بسم الله الرحمن الرحيم
نزعة الانسان الدينية
ما انفك الإنسان منذ القدم يبحث في ظواهر الكون ومسبباتها وعن خالق العالم ، وما يحيط بالإنسان من أشياء وعن سبب وجوه في هذه الحياة وأول شعور يشرق في أعماق الإنسان إذا تأمل في نفسه وفي الكون من حوله شعوره بوجود قوة كبري مهيمنة علي الكون ، تمنحه التدبير والتنظيم ، وتتصرف فيه بالحياة والموت ، ويجري كل التغيرات بحكمة بالغة .
والبحث عن خالق شعور فطري في الإنسان لان النفس البشرية مفطورة ومطبوعة علي إدراك موجدها وخالقها .
والتدين نزعة فطرية وجدانية في الإنسان ، وصفة ملازمة لجميع البشر ، لم تخل منه امة من الأمم .
وان كثيرا من علومنا ومعارفنا رغم تقدمها ليس لها دليل في أنفسنا غير الشعور الفطري بها . والأمثلة علي ذلك كثيرة منها : انسياق الطفل الحديث الولادة بفطرته الأولي إلي الرضاعة من أمه دون إن يتعلم ذلك من معلم ودون إن يدركه بدليل عقلي أو حس ظاهر .
كما إننا مسوقون بإحساس الفطرة إلي مطالب عيشنا ولو لم ندرك الغرض من وراء ذلك الإحساس .، فنحن نحس بالجوع والعطش ونقوم بإشباع تلك الحاجات وهذا ينطبق أيضا علي باقي حاجاتنا
ثم شعور الإنسان بالحب والكراهية والبغض وهذا ليس له دليل إلا ما نشعر به وهو حق دون شك .
وعلي ذلك كان الإحساس بوجود الخالق لدي الإنسان إحساسا صادقا ، فهو يلجأ إليه عند الشدة متلهفا لعونه وإمداداته .
وبهذا كان التدين غريزة طبيعية ثابتة ، وشعور بالحاجة إلي الخالق المدبر بغض النظر عن تفسير الإنسان لمعني الخالق عنده
فالشيوعية مثلا عزت القوة إلي الطبيعة وقالت أن الإنسان ابن الطبيعة وأنها هي التي حبت الإنسان ما يملكه من خواص ومواصفات ولذلك قالت بأسبقية المادة علي الوعي ، أي بأسبقية المادة علي الروح .
والشعور بالتدين يخلق مع الإنسان وهو جزء من تكوينه لا يمكن أن يخلو منه أو ينفصل عنه ، وهذا هو التدين مصداقا لقوله تعالي ( وإذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم الست بربكم قالوا بلي شهدنا *أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) الأعراف 172
ولذلك نجد الإنسان متدينا ومنذ أوجده الله علي الأرض ، عبد الشمس وعبد الكواكب وعبد كل ما تخيل إن له قوة ولذلك كانت الرسل عليهم السلام وعلي رسولنا الكريم الصلاة والسلام لتصحيح انحرافات البشر عن الفطرة التي فطروا عليها .
ولا نجد عصرا ولا حقبة ولا زمنا إلا وكان لتلك الشعوب معبودا وحتى الشعوب التي أجبرت علي ترك التدين أو أن تزيل تقديس الخالق من نفوسهم كان الفشل هو النتيجة النهائية وبقيت الشعوب تعبد الله ولم يزال التدين من نفوسهم .
فالاتحاد السوفيتي سابقا والذي قام علي الإلحاد والكفر لم يستطع منع الناس من التدين فما إن زال الاتحاد السوفيتي حتى عاد الناس إلي التدين وارتياد الكنائس ، بغض النظر عن صحة هذا الدين من عدمه .
وبعد إلغاء الخلافة الإسلامية في تركيا علي يد أتاتورك منع الآذان ولوحق الإسلام في تركيا ولكن ذلك لم يمنع الناس من الصلاة والإيمان بالله وعند موت أتاتورك وعاد الأذان مرة أخري في المساجد باللغة العربية ، وعند سماع الناس الله اكبر الله اكبر سجد الناس في الشوارع شكرا لله .
ولذلك يشير القران الكريم الي هذه الحقيقة قال تعالي ( فأقم وجهك للدين حنيفا * فطرة الله التي فطر الناس عليها * لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم* ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) الروم 30.
وقال تعالي (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ) البقرة 138.
وقال تعالي ( قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض ) إبراهيم 10. وإعلانا عن هذه الفطرة القائمة في الأنفس قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا يولد علي الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها جدعاء ، ثم يقول - صلي الله عليه وسلم - اقرءوا*فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم *).
وبهذا يكون الدين من لوازم الإنسان إلي حد انه لا يستطيع أن يقتلعها من قلبه إلا إذا حكم علي نفسه أن ينفصل عن نفسه وأن يلاشي في ذاته كل خصائص الإنسانية
ونحن في حياتنا نري الكثير من الشواهد كم إنسان كان ضائعا وفي محارم الله منغمسا كان يري في نفسه الضياع وعدم الاستقرار وكان يتوق إلي الاستقرار والطمأنينة فلم يجدها إلا عندما وقف باب الله تائبا راجعا إليه ، فكان له الاطمئنان والراحة ، ففي حاله الأول كان ضد فطرته التي فطره الله عليها ، وعن الرجوع إلي الله ارتاحت نفسه واطمأنت لأنه سار وفق الناموس الإلهي في خلقه .
استمعوا لقوله تعالي (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) .الحجر 15
اللهم يامقلب القلوب تثبت قلوبنا علي دينك
الكلمات الدلالية (Tags):
النزعة الدينية عند الانسان
تقليص
مواضيع ذات صلة
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
ابتدأ بواسطة مسلم للأبد, 3 يون, 2013, 08:17 م
|
ردود 4
6,068 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة مسلم للأبد
|
||
نظرات في سورة النور
بواسطة مصطفى سيف
ابتدأ بواسطة مصطفى سيف, 3 فبر, 2012, 09:14 م
|
ردود 0
1,102 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة مصطفى سيف
|
||
ابتدأ بواسطة محمد خطاب, 13 أغس, 2009, 01:55 م
|
ردود 0
4,760 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة محمد خطاب
|
||
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 3 نوف, 2024, 12:44 ص
|
ردود 0
33 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة الراجى رضا الله
|
||
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 15 أكت, 2009, 03:38 ص
|
ردود 3
4,583 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة solema
|
||
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 16 أبر, 2007, 10:59 م
|
ردود 19
5,563 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة ابو عمر المصرى
|
||
ابتدأ بواسطة Shebl Al Saqar, 9 ديس, 2021, 12:24 ص
|
ردود 0
47 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة Shebl Al Saqar
|
||
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 21 فبر, 2007, 04:00 م
|
ردود 10
4,791 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة سيف الكلمة
|
||
ابتدأ بواسطة ابن النعمان, 27 أغس, 2010, 10:38 م
|
ردود 0
1,270 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة ابن النعمان
|
||
ثابت:
فقه الصيام [ أحكام وآداب الصوم والاعتكاف وزكاة الفطر ] ... هيا نستعد لرمضان
بواسطة أحمد عبدالله.
ابتدأ بواسطة أحمد عبدالله., 19 يول, 2012, 09:54 ص
|
ردود 7
3,755 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة عاشق طيبة
|
||
ابتدأ بواسطة غريبة, 18 أبر, 2011, 04:04 ص
|
ردود 2
2,836 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة غريبة
|
||
ابتدأ بواسطة seaf2020, 1 سبت, 2009, 03:42 ص
|
ردود 4
9,880 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة محب الاسلام العظيم
|
||
الاديان مقولة فطرية
بواسطة ابن النعمان
ابتدأ بواسطة ابن النعمان, 23 فبر, 2010, 08:47 ص
|
ردود 0
59 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة ابن النعمان
|
||
هلوسات زكريا بطرس
بواسطة وليد المسلم
ابتدأ بواسطة وليد المسلم, 23 يون, 2010, 02:09 ص
|
ردود 2
75 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة The Truth
|
||
ابتدأ بواسطة رأفت المحمدي محمد, 30 مار, 2012, 01:17 ص
|
ردود 5
2,858 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
![]()
بواسطة عاشق طيبة
|
مواضيع من نفس المنتدى الحالي
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.