احياء دراسة التوحيد وتجديده عند النورسي
أقبل الأستاذ سعيد النورسي على فكرة إحياء الدين وتجديده بمقتضى عالمية الإسلام، وشموليته لمناحي الحياة كافة، وصلاحيته السرمدية، واستيعابه لمستجدات العصر. وإن السيماء العام في منهج التجديدي للأستاذ في رسائله هو تميز منهجه بالأصالة من حيث المصدر، إذ اعتمد على القرآن الكريم أصالة والسنة النبوية تبعًا بطريقة مباشرة من دون وساطة، مستندًا في ذلك على أصول التفسير وقواعد الاستنباط وأصول الفقه. واتسم منهجه بالواقعية من حيث الطرح، ومراعاة فقه الواقع، والقضايا المعاصرة والنظريات الحديثة. واتصف بالشمولية من حيث جمعها بين العلوم المتنوعة، والمعارف المختلفة. ونُعِت بالعالمية من حيث خطابها ودعوتها. واتصف بالتوازن بين معالم عالَمي الشهادة والغيب، ومتطلبات العقل والروح والوجدان والجسد، والإنسان مع ذاته ومع بيئته ومع الوجود برمته. ويركز الباحث على بيان منهجه التجديدي من مناحي عدة:
.....................................
أولًا: منهجه التجديدي في دراسة التوحيد وموقفه من المناهج الأخرى.
انتهج الأستاذ في دراسة التوحيد منهج القرآن الكريم، مؤكدًا أنه أمثل طريق وأقربه إلى تجلية معالم التوحيد وإظهاره بصورة مستقيمة، إذ قال بعد ذكر مناهج دراسة التوحيد" وأولاها طريق القرآن الكريم الذي يعلنه ببلاغته المعجزة، وبجزالته الساطعة، فلا يوازيه طريق في الاستقامة والشمول، فهو أقصر طريق إلى الله، وأقربه إلى الله وأشمله لبني الإنسان" (المثنوي :417) وقد تناول الأستاذ في رسائله المذاهب التي درست التوحدي منتقداً إياها نقدا ًبناءً.
1-المنهج الصوفي: انتقد الأستاذ المنهج الصوفي في دراسة التوحيد كاشفًا أنه مبني على تربية النفوس وتزكيتها، ومعتمد على الذوق والكشف لإيضاح الحقائق، مهملاً بذلك قواعد العلم وأصوله. ورغم تقديره لمحاسن التصوف الموافق للقرآن في تربية النفوس وترقيتها، إلا أنه أخذ عليه مآخذ جمة، منها: أنه لا يصلح لواقع الأمة في مواجهة الغزو الفكري المتمثل في الإلحاد والعلمانية والاستشراق، ولا يمكن الاتكاء عليه في مواجهة الغزو العسكري، إذ قال:" إن هذا الزمان ليس زمان الطريقة، فالبدع تحول دون ذلك، مفكراً في حقائق الإيمان وحدها... وأن أخطر شيء في هذا الزمان هو الإلحاد والزندقة والفوضى والإرهاب. وليس تجاه هذه المخاطر إلا الاعتصام بحقائق القرآن. وبخلاف ذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن تجابه هذه المصيبة البشرية التي دفعت الصين إلى أحضان الشيوعية في زمن قصير. ولا يمكن إسكاتها بالقوى السياسية والمادية، فليس إلا الحقائق القرآنية التي تستطيع أن تدفع تلك المصيبة" (الملاحق:325). ومنها: أنه لا يمكن اتخاذ التصوف مصدراً من مصادر المعرفة؛ لكونها عارية عن المعايير العلمية والعقلية، ومنها: أن ثمة معتقدات في التصوف تؤولوا إلى الانحراف نحو (وحدة الوجود الصوفي) فإنه يؤدي إلى إنكار الموجودات، واختزالها في وجود الله سبحانه، إذ يعتقدون أنه لا موجود إلا الله(الملاحق:333).
2-منهج الفلاسفة وعلماء الكلام: مع وجود تباين كبير بين منهج الفلسفي والكلامي إلا انه ثمة قاسمًا مشتركًا بين المنهجين، وهو الاعتماد على العقل المجرد في الأمور الاعتقادية. وقد انتقص الأستاذ من منهج الفلاسفة والمتكلمين في دراسة التوحيد، مفصحًا عن خللٍ في منهجهم وهو الارتكاز على العقل المجرد عن الوحي الإلهي في البحث عن وجود الله ووحدانيته، والركون إلى الجدل والفلسفة المشوبة بالشبهات والزلات، والإفراط في التصورات المجردة، والتدقيقات المعقدة مهملين أحوال القلب والفطرة والوجدان الحي(المكتوبات:415).
المنهج التكاملي للنورسي في دراسة التوحيد: بعد أن أبان الأستاذ مثالب تلك المناهج، شرعَ بتقييمها وتقويمها واستخراج محاسنها بما يتوافق ومنهج القرآن الكريم. وتمكن من إعادة صياغة التوحيد وتجديده، وإحياء أصوله بإعادته إلى ما كان عليه السلف الصالح، وسماه بالتوحيد الحقيقي، وتناوله بأسلوب علمي شامل، إذ جمع بين المنهج النقلي المبني على الاستقراء، والاستنباط من القرآن والسنة، والمنهج العقلي الفلسفي المبني على التحليل الظواهر الكونية، والمنهج الكلامي المبني على الأقيسة المنطقية المستنبط من القرآن الكريم، والقواعد المنطقية الموافقة للقرآن الكريم، والاستفادة من العلوم التجريبية الحديثة، واستنطاق الجماد بصورة التشبيه والتمثيل، وسرد أمثلة واقعية لتقريب القضية العقدية إلى الأذهان (المثنوي:56-67).
أقبل الأستاذ سعيد النورسي على فكرة إحياء الدين وتجديده بمقتضى عالمية الإسلام، وشموليته لمناحي الحياة كافة، وصلاحيته السرمدية، واستيعابه لمستجدات العصر. وإن السيماء العام في منهج التجديدي للأستاذ في رسائله هو تميز منهجه بالأصالة من حيث المصدر، إذ اعتمد على القرآن الكريم أصالة والسنة النبوية تبعًا بطريقة مباشرة من دون وساطة، مستندًا في ذلك على أصول التفسير وقواعد الاستنباط وأصول الفقه. واتسم منهجه بالواقعية من حيث الطرح، ومراعاة فقه الواقع، والقضايا المعاصرة والنظريات الحديثة. واتصف بالشمولية من حيث جمعها بين العلوم المتنوعة، والمعارف المختلفة. ونُعِت بالعالمية من حيث خطابها ودعوتها. واتصف بالتوازن بين معالم عالَمي الشهادة والغيب، ومتطلبات العقل والروح والوجدان والجسد، والإنسان مع ذاته ومع بيئته ومع الوجود برمته. ويركز الباحث على بيان منهجه التجديدي من مناحي عدة:
.....................................
أولًا: منهجه التجديدي في دراسة التوحيد وموقفه من المناهج الأخرى.
انتهج الأستاذ في دراسة التوحيد منهج القرآن الكريم، مؤكدًا أنه أمثل طريق وأقربه إلى تجلية معالم التوحيد وإظهاره بصورة مستقيمة، إذ قال بعد ذكر مناهج دراسة التوحيد" وأولاها طريق القرآن الكريم الذي يعلنه ببلاغته المعجزة، وبجزالته الساطعة، فلا يوازيه طريق في الاستقامة والشمول، فهو أقصر طريق إلى الله، وأقربه إلى الله وأشمله لبني الإنسان" (المثنوي :417) وقد تناول الأستاذ في رسائله المذاهب التي درست التوحدي منتقداً إياها نقدا ًبناءً.
1-المنهج الصوفي: انتقد الأستاذ المنهج الصوفي في دراسة التوحيد كاشفًا أنه مبني على تربية النفوس وتزكيتها، ومعتمد على الذوق والكشف لإيضاح الحقائق، مهملاً بذلك قواعد العلم وأصوله. ورغم تقديره لمحاسن التصوف الموافق للقرآن في تربية النفوس وترقيتها، إلا أنه أخذ عليه مآخذ جمة، منها: أنه لا يصلح لواقع الأمة في مواجهة الغزو الفكري المتمثل في الإلحاد والعلمانية والاستشراق، ولا يمكن الاتكاء عليه في مواجهة الغزو العسكري، إذ قال:" إن هذا الزمان ليس زمان الطريقة، فالبدع تحول دون ذلك، مفكراً في حقائق الإيمان وحدها... وأن أخطر شيء في هذا الزمان هو الإلحاد والزندقة والفوضى والإرهاب. وليس تجاه هذه المخاطر إلا الاعتصام بحقائق القرآن. وبخلاف ذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن تجابه هذه المصيبة البشرية التي دفعت الصين إلى أحضان الشيوعية في زمن قصير. ولا يمكن إسكاتها بالقوى السياسية والمادية، فليس إلا الحقائق القرآنية التي تستطيع أن تدفع تلك المصيبة" (الملاحق:325). ومنها: أنه لا يمكن اتخاذ التصوف مصدراً من مصادر المعرفة؛ لكونها عارية عن المعايير العلمية والعقلية، ومنها: أن ثمة معتقدات في التصوف تؤولوا إلى الانحراف نحو (وحدة الوجود الصوفي) فإنه يؤدي إلى إنكار الموجودات، واختزالها في وجود الله سبحانه، إذ يعتقدون أنه لا موجود إلا الله(الملاحق:333).
2-منهج الفلاسفة وعلماء الكلام: مع وجود تباين كبير بين منهج الفلسفي والكلامي إلا انه ثمة قاسمًا مشتركًا بين المنهجين، وهو الاعتماد على العقل المجرد في الأمور الاعتقادية. وقد انتقص الأستاذ من منهج الفلاسفة والمتكلمين في دراسة التوحيد، مفصحًا عن خللٍ في منهجهم وهو الارتكاز على العقل المجرد عن الوحي الإلهي في البحث عن وجود الله ووحدانيته، والركون إلى الجدل والفلسفة المشوبة بالشبهات والزلات، والإفراط في التصورات المجردة، والتدقيقات المعقدة مهملين أحوال القلب والفطرة والوجدان الحي(المكتوبات:415).
المنهج التكاملي للنورسي في دراسة التوحيد: بعد أن أبان الأستاذ مثالب تلك المناهج، شرعَ بتقييمها وتقويمها واستخراج محاسنها بما يتوافق ومنهج القرآن الكريم. وتمكن من إعادة صياغة التوحيد وتجديده، وإحياء أصوله بإعادته إلى ما كان عليه السلف الصالح، وسماه بالتوحيد الحقيقي، وتناوله بأسلوب علمي شامل، إذ جمع بين المنهج النقلي المبني على الاستقراء، والاستنباط من القرآن والسنة، والمنهج العقلي الفلسفي المبني على التحليل الظواهر الكونية، والمنهج الكلامي المبني على الأقيسة المنطقية المستنبط من القرآن الكريم، والقواعد المنطقية الموافقة للقرآن الكريم، والاستفادة من العلوم التجريبية الحديثة، واستنطاق الجماد بصورة التشبيه والتمثيل، وسرد أمثلة واقعية لتقريب القضية العقدية إلى الأذهان (المثنوي:56-67).