بسم الله الرحمن الرحيم
الطريق إلى البحث العلمي(1)
الطريق إلى البحث العلمي(1)
الفقير إلى عفو الرحمن/ محمد حسني عمران
لا أكون مبالغًا إن قلت :إن تعلم البحث العلمي واجب على كل من يريد أن يكتب شيئًا تنتفع به الأمة، ومن موروثاتنا الفقهية (مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب).وما أوتيت الأمة من قبل شيء مثل ما أوتيت من قبل غياب المنهج، فالمنهج هو الطريق المأمون للوصول إلى العلم الصحيح. (إن المنهج هو جوهر مشكلة الأمة ، فلو استقامت عليه لاستقام لها كل شيء ، فالمنهج ضد الارتجال ، ولا يستقيم أمر بغير ترتيب ، ولا يقوم بناء بغير نسق وتركيب ).
والكتابة العلمية نوع من الجهاد بالقلم لا يقل شأنًا عن الجهاد بالسنان، ومن طريف ما يحضرني المفاضلة التي عقدها الإمام ابن القيم رحمه الله بين مداد العلماء ودم الشهداء. فقال:
(فإن جرى قلم العالم بالصِّدِّيقِيَّة، وسال مداده بها، كان أفضل من دم الشهيد الذي لم يلحقه في رتبة الصديقية . وإن سال دم الشهيد بالصِّدِّيقِيَّة وقطر عليها كان أفضل من مداد العالم الذي قصر عنها. فأفضلهما صِدِّيقهما . فإن استويا في الصِّدِّيقِيَّة استويا في المرتبة ، والله اعلم . والصِّدِّيقِيَّة : هي كمال الإيمان بما جاء به الرسول علما وتصديقا وقياما ، فهي راجعة إلى نفس العلم ، فكل من كان أعلم بما جاء به الرسول ، وأكمل تصديقا له : كان أتم صديقية. فالصديقية شجرة ، أصولها العلم ، وفروعها التصديق ، وثمرتها العمل)
فالواجب على من يخوض غمار البحث العلمي استحضار البعد الرسالي في بحثه وكتابه، وإذا كان الأمر كذلك وجب عليه أن يعد العدة لما هو مقبل عليه بعيدًا عن العشوائية والفوضى.وكيف يدعي المنهجية العلمية وهو لم يسر في طريقها؟!
فمن أبجديات التفكير العلمي أنه عملية منظمة (البحث العلمي تنظيم لعملية التفكير للارتقاء بمستوى المعرفة لدى الإنسان، فكلما كان البحث العلمي ملتزمًا بالمنهجية كان أقرب إلى الغاية منه، وأقدر على توليد المعلومة المبحوث عنها)
ولا يخفى أن الكتابة العلمية تقوم على ركنين: 1- باحث 2- وبحث
ولكل منهما قواعد وضوابط وشروط فما يمس الكاتب ويتعلق به :
- ما يتعلق بالباحث:
- ضوابط أخلاقية
- مهارات بحثية
- الإخلاص لله عز وجل
( قد يستغرب الكثير وضع " التعبد " ضابطا من ضوابط البحث العلمي، غير أننا نحن المسلمين نستغرب إقصاءه ليس من مجال البحث العلمي فحسب، ولكن من كل أنشطة الحياة ، داخل المجتمع الذي ينتسب إلى الإسلام ! . لقد كان علماء هذه الأمة يبدؤون في استهلال دروسهم وأعمالهم العلمية عادة بحديث : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل مريء ما نوى " رجاء رفع عملهم ذاك إلى مقـام التعبد)
- الصبر
اليوم شيء وغدا مثله ... من نخب العلم التي تلتقط
يحصل المرء بها حكمة ... وإنما السيل اجتماع النقط
بغير هذا لن يكون إضافة علمية جيدة، وقد أبدع الدكتور/ محمد رجب البيومي في وصف عملية البحث العلمي فقال: ( البحث الأدبي أو التأليف العلمي عمل وعر شاق لا يعطي ثماره دون أن ينقضي الزمن الطبيعي لغرس البذرة ، موالاة الأرض الطيبة بالري والتسميد، ومواصلة التعرض للحرارة والهواء، حتى تنمو السيقان وتمتد الفروع وتكتسي الأغصان، فإذا لم تنقضي المدة الطبيعية فلا ثمرة على الإطلاق)يحصل المرء بها حكمة ... وإنما السيل اجتماع النقط
ورد على الذين يكثرون الجمع دون إعمال عقل ويحتجون بفعل الإمام الطبري- رحمه الله- أن مفهوم التأليف في عصر السابقين غير مفهومه في هذا العصر، فقد كانوا يعمدون إلى جمع الروايات المختلفة والأقوال المتعارضة دون ترجيح في أكثر الأحيان…لأن منهج التأليف كان لا يخرج عن المدلول اللغوي الأول لكلمة التأليف، فهو جمع وتتبع واستقصاء…وهذه الطريقة خدمت التراث ...ولكنها مرحلة قد انتهت منذ زمن بعيد لتخلفها مرحلة الموازنة والترجيح، والبحث عن العلل والأسباب.
ج- الأمانة والصدق في النقل وعرض الآراء وعزو كل قول إلى قائله.
(فالأمانة هي عنوان الباحث المنصف، وشعار البحث الجيد، فإذا نقل الإنسان فكرة عن الغير، أو استفاد علمًا من الغير، لابد أن يثبت هذه الفكرة لصاحبها، وأن يعزو العلم إلى أهله، ولا ينسي لأهل الفضل فضلهم، ولا لأهل السبق سبقهم)
د- الموضوعية :الإنصاف في مناقشة الآراء وعدم التحيز إلا للحق الذي تقود إليه الأدلة.
هــ- إتقان العمل العلمي وتجويده .
و- العزة المستمدة من المنهج الذى يسير عليه.
هذه إشارات سريعة تحتاج إلى تفصيل.
ثانيًأ: المهارة البحثية :-
لا ينبغي لكاتب أن يكتب إلا وهو يريد أن يضيف جديدًا، وإلا كان ذلك تضييعًا لوقته ولوقت القراء الذين يستهدفهم ببحثه، ولذلك وضع العلماء قاعدة للكتابة لا تخرج عنها أمور الكتابة . قال العلامة حاجي خليفة:
(ثم إن التأليف على: سبعة أقسام،
لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها.
وهي: إما شيء لم يسبق إليه، فيخترعه.
أو: شيء ناقص يتممه.
أو: شيء مغلق يشرحه.
أو: شيء طويل يختصره، دون أن يخل بشيء من معانيه.
أو: شيء متفرق يجمعه.
أو: شيء مختلط يرتبه.
أو: شيء أخطأ فيه مصنفه، فيصلحه).
لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها.
وهي: إما شيء لم يسبق إليه، فيخترعه.
أو: شيء ناقص يتممه.
أو: شيء مغلق يشرحه.
أو: شيء طويل يختصره، دون أن يخل بشيء من معانيه.
أو: شيء متفرق يجمعه.
أو: شيء مختلط يرتبه.
أو: شيء أخطأ فيه مصنفه، فيصلحه).
فإذا لم ينتبه الباحث لمثل هذه الأمور قد يكون بحثه اجترارًا لكلام السابقين بلا فائدة تذكر، وضيع وقته سدى، وحريُّ أن يكون كذلك مادام لا يعرف ماذا يريد، ولا ماذا يراد منه وهو دليل على غياب المنهجية. يقول الدكتور فريد الأنصاري:
(إن الارتجال، والتلقائية غير الواعية في معالجة شؤون الحياة، دليل قاطع على غياب الممارسة المنهجية، فإقدامك على الشئ وأنت لا تعلم- قبل الإقدام عليه- لماذا تقدم عليه، ولا كيف، ولا أنت تكلف نفسك البحث لمعرفة ذلك – إنما هو نوع من تأخير البيان عن وقت الحاجة، كما يقول علماء الأصول، والدخول في عمل من غير تبين وبيان هو عين الفوضى، التي تلغي كل مقومات المنهج فيه!)
أ- إدراك الإشكال البحثي، لأن كل بحث هو: حل علمي لإشكال قائم.فالباحث يملأ فراغًا في باب من أبواب المعرفة تتصل بنقطة معينة حسب الاختصاص العلمي المراد البحث فيه.
ب- صياغة الأسئلة البحثية التي تستغرق جوانب البحث.
ج- الاطلاع على الدراسات السابقة وبيان أوجه القصور فيها وأوجه المفارقة التي سيضيفها الباحث.
د- التعرف على كيفية جمع المعلومات من مصادرها المعتمدة، وتوثيقها، وتوظيفها.
ه- تنظيم المعلومات بحيث تخرج بناءً متكاملًا، مترابطًا، ينتقل الباحث فيه من عنصر إلى الذي يليه، فيصل من المقدمات إلى النتائج لا العكس .
وحتى يحقق فيه معنى التأليف الذى قال فيه التهانوي:(التأليف لغة: إيقاع الإلف بين شيئين أو أكثر، وعرفًا مرادف التركيب وهو جعل الأشياء بحيث يطلق عليه اسم الواحد. وقد يقال التأليف جمع أشياء متناسبة، ويشعر به اشتقاقه من الألفة فهو أخص من التركيب).
فإذا خلا البحث من الألفة بين عباراته وعناصره خلا من معني التأليف؛ لأنه سار في غير مساره. على حد قول القائل:
أ- إدراك الإشكال البحثي، لأن كل بحث هو: حل علمي لإشكال قائم.فالباحث يملأ فراغًا في باب من أبواب المعرفة تتصل بنقطة معينة حسب الاختصاص العلمي المراد البحث فيه.
ب- صياغة الأسئلة البحثية التي تستغرق جوانب البحث.
ج- الاطلاع على الدراسات السابقة وبيان أوجه القصور فيها وأوجه المفارقة التي سيضيفها الباحث.
د- التعرف على كيفية جمع المعلومات من مصادرها المعتمدة، وتوثيقها، وتوظيفها.
ه- تنظيم المعلومات بحيث تخرج بناءً متكاملًا، مترابطًا، ينتقل الباحث فيه من عنصر إلى الذي يليه، فيصل من المقدمات إلى النتائج لا العكس .
وحتى يحقق فيه معنى التأليف الذى قال فيه التهانوي:(التأليف لغة: إيقاع الإلف بين شيئين أو أكثر، وعرفًا مرادف التركيب وهو جعل الأشياء بحيث يطلق عليه اسم الواحد. وقد يقال التأليف جمع أشياء متناسبة، ويشعر به اشتقاقه من الألفة فهو أخص من التركيب).
فإذا خلا البحث من الألفة بين عباراته وعناصره خلا من معني التأليف؛ لأنه سار في غير مساره. على حد قول القائل:
سـارت مـُشـرقة وسـرت مُـغـربا…شتـان بـيـن مـُشـَرِّقٍ ومُـَغرِّبِ
و- وضوح الهدف والباعث والغاية من وراء البحث، ومدى مناسبته لقدراته البحثية وإلا كان متشبعًا بما لم يُعط.
ز- تقسيم البحث إلى أبواب أو فصول أو مباحث أو مطالب أو عناصر أو مسائل حسب طول البحث وقصره؛ حتى لا يكون أشبه بالكلام الإنشائي الخطابي البعيد كل البعد عن العملية البحثية الأكاديمية.
ح- النقل الجيد عن الآخرين بما يخدم الفكرة ويراعي فيه الآتي:
ز- تقسيم البحث إلى أبواب أو فصول أو مباحث أو مطالب أو عناصر أو مسائل حسب طول البحث وقصره؛ حتى لا يكون أشبه بالكلام الإنشائي الخطابي البعيد كل البعد عن العملية البحثية الأكاديمية.
ح- النقل الجيد عن الآخرين بما يخدم الفكرة ويراعي فيه الآتي:
- التمهيد له فلا يبدأ به مباشرة.
- التعقيب عليه بالرفض، أو التأييد .
- عدم الإكثار من النقول المتتابعة دون الربط بينها.
- الاستنتاج والاستنباط والتحليل واستخلاص النتائج، وإلا فما المراد من النقل؟!
أي بحث علمي يتكون من :
مقدمة – تمهيد - صلب الموضوع – خاتمة
- المقدمة تشتمل على أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهداف البحث، وتساؤلاته، والدراسات السابقة، ومناهج البحث، وحدود البحث، وخطته المكونة من فصول ومباحث.
- التمهيد : يشتمل على التعريف بمصطلحات العنوان المراد بحثه لغة واصطلاحا .
- صلب الموضوع ويحتوي على العناصر الشاملة المستغرقة لموضوع البحث، مطبقة عليها المناهج العلمية المناسبة لموضوع الدراسة وسيأتي الحديث عن المناهج في وقت لاحق.
ويراعي فيه الآتي:
- التقسيم المتوازن بين فصول البحث ومباحثه قصرًا وطولًا.
- إبراز العناوين والمسائل بصورة واضحة.
- السلامة من الأخطاء المنهجية واللغوية والمطبعية.
- الوضوح في عرض الأفكار وشرح الغامض منها.
- التعريف بما يحتاج إلى تعريف من كلمات غريبة، أعلام، بلدان، فرق، مذاهب، مصطلحات.
- اختيار طريقة واحدة لتوثيق المرجع في الهامش والسير عليها في جميع البحث سواء أكان اسم المرجع ثم المؤلف ثم الناشر وعدد الطبعة وتاريخها ورقم الصفحة، أو اسم المؤلف أولَا مبدوءًا باللقب ثم المرجع ثم بيانات الطباعة والنشر ثم رقم الصفحة .
4.الخاتمة : وتشتمل على:
أ- النتائج التي انتهى إليها الباحث في بحثه .
ب – التوصيات والاقتراحات التي يري الباحث أنها جديرة بالبحث والدراسة.
5. المراجع والفهارس
- يراعى في المراجع إما ترتيب الموضوعات ( قرآن – سنة – تفسير – شروح السنة – الفقه - الخ)
أو الترتيب الأبجدي.
أو الترتيب حسب الأقدم فالأحدث .
أو الترتيب حسب الأقدم فالأحدث .
- الفهارس: حسب ما يشتمل عليه البحث من فهارس
- فهارس آيات قرآنية .
- أديان سماوية أو وضعية.
==================================
- أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري، دار السلام، الطبعة الخامسة 2016م، ص12.
- مفتاح دار السعادة، ابن القيم، ج1، ص299.
- المدخل إلى منهجية البحث العلمي وفن الكتابة ، د/ عبدالرحمن حللي، مركز نماء للبحوث والدراسات، الطبعة الأولى 2017م، ص19 و20.
- أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري، دار السلام، الطبعة الخامسة 2016م، ص32.
: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب الطبعة العاشرة،ص56
- من المثل الإسلامية، د/ محمد رجب البيومي، سلسة إسلاميات رقم (51)، المؤسسة العربية الحديثة ، ص132.
- المرجع السابق ص133.
- البحث العلمي وضوابطه في الإسلام، د/ حلمي عبدالمنعم صابر، مكتبة الإيمان، الطبعة الثانية: 2014م، ص131.
- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/38)
- أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري، ص29.
- كشاف اصطلاح الفنون، التهانوي،ج1/ض376.
- مفتاح دار السعادة، ابن القيم، ج1، ص299.
- المدخل إلى منهجية البحث العلمي وفن الكتابة ، د/ عبدالرحمن حللي، مركز نماء للبحوث والدراسات، الطبعة الأولى 2017م، ص19 و20.
- أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري، دار السلام، الطبعة الخامسة 2016م، ص32.
: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب الطبعة العاشرة،ص56
- من المثل الإسلامية، د/ محمد رجب البيومي، سلسة إسلاميات رقم (51)، المؤسسة العربية الحديثة ، ص132.
- المرجع السابق ص133.
- البحث العلمي وضوابطه في الإسلام، د/ حلمي عبدالمنعم صابر، مكتبة الإيمان، الطبعة الثانية: 2014م، ص131.
- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/38)
- أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري، ص29.
- كشاف اصطلاح الفنون، التهانوي،ج1/ض376.
تعليق