معرفة الرسول واتباعة وطاعتة
بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
- فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا، ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيلَ إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا مِن جهتهم، ولا يُنال رضى الله البتة إلا على أيديهم، فالطَّيِّب من الأعمال والأقوال والأخلاق، ليس إلا هديهم وما جاؤوا به، فهم الميزانُ الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم تُوزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظمُ مِن ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها،
2-: في نسبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-خير أهل الأرض نسباً على الإِطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذِرْوة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوُّه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي مَلِك الرّوم، فأَشرف القوم قومُه، وأَشرف القبائل قبيلُه، وأَشرفُ الأفخاذ فخذه.
3-البطاقة الشخصية : فهو محمَّد بن عبد الله، بن عبد المُطَّلِب، بن هَاشِم، بن عَبدِ مَنَاف، بن قُصَيِّ، بنِ كِلاب، بنِ مُرَّة، بنِ كَعْبِ، بنِ لُؤَي، بنِ غَالِب، بنِ فِهْر، بنِ مَالِك، بنِ النَّضْرِ، بنِ كِنَانَة، بنِ خُزَيْمَة، بنِ مُدْرِكَة، بنِ إليَاس، بنِ مُضَرَ، بنِ نِزَار، بنِ مَعَدِّ، بنِ عَدْنَان.
إلى هاهنا معلوم الصحة، متفق عليه بين النسابين، ولا خِلاف فيه البتة، وما فوق "عدنان" مختلف فيه. ولا خلاف بينهم أن "عدنان" من ولد إسماعيل عليه السلام، وإسماعيل: هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
4--وأمّا القول بأنه إسحاق :فباطل بأكثر من عشرين وجهاً، وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية قدّس الله روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكِتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنَه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشكُّ أهلُ الكِتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده،
5--مزيد عن سيد الخلق
لا خلاف أنه ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجوف مكّة، وأن مولده كان عامَ الفيل، وكان أمرُ الفيل تقدِمة قدَّمها الله لنبيه وبيته، وإلا فأصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كِتاب، وكان دينهم خيراً مِن دين أهل مكّة إذ ذاك، لأَنهم كانوا عُبَّاد أوثان، فنصرهم الله على أهل الكِتاب نصراً لا صنُع للبشر فيه، إرهاصاً وتقدِمة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من مكَّة، وتعظيماً للبيت الحرام.
2-واختلف في وفاة أبيه عبد الله، هل توفي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمل، أو توفي بعد ولادته؟ على قولين: أصحهما: أنه توفي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمل.
وَكَفَلَه جدّه عبد المطلب، وتُوفي ولِرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوُ ثمان سنين، وقيل: ست، وقيل: عشر، ثم كَفَلَه عمُّه أبو طالب، واستمرت كفالتُه له، فلما بلغ ثِنتي عشرة سنة، خرج به عمُه إلى الشام، وقيل: كانت سِنُّهُ تسعَ سنين، وفي هذه الخرجة رآه بَحِيرى الراهب، وأمر عمه ألا يَقْدَم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود، فبعثه عمُّه مع بعض غلمانه إلى مكّة،
3-فلمَّا بلغ خمساً وعشرين سنة،ك خرج إلى الشام في تجارة، فوصل إلى "بصرى" ثم رجع، فتزوج عَقِبَ رجوعه خديجة بنتَ خويلد. وقيل: تزوجها وله ثلاثون سنة. وقيل: إحدى وعشرون، وسنها أربعون، وهي أولُ امرأة تزوجها، وأول امرأة ماتت من نسائه، ولم ينكح عليها غيرها، وأمره جبريلُ أن يقرأ عليها السلام من ربها.
ثم حَبَّبَ اللهُ إليه الخلوة، والتعبدَ لربه، وكان يخلو ب "غار حراء" يَتعَبَّدُ فيه الليالي ذواتِ العدد، وبُغِّضَتْ إليه الأوثان ودينُ قومه، فلم يكن شيء أبغضَ إليه من ذلك.
4-فلما كَمُلَ له أربعون، أشرق عليه نورُ النبوة، وأكرمه اللهُ تعالى برسالته، ولا خلاف أن مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يومَ الاثنين، واختلف في شهر المبعث. فقيل: لثمان مضين من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، وقيل: بل كان ذلك في رمضان، واحتج هؤلاء بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185
وَأَتَتْ عَليْهِ أَرْبَعُونَ فَأَشْرَقَتْ ... شَمْسُ النِّبوَةِ مِنْهُ في رَمَضانِ
6-7-مراتب الوحي مراتبَ عديدة:
1-إحداها: الرُّؤيا الصادقة، وكانت مبدأَ وحيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
2-: ما كان يُلقيه الملَكُ في رُوْعه وقلبه من غير أن يراه، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ".
3-ة: أَنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتمثَّلُ له المَلَكُ رجلاً، فيُخاطبه حتى يَعِيَ عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً.
4-: أَنّه كان يأتيه في مثل صَلْصَلَةِ الجرس، وكان أَشدَّه عليه فَيَتَلَبَّسُ به الملكُ حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد وحتى إن راسلته لتَبْرُكُ به إلى الأرض إذا كان راكبها ولقد جاءه الوحيُ مرةً كذلك، وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضُّها
5- أنه يَرَى المَلَكَ في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يُوحِيَه،وهذا وقع له مرتين، كما ذكر الله ذلك في سورة [النَّجم: 7-13]
6-: ما أوحاه الله وهو فوق السماواتِ ليلَة المعراج مِن فرض الصلاة وغيرها.
7-: كلام الله له منه إليه بلا واسطة مَلَكٍ، كما كلّم اللهُ موسى بن عِمران، وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القرآن، وثبوتها لنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو في حديث الإِسراء.
8-: في خِتانه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال:
1-: أنه وُلد مختوناً مسروراً " وليس فيه حديث ثابت،
2-: أنّه خُتِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ شَقَّ قلبَه الملائكةُ عند ظئره حليمة.
3-: أن جدّه عبد المطلب خَتَنَهُ يومَ سابعه، وصنع له مأدُبة وسمّاه محمّداً.
9-: في أمهاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللاتي أرضعنه
1-فمنهن ثويبه مولاة أبي لهب، أرضعته أياماً، وأرضعت معه أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي بلبن ابنها مسروح، وأرضعت معهما عمَّه حمزةَ بن عبد المطلب. واختلف في إسلامها، فالله أعلم.
2- ثم أرضعته حليمةُ السعدية بلبن ابنها عبد الله أخي أنيسة، وجُدامة، وهي الشيماء أولاد الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي، واختُلِف في إسلام أبويه من الرضاعة، فالله أعلم، وأرضعت معه ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان شديدَ العداوة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أسلم عامَ الفتح وحسن إسلامه، وكان عمه حمزة مسترضعاً في بني سعد بن بكر فأرضعت أمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وهو عند أمه حليمة، فكان حمزة رضيعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جهتين: من جهة ثويبة،ومن جهة السعدية.
10-: في حواضنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1-فمنهن أُمّه آمنةُ بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.
2-ومنهن ثويبة وحليمة، والشيماء ابنتها، وهي أخته من الرضاعة، كانت تحضنه مع أمها، وهي التي قدمت عليه في وفد هَوزان، فبسط لها رداءه، وأجلسها عليه رعاية لحقها.
3-ومنهن الفاضلة الجليلة أم أيمن بَرَكة الحبشية، وكان ورِثها مِنْ أبيه، وكانت دايتَه،وزوَّجها من حِبِّه زيد بن حارثة، فولدت له أُسامة، وهي التي دخل عليها أبو بكر وعمر بعد موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تبكي، فقالا: يا أم أيمن ما يُبكيك فما عند الله خير لرسوله؟ قالت: إنِّي لأعلم أن ما عند الله خير لرسوله، وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء، فهيجتهما على البكاء، فبكيا.
11-: في مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأول ما نزل عليه
1-بعثه الله على رأس أربعين، وهي سنُّ الكمال. قيل: ولها تبعث الرسل، وأما ما يذكر عن المسيح أنه رُفعَ إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، فهذا لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه.
2-وأول ما بدئ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمر النبوة الرؤيا، فكان لا يَرى رُؤيا إلا جاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصبُّح قيل: وكان ذلك ستةَ أشهر، ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة والله أعلم.
3-ثم أكرمه الله تعالى بالنبوة، فجاءه المَلَك وهو بغار حِرَاءٍ، وكان يُحب الخلوة فيه، فأول ما أنزل عليه { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] هذا قول عائشة والجمهور.
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وذوجتى والمؤمنين
بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
- فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا، ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيلَ إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا مِن جهتهم، ولا يُنال رضى الله البتة إلا على أيديهم، فالطَّيِّب من الأعمال والأقوال والأخلاق، ليس إلا هديهم وما جاؤوا به، فهم الميزانُ الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم تُوزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظمُ مِن ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها،
2-: في نسبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-خير أهل الأرض نسباً على الإِطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذِرْوة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوُّه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي مَلِك الرّوم، فأَشرف القوم قومُه، وأَشرف القبائل قبيلُه، وأَشرفُ الأفخاذ فخذه.
3-البطاقة الشخصية : فهو محمَّد بن عبد الله، بن عبد المُطَّلِب، بن هَاشِم، بن عَبدِ مَنَاف، بن قُصَيِّ، بنِ كِلاب، بنِ مُرَّة، بنِ كَعْبِ، بنِ لُؤَي، بنِ غَالِب، بنِ فِهْر، بنِ مَالِك، بنِ النَّضْرِ، بنِ كِنَانَة، بنِ خُزَيْمَة، بنِ مُدْرِكَة، بنِ إليَاس، بنِ مُضَرَ، بنِ نِزَار، بنِ مَعَدِّ، بنِ عَدْنَان.
إلى هاهنا معلوم الصحة، متفق عليه بين النسابين، ولا خِلاف فيه البتة، وما فوق "عدنان" مختلف فيه. ولا خلاف بينهم أن "عدنان" من ولد إسماعيل عليه السلام، وإسماعيل: هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
4--وأمّا القول بأنه إسحاق :فباطل بأكثر من عشرين وجهاً، وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية قدّس الله روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكِتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنَه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشكُّ أهلُ الكِتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده،
5--مزيد عن سيد الخلق
لا خلاف أنه ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجوف مكّة، وأن مولده كان عامَ الفيل، وكان أمرُ الفيل تقدِمة قدَّمها الله لنبيه وبيته، وإلا فأصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كِتاب، وكان دينهم خيراً مِن دين أهل مكّة إذ ذاك، لأَنهم كانوا عُبَّاد أوثان، فنصرهم الله على أهل الكِتاب نصراً لا صنُع للبشر فيه، إرهاصاً وتقدِمة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من مكَّة، وتعظيماً للبيت الحرام.
2-واختلف في وفاة أبيه عبد الله، هل توفي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمل، أو توفي بعد ولادته؟ على قولين: أصحهما: أنه توفي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمل.
وَكَفَلَه جدّه عبد المطلب، وتُوفي ولِرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوُ ثمان سنين، وقيل: ست، وقيل: عشر، ثم كَفَلَه عمُّه أبو طالب، واستمرت كفالتُه له، فلما بلغ ثِنتي عشرة سنة، خرج به عمُه إلى الشام، وقيل: كانت سِنُّهُ تسعَ سنين، وفي هذه الخرجة رآه بَحِيرى الراهب، وأمر عمه ألا يَقْدَم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود، فبعثه عمُّه مع بعض غلمانه إلى مكّة،
3-فلمَّا بلغ خمساً وعشرين سنة،ك خرج إلى الشام في تجارة، فوصل إلى "بصرى" ثم رجع، فتزوج عَقِبَ رجوعه خديجة بنتَ خويلد. وقيل: تزوجها وله ثلاثون سنة. وقيل: إحدى وعشرون، وسنها أربعون، وهي أولُ امرأة تزوجها، وأول امرأة ماتت من نسائه، ولم ينكح عليها غيرها، وأمره جبريلُ أن يقرأ عليها السلام من ربها.
ثم حَبَّبَ اللهُ إليه الخلوة، والتعبدَ لربه، وكان يخلو ب "غار حراء" يَتعَبَّدُ فيه الليالي ذواتِ العدد، وبُغِّضَتْ إليه الأوثان ودينُ قومه، فلم يكن شيء أبغضَ إليه من ذلك.
4-فلما كَمُلَ له أربعون، أشرق عليه نورُ النبوة، وأكرمه اللهُ تعالى برسالته، ولا خلاف أن مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يومَ الاثنين، واختلف في شهر المبعث. فقيل: لثمان مضين من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، وقيل: بل كان ذلك في رمضان، واحتج هؤلاء بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185
وَأَتَتْ عَليْهِ أَرْبَعُونَ فَأَشْرَقَتْ ... شَمْسُ النِّبوَةِ مِنْهُ في رَمَضانِ
6-7-مراتب الوحي مراتبَ عديدة:
1-إحداها: الرُّؤيا الصادقة، وكانت مبدأَ وحيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
2-: ما كان يُلقيه الملَكُ في رُوْعه وقلبه من غير أن يراه، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ".
3-ة: أَنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتمثَّلُ له المَلَكُ رجلاً، فيُخاطبه حتى يَعِيَ عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً.
4-: أَنّه كان يأتيه في مثل صَلْصَلَةِ الجرس، وكان أَشدَّه عليه فَيَتَلَبَّسُ به الملكُ حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد وحتى إن راسلته لتَبْرُكُ به إلى الأرض إذا كان راكبها ولقد جاءه الوحيُ مرةً كذلك، وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضُّها
5- أنه يَرَى المَلَكَ في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يُوحِيَه،وهذا وقع له مرتين، كما ذكر الله ذلك في سورة [النَّجم: 7-13]
6-: ما أوحاه الله وهو فوق السماواتِ ليلَة المعراج مِن فرض الصلاة وغيرها.
7-: كلام الله له منه إليه بلا واسطة مَلَكٍ، كما كلّم اللهُ موسى بن عِمران، وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القرآن، وثبوتها لنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو في حديث الإِسراء.
8-: في خِتانه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال:
1-: أنه وُلد مختوناً مسروراً " وليس فيه حديث ثابت،
2-: أنّه خُتِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ شَقَّ قلبَه الملائكةُ عند ظئره حليمة.
3-: أن جدّه عبد المطلب خَتَنَهُ يومَ سابعه، وصنع له مأدُبة وسمّاه محمّداً.
9-: في أمهاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللاتي أرضعنه
1-فمنهن ثويبه مولاة أبي لهب، أرضعته أياماً، وأرضعت معه أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي بلبن ابنها مسروح، وأرضعت معهما عمَّه حمزةَ بن عبد المطلب. واختلف في إسلامها، فالله أعلم.
2- ثم أرضعته حليمةُ السعدية بلبن ابنها عبد الله أخي أنيسة، وجُدامة، وهي الشيماء أولاد الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي، واختُلِف في إسلام أبويه من الرضاعة، فالله أعلم، وأرضعت معه ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان شديدَ العداوة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أسلم عامَ الفتح وحسن إسلامه، وكان عمه حمزة مسترضعاً في بني سعد بن بكر فأرضعت أمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وهو عند أمه حليمة، فكان حمزة رضيعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جهتين: من جهة ثويبة،ومن جهة السعدية.
10-: في حواضنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1-فمنهن أُمّه آمنةُ بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.
2-ومنهن ثويبة وحليمة، والشيماء ابنتها، وهي أخته من الرضاعة، كانت تحضنه مع أمها، وهي التي قدمت عليه في وفد هَوزان، فبسط لها رداءه، وأجلسها عليه رعاية لحقها.
3-ومنهن الفاضلة الجليلة أم أيمن بَرَكة الحبشية، وكان ورِثها مِنْ أبيه، وكانت دايتَه،وزوَّجها من حِبِّه زيد بن حارثة، فولدت له أُسامة، وهي التي دخل عليها أبو بكر وعمر بعد موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تبكي، فقالا: يا أم أيمن ما يُبكيك فما عند الله خير لرسوله؟ قالت: إنِّي لأعلم أن ما عند الله خير لرسوله، وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء، فهيجتهما على البكاء، فبكيا.
11-: في مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأول ما نزل عليه
1-بعثه الله على رأس أربعين، وهي سنُّ الكمال. قيل: ولها تبعث الرسل، وأما ما يذكر عن المسيح أنه رُفعَ إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، فهذا لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه.
2-وأول ما بدئ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمر النبوة الرؤيا، فكان لا يَرى رُؤيا إلا جاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصبُّح قيل: وكان ذلك ستةَ أشهر، ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة والله أعلم.
3-ثم أكرمه الله تعالى بالنبوة، فجاءه المَلَك وهو بغار حِرَاءٍ، وكان يُحب الخلوة فيه، فأول ما أنزل عليه { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] هذا قول عائشة والجمهور.
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وذوجتى والمؤمنين