الفتن
الحمد لله الذي أيقظ من شاء من سِنة الغفلة. ورفع من أحب لقاءه إلى عليين. ووضع عنه أوزاره وثقله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عليها من رداء الإخلاص حلّة. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، المبعوث بأشرف ملّة. المخصوص بأكرم خلّة.
[1] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا, ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا, يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم.
[2] وللبخاري: عن زينب بنت جحش: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فزعًا, محمرا وجهه, يقول: "لا إله إلا الله, ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه". وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها. قالت: فقلت: يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون قال: "نعم, إذا كثر الخبث" البخاري
[3] وله عن أسامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم ((البناء المرتفع )) من آطام المدينة ثم قال: "هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر"
[4] ولمسلم: عن سالم بن عبد الله قال: يا أهل العراق! ما أسألكم الصغيرة, وما أركبكم الكبيرة. قال سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الفتنة تجيء من ههنا -وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان, وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض, وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأً فقال الله له: {وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} 1"
[5] وله عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج كهجرة إلي".
[6] ولمسلم عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم" قال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمر الله 5, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك, تتنافسون ثم تتحاسدون, ثم تتدابرون, ثم تتباغضون, أو نحو ذلك, ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض"
[7] وله عن عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة إلى البحرين, فأتى بجزيتها, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل البحرين, وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- انصرف فتعرضوا له, فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم, ثم قال: "أظنكم سمعتم أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين" قالوا: أجل يا رسول الله قال: "فأبشروا, وأملوا ما يسركم, فوالله ما الفقر أخشى عليكم, ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا, كما بسطت على من كان قبلكم, فتنافسوا فيها, كما تنافسوها, فتهلككم كما أهلكتهم" وفي رواية: "فتلهيكم كما ألهتهم".
[8] ولهما عن أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء"
[9] ولمسلم من حديث أبي سعيد: "إن الدنيا خضرة حلوة, وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون, ألا فاتقوا الله, واتقوا النساء"
[10] وله عن حذيفة قال: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي ألا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئًا لم يحدثه غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسًا "أنا فيه عن الفتن" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن: "منهن ثلاث، لا يكدن يذرن شيئًا، ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار" قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري
[11] وله: عنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا وقد سألته إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟ "
[12] وله: عن أبي زيد قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى بنا، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا
[13] وله: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لم يكن نبي قبلي إلا كان عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكر، فتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت الناس الذي يحب أن يؤتي إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر"
[14] ولهما عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئًا فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرًا، فمات فميتته جاهلية"
[15] ولأبي داود عن ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم سبعين عامًا قال: قلت: أمما بقي؟ قال: مما مضى" .
[16] وللترمذي عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: لما أريد عثمان جاءه عبد الله بن سلام فقال له عثمان رضي الله عنه ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني فإنك خارج خير لي من داخل قال: قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس فقال: أيها الناس إنه كان اسمي في الجاهلية فلان فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ونزلت في آيات من كتاب الله، نزل في: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} ونزل في: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} إن لله سيفًا مغمودًا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا، الذي نزل فيه نبيكم فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة ولتسلن سيف الله المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة فقالوا: اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان.
[17] ولهما إن عمر قال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة: فقلت: أنا، فقال: إنك لجريء. قال: كيف؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة، والصيام، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر" فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر قال: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها بابًا مغلقًا قال: أيفتح الباب أم يكسر؟ قال: بل يكسر، قال: ذاك أجدر ألا يغلق فقلت لحذيفة: أكان عمر يعلم من الباب؟ قال: كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط قال: فهبنا أن نسأله من الباب؟ فقلنا لمسروق: سله فسأله فقال: عمر
[18] ولأبي داود عن نصر بن عاصم الليثي: قال: أتينا اليشكري في رهط من بني ليث فقال: من القوم؟ فقلنا: بنو ليث، أتيناك نسألك عن حديث حذيفة فقال: أقبلنا مع أبي موسى قافلين، وغلت الدواب بالكوفة قال: فسألت أبا موسى أنا وصاحب لي، فأذن لنا، فقدمنا الكوفة فقلت لصاحبي: إني داخل المسجد إذا قامت السوق فخرجت إليك، فدخلت المسجد فإذا فيه حلقة، كأنما قطعت رءوسهم يستمعون لحديث رجل قال: فقمت عليهم، فجاء رجل، فقام إلى جنبي قال: فقلت ما هذا؟ قال: أبصري أنت؟ قلت: نعم، قال: قد عرفت ولو كنت كوفيا لم يسأل عن هذا فدنوت منه، فسمعت حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفت أن الخير يسبقني قال: قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟
فقال: "يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟ قال: "فتنة وشر" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الشر خير؟ قال: "يا حذيفة تعلم كتاب الله، واتبع ما فيه ثلاث مرات" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الشر خير قال: "هدنة على دخن((أي على فساد واختلاف لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر )) وجماعة على أقذاء((أي واجتماع على أهواء مختلفة. ))
فيها أو فيهم" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟، قال: "يا حذيفة تعلم كتاب الله عز وجل واتبع ما فيه ثلاث مرات" قال: قلت يا رسول الله هل أبعد الخير شر؟ قال: "فتنة عمياء صماء ((أي يعمى فيها الإنسان عن أن يرى الحق، ويصم أهلها عن أن يسمع فيه كلمة الحق أو النصيحة.))عليها دعاة((أي جماعة قائمة بأمرها وداعية الناس إلى قبولها)) على أبواب النار فإن مت يا حذيفة، وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدًا منهم"
[19] ولهما: عن أبي إدريس الخولاني: أنه سمع حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد الخير شر؟ قال: "نعم"، فقلت: هل بعد هذا الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دخن" قال: قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر" فقلت: هل بعد ذاك الخير من شر؟ قال: "نعم، فتنة عمياء، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها" فقلت يا رسول الله: صفهم لنا قال: "نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا" فقلت: يا رسول الله: وما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل الشجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"
[20] وفي رواية: "يكون بعدي أئمة، لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" قال: قلت: كيف أصنع يا رسول إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"
[21] ولمسلم: "إن كان لله خليفة في الأرض، فضرب على ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه، وإلا فمت وأنت عاض بجذل شجرة" قلت: ماذا؟ قال: "ثم يخرج الدجال معه نهر ونار ، فمن وقع في ناره، وجب أجره ، وحط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره وحط أجره" قلت: ثم ماذا؟ قال: "هي قيام الساعة" .
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
الحمد لله الذي أيقظ من شاء من سِنة الغفلة. ورفع من أحب لقاءه إلى عليين. ووضع عنه أوزاره وثقله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عليها من رداء الإخلاص حلّة. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، المبعوث بأشرف ملّة. المخصوص بأكرم خلّة.
[1] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا, ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا, يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم.
[2] وللبخاري: عن زينب بنت جحش: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فزعًا, محمرا وجهه, يقول: "لا إله إلا الله, ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه". وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها. قالت: فقلت: يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون قال: "نعم, إذا كثر الخبث" البخاري
[3] وله عن أسامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم ((البناء المرتفع )) من آطام المدينة ثم قال: "هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر"
[4] ولمسلم: عن سالم بن عبد الله قال: يا أهل العراق! ما أسألكم الصغيرة, وما أركبكم الكبيرة. قال سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الفتنة تجيء من ههنا -وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان, وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض, وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأً فقال الله له: {وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} 1"
[5] وله عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج كهجرة إلي".
[6] ولمسلم عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم" قال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمر الله 5, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك, تتنافسون ثم تتحاسدون, ثم تتدابرون, ثم تتباغضون, أو نحو ذلك, ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض"
[7] وله عن عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة إلى البحرين, فأتى بجزيتها, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل البحرين, وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- انصرف فتعرضوا له, فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم, ثم قال: "أظنكم سمعتم أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين" قالوا: أجل يا رسول الله قال: "فأبشروا, وأملوا ما يسركم, فوالله ما الفقر أخشى عليكم, ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا, كما بسطت على من كان قبلكم, فتنافسوا فيها, كما تنافسوها, فتهلككم كما أهلكتهم" وفي رواية: "فتلهيكم كما ألهتهم".
[8] ولهما عن أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء"
[9] ولمسلم من حديث أبي سعيد: "إن الدنيا خضرة حلوة, وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون, ألا فاتقوا الله, واتقوا النساء"
[10] وله عن حذيفة قال: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي ألا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئًا لم يحدثه غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسًا "أنا فيه عن الفتن" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن: "منهن ثلاث، لا يكدن يذرن شيئًا، ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار" قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري
[11] وله: عنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا وقد سألته إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟ "
[12] وله: عن أبي زيد قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى بنا، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا
[13] وله: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لم يكن نبي قبلي إلا كان عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكر، فتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت الناس الذي يحب أن يؤتي إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر"
[14] ولهما عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئًا فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرًا، فمات فميتته جاهلية"
[15] ولأبي داود عن ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم سبعين عامًا قال: قلت: أمما بقي؟ قال: مما مضى" .
[16] وللترمذي عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: لما أريد عثمان جاءه عبد الله بن سلام فقال له عثمان رضي الله عنه ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني فإنك خارج خير لي من داخل قال: قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس فقال: أيها الناس إنه كان اسمي في الجاهلية فلان فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ونزلت في آيات من كتاب الله، نزل في: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} ونزل في: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} إن لله سيفًا مغمودًا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا، الذي نزل فيه نبيكم فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة ولتسلن سيف الله المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة فقالوا: اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان.
[17] ولهما إن عمر قال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة: فقلت: أنا، فقال: إنك لجريء. قال: كيف؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة، والصيام، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر" فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر قال: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها بابًا مغلقًا قال: أيفتح الباب أم يكسر؟ قال: بل يكسر، قال: ذاك أجدر ألا يغلق فقلت لحذيفة: أكان عمر يعلم من الباب؟ قال: كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط قال: فهبنا أن نسأله من الباب؟ فقلنا لمسروق: سله فسأله فقال: عمر
[18] ولأبي داود عن نصر بن عاصم الليثي: قال: أتينا اليشكري في رهط من بني ليث فقال: من القوم؟ فقلنا: بنو ليث، أتيناك نسألك عن حديث حذيفة فقال: أقبلنا مع أبي موسى قافلين، وغلت الدواب بالكوفة قال: فسألت أبا موسى أنا وصاحب لي، فأذن لنا، فقدمنا الكوفة فقلت لصاحبي: إني داخل المسجد إذا قامت السوق فخرجت إليك، فدخلت المسجد فإذا فيه حلقة، كأنما قطعت رءوسهم يستمعون لحديث رجل قال: فقمت عليهم، فجاء رجل، فقام إلى جنبي قال: فقلت ما هذا؟ قال: أبصري أنت؟ قلت: نعم، قال: قد عرفت ولو كنت كوفيا لم يسأل عن هذا فدنوت منه، فسمعت حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفت أن الخير يسبقني قال: قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟
فقال: "يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟ قال: "فتنة وشر" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الشر خير؟ قال: "يا حذيفة تعلم كتاب الله، واتبع ما فيه ثلاث مرات" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الشر خير قال: "هدنة على دخن((أي على فساد واختلاف لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر )) وجماعة على أقذاء((أي واجتماع على أهواء مختلفة. ))
فيها أو فيهم" قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟، قال: "يا حذيفة تعلم كتاب الله عز وجل واتبع ما فيه ثلاث مرات" قال: قلت يا رسول الله هل أبعد الخير شر؟ قال: "فتنة عمياء صماء ((أي يعمى فيها الإنسان عن أن يرى الحق، ويصم أهلها عن أن يسمع فيه كلمة الحق أو النصيحة.))عليها دعاة((أي جماعة قائمة بأمرها وداعية الناس إلى قبولها)) على أبواب النار فإن مت يا حذيفة، وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدًا منهم"
[19] ولهما: عن أبي إدريس الخولاني: أنه سمع حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد الخير شر؟ قال: "نعم"، فقلت: هل بعد هذا الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دخن" قال: قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر" فقلت: هل بعد ذاك الخير من شر؟ قال: "نعم، فتنة عمياء، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها" فقلت يا رسول الله: صفهم لنا قال: "نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا" فقلت: يا رسول الله: وما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل الشجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"
[20] وفي رواية: "يكون بعدي أئمة، لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" قال: قلت: كيف أصنع يا رسول إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"
[21] ولمسلم: "إن كان لله خليفة في الأرض، فضرب على ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه، وإلا فمت وأنت عاض بجذل شجرة" قلت: ماذا؟ قال: "ثم يخرج الدجال معه نهر ونار ، فمن وقع في ناره، وجب أجره ، وحط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره وحط أجره" قلت: ثم ماذا؟ قال: "هي قيام الساعة" .
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين