التوظيف السياسى لأزمة المصطلح بين الحضارات ( النموذج اليهودى الغربى)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    التوظيف السياسى لأزمة المصطلح بين الحضارات ( النموذج اليهودى الغربى)

    التوظيف السياسى لأزمة المصطلح بين الحضارات ( النموذج اليهودى الغربى)

    الـمصـطـلح

    كلمة «مصطلح»، وهي على زنة «مفتعل»، من الفعل «اصطلح»، أو قولهم «اصطلح القوم» أي «زال ما بينهم من خلاف» و«اصطلحوا على الأمر» أي «تعارفوا عليه واتفقوا» و«تصالحوا» بمعنى «اصطلحوا». و«مصطلح» هو «الاصطلاح». و«الاصطلاح» اسم منقول من مصدر الفعل «اصطلح» ومعناه اتفاق طائفة ما على شيء مخصوص، ولذا سمي علم الاصطلاح «علم التواطؤ». ولكل علم اصطلاحاته. و«الاصطلاح» في العلم هو اتفاق جماعة من الناس المتخصصين في مجال واحد على مدلول كلمة أو رقم أو إشارة أو مفهوم، وذلك يتم عادة نتيجة تراكم معرفي وحضاري وممارسات فكرية لمدة من الزمن، ويتبع ذلك محاولة تقنين هذه المعرفة.

    وتحديد المفاهيم والمصطلحات مسألة ضرورية لضبط وتنظيم العملية الفكريةوتأطير ممارسات الفكر الاجتماعي في سياق منهجي بعيداً عن الفوضى والشتات الذهني، منأجل صياغة منطق مشترك بين تفاعلات الأفراد.

    .


    ومشكلة المصطلح لها شقين:

    أ ) محاولة توليد مصطلحات جديدة نتيجة تعريف المفاهيم ووصف الظواهرالأسـاسية ثم تسميتها.

    ب) ترجمة المصطلح، فالترجمة شكل من أشكال التفسير،ومترجم المصطلح يجد نفسه، شاء أم أبى، متوجهاً للقضايا الفلسفية والمعرفية الكامنةوراء المصطلح.

    والقضيتان رغم انفصالهما متداخلتان وتثيران الإشكاليات نفسها.

    ولكن، إذا كان المصطلح أو الاصطلاح تصالحاً، فما العمل إن كان منيسك المصطلح لم يتصالح معنا؟ أو كان يسك المصطلح لتغييبنا نتيجة لخصومته معنا ولأنوجودنا يعني غيابه؟ أو يسك مصطلحاً يخبئ مفاهيم وقيماً تتنافى مع مفاهيمنا وقيمنا،ويتبنى نموذجاً تحليلياً معرفياً متحيزاً ضدنا؟ وهذه هي الإشكالية التي تواجهنابخصوص المصطلحات المستخدمة في وصف الظواهر اليهودية والصهيونية. فقد تم سكها فيالعالم الغربي بعناية بالغة، وهي مصطلحات تنبع من تجارب تاريخية ونماذج تحليليةورؤى معرفية ووجهات نظر غربية وصهيونية، متمركزة حول الذات الغربية واليهودية،وتحتوي على تحيزات إنجيلية وإمبريالية وعرْقية لا نشارك فيها بل نرفضها، وهي تحيزاتجعلت الدارسين الغربيين والصهاينة يضخِّمون كثيراً من جوانب بعض الظواهر ويهملونالجوانب الأخرى، وجعلتهم يفترضون وجود وحدة حيث لا وحدة، ولا يدركون في الوقت نفسهالعلاقة بين ظواهر نرى نحن أنها وثيقة الصلة. وهي مصطلحات تعبر عن خلل واضح (منوجهة نظرنا) في المستوى التعميمي والتخصيصي، فيتحدثون بصيغة العام عن ظواهر خاصةوفريدة، وبصيغة الخاص عن ظواهر عامة، ويُهمِّشون ما هو مركزي وأساسي ويضفون صفةالمركزية على ما هو هامشي من وجهة نظرنا.

    ويمكن أن ندرج بعض سمات المصطلحاتالغربية/الصهيونية فيما يلي: ـ


    1 ـ تنبع المصطلحات الغربية من المركزية الغربية، فالإنسان الغربي يتحدث، على سبيل المثال، عن «عصر الاكتشافات» وهي عبارة تعني أن العالم كله كان في حالة غياب ينتظر الإنسان الأبيض لاكتشافه. والصهاينة يشيرون أيضا إلى أنفسهم على أنهم «رواد»، والرائد هو الشخص الذي يرتاد مناطق مجهولة فيستكتشفها بنفسه ويفتحها لينشر الحضارة والاستنارة فيها بين شعوبها البدائية.

    وحروب العالم الغربي تسمى «الحروب العالمية» ونظامه الاستعماري يسمى «النظام العالمي الجديد». ويتبع الصهاينة نفس النمط، فقد كان هرتزل يحاول تأسيس دولة يضمنها «القانون الدولي العام» وكان يعني في واقع الأمر «القانون الغربي» أو بمعنى أصح «القوى الإمبريالية الغربية». والمنظمة الصهيونية توجد أساسا في العالم الغربي حيث تتركز الغالبية الساحقة ليهود العالم إذ لا يوجد يهود في الصين أو الهند أو اليابان أو في معظم بلاد آسيا (باستثناء بضعة أفراد في الصين وبضع عشرات في اليابان وبضع مئات في الهند). ولا يوجد يهود في أفريقيا إلا في جنوب أفريقيا (في الجيب الاستيطاني الغربي) وبضعة آلاف في المغرب. ورغم هذه الحقيقة، إلا أن المنظمة الصهيونية تشير إلى نفسها باعتبارها «المنظمة الصهيونية العالمية» لا «المنظمة الصهيونية الغربية». وحينما صدر وعد بلفور، وردت فيه إشارة إلى «الجماعات غير اليهودية»، أي سكان فلسطين من العرب البالغ عددهم آنذاك ما يزيد عن 95% من عدد السكان، أي أن الغالبية الساحقة من سكان فلسطين تم تهميشها لصالح المستوطنين الصهاينة. ولا يمكن فهم عملية التهميش هذه إلا في إطار أن الصهاينة هنا هم ممثلو الحضارة الغربية التي تظن أنها تحتل مركز الكون والتاريخ، ولذا فإن حقوقهم في فلسطين حقوق مركزية مطلقة. أما حقوق غيرهم من البشر ممن أقاموا في هذه الأرض وزرعوها وحصدوا ثمارها وبنوا منازلهم فيها عبر آلاف السنين، فهي هامشية، وهم مجرد جماعات غير يهودية.



    ومن أهم المصطلحات التي أحرزت شيوعاً في لغات العالم

    مصطلح «معاداة السامية»، وهو مصطلح يعكس التحيزات العرقية والمركزية الغربية التي ترجمت نفسها إلى نظام تصنيفي (آري/سامي)، والسامي بالنسبة للغرب هو اليهودي، وهو ما لا يمكن أن يقبله أي دارس للتشكيل الحضاري السامي. ومع هذا، شاع المصطلح وسبب الخلل.

    وقد أصبح المجال الدلالي لمصطلح «معاداة السامية» يشير إلى أي شيء ابتداء من محاولة إبادة اليهود، وانتهاء بالوقوف ضد إسرائيل بسبب سياساتها القمعية ضد العرب، مرورا بإنكار الإبادة.


    2 ـ يصدر الغرب عن رؤية إنجيلية لأعضاء الجماعات اليهودية. وحتى بعد أن تمت علمنة رؤية العالم الغربي لليهود، ظلت بنية كثير من المصطلحات ذات طابع إنجيلي،

    فاليهود هم «شعب مقدس» أو «شعب شاهد» أو «شعب مدنس» أو «شعب ملعون». وبغض النظر عن الصفات التي تلتصق باليهود، فإن صفة الاستقلال والوحدة هي الصفة الأساسية، فسواء كان اليهود شعبا مقدسا أم مدنسا فهم شعب واحد. وقد ترجم هذا المفهوم نفسه إلى فكرة «الشعب اليهودي»، تماما كما أصبح «التاريخ المقدس» الذي ورد في التوراة هو «التاريخ اليهودي». وتشكل مفاهيم الوحدة والاستقلال هذه الإطار النظري لكل من الصهيونية ومعاداة اليهود.


    ومشكلة هذه المصطلحات أنها تفترض وجود وحدة تاريخية بل عضوية بين يهود الصين في القرن الرابع عشر ويهود الولايات المتحدة في القرن العشرين. وهيتؤكد وجود استمرارية حيث هناك انقطاع. والعكس أيضاً صحيح، فهي تفترض وجود انقطاع كامل بين اليهود والأغيار حيث يوجد في واقع الأمر استمرار.

    ونجم عن ذلك فشل في رصد كثير من العناصر التي تفاعل معها أعضاء الجماعات اليهودية وتأثروا بها وأثروا فيها.


    3 ـ انطلق الصهاينة من المركزية الغربية هذه وعمَّقوها بإضافة المركزيةالصهيونية،


    وجوهر هذه المركزية هو أن اليهود كيان مستقل لا يمكن دراسته إلا من الداخل في إطار مرجعية يهودية خالصة، أو شبه خالصة، وهو ما أدى إلى ظهور ما أسميه «جيتوية المصطلح». فكثير من الدراسات التي كتبت عن الموضوع اليهودي والصهيوني تستخدم مصطلحات من التراث الديني اليهودي (بعضها بالعبرية أو الآرامية) أو من تراث إحدى الجماعات اليهودية (عادة يهود اليديشية) أو من الأدبيات الصهيونية لوصف الظواهر اليهودية والصهيونية، وكأن هذه الظواهر من الاستقلالية والتفرد بحيث لا يمكن أن تصفها مفردات في أية لغة أخرى.

    وتتضح جيتوية المصطلح الصهيوني الكاملة في أوجه عدة أهمها ظهور مصطلحات مثل «التاريخ اليهودي» و«العبقرية اليهودية» و«الجوهر اليهودي» وهي مصطلحات تفترض وجود تاريخ يهودي مستقل له حركياته المستقلة عن تاريخ البشر، ومن ثم لا يفسر سلوك أعضاء الجماعات اليهودية في ضوء تاريخ المجتمع الذي يعيشون فيه وإنما في إطار حركيات تاريخ مقصور عليهم (ومما يجدر ذكره أن المعادين لليهود يتبنون جيتوية المصطلح هذه فيتحدثون عن «الجريمة اليهودية» وعن «المؤامرة اليهودية» ).



    وتتضح هذه الجيتوية بشكل متطرف في رفض المراجع الصهيونية ترجمة الكلمات العبرية وفي الإصرار على إبرازها بمنطوقها العبري.

    وعدم ترجمة المصطلح نابع من الإيمان "بتَفرُّد" التراث اليهودي و"تميُّز" الذات اليهودية وقدسيتها.. إلخ.

    ولذا تتحدث هذه المراجع عن «الليكود» و «المعراخ» و «أحدوت هاعفوداه» و«المتسفاه». أما حرب أكتوبر فهي حرب «يوم كيبور».


    والمراجع العربية مع الأسف تتبع المصادر الصهيونية في معظم الأحيان، فنترجم عبارة Conservative Party إلى العربية فنقول «حزب المحافظين» (ولا نقول «كونسيرافتيف بارتي» مثلا) بينما يظل «الليكود» أو «أحدوت هاعفوداه» على شكلهما العبري الغريب والشاذ، وأقول غريبا وشاذا، لا لأن اللغة العبرية غريبة وشاذة، فهي لغة مثل أية لغة في العالم، لها قواعدها وقوانينها، ولكن الغرابة والشذوذ يكمنان في السياق العربي نفسه.

    فإذا كانت عبقرية اللغة العربية تتجه نحو الترجمة، إذن فلنترجم ولا نستثني من القاعدة إلا ما يستثنى عادة، مثل بعض الكلمات التي يتصور المترجمون عجز اللغة عن ترجمتها، مثل «الجمهورية الفيدرالية»، أو الاختصارات مثل «اليونسكو» وصاروخ «سام»، فهذه الاختصارات أصبحت مثل أسماء الأعلام (وإن كان يجرى أحيانا ترجمة الاختصارات فحلف «الناتو» أصبح حلف شمال الأطلنطي).

    ولكننا لا نطبق هذه القواعد على المصطلح الصهيوني، ونتركه عبريا دون تغيير أو تعديل وكأنه قدس الأقداس الذي يجب ألا يطأه إلا كبير الكهنة وحده، أو كأنه الشيم هامفوراش الذي ينطق به كوهين جادول مرة واحدة كل عام.


    وبقاء المصطلح على شكله العبري يجعلنا مُستوعَبين نفسياً فيه وفي حالة انهزام كامل أمامه،
    فالتركيبة الصوتية التي تخلط بين الهاء والعين (هاعفوداه)، والتركيبة الصوتية الأخرى «تسي» (الكيبوتس) لا تتواتران في اللغة العربية وبالتالي فهي تسبب جهدا لدى القارئ ولدى السامع العربيين على حد سواء، هذا على عكس التركيبات الصوتية المألوفة للأذن العربية.

    كما أن معنى «أحدوت» أو معنى «هاعفوداه» يظل شيئا غريبا على العقل، يضرب الإنسان أخماسا في أسداس ليصل إليه، ولا يملك المرء أمام هذا إلا أن يكرر الأصوات التي يسمعها دون أن يحيط بها إحاطة كاملة.


    كما تظهر جيتوية المصطلح أيضا في ترجمة أسماء الأعلام (وللأسماء دلالة خاصة في الدين اليهودي)، فالمصطلح الصهيوني نابع من الإيمان بأن اليهودية هي انتماء قومي، ولذا يجب عبرنة كل الأسماء، فيصبح «موسى هس» هو «موشيه» بغض النظر عن انتمائه القومي الحقيقي ويصبح «سعيد» هو «سعديا»، ويصبح «إسحق» هو «يتسحاق» كما لو كان الأمر المنطقي هو أن تنطق هذه الأسماء بالعبرية، مع أن بعض حملة هذه الأسماء لا يعرفوا العبرية ولم ينادوا بهذه الأسماء مرة واحدة طيلة حياتهم.

    ويظهر الانغلاق الجيتوي التام في اصطلاحات مثل «الهولوكوست» و «العالياه» وهي اصطلاحات وجدت طريقها أيضا إلى اللغة العربية. والعالياه اصطلاح ديني يعني العلو والصعود إلى أرض الميعاد ولا علاقة له بأية ظاهرة اجتماعية، ومع هذا يستخدم الصهاينة الكلمة للإشارة للهجرة الاستيطانية، أي أن الظاهرة التي لها سبب ونتيجة أصبحت شيئا فريدا، وظاهرة ذاتية لا تخضع للتقنين والمناقشة. و«الهولوكوست» هو تقديم قربان للرب في الهيكل يحرق كله ولا يبقى منه شيء للكهنة، ومع هذا يستخدم الصهاينة هذه الكلمة للإشارة إلى الإبادة النازية لليهود. والغرض من استخدام كل هذه المصطلحات الدينية العبرية هو إزالة الحدود والفوارق بين الظواهر المختلفة، بحيث تصبح «عالياه» هي «الهجرة الصهيونية الاستيطانية»، وتصبح الهجرة الصهيونية هي العلو والصعود إلى أرض الميعاد، أما الهجرة منها فهي «يريداه» هبوط ونكوص وردة. ولعل مما له دلالته أن العبرية توجد فيها كلمة محايدة تصف الهجرة وحسب، ولكن الصهاينة استبعدوها، وهو ما يؤكد المضمون الأيديولوجي لهذا المصطلح.

    ويقسم علماء اليهود إلى «جاؤونيم» و«صابورائيم» و«تنائيم» وهكذا، وتشير لهم كثير من المراجع بهذه الكلمات. وهذا يعني أن القارئ الذي لا يعرف العبرية يقف مدهوشا أمام هذه الأسماء والظواهر وكأنه أمام شيء عجائبي غير إنساني (فالشيء الفريد الذي يتأيقن يضع نفسه خارج حدود ما هو إنساني). وقد اختار الصهاينة عدة مصطلحات دينية مختلفة ليطلقوها على كيانهم الاستيطاني فسموه «كنيست يسرائيل» ثم «يشوف» ثم سمي أخيرا «إسرائيل» وكلها مصطلحات تحمل دلالات دينية لا علاقة لها بأية ظواهر سياسية أو اجتماعية. ولكن الغرض من استخدام المصطلح الديني للإشارة لظاهرة سياسية هو الخلط بين الحدود، ونقع نحن في المأزق ونجد أنفسنا نناقش ما إذا كانت حدود إرتس يسرائيل كما وردت في العهد القديم مطابقة لحدود إسرائيل كما فرضت نفسها على الوطن الفلسطيني، وننسى أن ما حدد هذه الحدود هو العنف الذاتي الصهيوني والدعم الغربي من الخارج.



    وتصل الجيتوية إلى قمتها في رفض المراجع الصهيونية وبعض المراجع الغربية استخدام كلمة «فلسطين» للإشارة إلى هذه الرقعة الغالية من الأرض العربية، حتى قبل عام 1948. ولذا نجد مرجعا صهيونيا "علميا" يتحدث عن المسرح العربي في فلسطين في الثلاثينيات فيشير إلى المسرح العربي في "إرتس يسرائيل"، ولا يملك الإنسان إزاء هذا إلا أن يضحك في مرارة من سخف وتفاهة الجيتوية وتحيزاتها.

    ولذا نجد مرجعاً صهيونياً "علمياً" يتحدث عن المسرح العربي في فلسطين في الثلاثينيات فيشير إلى المسرح العربي في "إرتسيسرائيل"، ولا يملك الإنسان إزاء هذا إلا أن يضحك في مرارة من سخف وتفاهة الجيتوية وتحيزاتها.


    4 ـ وهناك بعد آخر في المصطلح الصهيوني يقف على طرف النقيض من «الجيتوية» وهو ما نسميه «التطبيع».

    وهو محـاولة إسـباغ صفة العمـومية والطبيعيةعلى الظواهر الصهيونية رغم ما تتسم به، في بعض جوانبها من تفرد، بسبب طبيعتهاالاستيطانية الإحلالية. فالحركة الصهيونية في إحدى ديباجاتها تحاول تقديم الحركةالصهيونية، ومن بعدها الكيان الصهيوني، باعتبارهما ظواهر سياسية عادية وكأن الكيان السياسي الإسرائيلي لا يختلف في أساسـياته عن أي كـيان سـياسي آخر،

    فيتـم الحـديث عن "نظـام الحزبين في الديموقراطية الإسـرائيلية"، وعن الصهيونية باعتبارها "القومية اليهودية" بل "حركة التحرر الوطني للشعب اليهودي"،

    وكأن الأقليات اليهودية في العالم إن هي إلا شعب صغير مثل شعوب العالم الثالث وأن الصهيونية ليست شكلاً منأشكال الاستعمار الاستيطاني الإحلالي وإنما حركة تطرد المغتصبين وتستعيد لهم أرض الأجداد المُســتعمَرة. وقد سُـمِّيت بعض جوانب التجربة الاستيطانية الصهيونية بـ "الحركة التعاونية" و"الصهيونية الاشتراكية"

    ولهذا نجحت الصهيونية في تطبيع ذاتهاعلى مستوى المصطلح واكتسبت مضموناً عاماً وعادياً وطبيعياً غير مضمونهاالحقيقي.

    ورغم رفضنا لتفرُّد الظواهر اليهودية والصهيونية ورفض جيتوية المصطلح وإيماننا بأن الظاهرة التي يشير إليها دال ما تخضع في كثير من جوانبها للقوانين العامة التي تحكم هذه الظاهرة، إلا أن كل ظاهرة تظل لها خصوصيتها (المنحنى الخاص للظاهرة) وما يميزها عن غيرها من الظواهر،

    وعملية التطبيع تتجاهل هذا كله.

    فكلمة
    «ديموقراطية» حينما تُطبَّق على إسرائيل فهي تُطبَّق على كيان سياسي يستندإلى عملية سرقة تاريخية لا تزال آثارها واضحة، ولذا يجب على هذا الكيان "الديموقراطي" قمع أصحاب الأرض بشكل مستمر حتى يضمن بقاءه، كما أن هذا الكيان يستندإلى عملية تمويل ودعم مستمرة من الغرب تضمن أمنه وانتماءه للغرب وعمالته له، وهو مايعني أن هذه الديموقراطية في واقع الأمر ليست لها إرادة أو سيادة مستقلة.

    ومصطلح مثل «التفسير» في العقائد الدينية (التوحيدية) يعني بذل جهد من جانب المؤمن لتفسير الكتاب المقدس الذي يؤمن به، ومع هذا يظل التفسير تفسيرا (إنسانيا) ويظل الكتاب المقدس هو كلام الإله. أما كلمة «تفسير» في اليهودية فهي تدور في إطار «الشريعة الشفوية» التي تضعها اليهودية الحاخامية في منزلة تفوق منزلة الكتاب المقدس. ونفس الشيء ينطبق على مفردات مثل «الإله» و «النبي» فهي تكتسب مضمونا جديدا يختلف عن مضمونها في العقائد الأخرى. ولعل ما حدث للدال «يهودي» مثل مثير على ما نقول، فمن المفروض أن يكون أبسط الدوال ولكنه أصبح من أكثر المدلولات خلافية، حتى نصل إلى المصطلح المختلط تماما، الدال الذي لا مدلول له «اليهودي الملحد» (و«اليهودية الإلحادية»)

    وهو مصطلح ليس له نظير في أي من العقائد التي نعرفها. وعملية التطبيع المصطلحية تسقط كل هذا وتسطحه.

    المصدر :
    موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية
    للدكتور عبد الوهاب المسيري
    ص 22 و 23 و24

    بتصرف فى العنوان والتنسيق
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 11 أكت, 2022, 04:19 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره
  • صفي الدين
    مشرف المنتدى

    • 29 سبت, 2006
    • 2596
    • قانُوني
    • مُسْلِم حُرٍ لله

    #2
    السلام عليكم
    والمراجعالعربية مع الأسف تتبع المصادر الصهيونية في معظم الأحيان، فنترجم عبارة Conservative Party إلى العربية فنقول «حزب المحافظين» (ولا نقول «كونسيرافتيفبارتي» مثلاً) بينما يظل «الليكود» أو «أحدوت هاعفوداه» على شكلهما العبري الغريبوالشاذ، وأقول غريباً وشاذاً، لا لأن اللغة العبرية غريبة وشاذة، فهي لغة مثل أيةلغة في العالم، لها قواعدها وقوانينها، ولكن الغرابة والشذوذ يكمنان في السياقالعربي نفسه. فإذا كانت عبقرية اللغة العربية تتجه نحو الترجمة، إذن فلنترجم ولانستثني من القاعدة إلا ما يُستثنى عادةً، مثل بعض الكلمات التي يتصور المترجمون عجزاللغة عن ترجمتها، مثل «الجمهورية الفيدرالية»، أو الاختصارات مثل «اليونسكو» وصاروخ «سام»، فهذه الاختصارات أصبحت مثل أسماء الأعلام (وإن كان يجرى أحياناًترجمة الاختصارات فحلف «الناتو» أصبح حلف شمال الأطلنطي). ولكننا لا نُطبِّق هذهالقواعد على المصطلح الصهيوني، ونتركه عبرياً دون تغيير أو تعديل وكأنه قدس الأقداسالذي يجب ألا يطأه إلا كبير الكهنة وحده، أو كأنه الشيم هامفوراش الذي ينطق بهكوهين جادول مرة واحدة كل عام. وبقاء المصطلح على شكله العبري يجعلنا مُستوعَبيننفسياً فيه وفي حالة انهزام كامل أمامه، فالتركيبة الصوتية التي تخلط بين الهاءوالعين (هاعفوداه)، والتركيبة الصوتية الأخرى «تسي» (الكيبوتس) لا تتواتران فياللغة العربية وبالتالي فهي تسبب جهداً لدى القارئ ولدى السامع العربيين على حدٍسواء، هذا على عكس التركيبات الصوتية المألوفة للأذن العربية. كما أن معنى «أحدوت»أو معنى «هاعفوداه» يظل شيئاً غريباً على العقل، يضرب الإنسان أخماساً في أسداسليصـل إليه، ولا يملك المرء أمام هذا إلا أن يكرر الأصوات التي يسمعها دون أن يحيطبها إحاطة كاملة.

    مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ. كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ

    تعليق

    • الصابر على البلاء
      1- عضو جديد
      • 6 نوف, 2007
      • 34

      #3
      بارك الله فيك
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 6 نوف, 2020, 09:26 ص.

      تعليق

      • سيف الكلمة
        إدارة المنتدى

        • 13 يون, 2006
        • 6036
        • مسلم

        #4
        ولكننا لا نُطبِّق هذه القواعد على المصطلح الصهيوني، ونتركه عبرياً دون تغيير أو تعديل وكأنه قدس الأقداس الذي يجب ألا يطأه إلا كبير الكهنة وحده، أو كأنه الشيم هامفوراش الذي ينطق بهكوهين جادول مرة واحدة كل عام.

        وبقاء المصطلح على شكله العبري يجعلنا مُستوعَبين نفسياً فيه وفي حالة انهزام كامل أمامه،

        تصحيح المصطلحات ضرورة للتخلص من فرض قيمهم السياسية والإجتماعية ولتصحيح التاريخ
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق

        • سيف الكلمة
          إدارة المنتدى

          • 13 يون, 2006
          • 6036
          • مسلم

          #5
          رد: التوظيف السياسى لأزمة المصطلح بين الحضارات ( النموذج اليهودى الغربى)

          تم الحجب بمعرفتى
          يبدو أن هناك خطأ فى تنفيذ الإقتباس
          المصطلحات تحولت إلى أرقام ورموز
          ورابط الموسوعة لا يوصل للصفحة الآن
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق

          • د.أمير عبدالله
            حارس مؤسِّس

            • 10 يون, 2006
            • 11248
            • طبيب
            • مسلم

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سيف الكلمة
            يبدو أن هناك خطأ فى تنفيذ الإقتباس
            المصطلحات تحولت إلى أرقام ورموز
            تم تصحيح الخطأ .. وتوجيه الموضوع إلى منبر المذاهب الفكرية .. وجزاكم الله خير
            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 11 أكت, 2022, 04:18 ص.
            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
            *******************
            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
            ********************
            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
            ردود 0
            212 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة Islam soldier
            بواسطة Islam soldier
            ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
            ردود 0
            42 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة Islam soldier
            بواسطة Islam soldier
            ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
            ردود 0
            61 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة Islam soldier
            بواسطة Islam soldier
            ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
            ردود 0
            98 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة عادل خراط
            بواسطة عادل خراط
            ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
            ردود 3
            113 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
            بواسطة Ibrahim Balkhair
            يعمل...