المسيحية في الاسلام_ تفسير جميع الايات القرآنية التي يستشهد بها المسيحيون

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أبو أصيل اليمني اكتشف المزيد حول أبو أصيل اليمني
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أبو أصيل اليمني
    3- عضو نشيط

    • 28 يون, 2007
    • 351

    المسيحية في الاسلام_ تفسير جميع الايات القرآنية التي يستشهد بها المسيحيون

    الرد على كتاب ( المسيحية في الإسلام)


    هل شهد الإسلام حقا ؟



    تفسير جميع الآيات القرآنية الكريمة التي يدّعي النصارى أنها تشهد بصحة عقائدهم.



    بقلم : رشيد المليكي
    لن تفاجأ عند دخولك أحد المواقع المسيحية التنصيرية وهو يعرض عليك بكل بساطة : ( عزيزي المسلم , هل تعلم أن القرآن قد شهد بألوهية السيد المسيح, وبأنه كلمة الله , وروح الله. كما يؤكد القرآن على سلامة الكتاب المقدس من التحريف ) .
    الحقيقة أنني أقرأ ذلك الادعاء في كل كتاب ومنشور تنصيري تقريبا ( شبهات وهمية , القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم , ميزان الحق ....الخ). وفي البداية سبب لي كثيرا من الإشكال. وكنت حينها أتمنى أن أجد الكتاب الذي يجمع جميع تلك النصوص ويرد عليها جميعا. لكنني تفاجأت عندما لم أجد كتابا متخصصا للرد على هذه الدعوى الباطلة. صحيح وجدت بعض الردود لكن بشكل متقطع وغير مخصص للموضوع بكامله. فقد قرأت تلك الردود في كتب هامة مثل كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية ( الجواب الصحيح) وغيرها من الكتب. لكني كنت أتمنى أن أجد كتابا يجمع جميع تلك النصوص ويشرحها شرحا مفصلا. بحيث يكون مرجعا عند الحديث عن هذا الموضوع. فشرعت في هذا العمل بهدف سد تلك الثغرة الموجودة في المكتبة الإسلامية. فأرجوا من الله الإخلاص والتوفيق ونفع الناس.


    المقدمة
    الواقع أن الإسلام برغم تأكيده على تحريف اليهود و النصارى لكتابهم , إلا أنه يصفهم بـ " أهل الكتاب " معترفا بوجود أصل سماوي لهم , إلا أن هذا الأصل دخل عليه التحريف , لدرجة لا يستطيع الإنسان الباحث عن الخلاص أن يعتمد عليه لتقرير عقائد إيمانية غاية في الخطورة . إن اليهود يؤمنون بما يسمى ( العهد القديم) , ويؤمن النصارى بما يسمى ( الكتاب المقدس) , وهو جمع من كتاب اليهود ( العهد القديم ) , مضافا مجموعة كتب أخرى تسمى ( العهد الجديد ). وعليه فأن ( العهد القديم ) هو العامل المشترك بينهما , فكلا الفريقين يؤمنان به , و يؤكدان على أنه "وحي الله".
    ما معنى " أهل الكتاب " ؟
    " أهل الكتاب " تعني أصحاب الكتاب, الناس الذين انزل عليهم الكتاب. ولكن ما هو الكتاب ؟ ...
    الغريب جدا أن يخطئ الكثير من الناس ( مسلمين و مسيحيين ويهودا ) في فهم هذا المصطلح , ذلك أنهم يفهمونه على أن معنى ذلك : "أن اليهود هم أهل كتاب وهو التوراة , وان النصارى هم أهل كتاب وهو الإنجيل" ,وهذا فهم خاطئ تماما. لان القران الكريم لم يصفهم بـ " أهل الكتب " أو " أهل الكتابين ". بل وصفهم بوضوح أنهم " أهل الكتاب ", كتاب واحد. وقد جاء معرفا بـ " ال " للتعريف للدلالة على كتاب واحد بعينه .
    قد يقول قائل إن لفظ " الكتاب " هنا اسم جنس, وليس للدلالة على عدد الكتب. فقد يعني أكثر من كتاب, وهي ملاحظة محتملة ولكن..
    أولا: انظر معي جيدا إلى الآية التالية:(وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النّصَارَىَ عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النّصَارَىَ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) [البقرة: 113]. تتحدث هذه الآية الكريمة عن استنكار الله_سبحانه_ تكفير اليهود للنصارى وتكفير النصارى لليهود , مع أنهم يقرأون " الكتاب " , فما هو هذا الكتاب الذي يؤمن به اليهود و النصارى معا , ويتلونه معا , وهو حجة عليهم معا , بحيث انه من المفترض انه يجمعهم و لا يفرقهم...انه بوضوح شديد ( التوراة ).
    فما وجه الاستنكار و التعجب في الآية إذا كان المقصود بالكتاب هنا " التوراة و الإنجيل " , فاليهود لا يؤمنون أصلا بالإنجيل , و لا يعترفون به , إن الإنجيل يعترف بعيسى بن مريم كرسول , وبعقائد أخرى لا يعترف بها اليهود . فكيف يستنكر الله _سبحانه_ عليهم ذلك ويقول : " وهم يتلون الكتاب " , فاليهود لا يتلون الإنجيل أبدا , و لا يؤمنون به . و قد يقول قائل إن المقصود أن " اليهود يتلون التوراة, و النصارى يتلون الإنجيل ", و هذا خطاء لسببين:
    أولا : لأن الله_سبحانه_ قال "الكتاب " بـ (ال) للتعريف التي تعني كتابا معينا واحدا ثانيا : إذا كان الأمر كذلك فالنصارى إذا محقون بالقول أن اليهود كفارا , وأنهم ليسوا على شيء حتى يؤمنوا بعيسى بن مريم , لان الإنجيل الذي يتلونه يقرر ذلك. إن الآية تستنكر التكفير المتبادل بين الفريقين لان المفترض أن تلاوتهم لهذا " الكتاب " تجمعهم معا, و تزيل أي خلاف بينهم, بحيث يكون مرجعهم واحد عند الخلاف. فبما أن الفريقين يعترفا به "وحيا إلهيا " فليرجعوا إليه إذا. وبرغم وجود هذا الكتاب المشترك بينهم و هو " التوراة " فان ذلك لم يمنع الخلاف بينهم , ولذلك فهو شيء غريب ومستنكر, وقد أعلن الله_سبحانه_ حسم هذا الخلاف بالوعد : ( فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [البقرة: 113].
    ثانيا : إن المسلمين يؤمنون بالتوراة التي أنزلت على موسى _ عليه السلام _, و لكنها ليست التوراة الحالية , لأنها قد حرفت . وقد جاء في ذلك آيات قرآنية و أحاديث صحيحة واضحة جدا (سنتحدث عم ذلك بتوسع في الباب الثاني من هذا الكتاب ) . ولكن المسلمون حين يؤمنون أنها محرفة فان ذلك لا يعني أنها بجميع ما فيها من نصوص و معاني ليست من الله , لسبب واضح جدا, وهو أن التحريف يقصد به تغيير أجزاء في الكتاب_ داخلية أو خارجية_ بالحذف أو الإضافة, سوء من حيث المضمون أو من حيث الشكل . أما إذا كان القصد أن التحريف طال كل شيء شكلا ومضمونا بحيث ضاعت جميع النصوص, فلا يقال حينها " حرفت التوراة " , بل يقال : " ضاعت التوراة " .إن لفظ " التحريف" يدل على معنى التغيير المتعمد في الشيء , وليس ضياع الشيء بالكامل , ولكن ذلك لا يقلل من خطورة التحريف, فلا احد يعلم بالضبط أين و إلى أي درجة بلغ هذا التحريف.
    وإذ أن الشك دخل إلى صحة الكتاب , فالكتاب أصبح فاقدا للأهلية بالكامل تجنبا لأي خطاء محتمل , و أصبحنا بحاجة إلى كتاب جديد وسليم بشكل كامل . ذلك لأن أهم المسائل الإيمانية في حياة الإنسان لا يجوز أن تحتمل الشك أو التردد.
    أما بالنسبة للإنجيل فالوضع مختلف قليلا. فالمسلمون يؤمنون بالإنجيل " الكتاب " الذي انزل على عيسى_عليه السلام_ , وانه كتاب نور وهداية مثل توراة موسى والقران الكريم. ولكن هل الإنجيل الموجود حاليا ينال ذلك الشرف ؟. الجواب قطعا " لا ". لأنه_ و باعتراف النصارى أنفسهم _ ليس سوى قصة حياة المسيح بن مريم _عليه السلام_ كتبها من يفترض أنهم أتباعه و تلاميذه , و لم يقل احد من النصارى يوما أن الإنجيل الحالي هو الكتاب نفسه الذي انزل على المسيح _عليه السلام_ مباشرة من قبل الله _سبحانه_, فإنجيل المسيح نفسه غير موجود, فقد اختفى وفقد (سنتكلم عن جميع الاعتراضات على ذلك في الباب الثاني ) .وعليه فإننا عندما نقول أن " الإنجيل حرّف " فإننا نعني بذلك الأناجيل الحالية فقط. فإذا فإن الكتاب الذي يتحدث عنه الله_سبحانه_ في آية [البقرة:113] وفي كل آية في القران يرد فيها لفظ " أهل الكتاب " يقصد به " التوراة " فقط . إذا يتضح تماما أن النصارى يعتبرون " أهل الكتاب " بسبب ارتباطهم بالتوراة, وليس بسبب ارتباطهم بالإنجيل.
    ولأن الأناجيل الحالية نقلت بعض أقوال المسيح _ عليه السلام_ فينظر إليها على أنها أقوال للمسيح النبي (يفترض بها) , وليست على أنها " كلام الله". فيتم البحث عن صحة نسبتها إليه_عليه السلام.
    فإذا اعترض احد قائلا: }ماذا تقول ؟. إن النصارى هم " أهل كتاب" وهو الإنجيل{. نقول له: " أحسنت, استمر... ", فالنصارى " أهل كتاب " وهو الإنجيل, واليهود " أهل كتاب " وهو التوراة, وأتباع إبراهيم " أهل كتاب " فلديهم " صحف إبراهيم ", و المسلمون " أهل كتاب " وهو القران الكريم. ( لفظ "صحف إبراهيم"هنا يقصد بها " كتاب " كما أن لفظ "صحف موسى" يقصد بها التوراة.)
    ولكن السؤال : من هم " أهل الكتاب " الذين يقصدهم الله_سبحانه_ في القرآن الكريم ؟ هل هم أتباع كل هذه الأديان؟؟ . فالجميع " أهل كتاب " ؟؟ و الجواب واضح جدا, وهو أن اليهود و النصارى فقط هم " أهل الكتاب ", وعليه فهناك فارق كبير بين القول " أهل كتاب" وبين " أهل الكتاب ". لقد جاء سوء الفهم من الخلط بين مصطلح " أهل كتاب " و بين مصطلح " أهل الكتاب ", ونحن هنا نوضح للجميع أن "الكتاب" إنما يقصد به " التوراة " فقط, ولذلك فالنصارى يعتبرون " أهل الكتاب " بسبب ارتباطهم بالتوراة, و ليس بسبب ارتباطهم بالإنجيل ( الغير موجود أصلا كما يعترف الجميع ).
    حدود الإيمان الأساسية
    إن المسلم ينظر إلى التوراة _رغم دخول التحريف الواسع عليها_ نظرة خاصة , ليس باعتبارها تحتوى بعض ما يفترض انه معنى لـ " تعاليم الله " , بل بسبب تلك النصوص المتكررة و الملحة التي تمتلئ بها التوراة والتي تدعوا وتؤكد على توحيد الله_سبحانه وتعالى و بعض من صفات الله القدير . صحيح انه يوجد العديد من الصفات التي لا تليق به _سبحانه_ في بعض نصوص التوراة , و ذلك بسبب دخول يد البشر إلى جميع محتوياتها شكلا ومضمونا ( الحقيقة أنها كتبت أصلا بعد الرجوع من بابل) , مما يجعلها غير كاملة القداسة كما يفترض بأي كتاب من الله_سبحانه_, ولكن المسلم يظل يرى فيها بعض آثار التعاليم الصحيحة الموجودة هنا و هناك , برغم حجم التدمير الكبير الذي تعرضت له معاني النصوص شكلا ومضمونا .
    إننا نستطيع إن نرى بوضوح مدى التوافق في العقائد الإسلامية و اليهودية, وخاصة في توحيد الله _سبحانه_ الذي يعد حجر الزاوية في كل رسالة جاءت من السماء , مما يجعل الإسلام و اليهودية الأقرب دينيا من أي دين آخر. و طبعا حديثي هنا عن تلك العقائد التي اقرّها القران الكريم, و سلمت من التغيير في نصوص التوراة.
    أما في ما يتعلق بالنصرانية أو المسيحية كما تعرف اليوم , فالمسلم يؤمن تماما بنبي الله الكريم " عيسى بن مريم"_عليه السلام_ كواحد من الرسل الذين قاموا بواجبهم في دعوة الناس إلى خالقهم , و الدعوة إلى توحيد الله _ سبحانه و تعالى _ التي هي جوهر دعوة كل الأنبياء و المرسلين
    و لكن برغم هذا التوافق الظاهر , فهناك خلافات جوهرية , وحدود أساسية بين تلك الأديان . فالإسلام يختلف مع اليهودية في نقاط أساسية, ويختلف مع المسيحية في نقاط أساسية أكثر.إن المسلم عندما يقول انه يؤمن بموسى _ عليه السلام _ كواحد من أعظم الرسل وببعض معاني نصوص التوراة , ليس معنى ذلك الشهادة للتوراة الحالية بالصحة و بعدم التحريف .إذ أن إيمانه هذا , إنما انطلق من إيمانه بالقران الكريم, وليس انطلاقا من التوراة.
    وبالمثل , فعندما يقول المسلم انه يؤمن بعيسى بن مريم_عليه السلام _كنبي من أنبياء الله_تعالى_, فلا يعني ذلك الشهادة بأنه أكثر من مجرد بشر , و لا يعني أن ما يسمى بـ(العهد الجديد) هو " كلام الله " , فإيمانه بعيسى _عليه السلام_ إنما جاء من إيمانه بالإسلام الذي يعترف به كنبي فقط . إذا وبوضوح شديد, هناك حدود أساسية وفوارق جوهرية بين تلك العقائد في تلك الأديان , برغم بعض التوافق الفكري الظاهر.
    خير وسيلة للدفاع ....الهجوم
    إن احد أهم أساليب التنصير الحديثة , يعتمد في الأساس على إقناع المسلم العادي بإزالة تلك الفروق الجوهرية بين الإسلام والمسيحية و تقريب عقائد المسيحية إليه بشكل يجعلها غير متناقضة _ظاهريا_مع ما يؤمن به المسلم العادي , عبر استخدام نصوص من القرآن الكريم والأحاديث النبوية , وكأن الإسلام قد اعترف بها كما هي بدون الاعتراض عليها . فالمنصرون يستغلون محبة المسلم للمسيح _عليه السلام _ باعتباره احد أنبياء الله_سبحانه_, فينطلقون من هذه المحبة شيئا فشيئا, بحجة أن " زيادة المحبة " لا تضر , حتى يصلون به " نفسيا " إلى القول بان هذه المحبة صارت تقتضي أن ندعوه إلها . و الحقيقة أن "الغلو في المحبة" جريمة كبرى تماما مثل " الغلو في البغض" , فكلاهما انحراف عن الحقيقة التي أرادها الله_سبحانه.
    * إن هذا العمل ( إقناع المسلم البسيط بصحة عقائد المسيحية من القران الكريم والسنة النبوية ) يتطلب وجود عناصر هامة جدا:
    أولا : تجميع تلك النصوص الإسلامية التي تركزّ على العقائد المتوافقة مع المسيحية , سواء من القران الكريم أو من الأحاديث النبوية , و في نفس الوقت ترك النصوص الأخرى التي تؤكد الخلاف .
    ثانيا: تفسير تلك النصوص بأسلوب خاطئ, يجعلها وكأنها تقر بصحة عقائد المسيحية الحالية , مثل أن المسيح اله, وان الكتاب المقدس " كلام الله" وأنه لم يحرّف. وانه لا مبدّل " لكلمات الله ". إن ذلك يعني أيضا استقطاع بعض آراء المفسرين المسلمين من سياقها وتقديمها مبتورة أو بشكل مختلف. واستغلال تأثرهم بالإسرائيليات الموجودة في تفسيرهم لبعض الآيات في القران الكريم .
    ثالثا : وجود المسلم الجاهل , و الذي لديه الاستعداد النفسي لتقبل ذلك . و يتقبل تلك الأبحاث المسيحية على أنها حقائق منطقية. و في نفس الوقت لا يقوم بالبحث حول مدى صحتها, أو حتى ردود علماء المسلمين عليها.
    رابعا : التقليل من أهمية النصوص الإسلامية التي تؤكد جوهر الخلاف بين الإسلام و المسيحية , ومحاولة تفسيرها بطريقة غريبة , بحيث تخرجها تماما عن سياقها ومعناها الحقيقي, وكأنها تتحدث عن مفهوم آخر تماما, بل أن المسيحيون أنفسهم يقولون أنهم يتفقون مع المسلمين في رفض ذلك المفهوم الغريب .
    أود هنا أن أشير إلى نقطة هامة , وهي أن المنصّرين _ وبعد أن يتحقق لهم تشتيت ذهن ذلك المسلم البسيط_ وبعد أن يتأكدوا تماما أنه قد اقتنع بكل تلك الأبحاث و الكتب المقدمة له بهدف جرّه بشكل بطيء إلى المسيحية , فان الخطوة التالية هي تدمير خط الرجوع لديه . فربما تتغير الظروف و يقوم هذا المسلم الجاهل بالبحث عن صحة تلك الأبحاث التي قدمت له و كأنها حقائق, و فجأة يكتشف أنها كانت مزيفة وتحريفا للحقيقة. و بالتالي لم يعد ذلك الشخص " مسلما بسيطا " بل انه قد " فتح عيونه على الحقيقة " وخرج عن دائرة السيطرة و التجهيل. ولذلك وفي مرحلة لاحقة, تتغير هذه المنهجية تماما, من استخدام نصوص القران في مصلحة المسيحية, إلى إقناع المسلم المتنصر حديثا أن القرآن ليس " كلام الله ", وبهذا يتم تدمير خط الرجوع لديه نهائيا.
    إن هذه الأساليب التنصيرية_ في العادة_ لا تتم إلا في البلدان التي يتم فيها الاحتكاك بين الديانتين. والتي يعيش فيها مسلمون ومسيحيون معا في مكان واحد, وهي في الأساس لها هدفين اثنين:
    أ – تثبيت المسيحي, وهو الذي يتلقى هجوما عنيفا من المسلمين على عقائده من خلال استغلال جوانب النقص في الدين المسيحي. ب – إرباك الفريق الإسلامي المهاجم, وإجباره على الانشغال بالدفاع, فيقلل بذلك من قوة الهجوم الذي يشنه على الفريق المسيحي.
    إن الباحثين المسيحيين _في سبيل تحقيق تلك الأهداف_ يدّعون أن القرآن الكريم والأحاديث النبوية قد شهدت للمسيحية بالاتي:
    1- الثالوث المسيحي. 2- ألوهية المسيح. 3- سلامة الكتاب المقدس من التحريف. 4- مفهوم الخطيئة الأصلية.
    و بالمقابل يقوم المسلم بتقديم الشواهد من الكتاب المقدس نفسه على صحة عقائد الإسلام. فالكتاب المقدس يشهد للإسلام بالتالي:
    1- عبودية المسيح و بشريته . 2- تحريف الكتاب المقدس. 3- البشارة بالرسول 4- خصوصية رسالة المسيح لبني إسرائيل فقط.
    لكن السؤال الذي يفرض نفسه : هل يحق لكل فريق استخدام نصوص الفريق الآخر للاستدلال على صحة عقائده ؟؟
    إن المفترض أن كل دين عبارة عن وحدة مستقلة متكاملة من التشريعات و العقائد, وان هذه العقائد إنما يستدل بها من نصوص الدين نفسه التي يعترف بقداستها, وأنه كما قال القران الكريم (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) , ولكن الرغبة في تأكيد الصحة التي لم يقتنع بها الطرف الآخر , تجعل أتباع كل دين يستشهد للفريق الخصم من نصوص الخصم نفسه على صحة معتقداته . أو كما قيل : " من فمك أدينك " .
    و لكن عبارة " من فمك أدينك " إنما يقصد بها تأكيد صحة الدعوى من فم الخصم, بحيث نستخدم نصوصه التي اعترف بصحتها لتأكيد صحة الدعوى المرفوعة ضده. وهنا الإشكالية برمتها, فما هي دعوى الإسلام ضد المسيحية ؟ وما هي دعوى المسيحية ضد الإسلام ؟
    الإسلام يتهم المسيحية و اليهودية في نقطة جوهرية وأساسية, وهي: (" لقد تم تحريف رسالة المسيح _ عليه السلام_ الحقيقية, عن طريق تقديم كتب أخرى غير سماوية غير الإنجيل الحقيقي, وتم تحريف رسالة موسى عن طريق تحريف التوراة شكلا ومضمونا "). يجب أن نلاحظ هنا إن هذا يعني الموافقة أن المسيح و موسى _ عليهما السلام_ كانا رسولين فعلا, ولكن تم تحريف رسالتيهما.
    ومن جانبها فالمسيحية تتهم الإسلام في نقطة أساسية وهي: (" أن الإسلام دين غير سماوي, وأن محمد (ص) ليس نبيا, وان القرآن ليس " كلام الله "). إن ذلك حتما يعني القول بأن الإسلام دين زائف تماما, وان المسلمين غير مؤمنين, وأنهم إلى جهنم إذا لم يعترفوا بصحة العقائد المسيحية الحالية.
    وعليه فعندما يقوم المسلم بالاستدلال من النصوص المسيحية على صحة عقائد الإسلام, فان لذلك ما يبرره , وهو أن الإسلام يدّعي أنه فقط تمت تحريف الرسالة, ولكن المسيح_عليه السلام _ رسول فعلا. وبالتالي فهو يبحث عن تلك الأقوال وتلك البقايا التي لم يطلها التحريف, أو تلك التي حرفت بشكل بسيط , لتؤكد صحة دعواه, و عن الأقوال التي نسبت للمسيح_عليه السلام_ و التي يشهد فيها بأنه مجرد نبي , و ليس أكثر من بشر .
    و لكن ما مشروعية استدلال المسيحي على صحة دعواه من نصوص القران الكريم . فهل يعتقد مثلا أن محمد (ص) هو نبي فعلا ولكن تم تحريف رسالته ؟؟ ولذلك فهناك نصوص من القران الكريم _ مثلا _ بقيت بدون تحريف ؟؟!!. الجواب قطعا " لا ".
    إن المسيحي يؤمن أصلا بأن القرآن ليس كتاب سماويا , وأنه ليس " كلام الله" , وان محمد ليس نبيا . فكيف يستدل على صحة دعواه من نصوص الإسلام, التي من المفترض أنه غير مؤمن بها وبكل محتوياتها.؟؟؟
    و بعبارة أخرى, فأنني عندما أطعن في صحة " أجزاء من وثيقة ما ", يحق لي أن استدل ببعض الأجزاء التي فيها على صحة الدعوى والتي أرى أنها مازالت صحيحة إلى حد ما. ولكن عندما أطعن في صحة " كل أجزاء الوثيقة" وبشكل كامل, فكيف يصح لي حينها_وأنا المنكر لصحتها بالكامل_ أن استشهد بأجزاء منها على صحة الدعوى ؟؟!.
    إن المسيحي هنا يناقض نفسه, ويرتكب خطاء منطقيا منذ البداية. لا يوجد تفسير منطقي لما يقوم به المسيحي من استشهاده بنصوص يرى بأنها كاذبة.
    الشهادة... المفترضة
    هناك ادعاءات كثيرة حول شهادة نصوص القران الكريم والسنة النبوية بصحة عقائد المسيحية . ولكن أكثرها شهرة يتركز في موضوعين رئيسين:
    ا – شهادة القران الكريم و الأحاديث النبوية بألوهية المسيح _ عليه السلام_ وبصحة عقائد المسيحية. (الباب الأول). ب- شهادة القران الكريم و الأحاديث النبوية بعدم تحريف الكتاب المقدس, وبأنه ما زال " كلام الله ".(الباب الثاني).
    إننا سنقوم_بعون الله_تعالى_ باستعراض تلك الشهادات المفترضة في بابين اثنين. وبنفس ترتيب النقطتين السابقتين. وبإذن الله _ تعالى_ سنقوم بوضع النص, ثم الشبهة الذي حدثت بسبب سوء الفهم أو سوء النية, ثم بعدها نأتي بالتفسير الصحيح للنص. و سنبدأ بنصوص القران الكريم ثم بنصوص السنة النبوية الشريفة .


    ================================================== =========================
    الباب الأول
    قبل أن نبدأ باستعراض النصوص, أود أن أشير إلى أساسية في غاية الأهمية, وهي أن ما يلزم المسلم إنما هو " دلالة النص " فقط, وليس رأي احد من الناس. فلا اجتهاد مع النص. وما يهمنا هو معرفة (دلالة النص نفسه) التي نعرفها من خلال الطرق التالية:
    ا – معاني اللغة العربية: فالقران الكريم إنما نزل بلغة العرب, فإذا أردنا معرفة معنى لفظ رجعنا إلى أصله في العربية. وعليه فان أي تفسير يخالف قواعد اللغة العربية, لا يعتد به, و لا يلزم إلا صاحبه. ب – تفسير النص القرآني بنص قراني آخر يوضحه . أي بنص مشابه له في موضع آخر. ج - تفسير النبي_عليه الصلاة و السلام_ عن طريق حديث صحيح روي عنه. د – ملائمة التفسير لسياق النص القرآني: بمعنى أن سياق النص يدل على المعنى الحقيقي للنص, فأي تفسير يخرج عن سياق النص يكون تفسيرا غير مقبول من الأساس. وهذا الشرط لا يرتبط بنصوص القران الكريم فقط, بل بكل النصوص لأي كتاب في العالم.


    ================================================== =========================


    الفصل الأول:المسيح في القرآن الكريم


    س 1 : قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَمَرْيَمُ إِنّ اللّهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرّبِينَ)_[آل عمران: 45].
    الشبهة: يقول المفسرون أن معنى " وجيها في الدنيا و الآخرة " أي نبيا في الدنيا, وشفيعا للناس يوم القيامة. إذا فالمسيح هو " الشفيع الوحيد " للناس يوم القيامة.
    الجواب و التوضيح
    أولا: هذا النص لا يدل من قريب و لا من بعيد على أن المسيح اله , بل يدل (حسب هذا التفسير) أن الله _سبحانه_ يقبل شفاعته فقط.
    ثانيا:القول بأنه شفيع للناس بدون دليل, ولم يقل به أحد من المسلمين أو المفسرين, بل قالوا ( حسب هذا التفسير) انه شفيع لقومه فقط.
    ثالثا: القول بأن المسيح_عليه السلام_ هو " الشفيع الوحيد " خطاء. فقد وردت الكثير من الأدلة الصحيحة _سنعرضها لاحقا_ أن محمد _عليه الصلاة والسلام_ هو الشفيع الوحيد لهذه الأمة. وعليه فالقول بان المسيح هو " الشفيع الوحيد " بغير دليل, ولم يقل به أحد إطلاقا.
    رابعا:أن لفظ " وجيه " في اللغة يعني ( صاحب الرتبة... شريف القوم ) ولم يأت لفظ " الوجيه " في اللغة بمعنى " الشفيع" على الإطلاق
    ا – (وقد وَجُهَ الرجل صار وَجِيها أي ذا جاه وقدْرٍ وبابه ظرُف و أَوْجَهَهُ الله أي صيَّره وجيها ووُجُوهُ البلد أشرافه)_مختار الصحاح. ب- (وفلان وجه القوم، كقولهم: عينهم ورأسهم ونحو ذلك.... وفلان وجيه: ذو جاه.) _ مفردات غريب القران للأصفهاني . ج – ( وجاهة: صار ذا قدر ورتبة..."الوجيه": ذو الجاه, سيد القوم) _ المعجم الوسيط.
    وإنما ظن بعض المفسرون هذا المعنى (الشفيع) , لان عيسى_عليه السلام_ نبي وان وجاهته عند الله _ سبحانه_ قد تعني أن يقبل الله _ سبحانه_ منه الشفاعة في قومه بسبب انه " ذو قدر ورتبه " عند الله_سبحانه_ مثله مثل كل الأنبياء . وهذا ما قاله بعض المفسرين اجتهادا منهم في تفسير تلك " الرتبة و الشرف" لنبي الله_ تعالى_ , علما أن هذا التفسير اجتهاد خاطئ بسبب ورود حديث الشفاعة الصحيح والذي يبين بوضوح أن جميع الرسل يرفضون الشفاعة رهبة من هول ذلك الموقف في ذلك الوقت العصيب , ويقوم بتلك المهمة وحده محمد _ عليه الصلاة والسلام.
    خامسا :أن اللفظ " وجيها " جاء نكرة , فلم يقل " الوجيه" للدلالة على انه الوحيد , بل قال " وجيها " أي أن هناك وجهاء آخرون مثله , فالمسيح _عليه السلام_ ليس الوحيد الذي هو عند الله_تعالى_" وجيها " , بل هناك أيضا أنبياء آخرون , مثل موسى_عليه السلام _ الذي وصفه الله_سبحانه_ بقوله (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىَ فَبرّأَهُ اللّهُ مِمّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللّهِ وَجِيهاً) [الأحزاب: 69] . و الحقيقة أن كل نبي كريم هو" وجيه" عند الله_تعالى_ وهو شريف وسيد على قومه. ولذلك جاء بلفظ " ومن المقربين " نكرة أيضا , أي انه احد المقربين من الله_سبحانه_ , والمقربون كثيرون فهو واحد منهم.
    سادسا:أن هذا التفسير ليس رأي كل المفسرين, بل هناك من فسّره بطريقة صحيحة. تقوم على المعاني اللغوية الصحيحة للفظ : ا –(" عيسى ابن مريم وجيها " أي : ذا جاه وشرف وقدر " في الدنيا والآخرة ومن المقربين " إلى ثواب الله وكرامته)_تفسير الو احدي. ب-( "وجيها ً" أي شريفاً رفيعاً ذا جاه وقدر" في الدنيا والآخرة ومن المقربين" عند الله. )_ تفسير البغوي . ج- (وجيها أي شريفا ذا جاه وقدر ) _ تفسير القرطبي .
    ================================================== ==========================
    س2 : قال تعالى: (وَرَسُولاً إِلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مّن رّبّكُمْ أَنِيَ أَخْلُقُ لَكُمْ مّنَ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَىَ بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّكُمْ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ) [آل عمران الآية: 49].
    الشبهة: أن المسيح بشهادة القران يخلق الطير, وبشهادة القران يحي الموتى. فلا يقوم بهذه الأعمال إلا الله نفسه ؟. ثم أن المسيح يعلم الغيب كما يقول القران.
    الجواب و التوضيح
    أولا: يجب أن تأخذ النص بكاملة , و لا يجوز أن تقطع النص وتأخذ منه ما تشاء فقط , فالنص وحدة متكاملة .
    ثانيا : النص يقول بوضوح أن كل تلك المعجزات إنما حدثت " بِإِذْنِ اللّهِ" , أي أن المسيح _عليه السلام_ إنما فعل ذلك بإذن من الله_ تعالى_ لكنه في الأصل لا يستطيع فعل شيء إذا لم يأذن له الله_سبحانه_ بذلك . فهو شهادة على العبودية و ليس على الألوهية . وهذا ما أكده الإنجيل الحالي, حيث قال المسيح:" أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً ". يوحنا (30:5). فالله _سبحانه_ هو الوحيد القادر على كل شيء , كما روي عن المسيح_عليه السلام_ : (ثُمَّ تَقَدَّمَ يَسُوعُ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. وَقَالَ: «يَا أَبَا الآبُ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ".)_إنجيل مرقس 35:14_36 . و في نص آخر: (وَﭐلْتَفَتَ يَسُوعُ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي)_لوقا 22:10, بمعنى أن كل شيء يعمله من معجزات فهو بأذن الله_سبحانه_ وليس بقدرته الشخصية , وهذا ما كان يؤمن به تلاميذه , يقول بطرس أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ)_(أعمال الرسل 22:2).لقد استطاع إبليس أن يري المسيح_عليه السلام_جميع ممالك العالم, لكن إبليس نفسه يعترف انه قد دفع إليه مثل هذه السلطة : (وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ:« لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ ") _إنجيل لوقا 5:4_6 . فعلى هذا القياس الفاسد فان إبليس يستطيع أن يدعي أيضا انه " الله" _ سبحانه.
    ثالثا : أن النص يوضح أن تلك المعجزة التي حدثت بإذن الله_سبحانه_ إنما كانت في نوع معين من الخلق , وهو خلق " الطيور" وليس خلق كل شيء , فخلق كل شيء لا يقوم به سوى الله_ عز و جل_ وحده , وبدون شريك أو منازع .
    رابعا:المسيح نفسه خلق بنفخة, فكيف يقال انه الخالق. قال تعالى وَالّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رّوحِنَا) [الأنبياء - الآية: 91].
    خامسا: أن الآية توضح أن الشيء الذي كان المسيح_عليه السلام_ يحاول إثباته لبني إسرائيل, هو أنه " وَرَسُولاً إِلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ", فهو لم يقل لهم:" انظروا, إنني الله و أقوم بالخلق". فالنبي إذا أراد عمل معجزة دعا الله_سبحانه_ فيستجيب الله له من أجل أن يصدقه الناس وهذا ما تؤكده الأناجيل: ( فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».وَلَمَّا قَالَ هَذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجاً» فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: "حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ " ) يوحنا41:11_44.
    سادسا: أن هناك العديد من الأنبياء قاموا بمعجزات عجيبة, سواء في الإسلام أو في المسيحية, ولم يقل أحد أنهم آلهة أبدا:
    أ- ففي الإسلام: خلق موسى_ع_ " الحية "من عصا جامدة_بإذن الله_, قال تعالى فَأَلْقَىَ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مّبِينٌ) [الأعراف:107] و أحيا إبراهيم_عليه السلام_ الطيور الميتة بإذن الله ( البقرة 260). بل إن بني إسرائيل أحيوا رجلا ميت , قال تعالى: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ.فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَىَ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ) [البقرة:72_ 73] .
    ب_ في المسيحية : أحيا النبي ( إيليا ) طفلا ميتا : (وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ: [يَا رَبُّ إِلَهِي، لِتَرْجِعْ نَفْسُ هَذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ]. 22فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ فَعَاشَ. 23فَأَخَذَ إِيلِيَّا الْوَلَدَ وَنَزَلَ بِهِ مِنَ الْعُلِّيَّةِ إِلَى الْبَيْتِ وَدَفَعَهُ لِأُمِّهِ. وَقَالَ إِيلِيَّا: [انْظُرِي. ابْنُكِ حَيٌّ!] 24فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لإِيلِيَّا: [هَذَا الْوَقْتَ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَجُلُ اللَّهِ، وَأَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ فِي فَمِكَ حَقٌّ].)_ ملوك الاول21:17_24 . وإذا كان المسيح قد أحيا الموتى وهو حيّ , فقد أحيا ( اليشع) ميتا وهو ميت بنفسه: (20وَمَاتَ أَلِيشَعُ فَدَفَنُوهُ. وَكَانَ غُزَاةُ مُوآبَ تَدْخُلُ عَلَى الأَرْضِ عِنْدَ دُخُولِ السَّنَةِ. 21وَفِيمَا كَانُوا يَدْفِنُونَ رَجُلاً إِذَا بِهِمْ قَدْ رَأَوُا الْغُزَاةَ، فَطَرَحُوا الرَّجُلَ فِي قَبْرِ أَلِيشَعَ. فَلَمَّا نَزَلَ الرَّجُلُ وَمَسَّ عِظَامَ أَلِيشَعَ عَاشَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ)_ملوك الثاني 20:13_21.
    سابعا : أن معجزات الأنبياء ليست دليل على الألوهية , بل ليست دليل على النبوة , فقد قال إنجيل متى لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً)_ متى 24:24, بل إن المسيح قال أن تلاميذه يستطيعون عمل نفس معجزاته , بل وأقوى منها اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضاً , وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا)_ يوحنا 12:14, فالمعجزات العظيمة ليست دليل على الألوهية .
    ثامنا : بالنسبة لمعرفة المسيح_عليه السلام_ ببعض أخبار المستقبل , وإخباره الناس " ما يأكلون و ما يدخرون " , فهو كأي نبي يظهر الله _سبحانه_له بعض الغيب للتأييد قال تعالىعَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىَ غَيْبِهِ أَحَداً.إِلاّ مَنِ ارْتَضَىَ مِن رّسُولٍ)_ [الجن:26_ 27]. ومنهم يوسف_عليه السلام_الذي كان لديه نفس النوع من المعجزات, بإخباره عن ماذا يأكل الناس وماذا يدخرون [ يوسف:46_49]. فالمسيح لا يعلم كل الغيب. فمثلا علم الساعة " يوم القيامة" لا يعلمه إلا الله _سبحانه_قال تعالى يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاّ هُوَ) [الأعراف: 187]. وهو ما يؤكده المسيح نفسه : (وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ)_إنجيل مرقس 32:13
    ================================================== ===============================
    س3: قال تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا وَصَدّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)_ [التحريم: 12]
    الشبهة: إن قول القران" فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا", وفي آية أخرى " وَرُوحٌ مّنْه ُ"[ النساء: 171], يعني أن المسيح هو ( روح من الله), كما ورد في الأحاديث انه " روح الله وكلمته", فالقران وصف المسيح بأنه ( روح الله ), وبأنه ( كلمة الله ). و روح الله ليس مخلوقا, وكلمة الله ليست مخلوقة, فهو ليس مخلوقا, بل هو صفة من صفات الله. وصفات الله غير مخلوقة. وهذااللقبلايصحأنيسمىبهأيمخلوق.


    الجواب و التوضيح
    أولا : لفظ " روح منه" أو "من روحنا " فسر بشكل خاطئ , لان حرف الجر (من) لا يعني " جزء من الله" , بل يعني " جاء من عند الله" , أي أن حرف الجر (من) مصدرية , وليست للتبعيض . بمعنى أن هذه الكلمة و الأمر جاء وصدر من قبل الله_سبحانه وتعالى_ .
    ثانيا: يصف الله خلق آدم _عليه السلام_ مثلما يصف خلق المسيح, قال تعالى:"(فَإِذَا سَوّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر: 29], فهل يعني ذلك أن آدم ( جزء من الله_تعالى_)؟؟. بالطبع " لا". فالله_سبحانه_ نفخ في جسد من الطين ( آدم ) فدبت فيه الحياة , ونفخ في رحم مريم ( البويضة ) فدبت الحياة فيها . فهل يعني أن المخلوق الناتج عن ذلك جزء من الله ؟ أم هو مخلوق من مخلوقات الله_سبحانه_ التي لا تعد و لا تحصى. فلو كان النفخ في رحم مريم جعل ما يخرج منها ( الإبن ) إلها , لكان النفخ في آدم جعل ما يخرج منه (الأبناء) آلهة بالمثل .
    ثالثا : أن لفظ ( كلمة الله ) يشير إلى تلك الكلمة " كن " التي صدرت من الله_سبحانه_ بخلق المسيح_عليه السلام_ قال تعالى: (إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [آل عمران: 59].
    ولذلك وصف خلق عيسى في آية أخرى بأنه (أمر من الله), قال تعالى: (قَالَتْ رَبّ أَنّىَ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: 47] . و معنى ذلك أن الله قال " كن " فكان عيسى بدون الحاجة لسبب مادي. وهذا ما قاله كتاب النصارى المقدس نفسه: (9لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ.) مزامير8:33_9, ويؤكد مرة أخرى : (وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ.)_تكوين3:1 . ثم انظر معي إلى قوله_تعالى_ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىَ مَرْيَمَ)[النساء: 171], فإذا كان المسيح هو الكلمة نفسها كما يدّعون فهذا يعني أن الله_تعالى_ ألقى بالمسيح نفسه على مريم .وهذا لا يصح. بل المعنى أن الله_سبحانه_ ألقى كلمته وأمره " كن" على مريم فكانت النتيجة أنها حملت بالمسيح . فالمسيح كان نتيجة لكلمة الله " كن " , وليس الكلمة نفسها.
    رابعا: أن معنى ( الكلمة) في لغة العرب يعني " لفظ أو جملة " ويقصد بها " الأمر و القانون و الوعد ", و لا تعني على الإطلاق ( شخص) أو ( كائن مادي) واليك أمثلة من استخدام القرآن الكريم للفظ ( الكلمة ) وجمعها (كلمات) :
    1-الوعد بالنصر : "وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ.إِنّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ.وَإِنّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ"_ [الصافات:171_ 173]
    2- رأي واحد ملزم للجميع ومتفق عليه ( قانون=إيمان ): (قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) [آل عمران: 64].
    3- أمر من الله : (أَفَمَنْ حَقّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النّارِ) [الزمر: 19] .
    4- اللفظ أو الجملة :(مّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لاَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً) [الكهف: 5].
    خامسا : أن نسبة شيء إلى الله_ سبحانه_ بالقول " كلمة الله " أو " روح الله " إنما هو إضافة للتشريف , وليس إضافة حقيقية , مثل قولنا " بيت الله " وهو مكة , و لا يعني ذلك أن لله بيت يسكن فيه , ومثل قولنا " ناقة الله " عن ناقة النبي صالح , فلا يعني ذلك أن لله_سبحانه_ ناقة يركب عليها. ومثل وصف إبراهيم _ عليه السلام_ انه " خليل الله ", فلا يعني ذلك أن الله_تعالى_ له صديق يتجاذب معه أطراف الحديث. فهي إضافة تشريف فقط لا غير. لذلك وصف الله_سبحانه_ جبريل عليه السلام بأنه " روح الله " فقال: (فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) [مريم: 17] .
    سادسا :هذه الأوصاف أصبحت مع الوقت تدل على شخص واحد فقط , فإذا قلنا " كلمة الله "عرفنا أن المقصود هو عيسى_عليه السلام_ وإذا قلنا " خليل الله "عرفنا أن المقصود هو إبراهيم_عليه السلام_, وإذا قلنا " رسول الله "عرفنا أن المقصود هو محمد_عليه الصلاة و السلام_ . ولا يعني لفظ " كلمة الله " أن المسيح وحده هو " كلمة الله", بل كل المخلوقات هي " كلمة الله " لأنها جميعا خلقت بنفس الكلمة " كن " فكانت بإذن الله_تعالى_. و لا يعني أن إبراهيم _عليه السلام_ هو وحده "خليل الله" , بل كل الأنبياء هم " أخلاء لله " تعالى, و لا يعني أن محمد_عليه الصلاة و السلام_ هو " رسول الله " فقط , بل كل الرسل هم رسل لله _سبحانه.
    ================================================== =======================
    س4:قال تعالى: (قَالَ إِنّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ لاَِهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً) [مريم - الآية: 19].
    الشبهة: بشر الملاك مريم بولادة المسيح, واخبرها بأنه سيكون " غلاما زكيا " أي طاهر من الذنوب .والإسلام لا يذكر أي ذنب للمسيح و في حديث الشفاعة الشهير , أن محمد ذكر لكل نبي ذنب , ما عدى المسيح لم يذكر له أي ذنب ( راجع السؤال رقم "21") ,ولا يوجد أحد قدوس وخالي من الذنوب إلا الله .
    الجواب و التوضيح
    أولا : أن ما ورد في وصف المسيح _عليه السلام_ بالغلام " الزكي " كان في مرحلة عدم التكليف الشرعي عندما كان غلام , ومعلوم أن الإسلام ينظر إلى الأطفال وغير المكلفين بأنهم بدون ذنب وغير مخطئون , عكس المسيحية التي ترى أن الجنس البشري كله شارك آدم في المعصية , ونلاحظ أن نفس الوصف " زكيا " ورد في قصة الغلام الذي قتله العبد الصالح , الذي علم موسى , قال تعالى: (فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نّكْراً) [الكهف: 74]. فوصف القران الكريم " الغلام " بأنه " نفس زكية" أي طاهرة من الذنوب . ويقصد بذلك أن الصغار غير مكلفين بعد , وأن الله_سبحانه_ قد رفع القلم عنهم .
    ثانيا:وعندما صار المسيح كبيرا (كهل) انظر كيف وصفه الله_سبحانه_ قال تعالى: (وَيُكَلّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصّالِحِينَ) [آل عمران: 46]. ( من الصالحين ) حرف الجر " من " للتبعيض, أي أنه مجرد " رجل صالح ", مثله مثل بقية الصالحين. بل إن المسيح_عليه السلام_ نفسه ينفي عن نفسه حتى مجرد لقب " الرجل الصالح" ويعتبر انه لا يوجد احد صالح ( كامل ) إلا الله_سبحانه_: ( وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ.)_متى 16:19_17
    ثالثا : يؤمن جميع المسلمون أن ] كل بني آدم خطأ وخير الخطائين التوابين [_صحيح الدارمي_ وبما أن المسيح بن مريم إنسان من نسل آدم , فهو أيضا خطّاء , و لكن أخطاء الأنبياء ليست في إبلاغ الرسالة , وليست في الكبائر . فهم معصومون في هذا .
    رابعا: ليس معنى أن الإسلام لم يذكر خطاء للمسيح _عليه السلام_ أن المسيح بدون أخطاء, وبأنه قدوس, فهناك الكثير من الأنبياء الذين لم يذكر الإسلام لهم أخطاء أبدا, مثل (صالح, هود , اليسع, يحيى ), فلم يقل احد يوما أنهم بدون ذنوب, أو أنهم آلهة.

    خامسا: بالنسبة لعدم ذكر أخطاء المسيح عليه السلام, كما ورد في حديث الشفاعة, فان الإسلام أغفل ذكر ذلك من اجل أمور عدة :
    1- احتراما لدعوة جدته: (وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ) [آل عمران: 36]. فإذا ذكر ذنوبه فسيقول بعض الناس: " كيف قال القران أن الله عصمه من الشيطان وهو يرتكب أخطاء ؟ " . ومن الطبيعي أن الأخطاء تأتي من طريقين: احدهما غواية الشيطان . والأخرى: النفس البشرية التي يحملها أي انسان. إلا أن الإسلام اغفل ذكر أخطاءه عموما.

    2- اتهام اليهود له و لأمه_عليهما السلام_ بالفاحشة, قال تعالى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىَ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً) [النساء: 156] ومراعاة هذه النقطة من روائع الأدب النبوي الجم. فإذا ذكرت ذنوب المسيح_عليه السلام_ فاليهود حينها سيقولون : هذا حاله وهو نبي , فكيف بأمه؟ أليست أقرب أن تقع في الخطيئة؟؟!!

    3- أنه_عليه السلام_هو النبي الوحيد الذي لم يكمل حياته بعد, فقد رفع إلى السماء , وسيعود ليعيش مع الناس حتى الشيخوخة, ولذلك أشار الله _سبحانه: (وَيُكَلّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصّالِحِينَ) [آل عمران - الآية: 46] فانظر كيف وصف أثناء صغره بأنه (غلاما زكيا) أي طاهر من الذنوب على أرجح التفاسير, وكيف وصفه عندما صار كبيرا مكلّفا بأنه (من الصالحين), لذلك فقد يقع منه_عليه السلام_ ارتكاب خطاء يتميز به كسائر الأنبيـاء, ولذلك سكت عنه في الحديث.

    سادسا: تميّز النبي محمد _عليه الصلاة و السلام_ عن سائر الأنبياء في هذا الموضوع , بأنه هو النبي الوحيد الذي غفرت له جميع ذنوبه مقدما في أثناء حياته , ولذلك استحق أن يكون الشفيع للناس قال تعالى: (لّيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ مَا تَقَدّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخّرَ) [الفتح : 2].
    ================================================== =====================
    س 5 : قال تعالى: (وَالّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَآ آيَةً لّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 91].
    الشبهة: وصف القران المسيح بأنه"آية للعالمين" أي أن رسالته عالمية, فالقرآن يشهد بعالمية المسيحية, وأنها ليست لبني إسرائيل فقط.

    الجواب و التوضيح
    أولا :لقد وردت الآية السابقة في سورة الأنبياء , وهذه السورة كما يعرف من اسمها , تتحدث عن الأنبياء ونعم الله_سبحانه و تعالى_ عليهم , فقد ذكر إسماعيل و إدريس و ذا الكفل . وذكر أيوب ويونس و زكريا , فكان طبيعيا أن يعرّج على عيسى بن مريم وأمه .
    ثانيا : قوله_سبحانه_: " وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَآ آيَةً لّلْعَالَمِينَ " , و" الآية " في اللغة تعني " العلامة = المعجزة " , يعني معجزة " خلق ابنها " عيسى بدون أب , فهذه المعجزة هي آية للناس على قدرة الله_سبحانه_ على الخلق بدون الحاجة للأسباب التي خلقها , عندما يشاء ذلك. فقد خلق الله_تعالى_ آدم من دون رجل أو امرأة. وخلق حواء من رجل من دون امرأة. وخلق عيسى من امرأة من دون رجل , وبذلك تمت الأمثلة على قدرة الله_سبحانه_ و أصبح خلق المسيح آية للناس , لمعرفة عظمة الله_سبحانه.
    ثالثا : ذكر الله_سبحانه_ انه نجّا فرعون بجسده فقط , حتى يكون آية للناس,قال تعالى فَالْيَوْمَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنّ كَثِيراً مّنَ النّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس: 92]. فعلى هذا القياس الفاسد يمكن أن نعتبر " فرعون" صاحب رسالة سماوية عالمية!!!!.

    ================================================== ======================
    س6: قال تعالى: (إِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَىَ إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمّ إِلَيّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [آل عمران: 55].
    الشبهة: جاء في هذه الآية عدة معاني:

    1- أن المسيح هو الوحيد الذي صعد إلى السماء وهو حي, وهو ما يوافق الإنجيل, و لا يصعد إلى السماء وهو حي إلا الله. 2- أن أتباع المسيح فوق الكفار إلى يوم القيامة, وهذا يعني أن المسيحيون مؤمنون و ليسوا كفارا. 3- ذكر القران أن وفاة المسيح وموته كانت قبل رفعه إلى السماء, وبالتالي صحة الصلب. 4- ذكر القران أن المسيح سيموت وهذا يعني صحة الصلب, فالمسيح لم يمت إلا بالصلب.

    الجواب و التوضيح


    أولا : غير صحيح أن المسيح_عليه السلام_ هو الوحيد الذي صعد إلى السماء , ففي الإسلام عرج بالنبي_عليه الصلاة والسلام_ إلى السموات السبع وهو حي . و في اليهودية و المسيحية صعد النبي إيليا إلى الله _سبحانه_ و هو حي : (وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ)_ ( انظر القصة في ملوك الثاني: 1:2_11). وصعد النبي ( أخنوخ) إلى السماء وهو حي : (24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ)_تكوين 24:5.
    ثانيا: بالنسبة للاعتراض الثاني أن الفعل " َجَاعِلُ " في قوله: "وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَة ِ", هو اسم فاعل في صيغة مستقبلية, بمعنى( سأجعل ). أي بعد فترة من الزمن. وقد جاءت الكلمة (جاعل) في القران الكريم للدلالة على المستقبل البعيد :

    1- قال عن موسى وهو مازال رضيعا : (إِنّا رَآدّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: 7] فكان رسولا بعد عشرات السنين.

    2- قال عن إبراهيم وَإِذِ ابْتَلَىَ إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ قَالَ إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً) [البقرة : 124]. ومعلوم أن إبراهيم صار إماما في الأديان الكبرى(اليهودية والنصرانية والإسلام) وذلك بعد قرون من موته. فهو لم يكن لديه سوى إسماعيل وإسحاق حينها .

    3- قال عن آدم : (وَإِذْ قَالَ رَبّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة : 30] وقد أخبر الله بذلك قبل خلق آدم, ولم يتحقق هذا الوعد إلا بعد العديد من الأحداث من خلق آدم إلى سكنه في الجنة , إلى خلق حواء, إلى معصيته وإغواء الشيطان ,
    ثم توبته وهبوطه إلى الأرض. والله اعلم كم استغرق هذا الأمر من سنين أو قرون. فاليوم الواحد عند الله كألف سنة مما نعد.
    ثالثا :فإذا عرفنا البعد الزمني لمعنى (جاعل) عرفنا أن سؤ الفهم نتج عن الفهم أن المسيحيون هم أتباع المسيح , فالإسلام لا يرى ذلك .إذ أن أتباع المسيح هم المسلمون , فالمسلمون يؤمنون أن رسالة المسيح هي الدعوة إلى توحيد الله , قال تعالى_على لسان عيسى_: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ) [المائدة: 117] .و لذلك فالمسلمون هم أتباع رسالة المسيح_عليه السلام_ الحقيقية. فالمسيحيون وإن ادعوا أنهم أتباع المسيح, إلا أنهم كاذبون في دعواهم _ من وجهة نظر الإسلام_. ألا يرى النصارى أن اليهود يدّعون أنهم أتباع موسى, ولكن النصارى لا يسلمون لهم بذلك , فهم يقولون لهم: ( لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كلاَمِي؟) _ يوحنا 46:5_47
    رابعا: يقول الله _سبحانه_ عن النصارى : (وَمِنَ الّذِينَ قَالُواْ إِنّا نَصَارَىَ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) [المائدة: 14] . واضح من الآية أن الله _سبحانه_ يذمهم بسبب نسيانهم لميثاق الله , ولذلك جعل بينهم العداوة و البغضاء الى يوم القيامة , أما آية( آل عمران) فتتحدث عن أتباع المسيح الحقيقيون المسلمون .

    خامسا: تتحدث الآية الكريمة عن ثلاث مراحل ( الوفاة و الرفع إلى السماء والتطهير), أما بالنسبة للوفاة فقد تحدث عدد غير قليل من علماء المسلمين أن الوفاة هنا تعني " النوم" مستدلين بقوله تعالى : (اللّهُ يَتَوَفّى الأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ الّتِي قَضَىَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُخْرَىَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ) [الزمر: 42]. والبعض فسرها على أنها الوفاة من الدنيا, بمعنى "استوفى أيامه في الدنيا ". ولكن الوفاة تعني أيضا " الموت ".
    سادسا: بالنسبة للاعتراض الثالث , فسوء الفهم حدث بسبب ظن المعترض أن " الواو" في الآية الكريمة تفيد الترتيب بين المراحل الثلاث. وهذا غير صحيح , فـ"الواو" في اللغة لا تفيد الترتيب, إنما التي تفيد الترتيب هي " ثم " و " الفاء" . ومما يدل على أن " الواو" في الآية لا تفيد الترتيب أن التطهير جاء كمرحلة بعد الرفع, وهو ما لا يصح, فالأصل انه طهره ونجاه من القتل بيد الكفار, ثم رفعه بعد ذلك. فـ " الواو" في اللغة لا تفيد ترتيب الأحداث أو الأشخاص. وقد علمنا من الآيات السابقة أن الإسلام يرفض " نظرية الصلب " وجميع نتائجها الوثنية.
    سابعا: وعلى افتراض أن المسيح_عليه السلام_ قد طهره الله من القتل ومات موتا طبيعيا ( ولم يصلب) , فلا إشكال من عودته مرة أخرى وموته مرة أخرى كذلك. فالمسيح _عليه السلام_ لن يكون أول إنسان مات مرتين في حياته. فها هو " اليعازر" الذي كان ميتا في القبر لمدة أربعة أيام , وأحياه المسيح بإذن الله (يوحنا 34:11_44), قد قام وعاش فترة من الزمان, ثم مات مرة أخرى بعد ذلك بالتأكيد . وإذا أنكرنا أن "اليعازر" كان ميتا فعلا , فقد أفرغنا المعجزة من معناها . و بالتالي لا اعتراض على القول بموت المسيح مرتين أيضا.
    ================================================== =======================
    س 7 :قال تعالى: (قَالَتْ أَنّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً) _ [مريم: 20]
    الشبهة: قول مريم " لم يمسسني بشر" يعني أن المسيح ليس من البشر .
    الجواب و التوضيح
    أولا : أن سؤال مريم _ عليها السلام_ هو" كيف ألد غلاما وأنا لم أتزوج و لم يمسسني رجل أبدا , ولم أكن يوما بغية في بني إسرائيل" ولا يعني قولها أنها أو ابنها ليسوا من البشر , فهي خلقت من بشر , رجل وامرأة , فهي بشرية. وابنها خلق منها, فهو بشري أيضا.
    ثانيا : ورد في إنجيل لوقا نفس القصة فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ )_ لوقا 34:1 ؟؟!!!


    ================================================== ===========================


    س 8 :قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّخِذُونِي وَأُمّيَ إِلَـَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ) [المائدة: 116].

    الشبهة: لقد اعترض القران على عقيدة طائفة تدعى ( المريمين) , وهذه الطائفة كانت موجودة في زمن النبي محمد , وهم يعتقدون أن المسيح وأمه الهين من دون الله . و على هذا فالإسلام لا يهاجم المسيحيين اليوم الذين يقولون أن ( المسيح ) فقط هو الله.

    الجواب و التوضيح


    أولا: لقد قلنا أن الباحث المسيحي يأتي ببعض الآيات ويخفي أخرى, فهو غير أمين في النقل.

    ثانيا : ناقش الله _سبحانه_ العديد من عقائد فرق النصارى المتنوعة , فمنهم من يقول أن المسيح وأمه الهين , وهم بعض الكاثوليك وخاصة في القرون الوسطى , وقد كذبهم واعتبرهم غير مؤمنين في هذه الآية. ومنهم من يقول أن الله_تعالى_ ثالث ثلاثة, وهم أتباع المرقونية , وقد كذبهم واعتبرهم أيضا غير مؤمنين, قال تعالى: (لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) [المائدة: 73]. ومنهم من يقول أن المسيح هو الله_ تعالى _ وهم معظم المسيحيون اليوم , فكذبهم و اعتبرهم غير مؤمنين , قال تعالى: (لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَآلُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمّهُ وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً) [المائدة: 17] .إذا فالمسالة ليست كما يعرضها المسيحي الذي ينقل بعض الآيات ويخفي آيات الأخرى, فقد اخبرنا الله_سبحانه_ أن جميع تلك المذاهب كافرة.
    ================================================== =============================
    س 9:قال تعالى: (وَلاَ تُجَادِلُوَاْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوَاْ آمَنّا بِالّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـَهُنَا وَإِلَـَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [العنكبوت: 46].

    الشبهة: يعترف الإسلام أن المسلمون و المسيحيون يعبدون اله واحدا ( وَإِلَـَهُنَا وَإِلَـَهُكُمْ وَاحِدٌ ) و بالتالي فالمسيحيون ليسوا كفارا.

    الجواب و التوضيح



    أولا : يؤمن المسلمون أن الله_سبحانه_ هو رب العالمين , واله الناس أجمعين . وبالتالي فالله_سبحانه_ هو اله المسلمون واليهود و المسيحيون والهندوس...الخ. فلا يوجد للمسلم اله خاص, ولا يوجد للمسيحي أو اليهودي اله خاص, فالإله واحد, وهو الله_تعالى.
    وان عبد الناس آلهة أخرى, فلا يعني ذلك أنهم آلهة فعلا, فلا اله إلا الله.

    ثانيا: لم يقل الله_سبحانه_ أن المسيحيون والمسلمون " يعبدون إلها واحدا ", لم يقل ذلك أبدا. بل قال انه عند مناقشة أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ناقشوهم بالحوار الهادئ و بأسلوب حسن , وقولوا لهم أنكم تؤمنون بالكتب السماوية التي نزلت عليكم وعليهم , وان الله _ سبحانه_ هو اله لنا جميعا , فعندما نتذكر جميعا أننا عبيد لله _سبحانه_ , وأننا نهدف أن نكون جميعنا مسلمين له , فهذا يهدئ النفوس ويلطّف جو الحوار . فالمسلم يؤمن أن الإله واحد للجميع , و المسيحيون كذلك , ولكنهم يقولون أن الله _تعالى عما يقولون _ ظهر في جسد المسيح وصار المسيح هو الله . ثم ضموا الروح القدس إليهما فصاروا ثلاثة, ثم قالوا أن هؤلاء الثلاثة هم واحد, وواحد في ثلاثة.

    والكفر هنا في كلمة ( ثلاثة) وليس في كلمة ( واحد ), ولذلك حذّرهم الله _ سبحانه_ وأنذرهم بان يتركوا كلمة ( ثلاثة) مهما حاولوا تخفيف معناها : ( وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لّكُمْ إ) [النساء: 171] , فالله _ سبحانه_ لم يقل أنهم يقولون ( ثلاثة آلهة ) , بل نهاهم مطلقا عن استخدام هذه الكلمة عندما يصفون الله_سبحانه_ , لأنها لا تليق به , فأصدق ما وصف به الله _سبحانه و تعالى _ هو انه إله واحد . كما قال المسيح_عليه السلام_ وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ. وَالَّذِي أَرْسَلْتَهُ:يَسُوعَ الْمَسِيحَ ) يوحنا3:17 , لكنهم مازالوا يقولون عن الله _ سبحانه وتعالى _ أنه ( ثلاثة في واحد , وواحد في ثلاثة ) .

    ثالثا : إذا كان المقصود حسب هذا القول الفاسد أن المسيحيين يعبدون الله الواحد كما يعبده المسلمون , وان كتب النصارى الحالية هي كتب من الله _ سبحانه_ , فلماذا أمرنا الله بالجدال معهم؟ . فعلى ماذا نتجادل بعد ذلك ؟

    ================================================== =========================
    س 10 : قال تعالى: (مّا يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزّلَ عَلَيْكُمْ مّنْ خَيْرٍ مّن رّبّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [البقرة: 105].

    الشبهة: هنا يفرّق القران بين أهل الكتاب والمشركين.ونفس المعنى في [المائدة: 82] فالمسيحيون عندما يعبدون المسيح ليسوا مشركين.

    الجواب و التوضيح


    أولا : معنى لفظ " المشركين" في الشرع : الذين يعترفون بالله _سبحانه_ ولكنهم يعبدون آلهة أخرى معه . وقد أشتهر كفار قريش كأحد أشهر المشركين في التاريخ. و معنى لفظ " كافر ": الجاحد, وهو في الإسلام كل من أنكر فكرة أساسية من منظومة العقائد الإسلامية التي دعا إليها النبي العظيم محمد ابن عبد الله وأجمع عليها المسلمون. ولكن _وبرغم هذا الفارق_ فالكافر كافر سواء كان مشركا أو من أهل الكتاب . فاليهود ليسوا مشركين , بل موحّدون أفضل من النصارى, لكنهم كفّار بسبب جحودهم برسالة محمد ( عليه الصلاة و السلام).و النصارى ليسوا مشركين (على قول بعض أهل العلم) لكنهم كفار لنفس السبب. والنصارى أنفسهم يقولون عن اليهود و المسلمين أنهم كفار , برغم أننا غير مشركين .فالكفر عدة أنواع وعدة أديان, ولكن في النهاية " الكفر ملة واحدة ".

    ثانيا : انظر الى قوله تعالى " مّا يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " تعرف أن أهل الكتاب منهم من دخل الإسلام , ومنهم من ظل كافرا. فالإسلام لم يقل أبدا أن النصارى وهم يعبدون المسيح هم مؤمنون. بل كل من عبد غير الله_ سبحانه _ من بشر أو مادة _لأي سبب كان _ فهو كافر .
    ================================================== ====================
    س 11 :قال تعالى: ( قُتِلَ أَصْحَابُ الاُخْدُودِ .النّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ .إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ.وَهُمْ عَلَىَ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ.وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج:4_ 8] .

    الشبهة: يقول المفسرون حول هذه الآية, أن ملك اليمن اليهودي أراد أن يجبر النصارى على ترك المسيحية, ودخول اليهودية, وقد شهد لهم القرآن بأنهم مؤمنون بالله.

    الجواب و التوضيح



    أولا: اختلف المفسرون حول منهم أصحاب الأخدود ؟, وأين عاشوا ؟ . فمن المفسرين من قال في اليمن, ومنهم من قال بالشام, ومنهم من قال بفارس, ومنهم من قال بالحبشة. لكنهم اتفقوا على أنهم قوم مؤمنون.

    ثانيا: لم يرد في الآية الكريمة ما يحسم ذلك الخلاف, لان القرآن الكريم يسرد القصة للعبرة وليس للغرق في تفاصيلها كما يفعل الكتاب المقدس. فإذا عرفنا أن الله _سبحانه_ أرسل في كل أمة رسول, ازداد الغموض في تحديد هويتهم . فمن يذكر في ذلك شيء فليس سوى اجتهاد شخصي غير ملزم.

    ثالثا: و حتى لو صح أنهم من نصارى اليمن. فالجميع يعلم أن النصارى طوائف وفرق كثيرة . ومنهم طائفة الموحدّون. وهم الذين يقولون بأنّ المسيح_عليه السلام_ مجرد بشر. و أن لا اله إلا الله . ومنهم القديس ( آريوس ) رحمه الله_ تعالى _في القرن الرابع ,
    و بالتالي فالآية الكريمة تتحدث عن هؤلاء الموحدّون من النصارى الذين يؤمنون بالله العزيز الحميد . وقد جاء ذكرهم في صحيح
    مسلم في حديث الغلام المؤمن , ويظهر تماما من القصة أنهم مؤمنون بتوحيد الله _سبحانه_ . الجدير ذكره أن المسيحيون الموحدون
    لا زالوا موجودون الى يومنا هذا , مثل طائفة الموحدّين الأمريكيين , وطائفة شهود يهوه , وطائفة العلم المسيحي , وكنيسة الله المسيحية , وكلهم مسيحيون يؤمنون بالكتاب المقدس , لكنهم يرفضون عبادة المسيح_عليه السلام_.
    ================================================== =========================
    س 12 : قال تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذّبُوهُمَا فَعَزّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوَاْ إِنّآ إِلَيْكُمْ مّرْسَلُونَ) [يس:13_ 14].

    الشبهة: قال المفسرون أن الرسل هم رسل المسيح. وأنهم يوحنا وبولس وبطرس . وكتبهم التي معنا تشهد للمسيح . ثم أن المسيح
    يرسل الرسل إلى القرى دلالة على عالمية رسالة المسيح , وعلى ألوهية المسيح .

    الجواب و التوضيح



    أولا : اختلف المفسرون حول تفسير هذه الآية .فقد رفض ابن كثير هذا التفسير . وذكره آخرون . وليس لهم من دليل سوى تأثرهم بالإسرائيليات من أهل الكتاب. فالقرآن لا يذكر أن ذلك تم في عصر المسيح , ولا في فلسطين .

    ثانيا: كما قلنا في الآية السابقة, لم يرد في الآية الكريمة ما يحسم ذلك الخلاف, لأن القران الكريم يسرد القصة للعبرة وليس للغرق في تفاصيلها. فإذا عرفنا أن الله _سبحانه_ أرسل في كل أمة رسول, ازداد الغموض في تحديد هويتهم . فالمساءلة اجتهاد شخصي فقط.

    ثالثا: أخطئ أصحاب هذا التفسير من أن الرسل هم رسل المسيح, وان المرسل هو المسيح_عليه السلام_ , وذلك للأسباب الآتية:

    ا – عدم وجود دليل صحيح على القول بهذا التفسير . ولذلك تجد من أخذوا به يقولون عند تفسيرهم " قيل أن...وقيل.." .

    ب- هذا التفسير يدّعي أن الرسل ذهبوا بتوجيه مباشر من المسيح, ثم عادوا واخبروه أن القرية رفضتهم فأرسل شخصا ثالثا, وهذا غير صحيح. لأن رحلات التبشير الأولى التي قام بها بولس وغيره , إنما كانت بعد صعود المسيح إلى السماء , وبالذات بولس الذي لم يدخل في المسيحية إلاّ بعد رفع المسيح.

    ج – أن الله_سبحانه_ أوضح أن المسيح أرسل إلى بني إسرائيل فقط كما قال تعالى وَرَسُولاً إِلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ) [آل عمران49], والأناجيل تخبرنا بصراحة أن المسيح_عليه السلام_ لم يرسل أحدا إلى خارج منطقة اليهودية التي عاش فيها, وحتى مدينة السامرة القريبة جدا رفض أن يذهب إليها أو أن يرسل احد إليها, وكان يؤكد انه مرسل فقط إلى بني إسرائيل هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا,وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا.بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ) متى 5:10_6 . و هو يبرر ذلك بقوله: (لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ )_متى 24:15. بينما أنطاكية ( أنطاكية بيسيدية أو أنطاكية السورية ) تبعد كثيرا عن منطقة المسيح_عليه السلام _, وكان أهلها وثنيون من إغريق ورمان وفينيقيين سوريون , وليسوا من بني إسرائيل , صحيح أن بها بعض اليهود, لكن النص يقول أن الرسل أرسلوا إلى " أصحاب القرية" , وليس إلى أقليّة عرقية فيها .

    د – يخبرنا الله_سبحانه_ أن أصحاب تلك القرية , كانوا في الأساس مؤمنون بوجود الله . قال تعالى: (قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرّحْمَـَنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ تَكْذِبُونَ) [يس: 15] ولكنهم فقط لم يصدّقوا أنهم رسل . وبتالي ليست مدينة أنطاكية المزعومة لأن معظم سكان أنطاكية كانوا رومانا أو أغريقا وكان أغلبهم وثنيون يعبدون الأصنام, وآلهة أسطورية.

    هـ أن هذه القرية التي رفضت الرسل دمرها الله _سبحانه _ قال تعالى: (وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىَ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مّنَ السّمَآءِ وَمَا كُنّا مُنزِلِينَ .إِن كَانَتْ إِلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) [يس:28_ 29] . أما أنطاكية فيشهد التاريخ أنه لم يصبها أي مكروه , بل قام سكانها النصارى بمساعدة النصارى في القدس الذين واجهوا مجاعة في ذلك الزمان. ولم تدمر أو تهلك . وبالتالي فليست هي المقصودة
    ================================================== =================

    س13 : 1- قال تعالى وَقَفّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً)_[الحديد: 27].

    2- وقال تعالى: (لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مّوَدّةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّا
    نَصَارَىَ ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) [المائدة: 82].

    3-وقال تعالى: (لَيْسُواْ سَوَآءً مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَآءَ اللّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) [آل عمران: 113].

    الشبهة: شهد القرآن للنصارى بحسن الأخلاق، مما يدل على تأثير المسيحية في أخلاق تابعيها, وشهد للمسيحيين بالمودة والرأفة والرحمة و الحياة التقية الصالحة والعبادة وخشية الله، ووصفتهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمسارعة في عمل الخير.

    الجواب و التوضيح



    أولا: لقد سبق و قلنا أنه من الخطاء بتر النصوص, وعدم ذكر كامل السياق. لان ذلك تحريفا للآيات. إنهم أشبه بمن يستدل على تحريم الصلاة بقوله_تعالى_ ( ويل للمصلين), ولا يكمل ( الذين هم عن صلاتهم ساهون), لأنه لو أكملها فسيظهر كذبه, وزيف كلامه.

    ثانيا: بالنسبة للآية الأولى (الحديد: 27), فيجب إكمالها حتى نعرف معناها وسياقها . وتكملتها هي : (وَقَفّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاّ ابْتِغَآءَ رِضْوَانِ اللّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد: 27].فالآية تخبر أن أتباع المسيح كان فيهم مؤمنون, ولكن أغلبهم فاسقون .

    ثالثا: الآية الثانية (المائدة: 82), تتحدث عن " المودة " وليس عن " الإيمان والعقائد ", وتقول أن النصارى هم أقرب في المودة للمسلمين من اليهود, ويعلل الله _ عز وجل _ ذلك بقوله ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ). أي أن النصارى وإن كانوا في الأصل كفّار, لكنهم أقرب مودة للمسلمين, والدليل على ذلك أن منهم قسيسين ورهبان دخلوا في الإسلام, لأن قلوبهم رقيقة, أفضل من أصحاب القلوب القاسية( اليهود). ثم توضح الآية من هم: (وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرّسُولِ تَرَىَ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ مِمّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ يَقُولُونَ رَبّنَآ آمَنّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ)_[: المائدة: 83].فالآية تتحدث عن الذين آمنوا برسول الله (ص) وليس جميع النصارى.

    رابعا: أما الآية الثالثة (آل عمران: 113), فيجب أن نأتي بسياقها لنفهم عن ماذا تتحدث. وسياقها كالتالي:

    أ‌- (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران: 110]. تخبرنا الآية أن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) غير مؤمنين وأنهم لو آمنوا لكان خيرا لهم , ومع ذلك ففيهم من آمن بالنبي_عليه الصلاة والسلام _, ولكن يظل أكثرهم فاسقون .

    ب_ ( لَن يَضُرّوكُمْ إِلاّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلّوكُمُ الأدُبَارَ ثُمّ لاَ يُنصَرُونَ) [آل عمران: 111] انتقل الحديث هنا فصار عن اليهود فقط, لأنهم كانوا في حرب مع الرسول_عليه الصلاة و السلام_, أما النصارى فلم تقم حرب معهم أثناء حياة الرسول (ص).

    ج- (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذّلّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوَاْ إِلاّ بِحَبْلٍ مّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مّنَ النّاسِ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [آل عمران: 112]. هنا يستمر الله_ سبحانه_ في فضح اليهود , بأنهم سيعيشون في ذلّة وخوف طول عمرهم (وهو ما أثبته التاريخ فعلا) , إلا تلك الفترات التي يأذن بها الله_سبحانه_ ويجعل لهم من الناس و الشعوب من يقف إلى جانبهم لفترة وجيزة (كما تفعل أمريكا الآن) , ثم يبين _ سبحانه_ سبب ذلك العقاب المفروض عليهم , وهو أنهم يكفرون بآيات الله ,ويقتلون الأنبياء , وأتباع الأنبياء ( كما يحصل في فلسطين الآن) , فهو بسبب معاصيهم . وأرجوا أن تلاحظ عزيزي القارئ أن سياق الحديث الآن أصبح عن اليهود فقط, ولم يعد يتحدث عن النصارى, فاليهود هم من يطلق عليهم ( قتلة الأنبياء), فهو يتحدث عن تلك الفترات من تاريخ اليهود التي قتلوا فيها الأنبياء, وكفروا بآيات الله _سبحانه_(ذَلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) فسياق النص يتحدث عن اليهود وكيف تعاملوا مع الأنبياء .

    د- ثم جاءت الآية لَيْسُواْ سَوَآءً مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَآءَ اللّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)[آل عمران: 113], يخبرنا الله_سبحانه_ أن اليهود برغم ما فعلوه في حق الأنبياء , وبرغم عصيانهم , إلا انه قد كان منهم المؤمنون , وان هؤلاء المؤمنون كانوا مثالا للتقوى وخشية الله . فقد كانوا يقومون الليل للصّلاة, ودراسة التوراة, أو الزبور. وكانوا يقيمون الصلاة ويسجدون لله
    .هذا هو سياق الآيات . إذا فالحديث كان عن اليهود سابقا , وعن فترة زمنية مضت. فاليهود و النصارى اليوم ليس في عبادتهم قيام الليل, وليس في صلات هم السجود على الإطلاق.

    خامسا: صحيح أن النصارى هم الأقرب مودة للمسلمين, واليهود أشد عداوة. لكن الآية تتحدث عن مدى التعاطف, ولا تتحدث عن الإيمان و العقائد فلو أراد الإيمان لقال بوضوح " أقربهم إيمانا ".================================================== =======================
    س 14:قال تعالى: (الّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقّ إِلاّ أَن يَقُولُواْ رَبّنَا اللّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لّهُدّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنّ اللّهَ لَقَوِيّ عَزِيزٌ) [الحج - الآية: 40].

    الشبهة: قال المفسرون أن الصوامع أماكن عبادة النصارى, والبيع أماكن عبادة اليهود, فشهد القران أن الكنائس يذكر فيها اسم الله.
    الجواب و التوضيح


    أولا: اختلف العلماء في تفسير ما هي الصوامع والبيع و الصلوات, فمرة يقولون أن "البيع" هي أماكن عبادة اليهود, وبعضهم قال أنها أماكن عبادة النصارى, وبعضهم قال أن " الصوامع" هي الأصح, وبعضهم قال أنها " الصلوات"...وهكذا. لكنهم اتفقوا على أنها أماكن عبادة اليهود والنصارى.

    ثانيا : سياق الآيات يظهر المعنى الحقيقي , فالآية التي قبلها تتحدث أن الله _سبحانه_ سمح أخيرا للمسلمين بالقتال للدفاع عن أنفسهم , قال تعالى: (أُذِنَ لِلّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنّ اللّهَ عَلَىَ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحج: 39] . ثم أوضح الله_سبحانه_ حجم الظلم الذي تعرض له المسلمون فقال: (الّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقّ إِلاّ أَن يَقُولُواْ رَبّنَا اللّهُ) . ولذلك أذن لهم بالجهاد للدفاع عن أنفسهم . ثم بيّن الله_سبحانه_ لهم أن الدفاع عن النفس هو سنة كونية منذ خلق الله _تعالى_ الناس , و لولا هذا " التدافع " لكان المؤمنون عبر مراحل التاريخ يتعرضون للإبادة , وهدم أماكن العبادة الخاصة بهم , والتي أمر الله_سبحانه_ بإقامتها للصلاة والذكر . فالله _ سبحانه_ يتحدث هنا عن قانون كوني " التدافع ", ولولا هذا القانون لهمدت أماكن العبادة للمؤمنين السابقين. فهو يوضح للمسلمين الجدد أن القتال و الدفاع عن النفس كان واجبا في الماضي على كل مؤمن. وهو الذي حفظ لهم أماكن عبادتهم . فالآية تشير إلى الفترات الزمنية التي عاش فيها الأتباع الحقيقيون للأنبياء , وكيف أن الله_سبحانه_ يشرح للمسلمين الجدد كم كان مفيدا للمؤمنين السابقين هذا الدفاع عن النفس في حفظ أماكن العبادة . ووجههم أن يتخذوهم قدوة في الدفاع. فهو يتحدث عن تلك الأماكن التي كان يذكر "اسم الله" فيها كثيرا, ولا يتحدث عن كنائس اليوم التي تقام فيها الأغاني في يوم الأحد.

    ثالثا: لو كان المقصود في هذه الآية أن الصوامع هي كنائس المسيحيين اليوم, فسيكون بيع اليهود اليوم مقصودة أيضا, وبالتالي فالجميع يدخل في هذه الآية. وحسب هذا التفسير السقيم فالإسلام يشهد لليهودية أيضا . وهو ما لم يجرؤ اليهود أنفسهم على قوله أبدا !!!.

    رابعا:يرى بعض العلماء أن الضمير في قوله يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللّهِ كَثِيراً) يعود على اقرب الأسماء إليه ( المساجد) حسب قواعد اللغة.
    ================================================== =======================
    س 15:قال تعالى: (بَدِيعُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنّىَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لّهُ صَاحِبَةٌ) _ [الأنعام: 101].

    الشبهة: أنكر القران أن لله ولدا و زوجة ( صاحبة ), وهو يعني التناسل الجنسي. والمسيحيون ينكرون ذلك أيضا . ولكن المسيحيون لا يقولون أن الله تزوج من مريم وأنجب المسيح , فالمسيحيون يرفضون هذا . فالعقيدة المسيحية تعنى بلفظ " ابن الله " البنوة الروحية. أي أن الله اعتبره ابنا له .
    الجواب و التوضيح


    أولا: هناك فهمين لمعنى المصطلح " ابن الله ", معنى حقيقي, ومعنى مجازي, فالمعنى الحقيقي أن نقول أن لله _سبحانه_ ولد حقيقي , أنجبه الله_تعالى عما يقولون_ وهذا الفهم نفاه الله_سبحانه_ بقوله: ( بَدِيعُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنّىَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لّهُ صَاحِبَة ) [الأنعام: 101] .

    ثانيا: المعنى المجازي كأن نقول " ابن السبيل " على الشخص الغريب, ومثل قولنا " ابن البلد " على غير الغريب. فهو معنى مجازي لغوي, يهدف إلى معنى آخر. و لا يقصد حرفيا . بمعنى أن الله يختار من الخلق شخص يطلق عليه هذا اللقب مجازا, بسبب حبّه له, فالنصارى يدّعون أن القصد من لقب " ابن الله " هو المعنى المجازي فقط. ومع ذلك فقد رفض الله _ سبحانه_ هذا النوع أيضا وهو ما أطلق عليه ( الإتخاذ ) في قوله تعالى وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً ) [مريم: 92] فنفى الله_تعالى_ عن نفسه حتى مجرد انه اتخذ ( أي اختار و اصطفى) أيّ بشر ليكون بمثابة الولد أو الابن له . وهذا يذكرنا بملك مصر الذي أراد أن يتخذ يوسف_عليه السلام_ ولدا له , فقال عَسَىَ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتّخِذَهُ وَلَداً) [يوسف: 21] .

    ثالثا: رفض الإسلام فكرة البنوة بالمعنى المجازي لعدة أسباب :
    أ‌- أن الله_سبحانه_ لا يميّز بين عبادة . فالخلق كلهم عبيد له. فهو ليس عنصريا حتى يقرب البعض ويبعد البعض. فمن عمل صالحا قرّبه إليه وادخله الجنة, ومن عمل عملا سيئا أبعده عنه وادخله النار.
    ب‌- أن الله_سبحانه_ غني عن كل شيء , فهو ليس بحاجة لاتخاذ ولد من الأساس .
    ج_قد يفهم بعض الناس المعنى الحرفي للولد , فيقعون في الكفر. فلذلك قطع الإسلام هذه الفكرة من جذورها منذ البداية.
    د_ و حتى لو فهم الناس المعنى المجازي فقط, فسوف يعظّمون صاحب اللقب حتى يصلون به إلى الألوهية, كما فعل النصارى.

    رابعا: أن عبارة " ابن الله" التي أطلقت على المسيح في الأناجيل تعني " الإنسان الصالح " فقط. فقد نقل إنجيل مرقس قول قائد المئة هكذا: (وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هَكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ قَالَ:«حَقّاً كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ!») مرقس 39:15 ونقل نفس العبارة كاتب إنجيل لوقا هكذا فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ بَارّاً!»)_لوقا47:23 . إذا فعبارة " ابن الله " = " الإنسان البار ".

    خامسا: النصارى غير صادقين من أنهم يفهمون لقب المسيح " ابن الله " فهما مجازيا. فهم يخفون عن الناس الحقائق التالية :
    ا – عندما نخبرهم أن لقب " ابن الله " قد أطلق في الأناجيل بمعنى " الشخص المؤمن ". كما قال يوحنا: ( وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُفَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ ) _ يوحنا 12:1. وان هذا اللقب قد أطلق على أشخاص كثيرون , مثل آدم : (آدَمَ ابْنِ اللهِ ) _ لوقا 38:3 , وعندما نخبرهم أن المسيح مثل " آدم " الذي دعي " ابن الله " أيضا , ومثل داود الذي دعي " ابن الله " , يقولون " هناك فرق " !! . وعندما نسألهم مرة أخرى: " ما هو هذا الفرق ؟ " فيردون: " الفرق هو أن " آدم " ابن الله المصنوع, ولكن المسيح ابن الله المولود ". فهم يعتقدون أن الله _تعالى عما يقولون_ ولد المسيح فعلا .

    ب-في قانون الإيمان المسمّى بالأثناسي، ويُنسب إلى أثناسيوس الذي كان أسقف الإسكندرية من نحو سنة 328-373م الذي يؤمن به معظم المسيحيون هكذا لأن الإيمان المستقيم هو أن نؤمن ونقرَّ بأن ربنا يسوع المسيح ابن الله هو إله وإنسان. هو إله من جوهر الآب، مولود قبل الدهور.)_علم اللاهوت النظامي للقس / جيمس أَنِس_ترجمة القس/ منيس عبد النور.

    ج- ورد في إنجيل يوحنا: ( لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ)_ يوحنا 16:3. وهذه الفقرة في المخطوطات اليونانية الأصلية لهذا الإنجيل بهذا الشكل : ( لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ اَلْمَوْلُودُ الْوَحِيدَ). ولكن النصارى قاموا بحذفها من جميع النسخ العربية , وبعض النسخ الانجليزية . خوفا من أن يجد الآخرون عليهم دليلا . ولكن تحت ضغط جماعة ( شهود يهوه ) أعادوا النص إلى بعض النسخ الانجليزية .

    سادسا: أتمنى من أي مسيحي أن يفسر لنا معنى إيمانه أنّ شخص المسيح _عليه السلام_ هو الله وفي نفس الوقت هو ابن الله ؟؟؟!!!
    ================================================== ======================
    س 16 : قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىَ الْكِتَابَ وَقَفّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيّنَاتِ وَأَيّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىَ أَنْفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) [البقرة: 87].

    الشبهة: هذه الآية تشهد للمسيحيين بالتالي:
    أ – ذكر الروح القدس , وهو الذي يؤمن به النصارى انه مع المسيح والأب كونوا الثالوث المقدس .
    ب‌- ذكر القران موسى وعيسى , وقال عن الأول أنهم كذبوه . وقال عن الثاني أنهم قتلوه .فهو يشهد أن المسيح قد صلب و قتل.

    الجواب و التوضيح



    أولا: الروح القدس في الإسلام هو جبريل_عليه السلام_, وهو ملاك يرسله الله مع الأنبياء , وقد نزل بالوحي إلى رسول الله_عليه الصلاة والسلام _ قال تعالى قُلْ نَزّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رّبّكَ بِالْحَقّ لِيُثَبّتَ الّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىَ لِلْمُسْلِمِينَ ) [النحل: 102] .

    ثانيا :قوله تعالى : (وَأَيّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) التأييد يعني " التقوية " أي ( قويناه بملاك ), والله _تعالى_ يؤيد عباده المؤمنون أُوْلَـَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ ) [المجادلة: 22]. وجبريل_عليه السلام_كان رفيق الأنبياء . ينزل بالوحي عليهم, ويقويهم ويعينهم في وقت حاجتهم للمساعدة, وهذا ما أكدته الأناجيل حول المسيح : ( وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ)_ لوقا 43:22_44 .

    ثالثا : لم يذكر الله_سبحانه_ موسى وعيسى فقط , بل ذكر كافة أنبياء بني إسرائيل فقال وَقَفّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرّسُلِ ) وآخرهم عيسى .

    رابعا: القول أن المقصود بالتكذيب ( موسى ) وان المقصود بالقتل ( عيسى) قول غير صحيح, لأن الله _ تعالى_ قال فَفَرِيقاً كَذّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) والفريق لا يكون ( شخص واحد ) , فعندما ذكر كل أنبياء بني إسرائيل , ذكر أن اليهود_ هداهم الله _ كانوا يكذبون مجموعة ,أو يقتلون مجموعة .
    ================================================== ========================
    س 17 : قال تعالى وَمِنَ الّذِينَ قَالُواْ إِنّا نَصَارَىَ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) [المائدة : 14].

    الشبهة: إن القران يتحدث عن النصارى, وربما هم فرقة انشقوا عن المسيحيين فحارب الإسلام عقائدهم. أما أتباع المسيح فقد أطلقوا على أنفسهم اسما مشهورا جدا منذ القدم وهو ( المسيحيون ), ولم يطلق عليهم أحد لقب ( النصارى ). فالمسيحيون هم أتباع المسيح .
    وأخطاء القران في تسميتهم ( نصارى) وكان المفروض أن يقول (ناصريين) نسبة إلى مدينة الناصرة كما قال إنجيل متي 2/23.
    الجواب و التوضيح


    أولا: أن اسم ( النصارى) كان معروفا بين العرب, وكان العرب يطلقونه قبل الإسلام على الذين قالوا أنهم أتباع المسيح وأنهم أهل الإنجيل , فاستخدم الله _سبحانه_ نفس الاسم ليفهم الجميع انه يقصدهم , فالقرآن الكريم إنما نزل بلغة العرب .

    ثانيا: القول أن ( النصارى ) فرقة منشقة عن المسيحية غير صحيح , ولا يوجد أي دليل ديني أو تأريخي على هذا الادعاء الزائف.

    ثالثا: غير صحيحا أن لقب (النصارى) لم يطلق على المسيحيين , بل الصحيح أنهم لقبوا به منذ البداية ,وقبل أن يظهر لقب(المسيحيون) في القرن الثاني في أنطاكية ( أعمال 26:11) , فقد ورد في أعمال الرسل عن بولس وهو احد دعاة المسيحية في القرن الأول :" وجدنا هذا المتهم ( بولس ) مخرّبا , يثير الفتنة بين جميع اليهود في البلاد كلها , وهو يتزعم مذهب النصارى Nazarene " _ أعمال الرسل 5:24 . وتقول دائرة المعارف الكتابية : " ولا يرد هذا الاسم إلا في القرن الثاني ، إذ كان إغناطيوس الأنطاكي هو أول مسيحي يطلق على المؤمنين اسم (مسيحيين) " _ دائرة المعارف الكتابية ( مادة " مسيح_مسيحيون " ) .

    رابعا: أن من أطلق عليهم لقب ( المسيحيون ) ليس المسيح _عليه السلام_ بل أطلقه عليهم الوثنيون بغرض السخرية والشتيمة. و في هذا تقول دائرة المعارف الكتابية: " وحيث أن المؤمنين كانوا يتحدثون دائماً عن المسيح، وأطلق عليهم الاسم " مسيحيون "، ولعلها كانت تنطوي أساساً على نوع من التهكم. و يبدو أن المسيحيين أنفسهم لم يتقبلوا هذا الاسم بصدر رحب في البداية، ولكنه على توالي الأيام، التصق بهم وصاروا يعرفون به. " _ دائرة المعرف الكتابية ( مادة " مسيح-مسيحيون" ).

    خامسا: أن الذين أطلقوا عليهم اسم ( المسيحيون) كانوا يقصدون التهكم بهم والسخرية منهم. والايحاء للناس أنهم خطاء أن تلاميذ المسيح يعبدون المسيح نفسه , جاء في قاموس الكتاب المقدس: " ويرجّح أن ذلك اللقب كان في الأول شتيمة (1 بط 4: 16) قال المؤرخ تاسيتس (المولود نحو 54م.) أن تابعي المسيح كانوا أناساً سفلة عاميين ولما قال أغريباس لبولس: ((بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً)) (أعمال 26: 28) فالراجح أنه أراد أن حسن برهانك كان يجعلني أرضى بأن أعاب بهذا الاسم.. "_ قاموس الكتاب المقدس ( مادة " مسيحي" ). لذلك فالأتباع الأوائل كانوا يرفضون هذا الاسم, لأنه كان يقصد به الشتيمة, واتهامهم أنهم يعبدون شخصية المسيح _عليه السلام_ وهو ما كان يرفضه الأتباع الأوائل بشدة.

    سادسا: أن اسم ( النصارى) هو أشرف لهم وأكرم. لأن لقب ( المسيحيون ) أطلقه عليهم الوثنيون, وبغرض الشتيمة والسخرية منهم.

    سابعا : أن (نصارى) مشتقة من معنى (حارس ومدافع) في العبرية أو الآرامية. أما قول إنجيل متى 2/23 من أن (نصارى) نسبة إلى مدينة الناصرة (وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة. لكي يتم ما قيل بالأنبياء انه سيدعى ناصريا)_ فغير صحيح بالإجماع:

    أ_ فكاتب إنجيل متى ينسب عبارته إلى كتابات الأنبياء في العهد القديم. وهذه العبارة لا توجد على الإطلاق في كل العهد القديم , فهي نبؤة وهمية أخرى. ويعلق التفسير التطبيقي للكتاب المقدس على تلك الفقرة بالقول: (لا يسجل العهد القديم، بصورة محددة، هذه العبارة: "سيدعى ناصريا").

    ب_ بالنسبة لعلم الآثار فهو لا يعترف بوجود مثلهذه القرية الإنجيلية في زمن بعثة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. فهي لم تُذكرقط في العهد القديم ، على الرغم من أن سفر يشوع 19: 10-16 قد ذكر اثنتي عشرة مدينة،وستة قرى من نصيب سبط زوبولون ومع ذلك فلم يعرف شيئاً عن الناصرة، وليس لها وجودفى كتابات الربانيين. كما لم تظهر فى كتابات من كتبوا عن تاريخ وجغرافيا
    فلسطينحتى القرن الرابع الميلادي. فلم يذكرها كل من فيلو الفيلسوف اليهودي السكندري ، كمالم يعرف عنها شيئًا المؤرخ اليهودي يوسيفوس ، فتجده يذكر الكثير عن الجليل (900ميلاً مربعًا) ، إلا أنه لا يعرف شيئًا عن هذه المدينة.فقد ذكر 45 مدينة وقرية فيالجليل من المدن والقرى الهامة وغير الهامة في كتابيه ”الحروب اليهودية“ و”تاريخاليهود“. كذلك تجده يذكر قرية يافا الواقعة جنوب الناصرة على بعد ميل واحد منالجنوب الغربي ، والتي عاش هو نفسه فيها. وجدير بالذكر أن هذين المؤرخين عاصرازمن عيسى عليه السلام. كما لا نجد لها وجود في كل رسائل بولس ، وباقي كتب العهدالجديد التي كتبت قبل زمن تدوين الأناجيل.ولم يعرف التلمود عنها شيئاً ، علىالرغم من أنه ذكر 63 مدينة في الجليل. كذلك لم يظهر اسمها في أدب الربانيين. فتجدأن رسائل الرباني Sollys قد ذكرت يسوع 221 مرة، ولم تذكر الناصرة مرةواحدة. كذلك لم يعرفها أحد من المؤرخين القدماء أو الجغرافيين، ولم يرد ذكرهاإلا ابتداءً من القرن الرابع الميلادي. كذلك لم تذكر في الوثائق المصرية والأشورية والحيثية والآرامية والفينيقية قبل الميلاد.
    ================================================== ============================
    س 18 : قال تعالىإِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنّ اللّهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرّبِينَ) [آل عمران: 45] .

    الشبهة: أن القرآن هنا قد قال " اسمه المسيح " ولم يقل يسمونه، مشيراً بذلك إلى تقرير تلك التسمية من الله دون علاقة البشر بها. و إنهذا اللقب انفرد به المسيح وحده في القرآن دون بقية الأنبياء والمرسلين، فلم يُمنح هذا اللقب السامي نبي سواه، مما يدل على امتياز المسيح الخاص، واعتراف الإسلام له بهذا الامتياز.

    الجواب و التوضيح



    أولا: لا نستطيع أن نفهم من النص أن المقصود من جملة " اسمه المسيح " أن البشر ليس لهم علاقة بتلك التسمية, النص لا يشير إلى ذلك. فعلى سبيل المثال ورد أيضا على لسان المسيح _ عليه السلام _ قوله: (وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف: 6]. فقد اخبرنا أن اسم الرسول القادم " أحمد " , وهو احد الاشتقاقات من الاسم " محمد " الذي أطلقه عليه البشر( أقرباؤه). فقط فأن " يحيى بن زكريا " هو من سماه الله مباشرة (سورة مريم:7) .

    ثانيا: أن لفظ " المسيح " ليس اسما, بل كان لقب. و اختلف العلماء في معناه, فمنهم من يقول أن معناه " المسح بالزيت المقدس " ومنهم من قال أن المسح شيء معنوي, ويعني تعيين الشخص في منصب ديني أو سياسي أو اجتماعي, و كان يسمح الأنبياء والكهنة والملوك. ويطلق على الشخص الممسوح لهذا المنصب لقب " المسيح " وهو بالعبرية " مسيّا " , ولذلك نجد بولس يحاول أن يقنع اليهود أن لقب
    المسيح الذي ورد في التوراة ينطبق على "يسوع " (كان يفحم يهود دمشق بأدلته التي كان يبين فيها أن يسوع هو المسيح)_أعمال22:9
    والمسح بالزيت المقدس من اجل تعيين شخص ما "مسيحا" إنما ظهر في بني إسرائيل بعد عصر "الملوك", ولذلك فان للمسيح الممسوح وظيفتان, دينية "كهنوتية" وسياسية " ملك أو حاكم", فاليهود يقصدون بلقب "المسيح " المخلص الديني والسياسي " ملك اليهود". والمسيح
    عيسى بن مريم عندما بعث نبيا حقق الوظيفة الدينية , ولكنه رفض الوظيفة السياسية "ملك أو حاكم " كما تشير الأناجيل بصراحة.

    ولكنه عند عودته مرة أخرى سيحقق الوظيفة الثانية للمسيح, فيكون "ملكا أو حاكما " ولكن ليس نبيا, فلا نبي بعد الرسول محمد (ص).
    تقول دائرة المعارف اليهودية(Judaism 101Encyclopedia ): " إن كثير من العلماء اليهود المحدثين يروا أن مفهوم المسيا المنتظر لم يظهر إلا في فترة متأخرة من تاريخ اليهودية أثناء زمن أسفار الأنبياء , وان هذا المفهوم لم يرد في التوراة (الكتب المنسوبة لموسى)
    وكلمة المسيح تعنى حرفيا " الممسوح بالزيت " وتشير إلى عادة قديمة حيث كان يمسح الملك بالزيت عندما يعتلى العرش, لذلك فالمسيح المنتظر سوف يمسح بالزيت كملك في نهاية الأيام. ولا تعنى كلمة المسيح مفهوم " المخلص " بالمفهوم المسيحي ولا علاقة له بفكرة الكائن الإلهي الذي يضحى بنفسه من خلاصنا من الخطيئة. فهذه العقيدة المسيحية لا تمت لليهودية بصلة.
    أما المسيح الذي ينتظره اليهود فسيكون قائد سياسي عظيم من نسل داوود وسيكون عليما بالشريعة اليهودية وممارسا لها , وسيخوض معارك وحروب من اجل انتصار إسرائيل. وهو مجرد إنسان, ليس إلها أو شبه اله أو كائن فائق وفى كل عصر وفى كل جيل قد يوجد شخص تتوفر فيه إمكانية أن يكون المسيح, لكن إن مات دون أن يكمل مهمة المسيح المنتظر فان هذا الشخص ليس المسيح" _انتهى.

    ثالثا: ليس صحيحا أن لقب " المسيح " لم يطلق إلا على " عيسى بن مريم " فقد أطلق في الإسلام على " المسيح الدجال " أيضا , أما في المسيحية فيذكر العهد القديم أن هذا اللقب أطلق على الكثير ممن هم قبل المسيح _ عليه السلام_ بقرون كثيرة, ومنهم:
    1- داود :(. بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.) _مزامير50:18
    2- كورش : ( هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَماً وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ.) _اشعياء1:45
    3- كثير من الأنبياء : (لاَ تَمَسُّوا مُسَحَائِي وَلاَ تُؤْذُوا أَنْبِيَائِي.)_ أخبار الأيام الأول 22:16 .

    رابعا: أن جميع الأنبياء رجال صالحون . فبعضهم " مسحاء " وبعضهم " أخلاء لله " وبعضهم " ممن كلم الله " , ومع الوقت صارت لهذه الألقاب دلالة على شخص بعينه . أن لبعض الأنبياء ألقاب مميزة, فموسى " الكليم ", وإبراهيم " الخليل ", وعيسى " المسيح ", ومحمد " الرسول " وهكذا. وكل هذه الأسماء أضيفت إلى اسم الله _ سبحانه_ تشريفا للأنبياء عليهم السلام .فلا يعني تميز أحد الأنبياء بلقب معين أنه صار إلها .
    ================================================== ===========================
    س 19:قال تعالى: (إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [آل عمران: 59].

    الشبهة: من الخطأ البيّن أن يعتبر خلق آدم شبيهاً بميلاد المسيح، وأن يتخذ تلك المشابهة المزعومة دليلاً ينفي ما في ذلك الميلاد من البرهان على امتياز المسيح المبارك. فآدم خُلق خلقاً ولم يولد ولادة. و آدم خُلق من طين، ولم يُذكر عنه أنه كلمة الله وروح منه. و آدم كان ينبغي أن يوجد من غير أب لأنه كان الأب الأول للبشر، أما المسيح فعند ولادته كانت الأرض قد عُمرت من الآباء والأبناء. ثم أن النفخ للخلق تم في جسد آدم , بينما النفخ بولادة المسيح تمت في مريم , فلا يوجد تشابه.
    الجواب و التوضيح



    أولا: الإسلام لا يقول أن هناك تشابه بين المسيح وآدم _ عليهما السلام_ في كل شيء, بل يقول أن طريقة الخلق الغريبة فقط متشابهة.

    ثانيا: ليس المقصود من التشابه طريقة الظهور. فآدم ظهر إلى الدنيا كجسد كامل وبدون ولادة أو مراحل نمو , بينما ظهر المسيح إلى الدنيا بالولادة ومع مراحل النمو المعروفة لكل طفل , ولكن ليس هذا هو المقصود من التشابه بين آدم و المسيح _ عليهما السلام _ , بل المقصود هو أن طريقة خلق كل منهما تمت بدون سبب مادي مباشر. فكلاهما كان شيئا ليس فيه روح إنساني, فآدم كان طينا في رحم أمه الأرض. والمسيح كان بويضة غير ملقحة في رحم أمه مريم . وعندما نفخ الله_سبحانه_ في الطين صار بأمر الله بشرا . وعندما نفخ الله_سبحانه_ في البويضة غير الملقحة صارت بأمر الله بشرا .

    ثالثا: لم يعرف آدم بلقب " روح الله " أو " كلمة الله " و ذلك لتميز كل نبي بلقب اشتهر به. فالمسيح _عليه السلام_ بالمقابل لم يعرف بلقب " أبو البشر ", ولكن في الحقيقة كلنا خلقنا بنفخة من " روح الله ". وكلنا في الحقيقة خلقنا بكلمة الله " كن " . وأضيف اللقب إلى الله _ سبحانه_ للتشريف , فكلنا "روح الله " , وكلنا " كلمة الله " . الم ينسب الله _سبحانه_ آدم إليه فقال فَإِذَا سَوّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر: 29] .ووصف جبريل _ عليه السلام _ بأنه " روح الله " فقال :(فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) [مريم: 17] , فهو " روح الله " وكل مخلوق هو" روح الله ". وكذلك لقب " كلمة الله " , أطلق كلقب تميز به المسيح _ عليه السلام_ , لكن في الحقيقة فالله _ سبحانه _ له " كلمات " كثيرة جدا : (وَصَدّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) [التحريم: 12]. وهذا ما تقوله الأناجيل الحالية فَأَجَابَهُ يَسُوعُ:«مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ)_لوقا 4:4. فكلمات الله_سبحانه_ كثيرة , لدرجة أنها لا احد يستطيع إحصاءها وحصرها, قال تعالى: ( قُل لّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لّكَلِمَاتِ رَبّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) [الكهف: 109] .فكلنا خلقنا بأمر الله " كن " , لذلك فكلنا " كلمة الله " .

    رابعا: بالنسبة للتشابه في " النفخ ", فهو تشابه حقيقي. فآدم قبل أن تدب الروح فيه كان جسدا بدون روح , فلما نفخ الله _سبحانه _ فيه صار إنسانا حيا. والمسيح قبل أن تدب الروح فيه كان بويضة غير ملقحة في رحم مريم . فلما نفخ الله _سبحانه _ فيها صارت إنسانا حيا. إن الله _تعالى_ لم ينفخ في جسد مريم , بل في رحمها ( الفرج) , و " الفرج " في اللغة يذكر ويؤنث ومن هنا جاء سوء الفهم لدى النصارى في الآية : (وَالّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَآ آيَةً لّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 91] , ففهموا أن الضمير في
    " فَنَفَخْنَا فِيهَا " يعود على مريم . وهو خطاء. والحقيقة انه يعود على اقرب الأسماء إليه وهو " الفرج " وليس على مريم. وحتى لو كان الضمير عائد على مريم , فان ذلك من باب إطلاق الشيء على الكل ويراد به الجزء. أي أن يقال " نفخ في مريم " , وليس المراد كل جسد مريم , بل في جزء منها وهو " الرحم". ولذلك أوضح الله_سبحانه_ هذا المعنى بشكل نهائي في آية أخرى بقوله _عز و جل_ :(وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا وَصَدّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)_ [التحريم: 12].

    خامسا : لو كان المقصود أن الله _ تعالى_ نفخ في جسد مريم (رحمها) فصار الخارج منها (ابنها) إلها , فعلى ذلك فأبناء آدم هم أيضا آلهة , لان الله_سبحانه_ نفخ في جسد آدم أيضا , على هذا القياس الفاسد.
    ================================================== ===========================
    س 20:قال تعالى:1- (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدّقُونَ)_ [الواقعة:57].2- (نَحْنُ نَقُصّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ)_ [يوسف:3]. 3- (إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ) [الحجر: 9].

    الشبهة: إنالقرآن يتفق مع الكتاب المقدس في إسناد الفعل، وضميرالمتكلم في صيغةالجمع إلىالله. وعليه فإننالانخطئ إذا اعتبرناعقيدة التثليث موافقة لإسناد ضميرالجمع إلى الله في القران. أن ضمائرالجمع التي تكلم الله بها عن نفسه في القرآن مثل : إنا،ونحن، وناالفاعلين، تدل على ثلاثةآلهةأحدهمالمسيح .
    الجواب و التوضيح


    أولا: من العلوم أن ضمائر الجمع في اللغة إما أن تعبر عن أكثر من اثنين, و إما أن تعبر عن الواحد ويراد بها إظهار القوة و العظمة.

    ثانيا: منسننالعربمخاطبةالواحد بلفظالجمعفيقالللرجلالعظيم: انظروافيأمري. وكأن يقول احد الملوك :" صدر أمرنا بكذا...", فالضمير هنا ليس معناه أن للملك شركاء في الملك, بل هدفه إظهار عظمة الملك وقوته. فإذا عرفنا أن الله_سبحانه_ واحد لا شريك له .عرفنا حينها أن المقصود بها التعبير عن عظمة الله_سبحانه وتعالى_ وقوته .

    ثالثا: هناك العديد من الأمثلة في القران الكريم لضمائر الجمع للدلالة على تعظيم الفرد الواحد:

    أ_ ذو القرنين : قال تعالى قَالَ أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذّبُهُ ثُمّ يُرَدّ إِلَىَ رَبّهِ فَيُعَذّبُهُ عَذَاباً نّكْراً) [الكهف: 87].
    ب_ النبي سليمان : قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَأَيّهَا النّاسُ عُلّمْنَا مَنطِقَ الطّيْرِ) [النمل: 16]

    رابعا: استخدم كتاب النصارى نفس الأسلوب بشكل واضح ومتكرر. في عهديه القديم و الجديد. ومن ذلك ما قاله " بولس " عن نفسه : ( لِذَلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَأْتِيَ إِلَيْكُمْ أَنَا بُولُسَ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ. وَإِنَّمَا عَاقَنَا الشَّيْطَانُ)_ تسالونيكي الأولى 18:2. فهل يعني هذا أن " بولس " عندما تكلم بصيغة الجمع مكوّن من ثلاثة أشخاص أو أقانيم ؟؟؟!!!
    ================================================== ==============================
    س 21: قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـَكِن شُبّهَ لَهُمْ وَإِنّ الّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّ مّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ اتّبَاعَ الظّنّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) [النساء: 157]

    الشبهة: 1 - الآية تنفي أن اليهود صلبوا المسيح, وهذه حقيقة فالذين صلبوا المسيح هم "الجنود الرومان" وليس اليهود. 2- كيف يمكن للقرآن أن ينكر الصلب , وقد شهد به جميع تلاميذ المسيح , وبعض المؤرخين المعتبرين. 3- كيف يقول القرآن أنه " شبه لهم " أليس في الأمر خدعة؟, فهل أراد الله أن يخدع الناس ثم يقول لمن يؤمن بذلك أنهم كفار؟ 4- أخطئ القران عندما قدم القتل على الصلب, فالرومان كانوا يصلبون أولا , ثم يقتلون. ولكن العرب هم من كانوا يقتلون ثم يصلبون

    الجواب و التوضيح


    أولا: هذا من أعجب الاعتراضات والتفاسير الجديدة والغريبة. والقائل به إما أنه يحب الجدل ومولع به, أو انه جاهل باللغة والمنطق, وجاهل بالكتب المقدسة أيضا, فالله سبحانه إنما نفى قولهم أنهم صلبوه, أي أنهم تمكنوا من قتله وصلبه, سواء بأيديهم أو بيد أصدقائهم وأعوانهم . واليهود أنفسهم لا يدّعون _في هذه الآية_ أنهم صلبوا المسيح بأيديهم, بل يعلمون تماما أنهم حرضوا الرومان على قتله وصلبه. فمن الواضح أنهم كانوا يرغبون بقتله وصلبه, لذلك فهم يتحملون المسؤولية كاملة, إذ أنه لا مصلحة للرومان في قتل المسيح, فالرومان لم يكونوا سوى مجرد وسيلة لتنفيذ مخطط اليهود , هذا وقد حمّل جميع الناس اليهود تلك المسؤولية عبر التأريخ :
    أ- المسيح نفسه: كان يعنّفهم قائلا لهم: (ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله.) يوحنا 40:8, فاليهود على مر العصور مشهورون بأنهم قتلة الأنبياء, وذكرهم المسيح بقول الرب قائلا لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة فمنهم تقتلون وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينة إلى مدينة. لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصدّيق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. )_متى 34:23_35, فانظر كيف حملهم المسيح إثم قتل جميع الأنبياء_عليهم السلام_ , برغم أن من أنبيائهم من قتله الملوك الوثنيون , ولكن لأنه كان بتحريض حقود منهم حملهم الإثم كاملا.
    ب_ تلاميذ المسيح: لم يتردد بطرس وبقية التلاميذ وخاطبوا اليهود في أورشليم قائلين لهم فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربا ومسيحا)_ أعمال 36:2
    ج_ أتباع التلاميذ : وأشهرهم وأول الشهداء "استفانوس" خاطب رئيس الكهنة والجمع اليهودي قائلا أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فانبأوا بمجيء البار الذي انتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه)_أعمال 52:7
    د_ المؤرخون والآباء: أشهر مؤرخ كنسي على الإطلاق " يوسابيوس القيصري"يقول في مقدمة كتابه الشهير(تاريخ الكنيسة): (وعلاوة على هذا فان قصدي أيضا وصف المصائب التي حلت عاجلا بكل الأمة اليهودية نتيجة لمؤامرتهم ضد مخلصنا )
    هـ_ اليهود أنفسهم : عندما حاول الوالي الروماني مراجعتهم رفضوا ذلك, وأقرّوا بتحمل المسؤولية كاملة :« إني بريء من دم هذا البار. أبصروا أنتم, فأجاب جميع الشعب وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا » متى 27/24 - 25
    فهل كان القرآن الكريم يقول شيئا غير الحقيقة عندما حمل اليهود المسؤولية ؟. ولكن حقا ما قاله الله :
    (يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)_[آل عمران: 71]
    وهذا الكلام ( براءة اليهود من صلب المسيح) ربما يهدف لمصلحة سياسية قبل كل شيء, فالوثيقة التي أصدرها مجمع الفاتيكان الثاني في العام 1963م هي التي أقرت ذلك, بهدف إرضاء يهود إسرائيل. وتبرر ذلك بالقول:
    « ما حصل للمسيح من عذابه لا يمكن أن يعزى لجميع الشعب اليهودي.. فإن الكنيسة كانت ولا تزال تعتقد بأن المسيح قد مر بعذابه وقتله بحربة بسبب ذنوب جميع البشر، ونتيجة حُبٍ لا حدَّ له ».
    فانظر إلى تلاعب الرهبان المستمر بالألفاظ لتغيير الحقائق, ولا زال مسلسل " التغيير " في المسيحية مستمرا إلى العصر الحديث.
    ثانيا: بالنسبة للاعتراض الثاني , فالقرآن الكريم لم ينكر حادثة الصلب, بل أكد المحاولة اليهودية, وتطرق للحديث عنها. ولسنا بحاجة لتزوير "كفن" للمسيح , أو شاهد حجري, كما فعل بعض المسيحيين. ولكن الخلاف هو أن المسلمين يقولون إن اليهود لم ينجحوا في ذلك, فعلى مر الزمان استطاع اليهود قتل وصلب كثير من الأنبياء , ولكن الله_سبحانه_أخبرنا أن الوضع مختلف مع آخر أنبياء بني إسرائيل, وهذه هي عدالة الله , أن يقعوا في الخطاء ولا ينجحوا فيه في نفس الوقت . فمن جهة ينالهم أثم الفعل الفاشل , ومن جهة ينجو النبي الكريم .
    هذا هو ترتيب الله. لكن المشكلة كانت لدى السابقين كيف يفسرون حادثة الصلب. فمنهم من صدقها, ومنهم من عرف الحقيقة من فم المسيح الذي كان يؤكد للجميع انه مازال بشريا انظروا يديّ ورجليّ إني أنا هو.جسوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام)-لوقا39:24 لكن لم تصل تلك الحقيقة للأجيال اللاحقة, فوقع البعض في مشكلة كيف أن شخصا مقتدرا مثل المسيح يمكن أن يصلب, فلجوءا إلى النظريات الوثنية في عصرهم. وبداء البعض يبرر ذلك بالقول: أن " ابن الله" نزل وصلب من اجل أن "يرضى الإله" الذي كان ساخطا على البشرية, فكان لابد من" قربانا وذبيحة للإله ذات رائحة طيبة "_أفسس2:5_ لكي يعقد الإله "عهدا جديدا " مع البشر.
    ولكن الحقيقة هي: 1- رفع الله المسيح إلى السماء وخلصه من جموع اليهود الكثيرة (كالمياه المتلاطمة) ومن الغرباء "الرومان": (أرسل يدك من العلاء أنقذني ونجني من المياه الكثيرة. من أيدي الغرباء )_ مزمور 7:144
    2- خلص الله ابن الأمة ( المرأة ) من أعدائه : (التفت إليّ وارحمني.أعط عبدك قوتك وخلص ابن أمتك.)_مزمور16:86
    3-نجا الله الصديق (المسيح) ووضع الشرير(يهوذا) ونال العقاب العادل الصدّيق ينجو من الضيق ويأتي الشرير مكانه)_أمثال8:11
    4- وهكذا يضحك الله في النهاية قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه قائلين: لنقطع قيودهما ولنطرح عنا ربطهما. الساكن في السموات يضحك.الرب يستهزئ بهم. حينئذ يتكلم عليهم بغضبه ويرجفهم بغيظه)_مزامير 2:2_5
    ثالثا: بالنسبة للاعتراض الثالث , فالقول أن في الأمر خدعة من الله _سبحانه_ غير صحيح .لأن الله_ سبحانه_ لم يكفّر المسيحيين الأوائل لأنهم آمنوا بصلب المسيح وهو الأمر الذي كان يؤمن به الجميع قبل نزول القرآن الكريم, فليس المسيح أول نبي يحاول اليهود صلبه وقتله. وليس كفرا أن يؤمن الناس بموت نبي أو أن يختلفوا حول موته . لقد كفرّهم الله_سبحانه_ لسبب واضح وهو أنهم يقولون أن الذي صلب ليس شخصا عاديا , بل " ابن الله المولود " , وأنه كان هو " الله" نفسه, وأنه حررهم من الخطيئة المتوارثة عن آدم . وجعلوا من قصة موته أسطورة دينية وعقيدة إيمانية, لذلك كفروا. فمن آمن منهم أن المسيح صلب فقط _حتى ولو لم يعلم أن الله قد خدع اليهود بإلقاء الشبه_ لا يعتبر كافرا طالما أنه لم يعتقد في المسيح_عليه السلام _أنه أكثر من مجرد بشر. أما بعد نزول القرآن فمن آمن بصلبه فقد كفر, لأن القرآن الكريم أظهر الحقيقة التي شوهها التاريخ.والإيمان بالصلب إنكار للقرآن الكريم.
    رابعا: بالنسبة للاعتراض الرابع , فقد قدّم القرآن الكريم " القتل " قبل " الصلب " ليس بسبب عادات العرب, بل بسبب سياق الآية الكريمة , التي شرحت فحوى ادعاء اليهود بالقول: (وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ) فنفى القتل أولا لنقض دعواهم بالقتل , ثم تطرق للصلب بعد ذلك.
    خامسا: إن بعض المسيحيين في العادة يبذلون أقصى جهدهم لنقد القران الكريم, وتأكيد صلب المسيح. وفي طريقهم لتحقيق هدفهم هذا يفتشون عن أي " إشكال لفظي" لإيقاع العامة من المسلمين, أو حتى أتباعهم البسطاء.لذلك فهم يتحملون إثم أنفسهم وإثم من يضلونهم. ولو أنهم دققوا النظر في " روايات الصلب " في الأناجيل الأربعة لوجدوا الغرائب ومئات التناقضات التي توصل إليها النقاد الآخرون. لأن كتبة الأناجيل لم يكونوا في الأصل " شهودا " بل " سمعوا من الآخرين " . الم يقل لوقا إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا. كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة ).وإنجيل متى كتب في نفس الفترة الزمنية .وهؤلاء الذين كانوا " خداما للكلمة" لم يكونوا موجودين لحظة الصلب: (.حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا )_متى56:26.
    ================================================== ==========================
    س 22: قال تعالى: (فَأَزَلّهُمَا الشّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرّ وَمَتَاع إِلَىَ حِينٍ) [البقرة : 36]
    الشبهة:
    ذكر القرآن خطيئة آدم, وكيف أن الله عاقبه عليها وطرده من الجنة, وأسكنه الأرض. مما يدل على عظمة الخطيئة التي تستدعي الفداء.

    الجواب و التوضيح


    أولا: ذكر الله_سبحانه_في الآية التي بعدها توبة آدم عن الذنب , فقال تعالى: ( فَتَلَقّىَ آدَمُ مِن رّبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ ) [البقرة: 37]. فلا حاجة لذبح قربان حيواني أو بشري أو لتقديم ابن الله " الذبيحة الكاملة " ؟؟؟؟ ولا حاجة للمفهوم الوثني الأصل " القربان البشري ذو الرائحة الطيبة للإله " _أفسس 2:5_.
    ثانيا : غير صحيح أن الله_سبحانه_ أنزل آدم إلى الأرض بسبب الخطيئة , فمنذ اللحظة الأولى لخلق آدم كان سبب خلقه واضحا جدا , فقد قال الله : (وَإِذْ قَالَ رَبّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ) [البقرة : 30] فنزول آدم إلى الأرض كان من أجل الاستخلاف في الأرض ولم يكن بسبب الخطيئة التي تاب عنها . ولكن بعد خطاء آدم عجلّ الله بنزوله.
    ثالثا: اختلف العلماء حول " الجنة " هل هي الجنة الموعودة للمؤمنين, أم جنة على الأرض ( أي حديقة وبستان ).
    رابعا: إذا كان آدم بأكله من شجرة قد ارتكب خطيئة لا تكفر إلا بدم " ذبيحة طاهرة ", فمن الذي سيكفر عن جريمة قتل اليهود " ابن الله" شخصيا. إننا نحتاج إلى " ذبيحة طاهرة" أخرى.ولكن هذه المرة تكون أكبر. لماذا تكون هذه المرة هي....., الحمد لله على نعمة الإسلام.
    ================================================== ==========================

    س 23: قال تعالى: ( يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الّتِيَ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [البقرة : 122].

    الشبهة: ذكر القرآن تفضيل بني إسرائيل على العالم كله, مما يعني أفضلية رسالة المسيح, وأفضلية أهل الكتاب.
    الجواب و التوضيح

    أولا: أن الله_تعالى_ ليس عنصريا , بل وفي عدة آيات يقول بوضوح : (يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوَاْ إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات : 13], ويقول عليه الصلاة والسلام:" لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى", فالله _سبحانه_ ينظر للخلق بالتساوي التام من ناحية الجنس, فلا يوجد في الإسلام مثلا من يقول: (إذا أيها الإخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة )_غلاطية 31:4.
    ثانيا: إن تفضيل بني إسرائيل إنما كان في زمانهم, على تلك الشعوب الوثنية المجاورة, لذلك جاء الفعل (فَضّلْتُكُم) بصيغة الماضي.
    ثالثا : إن تفضيل بني إسرائيل لا يعني تفضيل " جنسهم البشري" على الناس , فقد أوضح الله_سبحانه_ معنى ذلك التفضيل في قوله : (وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ يَقَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مّلُوكاً وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ) [المائدة: 20] فهو فضلهم على غيرهم بكثرة الأنبياء فيهم , وجعل ملوكهم أنبياء, وأغدق عليهم كثيرا من النعم , ولكنهم مع كل ذلك كفروا بنعم الله.
    ================================================== =============================


    الفصل الثاني:المسيح في الأحاديث النبوية


    س 24 : عن أنس رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا عند ربنا. فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ويقول: ائتوا نوحاً، أول رسول بعثه الله، فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً، فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ائتوا موسى الذي كلمه الله، فيأتونه فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته، ائتوا عيسى فيأتونه فيقول:
    لست هناكم، ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت
    ساجداً، فيدعني ما شاء الله، ثم يقال لي: ارفع رأسك: سل تُعطه، وقل يُسمع، واشفع تُشَفَّع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمني، ثم أشفع فيحد لي حداً، ثم أخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً مثله في الثالثة، أو الرابعة، حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن)_صحيح البخاري برقم (6197).


    الشبهة: انه ذكر لجميع الأنبياء أخطاء, ولم يذكر خطاء للمسيح.

    الجواب و التوضيح



    سبق الجواب بالتفصيل , في الإجابة على السؤال رقم ( 4 ) .
    ================================================== =================
    س 25: عن أبي هريرة؛ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله! لينزلن ابن مريم حكما عادلا. فليكسرن الصليب. وليقتلن الخنزير. ولضعن الجزية. ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها. ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد. وليدعون (وليدعون) إلى المال فلا يقبله أحد) رواه مسلم.

    الشبهة: أن المسيح هو الحاكم يوم القيامة.

    الجواب و التوضيح



    أولا: أن ذلك الحدث لا يقع يوم القيامة, بل في نهاية الدنيا, وقبل أن تقوم القيامة., فنزول المسيح إحدى علامات الساعة قبل حدوثها.

    ثانيا: قوله " حكما عادلا " ليس فيه دليل على ألوهية المسيح, بل كل ما فيه انه سينزل قبل يوم القيامة, فيحكم في من تبقى من الناس, و لا يقبل إلا الإسلام. ويرفض قبول أي دين غير الإسلام . ويحكم بشريعة محمد_عليه الصلاة و السلام.

    ثالثا: أن لفظ "المسيح" كما شرحنا سابقا يعني وظيفة كهنوتية وسياسية أيضا لدى اليهود, ولما كان المسيح _عليه السلام_ قد حقق الوظيفة النبوية في زمانه, فقد تبقى له الوظيفة السياسية " ملك أو حاكم" , لذلك قال عنه الرسول (ص): " لينزلن ابن مريم حكما عادلا " فهو تحقيق لوظيفة المسيح السياسية, ولكنه حينها يتخلى عن وظيفته الدينية " النبوّة " فيلتزم بشريعة آخر الأنبياء الذي لا نبي بعده.

    رابعا: هذا الحديث الشريف دليل ضد عبادة المسيح _عليه السلام_, فهو يرفض قبول المسيحيين الذين يعبدوه إلها, و يرفض انه صلب على الصليب. فيكسر الصليب أمامهم. وقد تحدث المسيح عن ذلك فقال:
    (كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم أني لم أعرفكم قط.اذهبوا عني يا فاعلي الإثم )_ متى 22:7_23
    ================================================== =======================

    س 26 : عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان. فيستهل صارخا من نخسة الشيطان. إلا ابن مريم وأمه". ثم قال أبو هريرة: اقرؤا إن شئتم: {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [3/ آل عمران /36].

    الشبهة: أن المسيح له ميزة خاصة, وهو معصوم من الشيطان.
    الجواب و التوضيح


    أولا : واضح أن الحديث يقول أن سبب ذلك هو تقبل الله_سبحانه_ لدعوة جدته : {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} .

    ثانيا : لبعض الأنبياء دعوة خاصة يستجيبها الله_سبحانه_ لهم , مثل سليمان الذي دعا أن يعلم منطق الطير , فأعطاه الله_سبحانه_
    هذه الميزة له فقط. فالمسيح _عليه السلام _ ليس وحده من له ميزة خاصة.

    ثالثا: أن الحديث لا يقول أن المسيح معصوم من الشيطان في جميع حياته, بل قال أنه عصم منه فقط عند الولادة.

    رابعا: أن الأخطاء تأتي من مصدرين: الشيطان, والنفس البشرية. فحتى لو صح الادعاء أنه عصم من الشيطان , فتبقى النفس البشرية تخطئ , لان كل ابن آدم خطاء , وخير الخطائين التوابون .

    خامسا : لو صح أن المسيح معصوم من الخطاء , فأمه مريم (حسب هذا الفهم) معصومة أيضا , لأن الحديث قال: (إلا ابن مريم وأمه) . وهو ما يرفضه النصارى أنفسهم.

    سادسا: قد اشرنا من قبل إلى أخطاء المسيح ومفهوم ذلك في الإسلام ( راجع السؤال رقم 4).
    ================================================== =======================
    س 27 : عن عبادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل).رواه البخاري .

    الشبهة: شهد محمد أن المسيح كلمة الله, وروح منه.

    الجواب و التوضيح



    سبق الجواب بالتفصيل , في الإجابة على السؤالين رقم (3) و ( 19)================================================== ==================
    انتهى الباب الأول, ويليه الباب الثاني, قريبا.
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 9 نوف, 2020, 05:42 م.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة أحمد هاني مسعد, منذ 2 يوم
ردود 0
18 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد هاني مسعد
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
ردود 0
15 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 4 أسابيع
رد 1
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة محمد,,, 3 أكت, 2024, 04:46 م
رد 1
36 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 29 سبت, 2024, 08:36 م
ردود 0
383 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
يعمل...