بيان البهتان في كلام المنصر الافاك بخصوص كورونا و الحجر الصحي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع يعتبر استكمالا في الرد على المنصر الذي جمع بين اصناف وفنون التدليس و الجهل هنا :
www.hurras.org/new/forum/منبر-شبهات-وردود/شبهات-حول-الأحاديث-والسيرة-وافتراءات-على-المصطفى-صلى-الله-عليه-وسلم-والصحابة-والرد-عليها/812967-دفع-البهتان-عن-الشيخ-ابو-عمر-الباحث-حفظه-الله-بخصوص-كورونا-و-الطاعون
وقد قررت ان اؤجل التعليق على مقدمته السخيفة حتى بعد اكتمال الرد عليه تماما ليضحك القارئ من مزاعمه و يرى الجراة و الوقاحة التي ابداها في التدليس
و سنتبع نفس الاسلوب السابق في الرد عليه حيث نبين في كل نقطة تدليسه ثم نضع بعض المصادر الاضافية
نبدا في الرد على بركة الله
اولا : بيان جهل المنصر و تدليسه في الاستدلال بجواز خروج الانسان مم ارض الوباء اذا كان على غير نية الفرار .
يقول المنصر
يستخدم المسلمين حديث منقوص ويهربون من كلمه فى باقى الاحاديث الخاصه بالموضوع والتى تقيد الحديث المنقوص فنجد كل عالم كبير يذكر الاحاديث الكاملة ولكن صغار السن من المدافعون يتكلمون بعشوائية فى الحديث المنقوص واخفاء الحقيقة الكاملة فنحن امام جهل او تضليل فلنرى الادله
وقبل الشروع في بيان تدليسات هذا المنصر على المصادر التي استشهد بها نقتبس من كلام الامام بن حجر رحمه الله ما يفصل في المسالة :
نقرا من فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الطب باب ما يذكر في الطاعون :
(( وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ اسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ الْخُرُوجَ بِالنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنِ الدُّخُولِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا قَالُوا وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يُعْدِيَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّهْيُ لِهَذَا لَجَازَ لِأَهْلِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخُرُوجُ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ فَعُرِفَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ مُنِعُوا مِنَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْنَى الْعَدْوَى وَالَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ حِكْمَةَ النَّهْيِ عَنِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُصِيبَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَيَقُولُ لَوْلَا أَنِّي قَدِمْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ لَمَا أَصَابَنِي وَلَعَلَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَأَصَابَهُ فَأَمَرَ أَنْ لَا يَقْدَمَ عَلَيْهِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ وَنَهَى مَنْ وَقَعَ وَهُوَ بِهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا لِئَلَّا يَسْلَمَ فَيَقُولَ مَثَلًا لَوْ أَقَمْتُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لَأَصَابَنِي مَا أَصَابَ أَهْلَهَا وَلَعَلَّهُ لَوْ كَانَ أَقَامَ بِهَا مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ اه وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ قَدْ وَقَعَ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ وَاحْذَرُوا اثْنَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ خَرَجَ خَارِجٌ فَسَلِمَ وَجَلَسَ جَالِسٌ فَأُصِيبَ فَلَوْ كُنْتُ خَرَجْتُ لَسَلِمْتُ كَمَا سَلِمَ فُلَانٌ أَوْ لَوْ كُنْتُ جَلَسْتُ أُصِبْتُ كَمَا أُصِيبَ فُلَانٌ لَكِنْ أَبُو مُوسَى حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْفِرَارَ مَحْضًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ مَنْ خَرَجَ لِقَصْدِ الْفِرَارِ مَحْضًا فَهَذَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ لَا مَحَالَةَ وَمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ مُتَمَحِّضَةٍ لَا لِقَصْدِ الْفِرَارِ أَصْلًا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَنْ تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ مِنْ بَلَدٍ كَانَ بِهَا إِلَى بَلَدِ إِقَامَتِهِ مَثَلًا وَلَمْ يَكُنِ الطَّاعُونُ وَقَعَ فَاتَّفَقَ وُقُوعُهُ فِي أَثْنَاءِ تَجْهِيزِهِ فَهَذَا لَمْ يَقْصِدِ الْفِرَارَ أَصْلًا فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ وَالثَّالِثُ مَنْ عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ الرَّاحَةَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ فَهَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ وَمِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ الَّتِي وَقَعَ بِهَا وَخِمَةً وَالْأَرْضُ الَّتِي يُرِيدُ التَّوَجُّهَ إِلَيْهَا صَحِيحَةً فَيَتَوَجَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ فَهَذَا جَاءَ النَّقْلُ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ مُخْتَلِفًا فَمَنْ مَنَعَ نَظَرَ إِلَى صُورَةِ الْفِرَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَمَنْ أَجَازَ نَظَرَ إِلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْخُرُوجِ فِرَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْفِرَارِ وَإِنَّمَا هُوَ لِقَصْدِ التَّدَاوِي وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي أَثَرِ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَلَا تَضَعْ كِتَابِي مِنْ يَدِكَ حَتَّى تُقْبِلَ إِلَيَّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ وَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا أَجِدُ بِنَفْسِي رَغْبَةً عَنْهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ نَزَلْتَ بِالْمُسْلِمِينَ أَرْضًا غَمِيقَةً فَارْفَعْهُمُ إِلَى أَرْضِ نُزْهَةٍ فَدَعَا أَبُو عُبَيْدَةَ أَبَا مُوسَى فَقَالَ اخْرُجْ فَارْتَدْ للْمُسلمين منزلا حَتَّى انْتقل بهم فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي اشْتِغَالِ أَبِي مُوسَى بِأَهْلِهِ وَوُقُوعِ الطَّاعُونِ بِأَبِي عُبَيْدَةَ لَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ مُتَوَجِّهًا وَأَنَّهُ نَزَلَ بِالنَّاسِ فِي مَكَانٍ آخَرَ فَارْتَفَعَ الطَّاعُونُ وَقَوْلُهُ غَمِيقَةً بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَقَافٍ بِوَزْنِ عَظِيمَةٍ أَيْ قَرِيبَةٍ مِنَ الْمِيَاهِ وَالنُّزُوزِ وَذَلِكَ مِمَّا يَفْسُدُ غَالِبًا بِهِ الْهَوَاءُ لِفَسَادِ الْمِيَاهِ))
و على هذا فان هناك ثلاث حالات للخروج من ارض الطاعون :
الاول : الخروج بنية الفرار و هذا منهي عنه عند الجمهور
الثاني : الخروج بقصد اخر و قد اتفق اثناء خروجه وقوع الطاعون و هذا جائز عند الجمهور
الثالث : الخروج من ارض الطاعون لحاجة له و كذلك للبعد عن الطاعون و هذا مختلف فيه .
و ما فعله النصراني هو انه تجاهل الحالة الثالثة تماما و حصر كل كلامه علي الاول و لكن الكارثة هي انه طبق جميع الحالات الثلاثة في الاعلى على من اصيب بالوباء و الطاعون ثم بدا يدلس و يعلن ان الاسلام اجاز للمصاب بالوباء و الطاعون ان يخالط الاصحاء و الانكل من كل هذا ان نفس المصادر التي ذكرها تنفي في مواضع اخرى ما يرمي اليه !!!!
و للايضاح فان الاسلام شرع الاسباب الطبيعية للوقاية و منها الابتعاد عن المريض الذي عرف بانتقاله بقدر الله و تقديره من شخص الى اخر و قوله عليه الصلاة و السلام (( لا عدوى)) هو نفي لما اعتقده اهل الجاهلية من تاثير المرض بعينه و ذاته على الناس و بين عليه الصلاة و السلام ان هذا كله باذن الله و تقديره .
نقرا من صحيح البخاري كتاب الطب باب لا هامة
5437 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا صفر ولا هامة فقال أعرابي يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أعدى الأول وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعد يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يوردن ممرض على مصح وأنكر أبو هريرة حديث الأول قلنا ألم تحدث أنه لا عدوى فرطن بالحبشية قال أبو سلمة فما رأيته نسي حديثا غيره .
و هذا الحديث و ان قيل فيه ان الالفاظ المستعملة فيه تشير الى مرضى الابل لا البشر فان الحديث سياقه يشير الى عموم حكمه على جميع جنس البشر اذ ذكر البخاري معلقا في صحيحه كتاب الطب :(باب الجذام وقال عفان حدثنا سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد ))
وقد صححه الامام الالباني رحمه في السلسلة الصحيحة الحديث رقم 783 :
((783 - " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد ". أخرجه البخاري معلقا (10 / 129) فقال: وقال عفان: حدثنا سليم بن حيان: حدثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة يقول مرفوعا به. وقد وصله أبو نعيم من طريق أبي داود الطيالسي وسلم بن قتيبة كلاهما عن سليم بن حيان شيخ عفان فيه. فالسند صحيح، ووصله ابن خزيمة أيضا كما في " الفتح ))
وقد سبق ان رددنا على انكار ابي هريرة رضي الله عنه للحديث الاول في الموضوع السابق
1. تدليسات المنصر .
استدل المنصر بكتاب الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري في شرحه لحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن الطاعون : (( إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا ، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ )) حيث ذكر الشارح ان النهي مخصوص فيمن اراد الخروج بنية الفرار و اما غيره فجائز له و نسي هذا المنصر ان سياق كلام الشارح واقع على المصح لا على المريض الذي يخاف من خروجه وقوع ضرر اكبر بقدر الله وباذنه
وبعد الرجوع لنفس المصدر - الكوثر الجاري الى رياض احاديث البخاري - كتاب الطب باب لا صفر وجدنا ما ينقض كلامه و يبين وجود اسباب الوقاية في الاسلام :
((5717 - (لا عدوى) اسم من الإعداء، وهو أن يصيب الإنسان ما أصاب صاحبه تأثيرًا كما كان عليه أهل الجاهلية (ولا هامة) طائر كانوا يتشاءمون به، وقيل: البومة، وقيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت أو روحه تصير طيرًا، وقد تقدم الكل مرارًا (فمن أعدى الأول؟) قطع شبهة القوم، إذ لو كان الإعداء هو المؤثر لم يصح في الأول.فإن قلت: فلم قال في الحديث الآخر: "لا يورد ممرض على مصح"؟ قلت: الإنكار عليهم إنما هو في التأثير والإعداء على ما كانوا يزعمون، وجري العادة بذلك بإذن الله تعالى لا يمنع، أو لئلا يوسوس إليه الشيطان إن لم يورد لم يصبه كما في النهي عن دخول بلد فيه الطاعون))
استدل المنصر ايضا بما قاله الشيخ ابن باز رحمه الله في الحلل الابريزية تعليقا على نفس حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لينفي شرعية الحجر الصحي و هذا من الكذب و التدليس و السفه فقد صرح الشيخ ابن باز رحمه الله على شرعية وقوع الحجر الصحي على غير الطاعون استدلالا بقوله تعالى ((و لا تلقوا بايديكم الى التهلكة )) وقد قالها رحمه الله في فتوى سابقة له و قد صدرت منه رحمه الله من احد الطلبة في سياق شرح الشيخ لكتاب رياض الصالحين وتعليقه على قراءة الشيخ محمد إلياس و بالاخص حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه و رجوع عمر رضي الله عنه بالصحابة من الشام :
((الشيخ:الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.أما بعد:فهذان الحديثان قصة عمر لما توجه إلى الشام لحرب الروم، وكانت الجيوش في الشام، جيوش المسلمين في الشام مع قائدهم أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وجماعة، فلما وصل عمر إلى محل يقال له السرغ -في أطراف الشام- بلغه أن الطاعون قد وقع في الشام -يعني الوباء الخبيث- فتوقف واستشار الناس في ذلك هل يرجع أو ما يرجع؟.... هذا هو الفصل، إذا وقع الطاعون وأنت في البلد فلا تخرج فرارًا منه، أما إذا خرج الإنسان لحاجة أخرى ليس لقصد الفرار فلا بأس، وأما إذا وقع وأنت خارج البلد فلا تقدم عليه، إذا وقع في الشام أو في مصر أو في أي مكان فلا تقدم عليه، ولكن متى وقع وأنت في البلد فاصبر على قدر الله، والآجال مضروبة ما أحد يتقدم عن أجله ولا يتأخر، كما قال تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] لكن الإنسان مأمور بالبعد عن أسباب الهلاك، قال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] فالإنسان يأخذ بالأسباب وما كتب الله ماض ونافذ لا حيلة فيه، لكنه مأمور بالأسباب التي شرعها الله، وهذا الوباء سنة سبع عشرة من الهجرة، وقيل سنة ثمانية عشر من الهجرة، مات فيه أبو عبيدة أمير الجيش ، وهو ممن كان في البلد وتوفي بهذا الطاعون، وهو شهادة للمؤمن، هذا الوباء شهادة للمؤمن، ومات فيه أيضًا معاذ بن جبل وجماعة من المسلمين في الشام في هذا الوباء رضي الله عنهم ورحمهم.وفق الله الجميع.
الأسئلة:س: هل يقاس على هذا جميع الأمراض مثلًا الكوليرا؟الشيخ: إذا وقع في البلد وهو معروف أنه يتأثر به الناس مثله مثل الطاعون. ))
و منطقيا ان كان من اسباب الوقاية باذن الله عدم السماح للمريض بان يخرج من ارض الوباء و لو لم يكن فرارا لجاز ذلك .
ثم استدل المنصر الخبيث بكلام ابن حجر رحمه الله في سياق شرحه لحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ناسيا او متناسيا بالاحرى ما ذكره ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث لا عدوى واقتبس من موضوعي السابق ما نقلته في هذا الخصوص
نقرا من كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري الجزء العاشر كتاب الطب باب لا هامة :
((قوله : ( وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعد يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يوردن ممرض على مصح ) كذا فيه بتأكيد النهي عن الإيراد . ولمسلم من رواية يونس عن الزهري لا يورد بلفظ النفي ، وكذا تقدم من رواية صالح وغيره ، وهو خبر بمعنى النهي بدليل رواية الباب . والممرض بضم أوله وسكون ثانيه وكسر الراء بعدها ضاد معجمة هو الذي له إبل مرضى ، والمصح بضم الميم وكسر الصاد المهملة بعدها مهملة من له إبل صحاح ، نهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على الإبل الصحيحة . قال أهل اللغة : الممرض اسم فاعل من أمرض الرجل إذا أصاب ماشيته مرض ، والمصح اسم فاعل من أصح إذا أصاب ماشيته عاهة ثم ذهب عنها وصحت .... وهذا الذي قاله أبو سلمة ظاهر في أنه كان يعتقد أن بين الحديثين تمام التعارض ، وقد تقدم وجه الجمع بينهما في " باب الجذام "
وحاصله أن قوله : لا عدوى نهي عن اعتقادها وقوله : لا يورد سبب النهي عن الإيراد خشية الوقوع في اعتقاد العدوى ، أو خشية تأثير الأوهام ، كما تقدم نظيره في حديث فر من المجذوم لأن الذي لا يعتقد أن الجذام يعدي يجد في نفسه نفرة ، حتى لو أكرهها على القرب منه لتألمت بذلك ، فالأولى بالعاقل أن لا يتعرض لمثل ذلك بل يباعد أسباب الآلام ويجانب طرق الأوهام والله أعلم
. قال ابن التين : لعل أبا هريرة كان يسمع هذا الحديث قبل أن يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث من بسط رداءه ثم ضمه إليه لم ينس شيئا سمعه من مقالتي وقد قيل في الحديث المذكور إن المراد أنه لا ينسى تلك المقالة التي قالها ذلك اليوم لا أنه ينتفي عنه النسيان أصلا . وقيل : كان الحديث الثاني ناسخا للأول فسكت عن المنسوخ ، وقيل : معنى قوله : لا عدوى النهي عن الاعتداء ، ولعل بعض من أجلب عليه إبلا جرباء أراد تضمينه فاحتج عليه في إسقاط الضمان بأنه إنما أصابها ما قدر عليها وما لم تكن تنجو منه ، لأن العجماء جبار ، ويحتمل أن يكون قال هذا على ظنه ثم تبين له خلاف ذلك انتهى . فأما دعوى نسيان أبي هريرة للحديث فهو بحسب ما ظن أبو سلمة ، وقد بينت ذلك رواية يونس التي أشرت إليها ، وأما دعوى النسخ فمردودة لأن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال ، ولا سيما مع إمكان الجمع ، وأما الاحتمال الثالث فبعيد من مساق الحديث ، والذي بعده أبعد منه ))
نقرا من فتح الباري شرح صحيح البخاري الجزء العاشر كتاب الطب :
((رابعها : أن الأمر بالفرار من المجذوم ليس من باب العدوى في شيء ،
بل هو لأمر طبيعي وهو انتقال الداء من جسد لجسد بواسطة الملامسة والمخالطة وشم الرائحة ، ولذلك يقع في كثير من الأمراض في العادة انتقال الداء من المريض إلى الصحيح بكثرة المخالطة ،
وهذه طريقة ابن قتيبة فقال : المجذوم تشتد رائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته ومضاجعته ، وكذا يقع كثيرا بالمرأة من الرجل وعكسه ، وينزع الولد إليه ،
ولهذا يأمر الأطباء بترك مخالطة المجذوم لا على طريق العدوى بل على طريق التأثر بالرائحة لأنها تسقم من واظب اشتمامها ، قال : ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - :لا يورد ممرض على مصح لأن الجرب الرطب قد يكون بالبعير ، فإذا خالط الإبل أو حككها وأوى إلى مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه ، وكذا بالنظر نحو ما به))
((قوله : ( وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعد يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يوردن ممرض على مصح ) كذا فيه بتأكيد النهي عن الإيراد . ولمسلم من رواية يونس عن الزهري لا يورد بلفظ النفي ، وكذا تقدم من رواية صالح وغيره ، وهو خبر بمعنى النهي بدليل رواية الباب . والممرض بضم أوله وسكون ثانيه وكسر الراء بعدها ضاد معجمة هو الذي له إبل مرضى ، والمصح بضم الميم وكسر الصاد المهملة بعدها مهملة من له إبل صحاح ، نهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على الإبل الصحيحة . قال أهل اللغة : الممرض اسم فاعل من أمرض الرجل إذا أصاب ماشيته مرض ، والمصح اسم فاعل من أصح إذا أصاب ماشيته عاهة ثم ذهب عنها وصحت .... وهذا الذي قاله أبو سلمة ظاهر في أنه كان يعتقد أن بين الحديثين تمام التعارض ، وقد تقدم وجه الجمع بينهما في " باب الجذام "
وحاصله أن قوله : لا عدوى نهي عن اعتقادها وقوله : لا يورد سبب النهي عن الإيراد خشية الوقوع في اعتقاد العدوى ، أو خشية تأثير الأوهام ، كما تقدم نظيره في حديث فر من المجذوم لأن الذي لا يعتقد أن الجذام يعدي يجد في نفسه نفرة ، حتى لو أكرهها على القرب منه لتألمت بذلك ، فالأولى بالعاقل أن لا يتعرض لمثل ذلك بل يباعد أسباب الآلام ويجانب طرق الأوهام والله أعلم
. قال ابن التين : لعل أبا هريرة كان يسمع هذا الحديث قبل أن يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث من بسط رداءه ثم ضمه إليه لم ينس شيئا سمعه من مقالتي وقد قيل في الحديث المذكور إن المراد أنه لا ينسى تلك المقالة التي قالها ذلك اليوم لا أنه ينتفي عنه النسيان أصلا . وقيل : كان الحديث الثاني ناسخا للأول فسكت عن المنسوخ ، وقيل : معنى قوله : لا عدوى النهي عن الاعتداء ، ولعل بعض من أجلب عليه إبلا جرباء أراد تضمينه فاحتج عليه في إسقاط الضمان بأنه إنما أصابها ما قدر عليها وما لم تكن تنجو منه ، لأن العجماء جبار ، ويحتمل أن يكون قال هذا على ظنه ثم تبين له خلاف ذلك انتهى . فأما دعوى نسيان أبي هريرة للحديث فهو بحسب ما ظن أبو سلمة ، وقد بينت ذلك رواية يونس التي أشرت إليها ، وأما دعوى النسخ فمردودة لأن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال ، ولا سيما مع إمكان الجمع ، وأما الاحتمال الثالث فبعيد من مساق الحديث ، والذي بعده أبعد منه ))
نقرا من فتح الباري شرح صحيح البخاري الجزء العاشر كتاب الطب :
((رابعها : أن الأمر بالفرار من المجذوم ليس من باب العدوى في شيء ،
بل هو لأمر طبيعي وهو انتقال الداء من جسد لجسد بواسطة الملامسة والمخالطة وشم الرائحة ، ولذلك يقع في كثير من الأمراض في العادة انتقال الداء من المريض إلى الصحيح بكثرة المخالطة ،
وهذه طريقة ابن قتيبة فقال : المجذوم تشتد رائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته ومضاجعته ، وكذا يقع كثيرا بالمرأة من الرجل وعكسه ، وينزع الولد إليه ،
ولهذا يأمر الأطباء بترك مخالطة المجذوم لا على طريق العدوى بل على طريق التأثر بالرائحة لأنها تسقم من واظب اشتمامها ، قال : ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - :لا يورد ممرض على مصح لأن الجرب الرطب قد يكون بالبعير ، فإذا خالط الإبل أو حككها وأوى إلى مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه ، وكذا بالنظر نحو ما به))
نقرا من شرح الزرقاني على موطا الامام مالك كتاب الجامع باب العين و المرض :
(( عَلَى الْمُصِحِّ) - بِكَسْرِ الصَّادِ - مِنْهَا فَرُبَّمَا يُصَابُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ الَّذِي أَوْرَدَهُ: لَوْ أَنِّي مَا أَحْلَلْتُهُ لَمْ يُصِبْهُ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحِلَّهُ لَأَصَابَهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهُ فَنَهَى عَنْهُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ غَالِبًا مِنْ وُقُوعِهَا فِي طَبْعِ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ» "، وَإِنْ كُنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْجُذَامَ لَا يُعْدِي، لَكِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا نَفْرَةً وَكَرَاهِيَةً لِمُخَالَطَتِهِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حِينَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ» "، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ، فَكَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَجِيءُ الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ، فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَا كُلَّهَا؟ قَالَ: فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ "، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «فَمَا أَجْرَبَ الْأَوَّلَ؟ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ نَفْسٍ، وَكَتَبَ حَالَهَا، وَمُصَابَهَا، وَرِزْقَهَا» "، الْحَدِيثَ، فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَقَدَرِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ} [الحديد: 22] (سورة الْحَدِيدِ: الْآيَةُ 22) ، الْآيَةَ.
وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ إِيرَادِ الْمُمْرِضِ، فَمِنْ بَابِ اجْتِنَابِ الْأَسْبَابِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَجَعَلَهَا أَسْبَابًا لِلْهَلَاكِ، أَوِ الْأَذَى، وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِاتِّقَاءِ أَسْبَابِ الْبَلَاءِ إِذَا كَانَ فِي عَافِيَةٍ مِنْهَا.
وَفِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِحَائِطٍ مَائِلٍ فَقَالَ: أَخَافُ مَوْتَ الْفَوَاتِ» "، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَلْيَحْلُلِ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ) ، فَلَهُ نُزُولُ مَحَلَّةِ الْمَرِيضِ إِنْ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَتْهُ نَفْسُهُ.
(قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّهُ أَذًى) ، أَيْ يَتَأَذَّى بِهِ، لَا أَنَّهُ يُعْدِي، قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ بِإِبِلِهِ، أَوْ غَنَمِهِ الْجَرِبَةِ، فَيَحُلَّ بِهَا عَلَى مَاشِيَةٍ صَحِيحَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: سَمِعْتُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ فِي رَجُلٍ يَكُونُ بِهِ الْجُذَامُ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى الصَّحِيحِ يُؤْذِيهِ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْدِي، فَالْأَنْفُسُ تَكْرَهُهُ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّهُ أَذًى، يَعْنِي لَا لِلْعَدْوَى.
وَأَمَّا الصَّحِيحُ، فَلَهُ أَنْ يَنْزِلَ مَحَلَّةَ الْمَرِيضِ إِنْ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَتْهُ نَفْسُهُ.))
و نقرا من كتاب فتح الباري لابن رجب كتاب الاذان باب ما جاء في الثوم النيء و البصل و الكراث
(( ذكر ابن عبد البر عن بعض شيوخه، أنه ألحق بأكل الثوم من كان أهل المسجد يتأذون بشهوده معهم من اذاه لهم بلسانه ويده، لسفهه عليهم وإضراره بهم، وأنه يمنع من دخول المسجد ما دام كذلك، وهذا حسنٌ.وكذلك يمنعُ المجذومُ من مخالطة الناس في مساجدهم وغيره؛ لما روي من الامر بالفرار منه. والله أعلمَ. ))
و نقرا من فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر رحمه الله في كتاب الطب باب الجذام :
(( وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْمَجْذُومِ أَنَّهُ كَانَ بِهِ أَمْرٌ يَسِيرٌ لَا يُعْدِي مثله فِي الْعَادة إِذا لَيْسَ الْجَذْمَى كُلُّهُمْ سَوَاءً وَلَا تَحْصُلُ الْعَدْوَى من جَمِيعهم بل لَا يَحْصُلُ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ عَدْوَى أَصْلًا كَالَّذِي أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَوَقَفَ فَلَمْ يَعُدْ بَقِيَّةُ جِسْمِهِ فَلَا يُعْدِي وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ جَرَى أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنِ أَوْرَدَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ مَا نَصُّهُ الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ وَالتَّجَارِبِ أَنَّهُ يُعْدِي الزَّوْجَ كَثِيرًا وَهُوَ دَاءٌ مَانِعٌ لِلْجِمَاعِ لَا تَكَادُ نَفْسُ أَحَدٍ تَطِيبُ بِمُجَامَعَةِ مَنْ هُوَ بِهِ وَلَا نَفْسُ امْرَأَةٍ أَنْ يُجَامِعَهَا مَنْ هُوَ بِهِ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مِنْ وَلَدِهِ أَجْذَمُ أَوِ أَبْرَصُ أَنَّهُ قَلَّمَا يَسْلَمُ وَإِنْ سَلِمَ أَدْرَكَ نَسْلَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا عَدْوَى فَهُوَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ بِمَشِيئَتِهِ مُخَالَطَةَ الصَّحِيحِ مَنْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ سَبَبًا لِحُدُوثِ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ وَقَالَ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ وَقَالَ فِي الطَّاعُونِ مَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا يُقْدِمْ عَلَيْهِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَبعهُ على ذَلِك بن الصَّلَاحِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ قَبْلَهُ الْمَسْلَكُ السَّادِسُ الْعَمَلُ بِنَفْيِ الْعَدْوَى أَصْلًا وَرَأْسًا وَحَمْلُ الْأَمْرِ بِالْمُجَانَبَةِ عَلَى حَسْمِ الْمَادَّةِ وَسَدِّ الذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَحْدُثَ لِلْمُخَالِطِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَظُنُّ أَنَّهُ بِسَبَبِ الْمُخَالَطَةِ فَيُثْبِتُ الْعَدْوَى الَّتِي نَفَاهَا الشَّارِعُ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ إِثْبَاتُ الْعَدْوَى بَلْ لِأَنَّ الصِّحَاحَ لَوْ مَرِضَتْ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى رُبَّمَا وَقَعَ فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَدْوَى فَيُفْتَتَنُ وَيَتَشَكَّكُ فِي ذَلِكَ فَأَمَرَ بِاجْتِنَابِهِ قَالَ وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالِاجْتِنَابِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَخَافَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ ذَوَاتِ الْعَاهَةِ قَالَ وَهَذَا شَرُّ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ لِأَنَّ فِيهِ إِثْبَاتَ الْعَدْوَى الَّتِي نَفَاهَا الشَّارِعُ وَلَكِنَّ وَجْهَ الْحَدِيثِ عِنْدِي مَا ذكرته ))
نقرا من شرح صحيح البخاري لابن بطال كتاب الطب باب لا هامة و لا صفر :
((وقد تقدم فى باب الجذام وجه الجمع بين قوله: (فر من المجذوم) ، وبين قوله: (لا عدوى) وتقدم فى باب قوله لاصفر بعض ذلك، ونتكلم هاهنا على قوله: (لا عدوى) إعلام منه أمته ألا يكون لذلك حقيقة وقوله: (لا يوردن ممرض على مصح) نهى منه الممرض أن يورد ماشيته المرضى على ماشية أخيه الصحيحة لئلا يتوهم المصح إن مرضت ماشيته الصحيحة أن مرضها حدث من أجل ورود المرضى عليها فيكون داخلا بتوهمه ذلك فى تصحيح ماقد أبطله النبى عليه السلام من أمر العدوى. والممرض: ذو الماشية المريضة، والمصح: ذو الماشية الصحيحة، وقد تأول يحيى بن يحيى الأندلوسى فى قوله: (لا يحل الممرض على المصح) تأويلاً آخر، قال: لا يحل من أصابه جذام محله الأصحاء فيؤذيهم برائحته وإن كان لا يعدو، والأنفس تكره ذلك. قال: وكذلك الرجل يكون به المرض لا ينبغى له أن يحل مورده الصحاء إلا أن لايجد عنها غناء فيرد. قلت: فالقوم يكونون شركاء فى القرية ويريدون منعهم من ذلك، قال يحيى: إن كانوا يجدون من ذلك الماء غناء بماء غيره يستقون منه من غير ضرر بهم أو يقومون على حفر بئر أو جرى عين فأرى أن يؤمروا بذلك، وإن كانوا لايجدون من ذلك غناء إلا بما يضرهم، ))
و من نفس المصدر كتاب الطب باب الجذام :
((وقال آخرون بتصحيح هذا الخبر، وقالوا: أمر النبى بالفرار من المجذوم واتقاء مؤاكلته ومشاربته، فغير جائز لمن علم أمره بذلك إلا الفرار من المجذوم، وغير جائز إدامته النظر إليهم لنهيه عليه السلام عن ذلك، ذكر من قال لك روى معمر عن الزهرى أن عمر بن الخطاب قال لمعقيب: (اجلس منى قيد رمح. وكان به ذلك الداء وكان بدريًا) وروى أبو الزناد عن خارجة بن زيد قال: (كان عمر إذا أتى بالطعام وعنده معيقيب قال: كل مما يليك، وايم الله لو غيرك به مابك ماجلس منى على أدنى من قيد رمح) وكان أبو قلابة يتقى المجذوم. قال الطبرى: والصواب عندنا ما صح به الخبر عنه (ص) ، أنه قال: (لا عدوى) وأنه لا يصيب نفسًا إلا ما كتب عليها فأما دنو عليل من صحيح فإنه غير موجب للصحيح عله وسقمًا غير أنه لا ينبغى لذى صحة الدنو من الجذام والعاهة التى يكرها الناس لا أن ذلك حرام، ولكن حذار من أن يظن الصحيح إن نزل ذلك الداء يومًا أن ماأصابه لدنوه منه فيوجب له ذلك الدخول فيما نهى عنه عليه السلام وأبطله من أمر الجاهلية فى العدوى.))
و نقرا من منحة الباري في شرح صحيح البخاري كتاب الطب باب الجذام :
(((وفر من المجزوم كما تفر من الأسد) أي: كفرراك منه ولا يشكل هذا بقوله: (لا عدوى) وبأنه أكل مع مجذوم (2)، وقال: ثقة بالله وتوكلا عليه؛ لأن المراد بنفي العدوي المستلزم لأكله مع المجذوم أنشيئًا لا يعدي بطبعه نفيًا لما كانت الجاهلية تعتقده من أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله تعالى، فأبطل - صلى الله عليه وسلم - اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي ونهاهم عن الدنو من المجذوم ليبين أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بانها تقضي إلى مسبباتها، وقد يتخلف ذلك عن سبب ))
و نقرا من نفس الصمدر السابق كتاب الطب باب لا عدوى :
((و (لا يوردن) من له إبل مرضى على إبل غيره الصحيحة. ولا يعارض هذا قوله: (لا عدوى)؛ لأن المراد كما قال النووي بذاك: نفي ما كانوا يعتقدونه، أن المرض يعدي بطبعه ولم يَنْفِ حصول الضرر عند ذلك بقدر الله وفعله، وبقوله: (لا يوردن) الإرشاد إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله وقدره،وقيل: (لا يوردن) منسوخ بـ (لا عدوى) (حديث الأول) الإضافة فيه من إضافة الموصوف إلى صفته، وفي نسخة: "الحديث الأول". (فرطن بالحبشية) أي: بما لا يفهم. (فما رأيته نسي حديثًا غيره) قيل: لعل هذا من الأحاديث التي سمعها أبو هريرة قبل بسط ردائه وضمه . ))
و نقرا من ارشاد الساري كتاب الطب الجزء الثامن باب لا عدوى :
(((لا توردوا) بالفوقية وصيغة الجمع (الممرض) بكسر الراء في الفرع وفي غيره الممرض بفتحها أي من الإبل (على المصح) منها فربما يصاب بذلك المرض فيقول الذي أورده لو أني ما أوردته عليه لم يصبه من هذا المرض شيء والواقع أنه لو لم يورده لأصابه لأن الله تعالى قدّره، فنهى عن إيراده لهذه العلة التي لا يؤمن غالبًا من وقوعها في قلب المرء وهو كنحو قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: لا يورد بالمثناة التحتية وكسر الراء في الفرع وفي غيره لا يورد بفتحها مبنيًّا للمفعول. الممرض رفع نائب عن الفاعل ))
و من نفس المصدر السابق من المقدمة يقول القسطلاني رحمه الله :
((والمختلف أن يوجد حديثان متضادان في المعنى بحسب الظاهر، فيجمع بما ينفي التضاد، كحديث "لا عدوى ولا طيرة" مع حديث "فرّ من المجذوم" وقد جمع بينهما بأن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، ولكن جعل الله تعالى مخالطة المريض للصحيح سببًا لإعدائه وقد يتخلف ))
و نقرا من عمدة القاري شرح صحيح البخاري كتاب العدة باب لا عدوى :
((يَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يوردن ممرض) إِلَى آخِره. قَوْله: (لَا يوردن) بنُون التَّأْكِيد للنَّهْي عَن الْإِيرَاد وَفِي رِوَايَة مُسلم: لَا يُورد، بِلَفْظ النَّفْي وَهُوَ خبر بِمَعْنى النَّهْي، ومفعول: لَا يوردن مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا يوردن ممرض مَاشِيَة على مَاشِيَة مصح. قَوْله: (ممرض) بِضَم الْمِيم الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة وَكسر الرَّاء وبالضاد الْمُعْجَمَة، وَهُوَ اسْم فَاعل من الإمراض من أمرض الرجل إِذا وَقع فِي مَاله آفَة، وَالْمرَاد بالممرض هُنَا الَّذِي لَهُ إبل مرضى. قَوْله: (على مصح) بِضَم الْمِيم وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْحَاء، وَهُوَ الَّذِي لَهُ إبل صِحَاح، والتوفيق بَين الْحَدِيثين بِمَا قَالَه ابْن بطال وَهُوَ: أَن لَا عدوى، إِعْلَام بِأَنَّهَا لَا حَقِيقَة لَهَا، وَأما النَّهْي فلئلا يتَوَهَّم المصح أَن مَرضهَا من أجل وُرُود المرضى عَلَيْهَا فَيكون دَاخِلا بتوهمه ذَلِك فِي تَصْحِيح مَا أبْطلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعَدْوى. وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بقوله: (لَا عدوى) يَعْنِي: مَا كَانُوا يعتقدونه أَن الْمَرَض يعدي بطبعه، وَلم ينف حُصُول الضَّرَر عِنْد ذَلِك بقدرة الله تَعَالَى وَجعله، وَبِقَوْلِهِ: (لَا يوردن) الْإِرْشَاد إِلَى مجانبة مَا يحصل الضَّرَر عِنْده فِي الْعَادة بِفعل الله وَقدره، وَقيل: النَّهْي لَيْسَ للعدوى بل للتأذي بالرائحة الكريهة وَنَحْوهَا ))
و من نفس المصدر السابق باب المن شفاء للعين :
((قَوْله: (لَا عدوى) هُوَ اسْم من الإعداء كالرعوى والبقوي من الإرعاء والإبقاء، يُقَال: أعداه الدَّاء يعديه إعداء وَهُوَ أَن يُصِيبهُ مثل مَا يصاحب الدَّاء، وَكَانُوا يظنون أَن الْمَرَض بِنَفسِهِ يعدي فأعلمهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْأَمر لَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا الله عز وَجل هُوَ الَّذِي يمرض وَينزل الدَّاء، وَلِهَذَا قَالَ: فَمن أعدى الأول؟ أَي: من أَيْن صَار فِيهِ الجرب. قَوْله: (وَلَا طيرة) بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْيَاء وَقد تسكن هِيَ التشاؤم بالشَّيْء، وَهُوَ مصدر تطير يُقَال: تطير طيرة وتحير حيرة، وَلم يَجِيء من المصادر هَكَذَا غَيرهمَا، وَأَصله فِيمَا يُقَال: التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وَغَيرهمَا، وَكَانَ ذَلِك يصدهم عَن مقاصدهم، فنفاه الشَّرْع وأبطله وَنهى عَنهُ، وَأخْبر أَنه لَيْسَ لَهُ تَأْثِير فِي جلب نفع أَو دفع ضرّ.))
نقرا فتوى شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى كتاب الجنائز :
((وَسُئِلَ:عَنْ رَجُلٍ مُبْتَلًى سَكَنَ فِي دَارٍ بَيْنَ قَوْمٍ أَصِحَّاءَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُمْكِنُنَا مُجَاوَرَتُك وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَاوِرَ الْأَصِحَّاءَ فَهَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ؟فَأَجَابَ: نَعَمْ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ السَّكَنِ بَيْنَ الْأَصِحَّاءِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا يُورَدُ مُمَرَّضٌ عَلَى مُصِحٍّ} فَنَهَى صَاحِبَ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ أَنْ يُورِدَهَا عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ الصِّحَاحِ مَعَ قَوْلِهِ: {لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ} . وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مَجْذُومٌ لِيُبَايِعَهُ أَرْسَلَ إلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ ))
و نقرا من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع كتاب الوقف باب الهبة و العطية :
(( قوله: «بجذام» هذا مثال، والجذام جروح وقروح ـ والعياذ بالله ـ إذا أصابت الإنسان سرت في جميع بدنه وقضت عليه، فهو مرض يسري في البدن، وله أسماء أظنها معروفة عند العوام، منها الغرغرينة وما أشبهها.
ويجب على ولي الأمر أن يعزل الجذماء عن الأصحاء، أي حجر صحي، ولا بد، ولا يعد هذا ظلماً لهم، بل هذا يعد من باب اتقاء شرهم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد»
وظاهر هذا الحديث يعارض قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا عدوى ولا طِيَرة» (2)، ولا شك في هذا؛ لأنه إذا انتفت العدوى فماذا يضرنا إذا كان المجذوم بيننا، ولكن العلماء ـ رحمهم الله ـ أجابوا بأن العدوى التي نفاها الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنما هي العدوى التي يعتقدها أهل الجاهلية، وأنها تعدي ولا بد، ولهذا لما قال الأعرابي: يا رسول الله كيف يكون لا عدوى والإبل في الرمل كأنها الظباء، ـ يعني ليس فيها أي شيء ـ يأتيها الجمل الأجرب فتجرب؟! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ أعدى الأول» (3)؟ والجواب: أن الذي جعل فيه الجرب هو الله، إذاً فالعدوى التي انتقلت من الأجرب إلى الصحيحات كان بأمر الله ـ عزّ وجل ـ، فالكل بأمر الله تبارك وتعالى.
وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فر من المجذوم»، فهذا أمر بالبعد عن أسباب العطب؛ لأن الشريعة الإسلامية تمنع أن يلقي الإنسان بنفسه إلى التهلكة، ولهذا إذا قوي التوكل على الله ـ تعالى ـ فلا بأس بمخالطة الأجذم، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ ذات يوم بيد مجذوم وقال له: «كل باسم الله» (1)، فشاركه في أكله لقوة توكله صلّى الله عليه وسلّم على الله، وأن هذا الجذام مهما كان في العدوى إذا منعه الله ـ عزّ وجل ـ لا يمكن أن يتعدى ))
و نقرا ما قاله السيوطي رحمه الله في شرحه لسنن ابن ماجه باب اتباع السنة :
(( قَوْله لَا عدوى لاخ هَذَا الحَدِيث يُعَارضهُ الحَدِيث الثَّانِي وَهُوَ لَا يُورد ممرض على مصحح وهما صَحِيحَانِ فَيجب الْجمع بَينهمَا فَأَقُول يُمكن الْجمع بِأَن يُقَال ان فِي حَدِيث لاعد وَبَيَان ابطال مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تعتقده أَن الْمَرَض يعدي بطبعها لَا بِفعل الله تَعَالَى وَفِي الحَدِيث لَا يُورد الخ إرشاد الى الِاحْتِرَاز مِمَّا يحصل الضَّرَر عِنْده فِي الْعَادة بِفعل الله تَعَالَى وَقدره لَا بطبعها ))
و من نفس المصدر السابق باب النشرة نقرا :
(([3537] لَا عدوى الخ الْعَدْوى اسْم من الْأَعْدَاء كالبقوى من الابقاء اعداه الدَّاء بَان يُصِيبهُ مثل مَا بِصَاحِب الدَّاء وَهَهُنَا مُجَاوزَة الْعلَّة من صَاحبهَا الى غَيره وَذَلِكَ على مَا ذهب اليه المطببة وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذَا مِنْهُم من يَقُول ان المُرَاد مِنْهُ نفي ذَلِك وابطاله على مَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر الحَدِيث وَمِنْهُم من يرى انه لم يرد ابطاله كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فر من المجذوم الحَدِيث وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك نفي مَا اعتقدوا ان الْعِلَل الردية مُؤثرَة لَا محَالة فاعلمهم انه لَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ مُتَعَلق بالمشية ان شَاءَ كَانَ وان لم يَشَأْ لم يكن وَيُشِير الى هَذَا الْمَعْنى قَوْله فَمن اعدى الأول وَبَين بقوله فر من المجذوم ان مداناة ذَلِك من أَسبَاب الْعلَّة خلقَة فالاتقاء مِنْهُ كاتقائه من الْجِدَار المائل كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ ....
[3541] لَا يُورد الممرض الخ هَذَا من قبيل حَدِيث فر من المجذوم من ان مداناة مثل هَذِه من الْأَسْبَاب العادية فالاتقاء مِنْهُ كالاتقاء من الْجِدَار المائل الى السُّقُوط ))
و نقرا ما قاله العباد في شرحه لسنن ابي داود رحمه الله باب ما جاء في الطيرة :
((ورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)، فالعدوى المنفية هي اعتقاد أن الأمراض تنتقل بالاختلاط، وأنها معدية بطبعها، وهذا منفي بلا شك؛ لكن مخالطة المريض للصحيح قد يكون سبباً لانتقال المرض، ولكن ليس بلازم أن يكون ذلك، فقد يوجد السبب ويتخلف المسبب بإذن الله عز وجل، فاعتقاد أن العدوى حاصلة بالطبع وأنها شيء لازم، باطل وليس بصحيح، وأما اعتقاد أن مخالطة المريض للصحيح قد يجعله الله سبباً في انتقال العدوى فهذا صحيح، وقد يوجد الاتصال ولا توجد العدوى، ويبقى المريض مرضه فيه، ويسلم الصحيح من مرض المريض، فالأمر يرجع إلى مشيئة الله وإرادته، فإن شاء أن يعدي المريض أعدى، وإن شاء ألا يعدي لم يعد، لكن الأخذ بالأسباب مطلوب، وقد جاء في قصة عمر لما ذهب إلى الشام وقت الطاعون، فاستشار الصحابة في دخول الشام فاختلفوا، فمنهم من يقول: اقدم، ومنهم من يقول: لا تقدم، وانتهى أمره أنه لا يقدم، وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف وأخبرهم بحديث: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)، وجاء في الحديث: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) وفي الحديث الآخر: (لا يورد ممرض على مصح)، ولا تعارض بين الأحاديث؛ لأن المنفي غير المثبت، فالمنفي هو اعتقاد أن الأمراض مؤثرة بطبعها، والمثبت هو الأخذ بالأسباب والوقاية، وعدم التعرض لشيء قد يحصل بسببه شيء من المضرة، وقد يتخلف الضرر مع وجود الاتصال والاحتكاك بالمريض؛ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام قال رجل: ما شأن الإبل تكون في الرمل كالظباء -يعني في صحتها، وقوتها، ونشاطها، وسرعة انتقالها وتحركها- ثم يكون معها البعير الأجرب فيحصل لها الجرب؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب بجواب عظيم فقال: (فمن أعدى الأول؟!) يعني: أول بعير حصل له الجرب من الذي أعداه؟! فهو ما كان أجرب، ولكن الجرب حصل بتقدير الله عز وجل، بدون أن يكون هناك اتصال بين مريض وصحيح، وهذا يبين أن الأمور كلها ترجع إلى الله عز وجل، فالذي جعل البعير الأول يجرب بدون مخالطة بعير مريض هو الذي يجعل البعير إذا خالط الصحيح يمرض وقد لا يمرض؛ لأن الأمر كله يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى، والأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيده سبحانه وتعالى))
و نقرا من معالم السنن في شرح سنن ابي داود للامام الخطابي رحمه الله كتاب الطب باب الطيرة :
((قال الشيخ: قوله لا عدوى يريد أن شيئاً لا يعدي شيئاً حتى يكون الضرر من قبله وإنما هو تقدير الله جل وعز وسابق قضائه فيه ولذلك قال فمن أعدى الأول. يقول إن أول بعير جرب من الإبل لم يكن قبله بعير أجرب فيعديه وإنما كان أول ما ظهر الجرب في أول بعير منها بقضاء الله وقدره فكذلك ما ظهر منه في سائر الإبل بعد. وأما الصفر فقد ذكره أبو عبيد في كتابه، وحكي عن رؤبة بن العجاج أنه سئل عن الصفر فقال هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس قال وهي أعدى من الجرب، قال أبو عبيد فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدي قال، وقال غيره في الصفر أنه تأخيرهم المحرم إلى صفر في تحريمه.))
و من نفس المصدر السابق كتاب الطب باب الطيرة :
((وأما قوله لا يوردن مُمرض على مُصح قال الممرض الذي مرضت ماشيته والمصح هو صاحب الصحاح منها، كما قيل رجل مضعف إذا كانت دوابه ضعافاً، ومقوٍ إذا كانت أقوياء، وليس المعنى في النهي عن هذا الصنيع من أن المرضى تعدي الصحاح، ولكن الصحاح إذا مرضت بإذن الله وتقديره وقع في نفس صاحبه أن ذلك إنما كان من قبل العدوى فيفتنه ذلك ويشككه في أمره فأمر باجتنابه والمباعدة عنه لهذا المعنى.وقد يحتمل أن يكون ذلك من قبل الماء والمرعى فتستوبله الماشية فإذا شاركها في ذلك الماء الوارد عليها أصابه مثل ذلك الداء والقوم بجهلهم يسمونه عدوى وإنما هو فعل الله تبارك وتعالى بتأثير الطبيعة على سبيل التوسط في ذلك والله أعلم ))
و نقرا في عون المعبود لشرح سنن ابي داود رحمه الله مع حاشية ابن القيم رحمه الله كتاب الكهانة و التطير باب في الطيرة :
((قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفَ الْآثَارُ عَنِ النبي فِي قِصَّةِ الْمَجْذُومِ فَثَبَتَ عَنْهُ الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ أَيْ حَدِيثُ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ وَحَدِيثُ الْمَجْذُومِ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النبي أَكَلَ مَعَ الْمَجْذُومِ وَقَالَ لَهُ كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَنَا مَوْلَى مَجْذُومٌ فَكَانَ يَأْكُلُ فِي صِحَافِي وَيَشْرَبُ فِي أَقْدَاحِي وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِي
قَالَ وَقَدْ ذَهَبَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ إِلَى الْأَكْلِ مَعَهُ وَرَأَوْا أَنَّ الْأَمْرَ بِاجْتِنَابِهِ مَنْسُوخٌ
وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا نَسْخَ بَلْ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَحَمْلُ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِهِ وَالْفِرَارِ مِنْهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاحْتِيَاطِ لَا الْوُجُوبِ وَأَمَّا الْأَكْلُ مَعَهُ فَفَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى ))
و نقرا من نفس المصدر السابق :
(((لَا يُورِدَنَّ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَنُونِ التَّأْكِيدِ الثَّقِيلَةِ (مُمْرِضٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأَوْلَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ الَّذِي لَهُ إِبِلٌ مَرْضَى (عَلَى مُصِحٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْضًا مَنْ لَهُ إِبِلٌ صِحَاحٌ لَا يُورِدَنَّ إِبِلَهُ الْمَرِيضَةَ عَلَى إِبِلِ غَيْرِهِ الصَّحِيحَةِ
وَجَمَعَ بن بَطَّالٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ لَا عَدْوَى فَقَالَ لَا عَدْوَى إِعْلَامٌ بِأَنَّهَا لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَأَمَّا النَّهْيُ فَلِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الْمُصِحُّ أَنَّ مَرَضَهَا حَدَثَ مِنْ أَجْلِ وُرُودِ الْمَرِيضِ عَلَيْهَا فَيَكُونُ داخلا بتوهمه ))
و نقرا من شرح الامام النووي رحمه الله على صحيح مسلم كتاب السلام باب لا عدوى و لا طيرة و لا هامة و لا صفر و لا نوء و لا غول
(( [2221] وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ بحديث لاعدوى وَيُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا أنه قال لايورد ممرض على مصحح ثُمَّ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ اقْتَصَرَ عَلَى رِوَايَةِ حديث لايورد ممرض على مصح وأمسك عن حديث لاعدوى فَرَاجِعُوهُ فِيهِ وَقَالُوا لَهُ إِنَّا سَمِعْنَاكَ تُحَدِّثُهُ فَأَبَى أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ الراوي عن أبى هريرة فلاأدرى أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُمَا صَحِيحَانِ قَالُوا وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أن حديث لاعدوى الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ وتعتقده أن المرض والعاهة تعدى بطبعها لابفعل الله تعالى وأما حديث لايورد مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ فَأُرْشِدَ فِيهِ إِلَى مُجَانَبَةِ مَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ عِنْدَهُ فِي الْعَادَةِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْرِهِ فَنَفَى فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الْعَدْوَى بِطَبْعِهَا وَلَمْ يَنْفِ حُصُولَ الضَّرَرِ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِعْلِهِ وَأَرْشَدَ فِي الثَّانِي إِلَى الِاحْتِرَازِ مِمَّا يَحْصُلُ عِنْدَهُ الضَّرَرُ بِفِعْلِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَقَدَرِهِ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْحَدِيثَيْنِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ))
و خلاصة جميع ما نقلناه انفا :
1. ان الشرع شجع الاخذ باسباب الوقاية كالفرار من المجذوم و عدم مخالطة المريض للمصح
2. ان حديث انكار العدوى انما هو من باب اثبات ان الامراض تصيب البشر بقدر الله و اذنه لا بعينها و هذا الذي عليه جمهور العلماء و لا ينافي هذا الاول و ذلك اخذا بالاسباب الطبيعية
3. ان جواز خروج الانسان من بلد الوباء اذا لم يكن بنية الفرار لا يجيز مخالطة المريض للمصح و على هذا يكون حكم الجواز مختصا بالمصح او بما لا يكون من ورائه -باذن الله - مفسدة و ضرر على الغير .
ثانيا : الرد على نقله الاجماع بجواز الخروج من ارض الطاعون بغير نية الفرار .
قد سبق ان اجبنا على هذه النقطة في الاعلي و بيناها و لكننا نكتفي الان ببيان تدليساته على بعض المصادر حيث عمل على اقتباس اقوال اهل العلم فيما يتعلق بحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في جواز الخروج من ارض الطاعون بغير نية الفرار متحاشيا ان ينقل كلامهم في معرض شرح حديث ((فر من المجذوم )) و حديث (( لا يورد ممرض على مصح)) .
استدل بشرح النووي رحمه الله في شرحه لحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ليوهم القراء ان جواز الخروج من ارض الوباء و الطاعون بغير نية الفرار يشمل المصح و المريض الذي يخشى منه - باذن الله - نقل المرض بينما نقرا ما قاله الامام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم كتاب السلام باب لا عدوى و لا طيرة و لا هامة و لا صفر و لا نوء و لا غول (( [2221] وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ بحديث لاعدوى وَيُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا أنه قال لايورد ممرض على مصحح ثُمَّ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ اقْتَصَرَ عَلَى رِوَايَةِ حديث لايورد ممرض على مصح وأمسك عن حديث لاعدوى فَرَاجِعُوهُ فِيهِ وَقَالُوا لَهُ إِنَّا سَمِعْنَاكَ تُحَدِّثُهُ فَأَبَى أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ الراوي عن أبى هريرة فلاأدرى أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُمَا صَحِيحَانِ قَالُوا وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أن حديث لاعدوى الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ وتعتقده أن المرض والعاهة تعدى بطبعها لابفعل الله تعالى وأما حديث لايورد مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ فَأُرْشِدَ فِيهِ إِلَى مُجَانَبَةِ مَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ عِنْدَهُ فِي الْعَادَةِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْرِهِ فَنَفَى فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الْعَدْوَى بِطَبْعِهَا وَلَمْ يَنْفِ حُصُولَ الضَّرَرِ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِعْلِهِ وَأَرْشَدَ فِي الثَّانِي إِلَى الِاحْتِرَازِ مِمَّا يَحْصُلُ عِنْدَهُ الضَّرَرُ بِفِعْلِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَقَدَرِهِ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْحَدِيثَيْنِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ))
و بنفس الطريقة اقتبس من كتاب الاداب الشرعية لشمس الدين المقدسي بينما نقرا من نفس المصدر باب في الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل
(( فَيُحْتَمَلُ أَنَّ حَدِيثَ «لَا يُورِدْ بِكَسْرِ الرَّاءِ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ، وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ لِلْعَدْوَى بَلْ لِلتَّأَذِّي بِقُبْحِ صُورَةٍ وَرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ.
وَالْأَوْلَى أَنَّ حَدِيثَ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ» نَفْيٌ لِاعْتِقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ يُعْدِي بِطَبْعِهِ وَلَمْ يَنْفِ حُصُولَ الضَّرَرِ عِنْدَ ذَلِكَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، فَيَكُون قَوْلُهُ «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» إرْشَادًا مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى الِاحْتِرَازِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْخَبَرَ الثَّانِيَ مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ " لَا عَدْوَى " وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
وَقَدْ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولٍ وَذَكَرْت لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هَذَا الْحَدِيثَ يَعْنِي حَدِيثَ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَوَضَعَ يَدَهُ مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاَللَّهِ» فَقَالَ أَذْهَبُ إلَيْهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ إلَى الْأَكْلِ مَعَهُ.وَخَبَرُ جَابِرٍ هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مُفَضَّلٌ هُوَ الْبَصْرِيُّ لَا الْمِصْرِيُّ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَمْ أَرَ لَهُ أَنْكَرَ مِنْ هَذَا.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ.
وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ عُمَرَ أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ وَقَالَ وَحَدِيثُ شُعْبَةَ عِنْدِي أَشْهَرُ وَأَصَحُّ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ» وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: «كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ»
وَعِنْد هَؤُلَاءِ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ احْتِيَاطًا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَهُوَ أَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلِهَذَا يَقُولُ: الْأَطِبَّاءُ: إنَّ الْجُذَامَ وَالسُّلَّ مِنْ الْأَمْرَاض الْمُعْدِيَةِ الْمُتَوَارَثَةِ وَإِنَّ كُلَّ مَرَضٍ لَهُ نَتْنٌ وَرِيحٌ يُعْدِي كَالْجُذَامِ، وَالسُّلِّ، وَالْجَرَبِ، وَالْحُمَّى الْوَبَائِيَّةِ وَالرَّمَدِ وَإِنَّهُ أَعْدَى بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَالْقُرُوحِ الرَّدِيئَةِ، وَالْوَبَاءِ وَهُوَ يَحْدُثُ فِي آخِرِ الصَّيْفِ وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ مَعْنَى الْعَدْوَى بَلْ لِأَجْلِ الرَّائِحَةِ وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ الْإِيمَانِ بِيُمْنٍ وَشُؤْمٍ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَكُونُ فِي بَدَنِ الصَّحِيحِ قَبُولٌ وَاسْتِعْدَادٌ لِذَلِكَ الدَّاءِ، وَالطَّبِيعَةُ سَرِيعَةُ الِانْفِعَالِ نَقَّالَةٌ لَا سِيَّمَا مَعَ الْخَوْفِ، وَالْوَهْمِ فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَلَى الْقُوَى، وَالطَّبَائِعِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ ذَلِكَ هُنَا.
وَفِي قَوْلِهِ «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَأَظُنُّهُ قَوْلَ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ ..... وَهُوَ فِي الْمَسْنَدِ، وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَمَنْ أَرْجَعَتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا فِعْلٌ فَثَبَتَ أَنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ مَعَ مُلَابَسَةِ ذِي الدَّاءِ، وَالْعَاهَةِ وَإِنْ شَاءَ فَعَلَهُ مُنْفَرِدًا عَنْهُ وَاحْتُجَّ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ» وَحَدِيثِ الطَّاعُونِ وَبِقَوْلِهِ «الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ»))
و بعد هذين التدليسين يقول المنصر بكل وقاحة و خساسة كذب
ونريد ان نعلم هؤلاء حينما يتكلمون فى موضوع يجب ان تكون هناك امانة وان تتعلم ان كنت جاهل ...وان تتعلم هذا ليس عيب انما يزيدك علم
رمتني بدائها و انسلت !!
ويقول ايضا
لنكمل الاجمــــاع على فرارا منه بدليل اخر ... والميزه فى هذا الدليل اننا نوثق فيه الجزء الاول بقوة على الاتى :
اولا : الشهاده تختص بالطاعون فقط وليس كما قال ابو عمر بعشوائيه شديده انها للامراض والاوبئة
ثانيا : انه يوجد جمع ضخم من علماء اللغه وغيرهم الطاعون بالنسبه لهم كلمه تعنى كل وباء
اولا : الشهاده تختص بالطاعون فقط وليس كما قال ابو عمر بعشوائيه شديده انها للامراض والاوبئة
ثانيا : انه يوجد جمع ضخم من علماء اللغه وغيرهم الطاعون بالنسبه لهم كلمه تعنى كل وباء
https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=231727
و اختم هذه الجزئية بتدليس مقرف و قذر فعله هذا المنصر حيث نقل من رسالة الدكتور محمد سعد الشاماني و المعروفة ب " الاحكام الفقهية المتعلقة بالاوبئة التي تصيب البشرية - جمعا و دراسة مقارنة " ما ذكره عن جواز خروج الانسان من ارض الوباء الا ان يكون فرارا في الصفحات 169- 172 و لكنه اخفى ما ذكره الدكتور في الصفحة 173 تحت باب موقف الطب الحديث من الاوبئة حيث صرح و قال بالحرف و اقتبس الشاهد
(( سبق الاسلام الطب الحديث في التعامل مع الامراض المعدية و الاوبئة و يتضح ذلك من خلال الاحاديث النبوية الشريفة التي دعت الى الوقاية من العدوى و اجتناب مخالطة المرضى بالامراض المعدية ))
و كذلك في خلاصته في الصفحة 177 :
فهل رايت ايها القارئ كيف يتقصد هذا الكذوب التدليس و البتر و خلط الحابل و النابل عن عمد ليضلل به الناس حتى يوهمهم ان الاسلام يمنع الوقاية و الحجر الصحي
يتبع
تعليق