كنت نصرانيـا ـ قصة واقعية لشاب جزائري
تأليف: محنــــــــــد أزواو
Bouyassim@hotmail. com
مقدمـــة
الحمد لله رب السموات والأرض، الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النّور، الذي يهدي الضال ويعفو عن السيئات.
اللهمّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، تعرف سرّ قلبي، عليك توكلت، أشهد أن لا اله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا ( صلى الله عليه وسلم) عبده ورسوله، هو أسوتي في العبادة الحقّة لله.
يظل التنصير خطرا داهما، كل مسلم مدعو لمجابهته، ليس بالعدوان، لكن بتحصين كامل ضد هذه الآفة التي تأتي لتضاف إلى مختلف الظواهر التي تهدد مجتمعنا الإسلامي عامة، ومجتمعنا خاصة.
بعيدا أن يكون هذا الكتاب شبه اضطهاد، ما هو إلا إيقاظ لضمائر من يجهلون هذا الخطر.
وهي نجدة للنصارى الذين – ربما – هم مرهقون بالشكوك، وهي كذلك ذكرى لأولئك الذين يصرون ويتشبثون في ضلالهم، في هذه العقيدة الخاطئة المحرّفة، والتي هي بعيدة عن أن تعتبر كرسالة حقّة من الله إلى الناس.
إذن بدافع الحبّ للحقيقة والاحترام الذي أكنّه تجاه جميع المسيحيين، خاصّة أولئك الذين كانوا في الماضي إخوة لي في الإيمان، أتوجّه إليهم بالنية الصادقة، والباعث على ذلك واجب تنبيههم تجاه الشذوذ الموجود في الإنجيل.
يا أيها النّصارى إنّي لا أشك في صدقكم، ولا في حبّكم لله، ولا في النّور الذي ترونه في كلام عيسى ( عليه الصلاة والسلام )، ولا في نشوة الإخاء التي تعيشونها معا.
إنّي أطرق باب قلوبكم، ودعوني أبوح لكم بقصتي التي سأحكيها لكم بكل وفاء، لا تتسرعوا في الحكم عليّ، لكن ابدؤوا أولا بفهمي.
دعوا إذن جانبا أحكامكم المسبقة، ولنبحث معا عن الحقيقة بكل موضوعية، ولندعوا الله ليهدنا سواء السبيل لأنّ: " كل من يدعو يستجاب له، وكل من يبحث يجد، ويفتح لكلّ من يدق الباب " كما جاء في العهد الجديد.
. . . أحكي لكم شهادتي عسى أن تكون نافعة لكم، إن شاء الله، وأعلم علم اليقين، أنّي لست الوحيد الذي مرّ بهذه التجربة، والكثير من النّصارى سيعرفون أنفسهم من خلال هذه الشهادة.
(فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) [سورة: الأعراف - الأية: 176].
سفر التكوين أو بداية المأساة
في سنة 1995، سنة اعتناقي للنصرانية، كانت الجزائر في أوج الغليان، الركود في كل مكان، وعلى جميع المستويات، منطقتنا القبائل، لم تلمسها حقا ظاهرة الإرهاب، ولكن كنّا نعيش المقاطعة الدراسية، ولست بصدد تقديم درس في التاريخ، ولكن لأصف لكم كيف كانت تلك الحالة مرتعا خصبا لأكون فريسة للتنصير.
كان عمري آنذاك 20 سنة، وكنت طالبا ثانويا، إيماني بالله كان دائما في قلبي، ولم أشك أبدا في وجود الله، أليس كل هذا الخلق وهذا التنظيم الرائع والمنسجم للكون والحياة، يشهد على وجوده؟! (إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ) [سورة: الرعد - الآية: 3]
لكن: " قال الجاهل في قلبه: لا يوجد إله!" ( مزامير: 14 نص 1).
عبادة الله كانت دائما بالنسبة لي أمرا محوريا وجوهريا، كنت أقول في قرارة نفسي: يوما ما حتما سألتزم في سبيل الله... أعترف أنّني كنت في تلك المرحلة لا أعرف شيئا عن الإنجيل، وأنّ معرفتي بالإسلام كانت سطحية.
لم أقرأ قط القرآن الكريم، سوى بعض السور والآيات، شيء غريب، أغلب النّاس يقرؤون مختلف الكتب التي هي أقوال البشر، ولكن لا يقرؤون القرآن، كلمة الله إلى البشر... لا نعرف أيّ " سحر " يصدّ الناس عن قراءة هذا الكتاب، هل هو مخصّص فقط للأئمة؟!
في تلك المرحلة لم أكنّ متديّنا، ولا ممارسا لواجباتي الدينية.
كانت المطالعة تسليتي المفضّلة، فكانت بالتالي ملاذي الوحيد للهروب من الغمّ اليومي: الروتين والقلق.
لقد كانت قراءاتي عامة، تقوم أساسا على الفكرة الغربية، الفكرة التي لا تنفصل بتاتا عن أسلوب الإنجيل، فكان من الصعب جدّا الهروب من التطلّع على زيادة المعرفة بهذه العقيدة، إذ كنت ألتقي دوما بكلمات من الإنجيل، مثل: " تحابوا فيما بينكم "، " أحب الربّ من كل قلبك، بكل روحك، وبكل أفكارك ".
هذه الكلمات أثرت فيّ بعمق، لأن ميلي إلى الجانب الروحي كان مفرطا جدّا، إلى درجة أنّي كنت أصاب بالذهول أثناء قراءتها، وهذا ولّد لديّ رغبة ملحة وعارمة لقراءة الكتاب المقدّس، فقط قراءته، وليس لكي أتنصّر!!.
كانت في قريتنا عائلة نصرانية جزائرية كنت لا أعرفها جيدا خاصة ربّ العائلة الذي كان يعيش في عزلة تقريبا.
لا أدري كيف أصفهم؟ كانوا مسالمين محترمين محبوبين. . . وبكلّ إيجاز واختصار: كانوا نصارى صادقين يُنَفّذون وصايا يسوع بقدر المستطاع.
فبدأ اهتمامي بهؤلاء النّصارى، يزداد أكثر حتى وضعت نصب عيني هدف تزويدي بالإنجيل، فاتّصلت بإبن هذا النّصراني الذي كان شابا في مثل سنّي، أخذ كل واحد منا يقترب من الآخر، وكنّا كثيرا ما نتحدث عن مواضيع روحية حتّى أصبحنا متجاوبين معا، إلى غاية اليوم الذي وعدني فيه بإحضار العهد الجديد وكتاب حكم سليمان.
وهو ذاهب إلى السفر أوصى والديه بإعطائي الكتب، اليوم الذي بعده – إن كانت ذاكرتي قوية وجيدة – ذهبت إلى أبيه لآخذ التصانيف الموعودة، وأثناء تلاقينا، قررنا السير لتبادل أطراف الحديث... أحضَر الكتابَين. . . وضعهما في جيبه... وذهبنا في نزهة... لن أنسى أبدا ذلك الوقت الذي أمضيناه معا، حقا لقد بهرني الرجل في ذلك اليوم، لا جرم أنّه كان يعيش في عزلة، لكنه يخفي حتما أمورا ما!.
ونحن نسير معا، قبل غروب الشمس، كان يحدثني عن حياته، وعن التغيير الذي أحدثه فيه يسوع، وفسّر لي كيف كان يعيش فيما مضى في الظلمات والذنوب، وكيف أنّ يسوع أنقذه، وأخذه إلى النّور، والطمأنينة والسعادة. ومنذ تلك اللحظة وآلة الاقتناع بدأت تفعل فعلها فيّ طبعا، كان الرجل يظن أنّ الروح القدس هو الذي يساعده في الوعظ، أما أنا فلم أكن أعلم أنّه كلما توغلنا في ظلام الليل، كلما توغلت في ظلام التنصير.
إنّ خطة الوعظ عند المنصّر يتمثل في إقناع الشخص الذي يعظ، والإثبات له بأنّه نجس، دنس، غارق في الظلام، وذلك طبعا لفطرتنا، لأن أبوينا – آدم وحواء ( عليهما الصلاة والسلام ) – هما أول من أذنب، وبعد أن يقتنع الشخص بهذا، يعرفه بالوجه المخالف، قداسة الربّ، مجده، طهره، مما يجعل الشخص في حيرة من أمره:
فكيف يمكن له أن يتوب إلى الله المقدس الطاهر، وهو ملوث بالذنوب والدنس؟
ثم ينتقل المنصّر إلى الطور الأخير، ضاربا الضربة القاضية، تلك التي تطمئنه، بأنّ الله يحبه ويريد أن ينقذه من هذا، ثم يتلو عليه النص المشهور، والذي حسب النصارى يختصر الكتاب المقدس " لكن هكذا أحبّ الله العالم حتى وهب ابنه الأوحد، فلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية " ( إنجيل يوحنا: 3 نص 16).
إذن " بوسيلة الإيمان " يكون الخلاص، وذلك بأن تعتقد أنّ يسوع هو " ابن الله " ومات على الصليب من أجل ذنوب البشر، وأنّ الخطايا دفنت معه في القبر، ثم في اليوم الثالث يبعث نقيا منيرا، تاركا الذنوب تحت التراب.
فيكون الشخص إذن أمام اختيارين:
- إما أن يؤمن بهذا وذنوبه كلها مغفورة، وهذا يؤهله إلى حياة منيرة أبدية، وهو مبرأ أمام الربّ بهذه العقيدة.
- أو يجهل كلّ هذا، ويموت بذنوبه، وسيكون مستوجب العقاب الأبدي ( إنجيل مرقس: 16نص 15).
أعزائي القرّاء ؛ هلاّ فهمتم عملية التلاعب هذه؟
إنّ الاعتقاد في النصرانية يتمثل في اعتقاد أعمى!
ألم يأت في الإنجيل: " إن آمنت تشاهدين مجد الله "؟ ( إنجيل يوحنا: 11 نصّ 40).
فالواعظ إذن يجمّد عقلك، ويركز على العواطف فقط.
إنّه يثير فيك شعور الإحساس بالذنب، والخوف من الموت بذنوبك من جهة، ومن جهة أخرى يثير فيك شعورا بالأمل.
وبهذه الكيفية وقعت في هذه الحيلة، ونحن نسير في منتصف الليل، وأنا لا أميّز تماما وجه المنصّر، ولا أسمع سوى كلمات سحرية وعذبة مثل العسل.
لم أفهم ماذا يحدث لي؟ لم أعرف أينبغي لي أن أخاف أم أكون مطمئنا؟
كنت أتساءل في مكنون نفسي: من هذا الرجل؟ مع من لي الشرف؟ هل مع الشيطان أم مع ملاك؟ وقبل أن نفترق قدّم لي الكتابين.
شيء عجيب، منذ ذلك الحين وصورة هذا الرجل لم تعد تفارق مخيلتي...
وصلت إلى الدار وفي ساعة متأخرة من الليل، تناولت العشاء بسرعة، ودخلت غرفتي وبدأت في قراءة العهد الجديد بلهفة شديدة، قرأت إذن الأناجيل، والتي كانت أمنيتي، لقد انبهرت انبهارا شديدا بنورانية كلمات يسوع، كانت لا تتحدث إلاّ عن الحب والمغفرة. وانبهرت من المعجزات والبركات التي يتركها أينما حلّ( عليه السلام).
كان أفقا جديدا فتح أمامي، لقد كان المثل الأعلى!ثم نمّت متأخرا تلك الليلة.
بعد استيقاظي في صبيحة الغد، الأحاسيس التي أحسست بها داخليا كانت نفسها، شعرت أنّي في نور وسعادة، ومنذ ذلك الحين وزياراتي لهذا الشخص النصراني تتكرّر، حتى شعرت أنّي جد متعلق به...
لم أعتنق النصرانية مباشرة... لكن كنت أشعر دوما بشيء ما يدعو قلبي لإعتناق هذه العقيدة، كان هناك حاجزان اثنان: التثليث والإسلام. .
غير أنّي – مع فرط ما تحدثت مع النصراني – إتضح لي كل شيء، إذ كان يحدثني عن الإسلام معتبرا إياه عقيدة الشيطان، أمّا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فهو عنده مدّعي النبوة، كان يردد عليّ مرارا كلمة المسيح( عليه الصلاة السلام) في الإنجيل التي يقول فيها: " كل شجرة طيبة تحمل ثمارا طيبة، لكن الشجرة الخبيثة تؤتي ثمارا خبيثة " ( إنجيل متى 7نص 17).
فالإسلام مثل ما يزعمون: شجرة خبيثة: تؤتي ثمارا خبيثة، وثمار الإسلام هي الإرهاب، الجريمة، العنف.
أمّا فيما يخص التثليث فكان يقول لي بأنّ النّصارى لا يعبدون إلاّ إلها واحدا، والذي يتجلّى في ثلاثة أشخاص!! الأب، الابن، الروح القدس!!
والذي يكونوا واحدا وهم متساوون!!ولكي يفسر هذه " الجمبازية الروحية " قدّم لي النّصراني مثاله الشهير: (فالإنسان خلق على صورة الله، مثل ما يقول الإنجيل، فهو يملك جسدا، وروحا ونفسا ولكنّهم شيء واحد).
وبجهل منّي، بدا لي أنّ الأمور واضحة، فلم يبق لي إلا أن أتبنى الجهر بالعقيدة الجديدة، وأن ألتزم في طريق المسيح، والذي صار منذ ذلك الوقت سبيلي وحقيقتي.
وفي صبيحة أحد الأيام، ذهبت إلى النّصراني لأجهر بإيماني، وكم كانت سعادته كبيرة... وأصبحت منذ ذلك الحين " ابن الله ".
ولم أكن أعلم أنّي أمضيت عقدا مع الشيطان.
سفر الخروج
لا يمكن أن تتصوروا ما أحسست به عند بداية إعتناقي للنصرانية، فلقد كانت السعادة التي تغمر قلبي بالغة وفريدة من نوعها، إذ لم أتوقف من ترديد هذه الكلمة الموجهة من طرف " الأب ليسوع": " أنت إبني الحبيب، وفيك وضعت كامل سعادتي "، وكأنّها كانت موجهة اليّ، أحسست بسكينة عميقة، وبنور استولى على قلبي ؛ لقد كنت مسرورا.
والنّصارى يسمّون هذا "بالحب الأول "، فهم يعتقدون بأنّ هذا التأثير نتيجة إستقبال الروح القدس، روح يتلقّاه كل من يعتقد العقيدة النصرانية.
لقد أحدث معي تغييرا كبيرا، فكان: " سفر الخروج ".
تركت إذن الحياة القديمة لأجل حياة جديدة، مزّقت الكذب الذنوب والظلمات، لأسلك سبيل الحق والنّور، كنت أعتقد حقيقة أنّي بعثت من الأموات مع المسيح من أجل الحياة الأبدية، فكنت أرى الأمور على وجه مخالف، وكنت أجهد نفسي لأزرع الحب والصداقة حولي،أقابل الشر بالخير، الكره بالحب، وكنت أجتنب كذلك الغضب مثلما يوصي الإنجيل.
وهدفي يتمثل في الوصول إلى الطهر والقداسة.
ولأجل هذا، كنت مع إخواني النّصارى، نلتقي مرة في الأسبوع لنقوم بما يسمى "بالتقارب الأخوي"التي كانت بمثابة غذائنا الروحي. فكنّا نتقاسم كلمة الربّ نشكر المسيح يسوع من أجل الذنوب التي غفرها لنا مسبقا، لأنّه مات من أجل خلاصنا.
كنّا نصلي، نغنّي، وفي بعض الأحيان نرقص، نظرا لغلبة النّشوة التي تساورنا.
وكنّا نظن أنّ حضور يسوع هو الذي استقرّ بنا.
ولقد كنّا كذلك- في بعض المناسبات – نقضي الليالي من أجل الاحتفال بميلاد " يسوع"، فنحيي الليل كله ونحن نصلّي ونترنم ب: " محامد ليسوع ".
ومرة في السنة، تقام مؤتمرات، فيها نتشرّف بتلك المناسبة بزيارة أخ لنا من الخارج (غالبا من فرنسا، أمريكا. . . )، الذين كانوا يقدّمون لنا توجيهات ونصائح تتعلق بعقيدتنا، وبكلمة موجزة، كل هذا كان يعيننا على تجديد وتقوية إيماننا وتوطيد علاقاتنا الأخوية.
إن النظرة المسيحية للأشياء وتفسيرها للظواهر تسير جميع الأصعدة: النّفسية، الاجتماعية، السياسية. . . الخ،وكلها مرتبطة بالجانب الروحي، وعلى حسب هذا التصور، فإنّ العالم ملك للشيطان، ففيه الصراع بين الظلام والنّور، بين الربّ والشيطان، والذين لا يؤمنون بيسوع ينتسبون إلى الشيطان، وهم في الظلمات، وهم روحيا أموات.
إنّ النّصراني لا يصارع ضد" الجلد والدم "، أي ضد النّاس لكن ضد الأرواح.
فمثلا عندما، يتحدث نصراني مع مسلم، ابتداء يعتقد أنّه يواجه روح الإسلام االتي تتعلق بالمسلم وتمنعه من رؤية الحقيقة والإيمان بيسوع مخلّصه.
إنّ النّصراني الذي أهين أو اضطهد من أجل اسم المسيح، ينبغي أن يكون سعيدا، لأنّ يسوع يقول له بأنّ أجره سيكون كبيرا ( إنجيل متى: 5 نص 11-12).
ولمّا اكتشف النّاس إعتناقي للنصرانية كان ذهلهم شديدا، وانتشر الخبر ووصل عائلتي، والتي كان ردّ فعلها عنيفا خاصة من طرف إخوتي الكبار.
والله أسأل أن يغفر لي الإضطراب الذي أحدثته لهم خاصة لأمّي، لكن هذه المضايقات لم تثن عزمي، بل بالعكس، لقد زادت قوة إيماني، لأن التزامي كان بصدق، والقضية قضية مبادئ وعقيدة. إذ لا شيء بإمكانه أن يرد قناعتي، في الصلاة كنت أدعو " يسوع" لكي يغفر لهم ويهديهم نحو النّور من أجل أن ينجوا ويفوزوا بالخلاص الأبدي.
إنّ أخصّ ما يميز العقيدة النصرانية هو الأثر الجاسم على الشخص النّصراني، هذا الأخير يكون جد منغلق على إيمانه، فلقد كنت أعيش غيابا كليا عن الحياة العائلية والاجتماعية، في حين أنّي كنت جد مرتبط بإخواني النصارى أكثر من أفراد عائلتي.
لقد كان الإنجيل بالنسبة لي بمثابة ثدي الأم للرضيع، وأنا الذي كنت أحب القراءة وأظهر اهتماما بالغا بالبحث والعلم، كل هذا أصبح بالنسبة لي دون أيّ أهمية، لأن الكتاب المقدس يقول بأنّ: " حكمة العالم جنون بالنسبة للربّ " إذ كل ما ينتسب إلى هذا العالم زائل، محكوم عليه بالفناء.
" تفاهة التفاهات، كلّ شيء تافه " هكذا مذكور في (سفر الجامعة 2 نص 2).
هناك عنصر آخر يجذب ويغري الناس بالنصرانية، ويكون في بعض الأحيان السبب الرئيسي في اعتناقهم لها، وهذا من طرف الكثير منهم، أنّها مسألة " المعجزات " كما في إنجيل مرقس ( أضف إلى معلوماتك أنّه الإنجيل الوحيد الذي يتناول هذا المقطع )( مرقس 16نصّ 17-20)-: فيسوع مدّ بالقدرة الحواريين: طرد الأرواح الشريرة، ومسك الثعابين، وإشفاء المرضى، والحديث بلغات جديدة، بل حتى حسب مقاطع من العهد الجديد: بإمكانهم إحياء الموتى!!
النّصارى يستعملون كثيرا هذه الوسائل في وعظهم لفتنة الناس، ولأنّه طعم فعال يؤكل في الصنّارة!
فأصبحت أحيا دائما بهمّة وحماس، حلمي الكبير أن أصبح من كبار المبشّرين بالإنجيل، واعظا تماما مثل يسوع ( عليه السلام ). . . تمنّيت أن أسيح في الأرض وأبشّر النّاس بالحقيقة. وحيثما كنت، كنت أبشّر بالمسيحية طبعا، وذلك في الثانوية وفي قريتي، ونتيجة لذلك كنت سببا في ارتداد كثير من النّاس. أتذكر أنّي كنت أستعمل جميع الوسائل التي تبدو لي أنّها لائقة من أجل تبليغ المسيحية للآخَرين.
خذ على سبيل المثال، وفي وسط المدينة كنت أجمع أوراق الأشجار، وأكتب عليها هذه الكلمة " يسوع يحبُّك " فكنت أرميها هنا وهناك، حتى في داخل السيارات عندما أجد النوافذ مفتوحة.
بالتالي سطرت حياتي، فكنت أحيا حياة نصراني طيلة 3 سنوات معتقدا أنّني كنت على الصراط المستقيم، وعلى سبيل الحق دون أن ينتابني أدنى شكّ بأنّ مصيري سيأخذ يوما ما مجرى آخر. . .
السقوط
مثلما ذكرت سابقا، لقد كان الكتاب المقدّس لي بمثابة " ثدي الأم بالنسبة للرضيع " إذ كنت أقرؤه وأتفحّصه بدقّة، لأنّ تدبر كلمة الربّ هي أكثر من واجب.
ونظرا لقراءاتي المتكررة، صرّت وكأنّي أحفظ العهد الجديد عن ظهر قلب، وخلال قراءاتي أصادف في بعض الأحيان نصوص ومقاطع أجد صعوبة في استيعابها، أو بعبارة أدقّ: في تنسيقها.
لقد أحدثت لي بلبلة، وسأذكر بعض الأمثلة:
° يسوع مات من أجل جميع الذنوب، إذن فهي كلها مغفورة، فكيف يعقل إذن بأنّ من يجذف على الروح القدس أو يسبّه فهو مذنب بخطيئة أبدية؟!( مرقس 3 نص 29)،وأنّه ليس بمغفور له البتّة؟!( متى: 12 نص 31 -32).
وفي المقطع نفسه، يؤكد يسوع ( عليه السلام )على أنّ كل خطيئة ضده فهي مغفورة، ولكن ليس ضد روح القدس، فلماذا إذن هذا الخلاف بين شخصيات التثليث بما أنّها كلها متماثلة؟!
° لم أتمكن من قبول، كيف أن يسوع " الذي هو إله " لا يعلم متى ستكون الساعة، لكن الأب وحده الذي يعلم!
أليس الله بكل شيء عليم؟!( متّى: 24 نصّ 36).
°طلب رجل من يسوع: " أيها المعلم الصالح ؛ ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟" وقبل أن يجيب يسوع السائل بماذا يعمل، نبهه بهذه الملاحظة: لماذا تدعوني صالحا؟ لا صالح إلاّ الله وحده " ( مرقس 10 نصّ 17).
يسوع يصرح بأنّ الربّ وحده هو الصالح، وبالتالي فهو يشهد بأنّه ليس جزءا من الألوهية البتّة!.
° يسوع يصيح على الصليب قبل موته: " إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟!" (مرقس: 15 نصّ 34).
على حسب عقيدتي يسوع هو الإله، لماذا نادى إذن يا إلهي؟!
° لقد حيّرني أن أجد في الكتاب المقدس، كلمة الربّ،مقاطع أو كلمات بين معقوقتين ([]) مثل ما وجد في إنجيل مرقس 16 نص 9-20، والأسوأ من هذا: هو كلمات الشارح في أسفل الصفحة ( مثلما هو الأمر في الكتاب المقدس: " الطبعة الجديدة الثانية المنقحة )" نقرأ مثلا: " 10 النصوص 9-20 موجودة في كثير من المخطوطات، لكنّها غير موجودة في مخطوطات أخرى، وبعض المخطوطات الثانوية تحوي عوض هذه النصوص المفقودة، أو زيادة عليها، خاتمة مختلفة ". فهل هذه هي كلمة الربّ؟!
° معرفتنا للتثليث واضحة: الربّ، الابن، والروح القدس متساوون، ولكن كيف لنا أن نفهم هذه المساواة عندما نسمع يسوع يقول: " ولأنّ الأب أكبر منّي " ( يوحنا: 14 نصّ 28).
° في الصلاة الكهنوتية ( كما في يوحنا: 17نصّ 3): يسوع (عليه الصلاة السلام) وحده مع "الأب "، إنّها الفرصة الأفضل أين تعرف عقيدة التثليث وتفسّر نفسها. فكانت المفاجأة الكبرى وأنا أقرأ: "والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك، ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته ".
أليست الحياة الأبدية هي في أن توقن بموت وبعث يسوع؟!فكيف يحدث أن يصرح يسوع بأن الحياة الأبدية تكمن في معرفة الإله وحده.
° لقد حيّرني، أن يضع يسوع نفسه على قدم المساواة مع الناس، وينكر خاصية الألوهية عندما قال: "... لكن اذهبَ نحو إخواني، وقل بأنّي أصعد إلى أبي وأبيكم، إلى ربّي وربّكم " (يوحنا 20-27).
° لقد صدمت عند موت " أنانيس وصافيرة " ( الأعمال 5 نصّ 111) لا جرم أنّهم أذنبوا، لكن عوض تنبيههم ودعوتهم إلى أن يتوبوا، وإذ بالقدّيس بيير يُدينهم، فيموتوا في الحين، ألم يمت يسوع من أجل جميع الذنوب؟!.
° أليس هو القائل: " إبن الإنسان لم يأت من أجل تضييع أرواح الناس، لكن من أجل إنقاذهم " ( لوقا: 9 نص 56).
° بقراءة الأناجيل الأربعة حول موضوع بعث يسوع، وجدتّ أن الروايات مختلفة من كتاب لآخر، فلم أعرف من أصدق.
في بداية الأمر لم أتنبّه لمثل هذه التناقضات، كنت أقول في قرارة نفسي أنّ المشكلة تكمن في سوء فهمي للمعاني، وقلت كما تقول النّصارى إنّ الروح القدس حتما سيفهمني إيّاها!!.
ولكوني صادق في إلتزامي، لم أكن أسمح لنفسي في أن أشكّ في عقيدتي، وفي كتابي المقدّس حتى وإن كانت مثل هذه النصوص تبعث في نفسي الشكّ، كنت أعتقد أنّ الشيطان هو الذي يحاول أن يثنيني عن عزمي، إذ أنّ حتى يسوع وسوس له من طرف الشيطان عبر الكتابات ( كما في متّى: 4 نص 1-11) فكنت أدعو باسم يسوع لكي يطرد الشكّ بعيدا عنّي، إذ الشكّ عدو الإيمان.
في غالب الأحيان, كنت أجد الطمأنينة في قلبي، لكن، وفي بعض الأحيان، يراودني الشكّ، فلقد كان بمثابة ضباب يغطّي ويخفي كلّ شيء، وبمجرد إنقشاع هذا الضباب تبرز الحقيقة وتظهر، فكذلك كنت أطرد الشكّ.
... ومع مرور الوقت إذ بالتناقضات تطفو وتظهر، فالطّبع أغلب، كما يقول المثل: " أطرد السّجية تعود جريا". وهذا جلب لي الكثير من التعاسة، والحالة أصبحت لا تطاق...
أعترف أنني عانيت كثيرا. . . فالحيرة استولت عليّ شيئا فشيئا، وأصبح الأمر بالنسبة لي حقيقة ينبغي أن أوجهها... إيماني بدأ يتزعزع، وناقوس الخطر يقرع قلبي!.
الربّ الذي أعبد والكتاب الذي أقرأ، أصبحا جميعا موضع شكّ.
لم أستطيع البوح بحالي إلى إخواني، كنت بالأمس القريب أنا الذي أثبت قلب من يشك منهم!على أنّي في أحد الأيام، حاولت أن أفعل ذلك... أتذكر أنّي إتصلت هاتفيا بأحد الإخوة النّصارى، قلت له بأنّ الأمور ليست على ما يرام، فنصحني بأن أتوب وأعود إلى وصايا الربّ ( يسوع عليه السلام ) فأجبته بأنّي ليس لديّ مشكل مع الوصايا، لكن مشكلتي بالأحرى مع "الربّ" نفسه!!
وكم من المرّات كنت أركع، مصليا، باكيا، متوسلا يسوع لكي يساعدني للخروج من الأزمة، ولكي يجلّي لي الأمر، لم أكن أبدا مستعدا لأتخلّى عن عقيدتي، إذ كنت شخصا متصلّب الرأي، فمهما يكن الأمر فأنا أحب يسوع... لم يكن سهلا عليّ أن أتخلّى عنه بعد كل الذي عشته، والنّصراني الصادق حتّما سيفهم هذا جيدا!!
ومما زاد من قلقي هو وجود عدة أناجيل مختلفة فيما بينها، مما استلزم وجود عدة طوائف. فكنت أتساءل: هل أمتلك الإنجيل الصحيح والرسالة الإلهية الحقّة؟ وهل حقيقة أنا على الملّة الحقّة؟.
توالت الأيام، وإذ بي أجدني جد منعزل، وأجدني – في قرارة نفسي – أعيش في وحشة شديدة، الإضطراب والغمّ كانا يلازمانني، كنت أتعذب كثيرا وفي صمت. لقد كانت من أصعب أيام حياتي. وبكلمة واحدة: إنّه السقوط.
لم أستطع التحمل أكثر، نفذ صبري، قلت في نفسي: إذن حان الوقت لأن أواجه الحقيقة، وأتقبلها كيفما كانت!ينبغي أن أفعل شيئا ما، لم يكن لي إختيار: - إما أنّي على طريق الحق ؛ - أو على طريق الضلال، فعليّ إذن أن أتوب، وكفاني كذبا على نفسي وعلى الآخرين...
على كل حال، يبقى التحقق من كلا الحالتين.
فجمعت كلّ ما يتحدّث ويُفسّر الكتاب المقدّس، خاصة قضية التثليث، لكن هذا لم يضف لمعلوماتي أي جديد يذكر، ولم يخفف من قلقي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أخذت كل ما يحمل في طيّته نقدا للإنجيل، فقرأت مرتين الكتاب الشهير ( كتاب موريس بوكاي ): " الإنجيل، القرآن، والعلم "، قرأت – أيضا – كتب أحمد ديدات، مثل " هل الكتاب المقدس كلام الله؟"،" هل المسيح هو الله؟". . . كذلك كتاب لابن قيم الجوزية: " هداية الحيارى من اليهود والنصارى "، وكتاب لا أذكر مؤلفه معنون ب: " سبحان الله العظيم ".
أعترف أنّني بعد إطّلاعي على هذه الكتب، صدمتي كانت أكبر، وقلقي كان أعمق، إذ لا زلت متشبثا بإيماني والذي أصبح ضعيفا، وبفضل هذه الكتب، زاد علمي بكثير من الأخطاء والتناقضات الموجودة في الكتاب المقدس، التي لا مراء فيها ولا جدل.
أذكر هنا سلسلة من النصوص – والتي لن أعلّق عليها -، وأترك الأمر للقارئ ليتأكد:
° وهكذا إكتملت السموات والأرض بكل ما فيها، وفي اليوم السابع أتمّ الله عمله الذي قام به، فاستراح فيه من جميع ما عمله. وبارك الله اليوم السابع وقدّسه، لأنّه استراح فيه من جميع أعمال الخلق " ( التكوين 1: 2-3).
° فقال الربّ " لن يمكث روحي مجاهدا في الإنسان إلى الأبد. هو بشريٌ زائغ، لذلك لن تطول أيّامه أكثر من مئة وعشرين سنة فقط " ( التكوين 3: 6). .
وذلك يناقض سفر التكوين 11 من النص 10 إلى 26... أين ذكر أنّ الإنسان يعيش أكثر من 120 سنة!
° ورأى الربّ أنّ شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأنّ كل تصور فكر قلبه يتسم دائما بالإثم، فملأ قلبه الأسف والحزن لأنّه خلق الإنسان " ( التكوين 5: 6-6).
° فقال له الربّ، تيقن أنّ نَسلك سيتغرّب في أرض ليست لهم، فيستعبدهم أهلها، ويذلونّهم 400 سنة " ( التكوين 15: 13). .
وذلك يناقض الخروج 12 النصّ 40: " وكانت مدة غرّبة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر 430 سنة "
° ( التكوين 19: 30-38) وملخص الفقرة أنّ لوطا ( عليه السلام ) عندما غادر "صوغر " مع إبنتيه... لجؤوا إلى كهف في جبل... فسقتا في إحدى الليالي أبيهما خمرا... وضاجعت الإبنة الكبرى أباها... فولدت إبنا دعته " موآب "، وهو أبو الموآبيين!!. . . وكذلك فعلت الإبنة الصغرى، فولدت إبنا ودعته " بن عمي "، وهو أبو بني عمّون!!
أهكذا يفعل حقا الأنبياء ( عليهم السلام ) وهم قدوة البشر؟!!
° (التكوين 32: 25-33) الفقرة تتحدث عن مصارعة يعقوب ( عليه السلام ) للربّ!!. . . إذ رآه وجها لوجه، وصارعه حتى مطلع الفجر: " وعندما رأى أنّه لم يتغلّب على يعقوب!!طلب من يعقوب أن يطلق سراحه. . . بعد أن يباركه!!. . " فسأله: ما إسمك؟ فأجاب: يعقوب. فقال: لا يدعى اسمك في ما بعد" يعقوب "، بل " إسرائيل " ( ومعناه: يجاهد مع الله (، لأنّك جاهدت مع الله والنّاس وقدرت "!!وكأنّ هذا إنتاج من " هوليوود "!!أليس هذا إستهزاء ومسخرة بالله؟!!
° ( التكوين 38: 15-19) " فعندما رآها يهوذا ظنّها زانية لأنّها كانت محجبة، فمال نحوها إلى جانب الطريق، وقال "دعيني أعاشرك "، ولم يكن يدري أنّها كنّته. فقالت: " ماذا تعطيني لكي تعاشرني؟" فقال " أبعث إليك جديٌ معزي من القطيع " (. . . ) فأعطاها ما طلبت، وعاشرها فحملت منه. . . "
° ( الخروج: 5: 20-6): ". . . لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ، لأنّي أنا الربّ إلهك إله غيور، أفتقد آثام الآباء في البنين حتى الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأبدي إحسانا نحو ألوف من محبّي الذين يطيعون وصاياي ".
وذلك ما يناقض ( حزقيال 18: 20): " أمّا النّفس التي تخطئ فهي تموت، لا يعاقب الإبن بإثم أبيه، ولا الأب بإثم إبنه. يكافأ البارّ ببرّه، ويجازى الشرّير بشرّه ".
°( صموئيل الثاني 4: 8): ". . . وأُسر من جيشه ألفا وسبع مائة فارس، وعشرين ألف راجل، وعرقب داود كل خيول المركبات بإستثناء مئة مركبة "
وذلك ما يناقض ( أخبار الأيام الأول 18-4). . . وأُسر سبعة آلاف فارس وعشرين ألف راجل، وعرقب داود كلّ خيل المركبات، ولم يُبق لنفسه سوى مئة مركبة ".
° ( صموئيل الثاني 10: 18): " وما لبث الآراميون أن انّدحروا أمام الاسرائليين، فقتلت قوات داود رجال سبع مائة مركبة، وأربعين ألف فارس، وأصيب شوبك رئيس الجيش ومات هناك ".
وذلك ما يناقض ( أخبار الأيام الأول 19: 18): ". . . تقهقر على إثرها الآراميون أمام هجمات الاسرائليين، وقتل داود سبعة ألاف من قادة المركبات، وأربعين ألفا من المشاة، كما قتل شوبك رئيس الجيش ".
° ( صموئيل الثاني 1: 24): " ثم عاد فاحتدم غضب الربّ على إسرائيل، فأثار داود عليهم قائلا: " هيّا قم بإحصاء إسرائيل ويهوذا ".
وذلك ما يناقض ( أخبار الأيام الأول 1: 21) وتآمر الشيطان ضدّ إسرائيل، فأغرى داود بإحصاء الشعب ".
°( صموئيل الثاني 24: 13): " فمثل جاد أمام داود وقال: اختر إمّا أن تجتاح البلاد سبع سنين جوع، أو تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتعقّبونك، أو يتفشى وباء أرضك طوال ثلاث أيام. . . ".
وذلك ما يناقض ( أخبار الأيام الأول 12: 21): ". . . هيا إختر... إمّا ثلاث سنين مجاعة. . . ".
° ( ملوك الأول 26: 7): " وبلغ سمك جدار البركة شبرا، وصنعت حافتها على شكل كأس زهر السوسن، وهي تسع ألفي بثّ، نحو أحد عشر ألفا وخمس مئة جالون من الماء".
وذلك ما يناقض ( أخبار الأيام الثاني 5: 4): ". . . وكانت تتسع لثلاثة آلاف بثّ ( نحو إثنين وسبعين ألفا وخمس مئة لتر ) ".
° ( ملوك الثاني: 26: 8): '' وكان أخزيا في الثانية والعشرين من عمره حين ملك، ودام حكمه في أورشليم سنة واحدة''.
وذلك ما يناقض ( أخبار الأيام الثاني 2: 22): " وكان أخزيا في الثانية والأربعين من عمره حين تولّى الملك. . . ".
( وقد صحح هذا الخطأ في ترجمة الكتاب المقدس للغة العربية للطبعة السادسة. . . وهذا ليس من الأمانة العلمية للمترجمين!!).
° ( ملوك الثاني 1: 19-7) نفس الفقرة بكلماتها أعيدت في (إشعياء 1: 37-7)!!.
° انظر أخي القارئ كيف يخاطب الربّ الجليل في هذا الدعاء: " قم يارب ؛ لماذا نتغافى؟ إنتبه، ولا تنبذنا إلى الأبد. لماذا تحجب وجهك وتنسى مذلّتنا وضيقنا؟ إنّ نفوسنا قد انحنت إلى التراب، وبطوننا لصقت بالأرض. هب لنجّدتنا وأفدنا من أجل رحمتك"( المزمور 23: 44-26).
° (حزقيال 23): " وأوحى اليّ الربّ بكلمته قائلا: يا ابن آدم كانت هناك امرأتان إبنتا أمّ واحدة، زنتا في صباهما في مصر، حيث دوعبت ثدييهما، وعبث بترائب عذرتهما. إسم الكبرى أهولة، واسم أختها أهوليبة،وكانتا لي وأنجبتا أبناء وبنات، أمّا السامرة فهي أهولة، وأرشليم هي أهوليبة. وزنت أهولة مع أنّها كانت لي. . . " والى آخر الفقرة...
فهل هذا هو كلام الربّ المقدس؟!. . . وهل تستطيع –أخي القارئ – أن تقدم على قراءة مثل هذا الكلام على أهلك مثلا؟!.
° ( إنجيل متّى 5: 27): " فألقى قطع الفضّة في الهيكل وانصرف، ثمّ ذهب وشنق نفسه"...
وذلك ما يناقض ( أعمال الرسل 18: 1): " ثمّ إنّه إشترى حقلا بالمال الذي تقاضى ثمنا للخيانة، وفيه وقع على وجهه،فانشقّ من وسطه، واندلقت أمعاؤه كلّها، وعلم أهل أورشليم جميعا بهذه الحادثة، فأطلقوا على حقله إسم " حقل دَمَخ" بلغتهم، أي: حقل الدم. . . "
وهذا ما يناقض –أيضا(متّى 7: 27): ". . . وبعد التشاور اشتروا بالمبلغ حقل الفخّاريّ ليكون مقبرة للغرباء. . . ".
°( مرقس 8: 6): "وأوصاهم ألا يحملوا للطريق شيئا إلاّ عصا، لا خبزا ولا زادا ولا مالا ضمن أحزمتهم. . . ".
يناقض (لوقا3: 9): " لا تحملوا للطريق شيئا: لا عصا، ولا زادا، ولا خبزا، ولا مالا، ولا يحمل الواحد ثوبين. . . ".
°(مرقس 46: 10): "ثمّ وصلوا إلى أريحا، وبينما كان خارجا من أريحا، ومعه تلاميذه وجمع كبير، وكان ابن تيماوس الأعمى، جالسا على جانب الطريق يستعطي. . . ".
وذلك يناقض (لوقا 35: 18): "ولمّا وصل إلى جوار أريحا، كان أحد العميان جالسا إلى جانب الطريق يستعطي ".
° (يوحنا 31: 5): "لو كنت أشهد لنفسي، لكانت شهادتي غير صادقة".
وهذا يناقض (يوحنا 14: 8): " فأجاب: مع أنّي أشهد لنفسي، فإنّ شهادتي صحيحة".
°(يوحنا 17: 20): " فقال لها: لا تمسكي بي!فإنّي لم أصعد بعدُ إلى الأب، بل اذهبي إلى إخوتي، وقولي لهم: إني سأصعد إلى أبي وأبيكم، والهي وإلهكم!".
وذلك يناقض (يوحنا 27: 20): "ثمّ قال لتوما: "هات إصبعك إلى هنا، وانظر يديّ، وهات يدك وضعها في جنبي. . . ".
°(متّى 34: 27): "أعطوا يسوع خمرا ممزوجة بمرارة ليشرب فلمّا ذاقها، رفض أن يشربها".
وهذا يناقض (مرقس23: 15): " وقدّموا له خمرا ممزوجة بمرّ، فرفض أن يشرب ".
° (متّى 46: 27): "ونحو الساعة الثالثة صرخ يسوع بصوت عظيم: "ايلي، ايلي،لماذا شبقتني؟"أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟".
ذلك ما يناقض (يوحنا29: 8): "إن الذي أرسلني هو معي، ولم يتركن وحدي، لأنّي دوما أعمل ما يرضيه؟".
° (الأعمال 7: 9): ". . . وأمّا مرافقوا شاول فوافقوا مذهولين لا ينطقون، فقد سمعوا الصوت ولكنّهم لم يروا أحدا".
وهذا يناقض ( الأعمال9: 22): "وقد رأى مرافقي النّور، ولكنّهم لم يسمعوا صوت مخاطبي".
° (الأعمال 10: 22): "فسألت: ماذا أفعل ياربّ؟ فأجابني الربّ: قم وأدخل دمشق، لأنّي لم أكن أبصر بسبب شدة ذلك النّور الباهر".
وذلك مايناقض (الأعمال 16: 26): "إنهض وقف على قدميك،فقد ظهرت لك لأعيّنك خادما لي، وشاهد بهذه الرؤيا التي تراني الآن، وبالرؤى التي ستراني فيها بعد اليوم".
لا يمكنكم تصور العذاب الشديد الذي عانيته بعد إكتشافي لهذه التناقضات في الكتاب المقدّس، كان جدّ صعب عليّ أن أسلّم بذلك، إحباطي كان كبيرا، عقيدتي أصبحت في موضع نظر.
وأخيرا، وخلال 3 سنوات كنت أسلك السبيل الخطـأ، ضللت الطريق إذن، ورجائي ذهب سدًى، أنا الذي ظننت أنّي وصلت قمة المجد، أدركت أنّي كنت في الهاوية، أنا الذي ظننت أنّي أمتلك الحقيقة، وإذ هي بهتان مبين، ورسالة محرّفة أصلا، من طرف عقول وأيد مفسدة، والتي هدفها الوحيد هو خداع النّاس وصرفهم عن الحقيقة ليس إلاّ.
. . . أحسست أنّي غرقت كما تغرق السفينة في البحر، وانهرت انهيارا شاقوليا كما انهارت عمارتي مركز التجارة العالمي بعد اعتداءات 11 سبتمبر.
إنّي لا أبالغ إن قلت لكم، بل أؤكد لكم –غفر الله لي –مثلما قال جوب: "ملعون اليوم الذي ولدتُّ فيه ". . . فلولا فضل الله،لانحرفت. وكنت غالبا، أسير وحيدا في الطريق، كنت أطرح سؤالا على نفسي مثل المجنون: "من هو الربّ، ومن هو الشيطان؟"فكان ثمّة الالتباس، على كل حال كنت على يقين بأنّ الكتاب المقدّس قد حرّف، والحقيقة موجودة في موضع آخر.
العهد الأخير
خلال فترة الحيرة هذه، والصراع النّفسي، هناك شيء واحد ثبّتني وأمدّني بالأمل ؛إنّه الاعتقاد بوجود إله.
فكنت أدعو الله دوما وأرجوه أن ينقذني، ولم أيأس في طلبي...
هناك بدأت أبحاثي حول الإسلام، ومثلما ذكرت سابقا، كانت لي معرفة سطحية حول هذا الدّين خاصة بعد إعتناقي للنّصرانية، إذ كنت أشعر ببغض شديد للإسلام ولرسوله ( عليه الصلاة والسلام ).
أتذكر أنّي بمجرد سماع هذه الكلمة " إسلام " يخيّل إليّ وكأنّّه ستار أسود فوق قلب أسود!
لقد كانت لي أحكام مسبقة كثيرة حول هذا الدّين، وخاصة أنّ الواقع الذي تعيشه بلادنا يأتي ليؤكد هذه الأحكام.
وبكلمة واحدة، كنت أراه مثلما يقول النّصارى: " هو دين له ثمار خبيثة، لأنّه شجرة خبيثة ".
متوخيا التأكد من هذه القاعدة، شرعت في قراء ة القرآن الكريم. إذ عندما يكون لديك ألم في الأسنان تستشير طبعا طبيب أسنان، وليس طبيب العيون أو غيره!! إذن لمعرفة الإسلام، ذهبت مباشرة إلى النّبع: القرآن، وتركت أحكامي المسبقة جانبا.
أولا مجرّد وجوب طهارة الشخص الذي يريد قراءة القرآن يجعل من هذا الكتاب مميزا، عكس الكتب الأخرى، وذلك في العالم أجمع. . . قرأت وأعدّت قراءة القرآن الكريم، وفي الوقت نفسه أتردّد مرارا على مكتبة ثانويتنا- وكانت مفتوحة للرّاغبين في المطالعة من أهل القرية - التي كانت نوعا ما غنية بتصانيف تشرح الإسلام، لقد كان إكتشافا عظيما بالنسبة لي.
إنّ ما اكتشفته في بداية الأمر هو المعنى الحقيقي لعبارة "الله أكبر " ؛ الله أكبر من كل شيء، أكبر ممّا يقوله اليهود والنّصارى، وأكبر ممّا يتصوره أحد، إن في القرآن التعريف الكامل للّه، إله أهلٌ بهذا الاسم، أحد لا يتجزأ، ليس له مثيل، وليس له كفؤًا أحد، مثل ما ورد في سورة الإيمان الخالص (الاخلاص).
(( قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2)لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد )) (سورة الاخلاص).
الله ليس شيئا مركبا، لا يأكل ولا يشرب ولايبكي، إذ أنّه ليس بمخلوق، لكنه الخالق.
الحيّ الذي لا يموت أبدا.
لنسمع لله يعرّف نفسه بنفسه، ويعرف نفسه للنّاس: (هُوَ اللّهُ الّذِي لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ هُوَ الرّحْمَـَنُ الرّحِيمُ [22] هُوَ اللّهُ الّذِي لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ [23] هُوَ اللّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوّرُ لَهُ الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ يُسَبّحُ لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [24] [الحشر 22-24].
الشيء الجديد الذي اكتشفته كذلك هو: "التوحيد "، الذي يعتبر مسألة محورية وأساسية في الإسلام، وأن تجعل مع الله إلها آخر (الشرك) من أكبر الذنوب التي لا تغفر إذا لم يتب منها العبد قبل موته: (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَىَ إِثْماً عَظِيماً) [سورة: النساء - الآية: 48].
إنّ التوحيد هي الرسالة الرئيسية من الله إلى البشر، وبالتالي فهو الذي يُوحّد جميع الرسالات والرسل، ومن أجل هذا بعثوا، ليذّكروا النّاس بأنّ لهم خالقا واحدا لا يُعبد إلاّ هو، اله واحد أحد (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنّهُ لآ إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ) [سورة: الأنبياء - الآية: 25].
إنّها الرسالة نفسها التي تجدها في العهد القديم: " إسمع إسرائيل! الأبديّ ربُّنا، الأبديّ واحد، أحبّ الأبديّ ربّك بكلّ مقلبك، بكل روحك، وبكل قوتك: وهذه الكلمات التي أعطيها لك هذا اليوم ستصبح في قلبك، تحفّظها لأولادك، وستتكلم بها عندما تكون في دارك، وعندما تسافر وعندما تنام، وعندما تستيقظ، تقرؤها وكأنّها علامة في يدك، وستكون كعصابة بين عينيك، تكتبها على أعمدة دارك وأبوابها "(التثنية 6: نص4-9).
بالفعل ؛إنّ هذا هو عين ما وعظ به يسوع ( عليه السلام) للفوز بالخلاص الأبدي والحياة الخالدة، فيقول وهو يناجي الرّبّ: " والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحقّ وحدك "(يوحنا: 17 نصّ3).
الرسول الخاتم محمد (صلى الله عليه وسلم ) كذلك وعظ بالكلام نفسه، حيث نقرأ في القرآن: (قُلْ إِنّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَىَ إِلَيّ أَنّمَآ إِلَـَهُكُمْ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ) [سورة: الكهف - الآية: 110]
إنّ الشهادة بأن "لا اله إلاّ الله " توجب علينا أن ننفي كل ألوهية باطلة، وأنّ نقيم عبادتنا لله وحده، لأنّ الله خلقنا من أجل هذا الهدف الوحيد: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ) [سورة: الذاريات - الآية: 56].
عكس النّصرانية، الإسلام يدعوك –قبل أن تؤمن –للنّقد وللتفكير، لكن على أساس من البراهين والحجج. وهذا فقط من أجل أن يثبّت قلبك ويشتد عزمه، حتى يؤمن عقلك بهذه العقيدة التي هي في غاية البساطة والوضوح.
(قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة: البقرة - الآية: 111].
في حين أنّ العقيدة النّصرانية (عقيدة التثليث ) معقدة لدرجة أنّ النّصراني بنفسه يجد مضضا لتكوين فكرة واضحة المعالم في ذهنه.
إنّ القرآن يمدّ المسلم بتربية شاملة، كاملة منسجمة، والتي تبني شخصية سوية، فهو يعتني ويأخذ بعين الاعتبار كل خصائص الإنسان: الروحية، الثقافية، النفسية، الجسدية، الاجتماعية. . . الخ.
إنّ المسلم لا يقيّد نفسه ولا يحصرها في مجال واحد، إنّه يجد في القرآن ما يحثه على التفكير والتأمل، وعلى البحث لمعرفة العلم وفهم شتّى الظواهر.
الله لا يطلب من الإنسان أن يستأصل غريزته، وأن يُعذب جسده، فهي معركة بلا جدوى،إذ هي ضد الفطرة، بل إنّه يأمر بمجاهدة النّفس لتملك زمامها، دون أن ننسى الإعتناء بالجسد، فلا ينبغي حرمانه من حقوقه.
إنّ الإسلام يحثّ المسلم أن يكون فعالا، وأن يشارك في الحياة الاجتماعية، وذلك بفعل الخير، وزرع الحب والسلّم، وأن يشعر بأنّه نافع وخادم لغيره من الناس، ومطلوب من المسلم كذلك مكافحة الأمراض والآفات الاجتماعية وذلك بالحكمة.
أما التربية التي تريدها النّصرانية، فهي أُحادية الجانب!لا تعتمد إلاّ على الجانب الروحي، فالنّصراني المقطوع عن الواقع تبدو عليه غيبوبة جد ظاهرة، والتي يمكن لها أن تتفاقم مع مرور الوقت لتصبح في الأخير عبارة عن فصام.
ومما لفت إنتباهي كذلك هو: "الآيات " ذات الصبغة العلمية في القرآن، فالله يتحدث عن الظواهر الكونية حديثا موافقا للإكتشافات العلمية الحديثة، فالقرآن وأحاديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) تتحدث واقعيا عن جميع المجالات العلمية: علم الفلك، علم النفس، علم البيولوجيا، علم الأجنّة... إلى غير ذلك.
إكتشفت أيضا أنّ الإسلام حقيقة عبارة عن تواصل للوحي الإلهي، وأنّ محمدا (صلى الله عليه وسلم ) هو آخر الرسل، لكن أعداء الحقيقة يريدون –وبأي ثمن –أن يقطعوا الطريق أمام الوحي الأخير.
(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَىَ اللّهُ إِلاّ أَن يُتِمّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [32] هُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىَ وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [33]) [سورة: التوبة - الآية: 32- 33]
فاليهود والنّصارى لا يعترفون بأنّ محمدا (صلى الله عليه وسلم ) خاتم الرسل...
وبعد فترة من الزمن، وأنا أتابع أبحاثي في كتب العلماء، مثل الشيخ أحمد ديدات، إكتشفت أنّ رسول الإسلام ذكر بوضوح في الكتاب المقدس، وسأذكر هنا بعض الأمثلة:
° أليس الربّ هو الذي وعد هاجر من أنّه سيجعل من إبنها إسماعيل (عليه السلام ) أمّة كبيرة (التكوين 21: 18)؟فماذا قيل عن هذه الأمة الكبيرة في الكتاب المقدّس؟ لا شيء!رغم أنّ (محمدا صلى الله عليه وسلم ) من سلالة إسماعيل، وهذه الأمة الكبيرة هي الأمة الإسلامية.
° الرّبّ وعد موسى (عليه السلام) بأن يُوجد رسولا مثله (العهد القديم: 18نص18)
والوحيد الذي يشبه موسى (عليه السلام ) هو محمد (صلى الله عليه وسلم)أما النصارى فيقولون بأنّه يسوع( عيسى عليه السلام)، في حين أنّه لا يشابهه قطّ.
ولنكتفي بذكر سبب واحد فقط، فإنّ موسى (عليه السلام )رسول، ويسوع (عليه السلام )ربّ –حسب العقيدة النصرانية-.
°في عهد يسوع،إختلف النّاس اختلافا شديدا في قضية بعثة يسوع المسيح ( عليه السلام ): البعض قالوا إنّه الرسول الموعود لموسى (عليه السلام) من طرف الربّ، أمّا الآخرون قالوا إنّه المسيح (إنجيل يوحنا: 7 نصّ 40-41)؟، ما يفهم أنّهم كانوا ينتظرون رسولا آخر غير يسوع، والذي ما هو إلاّ محمّد (صلى الله عليه وسلم ).
° يوحنا المعمدان (يحي –عليه السلام- ) في (إنجيل يوحنا: 1نص19-25) سئل عن شخصية عيسى (عليه السلام)، فأجاب بأنّه المسيح، لا النبيّ، ولا إيليا. من يكون إذن ذلك النبيّ (الذي ذكره يوحنا) إن لم يكن محمدا (صلى الله عليه وسلم)؟!.
°يسوع بشّر بمجيء "بار قليط آخر"، المشتق من الكلمة اليونانية (بار قليطوس)، مترجمو الكتاب المقدّس يترجمون هذه الكلمة بالمعزّى /الروح القدس (يوحنا 14نصّ: 15-26) لكن الحقيقة "بار قليط " تعني شفيعا آخر"، أي: إنسان آخر.
لاحظوا ما ورد في (يوحنا16نصّ13-14)عن يسوع (عليه السلام): "لأنّه لا يتكلم من عنده، بل يتكلم بما يسمع، ويخبركم بما سيحدث ". إنّ هذه النبوءة لا تنطبق على "الروح القُدس" التي هي الشخصية الثالثة في عقيدة التثليث، إنّه لمن المستحيل بأن تكون الكلمات التي ينطقها الروح القدس الله، لكن لاحظوا كيف أنّ هذا المقطع ينطبق تماما على وصف محمد (صلى الله عليه وسلم) لأنّه ورد في القرآن وصفه:
°((( وما ينطق عن الهوى 3 إن هو إلاّ وحيٌ يوحى))))النجم (3-4)
إنّ الكلام الذي سيقوله محمد (صلى الله عليه وسلم )لن يأتي من عنده، لكن من عند الله بواسطة الملك جبريل (عليه السلام)، ليكون بعد ذلك مسموعا من طرف الرسول (عليه السلام)، مثلما يختمه (يوحنا: 16نص13-14).
والرسول محمّد (صلى الله عليه وسلم ) أخبر عن أمور مستقبلية، نبوءات وعلامات القيامة الصغرى والكبرى، كما صوّر التصوير التام ليوم القيامة.
أغلب هذه النبوءات والعلامات الصغرى التي تحدث عنها تحققت تقريبا، مما يثبت رسالته.
أليس من علامة مدّعي النبوءة الذي يتكلم باسم الربّ أنّ قوله لن يتحقق (التثنية: 18النص21-22)؟
°ثم انظر كيف أنّ الربّ، بوحيه لموسى (عليه السلام)، بشّر بالرسالات الثلاثة الكبرى، تلك التي بعث بها موسى وعيسى ومحمد (عليهم الصلاة والسلام).
"الأبدي جاء من سيناء، أشرق عليهم من سير، سطح من جبل باران" (التثنية: 33نص2).
"باران" هو ما نطلق عليه اليوم اسم"مكة"، أين وجد إسماعيل (عليه السلام) قديما، (التكوين: 21نص21)، وأين بعث الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) برسالة الإسلام.
وقارن الآن النصوص السابقة من الكتاب المقدس مع هذه الآيات من القرآن:
(وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ [1] وَطُورِ سِينِينَ [2] وَهَـَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ) [سورة: التين - الأية: 1-3].
إنّ هذه الآيات تشير إلى أماكن وحي رسالات التوحيد الثلاثة.
إذن بهذه الأدلة نستنتج أنّ الإسلام ما هو إلاّ تواصل للرسالات السابقة، وأنّ محمدا (صلى الله عليه وسلم ) حقا هو خليفة عيسى (عليه السلام).
أما من الناحية الأدبية فالقرآن تحفة لا نظير لها.
العارفون باللغة ظلّوا منبهرين ومعترفين بعظمة هذا الكتاب المقدّس، قالوا: إنّه من المستحيل أنّ رجلا أمّيا مثل محمد (صلى الله عليه وسلم ) يمكن له أن يكتب القرآن، لكن بعض النّصارى يقولون بكل اعتباط أنّ محمدا نقل من الكتاب المقدّس! فتحققت من الأمر، فإذ بي أجد أنّ القرآن بالعكس ما هو إلا مواصلة للرسالات السابقة، بل حتى أنّه يصحّح الكتاب المقدس في كثير من تناقضاته المهندسة من طرف المحترفين.
حتى لا يخطئ النّصارى أو غيرهم إذا ما وجد نوعٌ من التشابه بين الكتاب المقدّس والقرآن حول بعض الأمور، فما هو إلا برهان أنّ الله الذي أوحى بأحدهما هو الذي أوحى بالآخر.
-القرآن حجة واقعية، بأنّ الله الحكيم العليم، أوفى بعهده، إذ هو الحافظ الأمين لرسالته المبعوثة للنّاس، لأنّنا نجد في القرآن قوانين الأخلاق التي أوحيت لموسى وعيسى (عليهما الصلاة والسلام)، وكذلك القوانين الأخلاقية الجديدة (الشريعة ) التي أوحيت لنبيّنا محمّد (صلى الله عليه وسلم ).
إذن ؛رسالة الله إلى النّاس كاملة شاملة وتامة ومحفوظة من الله بنفسه:
(إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [سورة: الحجر - الآية: 9]
في أحد الأيام، وبينما كنت أتحدث مع أحد النّصارى حول موضوع القرآن، عبّرت له عن انبهاري وتفاجئي الكبيرين حول هذا الكتاب، فطلبت منه بكلّ سذاجة، وأنا لا زلت نصّرانيا آنذاك أن يخبرني من أين جاء القرآن، فأجابني بأنّ القرآن كلمة الشيطان!
وحدث لي فيما بعد –وأنا أقرأ القرآن-أن أصادف هذه الآيات من سورة التكوير: قال تعالى: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رّجِيمٍ 25 فَأيْنَ تَذْهَبُونَ 26 إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لّلْعَالَمِينَ 27لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ) [سورة: التكوير - الآية: 25- 28].
بقراءتي هذه الآيات إهتزّت فرائصي من منبت شعري إلى أخمص قدمي!
هكذا ؛كانت أبحاثي هذه، إكتشفت حقيقة الإسلام، فعرفت جيدا الفرق بين حقيقة واقع المسلمين وما ينبغي أن يكونوا عليه كما هو في القرآن الكريم. فلقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) صادقا ومحقّا إذ قال قبل أربعة عشر قرنا من الزمان: (وَقَالَ الرّسُولُ يَرَبّ إِنّ قَوْمِي اتّخَذُواْ هَـَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) [سورة: الفرقان - الآية: 30].
إنّها الحقيقة، فالمسلمون هجروا القرآن، هدايتهم ونورهم ومنبعهم الحقيقي للوحدة والحياة.
أصارحكم القول، بالرغم من أنّ قلبي وعقلي إنتعشا برسالة الإسلام، وبالرغم من أنّي كنت مقتنعا بصحّة القرآن، لكن لم يكن من السهل عليّ أن أبدّل مرة أخرى ديني. كنت خائفا، التجربة النّصرانية علمتني أن لا أتعجل في قراراتي،قلت في نفسي: لربما سيحدث لي مع الإسلام الشيء نفسه الذي حدث لي مع النّصرانية،فلعل غضون أعوام، أكتشف مرة أخرى عدم صحة الإسلام، فقررت التريث والإنتظار.
في خلال هذه المدة، القلق إستولى على قلبي، كلما تقدمت في أبحاثي، كلما إكتشفت بأنّ إعتناقي للنّصرانية كان أكبر خطأ وقعت فيه في حياتي، كنت أقول لنفسي بأنّي ضيّعت ثلاث سنين في بهتان مبين. ثم هناك تلك المسؤولية الثقيلة ثقل الجبل، والتي كنت أحسّ بها إزاء أناس كنت سبب اعتناقهم للنّصرانية. فكيف أفعل لأقنعهم بخطئي وخطئهم؟وكيف ستكون مسؤوليتي أمام الله إذا ما مات أحد منهم على هذه العقيدة بدون أن أنذره؟.
وقبل كلّ هذا، هذا الحياء وهذا الجرم الذي أشعر به تجاه الله، العليّ القدير، إذ أنّي كفرت به بأن جعلت له شريكا، ونسبت له ولدا!.
في أحد الأيام، وأنا أفكّر في كل هذا، نظرت إلى السماء وأنا أبكي وأردّد من أعماق قلبي دعاء يونس (عليه السلام)، هذا الدعاء الذي أحبّه كثيرا: (لاّ إِلَـَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمِينَ) [سورة: الأنبياء - الآية: 87].
رؤيـــا
تمر الأيام، والألم ينتاب قلبي، أحسست بنوع من " التآكل الروحي "،كانت من أصعب اللحظات في حياتي.
حدث أنّه في إحدى الليالي، بعدما عدّت إلى بيتي، وفي ساعة متأخرة من الليل، كنت جدّ متعب إلى درجة أنّه كانت لديّ الرغبة الجامحة لأخفف عن نفسي.
إستلقيت على السرير، ورفعت يداي نحو السماء، وبدأت أدعو الله أن ينقذني ممّا أنا فيه، بدأت دعائي بحمد الله والثناء عليه لأنّه أهل لهذا، أو بكل بساطة لأنّه "الإله". حمدتّه على خلق السماوات والأرض، وعلى أن اختارني وأخرجني إلى الوجود، وبعد هذا كلّه، دعوت الله أن يغفر لي جميع ذنوبي، وأن يقبل توبتي. أؤكد لكم بأنّي لم أحسّ بعظمة الله مثلما أحسست بها تلك الليلة، إلى درجة أنّي لم أتوقف عن البكاء، أحسست وكأنّ السماء كانت مفتوحة لي، وكل كلمة أنطق بها كانت عند الله مسموعة، ألححت عليه، وطلبت شيئا واحدا فقط: الهداية إلى صراطه المستقيم.
الحقّ يقال، كنت حينها حياديا في دعائي، كنت أدعو الله،ليس على أنّي نصّراني أو مسلم ولا غيرهما، لكن أدعوه كمخلوق ضالّ يريد أن يعبد خالقه... أمضيت وقتا طويلا، ألحّ في الدعاء، وبعد ذلك نمت، فرأيت هذه الرؤيا:
"رأيتني واقفا ممعنًا النّظر إلى مسجد قريب منّي حوالي 15 مترا، كان ثمّة صمت القبور، كنت وحيدا، عيناي لا تدعان قطّ المسجد، وفجأة وإذ بقوة غيبية تحملني وتأخذني بسرعة الضوء، وأجدني داخل المسجد!".
إستيقظت مذعورا تحت وقع الصدمة، مفزوعا، فأدركت أنّه، بلا شكّ، الله هو الذي إستجاب لدعواتي من خلال هذه الرؤيا، لم أستطع أن أنطق ولو بكلمة، كان بداخلي إحساس لا يمكن التعبير عنه، عدّت إلى النّوم وعيناي مغرورقة بالدموع.
سبحان الله! ها هو تأكيد روحي جاء من عند الله يضاف إلى تأكيداتي العلمية على صدق الرسالة القرآنية.
فبدأت أولا بإعتناق الإسلام فنطقت بالشهادتين: "أشهد أن لا اله إلا الله، وأنّ محمدا رسول الله".
وقررت أن ألتزم بتعاليم الإسلام، الدّين الحق، هو دين الله، دين جميع الأنبياء والمرسلين.
الحمد لله، وبعد مضي أربع سنوات لا زلت دوما مسلما.
وهناك أمر جدير بالملاحظة! وهو كلما تعمّقت في معرفتي بالإسلام، كلما إزددتّ يقينا ووضوحا، عكس النّصرانية، إذ كلما تعمقتّ في معرفتها كلما راودني الشكّ، واكتنفني الغموض.
وبعد هدايتي، اتجهت نحو أولئك الذين كنت سببا في اعتناقهم للنّصرانية، وشرحت لهم كل شيء، وبعون الله، تقريبا كلهم تركوا النّصرانية، بل ومنهم من إعتنق الإسلام بفضل الله.
رأيت جميع النّصارى الذين عرفتهم، قمت بواجبي أمام الله، المتمثل في إنذارهم بالخطر الذي يترصدهم، وتحذيرهم من الغرور باعتمادهم على يسوع، مثلما هو وارد في النّصرانية.
والله أدعو أن يهديهم إلى حقيقة الإسلام مثلما هداني. آمين
من هو يسوع (عيسى)؟
معرفة الله هي أجلّ معرفة.
من الواضح أن يقال: أنّ الله سبحانه وتعالى بعث رسله وأنبياءه للإنسانية من أجل أن يُعرف، إذ أنّ معرفة الله في الإسلام هي أولى الأولويات، وهي شرط في قبول الأعمال والأفعال: (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلا اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [سورة: محمد - الآية: 19].
الله إذن يأمر رسوله أولا بتوحيده، ثمّ بالتّوبة.
فواضح إذن أنّه قبل أن تؤمن بأي عقيدة كانت، من المهم جدّا أن تستدلّ على هذا الإيمان، بمعنى أن تكون مدركا لما سوف تَعبُد، خلافا للكتاب المقدّس فبعد ألفي سنة قضية العقيدة النّصرانية لم تحلّ بعد، "التثليث"و"شخصية يسوع " هما موضع خلاف وجدل من مختلف الطوائف المسيحية: (فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ )[سورة: مريم - الآية: 37].
بل هذه القضية تشكّل مشكلا حتّى بين أعضاء الطائفة الواحدة. والأدهى من ذلك هو غموضها للنّصراني ذاته!!.
في حين أنّ القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يوضح لنا الأمر حول حقيقة العقيدة المسيحية، كذلك حقيقة شخصية عيسى (عليه السلام). هذا الكتاب المقدّس، الموحى إلى محمّد (صلى الله عليه وسلم )، آخر الأنبياء والرسل، هو الكتاب الوحيد الذي يطمئن القلوب،ويثبّتها بالحقائق التي يحويها.
ولكي نعيد النور واليقين إلى الرسالة الإنجيلية والى شخصية عيسى (عليه السلام )مزيلين الغموض عنهما، سنعرض وبإيجاز هذه النقاط بآيات قرآنية، وحتى بنصوص من الكتاب المقدّس.
1-الميلاد المعجز لعيسى (عليه السلام).
القرآن الكريم: (إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [سورة: آل عمران - الآية: 59].
فعندما قدّر الله ميلاد عيسى (عليه السلام)، بغير أن يمسّ مريم بشر، كانت المعجزة "فما من شيء غير ممكن عند الله "(لوقا: 1نص 37).
لماذا نطلق عليه –إذن –اسم ابن الله "؟!.
هل لكونه ولد من امرأة فقط فنجعل لله عائلة!!.
إذ الكاثوليك يدعون مريم: "أم الربّ" (سُبْحَانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ) [سورة: المؤمنون - الآية: 91].
(وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً [88] لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً [89] تَكَادُ السّمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقّ الأرْضُ وَتَخِرّ الْجِبَالُ هَدّاً[ 90] أَن دَعَوْا لِلرّحْمَـَنِ وَلَداً ً[91]وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً) [92]) [سورة: مريم - الآية: 88- 92].
2- إنّ عيسى (عليه السلام ) ما هو إلا رسول، رسول إلى بني إسرائيل:
ورد في القرآن في شأنه: (وَرَسُولاً إِلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ) [سورة: آل عمران - الآية: 49]،
(مّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ وَأُمّهُ صِدّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيّنُ لَهُمُ الاَيَاتِ ثُمّ انْظُرْ أَنّىَ يُؤْفَكُونَ) [سورة: المائدة - الآية: 75]، (يَأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ إِنّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىَ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ) [سورة: النساء - الآية: 171].
نقرأ كذلك في الكتاب المقدّس:
°فقال لهم يسوع: "لا نبي بلا كرامة إلاّ في وطنه ودينه "(متّى: 13نص57)
° "ولمـَّا دخل يسوع أورشليم ضجّت المدينة كلّها وسألت: من هذا؟فأجابت الجموع: هذا هو النبي يسوع من ناصرة الجليل "(متّى 21نص 10-11).
° أنا لا أقدر أن أعمل شيئا من عندي: "فكما أسمع من الأب أحكم، وحكمي عادل لأنّني لا أطلب مشيئتي، الذي أرسلني" (يوحنا: 5نصّ30).
°"فوقع الخلاف بينهم، وقالوا أيضا للأعمى: أنت تقول إنّه فتح عينيك، فما رأيك فيه؟فأجاب: إنّه نبيّ!"(يوحنا: 9نصّ17).
°"أنا الذي كلمكم بالحقّ كما سمعته من الله "(يوحنا: 8نصّ40).
°"لا تقصدوا أرضا وثنية، ولا تدخلوا مدينة سامرية، بل اذهبوا إلى الخراف الضالة بني إسرائيل "(متّى: 10نصّ6).
فأجابهم يسوع: "ما أرسلني الله إلا إلى الخراف الضالّة من بني إسرائيل "(متّى: 15نصّ24).
3- رسالة عيسى (عليه السلام ):
القرآن الكريم: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُم مّصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيّ مِنَ التّوْرَاةِ وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [سورة: الصف - الآية: 6].
إذن رسالة عيسى (عليه الصلاة السلام) واضحة:
-بعث مصدّقا للتوراة، ومبشرا بالنّبأ السّار، نبأ مجيء الرسول (عليه الصلاة والسلام)(أحمد أو محمد يطلق في القرآن على رسول الإسلام ).
والكتاب المقدّس أو الأناجيل تؤكّد ذلك:
فيوحنّا المعمدان (عليه السلام) يقول "توبوا، لأنّ ملكوت السماوات قد اقترب "(ملكوت السماوات أو النّبأ السّار)(متّى: 3نصّ2).
وقد يظنّ ظانّ أنّ ملكوت السماوات أو النبأ السّار هو الإخبار بمجيء عيسى عليه السلام، لكن بعد حين متّى يقول لنا: "وبدأ يسوع من ذلك الوقت يبشّر فيقول: توبوا، لأنّ ملكوت السماوات اقترب "(متىّ4نصّ17).
ممّا يثبت الرسالة الحقيقية لعيسى (عليه الصلاة والسلام) التي هي التبشير بالنّبأ السّار، نبأ مجيء خاتم الرسل، رسول الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم )لقد جاء في الإنجيل على لسان عيسى (عليه السلام) أنّه قال بكل وضوح لليهود بأنّ "الحجر الذي رفضه البنّاؤون صار رأس الزاوية؟هذا ما صنعه الربّ، فيا للعجب! لذلك أقول لكم: سيأخذ الله ملكوته منكم ويسلمه إلى شعب يجعله يثمر "(متّى: 21نصّ42-43).
"الحجر المرفوض "هو أَبُ محمّد (صلى الله عليه وسلم )، أي: إسماعيل (عليه الصلاة السلام) الذي ألقي في صحراء باران (مكّة)، أما ملكوت الله الذي ينزع من اليهود هو وحي الله إلى البشر. وبعد اليهود سيعطى لأمة أخرى، هي أمّة محمد (صلى الله عليه وسلم) التي ستصبح بعد ذلك أمة كبرى، مما يثبت صدق وحي الله لهاجر أمّ إسماعيل (عليه السلام): "لأنّي سأجعل منه أمّة عظيمة "(التكوين: 21نصّ18).
فماذا قيل عن هذه" الأمّة العظيمة"؟لم يذكر الكتاب المقدّس عنها ولا كلمة!.
4- معجزات عيسى (عليه الصلاة والسلام):
القرآن جدّ واضح حول هذه المسألة، فعيسى (عليه الصلاة والسلام) يقوم بالمعجزات، لكن بإرادة وبإذن الله، مثله مثل الرسل الآخرين الذين جاؤوا من قبله، جاء في القرآن:
(وَرَسُولاً إِلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مّن رّبّكُمْ أَنِيَ أَخْلُقُ لَكُمْ مّنَ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَىَ بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لآية لّكُمْ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ) [سورة: آل عمران - الآية: 49]
والكتاب المقدّس يثبت لنا ذلك، بالفعل، ففي (لوقا: 11نصّ20)عيسى (عليه السلام)يقول:
"وأمّا إذا كنت بإصبع الله أطرد الشياطين".
قبل أن يحيي عيسى (عليه السلام) لعازر دعا الله أوّلا، طلب منه أن يستجيب له (يوحنا: 11نصّ41-42).
إذن فعيسى (عليه الصلاة والسلام) لا يستطيع أن يفعل أيّ شيء بدون إذن الله، أليس هو القائل –كما في (يوحنا 7نصّ42)-: "أنا لا أستطيع أن أفعل شيئا بنفسي ".
إلى غاية يومنا، كثير من النّصارى من مختلف الطوائف يشهدون بأنّهم عايشوا أو سمعوا حول حالات شفاء أو رقية تمّت باسم يسوع! لكن نحن المسلمون لا يدهشنا هذا قطّ! لأنّ الله ورسوله حذرانا من قبل من "الدّّجّالين "، وحتى عيسى عليه السلام حذر من هؤلاء النّاس الذين يفعلون المعجزات باسمه، كما نقرأ في( متّى: 24نصّ24)"فسيظهر مسحاء دجّالون، وأنبياء كذّابون، يصنعون الآيات والعجائب العظيمة ليضلّوا".
إنّ النّصارى يحتكرون لأنفسهم هذه القدرة بالتركيز أساسا على النصوص الوحيدة المروية من طرف إنجيلي واحد، ألا وهو مرقس (16: نصّ9-20).
زد على ذلك، أنّها نصوص موضوعة بين معقوفتين ([])، ممّا يعني أنّها آيات لا توجد في بعض مخطوطات العهد الجديد (وهذا حسب الكتاب المقدّس: الطبعة الجديدة المنقّحة).
وأمر آخر، هو أنّ عيسى (عليه السلام) في يوم القيامة سيشهد ضد هؤلاء النّصارى الذين يزعمون أنّهم يصنعون" المعجزات"باسمه، فلقد حذرهم من قبل ففي متّى(7نصّ22-23)نقرأ:
"سيقول لي كثير من الناس يوم الحساب: ياربّ،ياربّ، أليس باسمك نطقنا بالنبوءات؟وباسمك طردنا الشياطين؟وباسمك عملنا العجائب الكثيرة؟فأقول لهم: ما عرفتكم قطّ!ابتعدوا عنّي يا من يقترفون ظلما عظيما!.
الظلم العظيم عرّف في القرآن في الآية 13 من سورة لقمان: (لاَ تُشْرِكْ بِاللّهِ إِنّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [سورة: لقمان - الآية: 13].
الظلم العظيم الذي يعاب عليه النّصارى، هو أنّهم جعلوا من عيسى (عليه السلام)الرسول إلها!.
أكدّتُّ على هذه النقطة لأنّ النّصارى ضلّوا وأضلّوا كثيرا من النّاس بما يسمونه "المعجزات بــسم يسوع"، في حين المستفيد الوحيد من عملهم هو الشيطان!.
هذه الخوارق توجد حتى في الديانات الأخرى، لكن ينبغي على النّاس أن يأخذوا حذرهم منها. فإنّ الدّجّال مثلا سيقوم بأعمال عظيمة ليفتن ويضل كثيرا من الناس، إذن هذا الأمر ليس بمعيار لمعرفة الحقيقة.
5- قضية الذنب:
القرآن واضح كذلك بالنسبة لهذه المسألة (فالإنسان ضعيف، يقع دائما في الذنب)فالإنسان خلق ضعيفا، وخطّاء، فلسنا ملائكة معصومين! لكن المسلم مطالب بأن يحيا حياة توبة، وأن يطمع في رحمة الله: قال تعالى: (قُلْ يَعِبَادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رّحْمَةِ اللّهِ إِنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعاً إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ) [سورة: الزمر - الآية: 53].
في حين أنّ النّصارى، على عكس ذلك، فهم يعتقدون أنّ عيسى (عليه السلام)مات على الصليب من أجل خطايا البشرية، ومن آمن بيسوع غفر له ونجا، لكن الذي لا يؤمن به يموت ومعه ذنوبه، وسيكون مستوجبا للعقاب الأبدي.
"سبحان الله "!ألا تكفي رحمة الله لمغفرة الذنوب؟!!.
بالرغم من ذلك،فإنّه قبل مجيء عيسى عليه السلام نقرأ في العهد القديم بأنّ مغفرة الذنوب كانت ممنوحة بالتوبة الصادقة. فموت عيسى (عليه السلام) من أجل خطايانا مجرد إختلاق!.
النّصارى في صلواتهم يغنّون ويشكرون عيسى لأنّه غفر لهم ذنوبهم مسبقا كل ذنوبهم بمجرد موته، ولقد ورد في الإنجيل أنّ عيسى (عليه السلام) تحدّث بإسهاب عن هؤلاء الصنف من النّاس، نقرأ مثلا في مثل الفريسي وجابي الضرائب في (لوقا 18 نصّ9-14).
الفريسي أليس مثل هؤلاء النّصارى عندما قال: "شكرا لك يا الله، فما أنا مثل سائر النّاس المحتكرين الظالمين الزّناة، ولا مثل هذا الجابي"؟. إنّ هذا الجابي مثله مثل كل النّصارى، ويظنّ أنّه مبرأ طاهر وناج، ولنقارنه مع هذا الجابي الذي: "لا يجرأ أن يرفع عينيه نحو السماء، بل كان يدقّ على صدره ويقول: إرحمني يا الله، أنا الخاطئ".
أليس مثله كمثل المسلم الذي يعترف بأخطائه وذنوبه، ويستحي من الله، ملتمسا مغفرته؟!ثمّ إنّه من غير المقبول والمعقول بأنّ ذنب شخص يحمل وزره شخص آخر، بل الأصحّ بداهة أن نجزم أنّ كل شخص مسؤول عن نتائج أعماله.
من جهة أخرى، إنّه مكتوب في الكتاب المقدّس بأنّ: "النّفس التي تذنب هي التي ستموت، والإبن لا يتحمل خطأ أبيه والأب لا يتحمل خطأ إبنه، عدالة المنصف ستكون له، وخبث الشرير سيكون عليه "(حزقيال: 18نصّ20).
أبونا آدم (عليه الصلاة والسلام )عصى الله فتاب، فمنح الله له مغفرته (وَعَصَىَ ءَادَمُ رَبّهُ فَغَوَىَ [121] ثُمّ اجْتَبَاهُ رَبّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىَ) [سورة: طه – الأية121- 122].
6-الخلاص:
إنّ النجاة في الإسلام كائنة –قبل كل شيء –برحمة الله، لأنّه من ذا الذي يستحق أن ينال الجنّة وما فيها لو لا رحمة الله؟لكن رغم ذلك، الأمر الذي يأتي في المرتبة الثانية، هو الإيمان الصحيح بوحدانية الله ثم الأعمال الصالحة.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم (وَالْعَصْرِ [1] (إِنّ الإِنسَانَ لفي خُسْرٍ [2]إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصّبْرِ[3]) [سورة: العصر].
وفي كثير من الآيات، يؤكد الله سبحانه على الإيمان والعمل الصالح.
الشيء نفسه بالنسبة للكتاب المقدّس، مثل الرجل الذي سأل عيسى (عليه السلام) كيف ينبغي له أن يعمل ليرث الحياة الأبدية (لوقا: 18نصّ18-20)؟ إنّ هذا لشيء غريب، مادام أنّه تقرر أنّ الخلاص في أن تؤمن بموت وبعث عيسى (عليه السلام)، لكن ها هو ذا عيسى (عليه السلام) يجيب السائل بأنّ ليس له إلاّ أن يحفظ وأن يعمل بالوصايا.
حتّى أنّ في متّى: (25نصّ34-45) عيسى (عليه السلام) يؤكدّ بأنّ الخلاص سيكون بالإيمان والأعمال، وأنّ إرث الملكوت سيكون للذين قاموا بأعمال صالحة. نفس الأمر في رسالة يعقوب (1نصّ27)و(2نصّ19-26) التي تشير إلى هذا المعنى: "الخلاص يكمن في أن تعتقد بإله واحد وأن تُطبّّق أوامره ".
وهو ما يتفق مع هذه الآية الكريمة: (قُلْ إِنّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَىَ إِلَيّ أَنّمَآ إِلَـَهُكُمْ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا) [سورة: الكهف - الآية: 110].
7- القيامة:
حسب إنجيل برنابا –المكتشف في آواخر القرن التاسع عشر –الذي صُلبَ لم يكن عيسى (عليه السلام)، لكنّه على الأصحّ: "يهوذا الخائن".
بطرس كان جدّ محقّ إذ نفى أن يكون الذي صلب هو عيسى (عليه السلام) (متّى: 26نصّ69-75)، بل ابتهل وأقسم بأنّه لا يعرف الذي صُلب.
لقد كان يهوذا هو الذي اعتقل وَوُضع للموت، فالله صنع المعجزة بأن جعل يهوذا يشبه عيسى (عليه السلام)، وكل النّاس أخطؤوا.
القرآن يقول في هذا الموضوع: (وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـَكِن شُبّهَ لَهُمْ وَإِنّ الّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّ مّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ اتّبَاعَ الظّنّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً [157] بَل رّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً[158]) [سورة: النساء - الآية: 157-158].
8-التثليث (ألوهية عيسى):
إنّ عقيدة التثليث هي أكبر بهتان عرفته البشرية، إنّي مقتنع بأنّ لا أحد من النّصارى يملك اليقين على التثليث، لذا فالشكّ في قلوبهم أكيدا مؤكدا، من أجل ذلك، فالشكّ يعتبر عند النّصراني العدو الأكبر لعقيدتهم بعد الشيطان.
"الشكّ يؤدي إلى الحقيقة "، كما يقول ديكارت،"أن تشكّ "معناه: أن تُفكر وأن تطرح أسئلة لتفهم، وكل هذا يعتبر خطرا بالنسبة للنّصراني.
هذا الأخير، وبدون أن يُدرك أنّ العقل هو الذي يحثه لكي يفكر في عقيدة تقبّلها بلا تَبصُّر، يعتقد حينذاك أنّ الشيطان هو الذي يهاجمه، ويجب عليه باستمرار أن يطرده من عقله!
إن الإنسان الذي يملك عقلا لا يقبل أبدا هذه العقيدة!لا داعي أن نعود إلى التناقضات الموجودة في عقيدة التثليث، لقد برهنّا على ذلك بنصوص من الكتاب المقدّس، ثمّ لماذا "مراوغة التثليث "هذه؟أليس الإيمان بالله الواحد الأحد أكثر إطمئنانا للقلب، وتثبيتا للعقل؟
(أَأَرْبَابٌ مّتّفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهّارُ) [سورة: يوسف - الآية: 39]
أحمد ديدات كان جدّ محقّ عندما تحدّى النّصارى أن يقدّموا نصّ واحد أين يقول فيها عيسى (عليه السلام): "أنا الله "أو "أعبدوني".
طبعا لا توجد!
جاء في القرآن في هذا الموضوع: (لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِيَ إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ إِنّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النّارُ وَمَا لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [72] لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـَهٍ إِلاّ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لّمْ يَنتَهُواْ عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسّنّ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [73] أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىَ اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ [74]) [سورة: المائدة - الآية: 72- 74].
عيسى (عليه الصلاة والسلام ) ما هو إلاّ بشر، ورسول من الله، أليس هو القائل: "أنا الذي كلمكم بالحقّ كما سمعته من الله "(يوحنا: 8 نصّ 40).
(اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُوَاْ إِلَـَهاً وَاحِداً لاّ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ) [سورة: التوبة - الآية: 31].
أخي القارئ ؛إنّه لجدّ واضح، مثلما تأكّد من أنّه يوجد فرق بين ما لقّنه عيسى (عليه الصلاة والسلام ) وما يلقّنه النّصارى حول حقيقة عيسى (عليه الصلاة والسلام).
خاتـــمة
التَّفكُّر في الله أمر جدّي ومهم، إنّّها قضية حياة أو موت، جنّة أو نار!فالشخص الذي يريد أن يلتزم بأي عقيدة أو دين ينبغي عليه أولا أن يتأمل ويبحث ويطلب النّصح قبل أن يستعجل.
تخيّلوا معي صدمة وخيبة أمل ذلك النّصراني الذي بعد الموت يكتشف إلها ما عرفه قط ّ في حياته!!.
هذا هو –إذن –ما تعلمته من تجربتي النصرانية.
الحمد لله،الآن بعد أن فتح الله عيناي أدركت جيّدا خطة الشيطان.
إكتشفت أنّ السعادة والطمأنينة التي كنت أحسّ بها وأنا نصّراني لم تكن الاّ تزيينا وكيدا من الشيطان ليضلني ويضلّ كثيرا من النّاس.
(إِنّهُمُ اتّخَذُوا الشّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنّهُم مّهْتَدُونَ) [سورة: الأعراف - الآية: 30]
للأسف الكبير، النّصارى يظنّون ويعتقدون أنّ الله هداهم لنوره، في حين أنّ الشيطان –عليه اللعنة- وليّهم، يضلهم ويحثهم على أن يخدعوا ويضلّوا الآخرين، لأنّ الذي لا يعبد الله، الإله الحقّ الأحد، حتما سيعبد الشيطان.
(إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً بَعِيداً[116] إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطَاناً مّرِيداً [117] لّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لأتّخِذَنّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مّفْرُوضاً [118] وَلاُضِلّنّهُمْ وَلاُمَنّيَنّهُمْ وَلأمُرَنّهُمْ فَلَيُبَتّكُنّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلأَمُرَنّهُمْ فَلَيُغَيّرُنّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتّخِذِ الشّيْطَانَ وَلِيّاً مّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مّبِيناً [119] يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً [120] أُوْلَـَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصا [121] )[سورة: النساء - الآية: 116- 121].
أرأيتم إلى مكر الشيطان؟!"يَعدهم ويمنّيهم "أي يُوهم النّصارى أنّهم ناجون ومغفور لهم مسبقا!وأمّا المسلمون فيؤمنون بالمسيح الحقّ أنّه رسول من عند الله.
أمّا الشيطان ؛ فلقد نجح في إيهام النّاس بأنّ عيسى (عليه السلام) إله، رغم أن يوحنّا حذّر من هذا، ونصح بإختبار الأرواح لمعرفة هل هي من الله (1يوحنا: 4 نصّ1-3).
إنّ النّصارى يؤمنون بإله لم يوجد قطّ! مثلما أشار إليه أحمد ديدات – رحمه الله -.
إنّي أعتقد بدون أي مبالغة بأنّ حكمة السامري (متّى: 13(1-23) تنطبق تماما على تجربتي النّصرانية،كنت الأرض الطيّبة، ولكمة الكتاب المقدّس أتت ثمارها على قلبي: النّاس حرّفوه، وأنا حصدّت الشكّ حول صدق الرسالة الإنجيلية.
يوجد في النّصارى من عمّيت بصائرهم، رغم البراهين القاطعة على بطلان معتقدهم، يكابرون ويصّرون على سلوك سبيل العقيدة المحرّفة، ويستمرون في الكذب على أنفسهم، ويكذبون على النّاس.
هؤلاء النّاس على خطر!ولا نستطيع أن نعمل شيئا لهم إلاّ إذا تداركوا الأمر بأنفسهم في ماذا ينفعهم الكبر والإصرار اللذان يقودانهم إلى نار جهنم، والى خسارة أنفسهم إلى الأبد!!.
حتى أنّ عيسى (عليه السلام) يقول عنهم كما في (لوقا: 7نصّ32): "زمّرنا لكم فما رقصتم، وندبنا لكم فما بكيتم ".
وجاء في القرآن (صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) [سورة: البقرة - الآية: 18]
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنّمَ كَثِيراً مّنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاّ يَسْمَعُونَ بِهَآ) [سورة: الأعراف - الآية: 179].
يوم القيامة عيسى (عليه السلام ) يشهد ضدّهم وسيبرئ نفسه أمام الله من جرائمهم وظلمهم.
(وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّخِذُونِي وَأُمّيَ إِلَـَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ [116] مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [117] إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة: المائدة - الآية: 118] [سورة: المائدة - الآية: 116- 118].
كانت لي حادثة مع أمثال هؤلاء النّاس، ففي أحد الأيام، وأنا أتحدث مع نصّراني، وبعد عرض طويل، أثبتُّ فيه تحريف الكتاب المقدّس وصدق الرسالة القرآنية، فلم يجد أيّة حجة ليدافع بها، وعوض أن يتوب إلى الله، إستحوذ الكبر على قلبه، فختم قائلا: "مهما يكن من الأمر، وحتى إن كان إله القرآن هو الحقّ، أُفضّل أن يلقيني في النّار، عوض أن أعبده "فسبحان الله!!.
أدعو الله أن يهديه للإسلام،إذ لا نملك له ولأمثاله الاّ الدعاء لهم بالهداية.
يوجد –بالمقابل- صنف من النّصارى، متواضعي القلوب، يحبون ويبحثون بصدق عن الله، عندما يكتشفون الإسلام –إن شاء الله –سيهتدون، لأنّ القرآن سيخبرهم بكلّ الحقيقة، يقول الله تعالى في حقّهم: (لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مّوَدّةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّا نَصَارَىَ ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [82] وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرّسُولِ تَرَىَ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ مِمّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ يَقُولُونَ رَبّنَآ آمَنّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ [83] وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ الْحَقّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصّالِحِينَ [84] فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ) [85] [سورة: المائدة - الآية: 82- 85].
أيها النصارى واليهود ؛ بل أيّها النّاس بمختلف إعتقاداتكم ؛استجيبوا لنداء الله خالقكم الواحد:
(قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ) [سورة: آل عمران - الآية: 64].
هذا هو إذن ما سيوحّد، ليس النّصارى والمسلمون فقط، بل كلّ البشرية على وجه الأرض، إنّها العودة إلى الله الواحد، واتّباع سبيل الإسلام:
(إِنّ الدّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) [سورة: آل عمران - الآية: 19]
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الاَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة: آل عمران - الآية: 85]
دينٌ خالصٌ وقيّم: (أَمَرَ أَلاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ إِيّاهُ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [سورة: يوسف - الآية: 40].
دين مؤيّد بكتاب محفوظ من الله وحده:
(إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [سورة: الحجر - الآية: 9]
(أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) [سورة: النساء - الآية: 82].
(مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىَ وَلَـَكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [سورة: يوسف - الآية: 111].
هذا هو إذن القرآن، إنّه نور لمن أراد أن يبصر، هداية ورحمة لمن أراد أن يستقيم، وليس بشيء لمن يقرَؤه بأعين الموتى.
كلمة "إسلام" تعني "الاستسلام والخضوع "،أن تتعلق كليّا بالله راضيا به ربّا، وأن تعيش طوع أمره.
أبونا في العقيدة، إبراهيم (عليه السلام) كرّم كثيرا من الله، لأنّه كان القدوة الكاملة في خضوعه التّام لله.
إذ أنّ الله أمره أن يذبح إبنه الذي يحبه كثيرا، فما كان من إبراهيم الاّ أن يطيع ويخضع. ولقد اختصر سليمان (عليه السلام) حكمته بهذه العبارة –كما في( الجامعة: 12نصّ 13)-: "اتّق الله،واعمل بوصاياه، تكن إنسانا كاملا ".
الأمر نفسه بالنسبة لعيسى (عليه السلام)، كان خاضعا لله، وعاش حياة مُنفّذا وصايا الله، إذ يقول –كما في (يوحنا: 6نصّ38)-: "بعثت لا لأعمل ما أريده أنا، بل ما يريده الذي أرسلني ".
لقد كان رسولنا محمّد (صلى الله عليه وسلم ) النموذج الأمثل في خضوعه لله، في حركاته ونظراته وكلماته وأعماله، بل حتى في أبسط أمر من حياته، ما هذا؟إلاّ تعبير عن هذا الخضوع والعبودية التّامة لله سبحانه وتعالى:
(لّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللّهَ وَالْيَوْمَ الآخر وَذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً) [سورة: الأحزاب - الآية: 21].
إنّ المسلم وهو يضع جبهته على الأرض أثناء صلاته، في هذه الوضعية الكريمة (السجود) ما هي إلاّ إشارة إلى الخضوع والإعتراف للخالق من طرف المخلوق، فالمسلم إذن يعبر بهذه الطريقة عن خضوعه لله الواحد الذي هو أهل للحمد والعبادة.
المسلم في صلاته يضع جبهته على الأرض، هذه الوضعية الشريفة (السجود) ما هي إلاّ تعبير عن الخضوع والإعتراف للخالق من طرف المخلوق، فالمسلم إذن يعبر بهذه الطريقة عن خضوعه لله الواحد الذي هو أهل للحمد والعبادة.
الإسلام هو الدّين الحق من الله إلى الناس، وإنّه دين جميع الأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام).
فالخلاص الحقيقي ليس في أن تستسلم للشهوات الجسدية أو الاجتماعية، ولا أن تعبد الشيطان أو النّاس أو الأصنام،لكنّه في الحقيقة إذعان واستسلام لله الأحد ثمّ القيام بالعمل الصالح: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنّةَ إِلاّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىَ تِلْكَ أَمَانِيّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ[111] بَلَىَ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [112] ) [سورة: البقرة - الآية: 111- 112].
الآن فقط تحقّقت لماذا يقول النّصارى أنّ روح الإسلام هي أصعب روح للإخراج ؛فالإسلام بالنسبة لهم هو الوحيد في هذا العالم بأسره من بين جميع العقائد والديانات والإيديولوجيات الذي يمثّل تحدّيا وخطرا داهما للنّصرانية، لأنّ أكذوبة التثليث –وبكل بساطة-لا يمكن أن تصمد أمام نور التوحيد.
أعزّائي المسلمين وعزيزاتي المسلمات ؛إسمعوا –يرحمكم الله-صرخة الحق هذه من قلب يريد لكم الخير في الحياة الدنيا، والسعادة في الآخرة.
°إن حدث وقال لك نصراني: "يسوع هو الله "،
أجبه بأن: "لا إله إلاّ الله".
°وإن قال لك: "الله يتكون من ثلاث "،
قل له: (قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ) [سورة: الإخلاص - الآية: 1].
°وإن أصرّ على أن يشرح لك بأنّ: "الأب إله، والابن إله، والروح القدس إله، والثلاثة يكوّنون إلها واحدا،
فأجبه بأنّ: (أَأَرْبَابٌ مّتّفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهّارُ) [سورة: يوسف - الآية: 39]
(وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً [88] لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً [: 89] تَكَادُ السّمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقّ الأرْضُ وَتَخِرّ الْجِبَالُ هَدّاً [90] أَن دَعَوْا لِلرّحْمَـَنِ وَلَداً [91] وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً [92] ) [سورة: مريم - الآية: 88- 92]. .
°وإن قال لك: "عيسى مات من أجل خلاصك "،
قل له: إن كان حقيقة عيسى هو الله، فإنّ الله حيّ لا يموت أبدا!.
°وإن أصرّ وبشّرك بأنّ: "عيسى يدعوك ليغفر لك خطاياك، وأن يحمل خطاياك على الصليب "،
قل له: ( وَمَن يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلاّ اللّهُ) [سورة: آل عمران - الآية: 135]
(وَلاَ تَكْسِبُ كُلّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىَ) [سورة: الأنعام - الآية: 164].
(كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [سورة: المدثر - الآية: 38]
° وإن عاند بقوله: "النّصرانية هي دين الحقّ"،
أجبه بأنّ: (إِنّ الدّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ) [سورة: آل عمران - الآية: 19].
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الاَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة: آل عمران - الآية: 85].
° وإن عاند، وأحسست أنّ قلبه يتحجّر، (فَلَمّآ أَحَسّ عِيسَىَ مِنْهُمُ الْكُفْرَ) [سورة: آل عمران - الآية: 52]. ، فاعلم أنّه أصبح أو سيصبح وليّا وخادما للشيطان، الذي يدعو ضحاياه ليكونوا من عداد الخاسرين، ومن أصحاب الجحيم، خذ حذرك إذن، لأنّ سلوكهم الفاتن طعم، وكلماتهم المعسولة تحوي على سمّ قاتل، ألا وهو "الشرك".
افرح واحمد الله على هذه النعمة،كن معتزّا من كونك مسلما خاضعا لله، أعلنه حيثما كنت،احكه لأبنائك، أكتبه على طاولة قلبك، وقل لكلّ شخص يعيب عليك انتمائك للإسلام: (قُلْ إِنّنِي هَدَانِي رَبّيَ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مّلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [161] قُلْ إِنّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ [162] لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوّلُ الْمُسْلِمِينَ [163] قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبّ كُلّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىَ ثُمّ إِلَىَ رَبّكُمْ مّرْجِعُكُمْ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [164] ) [سورة: الأنعام - الآية161 -164].
اعلموا، أعزّائي القرّاء،بأنّ الإسلام سيظل دوما شامخا،حتى وإن كثر أعداؤه، وحتّى وإن كيد له بكل المكائد الممكنة، وسيواصلون الكيد من أجل أن يوهنوه.
لكن الإسلام سيكون دوما منتصرا،لأنّه بكل بساطة دين الله رب العالمين!لذلك فإنّ الكذب وشتّى الأباطيل ستسقط وتضمحل بالرغم من كون أصحابها هم الأقوياء في نظر العالم أجمع:
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَىَ أَمْرِهِ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [سورة: يوسف - الآية: 21].
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ) [سورة: الأنبياء - الآية: 18].
فسبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
اللهمّ فاشهد أنّي بلّغت وأنذرت.
جويلية 2002
انتهى.
لكل اتصال (نصائح، توجيهات،معلومات. . . )
توجه الرسائل إلى: elbayane_dz@hotmail. com
تعليق