ترددت لأكثر من مرة عند شروعي في كتابة هذه السطور والتي تتحدث عن فترة من فترات حياتي، فلا أحب الخوض في حياتي الشخصية أمام الآخرين، فهذه حياتي الخاصة التي لا أحب أن يتدخل فيها أحد أياً كان وأن أسمع بعض التعليقات التي قد لا تعجبني.
لكني أعلم أن مثلي كثير ولذلك قررت الكتابة
ولكن من أين أبدأ وكيف؟؟
سأترك لقلمي الحرية والانسياب حتى النهاية.
كنت ككثيرين غيري
ولكني كنت أعتقد دائماً أن هناك ما يجعلني مختلفة عن الأخريات
كنت أشعر أنني الأفضل
لذلك ملئني الغرور والكبر، كنت أحياناً أحاول إخفاءه ولكنه كان يستقر في قرارة نفسي، ويملأ كياني.
ولكن مع هذا كنت غالباً ما أشعر بالإكتئاب والإحباط والحزن
ولا أعلم لماذا
أبكي
ولكن لم يغير ذلك البكاء شيئاً من ذلك الإحساس البشع الذي كان يرافقني دائماً
كنت أشعر بالوحدة رغم أن حولي الكثير والكثير.
ليس الشعور بالوحدة أن تشعر بالوحدة حينما تكون وحيداً
لكن الوحدة أن تشعر بكونك وحيداً حينما يحيط بك الكثير
إحساس مؤلم
ولكني اعتدته ولربما كرهته
لكن
لا مفــر
****
كنت أعيش حياة ربما تمناها الكثيرين
فلم تكن هناك قيود
كانت لدي الحرية فيما أريد فعله وفيما أريد أن أختاره
ربما كانت مرحلة جديدة في حياتي علمتني الكثير والكثير
لا أنكر أني استفدت كثيراً من التجارب الحياتية اليومية التي خضتها
والتي ما كنت أتوقع أن أخوضها في يوم من الأيام
ولكني شعرت أنني لم أعد قادرة على تحمل المزيد
وانهرت
وأخذت قراري الأول
لن أكمل دراستي في هذه الكلية
وكانت المفاجئة لأهلي
وصمدت
لن أكمل
وتمت الموافقة على قراري
وانتقلت بعدها لمجال دراسي آخر
بعد ضياع عام دراسي كامل
لم يغير ذلك من مشاعري المحبطة والسلبية شيئاً
ولكن لم يكن هناك خيار آخر
أذكر شعوري في أول مرة أدخل قاعة المحاضرات الضخمة
والتي حشدت الألوف من مختلف الأشكال والأنواع
وأخذت أتأمل المنظر والوجوه وتعبيراتها وسكناتها وخلجاتها
لا أدري لماذا انتابني شعور بأن كل ما أراه مزيفاً
ضحكات مزيفة، كلام كاذب
وكأني أشاهد أناساً يرتدون أقنعة جميلة يحاولون إخفاء حقائقهم البشعة ورائها
احتقرت هذه التمثيليات السخيفة
لماذا يحاول الكل إظهار ما ليس هو عليه؟؟
لماذا؟
لا يهمني
المهم أن أحقق النجاح في هذه السنة
ونجحت
ولكن بعدما ازدادت حالتي سوءاً وانتابني المزيد من الإحباط
ولم أعد أهتم بالانتظام في دراستي
أصبح كل شيء عندي سواء
كل الألوان واحد عندي
لون باهت كئيب
وكل الأمور عندي سواء
لم يعد يهمني شيء
ولم أعد أطمح لشيء
وأسال نفسي
لماذا يصيبني كل هذا؟؟
لماذا؟؟
قضيت نهاري نائمة وليلي أقضيه على صفحات الإنترنت
وبينما أنا في حالة من حالات الملل الذي كان يعتريني من كل شيء
دخلت الإنترنت بدون هدف أرجوه
وأخذت أقلب الصفحات وأنتقل بين المنتديات من موضوع لآخر
ومن مقال لتاليه فقد مللت التشات ومافيه حتى وصلت لموقع به بعض الفلاشات
وقلت لماذا لا أشاهد بعضها لن أخسر شيئاً
فقد وصل بي الحال من الملل إلى مداه
واخترت واحدة وانتظرت التحميل
وشاهدتها
وكانت الصدمة
شعرت أن يداً قوية أمسكت بأكتافي وهزتني حتى أفقت
يالله ما هذا؟
أين أنا من هذا؟
بالرغم من أني سمعت عن هذا الموضوع مرارً وتكراراً إلا أنني شعرت أن الموضوع هذه المرة مختلف تماماً
لقد كان قوياً جداً
شعرت أن الكلمات موجه إليّ
كل كلمة شعرت بها
اقشعر بدني مما رأيت ومما سمعت
هل سيصيبني فعلاً ما رأيت؟؟
هل أنا ..
أنـــــا
سأموت؟؟
أنا أموت؟؟
تنتهي حياتي بين لحظة وأخرى
لا أستطيع أن أتخيل
ولكنها حقيقة ودائما ما كنت أهرب منها
موت
كفن
قبر
قبر
يالله
كلمات تقشعر لها الأبدان
هي حقاً سيأتي اليوم الذي يقال فيه
(....) ماتت
مااااتت
لم يعد لها وجود في هذه الحياة
كيف؟
هل فعلاً سأموت
لا إله إلا الله
وانتبهت فجأة لشريط حياتي السابقة
ياإلهي
كيف سأقابل ربي؟
ماهي أعمالي؟؟
ماذا سيكتب في صحفي؟؟
عقوق والدين
سماع للأغاني والموسيقي
الخروج متعطرة ومتزينة
حتى أن حجابي لم يكن حجاباً بالفعل
كبر وغرور وعجب استحوذا على كياني
إضاعة للصلوات
والله إني مررت بفترة لم أكن أصلي، ولم أكن أحب أن يحدثني أحد في أمور الدين
وغيرها وغيرها من الأعمال التي لا أستطيع أن أقف بها أمام ربي
أين كنت أنا؟
ماذا لو قبض ملك الموت روحي الآن
شعرت بخوف لا حدود له
تخيلت ملك الموت حولي
ذهبت إلى طرف الفراش وضممت ركبتي ووضعت بينهما رأسي محاولة للسيطرة على هذا الخوف الذي تملكني.
تأملت غرفتي
فإذا بصور المغنيين على جدرانها
وبأشرطة الأغاني تملأ رف مكتبي
أين مصحفي بين كل هذا؟؟
أين سجادتي؟؟
يالله أين كنت؟؟
لماذا لم أنتبه؟؟
فالحمد لله الذي لم يتوفنا على معصيته
والحمد لله الذي هدانا وما كنا لنتهدي لولا أن هدانا الله
فياربي لك الحمد
أستغفرك ربي أتوب إليك
اقبلني يارب
يارب اقبلني وسامحني على ما أسلفت
واتخذت أهم قرار في حياتي
التــــــوبـة
وبدأت في تنفيذها وواجهت بعض التحديات
ولكن حلاوة ما وجدت جعلتني أقوى على المواجهة
فلم أشعر بقوة هذه التحديات
وشعرت بهدوء وراحة تغمران نفسي
يالله ما أجمل هذا الشعور
والآن فقط عرفت سر شعوري الحزين السلبي السابق
لقد كانت ذنوبي
نعم
إنها ذنوبي ولذلك سأتركها
لا أريد أن يتوفاني ربي على معصية
فكلٌ يبعث على ما مات عليه
وقررت أيضاً أن أحاول أن أعمل جاهدة على تنبيه من كان مثلي
فأعلم أن مثلي كثير وكثير
فلربما كنت سبباً في هداية أحد الأشخاص
ولربما يشفع لي هذا العمل عند رب العالمين
فنسأل الله أن يرقنا وإياكم توبة قبل الموت وأن يرزقنا وإياكم حسن الخاتمة
قبل أن أنتهي من هذه السطور
دعوني أشارككم هذا الفلاش الذي غير مجرى حياتي تماماً
قد يكون قوياً بعض الشيء، ولكننا نحتاج لمثل هذه الوقفات أحياناً.
للتحميل: اضغط هنا
أسأل الله لي ولكم الهداية والثبات
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
حاشجيات
تعليق