عندما تغيب الأسود عن الميدان ، تجد الضباع أن الفرصة سانحة للانقضاض ، فتنثر بذور التشكيك والتضليل لتجد هذه الأخيرة لنفسها أرضا خصبة في عقول ضعاف النفوس والإيمان .. لتنمو بطريقة جيدة تساعدها عليها الأقلام المأجورة التي ابتلينا بها ، دون أن تلقى نقدا أو تحليلا علميا منطقيا .. وبهذا تصعد أجيال مبرمجة على التسبيح بحمد الغرب بكرة وأصيلا ، تتهرب من الانتماء لهويتها الدينية الأصلية وتستصغر كل ما يرتبط بها ..
وسأتحدث في هذا المقال عن إحدى تلك البذور التي نمت أشجارها وتفرعت أغصانها عند الكثيرين .. ألا وهي أن نظام الإرث في الإسلام العظيم نظام ظالم قائم على التمييز بين الجنسين .. وذلك بالإجابة على السؤال التالي : هل ظلم الإسلام المرأة في الإرث ؟
أولا : إذا كان السائل مسلما فقد ثبت نظام الإرث في القرآن المنزل من عند الله وفي الحديث الصحيح الصادر عن النبي الأمي الموحى إليه صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن يظلم الله عز وجل أحدا بحكم من أحكامه . انتهى إذا كنت مسلما ..
ثانيا : إذا كان السائل كافرا باحثا عن الحق و الحقيقة فأهلا ومرحبا به .. أو كان مسلما يبحث عن اليقين لا التشكيك والتضليل فأيضا أهلا ومرحبا به .. سنتطرق للسؤال من ثلاثة أوجه ..
أما الوجه الأول فهو أن جملة "نظام الإرث الإسلامي قائم على الجنس" جملة خاطئة لا أساس لها على الإطلاق ! فالإسلام لم يعط الرجل نصيبه ذاك لأنه ذكر ، ولا للمرأة نصيبها لأنها أنثى .. بل لأن الرجل وُكلت إليه مسؤوليات وواجبات لم تفرض على المرأة .. فالمرأة من حقها إن كان لها راتب أو دخل معين ، أن تصرفه في ما تشاء إلا ما طابت عنه نفسا .. بل لو كانت تملك منزلا وتزوجت لكان من حقها أن تطلب من زوجها المسكن ولها أن تبقي بيتها تؤجره أو تبيعه .. فمن هنا يبدو التناسق ظاهرا واضحا في أحكام الإسلام العظيم ، فلو أمر بالمساواة في الإرث لكان ذلك ظالما للرجل لكونه مسؤولا عن المسكن وكافة أمور النفقة ..
والثاني أن المرأة ترث نصف ما يرث الرجل في أربع حالات فقط ، وفي كل الحالات الباقية إما ترث هي أكثر منه .. أو ترث هي ولا تبقي له شيئا .. فلو كان الأمر كما زعم عبيد الغرب أن المرأة ترث أقل بسبب جنسها لكانت ترث أقل منه في جميع الحالات ..
والوجه الأخير هو أن المساواة في الإرث أمر مخالف لتعاليم العلمانية نفسها ! بل و يتضارب مع أحد أركانها الأساسية ، إذ أن أهم بند فيها هو أن لكل فرد الحرية الكاملة في ممارسة شعائره الدينية .. فعندما تفرض أنت أيها العلماني الحاكم على أسرة مسلمة أن تتخلى عن نظام الإرث في دينها وتقسم الإرث حسب شريعتك أنت .. فأين احترام الدين هنا ؟؟ وأين الحرية الدينية المزعومة ..
يبدو جليا كالشمس من خلال ما سبق أن هذه الشبهة شبهة واهية تافهة لا تستطيع حتى الاقتراب من الإسلام العظيم المتناسق .. ووالله إن كل الشبهات ضد هذا الدين لها نفس هذه التركيبة الهشة التي تشبه بيت العنكبوت .. تحتاج منا فقط لنظرة نقدية علمية وقلب مؤمن قوي ..
تعليق