النقد النصي للعهد القديم
المقدمة
لم يكُن يحتاج النقد النصي للنصوص القديمة عامة كل هذه التقسيمات لأن النقد النصي وآليته واحدة والغاية منه التأكد من صحة نص او محاولة الوصول الى اقرب نص صحيح. لكِن وبسبب الخلافات العقدية وبسبب غياب المعرفة بالمؤلفين ، بالإضافة الى حقيقة أن نقد الكتاب المقدس العبري هو فوضى لا يُمكِن تصديقها فكان لابد من استحداث ثلاثة فروع للنقد النصي، لتكون على النحو التالي:
1- النقد النصي للعهد الجديد
2- النقد النصي الكلاسيكي
3- النقد النصي للعهد القديم.
2- النقد النصي الكلاسيكي
3- النقد النصي للعهد القديم.
ظهر النقد النصي ومدارسه منذ القرن الثامن عشر ظهورا قويا واضحا، وصار وجه الشبه بين نقد نصوص العهد القديم وبين نقد نصوص العهد الجديد في القرن الثامن عشر: أن كليهما له العديد من المخطوطات ، وغالبية هذه المخطوطات تُمثل نص الغالبية أو ما يُسمى النص المُستلم ، بينما هناك نسخ قليلة ، بعضها يختلف اختلافًا كبيرًا عن العبرية ، بالإضافة إلى قُصاصات متفرقة من نصوص قديمة. ونظرًا لأن مخطوطات الغالبية للعهد القديم لا تُحافظ على اللغة العبرية والآرامية الأصلية بدقة تامة (بعكس النصوص اليونيانية او اللاتينية للعهد الجديد) فهناك حاجة واضحة لنقد نصوص هذا الكتاب نقدًا قد يستخدم طرقًا مختلفة إلى حد ما عن تلك المستخدمة حاليًا مع العهد الجديد.
المصادر المُعتمدة في نقد العهد القديم:
المصدر الأول والأهم : المخطوطات العبرية وما اشتُق عنها:
باستثناء عدد قليل جدًا من المخطوطات (التي سنتعامل معها بشكل منفصل) ، والتي تم نسخها في العصور الوسطى بواسطة كتاب معروفين باسم الكُتاب الماسوريين واليهم يُنسب النص الماسوري ( Massoretic Text ، أو اختصارًا MT أو حتى M). فهؤلاء الماسوريون تم تدريبهم في العصور الوسطى بعناية فائقة للحفاظ على النص في جميع تفاصيله (وصولا إلى هذه الدقائق التي تبدو دقيقة مثل حجم بعض الحروف في النص وموضعها أعلى أو أسفل السطر). كما اتبعوا تقنيات صارمة للغاية لفحص المخطوطات الخاصة بهم. والنتيجة هي نص لا يُظهر أي تحريفٍ تقريبًا ، والمخطوطات نُسِخَت من بعضها البعض بدقة عالية. ولو كانت هذه التقنيات الدقيقة المستخدمة في الماسورة قد استُخدِمت منذ البداية مع جميع مخطوطات الكتاب المقدس الأصيلة لما كان هناك حاجة إلى علم النقد النصي ولكنا اعتبرنا ان أي محاولة لاسترجاع النص الاصلي هي من قبيل السفسطة العلمية!
ولنستعرض على عجالة النصوص العبرية التي بين أيدينا والمختلفة فيما بينها :
1- النص العبري الماسوري: وهو النص المُستلم او نص غالبية اليهود ، والمعتبر كنص مُقدس ، ويرجع تاريخ أقدم مخطوطات النص العبري الماسوري إلى حوالي القرن العاشر الميلادي (أي بعد موسى عليه السلام بأكثر من ألفي عام) !! . أما ما قبل ذلك ، فليس لدينا عزيزي القارىء سوى عدد قليل جدًا من المخطوطات العبرية (ولاحظ اننا نتكلم عن النص العبري فقط ) ولكن بنصوص متباينة ومختلفة.
2- نصوص مخطوطات قمران العبرية ("مخطوطات البحر الميت") وهذه المخطوطات المكتشفة عام 1948 ميلادي وتعود للقرن الميلادي الاول (قبله او بعده بقرن) ، (أي اقدم من النص الماسوري الذي يعتقد في قدسيته الغالبيه اليوم بألف عام) وبرغم كل ما قيل عنها .. فإن هذه المخطوطات تالفة ويصعب قراءتها - باستثناء اشعياء التي تشبه النص الماسوري- والأجزاء التي تحتويها من العهد القديم محدودة. بينما تحوي الكثير من الكُتب التي يظنون أنها اليوم منحولة وليست من الكتب المقدسة ..
3- نصوص مخطوطات متحف جينيزه العبرية بالقاهرة.
4- لفائف قمران لصموئيل ، 4QSam ، وهي وحدة مستقلة بذاتها لأنها تمثل تقليدًا مستقلاً بوضوح عن صمويل في النص الماسوري ، وأفضل منه على ما يبدو،كما سنوضحه فيما بعد.
5- التوراة السامرية العبرية " كتب موسى الخمسة فقط" (العبرية السامرية مختلفة اللهجة ولا يؤمنون الا بكتب موسى الخمسة فقط): وبرغم انقراض هذه الطائِفة ولم يعد لهم وجود الا قليل جدا، فإن مخطوطاتهم وفيرة وإن كانت أقل قليلا من المخطوطات الماسورية. ويبدو في نصوصها علامات واضحة على التعديل على النص الماسوري لتتفق مع معتقد السامرييين. وإن كنا نؤمن بهذه الفكرة فتبقى فكرة تعديل النص الماسوري لتتفق مع عقيدة اليهود العبرانيين فكرة منطقية قائِمة يُعضدها أن كل النصوص الاقدم لاتتفق مع هذا النص الماسوري العبري الاحدث !
6- هناك العديد من النُسخ القديمة من العهد القديم. وتنقسم هذه النسخ إلى فئتين:
أ) تلك المترجمة مباشرة من العبرية (الترجمة اللاتينية والسرياتنية)
ب) تلك المترجمة من النسخة اليونانية
ب) تلك المترجمة من النسخة اليونانية
(بالطبع ، هناك إصدارات لا تأتي من العبرية ولا اليونانية ؛ وتشمل التراجم الغربية المتأخرة والمترجمة من النسخ اللاتينية للانجيل. وليس لها اي أهمية على الإطلاق في نقد نصوص العهد القديم)
7- التراجيم الآرامية (المفرد: ترجوم): وهي أيضًا ترجمات من العبرية ، ويُعتقد عمومًا أنها أقدم من النسخه اللاتينية للكتاب المقدس. وهي من ترجمة علماء اليهود. وأهم ما يُميز نصوص هذه الترجمة الارامية هو تحررها في الترجمة وعدم التقيد بالنص العبري إضافة إلى عدم دقة وتمكُن مترجميها .. كما أننا قد نجد فيها اضافات وتعليقات لحاخامات وعلماء اليهود، وبالتالي ، من الأفضل أن نتعامل مع التراجيم Targums كتعليقات للآباء اليهود أكثر من كونها ترجمات فعلية. ومن أهم التراجيم التي بين أيدينا هي:
1- ترجوم يوناثان "Targum of Jonathan"
2- ترجوم اونكيليس "Targum of Onkelos"
2- ترجوم اونكيليس "Targum of Onkelos"
8- الترجمة السريانية البسيطة (بشيطا Peshitta) هي النسخة الرئيسية النهائية المستمدة من العبرية. تاريخها وأصلها متنازع عليه ، ولكن من الواضح أن العديد من الأيدي كانت متورطة في هذه الترجمة ، وهناك أيضا مؤشرات على تعديلات على النص ليتفق مع النص اليوناني. هذا النص المختلط يجعل استخدام Peshitta مشكلة إلى حد ما.
يتبع