خصائص النص السينائى والفاتيكانى
يقول (ويل كينى) إن معظم الفروق التى تُجاوز ال 5000 فرقًا تجدها فى العهد الجديد بين نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس من جهة ، ومن جهة أخرى بين الطبعات الحديثة للكتاب المقدس مثل NASB (الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة) للكتاب المقدس، وNIV (الترجمة العالمية الحديثة) وRSV (الترجمة القياسية المنقحة) و(طبعة كتاب الحياة) وطبعات أخرى أيضًا ، أكرر مرة أخرى إن معظم الفروق الناتجة بين التراجم المختلفة ينتج عن الإختلافات الجوهرية بين هاتين المخطوطتين السينائية والفاتيكانية، والتى يُرجح أن تاريخهما يرجع إلى القرن الرابع الميلادى.
والقارىء فى علم مخطوطات الكتاب المقدس يعلم أن المجلد السينائى يُرمز له بالحرف Aleph ، ويُرمز للمجلد الفاتيكانى بالحرف B .
وقد قارن (دين جون وليام بورجون) المخطوطات السينائية والفاتيكانية فى كتابه (النسخة المنقحة) الذى صدر عام 1881 ، وذكر به قائمة تحتوى على حقائق مؤكدة لم ينكرها أحد من العلماء عن هاتين المخطوطتين.
فيذكر السيد بورجون فى صفحة رقم 11 أنه من غرائب القول أن نذكر أن المخطوطتين الفاتيكانية والسينائية فى العشرين سنة الماضية قد احتلتا السيادة فى خيال علماء نقد النصوص، والتى يمكنها أن تكون خرافة، لا أساس لها من الواقع أو الصحة. ولا يهم أنه تم اكتشاف أنهما يختلفان جذريًا ليس فقط بنسبة 99% عن النص الماسورى ، ولكنهما يختلفان أيضًا عن بعضهما البعض.
ففى العهد الجديد ، ونخص بالذكر الأناجيل بمفردها قد حذفت المخطوطة الفاتيكانية على الأقل 2877 كلمة ، وأضافت 536 ، واستبدلت 935 كلمة بأخرى، وقامت بنقل مواضع 2098 كلمة ، وحورت معنى 1132 كلمة ، أى تم التحريف فى 7578 كلمة ، وهو مجموع ما سبق!!
أما بالنسبة للسينائية فقد حذفت 3455 كلمة، وأضافت 839 كلمة ، واستبدلت 1114 كلمة ، ونقلت 2299 كلمة عن مواضعها ، وحورت معنى 1265 كلمة ، أى تم التحريف فى 8972 كلمة ، وهو مجموع ما سبق!!
مع الأخذ فى الاعتبار أن الحذف أو الاضافة أو الاستبدال أو تحوير المعنى أو تغيير موضع الكلمة لم يستهدف نفس الكلمات فى كلتا النسختين. وأنه من الأسهل أن تجد جملتين متناقضتين عن أن تبحث عن جملتين تتفقان تمامًا مع بعضهما البعض.
وفى صفحة 319 يقول فى ملاحظاته: ”إن الأناجيل الأربعة فقط للمجلد الفاتيكانى تحتوى على 589 قراءة مختلفة خاصة بها ، مؤثرة بذلك فى معنى 858 كلمة. بينما تجد فى السينائية 1460 قراءة مختلفة تؤثر فى معانى 2640 كلمة“.
إن الغرض من هذه الدراسة وعرض البعض من الأمثلة العديدة هو إظهار مدى اختلاف أقدم مخطوطتين للكتاب للعهد الجديد وتضاربهما. فهما يختلفان عن النص اليونانى التقليدى ، الذى تتبناه نسخة الملك جيمس ، التى صدرت عام 1611 ، فقد حُذفت آلاف الكلمات من نص الملك جيمس ، بناء على التنقيح الذى تم استنادًا على هاتين المخطوطتين: السينائية والفاتيكانية. أما النسخ الحديثة فهى لا تتبع نموذجًا عقليًّا أو منطقيًّا، فقد ضمَّنوا قراءات محددة من احدى النسخ واستثنوا غيرها.
وتحت عنوان فقرات مخرَّبة أو محذوفة يقول (ويل كيمى):
إن المجلد السينائى يحذف تمامًا الجُمل الآتية ، بينما يتضمنها المجلد الفاتيكانى: فقد حُذفت منها (متى 24: 35) والتى تقول: (35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.).
وحُذف من السينائية أيضًا: (لوقا 10: 32) (32وَكَذَلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضاً إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.)
وحُذف من السينائية أيضًا: (لوقا 17: 35) (35تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعاً فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.)
وحُذف من السينائية أيضًا: (يوحنا 9: 38) (38فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ». وَسَجَدَ لَهُ.)
وحُذف من السينائية أيضًا: (يوحنا 16: 15) (15كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.)
وحُذف من السينائية أيضًا: (يوحنا 21: 25) (25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ.)
وحُذف من السينائية أيضًا: (كورنثوس الأولى 13: 2) التى تقول: (2وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ فَلَسْتُ شَيْئاً.).
وإذا كان الرب قال: (18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 18، فهذا كفيل بإسقاط ما يدَّعونه من أن هذه المخطوطات أوحيت إلى ناسخيها. وإذا كانوا يؤمنون أن كلام الرب لا تزول منه نقطة واحدة ، فمعنى ذلك أن هذه المخطوطة التى زال منها عدة فقرات ليست من كلام الرب، وإلا لاتهمنا الرب أنه لم يتمكن من الحفاظ على كلامه ، كما فشل فى الحفاظ على ملابسه وقت الصلب، بل فشل فى الحفاظ على كرامته أو حياته!!
أما المجلد الفاتيكانى فيحذف الجُمل الآتية ، لأنها عنده غير مقدسة ، ولم يوح بها الرب، بينما يتضمنها المجلد السينائى، لأن الرب أوحى بها لدى كاتبيها: فقد حُذف منها:
فقد حُذف من الفاتيكانية: (متى 12: 47) (47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ».)
وحُذف من الفاتيكانية أيضًا: (لوقا 23: 17) (17وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً)
وهذا النص الأخير حذفته أيضًا غير الفاتيكانية النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة NASB والعالمية الحديثة NIV ، بينما يتضمنها النص السينائى وأغلبية النصوص اليونانية، لضرورته لتأكيد عقيدة التناول وتبريرها كتابيًّا“.
كما تحذف الفاتيكانية أيضًا من أصول كتاب الرب (لوقا 23: 34) (34فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».)، بينما يذكرها المجلد السينائى، النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة NASB والعالمية الحديثة NIV.
وتتفق الفاتيكانية والسينائية فى حذف الجُمل الآتية:
متى 17: 21 (21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ.) بل إن وضع هذا النص فى متن بعض الأناجيل الحالية ليٌشين التلاميذ ، وبالتالى يقدح فى علمهم ، وما تناقله التقليد عنهم. فإذا كان هذا الجنس النجس من الشياطين لا يخرج إلا بالصلاة والصوم ، وفشل التلاميذ فى إخراجه ، فهذا دليل على عأنهم لم يكونوا من المصلين أو الصائمين. الأمر الذى يخرجهم من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر أو العصيان أو الاثنين معًا.
متى 18: 11 (11لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.)، وفى الحقيقة لو أخذنا أن ابن الإنسان هنا تُشير يسوع ، فإنه بصفته الآب ضحَّى بنفسه بصفته الابن ليتمكن من غفران خطيئة البشرية التى لم يقترفها أحد منها، وترك الفاعل الأساسى. وما هذا إلا انتحار وخلاص من نفسه. والإنتحار يأس وهروب من حل المشكلة، وليس خلاص منها.
كما أن هذا لا يُخلص المشكلة ، وليس بحل سليم لجريمة ما. إذ حلَّ الجريمة بجريمة أخرى، ولا يفعل ذلك إلا إنسان غبى أو قاصر التفكير، أو قليل الحيلة. وكل هذا ينفى عن الرب صفة الألوهية، لمصلحة الشيطان!!
وهل بعد أن انتحر الرب (من أجل أكل اثنين من شجرة حرمت عليهما) زالت الجريمة وعمَّ السلام على الأرض؟ لا. فالجريمة مازالت موجودة ، ومازال الملايين يعصون الله تعالى. يعلم الرب ذلك وقال إن بنى آدم خطَّاء، (لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ) أخبار الأيام الثانى 6: 36؛ فلماذا يقتل ابنه أو ينتحر ليغفر للبشر جريمة لم يقترفونها وألصقها هو بهم؟
متى 23: 27 (وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.)
مرقس 7: 16 (16إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.)
مرقس 9: 44 و46 (44حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ.)
مرقس 11: 26 (26وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضاً زَلاَّتِكُمْ».)
مرقس 15: 28 (28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».)
لوقا 9: 55-56 (55فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! 56لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّصَ». فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.)
لوقا 17: 36 (36يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ».)
لوقا 23: 17 (17وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً)
يوحنا 5: 4 (4لأَنَّ ملاَكاً كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَاناً فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ.)
والغريب أنك تجد كل هذه الفقرات المحذوفة فى أغلب النصوص اليونانية المتبقية لدينا اليوم.
ومن الجدير بالذكر أن النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة NASB طبعة عام 1972 قد حذفتها، إلا أنها أرجعتها مرة أخرى فى طبعة عام 1977. ثم حذفتها ومازالت غير موجودة فى طبعاتها الحديثة!
وعلى ذلك على المسيحى أن يشترى كل طبعة من الكتاب المقدس حتى يعلم آخر تطورات الحذف والزيادة ، وحتى لا يظن أن الذى حذفته الكنيسة من الكتاب المقدس ظل مقدسًا!!
فهل من مُبرر لذلك إلا أن كتاب الرب يتعرض لأهواء علماء النصوص ومن وراءهم؟
وهل من منطق غير أن هذه النصوص من تأليف أناس لم يوح إليهم؟
وهل من الإيمان أن يشك المرء فى قدرة الرب على القيام بعمل لا تشوبه شائبة، ولا يُحتمل معه الخطأ ولو بأقل نسبة ممكنة، أو اتهام الرب بالإهمال أو ترك كتابه لُعبة فى أيدى الناس؟
وإليك بعض الأمثلة الأخرى الدالة على بُعد هذه المخطوطات عن وحى الرب أو حمايته لها:
المثال الأول:
متى 6: 13 (.... لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.)
من المعروف أن صلاة يسوع تنتهى بهذا القول، إلا أنك تجده محذوب فى 990 مخطوطة، ولم يُذكر إلا فى عشر مخطوطات فقط! أى إن وجوده يُمثل الأغلبية بنسبة 99% من ألف مخطوطة. فأى إنسان هذا المسوق بروح الشيطان قد حذف نصًا يُمثل الأغلبية؟
ومع ذلك فإن عدم وجوده فى هذا القدر البسيط من المخطوطات ليدل على عدم تعهُّد الرب بحفظ هذه المخطوطات، وأنَّ تكوين الكتاب الذى يقدسونه يخضع لقرار كبار رجال الكنيسة!!
فقد ذكرت فى الديداكى (150م) والدياتسرون (170م) أى 200 سنة قبل السينائية والفاتيكانية، وذكرت أيضًا فى النسخ القديمة الآتية: النسخة اللاتينية القديمة (200م)، والبشيطا السريانية (250م) والهرقليانية Harclean والكيورونية Curetonian والفلسطينية والقبطية والغوطية والأرمينية والأثيوبية.
وعلى الرغم من ذلك فقد حذفتها النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية ، والنسخة العالمية الحديثة وترجمة الآباء اليسـوعيين والترجمة العربية المشتركة، بينما تذكرها النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة بين قوسين.
فما هو معيار الرب فى انتقاء نصوص كتابه من بين هذه المخطوطات؟
وما هو معيار علماء الكتاب المقدس الذى حددوه لإنتقاء النصوص التى يعتبرونها مقدسة ومن وحى الرب؟
وأى النسخ هى الأصح والتى أوحى بها الرب؟
فإذا كانت النسخة السينائية أو الفاتيكانية هى وحى الرب فما مصير من آمن بالنسخة القبطية أو الأرمينية أو غيرها من النسخ على أنها وحى الرب؟
وإذا كانت النسخ الأقدم هى التى أوحى بها الرب فما مصير من يؤمن حاليًا من المسيحيين بالترجمات التى تعتمد على هاتين المخطوطتين؟
وإذا كان هذا الاختلاف فقط فى صلاة الرب، فأى حفظ هذا الذى أولاه الرب لكتابه ولكلامه؟
ومازلت أكرر هذا السؤال: هل الرب الذى لم يتمكن من الحفاظ على حياته، وكان يصرخ متضجرًا من إلهه، يائسًا منه ، معاتبًا له ، صائحًا: (لما تركتنى؟) قادر على حفظ كتابه؟
وهل الإله الذى أسره الشيطان أربعين يومًا فى الصحراء قادر على حماية كتابه من الشيطان وأعوانه؟
وهل الإله الذى اقترعوا على ملابسه قادر على أن يحفظ كلامه أو كتابه؟ وها نحن قد رأينا أمثلة على تخاذل الإله فى حفظ ما يسمونه كتابه!!
وإذا كان هذا الاختلاف فقط فى صلاة الرب، فأى حفظ هذا الذى أولاه الرب لكتابه ولكلامه؟
ومازلت أكرر هذا السؤال: هل الرب الذى لم يتمكن من الحفاظ على حياته، وكان يصرخ متضجرًا من إلهه، يائسًا منه ، معاتبًا له ، صائحًا: (لما تركتنى؟) قادر على حفظ كتابه؟
وهل الإله الذى أسره الشيطان أربعين يومًا فى الصحراء قادر على حماية كتابه من الشيطان وأعوانه؟
وهل الإله الذى اقترعوا على ملابسه قادر على أن يحفظ كلامه أو كتابه؟ وها نحن قد رأينا أمثلة على تخاذل الإله فى حفظ ما يسمونه كتابه!!
كما حذفتها ترجمة الآباء اليسـوعيين والترجمة العربية المشتركة.
المثال الثانى:
متى 6: 2-3 (2فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 3وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ)
تحذف الفاتيكانية والسينائية معظم الجملة الثانية ، وكل الجملة الثالثة، إلا أن النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة تذكر هذه الكلمات دون أدنى إشارة مرجعية تشير إلى ذلك، وكذلك تفعل الترجمة العربية المشتركة وترجمة الآباء اليسـوعيين. بينما ذكرت النسخة الدولية الحديثة فى الهامش السفلى للصفحة أن هذه الكلمات ”غير موجودة فى بعض المخطوطات القديمة“.
وأبقت عليهما الترجمة اليسـوعية والترجمة العربية المشتركة.
المثال الثالث:
متى 17: 20 (20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ.)
فهناك خطأ مازال متداولا فى النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة، وجاء هذا الخطأ نتيجة لما ذكرته النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية. فعندما لم يتمكن التلاميذ من إخراج الشياطين سألوا يسوع عن سبب ذلك فأخبرهم قائلاً: (لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ) متى 17: 20
فهذا الموقف يصورهم أنهم لا إيمان لهم مطلقًا ، وقد أوضح ذلك بأن نفى عنهم وجود (مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ) من الإيمان. ومع ذلك فإن كل من النسخة السينائية والفاتيكانية يذكران كلمة (لقلة إيمانكم) بدلا من (لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ)، وهكذا تقول النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة ونسخة الآباء اليسـوعيين والترجمة العربية المشتركة.
فإذا كان إيمانهم قليل جدًا ، فقد كان من يمكنهم القيام بهذا العمل ، لأن يسوع يخبرهم أنهم يحتاجون فقط لما مقداره (مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ) من الإيمان ليقوموا بهذه الأعمال ، وبالطبع فإن القليل الذى ذكرته التراجم الحديثة كان يكفيهم لهذا العمل، لأنه أكثر بأى حال من الأحوال من مثقال ذرة. وعلى ذلك جعلت التراجم الحديثة التى سايرت النسخة السينائية والفاتيكانية كلام يسوع هزى لا قيمة له. والأقرب للصواب أنهم لم يتمكنوا من القيام بهذه الأعمال لعدم إيمانهم بالمرة!!
ووافقت الترجمة اليسـوعية والترجمة العربية المشتركة على تغيير لفظة (لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ) إلى (لِقلِّةِ إِيمَانِكُمْ) ، وبالتالى أوقعت نفسها هذه الطبعة فى تناقض: فكيف يكون لهم إيمان قليل ، وهو ينفى بعدها حتى وجود ما مقداره حبة الخردل؟
المثال الرابع:
متى 27: 49 (49وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ».)
وهنا يوجد خطأ كبير وقعتا فيه المخطوطتان السينائية والفاتيكانية وذلك بأن ذكرا أنه (وتقدم واحد آخر وطعنه بحربة فى جنبه، وللوقت خرج ماء ودم).
وقد تجنب هذا الخطأ الطبعات الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة والنسخة القياسية المراجعة والترجمة العربية المشتركة وترجمة الآباء اليسـوعيين. إلا أن النسخة القياسية المراجعة تذكره فى هامش الصفحة السفلى قائلة: (بعض المخطوطات القديمة تضيف: وتقدم واحد آخر وطعنه بحربة فى جنبه، وللوقت خرج ماء ودم)
فقراءة السينائية والفاتيكانية تؤكدان أن هناك رجل يقتل الرب، فضلا عن الرب قد سلم روحه من تلقاء نفسه إلى يد أبيه طواعية. فهذه القراءة تؤكد أن يسوع قد مات مقتولا فى نفس هذه اللحظة، إلا أننا نرى من الفقرات التالية ومن الأناجيل الأخرى أنه مازال حيًّا يواصل الحديث قائلاً: (46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.)
وقائلاً: (30فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) يوحنا 19: 30، فإلى هنا نرى أن يسوع قد أسلم روحه طواعية إلى بارئها.
إلا أننا نواصل القراءة فى يوحنا 19: 34 (34لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ.).
فمن الواضح أن أحد الكتَّاب المُهملين أخذ هذه القراءة من إنجيل يوحنا ووضعها فى إنجيل متى 27: 49، حيث لا قيمة لها فى هذا الموضع. وهى بصفة عامة غير موجودة فى طبعة الفاندايك ، ولا اليسـوعية ، ولا العربية المشتركة.
والآن فإن هذه القراءة وجدت فى أقدم وأفضل مخطوطتين ، والتى بنيا عليهما معظم التراجم الحديثة.
المثال الخامس:
مرقس 1: 2 (2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ.)
وتقوله ترجمة الآباء اليسـوعيين والترجمة العربية المشتركة أنه مكتوب فى سفر أشعياء وليس فى الأنبياء كما تقول ترجمة الآباء اليسـوعيين: (2كُتِبَ في سِفرِ النَّبِيِّ أَشَعيا: ((هاءنذا أُرسِلُ رَسولي قُدَّامَكَ لِيُعِدَّ طَريقَكَ.)
ونسخة الملك جيمس تقول: (كما هو مكتوب فى الأنبياء: إنى أرسل رسولى أمام وجهك ليمهد الطريق أمامك ...) ولدينا هنا نبيان مختلفان أحدهما النبى ملاخى ، والآخر هو النبى إشعياء. وهذا هو السبب الذى جعلهما يكتبانها (الأنبياء) على الجمع، وهذه هى قراءة معظم النصوص اليونانية. فقد وجدت فى نسخ كثيرة قديمة، واستشهد بها إيريناوس وترتليان، الذان يرجع تاريخ وجودهما إلى عام 150 قبل أن ترى المخطوطة السينائية أو الفاتيكانية النور.
إلا أن النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة تذكران هذه الفقرة دائما على أن النبوءة جاءت من أشعياء كما تقولها الترجمة اليسـوعية والترجمة العربية المشتركة، على الرغم من أن جزء من هذا الاستشهاد قد جاء من أشعياء والجزء الآخر جاء من ملاخى.
وهذا الخطأ الذى وقعت فيه التراجم الحديثة منشأه المخطوتان السينائية والفاتيكانية. فهاتان المخطوتان تستبدلان كلمة (الأنبياء) بكلمة (أشعياء) ويحذفان (أمام وجهك).
وتنفرد السينائية بحذف عبارة (ابن الله) من الفقرة الأولى ، وتُبقى عليها الفاتيكانية. على الرغم من أن ترجمة الآباء اليسـوعيين تقول فى شأنها بعد أن وضعتها من متن النص: ”«ابن الله» لا يرد هذا اللقب فى جميع المخطوطات. لكنه يعبر على كل حال عن فكر مرقس. مع أن الله كشفه (1/11 و9/7) والشياطين أذاعوه (3/11 و5/7)، لا بدَّ أن يبقى مكتومًا. لكن يسوع قبله فى أثناء محاكمته 14/61-62)، وقد ورد على لسان رجل وثنى بعد موت يسوع 15/39).“
وقال هامش الترجمة العربية المشتركة: ”لا نجد فى بعض المخطوطات عبارة ابن الله“.
فعلى الرغم من أن هذا اللقب لا يرد فى جميع المخطوطات، وأن هذا يعبر عن فكر مرقس، وأن الشياطين هم الذين أذاعوه وورد على لسان رجل وثنى إلا أنه جزء من الكتاب المقدس ، وضعوه على لسان الرب ، وأصبح جزءًا من كلامه!!
وإذا أمعنا التفكير فى إذاعة الشياطين له: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41 ، وتدبرنا هل تفعل الشياطين الخير أو تقول الحق؟ بالطبع لا.
فإن كان الحق أن يسوع هو ابن الله ، فلماذا أراد أن يكتم الحق عن الناس؟ فالشياطين إذن كانوا أبر وأحكم منه!!
وإن كان يسوع هو ابن الله بالحق ، فإن المخطوطات التى تعولون عليها قد حُرفت بحذف هذه اللفظة منها ، وجاء هذا مصداقًا لما طلبه يسوع من الشياطين. وعلى ذلك فإن النسَّاخ الذين حذفوا هذه العبارة من المطيعين ليسوع!!
وإن عدم وجود لفظة (ابن الله) فى جميع المخطوطات ليدل على أنه حُرِّف الكتاب الذى تقدسونه بإضافتها إليه، والقول بما نهى يسوع الشياطين عنه!!
وإن كان الشياطين قد أرادوا بذلك إضلال الناس ، فقد ضللتم وقلتم بقولهم وما نهاهم يسوع عنه!!
المثال السادس:
مرقس 6: 22 (22دَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا وَرَقَصَتْ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: «مَهْمَا أَرَدْتِ اطْلُبِي مِنِّي فَأُعْطِيَكِ».)
فالمتتبع للنص يجد أن الذى دخل على هيرودس هى ابنة هيروديا وهى التى تزوجها، وقتل بسببها يوحنا المعمدان. وتابعتها فى ذلك الترجمة العربية المشتركة وترجمة الآباء اليسـوعيين. إلا أن الترجمة الأخيرة ذكرت فى هامش الصفحة ”قراءة مختلفة: «ابنته هيروديّا»“ ، وقريبا من ذلك ذكر هامش الترجمة العربية المشتركة.
إلا أن النسخة السينائية والفاتيكانية يذكران أن التى دخلت عليه هى (ابنته هيروديا). أى جعلا هيروديا ابنة هيرودس.
يُتبع
تعليق