( الدين الإسلامي )
جاء الدين الإسلامي بتوحيد الله تعالى في ذاته و أفعاله، و تنزيهه عن مشابهة المخلوقين، فأقام الأدلة على أن للكون خالقا واحدا ، فاجتث بذلك جذور الوثنية و ما وليها؛ و طهر العقول من الأوهام الفاسدة التي لا تنفك عن تلك العقيدة الباطلة ، و نزه النفوس عن الملكات السيئة التي كانت تلازم تلك الأوهام، و ارتفع شأن الإنسان، و ارتفعت قيمته بما صار إليه من الكرامة بحيث أصبح لا يخضع لأحد إلا لخالق السماوات و الأرض و قاهر الناس أجمعين، و أبيح لكل أحد بل فرض عليه أن يقول كما قال إبراهيم : " إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين". سورة الأنعام، آية :79. و كنا أمر الرسول صلى الله عليه و سلم أن يقول : " قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين". سورة الأنعام : ١٦٢ - ١٦٣.
فتجلت بذلك للإنسان نفسه حرة كريمة، و أطلقت إرادته من القيود التي كانت تعقدها بإرادة غيره سواء كانت إرادة بشرية كإرادة الرؤساء و المسيطرين ظنا أنها شعبة من الإرادة الإلهية أو إرادة موهومة اخترعها الخيال، كما يظن في القبور و الأحجار و الأشجار و الكواكب و نحوها. و افتكت عزيمته من أسر الوسائط و الشفاء و المتكهنة و العرفاء، و زعماء السيطرة على الأسرار، و منتحلي حق الولاية على أعمال العبد فيما بينه و بين الله، الزاعمين أنهم واسطة النجاة، و بأيديهم الإشقاء و الإسعاد، و بالجملة فقد أعتقت روحه من العبودية للمحتالين و الدجالين.
صار الإنسان بالتوحيد عبدا لله خاصة، حرا من العبودية لكل ما سواه، فكان له من الحق ما للحر على الحر، لا علي في الحق و لا وضيع، و لا سافل و لا رفيع، و لا تفاوت بين الناس إلا بتفاوت أعمالهم، و لا تفاضل إلا بتفاضلهم في عقولهم و معارفهم، و لا يقربهم من الله إلا طهارة العقل من دنس الوهم و خلوص العمل من العوج و الرياء.
أنحى الإسلام على التقليد، و حمل عليه حملة بددت فيالقه المتغلبة على النفوس ، و اقتلعت أصوله الراحة في المدارك، و نسفت ما كان له من دعائم في عقائد الأمم ، و صرف القلوب عن التعلق بما كان عليه الآباء، و ما توارثه عنهم الأبناء، فأطلق بهذا سلطان العقل من كل ما كان قيده، و خلصه من كل تقليد كان استعبده، و جهر بأن الإنسان لم يخلق ليقاد بالزمام، و لكن فطر على أن يهتدي بالعلم و الإعلام.
ظهر الإسلام على ما كان في جزيرة العرب من ضروب العبادات الوثنية، و تغلب على ما كان فيها من رذائل الأخلاق، و قبائح الأعمال، و لم يدع أصلا من أصول الفضائل إلا أتى به، و لا أما من أمهات الصالحات إلا أحياها، و لا قاعدة من قواعد النظام إلا قررها، و نص على أن دين الله في جميع الأزمان هو إفراده بالربوبية، و الإستسلام له وحده بالعبودية، و طاعته فيما أمر به و نهى عنه مما هو مصلحة للبشر، و عماد لسعادتهم في الدنيا و الآخرة، و لهذا ختمت النبوات بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم و انتهت الرسالات برسالته، قال تعالى : " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيئين و كان الله بكل شيء عليما". سورة الأحزاب، الآية :40.
من رسالة التوحيد بتصرف للشيخ الإمام محمد عبده.
-----
قسّم النص إلى أفكاره الأساسية؟
ما هي آثار توحيد الإنسان لله على هذا الإنسان؟
ينهى الإسلام عن التقليد، اذكر بعض الآيات في الموضوع؟
جاء الدين الإسلامي بتوحيد الله تعالى في ذاته و أفعاله، و تنزيهه عن مشابهة المخلوقين، فأقام الأدلة على أن للكون خالقا واحدا ، فاجتث بذلك جذور الوثنية و ما وليها؛ و طهر العقول من الأوهام الفاسدة التي لا تنفك عن تلك العقيدة الباطلة ، و نزه النفوس عن الملكات السيئة التي كانت تلازم تلك الأوهام، و ارتفع شأن الإنسان، و ارتفعت قيمته بما صار إليه من الكرامة بحيث أصبح لا يخضع لأحد إلا لخالق السماوات و الأرض و قاهر الناس أجمعين، و أبيح لكل أحد بل فرض عليه أن يقول كما قال إبراهيم : " إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين". سورة الأنعام، آية :79. و كنا أمر الرسول صلى الله عليه و سلم أن يقول : " قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين". سورة الأنعام : ١٦٢ - ١٦٣.
فتجلت بذلك للإنسان نفسه حرة كريمة، و أطلقت إرادته من القيود التي كانت تعقدها بإرادة غيره سواء كانت إرادة بشرية كإرادة الرؤساء و المسيطرين ظنا أنها شعبة من الإرادة الإلهية أو إرادة موهومة اخترعها الخيال، كما يظن في القبور و الأحجار و الأشجار و الكواكب و نحوها. و افتكت عزيمته من أسر الوسائط و الشفاء و المتكهنة و العرفاء، و زعماء السيطرة على الأسرار، و منتحلي حق الولاية على أعمال العبد فيما بينه و بين الله، الزاعمين أنهم واسطة النجاة، و بأيديهم الإشقاء و الإسعاد، و بالجملة فقد أعتقت روحه من العبودية للمحتالين و الدجالين.
صار الإنسان بالتوحيد عبدا لله خاصة، حرا من العبودية لكل ما سواه، فكان له من الحق ما للحر على الحر، لا علي في الحق و لا وضيع، و لا سافل و لا رفيع، و لا تفاوت بين الناس إلا بتفاوت أعمالهم، و لا تفاضل إلا بتفاضلهم في عقولهم و معارفهم، و لا يقربهم من الله إلا طهارة العقل من دنس الوهم و خلوص العمل من العوج و الرياء.
أنحى الإسلام على التقليد، و حمل عليه حملة بددت فيالقه المتغلبة على النفوس ، و اقتلعت أصوله الراحة في المدارك، و نسفت ما كان له من دعائم في عقائد الأمم ، و صرف القلوب عن التعلق بما كان عليه الآباء، و ما توارثه عنهم الأبناء، فأطلق بهذا سلطان العقل من كل ما كان قيده، و خلصه من كل تقليد كان استعبده، و جهر بأن الإنسان لم يخلق ليقاد بالزمام، و لكن فطر على أن يهتدي بالعلم و الإعلام.
ظهر الإسلام على ما كان في جزيرة العرب من ضروب العبادات الوثنية، و تغلب على ما كان فيها من رذائل الأخلاق، و قبائح الأعمال، و لم يدع أصلا من أصول الفضائل إلا أتى به، و لا أما من أمهات الصالحات إلا أحياها، و لا قاعدة من قواعد النظام إلا قررها، و نص على أن دين الله في جميع الأزمان هو إفراده بالربوبية، و الإستسلام له وحده بالعبودية، و طاعته فيما أمر به و نهى عنه مما هو مصلحة للبشر، و عماد لسعادتهم في الدنيا و الآخرة، و لهذا ختمت النبوات بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم و انتهت الرسالات برسالته، قال تعالى : " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيئين و كان الله بكل شيء عليما". سورة الأحزاب، الآية :40.
من رسالة التوحيد بتصرف للشيخ الإمام محمد عبده.
-----
قسّم النص إلى أفكاره الأساسية؟
ما هي آثار توحيد الإنسان لله على هذا الإنسان؟
ينهى الإسلام عن التقليد، اذكر بعض الآيات في الموضوع؟
تعليق