بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)) (سورة مريم)
لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسى عليه السلام وذكر خلقه من مريم بلا أب, شرع في مقام الإنكار على من زعم أن له ولداً, تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علواً كبيراً, فقال: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم} أي في قولكم هذا {شيئا إداً} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومالك: أي عظيماً. ويقال إداً بكسر الهمزة وفتحها.... وقوله: {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً أن دعوا للرحمن ولداً} أي يكاد ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم إعظاماً للرب وإجلالاً, لأنهم مخلوقات ومؤسسات على توحيده, وأنه لا إله إلا هو, وأنه لا شريك له ولا نظير له, ولا ولد له, ولا صاحبة له, ولا كفء له, بل هو الأحد الصمد.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
قال ابن جرير: حدثني علي, حدثنا عبد الله, حدثني معاوية عن علي, عن ابن عباس في قوله: {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً * أن دعوا للرحمن ولداً} قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين, وكادت أن تزول منه لعظمة الله,... وقوله: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً} أي لا يصلح له ولا يليق به لجلاله وعظمته, لأنه لا كفء له من خلقه, لأن جميع الخلائق عبيد له, ولهذا قال: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدهم عداً} أي قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة, ذكرهم وأنثاهم, صغيرهم وكبيرهم, {وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً} أي لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له, فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة, ولا يظلم أحداً.(1)
.ولقد ولد عيسى عليه الصلاة والسلام بميلاد معجز وكان هذا الميلاد أول المعجزات التي أيده الله تعالى بها ... ولد من غير أب ! معجزة من الله الخالق القدير .. قال الله تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)) (سورة مريم)
شكك اليهود في ميلاده المعجز واتهموا أمه مريم عليها الصلاة والسلام بالزنا ! يقول الله سبحانه وتعالى ردا عليهم (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)) (سورة النساء) كانت ثاني معجزة من الله تعالى والتي بها برئ الطاهرة مريم عليها السلام بكل قوة هو أن انطق المسيح عبد الله عليه الصلاة والسلام وهو في المهد صغيرا ! يقول الحق تبارك وتعالى :
(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)) فكانت هذه المعجزة البينة دليلا عظيما انه نبي صالح عظيم وان أمه بريئة من الزنا وان ولادته معجزة بدون أب (..قوله: {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً} أي إنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرية, وقد كانت يومها ذلك صائمة صامتة, فأحالت الكلام عليه, وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه, فقالوا متهكمين بها ظانين أنها تزدري بهم وتلعب بهم {كيف نكلم من كان في المهد صبياً} قال ميمون بن مهران: {فأشارت إليه} قالت كلموه, فقالوا: على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبياً, وقال السدي لما «أشارت إليه» غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً} أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره, كيف يتكلم ؟ قال (المسيح) : {إني عبد الله}, أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى وبرأه عن الولد, وأثبت لنفسه العبودية لربه وقوله: {آتاني الكتاب وجعلني نبياً} تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة,) (2)
ثم أرسله الله تعالى لليهود خاصة قال الله تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)) (سورة الصف) فكذبه اليهود وكعادتهم قتلة الأنبياء حالوا قتله وسعوا وراء ذلك واستخدموا عملائهم واقنعوا الدولة الوثنية التي كانوا تحت حكمها بذلك وكان نظام القتل عندهم هو الصلب واتفقوا على موعد وأرسلوا جنودهم للقبض عليه مع دليل وهو احد تلاميذ المسيح الخائن الذي خان معلمه المسيح عليه الصلاة والسلام ولكن رفع الله المسيح عليه الصلاة والسلام إليه وألقى شبه المسيح على الخائن فمكر الله بهم وأضلهم لأنهم ضالين يقول الحق تبارك وتعالى :
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)) وبعد رفعه اضطهد أعداء الله المسلمين الذين أمنوا به وقاتلوا المسلمين الذين اتبعوا المسيح بشتى الوسائل من قتل وتعذيب وحرق كتبهم والقضاء على علمائهم ومن طرقهم الخبيثة ان شاول المعروف عند نصارى اليوم ببولس كان من اشد أعداء المسلمين الذين اتبعوا المسيح ذلك اليوم وكان يقتلهم ويعذبهم .. وفجأة بين يوم وليله تنصر وكتب رسائل ادعى انها وحي من الله واستطاع بخبثه وقدرته على التلاعب والتلون وبمساعدة اليهود ان يكسب ثقة السذج ومنها ركب على ظهر الحمار حتى غير دين المسيحية و بعده بـ4 قرون تقريبا جاء وثني أخر يدعى قسطنطين وادعى انه تنصر وعقد مجمعات غيروا فيها العقائد ونصروا العقائد الباطلة التي تقول بألوهية المسيح وتلت بعدها مجمعات حتى أصبح النصارى يعبدون الأب والابن والروح القدس ويقولون غشا أنهم واحد ولكن العقل السليم يقول ثلاثة
الأب : هو الله كما عند اليهود لكن النصارى غيروا وقالوا الأب تعني ذات الله !
الابن : هو المسيح واختلفوا فيه في مجمع خلقيدونيه (451 م) هل هو طبيعة واحده أم اثنين ! ويقولون انه كلمة الله وهو في نفس الوقت الله !!!
الروح القدس : وهو روح الله (تعالى الله أن يكون له روح)عند النصارى أما عند اليهود هو الملاك جبريل الذي يأتي بالوحي ويثبت المؤمنين وكذلك المسلمين .
تغيرت المسيحية من ديانة تعبد الله الواحد إلى ديانة تعبد الثلاثة أله والصليب !
وأخبرنا الله تعالى أن المسيح سينزل أخر الزمان ليكسر الصليب ويقتل الخنزير كما جاء في الأحاديث الصحيحة عن أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى بن مريم حكما مقسطا، وإماما عدلا. فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيضل المال حتى لا يقبله أحد)).(رواه البخاري .. وابن ماجة .. و فهرس مصنف ابن ابي شيبة)) ويقول الحق تبارك وتعالى (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159))
وعندما راجع المحققون الكتاب الذي يؤمن به النصارى اليوم والذي حرف بعد نزوله على المسيح عليه الصلاة والسلام ومازال التحريف مستمرا حتى اليوم ولا ننكر كما قال تعالى واخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام ان مازال فيه من الحق ما هو حجة على نصارى اليوم .. وجد المحققون أن كتاب النصارى المقدس عندهم لا يوجد فيه أي دليل يقول أن الله ثلاثة في واحد أو أن المسيح عليه الصلاة والسلام هو الله (سبحان الله !) حتى بعد التحريف .
وعندما واجهنا النصارى بهذا الكلام حرفوا وأوَلوا بعض الأعداد التي في كتابهم واستدلوا بها على أنها تؤيد ما يعتقدون في الثالوث و ألوهية المسيح الذي هو موضوعنا .. ونحن نستغرب عقيدة لا يوجد فيها نص صريح وضع مليار خط تحت كلمة صريح يؤيدها في الكتاب ! بل هناك أدلة تناقضها بل تكفر معتقديها ! سبحان الله !
وسنرد ان شاء الله على هذه الأدلة التي يستدلون منها على ألوهية المسيح عليه الصلاة والسلام من كتابهم وعلى طريقة المسيح عليه الصلاة والسلام في انجيل لوقا (22فقالَ لَه: بكلامِكَ أَدينُكَ، أيُّها الخادِمُ الشِّرِّيرُ.) فنحن أيضا ندين النصارى من كتابهم
قال الله تبارك وتعالى
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24))
***
القارئ للكتاب المقدس لدى النصارى لا يجد على لسان المسيح أي كلمة أي حرف حتى قال فيه انه الله بل كل أدلتهم قالها أشخاص اخرون موجودة في كتابهم المقدس ولا تؤيد أيضا ألوهيته المزعومة ونحن نتعجب أليس المسيح عليه الصلاة والسلام قال كما تدعون في الكتاب لرئيس الكهنة عندما سأله ما هي تعاليمك قال له المسيح أنا علمت علانية ولم أتكلم بشئ سرا ! وجاء هذا في الإصحاح 18 من انجيل يوحنا (19وسألَ رَئيسُ الكَهنَةِ يَسوعَ عَنْ تلاميذِهِ وتَعليمِهِ، 20فأجابَهُ يَسوعُ: ((كَلَّمْتُ النّـاسَ عَلانيةً، وعَلَّمتُ دائِمًا في المَجامِـعِ وفي الهَيكَلِ حَيثُ يَجتَمِـعُ اليَهودُ كلُّهُم، وما قُلتُ شيئًا واحدًا في الخِفيَةِ. 21فلِماذا تسأَلُني؟ إِسأَلِ الّذينَ سَمِعوني عمَّا كَلَّمتُهُم بِه، فَهُم يَعرِفونَ ما قُلتُ)).
أين قال إذا انه الله المتجسد أو الكلمة أو انه لاهوت وناسوت ! من نصدق المسيح الذي قال كل شئ علانية ام انتم ! وهذا الرد نقدمه إن شاء الله على ما زعمتم من أدلة تؤكد ألوهية المسيح
اسأل الله العظيم ان يهدي بها من ضل الى الحق والى جنات النعيم أمين .
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)) (سورة مريم)
لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسى عليه السلام وذكر خلقه من مريم بلا أب, شرع في مقام الإنكار على من زعم أن له ولداً, تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علواً كبيراً, فقال: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم} أي في قولكم هذا {شيئا إداً} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومالك: أي عظيماً. ويقال إداً بكسر الهمزة وفتحها.... وقوله: {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً أن دعوا للرحمن ولداً} أي يكاد ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم إعظاماً للرب وإجلالاً, لأنهم مخلوقات ومؤسسات على توحيده, وأنه لا إله إلا هو, وأنه لا شريك له ولا نظير له, ولا ولد له, ولا صاحبة له, ولا كفء له, بل هو الأحد الصمد.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
قال ابن جرير: حدثني علي, حدثنا عبد الله, حدثني معاوية عن علي, عن ابن عباس في قوله: {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً * أن دعوا للرحمن ولداً} قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين, وكادت أن تزول منه لعظمة الله,... وقوله: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً} أي لا يصلح له ولا يليق به لجلاله وعظمته, لأنه لا كفء له من خلقه, لأن جميع الخلائق عبيد له, ولهذا قال: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدهم عداً} أي قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة, ذكرهم وأنثاهم, صغيرهم وكبيرهم, {وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً} أي لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له, فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة, ولا يظلم أحداً.(1)
.ولقد ولد عيسى عليه الصلاة والسلام بميلاد معجز وكان هذا الميلاد أول المعجزات التي أيده الله تعالى بها ... ولد من غير أب ! معجزة من الله الخالق القدير .. قال الله تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)) (سورة مريم)
شكك اليهود في ميلاده المعجز واتهموا أمه مريم عليها الصلاة والسلام بالزنا ! يقول الله سبحانه وتعالى ردا عليهم (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)) (سورة النساء) كانت ثاني معجزة من الله تعالى والتي بها برئ الطاهرة مريم عليها السلام بكل قوة هو أن انطق المسيح عبد الله عليه الصلاة والسلام وهو في المهد صغيرا ! يقول الحق تبارك وتعالى :
(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)) فكانت هذه المعجزة البينة دليلا عظيما انه نبي صالح عظيم وان أمه بريئة من الزنا وان ولادته معجزة بدون أب (..قوله: {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً} أي إنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرية, وقد كانت يومها ذلك صائمة صامتة, فأحالت الكلام عليه, وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه, فقالوا متهكمين بها ظانين أنها تزدري بهم وتلعب بهم {كيف نكلم من كان في المهد صبياً} قال ميمون بن مهران: {فأشارت إليه} قالت كلموه, فقالوا: على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبياً, وقال السدي لما «أشارت إليه» غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً} أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره, كيف يتكلم ؟ قال (المسيح) : {إني عبد الله}, أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى وبرأه عن الولد, وأثبت لنفسه العبودية لربه وقوله: {آتاني الكتاب وجعلني نبياً} تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة,) (2)
ثم أرسله الله تعالى لليهود خاصة قال الله تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)) (سورة الصف) فكذبه اليهود وكعادتهم قتلة الأنبياء حالوا قتله وسعوا وراء ذلك واستخدموا عملائهم واقنعوا الدولة الوثنية التي كانوا تحت حكمها بذلك وكان نظام القتل عندهم هو الصلب واتفقوا على موعد وأرسلوا جنودهم للقبض عليه مع دليل وهو احد تلاميذ المسيح الخائن الذي خان معلمه المسيح عليه الصلاة والسلام ولكن رفع الله المسيح عليه الصلاة والسلام إليه وألقى شبه المسيح على الخائن فمكر الله بهم وأضلهم لأنهم ضالين يقول الحق تبارك وتعالى :
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)) وبعد رفعه اضطهد أعداء الله المسلمين الذين أمنوا به وقاتلوا المسلمين الذين اتبعوا المسيح بشتى الوسائل من قتل وتعذيب وحرق كتبهم والقضاء على علمائهم ومن طرقهم الخبيثة ان شاول المعروف عند نصارى اليوم ببولس كان من اشد أعداء المسلمين الذين اتبعوا المسيح ذلك اليوم وكان يقتلهم ويعذبهم .. وفجأة بين يوم وليله تنصر وكتب رسائل ادعى انها وحي من الله واستطاع بخبثه وقدرته على التلاعب والتلون وبمساعدة اليهود ان يكسب ثقة السذج ومنها ركب على ظهر الحمار حتى غير دين المسيحية و بعده بـ4 قرون تقريبا جاء وثني أخر يدعى قسطنطين وادعى انه تنصر وعقد مجمعات غيروا فيها العقائد ونصروا العقائد الباطلة التي تقول بألوهية المسيح وتلت بعدها مجمعات حتى أصبح النصارى يعبدون الأب والابن والروح القدس ويقولون غشا أنهم واحد ولكن العقل السليم يقول ثلاثة
الأب : هو الله كما عند اليهود لكن النصارى غيروا وقالوا الأب تعني ذات الله !
الابن : هو المسيح واختلفوا فيه في مجمع خلقيدونيه (451 م) هل هو طبيعة واحده أم اثنين ! ويقولون انه كلمة الله وهو في نفس الوقت الله !!!
الروح القدس : وهو روح الله (تعالى الله أن يكون له روح)عند النصارى أما عند اليهود هو الملاك جبريل الذي يأتي بالوحي ويثبت المؤمنين وكذلك المسلمين .
تغيرت المسيحية من ديانة تعبد الله الواحد إلى ديانة تعبد الثلاثة أله والصليب !
وأخبرنا الله تعالى أن المسيح سينزل أخر الزمان ليكسر الصليب ويقتل الخنزير كما جاء في الأحاديث الصحيحة عن أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى بن مريم حكما مقسطا، وإماما عدلا. فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيضل المال حتى لا يقبله أحد)).(رواه البخاري .. وابن ماجة .. و فهرس مصنف ابن ابي شيبة)) ويقول الحق تبارك وتعالى (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159))
وعندما راجع المحققون الكتاب الذي يؤمن به النصارى اليوم والذي حرف بعد نزوله على المسيح عليه الصلاة والسلام ومازال التحريف مستمرا حتى اليوم ولا ننكر كما قال تعالى واخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام ان مازال فيه من الحق ما هو حجة على نصارى اليوم .. وجد المحققون أن كتاب النصارى المقدس عندهم لا يوجد فيه أي دليل يقول أن الله ثلاثة في واحد أو أن المسيح عليه الصلاة والسلام هو الله (سبحان الله !) حتى بعد التحريف .
وعندما واجهنا النصارى بهذا الكلام حرفوا وأوَلوا بعض الأعداد التي في كتابهم واستدلوا بها على أنها تؤيد ما يعتقدون في الثالوث و ألوهية المسيح الذي هو موضوعنا .. ونحن نستغرب عقيدة لا يوجد فيها نص صريح وضع مليار خط تحت كلمة صريح يؤيدها في الكتاب ! بل هناك أدلة تناقضها بل تكفر معتقديها ! سبحان الله !
وسنرد ان شاء الله على هذه الأدلة التي يستدلون منها على ألوهية المسيح عليه الصلاة والسلام من كتابهم وعلى طريقة المسيح عليه الصلاة والسلام في انجيل لوقا (22فقالَ لَه: بكلامِكَ أَدينُكَ، أيُّها الخادِمُ الشِّرِّيرُ.) فنحن أيضا ندين النصارى من كتابهم
قال الله تبارك وتعالى
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24))
***
القارئ للكتاب المقدس لدى النصارى لا يجد على لسان المسيح أي كلمة أي حرف حتى قال فيه انه الله بل كل أدلتهم قالها أشخاص اخرون موجودة في كتابهم المقدس ولا تؤيد أيضا ألوهيته المزعومة ونحن نتعجب أليس المسيح عليه الصلاة والسلام قال كما تدعون في الكتاب لرئيس الكهنة عندما سأله ما هي تعاليمك قال له المسيح أنا علمت علانية ولم أتكلم بشئ سرا ! وجاء هذا في الإصحاح 18 من انجيل يوحنا (19وسألَ رَئيسُ الكَهنَةِ يَسوعَ عَنْ تلاميذِهِ وتَعليمِهِ، 20فأجابَهُ يَسوعُ: ((كَلَّمْتُ النّـاسَ عَلانيةً، وعَلَّمتُ دائِمًا في المَجامِـعِ وفي الهَيكَلِ حَيثُ يَجتَمِـعُ اليَهودُ كلُّهُم، وما قُلتُ شيئًا واحدًا في الخِفيَةِ. 21فلِماذا تسأَلُني؟ إِسأَلِ الّذينَ سَمِعوني عمَّا كَلَّمتُهُم بِه، فَهُم يَعرِفونَ ما قُلتُ)).
أين قال إذا انه الله المتجسد أو الكلمة أو انه لاهوت وناسوت ! من نصدق المسيح الذي قال كل شئ علانية ام انتم ! وهذا الرد نقدمه إن شاء الله على ما زعمتم من أدلة تؤكد ألوهية المسيح
اسأل الله العظيم ان يهدي بها من ضل الى الحق والى جنات النعيم أمين .
____________
(1) تفسير ابن كثير رحمه الله
تعليق