الإلحادُ في العالمِ العربيِّ : دعاتُهُ وأسبابُهُ

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    الإلحادُ في العالمِ العربيِّ : دعاتُهُ وأسبابُهُ

    الإلحادُ في العالمِ العربيِّ : دعاتُهُ وأسبابُهُ

    بقلم الاخ فتى الادغال

    تجتاحُ العالمَ العربيَّ منذ ُ بداياتِ هذا القرن ِ ، موجة ٌ من الإلحادِ والرّدةِ ، لم تعرفْ لها المنطقة ُ مثيلاً ، في الوقتِ الذي بدأتْ فيهِ هذه المذاهبُ بالانحسار ِ في العالم ِ الغربيِّ ، وأخذتِ الناسُ تناغمُ بينَ العلم ِ والدين ِ ، وتُهادنُ بينهما ، بعدَ مرحلةِ قطيعةٍ كبرى بينهما ، نشأتْ في منتصفِ القرن ِ الثامن عشر الميلاديِّ ، وأدّتْ إلى اجتياح ِ الإلحادِ والكفر ِ ، في أوساطِ المفكّرينَ والفلاسفةِ ، واجتياح ِ النظام ِ العلمانيِّ للحياةِ العامّةِ في أوروبا ، بعدَ أن هيمنتْ عليها الكنيسة ُ قروناً طويلة ً من الزمان ِ .

    الإلحادُ يحملُ أحدَ معنيين ِ :

    أوّلهما : إنكارُ وجودِ الخالق ِ ، والقولُ بأزليّةِ المادّةِ ، وأنّها خالقة ٌ مخلوقة ٌ .

    ثانيهما – وهو من إضافاتِ أفلاطونَ - : إثباتُ وجودِ خالق ٍ أو صانع ٍ ، ولكنّها لا تُعنى بشيءٍ من حياةِ الخلق ِ ، فهي موجدة ٌ للخلق ِ ، لكنّها تركتْ التصرّفَ في الكون ِ ، وتفرّغتْ في حياتها المثاليّةِ ، وقد كانَ يقولُ بهذا القول ِ من الفلاسفةِ : أبيقور .

    لم تعرفِ الأرضُ انتشاراً للإلحادِ ، ونفوذاً قويّاً لهُ ، إلا في العصور ِ المتأخرةِ ، فقد كان يوجدُ منهم فئامٌ وأشتاتٌ ، ولكنّهم قلائلُ ، ولا يجمعهم مذهبٌ ، أو يُقيّدهم فكرٌ ، وإنّما بحسبِ ما يعنو للواحدِ منهم ويظهرُ ، وقد كانوا يسمّونَ قديماً بالدهريينَ ، وحكى الإمامُ الشهرستانيُّ في كتابهِ " الملل ِ والنِحَل ِ " أنّ الدهريينَ من كفّار ِ مكّة َ وغيرها ، كانوا أقلّ النّاس ِ ، وإنّما غلبَ على أهل ِ مكّة َ وجزيرةِ العربِ الشركُ ، وعبادة ُ غير ِ اللهِ معهُ ، مع إثباتِ أنّهُ الخالقُ وحدهُ ، خلافاً للمانويّةِ الذين يُبتونَ خالقين ِ أحدهما النورُ وهو خالقُ الخير ِ ، والآخرُ الظلامُ وهو خالقُ الشرِّ .

    يذكرُ الدكتورُ جعفر شيخ إدريس أنّ أوّلَ كتابٍ مُصرّح ٍ بالإلحادِ ، وداع ٍ لهُ ، ظهرَ في أوروبا في سنةِ 1770 م ، وهذه الفترة ُ الحرجة ُ هي الفترة ُ التي بدأتْ فيها الشعوبُ الأوربيّة ُ تضجُّ من حكم ِ الكنيسةِ ، وتدعو للثورةِ عليهِ ، وقد تبنّى الفكرَ الإلحاديَّ في أوروبا كبارُ الفلاسفةِ والمؤرخينَ ، من أمثال ِ : نيتشة ، وفولتيير ، وكارل ماركس ، وإنجلز ، وراسل ، وكونت ، وغيرهم من كِبار ِ الفلاسفةِ وعلماءِ الاجتماع ِ والتأريخ ِ ، ممّا حدا النّاسَ إلى الوثوق ِ بهم ، والتحوّل ِ إلى آرائهم ، كردّةِ فعل ٍ للمواقفِ المُتسلّطةِ للكنيسةِ ، وكذلكَ ظهور ِ مجموعةِ من التناقضاتِ بينَ الدين ِ النصرانيِّ المُحرّفِ ، وبينَ بعض ِ المُخترعاتِ والمُكتشفاتِ العلميّةِ .

    ومع ظهور ِ بوادر ِ الإلحادِ ، نشأتْ العديدُ من المدارس ِ والمذاهبِ الفكريّةِ والاجتماعيّةِ ، والتي تصُبُ في مصبِّ الإلحادِ ، وتستلهمُ منهُ مادّتها ، وترسّخُ مبادئهُ ، ومن أشهر ِ تلكَ المذاهبِ والمدارس ِ :

    - العلمانيّة ُ : وهو مذهبٌ كفريٌّ ، نشأ في ظروفٍ عصيبةٍ في أوروبا ، خلالَ القرن ِ الثامن عشر ، وذلكَ بسببِ طغيان ِ الكنيسةِ ، وتبرّم ِ الناس ِ منها ومن نفوذِ رجالها ، ومُحاربةِ الكنيسةِ للعلوم ِ الطبيعيّةِ ، خاصّة َ بعدَ تطوّر ِ ونموِّ الحركاتِ العلميّةِ والبحوثِ ، وخلاصة ُ العلمانيّةِ أنّها حركة ٌ جديدة ٌ تهدفُ إلى إقصاءِ الدين ِ عن الحياةِ ، وبناءِ مؤسساتِ المجتمع ِ على أصول ٍ مادّيةٍ بحتةٍ ، لا دخلَ للدين ِ فيها من قريبٍ أو بعيدٍ .

    - الوجوديّة ُ : وهي مذهبٌ معاصرٌ ذو جذور ٍ قديمةٍ ، يقومُ على أساس ِ إبراز ِ قيمةِ الفردِ ، والتأكيدِ على حرّيتهِ ، وأنّهُ هو أساسُ كلِّ شيءٍ ومنطلقهُ ، وهي مذهبٌ إلحاديٌّ ، أسّسها قديماً كير كجرد ، وفي العصر ِ الحاضر ِ قامَ أبو الوجوديّةِ جان بول سارتر بإرساءِ دعائم ِ هذا المذهبِ ، وإقامةِ أصولهِ ، وبناهُ على الإلحادِ والكفر ِ بكلِّ المُثُل ِ والقيم ِ ، وأنّ للإنسان ِ أن يفعلَ ما شاءَ ، دونَ وازع ٍ أو رقيبٍ .

    - الشيوعيّة ُ : وهي مذهبٌ فلسفيٌّ مُعاصرٌ ، أنشأهُ اليهوديُّ كارل ماركس ، يدعو إلى تعظيم ِ المادّةِ ، وأنّها أزليّة ٌ ، ويُفسّرُ كارل ماركس التاريخَ تفسيراً ماديّاً بحتاً ، ولهم شعاراتٌ عدّة ٌ من ضمنها : لا إلهَ والحياة ُ مادّة ٌ ، وقد انتشرتْ الشيوعيّة ُ بالقوّةِ والاستعبادِ ، واجتاحتْ بثوراتها أغلبَ أرجاءِ الأرض ِ ، حتى أذنَ اللهُ بسقوطها ، وبقاءِ بعض ِ فلولها مشتتة ً هنا وهناكَ .


    - الوضعية ُ : وهي مذهبٌ فلسفيٌّ إلحاديٌّ ، يُنكرُ وجودَ أي معرفةٍ تتجاوزُ التجربة َ الحسّية َ ، أسّسهُ اوغست كونت ، ودعى حينَ تأسيسهِ إلى قيام ِ دين ٍ جديدٍ ، يقومُ على أساس ِ عبادةِ الإنسانيّةِ ، وإحلالها محلَّ الأديان ِ .

    - الداروينيّة ُ : نسبة ً إلى شارلز داروين ، أقامَ مدرستهُ هذه على أساس ِ أنّ الأحياءَ جميعاً لم تُخلقْ كلُّ واحدةٍ منها خلقاً مُستقلاً ، بل كانَ لها أصلٌ واحدٌ وهو الخليّة ُ البسيطة ُ ، ثمّ أختْ تتطوّرُ وترتقي من طور ٍ إلى طور ٍ آخرَ ، حتى نشأتِ البشريّاتُ والإنسانُ ، وأنّ الطبيعة َ هي التي كانت تختارُ الأصلحَ للبقاءِ ، وذلكَ ما عبّرَ عنهُ بمصطلح ِ : الانتخابِ الطبيعيِّ ، أو بقاءِ الأصلح ِ ، ومدرسة ُ داروين تجمعُ في ثنياها كبارَ ملاحدةِ العالم ِ ، والذين يرونَ أنّ الإنسانَ لا خالقَ لهُ ، وأنّهُ وليدُ ملايين ِ السنواتِ من التطوّر ِ الطبيعي ، والنشوءِ والارتقاءِ بينَ الأنواع ِ المختلفةِ ، وبالرغم ِ من عدم ِ وجودِ أي دليل ٍ علميٍّ ، يُبتُ صحّة َ نظريّةِ داروين ، إلا أنّها اجتاحت العالمَ الغربيَّ اجتياح ٍ غريباً ، وأثرتْ فيهِ وفي ثقافتهِ ، حتى بدأتْ تنحسرُ في الآونةِ الأخيرةِ .

    وهناكَ العديدُ من المدارس ِ غيرُ ما ذُكرَ ، وكذلكَ النظريّاتِ ، سواءً ما كانَ منها علميّاً بحتاً ، أو اجتماعيّاً ، أثّرتْ أو تأثرتْ بالإلحادِ ، وقامت بترسيخ ِ مفاهيمهِ ، ودعتْ إليهِ .

    ومن المؤسفِ حقّاً ، أنّ الإلحادَ حينما صبغَ الحياة َ العامّة َ في أوروبا ، أصبحَ أمرُ التديّن ِ ، والتمسّكِ بدين ٍ ، أو الإيمان ِ بالخالق ِ ، شيئاً غريباً ! ، وظاهرة ً تدعو إلى العجّبِ ! ، بعد أن كانت هي السائدة ُ على نظام ِ الحياةِ ، ومؤسساتِ الحُكم ِ ، وإن كانَ ثمَّ شيءٌ يدعو إلى التعجّبِ والاستغرابِ ، فهو انتشارُ الإلحادِ في تلكَ الفترةِ ، وانحسارُ الإيمان ِ باللهِ ، وتعلّقُ الناس ِ بالمادّةِ والطبيعةِ ، ووصفهم للدين ِ بأنّهُ تخلّفٌ ورجعيّة ٌ .

    هذا كانَ عرضاً موجزاً عن بداياتِ الإلحادِ في العالم ِ الغربيِّ ، فماذا عن العالم ِ العربيِّ والإسلاميِّ ! .

    الكلامُ عن حركاتِ الإلحادِ المنظّمةِ في العالم ِ العربيِّ ، وكذلكَ المُجاهرة ُ بهِ ، وإعلانُهُ على الملأ ، نشأ بعدَ منتصفِ القرن ِ التاسعَ عشرَ ، حينما بدأ العالمُ الإسلاميُّ والعربيُّ ، يتّصلُ بالعالم ِ الغربيِّ ، عن طريق ِ إرسالياتِ الدراسةِ ، أو التدريبِ ، وتسبّبَ ذلكَ في رجوع ِ مجموعةٍ من الطلاّبِ متأثّرينَ بالفكر ِ الأوربيِّ الماديِّ ، والذي كانَ يقومُ على أساس ِ تعظيم ِ علوم ِ الطبيعةِ ، ورفع ِ شأن ِ العقل ِ ، وكذلكَ تنحية ُ الدين ِ والشرع ِ ، عن حكم ِ الحياةِ والناس ِ وإدارةِ شئونهم .


    في بدايةِ الأمر ِ لم يكن ثمَّ دعوة ٌ صريحة ٌ للإلحادِ أوالرّدةِ ، وإنّما كانتْ هناكَ دعواتٌ للتحرّر ِ ، أو التغريبِ ، أو فتح ِ المجال ِ أمامَ العقل ِ ، ومُحاكمةِ بعض ِ النصوص ِ الشرعيّةِ إلى العقل ِ أوالحسِّ والواقع ِ ، ومحاولةِ إنشاءِ خلافٍ وهميٍّ ، وصراع ٍ مُفتعل ٍ ، بينَ العقل ِ والشرع ِ .

    ومع مرورِ الوقتِ ، وزيادةِ الاتصال ِ بالغربِ وتراثهِ ، وانتشار ِ موجةِ التغريبِ بينَ الناس ِ ، ظهرتْ بعضُ الدعواتِ الصريحةِ للإلحادِ وفتح ِ بابِ الرّدةِ ، باسم ِ الحريّةِ الفرديّةِ .

    وحينما نشطَ اليهودُ في تركيا ، ودعوا إلى إقامةِ قوميّةٍ تركيّةٍ ، تحُلُّ محلَّ الرابطةِ الدينيّةِ ، ظهرتْ مظاهرُ عدّة ٌ في الواقع ِ ، تدعو إلى نبذِ الدين ِ ، وتظهرُ العداءَ لبعض ِ شعائرهِ ، ومع مرورِ الوقتِ ، تطوّرتْ هذه الحركة ُ ، حتى جاءَ مصطفى كمال أتاتورك ، وقامَ بإلغاءِ الخلافةِ ، وأنشأ الدولة َ التركيّة َ العلمانيّة َ ، وحاربَ جميعَ العلماءِ وسجنهم ، وراجَ على إثرَ ذلكَ الكفرُ والإلحادُ ، وظهرتْ عدّة ُ كتبٍ تدعو إلى الإلحادِ ، وتطعنُ في الأديان ِ ، ومنها كتابٌ بعنوان ِ " مصطفى كمال " ، لكاتبٍ اسمهُ قابيل آدم .

    هذه الجرأة ُ في تركيا قابلها جرأة ٌ مماثلة ٌ ، في مصرَ ، سمّيتْ ظلماً وزوراً عصرَ النهضةِ الأدبيّةِ والفكريّةِ ، بينما هي في حقيقتها حركة ٌ تغريبيّة ٌ ، تهدفُ إلى إلحاق ِ مصرَ بالعالم ِ الغربيِّ ، والتخلّق ِ بأخلاقهِ ، واحتذائها في ذلكَ حذوَ تركيّا ، التي خلعتْ جلبابِ الحياءِ والدين ِ ، وصبغتْ حياتها بطابع ِ العلمانيّةِ والسفور ِ والتمرّدِ .

    في تلكَ الحقبةِ في مصرَ ، ظهرَ العديدُ من المفكّرينَ والأدباءِ ، يدعونَ إلى التغريبِ والإلحادِ ، وفتح ِ بابِ الرّدةِ ، باسم التنوير ِ تارة ً ، وباسم النهضةِ الأدبيّةِ تارة ً أخرى ، ومرّة ً باسم الحرّياتِ الفكريّةِ ، وتلقّفتْ مصرُ – في تلكَ الفترةِ - دونَ تمييز ٍ ، جميعَ أمراض ِ المجتمع ِ الأوربيِّ ، وكذلكَ أخلاقهُ المنحلّة َ ، وأصبحتْ قطعة ً من أوروبا ، ومن فرنسا تحديداً ، وعاثَ في أرضها بعضُ المستشرقينَ فساداً وإفساداً ، ثمّ سلّموا دفّة َ الإفسادِ إلى بعض ِ المصريينَ ، ممن لم يتوانوا في نشر ِ الكفر ِ والإلحادِ ، وسعوا سعياً حثيثاً إلى إلغاءِ الفضيلةِ والأخلاق ِ الإسلاميّةِ ، وإحلال ِ النفعيّةِ والماديّةِ محلّها ، حتّى أصبحَ دُعاة ُ الإسلام ِ والمُحافظةِ غرباءَ على المُجتمع ِ دُخلاءَ عليهِ ، ويوصفونَ بالجمودِ والتخلّفِ والعداءِ للحضارةِ !! .

    وبما أنّ مصرَ هي رئة ُ العالم ِ في ذلكَ الوقتِ ، فقد انتقلتْ حمّى الردةِ والإلحادِ ، إلى جميع ِ دول ِ الجوار ِ ، ابتداءً من الشام ِ ، ومروراً بالعراق ِ ، والخليج ِ بما فيها السعودية ُ ، وانتهاءً ببلادِ اليمن ِ .

    وسأذكرُ الآنَ بعضَ أشهر ِ الملاحدةِ والمرتدينَ ، الذينَ نبذوا الدينَ جانباً ، واستبدلوا بهِ الإلحادَ أو اللادينيّة َ أو كفروا بكلِّ شرائع ِ الإسلام ِ ، من الذينَ كانوا في تلكَ الفترةِ ، أو بعضَ من يعيشُ في عصرنا الحاضر ِ ، والذين أعملوا معاولَ الهدم ِ والتخريبِ ، في الأخلاق ِ والدين ِ ، وأرادوا جعلَ المجتمعاتِ نماذجَ مكرّرة ً من الدول ِ الأوربيّةِ المُنحلةِ الفاسدةِ ، وحاولوا صُنعَ فجوةٍ بينَ العلم ِ والدين ِ ، وأوهموا أنّ الدينَ يُعارضُ العلمَ والواقعَ ، ويقفُ دونَ الانطلاق ِ إلى آفاق ٍ جديدةٍ ، ويُحرّمُ الإبداعَ ، ويدعو إلى الكهنوتيّةِ والتقوقع ِ .

    فمن أشهرهم :

    - جميل صدقي بنُ محمدِ بن ِ فيضي الزهاوي ، شاعرٌ من شُعراءِ العراق ِ ، وُلدَ سنة َ 1279 هـ في بغدادَ ، وكانَ أبوهُ مُفتي بغدادَ في تلكَ الفترةِ ، وقد تنقّلَ كثيراً في المناصبِ والوظائفِ ، وهو أحدُ أعمدةِ التشكيكِ في شعرهِ وآراءهِ ، وقد كانَ ينحى منحى الفلاسفةِ ، ويُقرّرُ طريقة َ الفلاسفةِ في التعامل ِ مع الأديان ِ ، ومع الغيبياتِ ، حتّى سمّاهُ النّاسُ زنديقاً ! ، وقد كانَ من المفتونينَ بالعالم ِ الماديِّ ، وبالظواهر ِ الطبيعيّةِ ، مُعظّماً لها ، وصنّفَ في ذلكَ الكثيرَ من الرسائل ِ والكُتبِ .


    - إسماعيلُ بنُ أحمدَ بنُ إسماعيلَ ، والمعروفُ اختصاراً بإسماعيل أدهم ، أحدُ أبأس ِ الملاحدةِ ، وأشقاهم ، وأكثرهم مأساوية ً وشقاءً ، كانَ من دُعاةِ الشعوبيّةِ ، تنقّلَ في الدراسةِ بينَ مصرَ وتركيّا وروسيا ، وتخصّصَ في الرياضياتِ ، وحصلَ على شهادةِ الدكتوراةِ فيها ، وكتبَ وألّفَ العديدَ من الرسائل ِ ، وفي سيرتهِ أشياءُ كثيرة ٌ من نبوغهِ وتقدّمهِ ، منها أنّهُ كانَ يعرفُ العديدَ من اللغاتِ ، وكذلكَ حصلَ على العديدِ من الشهاداتِ العلميّةِ ، وبعدَ موتهِ حصلَ تشكيكٌ كثيرٌ في ذلكَ وتكذيبٌ لها ، وقد طعنَ فيهِ الناسُ في حياتهِ وبعدَ موتهِ ، وشكّكوا كذلكَ في رسائلهِ وبحوثهِ ، وهو أحدُ كُتّابِ مجلّةِ الرسالةِ والمقتطفِ المصريتين ِ ، وقد كانَ من دعاةِ الألحادِ ، يطعنُ في المسلّماتِ ، ويُشكّكُ في الكثير ِ من الأمور ِ ، وألّفَ رسالة ً أسماها " لماذا أنا مُلحدٌ " ! ، طُبعتْ في مصرَ بمطبعةِ التعاون ِ سنة َ 1937 م ، كان عزوبيّاً ، أصيبَ بالسلِّ ، وتعبَ من الحياةِ ، فآثرَ الموتَ منتحراً غرقاً في الاسكندريّةِ سنة َ 1940 م ، وعثرَ البوليسُ في جيبِ معطفهِ على رسالةٍ يذكرُ فيها أنّهُ ماتَ منتحراً ، كراهية ً في الحياةِ ، وطالبَ فيها كذلكَ بإحراق ِ جُثّتهِ ، وعدم ِ دفنها بمقابرِ المُسلمينَ ، وأن يُشرّحَ رأسهُ ! ، نعوذُ باللهِ من الخذلان ِ والهوان ِ ! .

    - إسماعيل مظْهر بنُ مُحمّد بن ِ عبدالمجيدِ ، كان أحدَ دعاةِ الداروينيّةِ في العصر ِ الحاضر ِ ، ومن دعاةِ الشعوبيّةِ ، أنشأ مجلّةِ العصور ِ في مصرَ وذلكَ في سنةِ 1927 م ، وجعلَ من مجلّتهِ باباً للطعن ِ في الدين ِ ، ونشر ِ الشعوبيّةِ ، وفتح ِ بابِ الرّدةِ و الإلحادِ ، كانَ معظّماً لليهودِ ، وداعياً للسير ِ على نهجهم وطريقتهم ، وكانَ يُسمّي نفسهُ : صديقَ دارون ، وألّفَ في الانتصار ِ لنظريّةِ داروين مجموعة ً من المؤلفاتِ ، ثمّ اعتنقَ الفكرَ الشيوعيَّ ، وأنشأ حزباً أسماهُ حزبَ الفلاح ِ ، جعلهُ منبراً لنشر ِ الشيوعيّةِ والاشتراكيّةِ ، ثمّ في آخر ِ عمرهِ أعرضَ عن كلِّ ذلكَ ، ورجعَ عن الكثير ِ من آراءهِ ، وألّفَ كتاباً أسماهُ " الإسلامُ لا الشيوعيّة ُ " ، وقد كانتْ وفاتهُ سنة َ 1381 هـ بينما ميلادهُ سنّة َ 1308 هـ .

    - أحمدُ لطفي بنُ السيّدِ أبي علي ، أحدُ دعاةِ التغريبِ الكبار ِ ، من المُعادينَ للعالم ِ الإسلاميِّ ، وأحدُ الذين يُحاربونَ الفُصحى ، ويُحاربونَ الرابطة َ الدينيّة َ ، ولهُ مواقفُ تدلُّ على كرههِ الشديدِ للتعاليم ِ الدينيّةِ ، وللتديّن ِ عموماً ، وهو من دعاةِ العلمانيّةِ البارزينَ ، وهو الذي قامَ بترجمةِ كتبِ أرسطو إلى اللغةِ العربيّةِ ، فاتحاً باباً جديداً للتغريبِ ، ولم يكن يقصدُ من ذلكَ نشرَ المعرفةِ والعلم ِ ، وإنّما أرادَ نشرَ الثقافةِ الغربيّةِ ، وأصولهم المعرفيّة َ ، حتى يبتعدَ المسلمونَ عن دينهم ، ويقتفونَ أثرَ الغربِ ، وكانتْ لهُ مواقفُ مخزية ٌ ، منها أنّهُ سافرَ إلى إسرائيلَ ، وألقى محاضرة ً في الجامعةِ العبريّةِ ، وكانَ أحدَ من استقبلَ الوفدَ اليهوديَّ بمصرَ ، وضيّفهم عندهُ ، ولهُ مواقفُ سافرة ٌ يدعو فيها إلى التعاون ِ مع البريطانيينَ إبّانَ احتلالهم لمصرَ ، ويبحثُ لهم عن المسوّغاتِ والمبرّرات ِ لسياستهم الاحتلاليّةِ ، ويسمّيهِ بعضهم أستاذَ الجيل ِ ، وتولّى آخر ِ عمرهِ رئاسة َ مجمع ِ اللغةِ العربيّةِ بالقاهرةِ وظلَّ رئيساً لها مدّة َ 18 عاماً ، وقد توفيَ سنة َ 1382 هـ بالقاهرةِ ، بينما كانَ مولدهُ سنة َ 1288 هـ .

    يتبع
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    #2
    - طه بنُ حسينَ بن ِ علي بن ِ سلامة َ ، الأديبُ المصريُّ الشهيرُ ، وأحدُ روّادِ ما يُسمّى بالنهضةِ الأدبيّةِ في مصرَ ، ومن كِبارَ التغريبيينَ ، وأحدِ أعمدةِ مدرسةِ التشكيكِ ، لم يكن يؤمنُ بشيءٍ إلا الغربَ وقيمَهُ وتعاليمَهُ ، كانَ مُتشكّكاً وحائراً ، ووصفَ فتحَ المُسلمينَ لمصرَ بأنّهُ احتلالٌ غاشمٌ ! ، ودعا إلى تحرير ِ وتجريدِ مصرَ من هوّيتها العربيّةِ والإسلاميّةِ ، وهو من الذينَ يقفونَ موقفاً عدائياً ضدَّ جميع ِ حركاتِ المقاومةِ الشعبيّةِ ، ضدّ المُحتلِّ والغازي ، بل كانَ يدعو الأوربيّين لاحتلال ِ العالم ِ العربيِّ ، حتى يستفيدَ العربُ من علومهم وتطوّرهم ، وقد أشيعَ أنّهُ تنصّر في فرنسا ، وزوجتهُ فرنسيّة ٌ ، وهو كذلك أحدُ أخلص ِ طلاّبِ وأتباع ِ مرجليوث اليهوديُّ الحاقدُ على الدين ِ ، ولطه حسين مواقفُ معادية ٌ للدين ِ وأهلهِ ، كفّرهُ فيها جمعٌ غفيرٌ من العلماءِ ، وأصولهُ أصولُ الملاحدةِ في أكثرِ ما يكتبهُ وينشرهُ ، توفيَ سنة َ 1393 هـ ، بينما كانت ولادتهُ سنة َ 1307 هـ .

    - صادق جلال العظم : أحدُ أساطين ِ الفكر ِ الشيوعيِّ الماديِّ ، ومُلحدٌ من كِبار ِ الملاحدةِ ، ممّن أخذَ يُجاهرُ بالإلحادِ ، ويدعو إليهِ ، قضى عمره في السخريّةِ من المُسلمينَ ومن دينهم ، وكفرَ بكلِّ شيءٍ إلا المادّة ، وألّفَ كتاباً يقرّرُ فيهِ الإلحاد أسماهُ " نقد الفكر ِ الدينيِّ " ، وقد حشاهُ بالمغالطاتِ والسفسطةِ ، وزعمَ أنّهُ أقامَ فيهِ براهينُ تُبتُ عدمَ وجودِ اللهِ ، وأنّ كلَّ ذلكَ من الأوهام ِ والأساطير ِ ، وقد ردَّ عليهِ الكثيرونَ ، من أشهرهم الشيخُ : عبدالرحمن حبنّكة الميداني ، في كتابهِ " صراعٌ مع الملاحدةِ حتى العظم ِ " .


    - عبداللهِ بنُ عليٍّ القصيميُّ : أحدُ أشهر ِ الملاحدةِ المُعاصرينَ ، وأكثرهم غلواً وتطرّفاً ، وأوقحهم جرأة ً وتبجّحاً ، وأقساهم عبارة ً ، وأقلّهم أدباً ، كانَ قبلَ إلحادهِ صاحبَ علم ٍ ، وقد كتبَ في شبابهِ مجموعة ً من الكُتبِ والبحوثِ العلميّةِ ، كانَ بعضها بطلبِ علاّمةِ الحجازِ الشيخ ِ : محمد حُسين نصيف – رحمهُ اللهُ - ، ومن أشهرها كتابهُ " الصراعُ بينَ الوثنيّةِ والإسلام ِ " ، وقد ألّفَ الجزءَ الأوّلَ منهُ في وقتٍ يسير ٍ جدّاً ، وقد طُبعَ في المكتبةِ السلفيّةِ ، ولهُ كتبٌ أخرى في فترتهِ تلكَ ، ولا تخلو كتبهُ من لغةِ الكبرياءِ والغرور ِ ، وظهور ِ سقطاتٍ تدلُّ على سوءِ طويّةٍ ، واحتقار ٍ للنّاس ِ ، وهذا ما ظهرَ مع مرورِ الزمن ِ ، إذا قامَ بإعلان ِ ردّتهِ وإلحادهِ ، وألّفَ كتابهُ " هذه الأغلالُ " ، وجاهرَ بدعوتهِ الجديدةِ ، ولقيَ أذىً كثيراً ، وخرجَ متغرّباً بينَ البلدان ِ ، وعاشَ في حيرةٍ وقلق ٍ كبيرين ِ ، دعتهُ إلى محاولةِ الانتحار ِ ثلاثَ مرّاتٍ ، واستقرّ آخرَ حياتهِ بمصرَ ، وألّفَ مجموعة ً كبيرة ً من الكتبِ الداعيةِ للتحرّر ِ من سلطةِ الدين ِ والفضيلةِ والأخلاق ِ ، ولهُ منهجٌ غلا فيهِ كثيراً ، حتّى تحاماهُ النّاسُ وأعرضوا عنهُ بسببهِ ، وهو من دعاةِ الصهيونيّةِ العربِ ، ولهُ مقالاتٌ وعباراتٌ بشعة ٌ في حقِّ اللهِ وحقِّ رسلهِ ، لم تصدرْ إلا من أوقح ِ النّاس ِ وأخبثهم قلباً وسريرة ً ، فلعنهُ اللهُ ما كان أقسى قلبهُ وأشدَّ جرأتهُ على خالقهِ ومولى نعمهِ ! ، من أكثر ِ كتبهِ تطرّفاً كتابهُ " أيّها العقلُ من رآكَ ؟ " وكتابُ " الإنسانُ يعصي لهذا يصنعُ الحضاراتِ " ، توفّي سنة َ 1422 هـ بالقاهرةِ ، بينما كانتْ ولادتهُ سنة َ 1327 هـ .

    - فهدُ بنُ صالح بن ِ محمّد ٍ العسكرُ : شاعرٌ كويتيٌّ ماجنٌ ، وداعية ٌ إلى التمرّدِ على الأخلاق ِ والفضيلةِ ، ومن كبار ِ المتشككّينَ والساخرينَ بالأديان ِ في شعرهِ ، نشأ وترعرعَ في كنفِ أبيهِ ، وكانَ في شبابهِ مُحافظاً ، ثمَّ قرأ في مجموعةٍ من الكتبِ والدواوين ِ الفكريّةِ ، ممّا أوجبَ لديهِ الحيرة َ والشكَّ ، فمالَ معها ، وتعاطى الخمرَ وأدمنها ، وطفحَ شعرهُ بالكفر ِ والاستهزاءِ والعهر ِ والمجون ِ ، ولمّا زادَ أمرهُ واستفحلَّ تبرّأ منهُ أهلهُ ، فاعتزلَ النّاسَ بغرفةٍ صغيرةٍ مُظلمةٍ ، وأصبحَ سميرهُ فيها الخمرُ والشعرُ والقلقُ والحيرة ُ ، عميَ في آخر ِ عمرهِ ، ونصحهُ الأطباءُ بتركِ الخمرةِ فأبى ، فساءتْ صحّتهُ جداً ، وأدخلَ المُستشفى فماتَ بعدَ فترةٍ ، ولم يُصلِّ عليهِ أحدٌ من أهلهِ ، وقاموا بإحراق ِ جميع ِ أوراقهِ وبقايا شعرهِ ، توفّي سنة َ 1370 هـ بالكويتِ ، بينما كانتْ ولادتهُ سنة َ 1327 هـ .

    - زكي نجيب محمود : فيلسوفٌ مصريٌّ مُعاصرٌ ، من روّادِ المدرسةِ الوضعيّة المنطقيّةِ المُلحدةِ ، والتي أسّسها اوجست كونت ، ومن زعماءِ التغريبِ في العالم ِ العربيِّ ، وقد حملَ لواءها بعد هلاكِ طه حُسين ، وعملَ على إرساءِ دعائمها ، محارباً كلَّ دعوةٍ للتمسّكِ بالتراثِ الأصيل ِ ، وداعياً إلى بتر ِ العلاقةِ بينَ الشعوبِ ، وبينَ ماضيها ، ولهُ مصنّفٌ في الغيبِ سمّاهُ " خرافة َ الميتافيزيقيا " ، أنكرَ فيهِ الغيبياتِ ، ودعى إلى تقديس ِ العقل ِ ، واعتبارهِ أساسَ المعرفةِ ، كما أنّ لهُ كتاباتٍ تدعو إلى أحياءِ فكر ِ الباطنيّةِ والشعوبيّةِ ، وقد تقلّدَ عدّة َ مناصبَ في حياتهِ ، وتولّى رئاسة َ بعض ِ المجلاّتِ ، توفّي سنّة َ 1414 هـ ، بينما كانتْ ولادتهُ في سنةِ 1323 هـ .

    - عليٌّ بنُ أحمدَ بن ِ سعيدٍ المعروفُ بأدونيسَ : صنمُ الحداثةِ المُعاصرُ ، ورأسها في العالم ِ العربيِّ ، وأحدُ الملاحدةِ المشاهير ِ ، تسمّى باسم ِ أدونيسَ ، وهو أحدُ أصنام ِ الفينيقيينَ ، كانَ في أوّل ِ أمرهِ نُصيرياً ، ثمّ أنتحلَ الطريقة َ الشيوعيّة َ ، وأعلنَ إلحادهُ ، وهو من دعاةِ الحداثةِ الكبار ِ ، ولهُ مؤلفاتٌ تضجُّ بالكفر ِ الصُراح ِ ، وبالإلحادِ والكفر ِ بكلِّ شيءٍ ، مع ما فيها من الجرأةِ السافرةِ ، والتطاول ِ المقيتِ على ذاتِ اللهِ جلَّ وعلا .

    هؤلاءِ هم بعضُ روّادِ الإلحادِ والرّدةِ في العالم ِ العربيِّ ، ولهم أتباعٌ ومحبّونَ ومريدونَ ، وهناكَ من يُعظمُ هؤلاءِ ويُقدسهم ، ويجعلهم في أعلى المراتبِ والمنازل ِ ، وينشرُ كُتبهم ويّذيعُ أخبارهم ، ويدعو إلى انتهاج ِ طرقهم ، وخلع ِ أكبر ِ الأوصافِ والنعوتُ عليهم ! .

    عندما نقرأ في سير ِ وكتبِ هؤلاءِ الملاحدةِ ، فإنّنا نجدُ فيها قواسمَ مشتركةٍ ، تتجلّى بوضوح ٍ لكلِّ قارئ ، ومن أبرز ِ ذلكَ :

    - إنكارهم للغيبِ جملة ً وتفصيلاً ، وقصرهم الإيمانَ بحدودِ الملموس ِ والمحسوس ِ – فقط - ، دونَ ما غابَ عن العين ِ ، أو لم يُمكن إدراكهُ بالحسِّ .

    - استهزائهم بالشعائر ِ الدينيّةِ جميعها ، ووصفهم لأهلها بالرجعيينَ والمتخلّفينَ ، ومحاربة ُ أي دعوةٍ تدعو إلى التديّن ِ ، أو صبغ ِ الحياةِ بمظاهر ِ الدين ِ .

    - ميلهم نحوَ احتقار ِ العربِ ، واحتقار ِ عاداتهم وسلوكهم ، ومدحهم للشعوبيّةِ والباطنيّةِ .

    - دعوتهم للتغريبِ والالتحاق ِ بالغربِ ، والأخذِ بجميع ِ ثقافاتهم وأمورهم الحياتيّةِ ، والتعلّمُ منهم ومن سلوكيّاتهم .

    - حربهم الشرسة ُ على الأخلاق ِ والعاداتِ الحميدةِ ، وادّعائهم أنّهُ لا يوجدُ شيءٌ ثابتٌ مُطلقاً ، وأنَّ الحياة َ والأخلاقَ والعاداتِ ، في تطوّر ٍ مستمرٍّ ، وأنّ الثباتَ على الشيءِ إنّما هو من شأن ِ الغوغائيينَ والمُتخلّفينَ والرجعيينَ .

    - تعظيمُ المادّةِ والطبيعةِ ، وكذلكَ تعظيمُ جميع ِ العلوم ِ الطبيعيّةِ ، وجعلهُ أساسَ كلِّ الحضاراتِ ، وافتعال ِ صراع ٍ مزعوم ٍ بينَ الدين ِ والعلم ِ التطبيقيِّ .

    - منعهم من محاربةِ الاحتلال ِ ، ووقوفهم دائماً ضدّ المقاوماتِ الشعبيّةِ ، ووصفها بصفاتٍ بشعةٍ ، والدعوة ُ إلى مهادنةِ الغازي والتعايشُ معهُ .

    - تعاونهم الوثيقُ مع الصهيونيّةِ والماسونيّةِ ، ومدحهم اللامحدودَ لليهودِ وللصهاينةِ ، وهذه سمة ٌ غالبة ٌ على جميع ِ الملاحدةِ والمرتدّينَ ، حيثُ يجعلونَ إسرائيلَ أفضلَ أهل ِ الأرض ِ ، ويميلونَ إليهم ويمدحونهم ، ويدعونَ إلى التعايش ِ معهم وقبولهم ، ويقدحونَ في حركاتِ المقاومةِ وفي أطفال ِ الحجارةِ .

    - يدّعي الملاحدة ُ أنّ الدينَ سببٌ للتناحر ِ ونشر ِ البغضاءِ في الأرض ِ ، وأنّهُ تسبّبَ في إشعال ِ وإذكاءِ نار ِ الحروبِ ، في الكثير ِ من بقاع ِ الأرض ِ ، وقد حانَ الوقتُ لتركهِ والتخلّي عنهُ .

    أيّها الإخوة ُ الكرامُ : إنّ القراءة َ في سير ِ هؤلاءِ المرضى ، والوقوفُ على دقائق ِ حياتهم ، ومدى ما كانوا يعيشونهُ من أمراض ٍ وشكوكٍ وساوسَ وحيرةٍ وقلق ٍ ، ليدعونَ إلى التسائل ِ : ما الذي جنوهُ من إعراضهم عن الدين ِ غيرَ الهمِّ والغمِّ والنكدِ ! ، ولمذا كفرَ هؤلاءِ بالإسلام ِ ، ثمّ آمنوا باليهودِ وبقوّتهم ، وأصبحوا صفّاً واحداً مع اليهودِ ، ضدَّ العربِ والمسلمينَ ! .

    إنّ انتشارَ الإلحادِ والرّدةِ ورواجهما ، لا يعني بحال ٍ من الأحوال ِ صحّةِ هذا النهج ِ ، وبخاصّةٍ ونحنُ نرى كيفَ تحوّلَ هؤلاءِ إلى مسوخ ٍ ، تُدارُ بيدِ اليهودِ ، ويستغلّها اليهودُ لصالحهم ، وكيفَ أصبحوا ضدّ شعوبهم ، وضدّ أوطانهم في صفِّ الغازي والمُحتلِّ ، وما انتشارُ الإلحادِ والرّدةِ ، إلا مثلُ انتشار ِ السرقةِ والزنا والخنا والفجورَ ، كلاهما سوءٌ وشرٌّ انتشرَ ، والنّاسُ تهوى التحرّرَ ، وتعشقُ التمرّدَ ، وتُحبُّ الانفلاتَ ، سواءً كانَ في الأخلاق ِ ، أو كانَ في الأفكار ِ ، وهذا هو ما يُفسّرُ لنا سببَ شرع ِ الحدودِ ، والدعوة َ إلى إقامتها ، ذلكَ أنّ الحدودَ حائلة ٌ بينَ النّاس ِ وبين انفلاتهم ، ومانعة ٌ لهم من التمرّدِ على القيم ِ والفضائل ِ ، ورادعة ٌ لهم عن كلِّ ما يسبّبُ لهم الحيرة َ والاضطرابَ ولو بدا في منظر ٍ حسن ٍ وبهيٍّ .

    إنّ الحدودَ لم تُشرعْ حتّى يتشفّى الحاكمُ في المحكومينَ ، أو شُرعتْ لتكونَ مانعاً من الحرّياتِ ، كلاّ ، إنّما شُرعتْ لتكونَ مانعاً من الفوضى الفكريّةِ ، والفوضى السلوكيّةِ ، وحائلاً بينَ الإنسان ِ وبينَ مشابهةِ البهائم ِ ، والتي تعيشُ بلا هدفٍ وبلا قيدٍ أو ضابطٍ ، ولو أنّ كلَّ شخصٍ تُركَ على هواهُ ومبتغاهُ لفسدتِ الأرضُ ، وفسدتِ الأعراضُ ، وانتشرتِ الرذيلة ُ .

    أليسَ حدُّ الرّدةِ وتطبيقهُ ، والأخذُ على يدِ السفهاءِ من الملاحدةِ والزنادقةِ ، بأولى أن يُطبقَ من حدِّ الزنا وحدِّ الحرابةِ ! .

    أليسَ العدوُّ الصائلُ الذي يُغيرُ على الأديان ِ ، بأولى أن يُكفَّ ، من العدوِّ الذي يصولُ على الأموال ِ والأبدان ِ ! .


    أليسَ الأمنُ الفكريُّ ، والانضباطُ المعرفيُّ ، أولى بالتشريع ِ والمحافظةِ ، من المُحافظةِ على الأملاكِ العامّةِ وعلى القطع ِ الأثريةِ وبقايا الحصون ِ والقلاع ِ ! .

    وأنا إذ أرى هذه الموجة َ الغريبة َ ، الجانحة َ نحوَ نبذِ الدين ِ ، ونبذِ جميع ِ الموروثِ منهُ ، لأتعجبُ إذ أقرأ إحصائية ً نُشرتْ في أمريكا ، حيثُ قمّة التطوّر ِ ، وبلوغ ِ الغايةِ القصوى من الحضارةِ والتكنولوجيا ، أجرتها مجلّة ُ نيويورك تايمز ، في عددها الصادر ِ بتاريخ ِ 27/2/1993 ص 6 ، ذكرتْ هذه الإحصائية ُ أنّ عددَ الأمريكان ِ الذين يؤمنون بوجودِ اللهِ ، يشكّلونَ ما نسبتهُ 96 % من الشعبِ الأمريكيِّ .

    لاحظوا ارتفاعَ النّسبةِ ، في دولةٍ هي أكبرُ دولةٍ صناعيّةٍ ومتحضّرةٍ في العالم ِ ، فأينَ أوهامُ الملاحدةِ وظنونهم الداعية ُ إلى نبذِ الدين ِ والإيمان ِ بالغيبِ ، لأنّهُ يُعارضُ الحضارة َ ، ويجعلَ من الشعوبِ متخلّفة ً ورجعية ً !! .

    ربّنا لا تُزغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهبْ لنا من لدنكَ رحمة ً إنّكَ أنتَ الوهّابُ .
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق

    • الشهيدة
      مشرفة شرف المنتدى

      • 15 ديس, 2009
      • 2314
      • مترجمة
      • مسلم

      #3
      ربّنا لا تُزغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهبْ لنا من لدنكَ رحمة ً إنّكَ أنتَ الوهّابُ .
      آمين يارب العالمين .. جزاك الله خيراً .. وبارك الله فيك ..
      .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

      تعليق

      • الشهيدة
        مشرفة شرف المنتدى

        • 15 ديس, 2009
        • 2314
        • مترجمة
        • مسلم

        #4
        سببَ شرع ِ الحدودِ ، والدعوة َ إلى إقامتها ، ذلكَ أنّ الحدودَ حائلة ٌ بينَ النّاس ِ وبين انفلاتهم ، ومانعة ٌ لهم من التمرّدِ على القيم ِ والفضائل ِ ، ورادعة ٌ لهم عن كلِّ ما يسبّبُ لهم الحيرة َ والاضطرابَ ولو بدا في منظر ٍ حسن ٍ وبهيٍّ .

        إنّ الحدودَ لم تُشرعْ حتّى يتشفّى الحاكمُ في المحكومينَ ، أو شُرعتْ لتكونَ مانعاً من الحرّياتِ ، كلاّ ، إنّما شُرعتْ لتكونَ مانعاً من الفوضى الفكريّةِ ، والفوضى السلوكيّةِ ، وحائلاً بينَ الإنسان ِ وبينَ مشابهةِ البهائم ِ ، والتي تعيشُ بلا هدفٍ وبلا قيدٍ أو ضابطٍ ، ولو أنّ كلَّ شخصٍ تُركَ على هواهُ ومبتغاهُ لفسدتِ الأرضُ ، وفسدتِ الأعراضُ ، وانتشرتِ الرذيلة ُ .
        كم تتوق النفس لرؤية شريعة الله تطبق في هذه الأرض ..
        نسأل الله أن نحيا حتى هذه اللحظة .. وعساها أن تكون قريبة ..
        .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

        تعليق

        • عمر المختار
          14- عضو مخضرم

          • 11 يون, 2009
          • 2570
          • طالب بكلية الآداب قسم الاعلام
          • مسلم

          #5
          لى عدة اعتراضات عن بعض الأشياء التى كانت فى المقال ....

          يعنى مثلا طه حسين لم يكن ملحد فى فترة من الفترات

          كفر بسبب كتاب الشعر الجاهلى رغم انى قرأت

          هذا الكتاب لم أجد مايدعوا الى أن يكفر


          التاريخ يقول أن الكتاب فهم خطأ

          فضلا عن ان ليس أحد

          الحق فى تكفير أحد.

          وأحمد لطفى السيد كان من دعاة الحداثة لكن ليس الالحاد أو اللادينية

          زكى نجيب محمود كما ذكرت كتب كتاب تكلم عن الماورائيات

          والكلام عن الماورائيات لخصه علم النفس فى جملة
          وهى :


          مالم تدركه الحواس بشكل مباشر يظل فى منطقة الشك

          والأفضل بدل تكفيرهم الرد على كتبهم لان التكفير

          قد يراه البعض على انه عجز عن الرد بالعقل

          كما أنه ليس كل من يخالف فكرى

          يصبح من دعاة كذا وكذا.

          يعنى هناك من من ذكروا ملحدين مثل أدونيس واسماعيل أدهم و عبد الله القسيمى وغيرهم انما اللى أنا ذكرتهم لم يكونوا كذلك.
          { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ أسبوع واحد
          ردود 0
          92 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة أحمد الشامي1
          بواسطة أحمد الشامي1
          ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ أسبوع واحد
          ردود 0
          10 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة الراجى رضا الله
          ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ أسبوع واحد
          ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, منذ 2 أسابيع
          رد 1
          17 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة Mohamed Karm
          بواسطة Mohamed Karm
          ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 4 أسابيع
          ردود 0
          45 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة الراجى رضا الله
          يعمل...