دراسة تحليلية للأناجيل الأربعة
السؤال البديهى فى مثل بداية اى مقال او حوار هو : من اين يستقى الناس عقائدهم؟؟ من المتفق عليه اخوانى الاحبة ان العقائد الدينية تستقى من الكتب المقدسة . من اجل ذلك فان المنطق يقضى بدراسة الكتب المقدسة اولا قبل مناقشة اى عقيدة من العقائد المستخرجة منها ولا شك ان من اهم الدراسات لتلك الكتب هى الدراسات التى يقوم بها علماء تلك الديانة .
نقول مستعين بالله وتوفيقه :_
ان المسيحيين الاوائل لم يكونوا يعتقدون ان كتبهم المقدسة ستتكون عهدا جديدايتميز عن العهد القديم فقد كان العهدان شيئا واحدا متصلا.
ان العهد الجديد كتاب غير متجانس فهو مكون من شتات متناثر وايضا لا يمثل وجهة نظر واحدة لكنه فى الواقع يمثل وجهات نظر متعددة ومختلفة وفى فترة المائة والخمسين عاما الاخيرة تحقق العلماء ان الاناجيل الاثلاثة الاولى تختلف عن انجيل يوحنا اسلوبا ومضمونا.
ان انجيل يوحنا يختلف اختلافا بائنا عن الثلاثة المتشابهة( متى ومرقس ولوقا ) فهو لا يذكر اى شىء عن رواية الميلاد .. وبالنسبة للروايات التى تحكى عن نشاط يسوع الجماهيرى فانه توجد اختلافات فى الزمن والمكان اذا قورنت بنظيرتها فى الاناجيل المتشابهة .
ان هناك مشكلة هامة وصعبة تنجم عن التناقض الذى يظهر فى نصوص كثيرة بين الاناجيل الثلاثة المتشابهة.. ان الاختلاف ينهم عظيم لانه لو قورنت او قبلت الاناجيل المتشابهة بالصحة والثقة بها فان ذلك يترتب عدم صحة انجيل يوحنا.
نذهب الآن لدراسة الصورة العامة للاناجيل الاربعة :
1:_ انجيل مرقس:
نلاحظ ان مرقس هذا هو كاتب اقدم الاناجيل التى اعتمدت عليه كلا من متى ولوقا ولقدحدث ذلك لان مرقس لك يكن قد سمع يسوع ولا كان تابها شخصيا له .
لم يوجد احد بهذا الاسم ( مرقس) عرف انه كان على صلة وثيقة وعلاقة خاصة بيسوع او كانت له شهرة خاصة فى الكنيسة الاولى .. ومن غير المؤكدصحة القول المأثور الذى يحدد مرقس كاتب الانجيل بانه يوحنا مرقس المذكور فى ( اعمال الرسل 25,12:12 ) او انه مرقس المذكور فى رسالة بطرس الاولى 13:5 او انه مرقس المذكور فى رسائل بولس 10:4 تيموثاوس 11:4 .
لقد كان من عادة الكنيسة الاولى ان تفترض ان جميع الاحداث التى ترتبط باسم فرد ورد ذكره فى العهد الجديد انما ترجع جميعها اللا شخص واحد له هذا الاسم ولكن عندما نذكر اسم مرقس فهذا الاسم كان اكثر شيوعا فى الامبراطورية الرومانية حينئذ يحدد مقدار الشك فى تحديد الشخصية فى هذه الحالة .
مشاكل انجيل مرقس:
1_ اختلاف النسخ:
فقد زحفت تغييرات تعذر اجتنابها وهى حدثت سواء بقصد ام لا ومن بين مئات النسخ لانجيل مرقس لا نجد نسختين تتفقان تماما .
2_ خاتمة هذا الانجيل:
ذلك ان الاعداد من 9 الى 20 التى تتحدث عن ظهر المسيح وتبشير التلاميذ بالاناجيل تعتبر الحاقية فى الانجيل واضيفت بعد حوالى 110 من السنين ولكن ظهلا لاول مرة حوالى سنة 180م .
***********
2_ انجيل متـــى :
بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الانجيل فيمكن القول انه كتب فى حوالى الفترة من 85 الى 105 م وعلى اية حال فيمكن القول ان كتب فى الربع الاخير من القرن الاول.
اما ما ستعلق بمكان تاليفه : فان شواهد قوية تثير الى انطاكية باعتبارها موطنه الاصلى ولما كان من الصعب ربط الانجيل بمدينة محددة ( مثل انطاكية) فمن المناسب اذن القول بانه ياتى من مكان ما فى المنطقة المحيطة بها او اى مكان ما يقع شمال فلسطين .
مشاكل انجيل متى :
1_تنبأ متى بنهاية العالم فى وجود المسيح:
ونرى ذلك فى (23:10) وقبل اين يدرك الموت بعض تلاميذ المسيح _(28:16) وقبل ان يكون ذلك الجيل الذى عاصر المسيح ( 34:24) ولكن قال احد علماء النصرانية ان هذا الشىء لم يحدث كما توقعه متى .
2_خاتمة الانجيل :
يشك فيها العلماء ويعتبروها دخيلة فهى تنسب للمسيح قوله للتلاميذ (19:28) اذهبوا وتلمذوا جميع الامم ....... الى اخر النص ويرجع هذا الشك الى الاتى:
أ_ لم يرد الا فى الاطوار المتاخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وبولس لا يعلم شيئا عن هذا .
ب _ ان صيغة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح ولم يكن لها نفوذ فى عصر الرسل .
**************
3_ انجيل لوقا :
يبدأ انجيل لوقا بمقدمة (1:1_4) يتضح منها عدة امور لابد من التسليم بها :
1_ ان لوقا يكتب رسالة شخصية الى ثاوفيلس وان هذه الرسالة تكتب فى التوالى .
2_ ان هذا العمل قام به لوقا بدافع شخصى منه بغية ان تصل المعلومات التى علم بها الى صديقه.
3_ يقرر لوقا ان كثيرين قد اخذوا فى تاليف الاناجيل .
4_ يعترف لوقا بانه لم ير المسيح ولم يكن من تلاميذه لكنه كتب رسالته حسب المعلومات التى تسلمها من الذين عايبوا المسيح وكانوا فى خدمته.
مشاكل انجيل لوقا :
1_التغييرات التى تعانى منها الكتب الاخرى للعهد الجديد مع اختلافات كثيرة او اضافات او حذف عما فى النصوص الاخرى كنص البيزنطى.
2_اختلاف نسب المسيح عما جاء فى نظيره فى انجيل متى وفى اسفار العهد الجديد.
****************************
4_انجيل يوحنا:
لقد كان من المعتقد لفترة طويلة ان يوحنا كان على بينة من وجود الاناجيل الثلاثة المتشابهة وانه كتب ليكملهم او ليصححهم فى حالة او حالتين. لقد كان يوحنا مسيحيا وبجانب ذلك كان هللينيا ومن المحتمل الا يكون يهوديا ولكنه شرقى او اغريقى.من هذا ننطلق ونسال ونريد اجابات : من يوحنا هذا؟؟اين عاش؟؟ اى المصادر كان يعتمد عليها يوحنا فى انجيله؟متى صنفه؟؟.
حول هذه الاسئلة وغيرها توجد احكام متباينة احينا تؤكد تاكيدات قوية.
مشاكل انجيل يوحنا :
من اهم مشاكل انجيل يوحنا التضارب الرهيب بينه وبين الاناجيل الثلاثة الاخرى, مثلا يقرر الاناجيل الثلاثة على مسقط يسوع فى بداية دعوته وهى الجليل اما بوحنا قرر ان ولاية يهودية كانت المركزالرئيسى له.
وهناك مشكلة الاصحاح الاخير (21) من الانجيل بان الانجيل ينتهى بانسجام تام بانتهاء الاصحاح العشرين الذى يقول : واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله....بعد ذلك ياتى الاصحاح الاخير (21) الذى يخبرنا ان يسوع ظهر كرب اقيم من الاموات وانه قال لبطرس : ارع خرافى ...
ولقد ظهر شىء من التالف بين انجيلى لوقا يوحنا مما ساعد على ظهور نظرية تقول بان يوحنا استخدم انجيل لوقا كاحد مصادره .. الا ان هذه النظريه تجد معارضة بسبب الاختلاف الواضح بين الانجيلين.
واخيرا نقرر ان الاناجيل القانونية ماهى الا كتب مؤلفة ولما يمكن الادعاء ولو للحظة واحدة انها كتبت بالهام
لقد كتبها اناس مجهولون فى اماكن غير معلومة وفى تواريخ غير مؤكدة والشىء المؤكد الذى يلحظه القارىء البسيط فضلا عن المدقق ان هذه الاناجيل مختلفة غير متالفة بل انها متناقضة ومع حقائق العالم الخارجى كما راينا.
ان هذا القول قد يضايق النصرانى العادى بل انه قد يصدمه ولكن بالنسبة للعالم النصرانى فقد اصبح القول بوجود اخطاء فى اسفار الكتاب المقدس حقيقة مسلما بها.
اعتقد انى بذلك قد انهيت من الحديث عن الاناجيل الاربعة وما فيها من مشاكل وتناقضات
هذا ما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطا فمنى ومن الشيطان والله ورسوله من براء ........... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق