المسيحيه منذ نشأتها و هى دين سيف (مهما ادعى و روج الاعلام الكاذب الحقير) و اسأل عن اعدام (جون هس) و (جاليليو جاليلى) لتعرف اكثر!!
يقول الاب متى المسكين ( و هو من هو فى عالم الرهبنه القبطيه):
((أما بداءة عثرات الكنيسة فكان أيام احتمائها في قسطنطين الملك في القرن الرابع ليتولى حماية الإيمان بالسيف
كحكم إسرائيل الأول، بدل المحبة والصلاة وعهد المسيح! وجاء بعده الملك ثيؤدوسيوس ليأمر بهدم معابد الوثنيين بقوة العسكر كأيام ملوك إسرائيل في القديم بدل البشارة المفرحة بالمسيح والإقناع بكلمة الإنجيل!))
الرابط المسيحى:
http://www.arabic-christian-counseli...id=166&lang=ar
الأب متى المسكين
من كتاب "الكنيسة والدولة"
[1] في الغرب في عصور الهرطقات، على الأخص في القرون الوسطى.
[2] كما حدث مع البابا أثناسيوس الرسولي، ومع القديس البابا ديسقوروس في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، حينما استنجد رجال الكنيسة الهراطقة بالملوك البيزنطيين لنفيهما عن كرسيهما.[/HTML]
يقول الاب متى المسكين ( و هو من هو فى عالم الرهبنه القبطيه):
((أما بداءة عثرات الكنيسة فكان أيام احتمائها في قسطنطين الملك في القرن الرابع ليتولى حماية الإيمان بالسيف
كحكم إسرائيل الأول، بدل المحبة والصلاة وعهد المسيح! وجاء بعده الملك ثيؤدوسيوس ليأمر بهدم معابد الوثنيين بقوة العسكر كأيام ملوك إسرائيل في القديم بدل البشارة المفرحة بالمسيح والإقناع بكلمة الإنجيل!))
الرابط المسيحى:
http://www.arabic-christian-counseli...id=166&lang=ar
لما استودع السيد المسيح لرسله وتلاميذه قبل صعوده تاقت نفس التلاميذ – كيهود – أن يكون لهم سلطان ومُلك واقتدار كما كان لإسرائيل في القديم فسألوه "هل في هذا الوقت ترد المُلك إلى إسرائيل؟" (أع 1: 6) كان هذا السؤال بادرة سيئة أحزنت قلب الرب لسببين:
أما الأول: فلأن السؤال ينم عن عدم فهم لمعنى الصليب في العهد الجديد، ألم ينصَّب المسيح على الخشبة ملكاً إلى الأبد؟ ملكاً على القلوب المنسحقة التي كانت تتوق إلى مخلص يملك عليها إلى طول الأيام؟
ألم يقل جهاراً لبيلاطس حينما سأله على مرأى ومسمع من رؤساء الكهنة وتلاميذه وكل الشعب: "أفأنت إذن ملك؟ أجاب يسوع: أنت تقول إني ملك، لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق" (يو 18: 37).
إن السيد المسيح قد أعلن نفسه ملكاً على الكنيسة من فوق الصليب بوضوح ما بعده وضوح – فكيف يسأله التلاميذ عن عودة الملك الزمني وكيف تشتهيه نفوسهم؟
أليس هذا هو المسيح الذي أقسم له الله الآب: "أنت هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق"؟ وما هي رتبة ملكي صادق، إلا رتبة الملوكية العظمى ملوكية البر والسلام "ملك البر ثم أيضاً... ملك السلام" (عب 7: 2). ثم ألم يلقبه المزمور ملكوت المسيح "مُلكك مُلك كل الدهور؟" (مز 145: 13)
هل نسى التلاميذ سلطان ملوكيته الرهيب لما أمر البحر ليسكت والرياح لتهدأ وصار هدوء عظيم؟ هل نسى التلاميذ كيف كان يعلم كمن له سلطان وليس كالكتبة؟
أم نسى التلاميذ كيف وعد اللص التائب أن يدخل معه الفردوس عندما كان معتلياً عرش الصليب!
يبدو أنه لم يكن قد استقر بعد في أذهان التلاميذ مفهوم الصليب كعرش الرحمة حيث جلس الله الذي كانت ترمز إليه "الشاكيناه" في قدس الأقداس حيث كان يتكلم الله، حيث لم يكن قد اتضحت الرؤيا في قلوبهم ليروا العرش السمائي والجالس عليه، وفي وسط العرش خورف قائم كأنه مذبوح (انظر: رؤ 5: 6)!
ولكن عذراً للتلاميذ لأنه لم يكن حل الروح القدس عليهم ليعرفوا معنى القوة الحقيقية ومصدرها العجيب.
وأما السبب الثاني فلأن السيد قد لمح من سؤال التلاميذ، حالة الخوف والفزع التي تملكت عليهم بسبب مطاردة رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين لهم فاشتهت نفوسهم سلطاناً زمنياً لعلهم يتقون به شر المطاردين.
ولكن هل نسى التلاميذ أنهم مدعوون لشرب نفس الكأس التي شربها الرب ولنفس الصبغة الدموية التي اصطبغ بها على الصليب؟ فلماذا الهروب؟ وإلى أين يكون – ألعله بسبب هذا أمرهم المسيح أن لا يبرحوا أورشليم حتى ينالوا قوة من الأعالي؟
هل نسى التلاميذ أنهم شركاء في الميراث والمجد وأنهم مدعوون أن يكونوا ملوكاً وكهنة لله؟! وهل يمكن أن يُنصب الإنسان ملكاً مع المسيح إلا على صليب؟ وهل يمكن أن يكون الإنسان كاهناً لله العلي إلا إذا صار ذبيحة واصطبغت ثيابه بدم الخروف؟
ولكن لماذا الخوف أيها التلاميذ؟ ألم يظفر المسيح، كملك، بالشيطان وأعوانه "إذ جرد الرياسات والسلاطين (التابعة له) أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه (في الصليب)" (كو 2: 15).
ولكن عذراً أيضاً للتلاميذ فلم يكن الروح القدس قد حل عليهم بعد ولم تكن كلمة الشهادة قد أنارتهم، لهذا قال لهم المسيح "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً" (أع 1: 8).
ولكن بعد أن حل الروح القدس وملأ الكنيسة سلطاناً وقوة وشهادة وعطايا ومواهب وكرامات، ماذا يكون عذر الكنيسة لو هي عادت تطلب شيئاً من سلطان الدنيا أو كرامة من الناس أو مجداً أو معونة أو قوة أو أي شيء من أي أحد؟
لقد عثرت الكنيسة – في عثرة التلاميذ عينها، ولكن إن كنا قد عذرنا التلاميذ آنئذ بسبب عدم حلول الروح القدس عليهم فبم نستطيع أن نعذر الكنيسة وهي تقول وتشهد أن الروح فيها!
ولكن للأسف فقد عثرت الكنيسة عبر التاريخ[1] في نفس هذه العثرة عينها، فكان لما يضيق بها الأمر تلتجئ إلى الملوك ليقووا سلطانها، ولكن بقدر ما كانت الكنيسة تستمد القوة من الملوك بقدر ما كانت تفقد قوتها الروحية التي لا تقوم إلا في الضعف الظاهري! فكثيراً ما عجزت عن أن تضبط الإيمان بالإقناع والمحبة وهرعت إلى الأباطرة ليستصدروا منشوراً ملكياً بالإيمان ولكن بقدر ما كان يُستظهر الإيمان، ويثبت على أيدي الملوك بقدر ما كان يضمحل ويضعف في القلوب.
وكثيراً ما تذللت تحت أقدام الملوك لما قوي مناوءوها فتملقت الولاة ليعزلوا مناوئيها[2]، ولكن بقدر ما كانت تتخلص من أعدائها بقوة السيف، بقدر كان يتسلط عليها!
كم مرة ضلت الكنيسة الطريق وخاب رجاء المسيح فيها، كم مرة هجرته كملك لتطلب رحمة الملوك بذلة العبيد، ولم تتعلم الكنيسة من ملكها كيف قبل الصليب كملك وأعظم من ملك ثمناً للحق وكان هو الغالب!!
أما بداءة عثرات الكنيسة فكان أيام احتمائها في قسطنطين الملك في القرن الرابع ليتولى حماية الإيمان بالسيف، كحكم إسرائيل الأول، بدل المحبة والصلاة وعهد المسيح! وجاء بعده الملك ثيؤدوسيوس ليأمر بهدم معابد الوثنيين بقوة العسكر كأيام ملوك إسرائيل في القديم بدل البشارة المفرحة بالمسيح والإقناع بكلمة الإنجيل!
وكأنما وجدت الكنيسة (في بيزنطة ابتداء من القرن الرابع) في قسطنطين الملك ومن بعده "من يرد الملك لإسرائيل"، الذي كان أمنية التلاميذ الأولى وأحلام المخاوف. أليس هذا هو قسطنطين الملك أول من قاد حرباً صليبية في العالم، رافعاً الصليب على راية العداوة جاعلاً شعار الحياة هو نفسه شعار الموت والهلاك؟ إذ لأنه اختلطت عليه الرؤية فظن أن الصليب الذي يرآه في الرؤيا والكلمة التي سمعها "بهذا تغلب" يعني أن يحارب الناس وينهب الممالك باسم الصليب بدل أن يفهمها وتفهمها معه الكنيسة: أن يغلب قوة الشيطان وعظمة العالم الكاذبة غلبة الخلاص والمجد الحقيقي كالمسيح! وكما يحق للصليب! ولكن للأسف لم يدرك التاريخ الكنسي بعد أنه وإن لم يكن عاراً على قسطنطين الملك أن يحارب أعداءه ولكن كان عاراً عليه وكل عار أن يحارب أعداءه باسم الصليب!
البعض لا يزال فيهم فكر قسطنطين إذ يتطلعون أن يكون للكنيسة قوة وسلطان زمني إن لم تكن منفردة بقوة المال والرجال والقانون فيكون باحتمائها (بكنائس) أخرى قوية!
وكأنما قول الإنجيل هذا وعبر التاريخ جميعاً لم تكف الكنيسة لتعرف أن في اعتمادها على القوة الزمنية هجراناً أكيداً للمسيح كملك، وإنكاراً أيضاً لروح القدس كمصدر للقوة والعزاء! ولم تعرف بعد أن الكنيسة وكل من فيها مدعو للشهادة الصليب على مدى الدهور.
وكأنما الكنيسة لم تعرف بعد أن "ما لقيصر" يلزم أن يبقى لقيصر وأن "ما لله" يلزم أن يبقى لله.
فمصدر القوة عند قيصر: المال وسياسة الدهاء والقدرة على البطش. ومصدر القوة عند الله، الروح القدس وقدرة الشهادة للحق والاستعداد للموت.
فأي اجتماع لهذا مع ذلك؟ أو كيف يجتمع المال مع الروح القدس؟ وهل يمكن أن تجتمع سياسة الدهاء مع القدرة على النطق بالحق؟ أو هل يمكن لأحد أن يبطش بالنسا وهو مستعد أن يموت عنهم؟ إذن فهما قوات متعارضتان إذا اجتمعتا معاً فلابد أن تلغي الواحدة منهما الأخرى.
لذلك فبقدر ما تميل الكنيسة إلى واحدة منهما بقدر ما تبتعد عن الأخرى. ولكن أية خسارة عظيمة تخسرها الكنيسة إن هي مالت إلى القوة الزمنية، إنها تفقد بالضرورة معونة الروح القدس لها فينعقد لسانها عن الشهادة للحق ولا تضبط قدرة على فدية الناس!
مِن هذا نتحقق عمق ما تحويه وصية المسيح "أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت 22: 21)، ويتبين قصده من الفصل بينهما.
فقيصر سيظل إلى الأبد رمزاً للسطان الزمني والله لسطان الروح ولا يمكن أن نخدم الواحد بالآخر.
الله لا يمكن ان يتمجد بسلطان قيصر "لأن مجد السماويات شيء ومجد الأرضيات آخر" (اكو 15: 40)، وكذلك الكنيسة. والتجربة في الإنجيل واضحة: عندما تحمس الشعب لُيدخل المسيح في تجربة السطان الزمني تركهم ومضى وحده "إذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا وتختطفوه ليجعلوه ملكاً، انصرف ... وحده" (يو 6: 15)، وعندما تباحثوا معه أوضح لهم أنه يرض مجد الناس "مجداً من الناس لست أقبل" (يو 5: 41). هذا هو رب الكنيسة ورأسها وهو بسلوكه يخط لها الطريق الذي تسلكه. فإن ارتاحت هي إلى مجد الناس فارقها مجد الله بالضرورة، وإن هي سعت أن تكون صاحبة سلطان واقتدار بغير الروح القدس والمحبة وقعت في الأسر والتيه، وإن هربت من الصليب هجرها الروح.
أما الأول: فلأن السؤال ينم عن عدم فهم لمعنى الصليب في العهد الجديد، ألم ينصَّب المسيح على الخشبة ملكاً إلى الأبد؟ ملكاً على القلوب المنسحقة التي كانت تتوق إلى مخلص يملك عليها إلى طول الأيام؟
ألم يقل جهاراً لبيلاطس حينما سأله على مرأى ومسمع من رؤساء الكهنة وتلاميذه وكل الشعب: "أفأنت إذن ملك؟ أجاب يسوع: أنت تقول إني ملك، لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق" (يو 18: 37).
إن السيد المسيح قد أعلن نفسه ملكاً على الكنيسة من فوق الصليب بوضوح ما بعده وضوح – فكيف يسأله التلاميذ عن عودة الملك الزمني وكيف تشتهيه نفوسهم؟
أليس هذا هو المسيح الذي أقسم له الله الآب: "أنت هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق"؟ وما هي رتبة ملكي صادق، إلا رتبة الملوكية العظمى ملوكية البر والسلام "ملك البر ثم أيضاً... ملك السلام" (عب 7: 2). ثم ألم يلقبه المزمور ملكوت المسيح "مُلكك مُلك كل الدهور؟" (مز 145: 13)
هل نسى التلاميذ سلطان ملوكيته الرهيب لما أمر البحر ليسكت والرياح لتهدأ وصار هدوء عظيم؟ هل نسى التلاميذ كيف كان يعلم كمن له سلطان وليس كالكتبة؟
أم نسى التلاميذ كيف وعد اللص التائب أن يدخل معه الفردوس عندما كان معتلياً عرش الصليب!
يبدو أنه لم يكن قد استقر بعد في أذهان التلاميذ مفهوم الصليب كعرش الرحمة حيث جلس الله الذي كانت ترمز إليه "الشاكيناه" في قدس الأقداس حيث كان يتكلم الله، حيث لم يكن قد اتضحت الرؤيا في قلوبهم ليروا العرش السمائي والجالس عليه، وفي وسط العرش خورف قائم كأنه مذبوح (انظر: رؤ 5: 6)!
ولكن عذراً للتلاميذ لأنه لم يكن حل الروح القدس عليهم ليعرفوا معنى القوة الحقيقية ومصدرها العجيب.
وأما السبب الثاني فلأن السيد قد لمح من سؤال التلاميذ، حالة الخوف والفزع التي تملكت عليهم بسبب مطاردة رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين لهم فاشتهت نفوسهم سلطاناً زمنياً لعلهم يتقون به شر المطاردين.
ولكن هل نسى التلاميذ أنهم مدعوون لشرب نفس الكأس التي شربها الرب ولنفس الصبغة الدموية التي اصطبغ بها على الصليب؟ فلماذا الهروب؟ وإلى أين يكون – ألعله بسبب هذا أمرهم المسيح أن لا يبرحوا أورشليم حتى ينالوا قوة من الأعالي؟
هل نسى التلاميذ أنهم شركاء في الميراث والمجد وأنهم مدعوون أن يكونوا ملوكاً وكهنة لله؟! وهل يمكن أن يُنصب الإنسان ملكاً مع المسيح إلا على صليب؟ وهل يمكن أن يكون الإنسان كاهناً لله العلي إلا إذا صار ذبيحة واصطبغت ثيابه بدم الخروف؟
ولكن لماذا الخوف أيها التلاميذ؟ ألم يظفر المسيح، كملك، بالشيطان وأعوانه "إذ جرد الرياسات والسلاطين (التابعة له) أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه (في الصليب)" (كو 2: 15).
ولكن عذراً أيضاً للتلاميذ فلم يكن الروح القدس قد حل عليهم بعد ولم تكن كلمة الشهادة قد أنارتهم، لهذا قال لهم المسيح "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً" (أع 1: 8).
ولكن بعد أن حل الروح القدس وملأ الكنيسة سلطاناً وقوة وشهادة وعطايا ومواهب وكرامات، ماذا يكون عذر الكنيسة لو هي عادت تطلب شيئاً من سلطان الدنيا أو كرامة من الناس أو مجداً أو معونة أو قوة أو أي شيء من أي أحد؟
لقد عثرت الكنيسة – في عثرة التلاميذ عينها، ولكن إن كنا قد عذرنا التلاميذ آنئذ بسبب عدم حلول الروح القدس عليهم فبم نستطيع أن نعذر الكنيسة وهي تقول وتشهد أن الروح فيها!
ولكن للأسف فقد عثرت الكنيسة عبر التاريخ[1] في نفس هذه العثرة عينها، فكان لما يضيق بها الأمر تلتجئ إلى الملوك ليقووا سلطانها، ولكن بقدر ما كانت الكنيسة تستمد القوة من الملوك بقدر ما كانت تفقد قوتها الروحية التي لا تقوم إلا في الضعف الظاهري! فكثيراً ما عجزت عن أن تضبط الإيمان بالإقناع والمحبة وهرعت إلى الأباطرة ليستصدروا منشوراً ملكياً بالإيمان ولكن بقدر ما كان يُستظهر الإيمان، ويثبت على أيدي الملوك بقدر ما كان يضمحل ويضعف في القلوب.
وكثيراً ما تذللت تحت أقدام الملوك لما قوي مناوءوها فتملقت الولاة ليعزلوا مناوئيها[2]، ولكن بقدر ما كانت تتخلص من أعدائها بقوة السيف، بقدر كان يتسلط عليها!
كم مرة ضلت الكنيسة الطريق وخاب رجاء المسيح فيها، كم مرة هجرته كملك لتطلب رحمة الملوك بذلة العبيد، ولم تتعلم الكنيسة من ملكها كيف قبل الصليب كملك وأعظم من ملك ثمناً للحق وكان هو الغالب!!
أما بداءة عثرات الكنيسة فكان أيام احتمائها في قسطنطين الملك في القرن الرابع ليتولى حماية الإيمان بالسيف، كحكم إسرائيل الأول، بدل المحبة والصلاة وعهد المسيح! وجاء بعده الملك ثيؤدوسيوس ليأمر بهدم معابد الوثنيين بقوة العسكر كأيام ملوك إسرائيل في القديم بدل البشارة المفرحة بالمسيح والإقناع بكلمة الإنجيل!
وكأنما وجدت الكنيسة (في بيزنطة ابتداء من القرن الرابع) في قسطنطين الملك ومن بعده "من يرد الملك لإسرائيل"، الذي كان أمنية التلاميذ الأولى وأحلام المخاوف. أليس هذا هو قسطنطين الملك أول من قاد حرباً صليبية في العالم، رافعاً الصليب على راية العداوة جاعلاً شعار الحياة هو نفسه شعار الموت والهلاك؟ إذ لأنه اختلطت عليه الرؤية فظن أن الصليب الذي يرآه في الرؤيا والكلمة التي سمعها "بهذا تغلب" يعني أن يحارب الناس وينهب الممالك باسم الصليب بدل أن يفهمها وتفهمها معه الكنيسة: أن يغلب قوة الشيطان وعظمة العالم الكاذبة غلبة الخلاص والمجد الحقيقي كالمسيح! وكما يحق للصليب! ولكن للأسف لم يدرك التاريخ الكنسي بعد أنه وإن لم يكن عاراً على قسطنطين الملك أن يحارب أعداءه ولكن كان عاراً عليه وكل عار أن يحارب أعداءه باسم الصليب!
البعض لا يزال فيهم فكر قسطنطين إذ يتطلعون أن يكون للكنيسة قوة وسلطان زمني إن لم تكن منفردة بقوة المال والرجال والقانون فيكون باحتمائها (بكنائس) أخرى قوية!
وكأنما قول الإنجيل هذا وعبر التاريخ جميعاً لم تكف الكنيسة لتعرف أن في اعتمادها على القوة الزمنية هجراناً أكيداً للمسيح كملك، وإنكاراً أيضاً لروح القدس كمصدر للقوة والعزاء! ولم تعرف بعد أن الكنيسة وكل من فيها مدعو للشهادة الصليب على مدى الدهور.
وكأنما الكنيسة لم تعرف بعد أن "ما لقيصر" يلزم أن يبقى لقيصر وأن "ما لله" يلزم أن يبقى لله.
فمصدر القوة عند قيصر: المال وسياسة الدهاء والقدرة على البطش. ومصدر القوة عند الله، الروح القدس وقدرة الشهادة للحق والاستعداد للموت.
فأي اجتماع لهذا مع ذلك؟ أو كيف يجتمع المال مع الروح القدس؟ وهل يمكن أن تجتمع سياسة الدهاء مع القدرة على النطق بالحق؟ أو هل يمكن لأحد أن يبطش بالنسا وهو مستعد أن يموت عنهم؟ إذن فهما قوات متعارضتان إذا اجتمعتا معاً فلابد أن تلغي الواحدة منهما الأخرى.
لذلك فبقدر ما تميل الكنيسة إلى واحدة منهما بقدر ما تبتعد عن الأخرى. ولكن أية خسارة عظيمة تخسرها الكنيسة إن هي مالت إلى القوة الزمنية، إنها تفقد بالضرورة معونة الروح القدس لها فينعقد لسانها عن الشهادة للحق ولا تضبط قدرة على فدية الناس!
مِن هذا نتحقق عمق ما تحويه وصية المسيح "أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت 22: 21)، ويتبين قصده من الفصل بينهما.
فقيصر سيظل إلى الأبد رمزاً للسطان الزمني والله لسطان الروح ولا يمكن أن نخدم الواحد بالآخر.
الله لا يمكن ان يتمجد بسلطان قيصر "لأن مجد السماويات شيء ومجد الأرضيات آخر" (اكو 15: 40)، وكذلك الكنيسة. والتجربة في الإنجيل واضحة: عندما تحمس الشعب لُيدخل المسيح في تجربة السطان الزمني تركهم ومضى وحده "إذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا وتختطفوه ليجعلوه ملكاً، انصرف ... وحده" (يو 6: 15)، وعندما تباحثوا معه أوضح لهم أنه يرض مجد الناس "مجداً من الناس لست أقبل" (يو 5: 41). هذا هو رب الكنيسة ورأسها وهو بسلوكه يخط لها الطريق الذي تسلكه. فإن ارتاحت هي إلى مجد الناس فارقها مجد الله بالضرورة، وإن هي سعت أن تكون صاحبة سلطان واقتدار بغير الروح القدس والمحبة وقعت في الأسر والتيه، وإن هربت من الصليب هجرها الروح.
من كتاب "الكنيسة والدولة"
[1] في الغرب في عصور الهرطقات، على الأخص في القرون الوسطى.
[2] كما حدث مع البابا أثناسيوس الرسولي، ومع القديس البابا ديسقوروس في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، حينما استنجد رجال الكنيسة الهراطقة بالملوك البيزنطيين لنفيهما عن كرسيهما.[/HTML]
تعليق