّمون معظَّمون بفضل الله، لكنه يدل على أن صاحب التقديم قد اختُصَّ بمزيد من التكريم والتعظيم.
ومن مقارنات الواعظ الطيب - الذي على نياته - قوله: إن عيسى قد أُصْعِد إلى السماء حيًّا، بينما لا تزال عظام محمد في قبره، وتعقيبنا على هذا هو أن عيسى - طبقًا لما يؤمن به الواعظ المحترَم وطائفته - قد مات مثلما مات محمد، فما المشكلة إذًا؟ لكنه يقول: إن عيسى قام من الأموات، أما محمد فلا، تُرى هل وجود عِظام إنسان في الأرض يعني أن رُوحه هي أيضًا في الأرض؟ إنَّ كل الأرواح عند فناء الجسد تصعَد راجِعة إلى ربها، أما الجسد فهو كساء وقتي تكتَسيه الروح، ثم تخلَعه لدى الموت، وبِناءً على هذا فوجود عظام النبي الكريم في المدينة المنورة لا يعني أبدًا أن رُوحه ليست عند ربه - سبحانه وتعالى؛ وعلى أية حال، فقد عُرج به في حياته -صلى الله عليه وسلم- إلى السموات العلا، حتى بلَغ سدرة المنتهى؛ كما ذكَر القرآن الذي يستشهِد به واعظنا الطيب، كذلك فالنص القرآني ليس قاطِع الدلالة في موضوع صعود عيسى - عليه السلام - بالجسد، ولا صعودِه حيًّا؛ إذ تقول الآية الكريمة: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران: 55]، وليس فيها على سبيل القطع الذي لا تمكِن المماراة فيه أنه - سبحانه - قد أصعَده إلى السماء حيًّا بجسده، إن مِن المسلمين مَن يفهَم تلك الآية كما فهِمها القمص، لكن هناك أيضًا من المسلمين من يقولون بالوفاة العادية ورِفْعَة المكانة لا الجسد.
وعلى أية حال: هل هناك فرقٌ يُذكر بين قوله - سبحانه - عن السيد المسيح وبين قوله عن إدريس - عليهما السلام -: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 56 - 57]؟
ثم إنَّ الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى ذكَر كذلك أن إيليا قد رفَعه الله إليه أيضًا بالمعنى المادي؛ أي: أصعَد جسده إلى السماء: "وفيما هما يسيران ويتكلَّمان إذا مركَبة من نار وخيل من نار فصَلت بينهما، فصعِد إيليا في العاصفة إلى السماء، وكان أليشع يرى وهو يصرُخ: "يا أبي، يا أبي، مركَبة إسرائيل وفرسانها"، ولم يرد بَعْدُ"؛ (ملوك: 2/ 2/ 11 - 12)، إنني لا أبغي أبدًا التقليل من شأن سيدنا عيسى - عليه السلام - فنحن المسلمين نَعُد أنفسنا أتباعه الحقيقيين، ونؤمن أن غيرنا قد كفَروا به وضلُّوا عن سواء السبيل، وأشرَكوا بالله ما لم ينزِّل به سلطانًا، كل ما هنالك أننا نحاول أن نقدِّم صورة منطقية ومستقيمة وصحيحة في المقارنة بين النبيَّين العظيمين: محمد وعيسى - عليهما السلام.
وفي النهاية نقول: فلنفترِض أن عيسى قد أُصعِد فعلاً بجسده إلى السماء، وأنه هو وحدَه الذي حدَث له ذلك، فالسؤال حينئذ هو: وماذا بعد؟ وما الفائدة التي عادت على الدعوة من جَرَّاء هذا؟ لقد ترتَّب على هذا الصعود وغيره أن أشرَكه كثير من البشر مع الله، وهو البشر الضعيف العاجز الفاني! وأخيرًا لقد سكتُّ طَوال الفقرة كلها، فلم أشأ أن أفسِد على الواعظ الطيب - الذي على نياته - فرحتَه، فأقول له: إنك بإصرارك على أن المسيح قد صعد في السماء بجسده لتَهدِم معتقدَك في ألوهيَّته وتجسُّده حسبما تقول؛ إذ إنه إنما تجسَّد هنا على الأرض؛ كي يكون مِثلنا، ويذوق الألم كما نذوقه، ويموت على الصليب كأي إنسان يموت عليه... إلخ، فما معنى أن يبقى بجسده بعد ذلك كله إذًا؛ أي: بعد أن تحقَّقت الحكمة من تجسُّده، وتَمَّ صلْبه وفداؤه للبشر من خطيئتهم، وعاد من حيث أتى ورجع إلهًا خالصًا كما كان لا تَشوبه شائبة من البشرية؟ ألا يرى واعِظنا الطيب أنه يضع نفسه دائمًا في مأزِق عسِر لا يمكنه التخلُّص منه؟
https://www.dorar.net/%D8%A7%D9%84%D...85%D8%AF%D8%A7
https://www.alukah.net/sharia/0/63634/
تعليق