قصة إسلام الحبر العلامة شموئيل بن يهوذا
منقولة من كتاب "قصة إسلام السموأل و رؤياه النبي صلى الله عليه و سلم" بتصرف :
السموأل على خلاف الكثيرين قدم لنا سيرته مكتوبة بيده ، و لم يكتبها غيره عنه ، و كان يكتبها بصيغة المتكلم ( أي أنا السموأل...) .
لكنني أنا كتبتها عنه بصورة الغائب .
هو شموئيل بن يهوذا المغربي ، أبوه يكنى بأبي يحيى ، و أمه يهودية من يهود العراق.
حملت به أمه بعد مشقة كبيرة ، و عقم طويل ، فرأت في المنام حنة أم النبي شموئيل ( و من الخطأ تسميته صموئيل ) و هي تتلو دعاء فرددت معها الدعاء . فلما أنجبت ابنًا سمته شموئيل تيمنا فيه.
اشتغل في بداية حياته بدراسة الرياضيات و الهندسة و الفلك و العلوم ، و أجرى تعديلات على نظريات إقليدوس ( مؤلف القسمة الإقليدية أو القسمة بباقي) ، و درس كتب ابن الهيثم في البصريات . و عني والده بتعليمه دين اليهود و حرص على أن يتعلم العبرية و يدرس التوراة و التلمود و باقي كتب اليهود.
فلما فرغ من دراسته اتجه إلى تهذيب لسانه فتعلم أصول النحو و البلاغة و اللغة و أصبح متحدثًا لبقًا ، و تعلم التاريخ و سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم و قرأ القرآن الكريم و حرص على فهم تفسيره.
فوقع في قلبه حب الإسلام و حب رسوله ، و استعذب بلاغة القرآن ، و أيقن أن هذا دين موحى به من عند الله و أن محمدًا رسول الله حقًا ، لكنه أخفى ذلك عن أبيه.
ثم سافر إلى أذربيجان (و أنا زرتها و رأيت أحياء اليهود فيها و فيها من اليهود اليوم حوالي 8000 ) و مكث هناك زمنًا بعيدًا عن والده.
و هو حتى الآن لم يشهر إسلامه خوفًا من والده .
صورة للمخطوط:
ثم رأى ليلة في المنام حلمًا : ( أعيد و أكرر : لم يسلم بسبب الحلم ، بل إن الحلم دفعه إلى إشهار عقيدته ، فهذا ليس كفعل الرجل الذي يتنصر بسبب أضغاث أحلام يفتريها ليثبت النصارى على عقيدتهم و يشتري بها ثمنًا قليلا):
رأى الناس يتجهون إلى شجرة خضراء ضخمة ، فمشى معهم ، فوجد تحتها رجلا ذا لحية بيضاء كبيرة فعلم أنه هو النبي شموئيل ، فجلس إليه ودفع إليه ورقة مكتوب فيها كلام بالعبري وهو ... و تفسيره : أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.
ملاحظة : الكاتب السموأل بن يهوذا -رحمه الله - ذكر الكلام العبري ، و بما أن الكتاب لم يعد في حوزتي ، أنا أكتب لكم مما جمعته ذاكرتي ، و أنا لم أحفظ الكلام العبري و لكن أذكر في بدايته -إن لم تخني ذاكرتي- : هنبيا هاقيم..
يقول السموأل : فقلت : هذا أنت يا نبي و كان اليهود يعتقدون أن النبي المعني هو النبي شموئيل -عليه السلام- ، فأجابني : أنت تقول هذا ! إذاً ما فائدة الرياضيات و الهندسة التي تعلمتها ؟!
هل تلقيت أنا شريعة جديدة ؟ فقلت :لا ، فأجابني : و ما يمنع أن يكون النبي المعني إذًا هو أرميا أو حزقيا أو حقاي ؟
ذلك النبي هو النبي محمد -صلى الله عليه و سلم-.
فاستيقظت من النوم ، و بدأت أسبح الله و أذكره ثم غلب علي النوم فوضعت جنبي فنمت.
فرأيت في المنام أني في طريق فمر علي رجل مسلم فتوقعت أن يسلم علي ، لكنه قال لي : أجب داعي الله ، و لم يسلم . فتبعته فدخل بدهليز مظلم و إذا بغرفة في نهاية الدهليز فدخلتها فوجدت الرسول صلى الله عليه و سلم ، فقبلت يده و قلت :أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنك رسول الله . و كنت أعلم من النحاة أن الضمائر أعرف من الأسماء ( و هذا يدل على عظم معرفته بالنحو و معنى ذلك : أنه قال : و أشهد أنك رسول الله و لم يقل : و أن محمدًا رسول الله ، لأن الأولى أكثر اختصاصًا من الثانية )
فجلست معه و مع الصحابة و قال لي : أستغزو معنا مراغة ؟ فتبادر إلى ذهني أنها مراغة من بلاد الصين و علمت أنها بعيدة و في طريقها بحر عاتٍ ، فقلت في نفسي : إن هذا البحر لا يعبره الحكماء خوفًا على حياتهم . ثم بعد ذلك سلمت و قلت أغزو معهم إن شاء الله.
فخرجنا من الغرفة و لم يعد الدهليز مظلمًا كما كان قبل دخولي . ثم رأيت شوارع أذربيجان و صيارفتها و تجارها ورأيت المسلمين و هم يعدون أنفسهم للقتال و كانت ملابسهم من النوع الرخيص لزهدهم.
ثم استيقظت من النوم و ذهبت للقاضي و أشهرت إسلامي.
مقتطفات:
* لما أسلم شموئيل -رحمه الله- غير اسمه إلى المقابل العربي السموأل . ( و من الأخطاء في التراجم العربية تسميته صموئيل ، فهو إما الاسم العبري شموئيل أو الاسم العربي السموأل ، أما سموئيل فهي ترجمة لاسم النبي بعدما تحرف إلى سامويل Samuel )
* لما أسلم شموئيل ألف كتابًا أسماه " إفحام اليهود" في إثبات النسخ من الشريعة اليهودية و بيان أخطائهم و استقباح أفعالهم و إثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم.
* ألف السموأل كتاب "إفحام اليهود" ثم ألف قصة حياته. و السبب في هذا أنه خاف أن يتهمه اليهود بأنه أسلم من أجل أضغاث أحلام . و الحقيقة أنه أشهر عقيدته بسبب الحلم.
* كتاب "إفحام اليهود" قد لا يتوافر في المكتبات اليوم و لكنه موجود على شكل مخطوطات أحدها في متحف تركيا و تمت طباعته من قبل المستشرق برلمان لكن طبعته تحتوي على كثير من الأخطاء ، لكن النسخة التي قرأتها كانت من تحقيق الأستاذ الشرقاوي (نسيت اسمه الأول لكنه يختلف عن المهندس جمال الشرقاوي) و طبعت هذه النسخة في السعودية من قبل وزارة الأوقاف.
* السبب الذي دعا السموأل -رحمه الله- لتأليف كتابه أن المسلمين الذين كانوا يناظرون اليهود في زمنه لم يكن لهم علم بالتوراة ، فكتب الكتاب لإفحامهم و إثبات النسخ من صلب عقيدتهم .
* اعتمد الكثير من المسلمين على كتابه في نقل استدلالاته المنطقية ، و من جملتهم الإمام العلامة ابن تيمية في كتابه "الرد الصحيح على من بدل دين المسيح" و أشار إليه بقوله : و قال بعض أكابرهم ممن أسلموا... ، و بعض العلماء كان ينسخ نسخًا من كتابه.
[COLOR=blue]* أشار إليه ابن كمونة المؤرخ اليهودي بقوله : و قد ارتد رجل من اليهود و ألف كتابًا أسماه إفحام اليهود.[/COLOR]
رحم الله السموأل بن يهوذا رحمة واسعة و أسكنه فسيح جناته
.
تعليق