بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين ، نبينا محمد و على آله وو صحبه أجمعين.
كثير من المستشرقين ينسب إلى القرآن نقل قصص النصارى ، و كثيرًا ما استهزؤوا بقصة أصحاب الكهف . و زعموا أنها قصة خيالية تسمى "نيام افسوس السبعة" و أن الرسول محمد (صلى الله عليه و سلم) نقلها إلى القرآن . و الحقيقة أنهما قصتان مختلفتان جدًّا ...
فالمسيحية قصة كاذبة ... و الإسلامية صادقة..
هذا البحث ليس بحثي و إنما هو في بحث في كتاب كامل اسمه أهل الكهف للفاضل أحمد علي المجدوب.
و هو كتاب جميل هدفه دفع المزاعم الاستشراقية المسيحية عن قصة أهل الكهف . و الكتاب مكون مما يقارب 265 صفحة و أنا أنصحكم بقراءته . لكن رأيت أن أختصره حتى يتيسر البحث للجميع.
[a7la1=3366FF]لا تنسوني من صالح دعائكم[/a7la1]
فمع البحث.
قصة أصحاب الكهف ... في التوراة و الإنجيل و القرآن
إن قصة أصحاب الكهف ، کما وردت في القرآن الكريم، تعد بحق مثالا للقصة الكاملة ، على الرغم من إيجازها الشديد، وما اتسمت به من اتجاه نحو التجريد، وبخاصة فيما يتعلق بالتفاصيل والتواريخ وأسماء الأشخاص والأماكن . يقابل هذا تركيز واضح على الدوافع والبواعث والمشاعر الإنسانية ، وأحوال البيئة الاجتماعية ، سواء على المستوى العام أو الخاص .
وإذا كانت هذه القصة قد وردت في القرآن الكريم في ما لا يزيد على ثمانی عشرة آية ( من الآية التاسعة إلى الآية السادسة والعشرين ) وبلغ عدد كلماتها ۳۲۸ كلمة تقريبا، فإنها على الرغم من ذلك تعد من القصص الطويلة ؛ إذ العبرة في تقدير القصص من حيث الطول أو القصر ليست بعدد الكلمات أو مقدار الصفحات التي تتكون منها القصة. كذلك ليست العبرة بتنوع الأحداث، سواء منها الأساسي أو الفرعي أو كثرة عدد الأشخاص أو تعدد الملابسات أو المفاجآت، أو ما يسمى في الاصطلاح الفني «عقدة القصة » وإنما العبرة مدلولات الكلمات ومعانی العبارات.
فعلى الرغم من أن عدد كلمات القصة لا يزيد – إن لم يكن يقل - عن عدد كلمات الخطاب العادي الذي يكتبه الناس بعضهم لبعض، فإن هناك فرقا واضحا يميز قصة أهل الكهف والقصص القرآني عموما على غيره من القصص ، ألا وهو أن كتاب القصة قد يسرفون في استخدام الكلمات وصياغة العبارات التي يظنون أنها تساعد في إبراز الفكرة أو توضيح المقصود من القصة أو الموقف وما يتكلفونه وهم يسودون الصفحات الطوال، ومع ذلك فإنهم كثيرا ما يخفقون . فإن القرآن الكريم، مع اقتصاده الملحوظ في استخدام الكلمات يصل إلى هذه الغاية بأقل عدد ممكن منها. وهذا هو أحد أوجه إعجازه، فالكلمات القليلة – وأحيانا الكلمة الواحدة تتضمن من المعانی والأخيلة والإيحاءات ما يزيد كثيرا على ما تتضمنه صفحات كثيرة وعبارات عديدة يزدحم بها القصص العادي .
ومما لا شك فيه أن قصة أصحاب الكهف مثلها مثل غيرها من قصص القرآن هي وجه من وجوه إعجازه، وذلك من حيث إخبارها بأمور حدثت في الماضي البعيد ولم يكن للرسول يعلم بها، في حين كان مالدى أهل الكتاب من يهود ومسيحيين من علم بها مشوهة وزائفة بعد ما أقحموه على التوراة والإنجيل من أمور ليست منها. فجاء القرآن الكريم بالقصص على وجهه الصحيح ليفحمهم ويفضح كذبهم. غير أن إيراد القصة على النحو الذي وردت به في القرآن يدخل في الإعجاز البلاغی. فن أوجه إعجازه أنه يستعمل اللفظ بدلالة معينة لا يمكن أن يؤديها لفظ آخر (القران والقصة الحديثة، ص. 35).
وقصة كقصة أهل الكهف يمكن - على الرغم من قلة عدد كلماتها- أن تستغرق من فكر الإنسان وتشغل من وقته حيزا كبيرًا لا يمكن تحديده بدقة، نظرا للتباین الشديد بين الناس من حيث سعة الفكر، والقدرة على التخيل، وامتلاك موهبة التحليل والتفسير، وغير هذا وذاك مما يتمايز فيه الناس بعضهم عن بعض . وها هو واحد ممن قرءوها (القران والقصة الحديثة، ص. 36) يقول : « إن قاریء قصة أصحاب الكهف يرى على صفحة مخيلته نفس الأمكنة التي دارت فيها حوادثها ، ودور الشمس في غروبها وشروقها على الكهف ، ومنظر الكلب الرابض، وما إلى ذلك من تفصيلات كل مشهد من مشاهد القصة ، كأنه يرى شريطة سينمائية ناطقة بكل مقومات الشريط السينمائی الذي استوفى كل أركان النجاح الفني من رسم شخصيات القصة وطريقة حركاتها، بل والأبعاد المختلفة للقطاتها المتباينة، وما إلى ذلك من عناصر الفيلم السينمائي الناجح .. وقد كنت طوال قراءتي للقرآن الكريم - تلك القراءة التي استغرقت وما زالت تستغرق جزءا كبيرا من وقتی – أرى وقائعها أمام عيني وكأنها شريط سينمائی .
والحقيقة التي لا مراء فيها أن هذه القصة الرائعة ليست مجرد حكاية أو حدوته ) كما هو حال القصص العادي ، وإنما هي۔ فضلا عما فيها من حكم واضحة وموعظة جلية - تعد أيضا رياضة ذهنية ، ولا نعني بذلك أنها كالأحاجي أو الألغاز والفوازير التي يجهد الناس أنفسهم في حلها ، وإنما هي أرفع من ذلك وأرقی ؛ لأنها لا تقوم على استخدام الألاعيب اللغوية من تورية وجناس وغيرها ، و إنما تقوم على ما هو أعمق من ذلك وأكثر جدية ، ألا وهو سبر غور الكلمات للتعرف على معانيها ، واستكناه دلالاتها، ثم إيجاد الرابطة الخفية التي تربط بين بعض الكلمات أو العبارات والبعض الآخر، واستكمال بعض تفاصيل إحدى الصور ما توحي به الكلمات في هذا الجزء أو ذاك من أجزاء القصة .
وفضلا عن أن قصة أهل الكهف أتت مستوفية لما يسميه النقاد والأدباء في العصر الحديث « شروط القصة أو مواصفاتها » فإنها جاءت بأسلوب جديد في سرد القصص، هو ذکر ملخص كامل للقصة يليه بيان التفاصيل الهامة . وهو أسلوب يتسم بالصعوبة ويحتاج إلى مهارة فائقة في استخدامه ؛ لأنه قد يؤدي إلى إفقاد القصة ذاتها لعنصر التشويق الذي يعد عامة أساسية في نجاح القصة و استحواذها على الاهتمام، وكان القرآن الكريم أول من عرف هذا الأسلوب ، ثم أصبح بعض كتاب القصص يستخدمونه ، ولكن على نطاق ضيق جدا يرجع إلى خوفهم من إفقاد القصة عنصر التشويق .
وبالإضافة إلى كل ذلك فقد لاحظت من قراءتي لآيات أصحاب الكهف أن معجزتهم تختلف عن غيرها من المعجزات التي اشتملت عليها بعض سور القرآن ، وبخاصة من حيث قابليتها للخضوع للتحقيق التاريخي، فقد تضمنت القصة الكثير من الملابسات والظروف المختلفة التي أحاطت بحدوثها ، والأوصاف الدقيقة لأحوال الفتية قبل النوم وأثناءه ، وبعد اليقظة ، وذلك على الرغم من إيجازها الشديد کا سبق أن أوضحنا ، غير أن كلماتها تتضمن من المعانی وتحتوي من الدلالات ما تعجز الصفحات الطوال عن تصويره وتجسيمه . وهي وإن كانت مرتبطة بالمعجزة فإنها وقائع يمكن إخضاعها للتحقيق التاريخي وربطها بمكان وزمان معينين ، مثال ذلك ذكر الفتية لرجم قومهم لهم إذا عثروا عليهم ، فالرجم كعقوبة كانت توقع على من يخرج على دين الجماعة ، وكان مطبقة في مجتمع بعينه من المجتمعات التي كانت قائمة وقت أن حدثت وقائع أصحاب الكهف . كذلك ما ذكره الفتية عن رفضهم أن يدعوا إلها آخر من دون الله، ثم ذكرهم لما يعبده قومهم من آلهة أخرى مع الله، الذي اسنثنوه في رفضهم عبادة ما يعبده قومهم ، يدل على وجود دینين يتصارعان في المكان والزمان، أحدهما يعبد فيه الله على غير حقيقته ، والآخر يعبد فيه الله مع غيره ، فتى كان ذلك ؟ وأين كان ؟
وغير هذا وذاك هناك الكثير مما تضمنته قصة أصحاب الكهف الذي يقبل التعامل معه بمنهج «التحقيق التاريخي ». .
وأخيرا فإن قصة النيام السبعة التي زعموا أنها أصل قصة أصحاب الكهف ، على الرغم مما فيها من إسهاب وإفاضة في ذكر التفاصيل، لا تكاد تصمد أمام التحقيق التاريخي والنقد العلمي ، فسرعان ما يظهر تناقضها الداخلي، وما فيها من افتعال ، وما تتضمنه من زيف وتزوير، وكأن الذين زوروها ظنوا أن ما فيها من حديث عن إعجاز الله يكفي وحده الصرف الأنظار عما تتضمنه من أكاذيب وخرافات، وفاتهم أن الله سبحانه وتعالى لا يطلب من الإنسان أن يلغي عقله نهائيا ، أو أن يطرح منطقه تماما إزاء قدرته سبحانه ، فالمعجزة باعتبارها خروجة على المألوف، وتعطي للقوانين بالنسبة لأمر ما كالحياة والموت، فإنها تحدث في إطار من الزمان والمكان ، والعادات والأفكار، ولا تخرج بدورها على حكم المنطق أو العقل ولا تتعطل بسببها القوانين ، بل لعل هذا هو جوهر المعجزة ، أن يتوقف عمل القانون بالنسبة لأمر ما، في حين يستمر عمل غيره من القوانين ، وهو ما بينته لنا سورة الكهف بالنسبة للفتية ، فهم نائمون نومة طويلة لا يأكلون ولا يشربون ، حالهم حال النيام ، ولكنهم يتقلبون ويتنفسون في كهف مفتوح ، ويدخل إليهم الهواء وضوء الشمس دون أشعتها لينقى لهم جو المكان ، وكل هذه قوانين تحكم حركتهم وسكنتهم وأجهزتهم وغير ذلك. ولكن الأسطورة المسيحية نسيت كل هذا، وظن واضعوها أن المعجزة تعنی توقف كل القوانين بالنسبة لمن كانوا موضوعة لها، وفاتهم إدراك أن معجزة النوم المدة طويلة تختلف عن معجزة الموت ثم البعث فخلطوا بين الأمرين، بل وخلطوا بين أمور كثيرة لم يفطنوا إليها، وهو ما أراده الله سبحانه وتعالى لكي يكشف كذبهم وافتراءهم .
وسوف يتبين للقارىء، بعد ن ينهي قراءة هذا الكتاب أن رسول الله لم ينقل القصة عن المسيحيين ، وإنما المسيحيون الذين سمعوا القصة الحقيقية بعد حدوثها، ثم زوروها واقحموها على تراثهم الديني لاغراض مشلوهة، ولذلك تخداهم الله في سورة الكهف أن يكونوا هم او اليهود قد أحصوا مدة لبث الفتية في الكهف.
اعلم أخي أن جميع المزاعم بنيت على قصص المفسرين ، حيث أنهم اهتموا بالقصة النصرانية في سرد جميع تفاصيل القصة عدا المذكورة في القرآن ، بل إن بعضهم خالفه. و مصدر القصة هو الإسرائيليات و النصرانيات.
و اعلم بأن القرآن بريء منها .
تمهيد: كيف دخلت الإسرائيليات و النصرانيات إلى كتب التفسير؟
دخلت عن طريق من أسلم من اهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام و كعب الأحبار و وهب بن منبه و تميم الداري.
و لقد وقف الإسلام ضد الإسرائيليات في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم و في عهد الخلفاء من بعده ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عن اليهود :"لا تصدقوهم و لا تكذبوهم" و علل ذلك باحتمال أن نصدق خبرا كاذبا من أخبارهم أو نكذب خبرا صادقا.
و الأدلة على ذلك كثيرة كثيرة ، و لن أطيل عليكم بذكرها لأنها ليست هي من صلب الموضوع.
أسباب دخول الإسرائيليات لكتب المفسرين:
1- استبعاد تحريف القرآن من قبل الإسرائيليات.
2- لم يفرض حظرا عليها.
3-استغلال اليهود لتصديق القرآن لكتبهم.
4- استغلال اليهود لسماحة الإسلام و نفاقهم.
5- أنهم اعتقدوا أن الدين الإسلامي إنما حارب العمل بالإسرائيليات و ليس السماع.
أولاً : أهل الكهف في المصادر اليهودية:
ذكر في سبب نزول سورة الكهف أن قريش سألت اليهود عن أشياء يمتحنون بها الرسول صلى الله عليه و سلم فقالوا لهم : اسألوهم عن فتية في الزمن الأول ذهبوا .. ما بالهم؟ و عن رجل طواف بالأرض و عن الروح ما شأنها.أما اليوم لا توجد هذ القصة في كتبهم، و لا يخفى علينا أن اليهود مزورون و أنهم كرهوهم فمسحوا ذكرهم عقابًا لهم ؛ لأنهم تركوا اليهودية.
ثانيًا: أصحاب الكهف أو النيام السبعة في المصادر المسيحية:
وردت قصة أصحاب الكهف أول ما وردت في التراث الديني المسيحي تحت اسم «النيام السبعة » أو « نیام افسوس السبعة » منسوبة إلى الأسقف السوري « چیمس » من أهل ساروج ؛ ولهذا سمي « چیمس الساروجی» ويقول إدوارد جيبون في كتابه « سقوط الإمبراطورية الرومانية » 2/ 266) نقلا عن «اسمانی » الذي يعد أول من أشار إلى هذه القصة في كتابه قائلا : « ومن بين قصص التاريخ الديني أرانی مسوقا إلى انتقاء القصة الشهيرة ، قصة النيام السبعة ، الذين يتفق تاريخهم المزعوم مع عهد « ثيودوسيوس الأصغر» وغزو الوندال لأفريقيا. فعندما تعرض المسيحيون لاضطهاد الإمبراطور دیکیوس ، اختبأ سبعة من النبلاء الشبان بمدينة أفسوس داخل كهف فسيح غائر في سفح جبل مجاور للمدينة. وهناك قضی عليهم الطاغية بالهلاك بأن أصدر أوامره بأن يغلق عليهم مدخل الكهف إغلاقة محكمة بكومة من الأحجار الضخمة ، وللحال راح الشبان في سبات عميق طالت مدته بصورة معجزة إلى مائة وسبع وثمانين سنة، دون أن تتأثر قوى الحياة فيهم . وفي نهاية تلك الفترة أزاح عبيد أدولیوس، الذي آل إليه ميراث الجبل تلك الأحجار الضخمة ليشيدوا بها بناء ريفية، ونفذ ضوء الشمس إلى داخل الكهف ، فكان هذا إيذانا باستيقاظ النيام السبعة ، وشعر هؤلاء النيام بالجوع بعد نوم ظنوه ساعات قليلة ، فقرروا أن يعود واحد منهم سيرا إلى المدينة لشراء ما يحتاجون إليه من خبز، ووقع اختيارهم على جامبليکوس ، ولم يستطع الشاب - إذا جاز لنا أن نطلق عليه هذه التسمية – أن يتعرف على منظر بلده المألوف لديه ، وزادت دهشته عندما رأى صليبة كبيرة منقوشة على الباب الرئيسي بمدينة أفسوس، وارتبك الخباز عندما شاهد ملبسه الغريب وسمع لغته القديمة ، ثم قدم له جامبليکوس عملة عتيقة من عهد دیکیوس على أنها العملة المتداولة في الإمبراطورية ، وهنا ارتاب الخباز في أن الشاب قد عثر على كنز خفی، فساقه أمام القاضي، وترتب على ما دار بين الرجلين من استفسارات أن وضحت القصة المذهلة ، وهي أن قرنين من الزمان تقریبا قد انصرما منذ أن فر الشاب وأصدقاؤه من غضب الطاغية الوثنی ، وسارع إلى زيارة كهف النيام السبعة أسقف أفسوس، والكهنة ، والحكام ، والشعب ، بل الإمبراطور ثيودوسيوس نفسه ، كما يقال . وما إن منح هؤلاء السبعة بركتهم للحاضرين وقصوا عليهم قصتهم حتى وافتهم المنية في سكون وهدوء ، ويعلق «جيبون » على هذه القصة قائلا : « ولا يمكن أن يكون اليونان الحديثون هم الذين لفقوا هذه الأسطورة العجيبة بدافع من السذاجة والتقوى ؛ لأن القصة المتواترة الصحيحة يمكن تتبعها إلى تاريخ انقضاء خمسين سنة على حدوث المعجزة المزعومة . فالأسقف السوری چیمس من أهل ساروج، الذي ولد بعد سنتين من موت ثيودوسيوس الأصغر، خصص إحدى عظاته المائتين والثلاثين للإشادة بشبان افسوس . وقبل أن ينتهي القرن السادس كانت أسطورتهم قد ترجمت من اللغة السريانية إلى اللاتينية بفضل عناية جريجورى ، أسقف مدينة تور، كما أن الطوائف الشرقية المعادية تحتفظ بذكراهم بالاحترام نفسه ، وكذلك دونت أسماؤهم بصورة مشرفة في التقويم الروماني والحبشي والروسي »..
ويضيف «جيبون » إلى ذلك قوله : « ولم تقتصر شهرتهم على العالم المسيحي وحده، بل إن هذه القصة الشائعة التي لا بد أن النبي محمدا قد سمعها عندما ذهب بقوافله إلى أسواق سوريا، قد نزلت في القرآن کوحي إلهي، وأخذت الأمم التي تدين بالإسلام من البنغال إلى إفريقيا، قصة النيام السبعة ونمقتها ».
كذلك جاءت نصة النيام السبعة في دائرة المعارف للأخلاق والديانات ، ولكن بتفصيل أكبر من ذلك الذي أوردها به جيبون فقد جاء بها :
إن الإمبراطور « دیسیس » Decius يدخل في المدينة اليونانية القديمة « أفسيس » ويحدد فيها عبادة الأوثان، ويأمر أهل المدينة والمسيحيين بصفة خاصة، بتقديم الذبائح والقرابين لها، وأقلع عدد من المسيحيين عن عقيدتهم النصرانية . وبقي عدد منهم متمسكين بديانتهم ، محتملين اضطهاد رجال الحكومة ، وتعذيبهم. وهنا يقدم إلى الإمبراطور سبعة من الشباب ( وتقول بعض الروايات : إنهم كانوا ثمانية ) وكانوا مقيمين في السراي ، وقد اختلف في أسمائهم وقد اتهموا باعتناق النصرانية سرا، وهو يرفضون تقديم القرابين إلى الأوثان ، ويمهلهم الإمبراطور لمدة طمعا في أن يرجعوا إلى صوابهم ، ويتوبوا عن النصرانية ، أو يخرجوا من المدينة .
وفي خلال هذه المدة يغادر هؤلاء الشباب المدينة ، ويأوون إلى كهف في جبل قريب كان يسمی با Anchilus ويخرج أحدهم واسمه Diomedes أو Imblicus منتكرة ، وفي ثياب متسخة مرقعة - إلى البلد بليتعرف الأخبار، ويشتری الطعام ، ولا يمضي على ذلك كثير حتى يرجع « دیسیس » إلى المدينة ، ويأمر بأن يقدم إليه الشباب، ويخبر Diomedes زملاءه بهذا الأمر السلطاني، فيتناولون الطعام ، وقد استولى عليهم الحزن والقلق ، ثم يستغرقون في نوم عميق طويل يسلطه الله عليهم ، ولما لم يهتد الإمبراطور إلى هؤلاء الشباب ، طلب آباءهم ، فأبدوا براءتهم من هذا التهرب، وأن تكون لهم يد في هذه المؤامرة ، وأخبروه بأنهم مستترون في جبل Anchilus وهنا يأمر الإمبراطور بأن يسد مدخل هذا الكهف بحجارة كبيرة ، فيموتوا هناك حتف أنوفهم، ويبقوا موعودين في هذه المغارة ، ويكتب مسيحيان، أحدهما Theodore والآخر Rurinus قصة هؤلاء الشهداء الشباب على لوحة من معدن ، ويدفنانها تحت الحجارة التي سد بها الغار، وبعد أن مضى عليهم ثلاثمائة سنة وسبع سنوات في عهد الإمبراطور ثيودوسيس الثانی Theodosius تقوم ثورة يقودها بعض المسيحيين ، وتنكر جماعة منهم على رأسهم القس ثيودور Theodore عقيدة بعث الأموات وإمكان حشر الأجساد ، فيفزع ذلك الإمبراطور المسيحي ويشغل باله ، وهنا يلهم الله رجلا اسمه Adolius أن
ثالثًا : قصة أهل الكهف في القرآن:
تلخصها الآيات التالية في إيجاز أدق من إطناب المفسرين.
{{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً{9} إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً{10} فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً{11} ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً{12} نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى{13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً{14} هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً{15} وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً{16} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً{17} وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً{18} وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً{19} إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً{20} وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً{21} سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً{22} وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً{23} إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً{24} وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً{25} قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً{26} وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً{27} }} سورة الكهف
تعليق