الأقرب في المودة !
لقد أراد قساوسة النصارى منذ أمد طويل أن ينشروا بين رعاياهم – البسطاء – أن القرآن الكريم مدح النصرانية والنصارى على السواء , وذلك لإبعاد الرعايا عن وحي القرآن الكريم وكشفه لحقيقة النصرانية وبيان حال النصارى من خداع ومكر إلا من رحم الله تبارك وتعالى : { فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}الحديد27.
يقول القس البسيط : ( الأقرب في المودة " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " (المائدة: 82) . ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 207 ) .
لقد ارتكب البسيط خطأ لا يقبل العذر بعدم ذكره للآيات التي تلي هذه الآية , فالآية لن يستقيم معناها إلا إذا ربطتها بما بعدها , وسوف نذكر الآيات كاملة , حتى يعي القاريء الأمر على حقيقته, قال تعالى : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } المائدة 82-83 .
إذًا فالذين سمعوا ما أنزل الله على الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم وآمنوا به صلى الله عليه وسلم { أمثال : النجاشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي رضي الله عنهم جميعاً } هم النصارى المعنيين في الآيات , ولهذا قال ابن كثير : ( وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله تعالى : {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران199 ) ( تفسير ابن كثير 3/102 ) .
يقول الدكتور / عبد الله يوسف علي وهو صاحب الترجمة الشهيرة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية : " إن هؤلاء النصارى الذين ذكرتهم الآيات السابقة هم مسلمون في داخلهم ( في قلوبهم ) مهما كانت مسمياتهم " ( ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية ص 268 ) .
وهكذا يعرض لنا القرآن الكريم صفات النصارى الذين هم أقرب الناس مودة للذين آمنوا , فهم الذين لا يستكبرون عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان برسالته والنور الذي أُنزل معه , فاتباع محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق الذي من أقر به منهم فهو أقرب الناس لنا مودة لأنه منَّا ونحن منه !
يقول البسيط : ( قال الرازي " وأما النصارى فإنهم في أكثر الأمر معرضون عن الدنيا مقبلون على العبادة وترك طلب الرياسة والتكبر والترفع ، وكل من كان كذلك فإنه لا يحسد الناس ولا يؤذيهم ولا يخاصمهم بل يكون لين العريكة في طلب الحق سهل الانقياد له ، فهذا هو الفرق بين هذين الفريقين في هذا الباب ، وهو المراد بقوله تعالى: " ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 208 ) .
وأنقل ما جاء في تفسير الإمام الرازي لكي يكون القاريء على دراية تامة بخداع البسيط وتزويره المتعمد للحقائق , يقول الإمام الرازي رحمه الله : ( وذكر الله تعالى أن النصارى ألين عريكة من اليهود وأقرب إلى المسلمين منهم. وههنا مسألتان:
الأولى: قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والسدي: المراد به النجاشي وقومه الذين قدموا من الحبشة على الرسول صلى الله عليه وسلم آمنوا به، ولم يرد جميع النصارى مع ظهور عداوتهم للمسلمين. وقال آخرون: مذهب اليهود أنه جيب عليهم إيصال الشر إلى من يخالفهم في الدين بأي طريق كان، فإن قدروا على القتل فذاك، وإلا فبغصب المال أو بالسرقة أو بنوع من المكر والكيد والحيلة، وأما النصارى فليس مذهبهم ذاك بل الإيذاء في دينهم حرام، فهذا هو وجه التفاوت.
المسألة الثانية: المقصود من بيان هذا التفاوت تخفيف أمر اليهود على الرسول صلى الله عليه وسلم ، واللام في قوله { لَتَجِدَنَّ } لام القسم، والتقدير: قسما إنك تجد اليهود والمشركين أشد الناس عدواة مع المؤمنين، وقد شرحت لك أن هذا التمرد والمعصية عادة قديمة لهم، ففرغ خاطرك عنهم ولا تبال بمكرهم وكيدهم.
ثم ذكر تعالى سبب هذا التفاوت فقال: { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } وفي الآية مسألتان: الأولى: علة هذا التفاوت أن اليهود مخصوصون بالحرص الشديد على الدنيا والدليل عليه قوله تعالى: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } (البقرة: 96) فقرنهم في الحرص بالمشركين المنكرين للمعاد، والحرص معدن الأخلاق الذميمة لأن من كان حريصًا على الدنيا طرح دينه في طلب الدنيا وأقدم على كل محظور ومنكر بطلب الدنيا، فلا جرم تشتد عداوته مع كل من نال مالاً أو جاهًا، وأما النصارى فإنهم في أكثر الأمر معرضون عن الدنيا مقبلون على العبادة وترك طلب الرياسة والتكبر والترفع, وكل من كان كذلك فإنه لا يحسد الناس ولا يؤذيهم ولا يخاصمهم بل يكون لين العريكة في طلب الحق سهل الانقياد له، فهذا هو الفرق بين هذين الفريقين في هذا الباب، وهو المراد بقوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }. وههنا دقيقة نافعة في طلب الدين وهو أن كفر النصارى أغلظ من كفر اليهود لأن النصارى ينازعون في الإلهيات وفي النبوات، واليهود لا ينازعون إلا في النبوات، ولا شك في أن الأول أغلظ، ثم إن النصارى مع غلظ كفرهم لما لم يشتد حرصهم على طلب الدنيا بل كان في قلبهم شيء من الميل إلى الآخرة شرفهم الله بقوله { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى } وأما اليهود مع أن كفرهم أخف في جنب كفر النصارى طردهم وخصهم الله بمزيد اللعن وما ذاك إلا بسبب حرصهم على الدنيا .... ثم قال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ } الضمير في قوله {سَمِعُوا } يرجع إلى القسيسين والرهبان الذين آمنوا منهم { مَا أُنزِلَ } يعني القرآن إلى الرسول يعني محمدًا عليه الصلاة والسلام ) ( مفاتيح الغيب 12/56 – 57 ) .
هذا هو البسيط , وتلك هى حقيقة هروبه من مناقشة ما جاء في كتبه من نقولات واستشهادات إسلامية !
فهنيئًا لكم معشر النصارى على قسيسكم المحرف , والحمد لله الذي رفع شأن الإسلام وحجيته من خلال كتابات أعدائه !
يقول البسيط : ( وقال ابن كثير " وقوله تعالى: " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ ْ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى " أي : الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح ، وعلى منهاج إنجيله ، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة ، وما ذاك إلا لما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة ، كما قال تعالى : " وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً " [الحديد: 27] وفي كتابهم : من ضربك على خدك الأيمن ، فأدر له خدك الأيسر . وليس القتال مشروعاً في ملتهم ، ولهذا قال تعالى : " ذَلكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " 000 تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع ، ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف " ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 208 ) .
رحم الله ابن كثير حين قال : ( قال تعالى : {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}المائدة14.أي ومن الذين ادعوا لأنفسهم بأنهم نصارى متابعون للمسيح بن مريم عليه السلام وليسوا كذلك أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومناصرته ومؤازرته واقتفاء أثره وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله تعالى إلى أهل الأرض ففعلوا كما فعل اليهود ، خالفوا المواثيق ونقضوا العهود ولهذا قال الله تعالى : ( فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) أي فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضاً ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة، ولذلك طوائف النصارى على إختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين يكفر بعضهم بعضاً ، ويلعن بعضهم بعضاً . ثم قال تعالى : ( وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ) وهذا تهديد ووعيد أكيد للنصارى على ما ارتكبوه من الكذب على الله ورسوله وما نسبوه إلى الرب عز وجل وتعالى وتقدس عن قولهم علواً كبيراً من جعلهم له صاحبة وولداً تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) ( تفسير ابن كثير 3/ 41 ) .
لقد أراد القس البسيط أن يوهم القاريء أن ابن كثير كان يمتدح نصرانية بولس بقوله : ( الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح ، وعلى منهاج إنجيله ، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة ، وما ذاك إلا لما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة ) . في حين أن ابن كثير كان يعني أتباع المسيح على الحقيقة وهم الذين في قلوبهم رأفة ورحمة , ولذا قال الحافظ ابن كثير في بيان حقيقة النصارى : ({ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهم الحواريون رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد27. أي : فما قاموا بما التزموه حق القيام وهذا ذم لهم على وجهين أحدهما : الإبتداع في دين الله ما لم يأمر به الله . الثاني : في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه يقربهم إلى الله عز وجل ) ( تفسير ابن كثير 8/18 ) .
أما ما نقله البسيط عن ابن كثير , فهو نقل مبتور , وتمامه ما قاله الحافظ ابن كثير في تفسيره : ( وقوله تعالى: " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى " أي : الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح ، وعلى منهاج إنجيله ، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة ، وما ذاك إلا لما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة ، كما قال تعالى : " وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً " [الحديد: 27] وفي كتابهم : من ضربك على خدك الأيمن ، فأدر له خدك الأيسر . وليس القتال مشروعاً في ملتهم ، ولهذا قال تعالى : " ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " 000 تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع ، ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف " فقال : " وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ " أي مما عندهم من البشارة ببعثة محمد صلى الله علي وسلم ) ( تفسير ابن كثير 3/101 ) .
ويأبى البسيط بتحريفه المتعمد أن لا يكون من القسيسين والرهبان الذين لا يستكبرون عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والنور الذي أُنزل معه!
النصارى في القرآن الكريم , ما لهم وما عليهم !
إن القرآن الكريم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يعطينا ما للنصارى وما عليهم وذلك في أوضح إسلوب , قال تعالى : " لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " المائدة 17 .
و قال تعالى : " وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ " المائدة14 .
وقال تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * َّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ ِإلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُل أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " المائدة 72-76 .
وقال تعالى :"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَْ * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " التوبة 30-31 .
وقال تعالى :" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " المائدة 77 .
وقال تعالى : " مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ *وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ " آل عمران 79 – 80 .
وقال تعالى :"إِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّخِذُونِي وَأُمّيَ إِلَـَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " المائدة 116-117 .
وقال تعالى :" وَلَمّا جَآءَ عِيسَىَ بِالْبَيّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلاُبَيّنَ لَكُم بَعْضَ الّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنّ اللّهَ هُوَ رَبّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـَذَا صِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لّلّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ السّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ " الزخرف 62-65 .
وقال تعالى :"وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السّمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقّ الأرْضُ وَتَخِرّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرّحْمَـَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً * إِن كُلّ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلاّ آتِي الرّحْمَـَنِ عَبْداً * لّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدّهُمْ عَدّاً * وَكُلّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً " مريم 88-95 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وصفهم – القرآن الكريم – بالشرك وبأنهم يعبدون غير الله – أي النصارى – كما قال تعالى : " اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " التوبة 31 , فأخبر أنهم اتخذوا من دون الله أرباباً , واتخذوا المسيح ربًا , وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدًا , وهؤلاء باتخاذهم غيره أرباباً عبدوهم فأشركوا بالله سبحانه وتعالى عما يشركون ) ( الجواب الصحيح 2/28 ) .
وقال الإمام القرافي رحمه الله : ( إن الذين اتبعوه – أي المسيح – ليسوا النصارى الذين اعتقدوا أنه ابن الله, وسلكوا مسلك هؤلاء الجهلة ، فإن اتباع الإنسان موافقته فيما جاء به وكون هؤلاء المتأخرين اتبعوه محل النزاع ، بل متبعوه هم الحواريون ، ومن تابعهم قبل ظهور القول بالتثليث، أولئك هم الذين رفعهم الله في الدنيا والآخرة ، ونحن إنما نطالب هؤلاء بالرجوع إلى ما كان أولئك عليه فإنهم قدس الله أرواحهم آمنوا بعيسى وبجملة النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ، وكان عيسى عليه السلام بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكانوا ينتظرون ظهوره ليؤمنوا به عليه السلام ، وكذلك لما ظهر عليه السلام جاءه أربعون راهباً من نجران في ساعة واحدة فتأملوه فوجدوه هو الموعود به بمجرد النظر والتأمل لعلاماته ، فهؤلاء هم الذين اتبعوه فهم المرفوعون المعظمون ، وأما هؤلاء النصارى فهم الذين كفروا به مع من كفر ، وجعلوه سببًا لانتهاك حرمة الربوبية بنسبة واجب الوجود المقدس عن صفات البشر إلى الصاحبة والولد الذي ينفر منها أقل رهبانهم ، حتى أنه قد ورد أن الله تعالى إذا قال لعيسى عليه السلام يوم القيامة : {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة116. يسكت أربعين سنة خجلاً من الله تعالى حيث جعل سببًا للكفر به ، وانتهاك حرمة جلاله ، فخواص الله تعالى يألمون ويخجلون من اطلاعهم على انتهاك الحرمة، وإن لم يكن لهم فيها مدخل ولا لهم فيها تعلق ، فكيف إذا كان لهم فيها تعلق من حيث الجملة ، ومن عاشر أمائل الناس ورؤسائهم ، وله عقل قويم وطبع النصارى أدرك هذا ، فما آذى أحد عيسى عليه السلام ما آذته هؤلاء النصارى ، ونسأل الله العفو والعافية بمنه وكرمه ) ( مختصر الأجوبة الفاخرة ص 8-9 ) .
أما ما للنصارى فهو كما بيناه سلفًا ونزيد عليه , قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( معنى الآية أن المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم , والذين هادوا الذين اتبعوا موسى عليه السلام وهم الذين كانوا على شرعه قبل النسخ والتبديل , والنصارى الذين اتبعوا المسيح عليه السلام وهم الذين كانوا على شريعته قبل النسخ والتبديل , والصابئون وهم الصابئون الحنفاء , كالذين كانوا من العرب وغيرهم على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق قبل التبديل والنسخ .... فهؤلاء ونحوهم هم الذين مدحهم الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62 .... وقد تقدم أنه كفر أهل الكتاب – أي القرآن الكريم – الذين بدلوا دين موسى والمسيح , وكذبوا بالمسيح أو بمحمد صلى الله عليه وسلم في غير موضع , وتلك آيات صريحة , ونصوص كثيرة , وهذا متواتر معلوم بالإضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم , ولكن هؤلاء النصارى سلكوا في القرآن ما سلكوه في التوراة والإنجيل يدعون النصوص المحكمة الصريحة البينة الواضحة التي لا تحتمل إلا معنى واحدًا ويتمسكون بالمتشابه المحتمل , وإن كان فيه ما يدل على خلاف مرادهم , كما قال تعالى فيهم وفي أمثالهم : {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7 ) ( الجواب الصحيح 2/52-53).
يتبع ....
تعليق