- المصنفات في علم الإعجاز
ومن دون المعرفة اللغوية بتلك الأساليب والتراكيب وطرق إيصالها المعاني المتنوعة يستحيل على الناشئين بعد عصور الفصاحة أن يقدموا على فهم شرعي مناسب لمرادات النصوص المقدسة، فظهرت علوم اللغة جمعاً وتدويناً وتصنيفاً وتبويباً على يد كبار العلماء الذين أدركوا أهمية معرفة خصائص اللغة العربية في فهم النصوص الشرعية أولاً، ثم الوقوف على أسرار الإعجاز اللغوي والبلاغي والبياني للقرآن الكريم، وقد ساهم علماء العقيدة والأصول في وضع النواة الأساس والقواعد العامة لعلم الإعجاز، ثم فصل علماء اللغة والمفسرون في تطبيق تلك القواعد مع نظراتهم الثاقبة على النص القرآني المعجز، فكانت كتب التفسير ومراجع اللغة تبين عمق النظم القرآني ودقة تأليفه وجمال خصائصه وأسرار مناسباته السياقية والمقامية، وقد ظهرت مقدمات الكتابة فيه منذ بداية القرن الثالث الهجري على يد علماء اللغة والتفسير على شكل أبحاث مجزأة في مصنفاتهم، ثم تطورت الكتابه فيه إلى أن صار علماً مستقلاً مدوناً في كتب خاصة، وقد مرت مصنفاته بمراحل عدة:
في القرن الثالث الهجري تم تأليف كتابين، وكلاهما مفقودان، وهما:
- نظم القرآن، للجاحظ (ت255هـ).
- إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه، لأبي عبدالله محمد بن يزيد البسطامي (ت306هـ).
- النكت في إعجاز القرآن، لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني (ت384هـ)
- بيان إعجاز القرآن، لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي (ت386هـ)
- إعجاز القرآن، للقاضي أبي بكر الباقلاني (ت403هـ)
ثم استمرت جهود العلماء في التأليف حول الاعجاز وأوجهه، وقد فصلوا فيه واستنبطوا أوجهاً جديدة في الاعجاز، وقد تم تجديد قضية الإعجاز في العصر الحديث على يد عدد من العلماء، منهم: مصطفى صادق الرفاعي في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوي) وسعيد النورسي في كتابه (إشارات الإعجاز في مظانّ الإيجاز)، وقد ظهرت في العصر الحديث أوجه إعجازية أخرى استجابةً لتحديات الواقع كالإعجاز التشريعي والعلمي والنفسي إضافة إلى الإعجاز اللغوي والبلاغي والبياني.
د. آماد كاظم