المقدمة
الحمد لله وبعد :
إن هذا الكتاب يختلف بشكل كبير عن سابقته ويعود السبب إلى أن مؤلف الكتاب قد وسم اسمه عليه واعتماد الكاتب على الاسلوب الهادئ في الحوار بحيث يتم تخدير المتلقي من خلال الهدوء هذا وجعل في تمهيد الكتاب على استخدام أسلوب يطمئن المسلم إذا ما قرأه ويعود القارئ المسيحي بأسلوب جديد في التعاطي مع الاسلام بحيث اختلفت الكلمات وبقيت الفكرة كما هي ولم تختلف أبدا ولكن نحن بالمرصاد لمثل هكذا دعوات لانها تحمل وجها واحدا لحوار هو التهجم على الاسلام ويجب أن نقول إن هذا الكتاب كما قلت أخذ منحا آخر من خلال اعتماد هذا الكاتب على الرد على الاسلام بشأن بعض المواقف الاسلامية من المسيحية وهذا ما دلل من خلال عناوين الفرعية للكتاب مثل التثليث الذي حاربه الاسلام ولو نظرنا نظرة سريعة وعميقة على هذا العنوان الفرعي لعلمنا جيدا ما يحمله هذا العنوان من أشياء ملغومة وكثيرة تدل على جوهر كل الآحاديث التي يتحدثون عنها وأن جميع كتب الحوار والنقاش الاسلامي المسيحي تدل على قاسم مشترك هو الطعن والتهجم على الاسلام وإن اختلف النسبية فيها
وقبل الدخول وتقليب صفحات هذا الكتاب يجب أن ننوه أن كاتب هذا الكتاب ميت
في هذا الكتاب سوف أتحدث من خلال ست وعشرين محو روهذه المحاور هي عبارة عن شبهات تثار كما ورد في فصول وأبواب الكتاب وأنا يجب أن يعي الأخ القارئ المسلم حصريا أن الرد وإن كان بحجم أقل من حجم صفحات أي كتاب إلا أن السبب هو أننا نريد أن نرد شبهات أكثر من سبعمائة كتاب قد نشرت على موقع من أعقد وأشرس المواقع النصرانية وأكثرهم تجرأ على الاسلام وأهله لذلك رد بعشرات الصفحات وتكون مفيدة خير من مئات الصفحات التي تكون عبارة عن حشو كلام
وعلى بركة الله نبدأ :
الشبهة الأولى :
هل شهد القرآن بصحة العقيدة المسيحيّة؟
يستند الكاتب هنا الى قوله تعالى :في سورة المائدة 5: 69إِنَّ الّذينَ آمَنُوا وَالّذينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وهو يبني تكهنات بل صورة لنفسه بحيث غاب عنه عدة أمور في هذه الآية الكريمة
أي نعم إن الله خص النصارى والصابئة والذيه هادوا بهذا الثناء ولكن هناك شروط إن تم قبولها نالوا الجزاء الثاني في الآية وهذه الشروط هي :
الايمان بالله تعالى طبعا الايمان بالله هو يدخل في علم التوحيد من توحيد الله في الاسماء والصفات وتوحيد الله في العبودية والربوبية فإن تمت هذه الأمور نشهد على أنهم موحدون ولكن أن تدعي النصارى أنه عيسى بن مريم فهذا ضللاب من ضروب الشرك بالله والكفر بالله وأن تدعي اليهود أن عزير ابن الله فهذا ضرب آر من ضروب الشراك وأما الصابئة فعقيدتهم قائمة على الكواكب والنجوم وعلم الفلك وإشراك الله في العبادة
وهنا نرى أن أول هذه الشروط لم تتحق أبدا
والشرط الثاني :
الايمان باليوم الآخر :
فالنصارى لا يوجد عندهم يوم آخر فقط عندهم الحياة الابدية وهي ضرب من ضروب التجنى والطعن في عدالة الله حيث في الحياة الابدية الكل سوف يدخل من النصارى الى الجنة المذنب والغير مذنب وبذلك تضيع الحقوق .
وأما اليهود فهم لا يؤمنون باليوم الآخر وما بعد الحياة الدنيوية
ومن هنا إن كلا الشرطين لم يتحقق عند النصارى لذلك لا يمكن أن نعتبر أن هؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
يقول الكاتب ابراهيم لوقا :
(وبحكم هذه الآية وتفسيرها يكون المسيحيون - في نظر الإسلام - موحّدين غير مشركين، محقين في إيمانهم غير ضالين، مؤمنين غير كافرين،)
ولا أعرف الاساس الذي اعتمدت عليه في اعتبار أن النصارى موحدون فالتوحيد هو عبادة الله واحد لا شريك وأما انتم تعتبرون مع الله شريكا آخر
أما قوله بشهادة القرآن لاخلاق النصارى :
((شهد القرآن للنصارى بحسن الأخلاق، مما يدل على تأثير المسيحية في أخلاق تابعيها. فقد جاء في المائدة 5: 82: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً للّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالّذينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً للّذِينَ آمَنُوا الّذينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
كما جاء في الحديد 57: 27ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الّذينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً. كما جاء في آل عمران 3: 113 ، 114لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاءَ اللّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ .))
طبعا هنا الكاتب يريد استغفال الناس من خلال كلامه ويريد أن يعمم هذه الآية على كل النصارى وهذا هراء لأن الآية هذه تخص نصارى الحبشة لنرى تفسير البغوي كيف يفسر هذه الآية
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)
ابن عمك وأسملت لله رب العالمين، وقد بعثت إليك ابني أزهى، وإن شئت أن آتيك بنفسي فعلت والسلام عليك يا رسول الله، فركبوا سفينة في أثر جعفر وأصحابه حتى إذا كانوا في وسط البحر غرقوا، ووافى جعفر وأصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا عليهم ثياب الصوف، منهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من [أهل] (1) الشام، فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا، وقال: آمنوا، وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى عليه السلام، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية (2) { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } 110/ب يعني: وفد النجاشي الذين قدموا مع جعفر وهم السبعون، وكانوا أصحاب الصوامع.
وقال مقاتل والكلبي كانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة، وثمانية روميون من أهل الشام.
[وقال عطاء: كانوا ثمانين رجلا أربعون من أهل نجران من بني الحرث بن كعب، واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية روميون من أهل الشام] (3) .
وقال قتادة: نزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى عليه السلام، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم صدقوه وآمنوا به فأثنى الله عز وجل بذلك عليهم (4) . { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ } أي علماء، قال قطرب: القس والقسيس العالم بلغة الروم، { وَرُهْبَانًا } الرهبان العبّاد أصحاب الصوامع، واحدهم راهب، مثل فارس وفرسان، وراكب وركبان، وقد يكون واحدا وجمعه رهابين، مثل قربان وقرابين، { وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ } لا يتعظمون عن الإيمان والإذعان للحق.
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) } انتهى
إذا من خلال هذا التفسير نرى أن الآية هذه آية تخصيص لا تعميم
ومما يؤكد أن الآية فيها تخصيص هو الآية التي بعدها وهنا الشرح لتفسير الرازي :
إِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)
ثم قال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرسول تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع } الضمير في قوله { سَمِعُواْ } يرجع إلى القسيسين والرهبان الذين آمنوا منهم { وَمَا أَنَزلَ } يعني القرآن إلى الرسول يعني محمداً عليه الصلاة والسلام قال ابن عباس : يريد النجاشي وأصحابه ، وذلك لأن جعفر الطيار قرأ عليهم سورة مريم ، فأخذ النجاشي تبنة من الأرض وقال : والله ما زاد على ما قال الله في الإنجيل مثل هذا ، وما زالوا يبكون حتى فرغ جعفر من القراءة ، وأما قوله { تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع } ففيه وجهان : الأول : المراد أن أعينهم تمتلىء من الدمع حتى تفيض لأن الفيض أن يمتلىء الإناء وغيره حتى يطلع ما فيه من جوانبه . الثاني : أن يكون المراد المبالغة في وصفهم بالبكاء فجعلت أعينهم كأنها تفيض بأنفسها .
وأما قوله تعالى : { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق } أي مما نزل على محمد وهو الحق .
فإن قيل : أي فرق بين ( من ) وبين ( من ) في قوله { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق } .
قلنا : الأولى : لابتداء الغاية ، والتقدير : أن فيض الدمع إنما ابتدىء من معرفة الحق ، وكان من أجله وبسببه ، والثانية : للتبعيض ، يعني أنهم عرفوا بعض الحق وهو القرآن فأبكاهم الله ، فكيف لو عرفوا كله .
وأما قوله تعالى : { يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا } أي بما سمعنا وشهدنا أنه حق { فاكتبنا مَعَ الشاهدين } وفيه وجهان : الأول : يريد أمة محمد عليه الصلاة والسلام الذين يشهدون بالحق ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس } [ البقرة : 143 ] والثاني : أي مع كل من شهد من أنبيائك ومؤمني عبادك بأنك لا إله غيرك . انتهى
إذا هذه الشروح لهذه الآية وهنا رد على ما يدعيه هذا الكاتب وإن قيل إن كلام التفسير لا يؤخذ به فلنا شرحنا أي هم يشرحون نقول إن الكتاب هو قرآننا ونحن أعلم متى وكيف وعلى من نزلت الآيات وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها
ويتابع الكاتب صاحب هذا الكتاب على شهادات من القرآن على المسيحية ومنها قوله :
شهد القرآن برفعة المسيحيين على الكافرين بالمسيحية، فقد جاء في آل عمران 3: 55: إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الّذينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الّذينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الّذينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
ولنرى شرح هذه الآية الكريمة حسب تفسير بن كثير :
اذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)
رَبِّي" (1) حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فآسوه (2) ومنعوه من الأسود والأحمر. وهكذا (3) عيسى ابن مريم، انْتدَبَ له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه. ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم: { قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } الحواريون، قيل : كانوا قَصّارين وقيل: سموا بذلك لبياض ثيابهم، وقيل: صيادين. والصحيح أن الحواري الناصر، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَدبَ الناس يوم الأحزاب، فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدَبَ الزبير [ثم ندبهم فانتدب الزبير] (4) فقال: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ" (5) .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد جيد.
ثم قال (6) تعالى مخبرا عن [ملأ] (7) بني إسرائيل فيما هَمُّوا به من الفتك (8) بعيسى، عليه السلام، وإرادته بالسوء والصَّلب، حين تمالؤوا (9) عليه وَوَشَوا به إلى ملك ذلك الزمان، وكان كافرًا، فأنْهَوا إليه أن هاهنا رجلا يضل الناس ويصدهم عن طاعة الملك، وَيُفَنِّد الرعايا، ويفرق بين الأب وابنه (10) إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب، وأنه ولد زانية (11) حتى استثاروا غضب الملك، فبعث في طلبه من يأخذه ويصلبه ويُنَكّل به، فلما أحاطوا بمنزله وظنوا أنهم قد ظَفروا به، نجاه الله من بينهم، ورفعه من رَوْزَنَة ذلك البيت إلى السماء، وألقى الله شبهه على رجل [ممن] (12) كان عنده في المنزل، فلما دخل أولئك اعتقدوه في ظلمة الليل عيسى، عليه السلام، فأخذوه وأهانوه وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك. وكان هذا من مكر الله بهم، فإنه نجى نبيه ورفعه من بين أظهرهم، وتركهم في ضلالهم يعمهون، يعتقدون أنهم قد ظفروا بطَلبتِهم، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادا للحق ملازما لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد؛ ولهذا قال تعالى: { وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } .
{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) }
اختلف المفسرون في قوله: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي ومتوفيك، يعني بعد ذلك.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } أي: مميتك.
وقال محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: توفاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه الله إليه.
قال ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه.
وقال إسحاق بن بشر (1) عن إدريس، عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام، ثم بعثه، ثم رفعه.
وقال مطر الوراق: متوفيك من (2) الدنيا وليس بوفاة موت (3) وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه.
وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا: النوم، كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ [وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ] (4) } [ الأنعام : 60 ] وقال تعالى: { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] (5) } [ الزمر : 42 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -إذا قام من النوم-: "الْحَمْدُ لله الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ"، وقال الله تعالى: { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا. وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ } إلى قوله [تعالى] (6) { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } [ النساء : 156 -159 ] والضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } عائد على عيسى، عليه السلام، أي: وإن من أهل الكتاب إلا يؤمن (7) بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلّهم؛ لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، حدثنا الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال في قوله: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } يعني وفاة المنام، رفعه الله في منامه. قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: "إنَّ عِيسَى لمَْ يَمُتْ، وَإنَّه رَاجِع إلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقَيامَةِ" (8) .
وقوله تعالى: { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي: برفعي إياك إلى السماء { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } وهكذا وقع؛ فإن المسيح، عليه السلام، لما رفعه الله إلى السماء تَفَرَّقت أصحابه شيَعًا بعده؛ فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله. وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة. وقد حكى الله مقالاتهم في القرآن، ورَد على كل فريق، فاستمروا كذلك قريبا من ثلاثمائة سنة، ثم نَبَع لهم ملك من ملوك اليونان، يقال له: قسطنطين، فدخل في دين النصرانية، قيل: حيلة ليفسده، فإنه كان فيلسوفا، وقيل: جهلا منه، إلا أنه بَدل لهم دين المسيح وحرفه، وزاد فيه ونقص منه، ووضعت له القوانين والأمانة الكبيرة -التي هي الخيانة الحقيرة-وأحل في زمانه لحم الخنزير، وصَلّوا له إلى المشرق (1) وصوروا له الكنائس، وزادوا في صيامهم عشرة أيام من أجل ذنب ارتكبه، فيما يزعمون. وصار دين المسيح (2) دين قسطنطين إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارت ما يزيد على اثنى عشر ألف معبد، وبنى المدينة المنسوبة إليه، واتبعه (3) الطائفة المَلْكِيَّة منهم. وهم في هذا كله قاهرون لليهود، أيَّدهم (4) الله عليهم لأنهم أقرب إلى الحق منهم، وإن كان الجميع كفار، عليهم لعائن الله.
فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان من آمن به يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق -كانوا هم أتباع كُل نبي على وجه الأرض-إذ قد صدقوا الرسول النبي الأمي، خاتم الرسل، وسيد ولد آدم، الذي دعاهم إلى التصديق بجميع الحق، فكانوا (5) أولى بكل نبي من أمته، الذين يزعمون أنهم على ملّته وطريقته، مع ما قد حَرّفوا وبدلوا.
ثم لو لم يكن شيء من ذلك لكان قد نسخ الله بشريعته (6) شريعة جميع الرسل بما بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الدين الحق، الذي لا يغير ولا يبدل إلى قيام الساعة، ولا يزال قائما منصورًا ظاهرا على كل دين. فلهذا فتح الله لأصحابه مشارق الأرض ومغاربها، واحتازوا (7) جميع الممالك، ودانت لهم جميعُ الدول، وكسروا كسرى، وقَصروا قيصر، وسلبوهما كُنُوزَهما، وأنفقت في سبيل الله، كما أخبرهم بذلك نبيهم عن ربهم، عز وجل، في قوله: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا } الآية[ النور : 65 ] ولهذا (8) لما كانوا هم المؤمنين بالمسيح حقا (9) سلبوا النصارى بلاد الشام وأَجْلَوهم إلى الروم، فلجؤوا إلى مدينتهم القسطنطينية، ولا يزال الإسلام وأهله فوقهم إلى يوم القيامة. وقد أخبر الصادق المصدوق أمَّته بأن آخرهم سيفتحون القسطنطينية، ويستفيؤون (10) ما فيها من الأموال، ويقتلون الروم مَقْتلة عظيمة جدا، لم ير الناس مثلها ولا يرون بعدها نظيرها، وقد جمعت في هذا جزءا مفردا. ولهذا قال تعالى: { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } أي: يوم القيامة { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } وكذلك فعل تعالى (11) بمن كفر بالمسيح من اليهود، أو غلا فيه وأطراه من النصارى؛ عَذبهم في الدنيا بالقتل والسبي وأخْذ الأموال وإزالة الأيدي عن الممالك، وفي الدار الآخرة عَذابُهم أشد وأشق { وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } [الرعد:34] .
{ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ (1) أُجُورَهُمْ } أي: في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالنصر والظفر، وفي الآخرة بالجنات العاليات { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }
ثم قال تعالى: { ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } أي: هذا الذي قَصَصْنَاه عليك يا محمد في أمر عيسى ومبدأ ميلاده وكيفية أمره، هو مما قاله الله تعالى، وأوحاه إليك ونزله عليك من اللوح المحفوظ، فلا مرية فيه ولا شك، كما قال تعالى في سورة مريم: { ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ. مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ مريم : 34-35 ] وهاهنا قال تعالى.
{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْت َرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) }
ويتابع سرد ما يريد أن يثبته بقوله :
حكم الإسلام بالفسق على من لم يُقِم أحكام الإنجيل. فقد جاء في المائدة 5: 47وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. وقد ذكر البيضاوي في تفسيره: فأولئك هم الفاسقون عن حكمه أو عن الإيمان إن كان مستهيناً به ... والآية تدل على أنّ الإنجيل مشتمل على الأحكام وأنّ اليهودية منسوخة ببعثة عيسى.
طبعا هذا الكلام يجب أن نعي حقيقته وخاصة الآية الكريمة وهي وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله يعني الكلام هنا فليحكم أهل الانجيل وهم النصارى بما أنزل الله وهو القرآن وليس الانجيل وإلا كان لزاما علينا أن نحكم بما أنزل في الانجيل ولي هنا سؤال لطالما أنه يدوا ال تحكيم الانجيل فلماذا أنزل القرآن وقضية التفسيق لا توجد في أي دين إلا الاسلام فلا يوجد في النصرانية شئ اسمه الفسق والفاسق ولا في اليهودية إذا هنا الكلام موجه لتحكيم القرآن الكريم وهو مصداقا لقوله تعالى بما أنزل الله ونريد أن نسأل طيب لطالما أن الله يدعوا ال تحكيم الانجيل وهو أد في القرآن أنه محرف فهل يريد أن يضل عباده طبعا حاشاه عما يصفون اذا القرآن هو الذي يجب أن نحكمه
يتابع صاحبنا رؤيته :
أقرَّ الإسلام بحقيقة تعاليم المسيحية، وحضَّ على الإيمان بها، فقد جاء في العنكبوت 29: 46وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الّذينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالّذي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .
ورد في شرح هذه الآية في كتاب فتح القدير :
وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : { وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ } قال : بلا إله إلاّ الله . وأخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ، وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون » وأخرج البيهقي في الشعب ، والديلمي ، وأبو نصر السجزي في الإبانة عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تصدّقوا بباطل ، أو تكذبوا بحق ، والله لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حلّ له إلاّ أن يتبعني » وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن مسعود قال : لا تسألوا أهل الكتاب ، وذكر نحو حديث جابر ، ثم قال : فإن كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه . انتهى
يتابع القول :
يتضح جلياً مما سبق أنّ القرآن يشهد بصحة العقيدة المسيحية، وصدق الإيمان بها. ويعلن أنّ النصارى قوم موحِّدون لا تشوب عقيدتهم شائبة شِرك، ولا يعلق بإيمانهم نقص أو عيب. كما شهد للمسيحية بحُسن تأثيرها في القلوب، وتقويم اعوجاج النفوس.
ومما ررددنا عليه من خلال التفاسير يؤكد عكس ما يذهب اليه في كلامه
الشبهة الثانية:
صحة الكتاب المقدس :
سوف أضمن مقدمة الرد بخلاصة ما وصل إليه المنص ابراهيم لوقا يقول :
نستخلص مما سبق أنّ القرآن يصرّح، بما ذكر عن الكتاب المقدس من صريح الآيات، أنّه كتاب منزل، لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه
ونأتي عى ما أورده من أدلة على ذلك:
وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلّ كُمْ تَهْتَدُونَ (البقرة 2: 53). ويقول البيضاوي في تفسيره: الفرقان يعني التوراة الجامع بين كونه كتاباً منزلاً وحجة تفرق بين الحق والباطل
وهذا كلام حق ولكن يجب أن نفصل ما بين الفرقان وهو التوراة الذي نزل على موسى وما بين مجموعة من كتب وأسفار تحوي في مضمونها على التحريف الذي أقره القرآن الكريم
هذا بالنسبة للتوراة
وأما دليله عن النجيل يضمن قوله بآية كريم وهي
(وثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ (سورة الحديد 57: 27) )
وهذه الآية هي ليست دليلا على صحة العهد الجديد ومن يتتبع هذا الكلام الرباني بدهي سوف يعرف أن الانجيل نزل على عيسى ولكن الانجيل كتب ما بعد رفع عيسى ولم يكتب في عهده
من هنا عندما نرى أن الكاتب يريد دمج ما بين الكتب المحرفة وما بين التوراة والانجيل الصافي نرى أن ما يذهب اليه الكاتب ليس أدلة إنما كلام حق يراد به باطل
المحور الثالث :
كتاب غير محرف بل كتاب محرف :
يقول هذا الكاتب لرد شبهة تحريف الانجيل التي يقرها المسلمون :
على أنّ هذا التحريف المزعوم أمر لم يكن - ولن يكون - في الاستطاعة حدوثه، لانتشار الكتاب بأيدي المؤمنين في كثير من جهات الدنيا، قبل الإسلام وبعده, فلو أُريد تغييره أو تبديله، أو تحريفه بالزيادة عليه أو النقص منه، للزم جمع كل نسخه وتحريفها، أو إبدالها بسواها، وهذا
ولكن تحريف الانجيل ثابت في القرآن
وأما برهنته على أن
كان هناك نسخما بين الناس ووجب تحريف كل النسخ هذا يريد من خلال كلامه أن يغمض عينيه عن الحقيقة مع العلم إن في العصور الحيثة أي في القرون ما قبل القرن العشرين كان هناك حوالي 360 انجيل وعندما اجتمعت الكنيسة اتفقوا على اختيار الاناجيل الاربعة وتم على هذا الاساس جعله ككتاب مقدس
ولي كلام إن التناقض الموجود في الانجيل يدل على التحريف ولنا هنا دراسة عن الانجيل نظرة من الداخل والمتناقضات فيه يؤكد تحريف الانجيل واليكم هذه الدراسة وأضمنها لكي نرد على معزوفة صحة الكتاب المقدس التي يتحدث عنها هو وغيره مع أنها موجودة كدراسة مستقلة ولكن يجب أن نضمنها لانها من روح وصلب النقاش
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى والصلاة على رسوله ومن سار على دربه وارضى اللهم عن الصحابة والآل أما بعد :
أقدم هذه الدراسة التي هي بعنوان الأنجيل نظرة من الداخل والمتناقضات فيه :
وعسى أن تتيقن النصرانية العالمية بعد الاطلاع عليها من معرفة هذا الكتاب الذي تدعوا الناس من أجل اتباعه على أساس أنه الحق من عند الله ولكن لنبدأ والله من وراء القصد يجب أننسلم بحتمية لابد منها وهي أن حوارنا هو حوار حق وباطل أحد منا على حق والآخر على باطل وأتابع الحوار على هذا الأساس
ربما بل أنا متأكدأنََ هناك في العالم النصراني أصوات تدعي أن القرآن الذي أتى به محمد هو ليس من عند الله إنما هو من تأليفه وقد قال هذا الكلام كثير من المستشرقين والذي أكد هذا الكلام هو أن ما هو بعض الموجود في القرآن موجود في الأنجيل وحتى في التوراة ومحمد جمع بعض القصص من الأنجيل وجعلها حسب زعمكم وزعم آولئك المستسرقين بما يتناسب مع البيئة الصحراوية وعلى هذا الأساس الذي لا أساس له من الصحة بنيت وعلمت أجيال وأجيال من النصرانية ومرت هذه الأكذوبة على الناس بسبب بساطتهم بل الخوف من السلطة الدينية سلطة الكنيسة وما نتج عن ذلك من قتل الكثيرين من المفكرين تحت ذريعة الهرطقة وعشعشت هذه الأفكار التي ما أنزل الله بها من سلطان في نفوس الكثيرين من أتباع النصرانية وخُدر كثير من النصارى بمثل هكذا مخدر حتى شل تفكيرهم الذي لو أنه كان يفكرون لعرفوا الحق واتبعوا الاسلام ولكن لنا وقفة هنا وأنا لا أتحدث عن واقع النصارى ولكن أريد أن أفهم الناس وأنت منهم الأكثر تطرفا للنصرانية عن ذاك التشابه الذي تتحدثون عنه ما بين بعض النصوص في القرآن والأنجيل والتوراة وأن الأقدم هو الصحيح ومن المحال أن يكون ما ورد في التوراة مقتبس من القرآن وكذلك الانجيل لان التوراة هو الاقدم وكذلك العهد الجديد
ولكن الأمر ليس كذلك ايها النصراني الباحث عن الحقيقة من خلال طعنك بالحقية نفسها بل تأكد أن التوراة الحالي والأنجيل هما مقتبسان من القرآن وليس العكس
ربما تقول لقد اصاب هذا الرجل خرف في عقله فهو يقول الأحدث يؤخذ من الأقدم وليس العكس صحيح فكيف تقول أن التوراة والأنجيل مقتبسان من القرأن
أقول لك القصة ببساطة وبدون تعقيد :
تتم هذه الحالة في حال واحد هو ان الانجيل والتوراة تم تحريفهما في القرون الوسطى
وهذا التحريف اوحى للناس أن القرآن مقتبس من عهدي الجديد والقديم أي إن الذين حرفوا هذا الكتابين عمدوا هم إلى الاتيان ببعض النصوص من القرآن وتم تحويلها بما يتناسب مع واقع المرحلة التاريخية
من أجل الايحاء بشبهة أن القرأن مقتبس من الأنجيل والتوراة ومن حرفوا هذين الكتابين يا سيد هم ممتهني التحريف اليهود من انخرطوا في صفوف الفاتيكان وسلطة الكنيسة من أجل عملهم وما هو الثوب الذي ارتدوه هو ثوب اعتناق المسيحية وصبر هؤلاء إلى أن وصلوا إلى مراحل متقدمة في السلطة الكنسية ولو أنلك دخول بل إطلاع على من هم حول بابا الفاتيكان من الكرادنة لعرفة أن ثمانية منهم من اليهود وهكذا تغلغلوا إلى النصرانية وحرفوا الكتاب فوق تحريفه وبذلك كسبوا هدفين اثنين الأول هو زيادة التحريف على الانجيل والثاني الطعن بالقرآن من خلال مؤامرة الاقتباس من الانجيل والتوراة والدليل على تغلغل هؤلاء في الفاتيكان منذا القديم ارجع ألى قصص من اعتنقوا النصرانية من
اليهود ربما تقول وما هدفهم أقول بكل بساطة الهدف هو تمرير مخططات من أجل إقامة دولة اليهود العالمية حسب زعمهم وهم مسموح لليهودي أن يعتنق دين أو جماعة أو مذهب من أجل تدميره
ولن أشرح المزيد هنا أنصحك بالرجوع إلى كتاب بروتوكولات حكماء صهيون حيث في هذا الكتاب ما يدعم كلامي
ومن خلال هذه المؤامرة تم التحريف وهذه هي قصة وجود بعض النصوص المتشابة في التوراة والأنجيل وأقدم لك دليل واحد على ما أقوله في الانجيل بعد ترديد الصلاة تقولون أمين وفي بداية الأمر خلن أن هذه الكلمة مترجمة للعربية ولكن بعد مشاهدتي لأفلام عن النصرانية والكنيسة وهي أفلام أمريكية
ومن انتاج هوليود وكتاب السيناريو والممثلين والمخرجين والطاقم الفني هم
نصارى وغيرها فرجعت عندما كان يردد المصلون في الكنيسة كلمة آمين وبالعربي ومعنى ذلك أن الأمور مقتبسة من القرآن كما قلت لك لا العكس وإلا لماذا هذه كلمة آمين وهي عربية وهل كان على زمن المسيح لغة عربية
وإن كنت أدعي ذلك زورا وبهتانا فارجع الى الافلام الغربية الامريكية وتابع لقطة دفن شخص في مقابر النصارى وبعد أن ينتهي رجل الدين النصراني من ترتيله يقول الجميع وبالعربي آمين فهل فسرتم لنا من أين أتت كلمة آمين الى النصرانية
والآن اسمح لي وفي سياق متصل أن أتابع الحديث بنقلة أخرى سوف تشل تفكيرك
لقد قلت لك أن الأنجيل محرف وكل ما هو وارد فيه يدل بشكل أو بأخر على هذا التحريف والدراسة التي أقدمها لك أيها النصراني هي من الانجيل وقلت لك أن هذه الدراسة عنوانها
الأنجيل نظرات من الداخل :
أرجو منك أن تقرأها بكل تعقل لا عصبية وأن تكون من الذين يقتنعون بالعقل هذا إن كنت تريد الحق وأن تتبعه وأما إن كنت تريد الجدال فلا تقرأ هذه الدراسة :
الأنجيل نظرة من الداخل والمتناقضات التي فيه :
لقد خرج من هم من بني جلدتكم ويتحدثون بحديث العهد الجديد من أبوين نصرانيين وهم أمريكان
ليقولوا للعلن وبشكل جرئ إن الانجيل يحوي على متناقضات لا مثيل لها وهل يعقل لله رب السماء الذي خلق الأكوان بقدرة ربانية عظيمة هو غير قادر على تلافي ما هو متناقض في الأنجيل هذا محال
لأن الذي جعل لنزول المطر هندسة ربانية لا مثيل لها تدل على عظمته هو قادر على أن يأتي بما هم أعظم من ذلك ولكن أن يكون كتاب يقال أنه هو من عند الله وفيه من المتناقضات ما يستحي البشر من التفوه بها فما بالك كتاب ينسب إلى الله هذا ما لا يمكن اعتباره أنه كتاب من عند الله تعالى
التناقضات ,,,,, هكذا قالها رجل نصراني أمريكي من بلاد التطور والتكنولوجيا ومن بلد التطوير والتنوير ومن قالها هوأمريكي كما قلت لك نقلها عنه رجل من كبار كتاب أمريكا المهتمين بالنصرانية اسمه جوش ماكدويل صاحب كتاب حقيقة لاهوت يسوع المسيح واشترك في تأليف هذا الكتاب بارت لارسون وهو مترجم إلى العربية ويوزع مجانا في الكنائس وقد وصلتني نسخة منه وهذه قد ضمن تلك الأقاويل عن ما اعترض عليه رجل وقال له إن العهد الجديد فيه متناقضات
هذه شهادة من عندكم ومن هنا وأنا كلي ثقة بما ورد في القرآن أن هذا الكتاب هو محرف بل طرأعلى تحريفه مراحل آخرها وكما أثبت لك تحريف القرون الوسطى وبدايات القرن العشرين وقد وجد في ذلك الزمان ما يفوق ثلاث مئة انجيل اتفق على الأناجيل الموجودة في العهد الجديد وتم الغاء الباقي لمزيد من التوسع المعرفي راجع كتب الدكتور مصطفى محمود وخاصة كتاب التوراة
وربما تقول في قرارة نفسك أن هذا الكلام هو ربما ضرب من ضروب الخيال وضرب من ضروب التجني عليكم وعلى العهد الجديد وأنا أقول لك أيها المتحاور سوف أقدم لك المتناقضات من الأنجيل
وأوله انجيل متى :
التناقض الأول :
ورد في الاصحاح الأول شرح نسب يسوع الناصري ومن جملة ما ورد في هذا الاصحاح قوله (فجميع الأجيال من ابراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلا ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا ) أي عدد الأجيال من إبراهيم إلى المسيح هم وفق الانجيل 14+14+14=42 جيل
ولكن في نفس الاصحاح في تفاصيل النسب هم ليس 42بل هم 39 جيل وإليك الأجيال وفق الاصحاح الأول من أنجيل متى
1ـ ابراهيم ولد اسحاق
2اسحاق ولد يعقوب
3ـ يعقوب ولد يهوذا
4يهوذا ولد فارض
5ـ وفارض ولد حصرون
6ـ وحصرون ولد أرام
7ـ وأرام ولد عميناداب
8ـ وعمينا داب ولد نخشون
9ـ ونخشون ولد سلمون
10ـ وسلمون ولد بوعز من راحاب
11ـ وبوعز ولد عوبيد من راعوث
12ـ وعوبيد ولد يسي
13ـ ويسي ولد داود الملك
14 ـ وداود الملك ولد سليمان
15 ـ وسليمان ولد رحبعام
16 ـ ورحبعام ولد أبيا
17 ـ وأبيا ولد آسا
18 ـ وآسا ولد يهوشافاط
19ـ ويهوشافاط ولد يورام
20ـ ويورام ولد عزيا
21 ـ وعزيا ولد يوثام
22ـ ويوثام ولد أحاز
23ـ وأحاز ولد حزقيا
24ـ وحزقيا ولد منسي
25ـ ومنسي ولد أمون
26ـ وآمون ولد يوشيا
27ـ ويوشيا ولد يكنيا
28ـ ويكنيا ولد شألتئيل
29ـ وشألتئيل ولد زربايل
30ـ وزربايل ولد أبيهود
31ـ وأبيهود ولد ألباقيم
32ـ وألباقيم ولد عازور
33ـ وعازور ولد صادوق
34ـ وصادوق ولد أخيم
35ـ وأخيم ولد أليود
36ـ وأليود ولد أليعازر
37ـ وأليعازرولد متان
38ـ ومتان ولد يعقوب
39ـ ويعقوب ولد يوسف
هذه هي ذكر الأجيال التي وردت في أنجيلكم قدمتها هنا بالحرف ارجع إلى الاصحاح الأول من انجيل متى وتأكد وفي التفاصيل عددها 39 وفي ذكرها بالاجمال الكلي 42
فهل الله نسي ذكر الأجيال الناقصة وهذا لا يليق بجلاله أم أن الله والعياذ بالله لا يعرف عمليات حسابية لا لا الله الذي خلق الأكوان لا يناقض كلامه هل لنا أن نقول 1+1+1+1+=5ومن ثم نقول إن ناتج العمليات الحسابية هو 3هذا تناقض وما هذا التناقض الفاضح إلا دليل على أن تعاليمكم هذه هي محرفة وما هذا التحريف الصارخ والبهتان على الله وفي أول مداخل الانجيل العهد الجديد يتم فتح الكتاب بأعظم تناقض وما أنزل الله به من سلطان وهل الله عز وجل وحسب نظرتكم هذه هو طفل والعياذ بالله تعالى لا يعرف العمليات الحسابية والذي خلق عشرات من مليارات المجرات لا يقدر على أن يحسب في كتابه أن عدد الأجيال وفق الجمع العام 42 ومن ثم عند التفصيل 39ولنفرض أن هذا الكلام وارد عنكم فهذا طعن بالله عز وجل ونقص لله لا يليق بجلاله سبحان الله عم تصفون فالله عز وجل يعلم ما أعلن وأخفى ويعلم ما في باطن الأرض وما في السمارء العلى لا أن ننسب له أمور تدل على أنه عاجز فما هذه الهرطقة التي ما أنزل الله بها من سلطان
ولنتابع معك باقي التحريف
التناقض الثاني :
في الاصحاح الأول من انجيل متى ورد ( ويعقوب ولد يوسف رجل مريم )
هنا بحكم العقل والمنطق يذهب بنا الشرح لما ورد إلى اعتبار أن مريم هي زوجة يوسف التي ولد منها المسيح أي في فترة الخطوبة هنا ولد المسيح وأنتم تنسبون والعياذ لله إلى الطاهرة المطهرة كلام لا يليق به ولا بها اتقي الله وتأكيدا لكلامي ورد في االانجيل يوحنا الاصحاح السادس ( أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفين بأبيه وأمه ) فهل هذا الكلام أن المسيح ابن يوسف وقد ولد في فترة خطوبته من مريم
هذا من جهة ومعنى ذلك أن يوسف ابن يعقوب هو والد المسيح ولنرى مناقض ذلك في الاصحاح السادس 3/
( أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان أليس أخوانه هاهنا عندنا )فكيف غدا يعقوب والد يوسف أي جد المسيح حسب نصوصكم أخ للمسيح ما هذا التخبط بالنسب وهل يليق برجل أن نتحدث عنه وهو المسيح وما هذه الغرابة والتخبط في سبك المعاني وما تذهبون اليه أن المسيح ابن يوسف والعياذ بالله
التناقض الثالث :
أعود للأصحاح الأول وما ورد فيه ( ويعقوب ولد يوسف ) أي أن يوسف هو ابن يعقوب ولكن في الأصحاح ذاته أي الاصحاح الأول من أنجيل متى ورد ما يلي ( وإذ ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ....)
انظر معي إلى هذا التناقض الذي يدركه الطفل الصغير وهو تارة يوسف ابن يعقوب وتارة ابن داود ويوسف في كلا الاسمين هو الذي كان خاطبا لمريم ما هذا التناقض هل الله متناقض لكلامه خاف الله ما هذا الهراء أم هل يوسف له أبوين والعياذ بالله فهل هذا كلام لله تارة ينسب يوسف الى يعقوب وتارة إلى داود هل الله ليس لديه العلم ابن من يكون يوسفوكيف لكم أن تعتبروا وبأي دليل أن المسيح ابن يوسف (ورد في االانجيل يوحنا الاصحاح السادس ( أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفين بأبيه وأمه )
التناقض الرابع :
يوحنا المعمدان يتهجم على الفريسين والصدوقيين بقوله في الاصحاح الثالث من انجيل متى ( يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا ......) بالله عليك وبفرض أن الأنجيل من عند الله هل هذا كلام الله يا أولاد الأفاعي وما الفرق بينه وبين كلام أهل الشوارع والرذيلة الفرق أن ما ورد من الأناجيل منسوب لله تعالى وهو كلاك بشر وما يقوله أهل الشوارع ذات الكلام لأنه كذلك كلام بشر
ملاحظة هامة جدا جدا جدا :
ورد في الاصحاح الثالث من انجيل متى مايلي ( أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي أنا لست أهلا أن أحمل حذائه ) من هو الذي سوف يأتي بعده هل المسيح بالطبع لا لأن المسيح معه حسب نصوص الانجيل فمن هو إذا أليس هو محمد صلى الله عليه وسلم وإذا لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم قل لي وأنت أعلم بما في الانجيل مني من هو ذاك الشخص الذي سوف يأتي بعده ليعمدهم ومن المعروف تاريخيا أن الشخص الذي أتى بعده هو محمد لا غيره .
التناقض الخامس :
ورد في انجيل متى الاصحاح الخامس (بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا )
هكذا وبدون سبب وأين ردع الظلم عن الناس وما هذا الدين الذي يدعو أتنباعه لأن يكونوا أذلاء لا عزيزي النفس وهل يعقل أن يكون المسيح عليه السلام يدعو الناس إلى مثل ذلك وهو يقول في مواضع كثيرة ويوبخ تلامذته
فكيف يأمر الناس بالبر وينسى نفسه هو يقول لاتباعه أن يكونوا على قدر من الخنوع لمن لطمه على خده الأيمن وبالمقابل يقول لاتباعه يا أولاد الأفاعي طبعا المسيح عليه السلام هو براء من هذا الكلام وهو أسمى من أن ننعي هذا الكلام له أو ننسبه له أو يكون هو له علاقة بثل هذا الكلام
التناقض السادس :
ورد في انجيل متى الاصاح السادس ( أنتم يا قليلي الايمان فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو نشرب أو ماذا نلبس )انظر ما يقوله المسيح لتلامذته( أنتم يا قليلي الايمان ) بالله عليك إذا كان من عاشروا المسيح قليلي الايمان ومن هم مع المسيح وينشرون تعاليمه حسب نصوصكم فما هؤلاء الاتباع وهل يعقل أن يؤيد الله تعالى أتباع نبي برجال قليلي الايمان إذا نظرتم من منظور أن المسيح جاء يبشر الناس بما عند الله وإذا كان المسيح هو الله حسب نصوصكم فهل يعقل أن يكون أتباع الاله المزعوم هم قليلي الايمان فمن عاشر المسيح من تلامذته قليلي الايمان فما هو مستوى إيمان من هم لم يروا المسيح ولم يعاشروه وانتم من تقولون انا نصارى
ولكن الله تعالى عندما يرسل رسولا من عنده ليهدي البشرية للحق إنما يؤيده بأناس يقول الله تعالى عنهم (((( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة والانجيل ....)))
فا بالله عليك أيهما أفضل صياغة هل كلام قليلي الايمان أم كلام القرآن وأيهما أفضل يكون هو كلام الله أليس هو القرآن الكريم .
طبعا هذا قليل مما أذكره
مع العلم هناك الكثير من المتناقضات بل هو ليس كتاب مقدس ولا يمكن أن يسمى عهدا جديدا إلا من منطلق أنه عهد جديد من التحريف والذي أثبتنا بعضا منه وأخطره ولنا توسع في ذلك إن شاء الله تعالى
لمتابعة النقاش حول هذا الموضوع
طه مراد
[email protected]
الشبهة الرابعة :
سلامة الكتاب من التحريف
وحتى لايكون حديثنا وكلامنا مكرر ولا طائل منه فقد تحدثنا بما فيه الكفاية في هذا المجال
الشبهة الخامسة :
الردّ على دعوى التحريف :
ضمن قوله الكاتب قوله تعالى
وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
وان هذه الآية لا تدل على التحريف بل تدل على كتمان الحق وهو أن اليهود والنصارى يكتمون ما كان عندهم من النصوص التي تثبت صحة نبوة الرسول ولا حظ معي أخي الحبيب أن وجود بعض ما يدل على صحة نبوءة الرسول في زمن الرسول وعدم وجودها الآن لهو أكبردليل على أن الكتاب المقس لعبت به أيدي التحريف في العصر الحيث
وغاب عنه أن الكتمان للحق مدخل كبير للتحريف
ورد في تفسير هذه الآية في تفسير بن كثير :
{ وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) }
يقول تعالى ناهيًا لليهود عما كانوا يتعمدونه، من تلبيس (1) الحق بالباطل، وتمويهه به (2) وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل: { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (3) فنهاهم عن الشيئين معًا، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به؛ ولهذا قال الضحاك، عن ابن عباس { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب.
وقال أبو العالية: { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } يقول: ولا تخلطوا الحق بالباطل، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ويروى (4) عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس، نحوه.
وقال قتادة: { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } [قال] (5) ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام؛ إن دين الله الإسلام، واليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله.
وروي عن الحسن البصري نحو ذلك.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم. وروي عن أبي العالية نحو ذلك.
وقال مجاهد، والسدي، وقتادة، والربيع بن أنس: { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.
[قلت: { وَتَكْتُمُوا } يحتمل أن يكون مجزومًا، ويجوز أن يكون منصوبًا، أي: لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال: لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قال الزمخشري: وفي مصحف ابن مسعود: "وتكتمون الحق" أي: في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون حال أيضًا، ومعناه: وأنتم تعلمون الحق، ويجوز أن يكون المعنى: وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إلى أن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروّجوه عليهم، والبيان الإيضاح وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل] (6) .
{ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } قال مقاتل: قوله تعالى لأهل الكتاب: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } أمرهم أن يصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم { وَآتُوا الزَّكَاةَ } أمرهم أن يؤتوا الزكاة، أي: يدفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأكبر ما يدل على التحريف قوله تعالى :
: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون
البقرة الآية 75
ونأتي الآن على شرح هذه الآية من أمهات كتب التفاسير :
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
{ أَفَتَطْمَعُونَ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين { أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } أن يصدقوكم ، أو يؤمنوا لأجل دعوتكم . يعني اليهود . { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ } طائفة من أسلافهم { يَسْمَعُونَ كلام الله } يعني التوراة . { ثُمَّ يُحَرّفُونَهُ } كنعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وآية الرجم . أو تأويله فيفسرونه بما يشتهون . وقيل هؤلاء من السبعين المختارين سمعوا كلام الله تعالى حين كلم موسى عليه السلام بالطور ، ثم قالوا سمعنا الله تعالى يقول في آخره : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا . { مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } أي فهموه بعقولهم ولم يبق لهم فيه ريبة . { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم مفترون مبطلون ، ومعنى الآية : أن أحبار هؤلاء ومقدميهم كانوا على هذه الحالة ، فما ظنك بسفلتهم وجهالهم ، وأنهم إن كفروا وحرفوا فلهم سابقة في ذلك .تفسير البضاوي
ونأتي الى تفسير آخر وهو تفسير اللباب لابن عادل
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
قال القرطبي : هذا استفهما فيه معنى الإنكار ، كأنه أَيْأَسَهُمْ من إيمان هذه الفرقة من اليهود .
ويقال : طَمِع فيه طَمَعاً وطَماعيةً مخفف فهو طَمِعٌ على وزن « فَعِل » وأطمعه فيه غيره .
ويقال في التعجب : طَمُعَ الرُّجل بضم الميم أي : صار كثير الطّمع .
والطمع : رزق الجُنْد ، يقال : أمر لهم الأمير بأَطْمَاعهم ، أي : بأرزاقهم .
وامرأة مِطْمَاع : تُطْمِعُ وَلاّ تُمَكِّن .
فصل في قبائح اليهود
لما ذكر قَبَائح أفعال أَسْلاف اليهود شرع قَبَائح أفعال اليَهود الذين كانوا في زمن محمد عليه الصلاة والسلام .
قال القَفّال رحمه الله : إن فيما ذكره الله تعالى في [ سورة البقرة ] من أقاصيص بني إسرائيل وجوهاً من المقاصد .
أحدها : الدلالة بها على صحّة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عنها غير تعلّم ، وذلك لا يكون إلا بالوَحْي ، ويشترك في الانتفاع بهذه الدلالة أهل الكتاب والعرب .
أما أهل الكتاب فكانوا يعلمونها ، فلما سمعوها من محمد عليه الصَّلاة والسَّلام من غير تفاوت ، علموا لا محالة أنه ما أخذها إلا من الوَحْي .
وأما العرب فلما [ شاهدوا ] من أن أهل الكتاب يصدقون محمداً في هذه الأخبار ، فلم يكونوا يسمعون هذه الأخبار إلاّ من علماء أهل الكتاب ، فيكون ميلهم إلى الطّاعة أقرب .
وثانيها : تعديد النِّعَم على بني إسرائيل ، وما مَنَّ الله به على أَسْلاَفهم من أنواع النعم ، كالإنْجَاءِ من آل فرعون بعد اسْتِبْعَادهم ، وتَصْيِيْرِ أبنائهم أنبياء وملوكاً ، وتمكينهم في الأرض ، وفَرْق البحر لهم ، وأهلاك عَدُوّهم ، وإنزال التوراة والصَّفْح عن الذنوب التي ارتكبوها من عبادة العَجْل ، ونَقْض المَوَاثيق ، ومسألة النَّظّر إلى الله جَهَرةً ، ثم ما أخرجه لهم في التِّيْهِ من الماء من الحَجَر ، وإنزال المَنّ والسَّلْوَى وتَظْلِيل الغَمَام من حَرّ الشمس ، فذكّرهم بهذه النعم كلها .
وثالثها : إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقديم كُفْرهم وخلافهم ، وتعنّتهم على الأنبياء ، وعِنَادهم ، وبلوغهم في ذلك ما لم يبلغه أحد من الأمم قبلهم ، وذلك لأنهم بعد مُشَاهدتهم الآيات الباهرة عَبَدوا العِجْل بعد مفارقة موسى بمدّة يسيرة ، ولما أمروا بدخول الباب سُجّداً وأن يقولوا حطّة ، ووعدهم أن يغفر لهم خَطَاياهم ، ويزيد في ثواب محسنهم ، فبدلوا القول وفَسَقوا ، وسألوا الفُومَ البَصَلَ بَدَلَ المَنّ والسَّلوى ، وامتنعوا من قَبُول التوراة بعد إيمانهم بموسى عليه الصّلاة والسلام وأخذ منهم المَوَاثيق أن يؤمنوا به حين رفع فوقهم الجَبَل ، ثم استحلّوا الصيد في السّبت واعتدوا ، ثم أمروا بذبح البقرة ، فشافهوا موسى عليه الصلاة والسلام بقولهم : « أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً » .
ثم لما شاهدوا إحْيَاء الموتى ازدادوا قَسْوى ، فكأن الله تعالى يقول : إذا كانت هذه أفعالهم مع نبيهم الذي أعزّهم الله به ، فغير بديع ما يعامل به أخلافهم محمداً عليه الصلاة والسلام ، فَلْيَهُنْ عليكم أيها النبي والمؤمنون ما ترونه من عنادهم ، وإعراضهم عن الحق .
ورابعها : تحذير أَهْل الكِتَاب الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من نزول العذاب علهيم كما نزل بأسلافهم في تلك الوقائع المعدودة .
وخامسها : الاحتجاج على من أنكر الإعادة من مشركي العرب مع إقراره بالابتداء كما في قوله : { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } [ البقرة : 73 ] .
فصل في تسلية النبيّ صلى الله عليه وسلم
اعلم أن المراد تسلية رسوله عليه الصلاة والسلام فيما يظهر من أَهْل الكتاب في زمانه من قلّة القبول فقال : « أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ » .
قال الحسن : هو خطاب مع الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين .
قال القاضي : وهذا الأليق بالظاهر ، وإن كان الأصل في الدّعاء ، فقد كان من الصحابة من يدعوهم إلى الإيمان ، ويظهر لهم الدلائل . قال ابن عَبَّاس : إنه خطاب مع النبي عليه الصلاة والسلام خاصّة؛ لأنه هو الدّاعي ، وهو المقصود بالاستجابة . واللفظة وإن كانت للعموم لكن حملناها على هذا الخصوص لهذن [ القرينة ] .
روي أنه حين دخل « المدينة » ودعا اليهود إلى كتاب الله ، وكذبوه ، فأنزل الله تعالى وسبب هذه الاستعباد ما ذكرناه أي : أتطمعون أن يؤمنوا مع أنهم ما آمنوا بموسى عليه الصَّلاة والسَّلام الذي كان هو السبب في خَلاَصهم من الذّل ، وفضلهم على الكل بظهور المُعْجزات المتوالية على يَدِهِ ، مع ظهور أنواع العذاب على المتمردين ، فأي استبعاد في عدم إيمان هؤلاء .
فصل في إعراب الآية
قوله : « أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ » ناصب ومنصوب ، وعلامة النصب حذف النون والأصل في « أن » وموضعها نصب أو جر على ما عرف ، وعدي « يؤمنوا » باللاّم لتضمّنه معنى أن يحدثوا الإيمان لأجل دعوتكم قاله الزمخشري .
فإن قيل : ما معنى الإضافة في قوله : « يُؤْمِنُواْ لَكُمْ » والإيمان إنما هو لله؟
فالجواب : أن الإيمان وإن كان الله فهم الدّاعون إليه كما قال تعالى : { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } [ العنكبوت : 26 ] لما آمن بنبوّته وتصديقه ، ويجوز أن يراد أن يؤمنوا لأجلكم ، ولأجل تشدّدكم في دعائهم . قوله : « وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ » « الواو » : للحال .
قال بعضهم : وعلامتها أن يصلح موضها « إذ » ، والتقدير : أفتطمعون في إيمانهم ، والحال أنهم كاذبون محرفون لكلام الله تعالى .
و « قد » مقربة للماضي من الحال سوّغت وقوعه حالاً .
و « يَسْمَعُون » خبر « كان » .
و « منهم » في محلّ رفع صفة ل « فريق » ، أي : فريق كائن منهم .
قال سيبويه : واعلم أن ناساً من ربيعة يقولون : « مِنْهِم » بكسر الهاء إتباعاً لكسرة الميم .
لم يكن المسكن حاجزاً حصيناً عندهم .
و « الفريق » اسم جمع لا واحد له من لفظه ك « رَهْط وَقَوْم » ، وجمعه في أدنى العدد « أَفْرقه » ، وفي الكثير « أفْرِقَاء » .
و « يَسْمَعُون » نعت ل « فريق » ، وفيه بعد ، و « كان » وما في حَيّزها في محلّ نصب على ما تقدم .
وقرىء : « كَلِمَ اللهِ » وهو اسم جنس واحدة كلمة ، وفرّق النحاة بين الكلام والكلم ، بأن الكلام شرطه الإفادة ، والكلم شرطه التركيب من ثلاث فصاعداً؛ لأنه جمع في المعنى ، وأقلّ الجمع ثلاثة ، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه ، وهل « الكلام » مصدر أو اسم مصدر؟ خلاف .
والمادة تدل على التأثير ، ومنه الكَلْم وهو الجُرْح ، والكَلاَم يؤثر في المخاطب .
قال الشاعر : [ المتقارب ]
598 . . . . . . . . . . . . . . . . ... وَجُرْحُ اللِّسَانِ كَجُرْحِ الْيَدِ
ويطلق الكلام لغة على الخَطِّ والإشارة؛ كقوله : [ الطويل ]
599 إِذَا كَلَّمَتْنِي بِالعُيُونِ الفَوَاتِرِ ... رَدَدْتُ عَلَيْهَا بِالدُّمُوعِ الْبَوادِرِ
وعلى النفساني؛ قال الأخطل : [ الكامل ]
600 إِنَّ الْكَلاَمَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنِّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلاً
وقيل : لم يوجد هذا البيت في ديون الأخطل .
وأما عند النحويين [ فيطلق ] على اللّفظ المركب المفيد بالوضع .
و « ثم » للتراخي إما في الزمان أو الرتبة .
و « التحريف » : الإمالة والتحويل ، وأصله من الانحراف عن الشيء ، ويقال : قلم محرّف إذا كان مائلاً .
قوله : « منْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ » متعلق ب « يحرفونه » ، و « ما » يجوز أن تكن موصولة اسمية ، أي : ثم يحرفون الكلام من بعد المعنى الذي فهموه وعرفوه ، ويجوز أن تكون مصدرية .
والضمير في « عقلوه » يعود حينئذ على الكلام أي : من بعد تعقلهم إياه .
قوله : « وَهُمْ يَعْلَمُونَ » جملة حالية ، وفي العامل قولان :
أحدهما : « عقلوه » ، ولكن يلزم منه أن تكون حالاً مؤكدة؛ لأن معناها قد فهم من قوله : « عقلوه » .
والثاني وهو الظاهر : أنه « يحرفونه » ، أي : يحرفونه حال علمهم بذلك .
فصل في تعيين الفريق
قال بعضهم : الفريق مَنْ كان في زمن موسى عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنه وصفهم بأنهم سمعوا كلام الله ، والذين سمعوا كلام الله هم أهل المِيْقَاتِ .
قال ابن عباس : هذه الآية نزلت في السَبعين المختارين الذين ذهبوا مع موسى عليه الصلاة والسلام إلى المِيْقَات ، سمعوا كلام الله ، وأمره ونهيه ، فلما رجعوا إلى قومهم رجع الناس إلى قولهم ، وأما الصادقون منهم فأدّوا كما سمعوا .
قالت طائفة منهم : سمعنا الله في آخر كلامه يقول : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم ألاَّ تفعلوا فلا بأس .
قال القرطبي : ومن قال : إنّ السبعين سمعوا كما سمع موسى عليه الصلاة والسلام فقد أخطأ ، وأذهب بفضيلة موسى ، واختصاصه بالتكليم .
وقال السُّدِّي وغيرهك لم يطيقوا سماعه ، واختلطت أذهانهم ، ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعيده لهم ، فلمَّا فرغوا وخرجوا بدلت طائفة منهم ما سمعت من كلام الله على لسان موسى عليه الصلاة والسَّلام ، كما قال تعالى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } [ التوبة : 6 ] .
ومنهم من قال : المراد بالفريق مَنْ كان في زمن محمد صلى الله عليه وسلم كما غيّروا آية الرجم ، وصفة محمد صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون أنهم كاذبون ، وهو قول مجاهد وقتادة وعكرمة ووهب والسدي وهذا أقرب؛ لأن الضمير في قوله : « وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ » راجع إلى ما تقدم من قوله : « أَفتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » والذي تعلّق الطبع بإيمانهم هم الذين كانوا في زمن محمد عليه الصلاة والسلام .
وقولهم : الذين سمعوا كلام الله هم الذين حضروا المِيْقَات ممنوع؛ لأن من سمع التوراة والقرآن يجوز أن يقال : إنه سمع كلام الله .
فإن قيل : كيف يلزم من إقدام البعض على التَّحْريف حصول اليأس من إيمان الباقين ، فإن عناد البعض لا ينافي إقرار الباقين؟
أجاب القَفّال فقال : يحتمل أن يكون المعنى يؤمن هؤلاء ، وهم إنما يأخذون دينهم ، ويتعلمونه من علمائهم وهم قوم يتعمدون التحريف عناداً ، فأولئك إنما يعلمونهم ما حرفوه وعرفوه .
فصل في كلام القدرية والجبرية
قوله : « أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » استفهام على سبيل الإنكار ، فكان ذلك جَزماً بأنهم لا يؤمنون ألبتة ، وإيمانُ من أخبر الله تعالى عنهم بأنه لا يؤمن ممتنع ، فحينئذ تعود الوجوه المذكورة للقدرية والجبرية .
قال القاضي : قوله : « أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لكمْ » يدل على أن إيمانهم من قلبهم؛ لأنه لو كان بخلق الله تعالى فيهم لكان لا يتغّير حال الطمع فيهم بصفة الفريق الذي تقدّم ذكرهم ، ولما صحّ كون ذلك تسليةً للرسول وللمؤمنين؛ لأن الإيمان موقوف على خلقه تعالى ذلك ، وزواله موقف على ألا يخلقه فيهم .
وأيضاً إعظامه تعالى لكذبهم في التحريف من حيث فعلوه ، وهم يعلمون صحته .
وإضافته تعالى التحريف إليهم على وجه الذم يدلّ على ذلك ، واعلم أن الكلام عليه قد تقدم جوابه مراراً .
فصل في ذم العالم المعاند
قال أبو بكر الرازي : الآية تدلّ على أن العالم المعاند أبعد من الرّشد ، وأقرب إلى اليأس من الجاهل؛ لأن تعمّده التحريف مع العلم بما فيه من العذاب يكون أشد قسوة ، وأعظم جناية .
فصل في بيان أنهم إنما فعلوا ذلك لأغراض
فإن قيل : إنما فعلوا ذلك لضرب من الأغراض كما قال تعالى :
واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [ آل عمران : 187 ] وقال : { يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } [ البقرة : 146 ] .
قال ابن الخطيب : ويجب أن يكونوا قليلين؛ لأن الجَمْع العظيم لا يجوز عليم كِتْمَان ما يعتقدون؛ لأنا إنْ جوزنا ذلك لم نعلم المحق من المبطل ، إن كثر العدد .
فإن قيل : قوله : « عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ » تكْرار .
أجاب القَفّال رضى الله عنه بوجهين :
أحدهما : « مَنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوا مراد الله تعالى منه » ، فأوّلوه تأويلاً فاسداً يعلمون أنه غير مراد الله تعالى .
والثاني : أنهم عقلوا مراد الله تَعَالى ، وعلموا أن التأويل الفاسد يكسبهم العذاب والعقوبة من الله تعالى .
واعلم أن المقصود من ذلك تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام وتصبيره على عنادهم فكلما كان عنادهم أعظم كان ذلك في التسلية أقوى .
وربما يسئل أحدهم ماو السبب في الاعتماد على كتب التفاسير وأقول وبالله المستعان :
إن أروع كتب قرأتها بعد القرآن وبعد كتب الأحاديث من الصحاح والسنن لم أرى أروع ولا أقيم من كتب التفاسير وخاصة تفسير ابن كثير رحمه الله فيحق لي أن أقول لقد قرآت مئات الكتب من مجلدات وغيرها وعندما تثار شبهة ما في الاسلام أو القرآن الكريم من بعض المشككين لأجد ضالتي وما يرد عليهم إلا في كتب التفاسير ومن ذاك اليوم وأنا لا اعتمد إلا على هذه الكتب الرائعة وأروع ما عجبني في تفسير بن كثير رحمه الله جملة قالها في المقدمة لازلت أعتبرها مثلا لي بل الحكمة الأروع التي أومن بها وهي قوله (إن أفضل ما فسر القرآن بالقرآن )
الشبهة السادسة :
الكتاب المقدس لم ينسخ :
يقول الكاتب :
نستخلص مما سبق أن القرآن يشهد أنه لم ينسخ الكتاب المقدس. وأن الكتاب لا يزال حافظاً لقداسة وحيه، وأن الآيات الناسخة والمنسوخة في القرآن لا علاقة لها به، وأن القرآن جاء مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه حاثاً على قبوله وتصديقه والإيمان بتعاليم الله فيه، مما يبطل دعوى النسخ.
أي هو يريد أن يوصلنا إلى أن في الاسلام شئ هو اسمه الناسخ والمنسوخ ومعنى ذلك أن هناك آية جاءت ونسخة سابقتها فلا يعمل بالأقدم وبما أن هناك شئ بالاسلام فإن القرآن لم يدل على أن الانجيل نسخه أي جاء ليوقف أحكامه ويعمل بالقرأن:
ونحن نرد على مثل هكذا شبهة إن الانجيل المتداول بين يديكم ثبت تحريفه بما لا يدعونا للشك وقد تحدثنا عن هذا الأمر في موضع سابق طيب إذا كنت تتدعي عملية النسخ على أساس العهد الجديد فهذا ليس كلام لأن القرآن أقر بتحريفه وبما أن القرآن أقر بتحريفه طبيعي أن لا نتحدث عن شئ اسمه منسوخ وناسخ ما بين القرآن والانجيل فتحريف الانجيل نسخ مقولة نسخ القرآن للأنجيل والله أعلم .
الشبهة السابعة :
الكتاب المقدس يجب مطالعته والعمل بما فيه:
طبعا هنا هذه وجهة نظرك ولكن نحن غير معنين بذك لماذا
إن جميع النقاشات التي أثيرت ما بين الانجيل والقرآن منذ زمن بعيد تم الرد عليها عبر تفاسيرالقرآن الكريم لذلك أنا وأي مسلم غير معنى بمطالعة الانجيل أما العمل به فلا نتحدث عنه لاحقا
ولكن مطالعة الانجيل فلو أننا تحدثنا عن صلب المسيح فعوضا منأن أتناول هذه القضية من جانب النصارى وفي كتبهم حسبنا ما عندنا من عشرا الآلاف للتفاسير والعلوم التي ترد عليهم فهنا أختصر الوقت وأنا اذا قرأت الانجيل لا أثاب على قراتي له ولكن عندما أقرأ التفاسير من منطلق الالمام بعلومنا الشرعية أثاب من عند الله وأعود إن دعوتك لان أطالع الانجيل هي محط سخرية لسبب واحد أنه أنت ومن أعلى منك مرتبة عند النصارى ليس لهم على المسلمين سلطان حتى يطلبون منهم هكذا أمور
وأما من الواجب على المسلمين حسب طلبك العمل بالانجيل فأنا ومن سوف يقرأ كتابي هذا سوف يستغرب لسبب واحد أنك تطالبنا بحمل نقضضين في آن واحد فكيف لي أن أعمل بالانجيل وهو يأمرني أن أؤمن بصلب المسيح وبالتثليث والى ما هناك وفي ديننا ما هو مناقض لذلك فهل أنا وغيري ممن فقدوا عقولهم حتى يحملوا نقيضين في آن واحد وأضرب لك مثالا هنا
رجل يحاب مع أحد الجيوش العربية اسرائيل فهل يعقل أن نطالبه بأن يحارب على الجبهتين أي تارة يحارب اليهود وتارة يحارب العرب
إن مثل هكذا كلام مدعاة لأن لا يؤخذ به أبدا لا من قريب ولا من بعيد .
الثامنة الثامنة :
سر التثليث:
تذهب النصرانية العلمية إلى المقارنة ما بين التثليث وما بين أسماء الله التسع والتسعين وهم يقلون أن النصارى يؤمنون بالتثليث من منطلق معنوي لا ملموس أي كما نحن المسلون نقول أن الله عادل ورحيم وغفور هم يقولون وحسب زعمهم أن الله والابن والروح القدس أسماء وليست حقائق وذهب أحد الباحثين في النصرانية وهو امريكي في كتابه لاهوت يسوع المسيح الى شرح هذه الناحية من منطلق دلل على غباء على غباء فقال :
الرجل الواحد يعمل طيان ونجار وبلاط والى ما هنالك وهو واحد وكذلك الله هو الابن والاب والروح القدس وكان ردي أن أرسلت رسالة الى كنسية يسوع الناصري في دمشق أرد عليهم ومنجلة ما رددت على مثل هذا الكلام :
قلت أن يكون الرجل طيان ونجاروبلاط ه فيآن واحد فهذا حق ولكن أن يكونأبو علي هو علي أم علي وأبو علي في آن واحد فهذا محال
وأكتفي بالرد على مثل هذه السخافات .
االشبهة التاسعة :
التثلث الذي حاربه الاسلام :
طبعا لقد عمد بعض من مفكري النصارى إلى إجراء بعض عمليات التجميل على بعض الأفكار والنصوص من أجل إظهارها أي هذه العقائد بمظهر جميل ومقبول للناس ولكن عملية التجميل أصابنا مثل المثل الشعبي السائد جاء ليكحل العين فأعماها وهم مهما عمدوا إلى عمليات التجميل فهي ممكن أن تكون مقنعة للنصارى أنفسهم أما للغير فلاأظن وأورد هنا ما يسوقه هذا الكاتب من شبهة الأقانيم :
(تعتقد المسيحية أن الله واحد الذات، مثلث الأقانيم.)
وهنا كما قلت إنماهي عبارة عن عملية تجميل أو إقناع ولكن بشكل سفسطائي طبعا السفسطائية هي مذهب يوناني قائم على هدم أقاويل الآخرين ولو كانت على حق وكذلك اقناع الآخرين ولو بالكذب وإن قضية الأقانيم هي إقناع لا علاقة له بالشئ الذي يعتقد به لأنه كما قلت لا ترقى الى برهنة قضية التثليث بشكل يمكن أن تكون منطقية وعلى كل حال هي ليست منطقية ولا يقبلها أي شخص فو أنك جئت بولد صغيرلم يتجاوز الأربع سنوات وقلت له إن لله ولد لصار مستغربا في أمره
وأما قول الكاتب في هذه الشبهة أن ما يعتقده النصارى بشأن التثليث لم يحاربه الاسلام فهذا عار عن الصحة لنرى ما هي أقوال الكاتب في هذا المجال
أورد آيات حق ولكن يريد من خلالهاأن يستغفل الناس ويلبس عليهم معتقدهم ودينهم
قال في سورة النساء 4: 171 : يا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)
طبعا هنا ثلاثة تحمل اللفظ والمعنى يعني سواء اعتقدت أن لله ثلاثة أقانيم بشكل معنوي لا ملموس أو اعتقدت بشكل آخر فهذا ضرب من ضروب الشرك بالله ولا أظن أن نصرانيا مثل هذا الكاتب قادر على أن يعلم المسلمين في دينهم ما هي الاشراك وما هو ليس بالاشراك مع العلم إن قضية الاشراك حساسة في ديننا حتى الشخص الذي يذهب ويتبرك بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم هو مشرك فما بالك بمن يدعي سواء معنويا أي مثل ما قارن في الاسلام بالاسماء أو عمليا بأن الله ثلاثة
وفي سياق الآية صراحت بكفرمن يعتقد أن المسيح هو الله وبالله عليكم من هو الذي يعتقد بأن المسيح هو الله سوى النصارى وإياك ثم إياك أن تقول لا فما معنى كلامك العهد الجديد لمخلصنا وربنا يسوع وان الاعتقاد بأن المسيح هو الله إنما هو من صلب بل أساس عقيدة التثليث .
الشبهة العاشرة :
البنوّة التي حاربها الإسلام تناسلية:
يقول هذا الكاتب :
إن القرآن في تعصّبه للوحدانية، ومحاربته لتعليم التثليث، لم يحارب ثالوث المسيحية, وهذه الحرب لم تضر المسيحية بشيء، بل هي على العكس من ذلك. قد أفادت المسيحية ووقفت في صفها إزاء تعليمها عن الثالوث الأقدس، لأنها على الأقل قد أثبتت أن هذا التعليم قديم يرتقي عهده إلى ما قبل ظهور الإسلام.
هنا يناقض كلامه بعضه بعضا وهو في موضع سابق يقول أن الاسلام لم يحارب التثليث وهنا يدعي أن القرآن تعصب في الوحدانية وحارب التثليث وهنا وبما أنه هناك تناقضفي كلامه فلا أظن أننا الواجب علينا أن نضيع الوقت على أمور ما أنزل الله بها من سلطان
الشبهة الحادية عشر :
شهادة علماء الإسلام لصحة تثليث المسيحية:
وهنا يورد بعضا مما قاله الامام الغزالي رحمه الله في كتاب أصول الدين
وأنا لم أرى كتابا بهذا الاسم للامام الغزالي ولكن لا أنفيه الكتاب ليس بين يدي وعدم وجوده بين يدي ليس معناه أنه غير موجدود
ولكن الامام الغزالي وبفرض ما جاء بصحة ما ينسب إليه يجب أن نميز ما بين فترتين من حياته فترة التقول بالفلاسفة وفترة عودته للحق وقيل إن الغزالي مات وعلى صدره صحيح بخاري ولا نعرف في أي زمن كان هذا الكلام هل من منطلق فلسفي اذا لا يعتد به لان الغزالي تبرأ منه وأما من منطلق عندما اعتدل فأنا قلت ليس لدي هذا الكتاب لأرد عليه
الشبهة الثانية عشر :
تنزيه التوحيد المسيحي عن الشرك:
أورد الكاتب في هذا الخصوص :
في القرآن آيات كثيرة تدل على أن الإسلام نظر إلى المسيحية نظرة خالية من الاعتقاد فيها بتعليم الإشراك.
وهذا عار عن الصحة لأن الله قال ( ولقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم )
والكفر والشرك شيأ واحد ولا فرق بين الكافر والمشرك ذاك أنكر وكفر بالله وذاك كفر بالله عن طريق الشرك عندما أشرك بالله وأشرك معه آلها آخر .
وأما شبهته أن الاسلام حرم الزواج من المشركات وأباح الزواج من الكتابيات وهذا دليل على أنهم أي الكتابيات ليسوا مشركين فهنا نوع التجني على الحق لأن هناك خلاف في هذه القضية ولكن لنرى كيف تفسر هذه الآية الواردة في القرآن وهنا لابن كثير رحمه الله في تفسيره :
يقول الله تعالى
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)
قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد: واسمه سلمة بن الهيثم بن صهيب -من أصحاب ابن مسعود-عن حذيفة قال: كنا إذا حضرنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] (1) على طعام، لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (2) فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاما فجاءت جارية، كأنما تُدفع، فذهبت تضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، وجاء أعرابي كأنما يُدفع، فذهب يضع يده في الطعام، فأخذ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (3) بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يَسْتَحِلُّ الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل (4) بها، فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده، إن يده في يدي مع يدهما (5) يعني الشيطان. وكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي، من حديث الأعمش به. (6)
حديث آخر: روى مسلم وأهل السنن إلا الترمذي (7) من طريق ابن جُرَيْج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله (8) عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مَبِيت لكم ولا عَشَاء، وإذا دخل فلم (9) يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم (10) المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه قال: أدركتم (11) المبيت والعشاء". لفظ أبي داود.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وَحْشِيّ بن حَرْب بن وَحْشِي بن حَرْب، عن أبيه، عن جده؛ أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نأكل وما نشبع؟ قال: "فلعلكم (12) تأكلون متفرقين، اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله، يبارك لكم فيه ".
ورواه أبو داود، وابن ماجه، من طريق الوليد بن مسلم. (13)
{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) }
لما ذكر تعالى ما حرمه على عباده المؤمنين من الخبائث، وما أحله لهم من الطيبات، قال بعده: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ }
ثم ذكر حكم ذبائح أهل الكتابين من اليهود والنصارى، فقال: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَبَ حِلٌّ لَكُمْ } قال ابن عباس، وأبو أمامة، ومجاهد، وسعيد بن جُبَيْر، وعِكْرِمة، وعَطاء، والحسن، ومَكْحول، وإبراهيم النَّخَعِي، والسُّدِّي، ومُقاتل بن حيَّان: يعني ذبائحهم.
وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء: أن ذبائحهم حلال للمسلمين؛ لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله، وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزه عن قولهم، تعالى وتقدس. وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مُغَفَّل قال: دُلِّي بجراب من شحم يوم خيبر. [قال] (1) فاحتضنته (2) وقلت: لا أعطي اليوم من هذا أحدًا، والتفتُّ فإذا النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم. (3)
فاستدل به الفقهاء على أنه يجوز تناولُ ما يحتاج إليه من الأطعمة ونحوها من الغنيمة قبل القسمة، وهذا ظاهر. واستدل به الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة على أصحاب مالك في منعهم أكل (4) ما يعتقد اليهود تحريمه (5) من ذبائحهم، كالشحوم ونحوها مما حرم عليهم. فالمالكية لا يجوزون للمسلمين أكله؛ لقوله تعالى: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } قالوا: وهذا ليس من طعامهم. واستدل عليهم (6) الجمهور بهذا الحديث، وفي ذلك نظر؛ لأنه قضية عين، ويحتمل أنه كان شحما يعتقدون حله، كشحم الظهر والحوايا ونحوهما، والله أعلم.
وأجود منه في الدلالة ما ثبت في الصحيح: أن أهل خيبر أهدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مَصْليَّة، وقد سَمّوا ذراعها، وكان يعجبه الذراع، فتناوله فنَهَشَ منه نَهْشةً، فأخبره الذراع أنه مسموم، فلَفَظَه وأثر ذلك السم في ثنايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبْهَرِه، وأكل معه منها بشر بن البراء بن مَعْرور؛ فمات، فقتل اليهودية التي سمتها، وكان اسمها زينب، فقتلت ببشر بن البراء. (7)
ووجه الدلالة منه أنه عزم على أكلها ومن معه، ولم يسألهم هل نزعوا منها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أم لا.
وفي الحديث الآخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنَخَة، يعني: ودَكا زنخا (8)
وقال ابن أبي حاتم: قرئ على العباس بن الوليد بن مَزْيَد، أخبرنا محمد بن شعيب، أخبرني النعمان بن المنذر، عن مكحول قال: أنزل الله: { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام : 121 ] ثم نسخها الرب، عز وجل، ورحم المسلمين، فقال: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } فنسخها بذلك، وأحل طعام أهل الكتاب.
وفي هذا الذي قاله مكحول، رحمه الله، نظر، فإنه لا يلزم من إباحته طعام أهل الكتاب إباحةُ أكل ما لم يذكر اسم الله عليه؛ لأنهم يذكرون اسم الله على ذبائحهم وقرابينهم، وهم متعبدون
بذلك؛ ولهذا لم يبح ذبائح من عداهم من أهل الشرك ومن شابههم، لأنهم لم يذكروا اسم الله على ذبائحهم، بل ولا يتوقفون فيما يأكلونه من اللحم على ذكاة، بل يأكلون الميتة، بخلاف أهل الكتابين ومن شاكلهم من السامرة والصابئة، ومن تَمَسّك بدين إبراهيم وشيث وغيرهما من الأنبياء، على أحد قولي العلماء، ونصارى العرب كبني تَغْلِب وتَنُوخ وبَهْرَاء وجُذام ولَخْم وعَاملة ومن أشبههم، لا تؤكل ذبائحهم عند الجمهور.
[و] (1) قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن عُلَيَّة، عن أيوب، عن (2) محمد بن عَبِيدة قال: قال علي: لا تأكلوا ذبائح بنى تغلب؛ لأنهم (3) إنما يتمسكون من النصرانية بشرب الخمر.
وكذا قال غير واحد من الخلف والسلف.
وقال سعيد بن أبي عَرُوبَة، عن قتادة عن سعيد بن المسيب، والحسن؛ أنهما كانا لا يريان بأسا بذبيحة نصارى بني تغلب.
وأما المجوس، فإنهم وإن أخذت منهم الجزية تبعا وإلحاقا لأهل الكتاب فإنهم (4) لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم، خلافا لأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، أحد الفقهاء من أصحاب الشافعي، وأحمد بن حنبل، ولما قال ذلك واشتهر عنه أنكر عليه الفقهاء ذلك، حتى قال عنه الإمام أحمد: أبو ثور كاسمه! يعني في هذه المسألة، وكأنه تمسك بعموم حديث روي مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سُنوا بهم سنة أهل الكتاب"، (5) ولكن لم يثبت بهذا اللفظ، وإنما الذي في صحيح البخاري: عن عبد الرحمن بن عوف؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مَجوس هَجَر (6) ولو سلم صحة هذا الحديث، فعمومه مخصوص بمفهوم هذه الآية: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } فدل بمفهومه -مفهوم المخالفة-على أن طعام من عداهم من أهل الأديان (7) لا يحل (8)
وقوله: { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } أي: ويحل لكم أن تطعموهم من ذبائحكم، وليس هذا إخبارا عن الحكم عندهم، اللهم إلا أن يكون خبرا عما أمروا به من الأكل من كل طعام ذكر اسم الله عليه، سواء كان من أهل ملتهم أو غيرها. والأول أظهر في المعنى، أي: ولكم أن تطعموهم من ذبائحكم كما أكلتم من ذبائحهم. وهذا من باب المكافأة والمقابلة والمجازاة، كما ألبس النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه لعبد الله بن أبيّ بن سلول حين مات ودفنه فيه، قالوا: لأنه كان قد كسا العباس حين قدم المدينة ثوبه، فجازاه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بذلك، فأما (9) الحديث الذي فيه: "لا تَصْحَبْ إلا مُؤْمِنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي" (10) فمحمول على الندب والاستحباب، والله أعلم.
وقوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ } أي: وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من النساء المؤمنات، وذكر هذا توطئة لما بعده، وهو قوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم } فقيل: (1) أراد بالمحصنات: الحرائر دون الإماء، حكاه ابن جرير عن مجاهد. وإنما قال مجاهد: المحصنات: الحرائر، فيحتمل (2) أن يكون أراد ما حكاه عنه، ويحتمل أن يكون أراد بالحرة العفيفة، كما قاله مجاهد في الرواية الأخرى عنه. وهو (3) قول الجمهور هاهنا، وهو الأشبه؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل (4) في المثل: "حَشفَا (5) وسَوء كيلة". (6) (7) والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات: العفيفات عن الزنا، كما قال في الآية الأخرى: { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } [ النساء : 25 ] .
ثم اختلف المفسرون والعلماء في قوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } هل يعم كل كتابية عفيفة، سواء كانت حرة أو أمة؟ حكاه ابن جرير عن طائفة من السلف، ممن فسر المحصنة بالعفيفة. وقيل: المراد بأهل الكتاب هاهنا الإسرائيليات، وهو مذهب الشافعي. وقيل: المراد بذلك: الذميات دون الحربيات؛ لقوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ[وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ] } [ التوبة : 29 ] (8)
وقد كان عبد الله بن عمر لا يرى التزويج بالنصرانية، ويقول: لا أعلم شركا أعظم من أن تقول: إن ربها عيسى، وقد قال الله تعالى: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } الآية [ البقرة : 221 ].
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن حاتم بن سليمان المؤدب، حدثنا القاسم بن مالك -يعني المُزَنِيّ-حدثنا إسماعيل بن سَمِيع، عن أبي مالك الغفاري، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } قال: فحجز الناس عنهن حتى نزلت التي بعدها: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } فنكح الناس [من] (9) نساء أهل الكتاب.
وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى ولم يروا بذلك بأسا، أخذا بهذه الآية الكريمة: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } فجعلوا (10) هذه مخصصة للآية التي البقرة: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } [ الآية : 221 ] إن قيل بدخول الكتابيات في عمومها، وإلا فلا معارضة بينها وبينها (11) ؛ لأن أهل الكتاب قد يُفْصَل في ذكرهم عن المشركين في غير موضع، كما قال تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } [ البينة : 1 ] وكقوله (12) { وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا } الآية [ آل عمران : 20
، وقوله: { إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي: (1) مهورهن، أي: كما هن محصنات عفائف، فابذلوا لهن المهور (2) عن طيب نفس. وقد أفتى جابر بن عبد الله، وإبراهيم النخعي، وعامر الشعبي، والحسن البصري بأن الرجل إذا نكح امرأة فزنت قبل دخوله بها: أنه يفرق بينه وبينها، وتَرُدّ عليه ما بذل لها من المهر. رواه ابن جرير عنهم..
وقوله: { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } فكما شرط الإحصان في النساء -وهي العفة-عن الزنا كذلك شرطها في الرجال وهو أن يكون الرجل أيضا محصنا عفيفا؛ ولهذا قال: { غَيْرَ مُسَافِحِينَ } وهم: الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم، { وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } أي: ذوي العشيقات الذين (3) لا يفعلون إلا معهن، كما تقدم في سورة النساء سواء؛ ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، إلى أنه لا يصح نكاح المرأة البَغي حتى تتوب، وما دامت كذلك لا يصح تزويجها من رجل عفيف، وكذلك لا يصح عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب ويقلع عما هو فيه من الزنا؛ لهذه الآية وللحديث الآخر: "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله." (4)
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بَشّار، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (5) لقد هممت ألا أدع أحدًا أصاب فاحشة في الإسلام أن يتزوج محصنة. فقال له أبيّ بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب. (6)
وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستقصى [إن شاء الله تعالى] (7) عند قوله: { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [ النور : 3 ] ؛ ولهذا قال تعالى هاهنا: { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
انتهي تفسير بن كثير
الشبهة الثالثة عشر :
مصادقة الإسلام على صحة عقيدة الثالوث المسيحيّة:
هنا لنا وقفة مهمة بعد ما سقناه من ردوود كثيرة في هذا المجال وهي أن هذا الكاتب يجمع في الاسلام ما بين متناقضين اثنين ولا يمكن اعتبار ذلك صواب ولكن حقيقة الأمر أن الاسلام لا يحوي الشرك والتوحيد في آن واحد وقلنا في موضع آخر نحن أعلم في ديننا ما عندنا من غيرنا لذلك الاسلام لا من قريب ولا من بعيد جمع بين التثليث ومهما اختلفت شروحاته ومسمياته والدفاع عنه وبين التوحيد فالله في الاسلام ليس المسيح ولا يوجد عندنا أقانيم ولا عندنا آب ولا ابن ولا روح قد في آن واحد ومنأردا أن يبحث فليأتي ما بديننا شئ من هذا القيبيل ولكن نعطيك النتيجة محال ثم محال ثم محال أن ينوجد مثل هكذا تكهنات
الشبهة الرابعة عشر :
المسيح إله حق وإنسان حق:
هنا تخبط ما بعهد تخبط وهو يناقض نفسه البدء حيث ادعى أن النصارى لا يشركون بالله وأنهم يؤمنون بالله أنه هو الخالق وهو المعبود طيب كيف تقول بكلام في سياق كتابك أن المسيح إله حق وإنسان حق ولا تشركون بالله ولماذا خص بالألوهية دون غيره أليس هذا ضرب من التخبط في الجمل وسيل عرمرم من التناقضات التي تساق في هذا الكلام
ولي هنا دليل فهل تعلمون أن النصارى يعتبرون أن مريم العذراء هي أم الإله
ولنتابع ما أورده في قوله أن المسيح إله وإنسان :
(هذه هي العقيدة المسيحية الصحيحة عن ذات المسيح، وهذا أيضاً ما يعلّم به القرآن)
طبعا هنا تجني وكذب على القرآن عندما يقول أن المسيح هو انسان واله وقوله هذا ما يعلم به القرآن ومن أين أتى بمثل هكذا شبهة ما أنزل الله بها من سلطان ونحن أهل القرآن لم نسمع بما يقول
وأما الأدلة التي ساقها في كلامه على أساس أنها تدل على حقيقة ما يقول فسوف نوردها واحد واحدة مع الشرح :
الشبهة الخامسة عشر:
1 - أزلية المسيح:
أورد الكاتب في هذا المجال قوله أزلية المسيح هي أول تلك الحقائق التي أثبتها القرآن بقوله: كلمة الله وروح منه ، وبما أن المسيح هو كلمة الله وروح منه فهو إذاً أزلي. وبما أن الأزلية صفة خاصة بالله تعالى، فقد أصبحت دعوة القرآن المسيح بكلمة الله وروح منه إقراراً للمسيح بالأزلية،)
طبعا هذا كلام لا يرقى إلى الحقيقة لأن ليس معنى أن المسيح عليه السلام هو من روح اللهمعنى ذلك نه أزلي لأن في نصو القرآن الكل ميت إلا الله ولنا هنا وقفة هو أنه يجب أن نفرق ما بين روح الله وما بين من روح الله فالمسيح من روح الله وليس روح الله وهنا الفرق الذي نراه هو رد على ما يدعونه في أزلية المسيح عليه السلام
الشبهة السادسة عشر :
2 - الولادة العجيبة:
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) سورة مريم
إن ولادة المسيح هنا تستوقني عند من يثيرون الشبهات هو يقول أن المسيح أزلي وهو إله وإنسان في آن واحد ولطالما أنه أزلي فالأزلي لا بداية له ولا نهاية والاله لا بداية له ولا نهاية ولكن هنا نى أن ولادة المسيح ذات بداية وقبل أن يلد المسيح الاله عندكم من كان الاله ومن كان يدير الكون ومن الذي خلق ما قبل خلق الاله كما تزعمون
هذه أسئلة نضعها في رسم الاجايبة
ويتابع الكاتب :
الشبهة السابعة عشر
الصعود إلى السماء
(أما الحقيقة الثالثة فهي إقرار الإسلام بارتفاع المسيح إلى السماء دون أن يعبث الموت بجسده الطاهر. فقد جاء في سورة آل عمران 3: 55 إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الّذينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الّذينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الّذينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وقوله في سورة النساء 4: 158 رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ .)
هنا أمر في تناقض فهم أي النصارى يدعون أن المسيح لم يرفع الى السماء بل صلب ومات على الصليب إذا كيف تأخذ بهذه الآية التي لا تؤمنون بمحتواها لتكون دليلا على ما تذهبون إليه في مناقشة المسلمين
الشبهة الثامنة عشر
قدرات المسيح الفائقة:
العلم بالغيب : وطبعا إن الله يعلم الغيب وحده إلا لمن ارتضى له أن يطلعه على الغيب فلا بأس في ديننا فالرسول صلى الله عليه وسلم تحث عن أمور بإذن الله ووقعت وهي كانت على شكل نبوءات مثل مقتل عمار بن ياسر وفتح القسطنطينية وأنأول من يلحق بالرسول بعد وفاته هي فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم إذا قضية العلم بالغيب ولكن نسميه نبوءة هذا بأمر الله تعالى .
- قوة الخلق
جاء على لسان المسيح: ((أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرَاً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (سورة آل عمران 3: 49) ..
طبعا هو يريد من هذا الدليل أن يوحي أن المسيح يخلق كما الله يخلق وهذا دليل على أن المسيح هو الله ولكن غاب عنه ناحية مهمة جدا هو قوله تعالى على لسان المسيح :
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) أي أن المسيح يخلق كهيئة الطير وليس طيرا وباقي الأعمل هي بإذن الله
وأخير
إن باقي الكتاب يدور حول نفس الفكرة فلا جديد يستحق أن نمضي نحو النهاية والسبب أن هناك كتب كثيرة وشبهات كثيرة سوف نرد عليها ولذلك اقتضى الاقتصار على هذا القدر
الحمد لله وبعد :
إن هذا الكتاب يختلف بشكل كبير عن سابقته ويعود السبب إلى أن مؤلف الكتاب قد وسم اسمه عليه واعتماد الكاتب على الاسلوب الهادئ في الحوار بحيث يتم تخدير المتلقي من خلال الهدوء هذا وجعل في تمهيد الكتاب على استخدام أسلوب يطمئن المسلم إذا ما قرأه ويعود القارئ المسيحي بأسلوب جديد في التعاطي مع الاسلام بحيث اختلفت الكلمات وبقيت الفكرة كما هي ولم تختلف أبدا ولكن نحن بالمرصاد لمثل هكذا دعوات لانها تحمل وجها واحدا لحوار هو التهجم على الاسلام ويجب أن نقول إن هذا الكتاب كما قلت أخذ منحا آخر من خلال اعتماد هذا الكاتب على الرد على الاسلام بشأن بعض المواقف الاسلامية من المسيحية وهذا ما دلل من خلال عناوين الفرعية للكتاب مثل التثليث الذي حاربه الاسلام ولو نظرنا نظرة سريعة وعميقة على هذا العنوان الفرعي لعلمنا جيدا ما يحمله هذا العنوان من أشياء ملغومة وكثيرة تدل على جوهر كل الآحاديث التي يتحدثون عنها وأن جميع كتب الحوار والنقاش الاسلامي المسيحي تدل على قاسم مشترك هو الطعن والتهجم على الاسلام وإن اختلف النسبية فيها
وقبل الدخول وتقليب صفحات هذا الكتاب يجب أن ننوه أن كاتب هذا الكتاب ميت
في هذا الكتاب سوف أتحدث من خلال ست وعشرين محو روهذه المحاور هي عبارة عن شبهات تثار كما ورد في فصول وأبواب الكتاب وأنا يجب أن يعي الأخ القارئ المسلم حصريا أن الرد وإن كان بحجم أقل من حجم صفحات أي كتاب إلا أن السبب هو أننا نريد أن نرد شبهات أكثر من سبعمائة كتاب قد نشرت على موقع من أعقد وأشرس المواقع النصرانية وأكثرهم تجرأ على الاسلام وأهله لذلك رد بعشرات الصفحات وتكون مفيدة خير من مئات الصفحات التي تكون عبارة عن حشو كلام
وعلى بركة الله نبدأ :
الشبهة الأولى :
هل شهد القرآن بصحة العقيدة المسيحيّة؟
يستند الكاتب هنا الى قوله تعالى :في سورة المائدة 5: 69إِنَّ الّذينَ آمَنُوا وَالّذينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وهو يبني تكهنات بل صورة لنفسه بحيث غاب عنه عدة أمور في هذه الآية الكريمة
أي نعم إن الله خص النصارى والصابئة والذيه هادوا بهذا الثناء ولكن هناك شروط إن تم قبولها نالوا الجزاء الثاني في الآية وهذه الشروط هي :
الايمان بالله تعالى طبعا الايمان بالله هو يدخل في علم التوحيد من توحيد الله في الاسماء والصفات وتوحيد الله في العبودية والربوبية فإن تمت هذه الأمور نشهد على أنهم موحدون ولكن أن تدعي النصارى أنه عيسى بن مريم فهذا ضللاب من ضروب الشرك بالله والكفر بالله وأن تدعي اليهود أن عزير ابن الله فهذا ضرب آر من ضروب الشراك وأما الصابئة فعقيدتهم قائمة على الكواكب والنجوم وعلم الفلك وإشراك الله في العبادة
وهنا نرى أن أول هذه الشروط لم تتحق أبدا
والشرط الثاني :
الايمان باليوم الآخر :
فالنصارى لا يوجد عندهم يوم آخر فقط عندهم الحياة الابدية وهي ضرب من ضروب التجنى والطعن في عدالة الله حيث في الحياة الابدية الكل سوف يدخل من النصارى الى الجنة المذنب والغير مذنب وبذلك تضيع الحقوق .
وأما اليهود فهم لا يؤمنون باليوم الآخر وما بعد الحياة الدنيوية
ومن هنا إن كلا الشرطين لم يتحقق عند النصارى لذلك لا يمكن أن نعتبر أن هؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
يقول الكاتب ابراهيم لوقا :
(وبحكم هذه الآية وتفسيرها يكون المسيحيون - في نظر الإسلام - موحّدين غير مشركين، محقين في إيمانهم غير ضالين، مؤمنين غير كافرين،)
ولا أعرف الاساس الذي اعتمدت عليه في اعتبار أن النصارى موحدون فالتوحيد هو عبادة الله واحد لا شريك وأما انتم تعتبرون مع الله شريكا آخر
أما قوله بشهادة القرآن لاخلاق النصارى :
((شهد القرآن للنصارى بحسن الأخلاق، مما يدل على تأثير المسيحية في أخلاق تابعيها. فقد جاء في المائدة 5: 82: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً للّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالّذينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً للّذِينَ آمَنُوا الّذينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
كما جاء في الحديد 57: 27ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الّذينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً. كما جاء في آل عمران 3: 113 ، 114لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاءَ اللّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ .))
طبعا هنا الكاتب يريد استغفال الناس من خلال كلامه ويريد أن يعمم هذه الآية على كل النصارى وهذا هراء لأن الآية هذه تخص نصارى الحبشة لنرى تفسير البغوي كيف يفسر هذه الآية
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)
ابن عمك وأسملت لله رب العالمين، وقد بعثت إليك ابني أزهى، وإن شئت أن آتيك بنفسي فعلت والسلام عليك يا رسول الله، فركبوا سفينة في أثر جعفر وأصحابه حتى إذا كانوا في وسط البحر غرقوا، ووافى جعفر وأصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا عليهم ثياب الصوف، منهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من [أهل] (1) الشام، فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا، وقال: آمنوا، وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى عليه السلام، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية (2) { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } 110/ب يعني: وفد النجاشي الذين قدموا مع جعفر وهم السبعون، وكانوا أصحاب الصوامع.
وقال مقاتل والكلبي كانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة، وثمانية روميون من أهل الشام.
[وقال عطاء: كانوا ثمانين رجلا أربعون من أهل نجران من بني الحرث بن كعب، واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية روميون من أهل الشام] (3) .
وقال قتادة: نزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى عليه السلام، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم صدقوه وآمنوا به فأثنى الله عز وجل بذلك عليهم (4) . { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ } أي علماء، قال قطرب: القس والقسيس العالم بلغة الروم، { وَرُهْبَانًا } الرهبان العبّاد أصحاب الصوامع، واحدهم راهب، مثل فارس وفرسان، وراكب وركبان، وقد يكون واحدا وجمعه رهابين، مثل قربان وقرابين، { وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ } لا يتعظمون عن الإيمان والإذعان للحق.
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) } انتهى
إذا من خلال هذا التفسير نرى أن الآية هذه آية تخصيص لا تعميم
ومما يؤكد أن الآية فيها تخصيص هو الآية التي بعدها وهنا الشرح لتفسير الرازي :
إِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)
ثم قال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرسول تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع } الضمير في قوله { سَمِعُواْ } يرجع إلى القسيسين والرهبان الذين آمنوا منهم { وَمَا أَنَزلَ } يعني القرآن إلى الرسول يعني محمداً عليه الصلاة والسلام قال ابن عباس : يريد النجاشي وأصحابه ، وذلك لأن جعفر الطيار قرأ عليهم سورة مريم ، فأخذ النجاشي تبنة من الأرض وقال : والله ما زاد على ما قال الله في الإنجيل مثل هذا ، وما زالوا يبكون حتى فرغ جعفر من القراءة ، وأما قوله { تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع } ففيه وجهان : الأول : المراد أن أعينهم تمتلىء من الدمع حتى تفيض لأن الفيض أن يمتلىء الإناء وغيره حتى يطلع ما فيه من جوانبه . الثاني : أن يكون المراد المبالغة في وصفهم بالبكاء فجعلت أعينهم كأنها تفيض بأنفسها .
وأما قوله تعالى : { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق } أي مما نزل على محمد وهو الحق .
فإن قيل : أي فرق بين ( من ) وبين ( من ) في قوله { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق } .
قلنا : الأولى : لابتداء الغاية ، والتقدير : أن فيض الدمع إنما ابتدىء من معرفة الحق ، وكان من أجله وبسببه ، والثانية : للتبعيض ، يعني أنهم عرفوا بعض الحق وهو القرآن فأبكاهم الله ، فكيف لو عرفوا كله .
وأما قوله تعالى : { يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا } أي بما سمعنا وشهدنا أنه حق { فاكتبنا مَعَ الشاهدين } وفيه وجهان : الأول : يريد أمة محمد عليه الصلاة والسلام الذين يشهدون بالحق ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس } [ البقرة : 143 ] والثاني : أي مع كل من شهد من أنبيائك ومؤمني عبادك بأنك لا إله غيرك . انتهى
إذا هذه الشروح لهذه الآية وهنا رد على ما يدعيه هذا الكاتب وإن قيل إن كلام التفسير لا يؤخذ به فلنا شرحنا أي هم يشرحون نقول إن الكتاب هو قرآننا ونحن أعلم متى وكيف وعلى من نزلت الآيات وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها
ويتابع الكاتب صاحب هذا الكتاب على شهادات من القرآن على المسيحية ومنها قوله :
شهد القرآن برفعة المسيحيين على الكافرين بالمسيحية، فقد جاء في آل عمران 3: 55: إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الّذينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الّذينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الّذينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
ولنرى شرح هذه الآية الكريمة حسب تفسير بن كثير :
اذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)
رَبِّي" (1) حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فآسوه (2) ومنعوه من الأسود والأحمر. وهكذا (3) عيسى ابن مريم، انْتدَبَ له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه. ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم: { قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } الحواريون، قيل : كانوا قَصّارين وقيل: سموا بذلك لبياض ثيابهم، وقيل: صيادين. والصحيح أن الحواري الناصر، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَدبَ الناس يوم الأحزاب، فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدَبَ الزبير [ثم ندبهم فانتدب الزبير] (4) فقال: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ" (5) .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد جيد.
ثم قال (6) تعالى مخبرا عن [ملأ] (7) بني إسرائيل فيما هَمُّوا به من الفتك (8) بعيسى، عليه السلام، وإرادته بالسوء والصَّلب، حين تمالؤوا (9) عليه وَوَشَوا به إلى ملك ذلك الزمان، وكان كافرًا، فأنْهَوا إليه أن هاهنا رجلا يضل الناس ويصدهم عن طاعة الملك، وَيُفَنِّد الرعايا، ويفرق بين الأب وابنه (10) إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب، وأنه ولد زانية (11) حتى استثاروا غضب الملك، فبعث في طلبه من يأخذه ويصلبه ويُنَكّل به، فلما أحاطوا بمنزله وظنوا أنهم قد ظَفروا به، نجاه الله من بينهم، ورفعه من رَوْزَنَة ذلك البيت إلى السماء، وألقى الله شبهه على رجل [ممن] (12) كان عنده في المنزل، فلما دخل أولئك اعتقدوه في ظلمة الليل عيسى، عليه السلام، فأخذوه وأهانوه وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك. وكان هذا من مكر الله بهم، فإنه نجى نبيه ورفعه من بين أظهرهم، وتركهم في ضلالهم يعمهون، يعتقدون أنهم قد ظفروا بطَلبتِهم، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادا للحق ملازما لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد؛ ولهذا قال تعالى: { وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } .
{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) }
اختلف المفسرون في قوله: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي ومتوفيك، يعني بعد ذلك.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } أي: مميتك.
وقال محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: توفاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه الله إليه.
قال ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه.
وقال إسحاق بن بشر (1) عن إدريس، عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام، ثم بعثه، ثم رفعه.
وقال مطر الوراق: متوفيك من (2) الدنيا وليس بوفاة موت (3) وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه.
وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا: النوم، كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ [وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ] (4) } [ الأنعام : 60 ] وقال تعالى: { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] (5) } [ الزمر : 42 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -إذا قام من النوم-: "الْحَمْدُ لله الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ"، وقال الله تعالى: { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا. وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ } إلى قوله [تعالى] (6) { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } [ النساء : 156 -159 ] والضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } عائد على عيسى، عليه السلام، أي: وإن من أهل الكتاب إلا يؤمن (7) بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلّهم؛ لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، حدثنا الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال في قوله: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } يعني وفاة المنام، رفعه الله في منامه. قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: "إنَّ عِيسَى لمَْ يَمُتْ، وَإنَّه رَاجِع إلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقَيامَةِ" (8) .
وقوله تعالى: { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي: برفعي إياك إلى السماء { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } وهكذا وقع؛ فإن المسيح، عليه السلام، لما رفعه الله إلى السماء تَفَرَّقت أصحابه شيَعًا بعده؛ فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله. وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة. وقد حكى الله مقالاتهم في القرآن، ورَد على كل فريق، فاستمروا كذلك قريبا من ثلاثمائة سنة، ثم نَبَع لهم ملك من ملوك اليونان، يقال له: قسطنطين، فدخل في دين النصرانية، قيل: حيلة ليفسده، فإنه كان فيلسوفا، وقيل: جهلا منه، إلا أنه بَدل لهم دين المسيح وحرفه، وزاد فيه ونقص منه، ووضعت له القوانين والأمانة الكبيرة -التي هي الخيانة الحقيرة-وأحل في زمانه لحم الخنزير، وصَلّوا له إلى المشرق (1) وصوروا له الكنائس، وزادوا في صيامهم عشرة أيام من أجل ذنب ارتكبه، فيما يزعمون. وصار دين المسيح (2) دين قسطنطين إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارت ما يزيد على اثنى عشر ألف معبد، وبنى المدينة المنسوبة إليه، واتبعه (3) الطائفة المَلْكِيَّة منهم. وهم في هذا كله قاهرون لليهود، أيَّدهم (4) الله عليهم لأنهم أقرب إلى الحق منهم، وإن كان الجميع كفار، عليهم لعائن الله.
فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان من آمن به يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق -كانوا هم أتباع كُل نبي على وجه الأرض-إذ قد صدقوا الرسول النبي الأمي، خاتم الرسل، وسيد ولد آدم، الذي دعاهم إلى التصديق بجميع الحق، فكانوا (5) أولى بكل نبي من أمته، الذين يزعمون أنهم على ملّته وطريقته، مع ما قد حَرّفوا وبدلوا.
ثم لو لم يكن شيء من ذلك لكان قد نسخ الله بشريعته (6) شريعة جميع الرسل بما بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الدين الحق، الذي لا يغير ولا يبدل إلى قيام الساعة، ولا يزال قائما منصورًا ظاهرا على كل دين. فلهذا فتح الله لأصحابه مشارق الأرض ومغاربها، واحتازوا (7) جميع الممالك، ودانت لهم جميعُ الدول، وكسروا كسرى، وقَصروا قيصر، وسلبوهما كُنُوزَهما، وأنفقت في سبيل الله، كما أخبرهم بذلك نبيهم عن ربهم، عز وجل، في قوله: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا } الآية[ النور : 65 ] ولهذا (8) لما كانوا هم المؤمنين بالمسيح حقا (9) سلبوا النصارى بلاد الشام وأَجْلَوهم إلى الروم، فلجؤوا إلى مدينتهم القسطنطينية، ولا يزال الإسلام وأهله فوقهم إلى يوم القيامة. وقد أخبر الصادق المصدوق أمَّته بأن آخرهم سيفتحون القسطنطينية، ويستفيؤون (10) ما فيها من الأموال، ويقتلون الروم مَقْتلة عظيمة جدا، لم ير الناس مثلها ولا يرون بعدها نظيرها، وقد جمعت في هذا جزءا مفردا. ولهذا قال تعالى: { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } أي: يوم القيامة { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } وكذلك فعل تعالى (11) بمن كفر بالمسيح من اليهود، أو غلا فيه وأطراه من النصارى؛ عَذبهم في الدنيا بالقتل والسبي وأخْذ الأموال وإزالة الأيدي عن الممالك، وفي الدار الآخرة عَذابُهم أشد وأشق { وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } [الرعد:34] .
{ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ (1) أُجُورَهُمْ } أي: في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالنصر والظفر، وفي الآخرة بالجنات العاليات { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }
ثم قال تعالى: { ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } أي: هذا الذي قَصَصْنَاه عليك يا محمد في أمر عيسى ومبدأ ميلاده وكيفية أمره، هو مما قاله الله تعالى، وأوحاه إليك ونزله عليك من اللوح المحفوظ، فلا مرية فيه ولا شك، كما قال تعالى في سورة مريم: { ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ. مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ مريم : 34-35 ] وهاهنا قال تعالى.
{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْت َرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) }
ويتابع سرد ما يريد أن يثبته بقوله :
حكم الإسلام بالفسق على من لم يُقِم أحكام الإنجيل. فقد جاء في المائدة 5: 47وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. وقد ذكر البيضاوي في تفسيره: فأولئك هم الفاسقون عن حكمه أو عن الإيمان إن كان مستهيناً به ... والآية تدل على أنّ الإنجيل مشتمل على الأحكام وأنّ اليهودية منسوخة ببعثة عيسى.
طبعا هذا الكلام يجب أن نعي حقيقته وخاصة الآية الكريمة وهي وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله يعني الكلام هنا فليحكم أهل الانجيل وهم النصارى بما أنزل الله وهو القرآن وليس الانجيل وإلا كان لزاما علينا أن نحكم بما أنزل في الانجيل ولي هنا سؤال لطالما أنه يدوا ال تحكيم الانجيل فلماذا أنزل القرآن وقضية التفسيق لا توجد في أي دين إلا الاسلام فلا يوجد في النصرانية شئ اسمه الفسق والفاسق ولا في اليهودية إذا هنا الكلام موجه لتحكيم القرآن الكريم وهو مصداقا لقوله تعالى بما أنزل الله ونريد أن نسأل طيب لطالما أن الله يدعوا ال تحكيم الانجيل وهو أد في القرآن أنه محرف فهل يريد أن يضل عباده طبعا حاشاه عما يصفون اذا القرآن هو الذي يجب أن نحكمه
يتابع صاحبنا رؤيته :
أقرَّ الإسلام بحقيقة تعاليم المسيحية، وحضَّ على الإيمان بها، فقد جاء في العنكبوت 29: 46وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الّذينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالّذي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .
ورد في شرح هذه الآية في كتاب فتح القدير :
وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : { وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ } قال : بلا إله إلاّ الله . وأخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ، وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون » وأخرج البيهقي في الشعب ، والديلمي ، وأبو نصر السجزي في الإبانة عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تصدّقوا بباطل ، أو تكذبوا بحق ، والله لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حلّ له إلاّ أن يتبعني » وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن مسعود قال : لا تسألوا أهل الكتاب ، وذكر نحو حديث جابر ، ثم قال : فإن كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه . انتهى
يتابع القول :
يتضح جلياً مما سبق أنّ القرآن يشهد بصحة العقيدة المسيحية، وصدق الإيمان بها. ويعلن أنّ النصارى قوم موحِّدون لا تشوب عقيدتهم شائبة شِرك، ولا يعلق بإيمانهم نقص أو عيب. كما شهد للمسيحية بحُسن تأثيرها في القلوب، وتقويم اعوجاج النفوس.
ومما ررددنا عليه من خلال التفاسير يؤكد عكس ما يذهب اليه في كلامه
الشبهة الثانية:
صحة الكتاب المقدس :
سوف أضمن مقدمة الرد بخلاصة ما وصل إليه المنص ابراهيم لوقا يقول :
نستخلص مما سبق أنّ القرآن يصرّح، بما ذكر عن الكتاب المقدس من صريح الآيات، أنّه كتاب منزل، لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه
ونأتي عى ما أورده من أدلة على ذلك:
وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلّ كُمْ تَهْتَدُونَ (البقرة 2: 53). ويقول البيضاوي في تفسيره: الفرقان يعني التوراة الجامع بين كونه كتاباً منزلاً وحجة تفرق بين الحق والباطل
وهذا كلام حق ولكن يجب أن نفصل ما بين الفرقان وهو التوراة الذي نزل على موسى وما بين مجموعة من كتب وأسفار تحوي في مضمونها على التحريف الذي أقره القرآن الكريم
هذا بالنسبة للتوراة
وأما دليله عن النجيل يضمن قوله بآية كريم وهي
(وثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ (سورة الحديد 57: 27) )
وهذه الآية هي ليست دليلا على صحة العهد الجديد ومن يتتبع هذا الكلام الرباني بدهي سوف يعرف أن الانجيل نزل على عيسى ولكن الانجيل كتب ما بعد رفع عيسى ولم يكتب في عهده
من هنا عندما نرى أن الكاتب يريد دمج ما بين الكتب المحرفة وما بين التوراة والانجيل الصافي نرى أن ما يذهب اليه الكاتب ليس أدلة إنما كلام حق يراد به باطل
المحور الثالث :
كتاب غير محرف بل كتاب محرف :
يقول هذا الكاتب لرد شبهة تحريف الانجيل التي يقرها المسلمون :
على أنّ هذا التحريف المزعوم أمر لم يكن - ولن يكون - في الاستطاعة حدوثه، لانتشار الكتاب بأيدي المؤمنين في كثير من جهات الدنيا، قبل الإسلام وبعده, فلو أُريد تغييره أو تبديله، أو تحريفه بالزيادة عليه أو النقص منه، للزم جمع كل نسخه وتحريفها، أو إبدالها بسواها، وهذا
ولكن تحريف الانجيل ثابت في القرآن
وأما برهنته على أن
كان هناك نسخما بين الناس ووجب تحريف كل النسخ هذا يريد من خلال كلامه أن يغمض عينيه عن الحقيقة مع العلم إن في العصور الحيثة أي في القرون ما قبل القرن العشرين كان هناك حوالي 360 انجيل وعندما اجتمعت الكنيسة اتفقوا على اختيار الاناجيل الاربعة وتم على هذا الاساس جعله ككتاب مقدس
ولي كلام إن التناقض الموجود في الانجيل يدل على التحريف ولنا هنا دراسة عن الانجيل نظرة من الداخل والمتناقضات فيه يؤكد تحريف الانجيل واليكم هذه الدراسة وأضمنها لكي نرد على معزوفة صحة الكتاب المقدس التي يتحدث عنها هو وغيره مع أنها موجودة كدراسة مستقلة ولكن يجب أن نضمنها لانها من روح وصلب النقاش
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى والصلاة على رسوله ومن سار على دربه وارضى اللهم عن الصحابة والآل أما بعد :
أقدم هذه الدراسة التي هي بعنوان الأنجيل نظرة من الداخل والمتناقضات فيه :
وعسى أن تتيقن النصرانية العالمية بعد الاطلاع عليها من معرفة هذا الكتاب الذي تدعوا الناس من أجل اتباعه على أساس أنه الحق من عند الله ولكن لنبدأ والله من وراء القصد يجب أننسلم بحتمية لابد منها وهي أن حوارنا هو حوار حق وباطل أحد منا على حق والآخر على باطل وأتابع الحوار على هذا الأساس
ربما بل أنا متأكدأنََ هناك في العالم النصراني أصوات تدعي أن القرآن الذي أتى به محمد هو ليس من عند الله إنما هو من تأليفه وقد قال هذا الكلام كثير من المستشرقين والذي أكد هذا الكلام هو أن ما هو بعض الموجود في القرآن موجود في الأنجيل وحتى في التوراة ومحمد جمع بعض القصص من الأنجيل وجعلها حسب زعمكم وزعم آولئك المستسرقين بما يتناسب مع البيئة الصحراوية وعلى هذا الأساس الذي لا أساس له من الصحة بنيت وعلمت أجيال وأجيال من النصرانية ومرت هذه الأكذوبة على الناس بسبب بساطتهم بل الخوف من السلطة الدينية سلطة الكنيسة وما نتج عن ذلك من قتل الكثيرين من المفكرين تحت ذريعة الهرطقة وعشعشت هذه الأفكار التي ما أنزل الله بها من سلطان في نفوس الكثيرين من أتباع النصرانية وخُدر كثير من النصارى بمثل هكذا مخدر حتى شل تفكيرهم الذي لو أنه كان يفكرون لعرفوا الحق واتبعوا الاسلام ولكن لنا وقفة هنا وأنا لا أتحدث عن واقع النصارى ولكن أريد أن أفهم الناس وأنت منهم الأكثر تطرفا للنصرانية عن ذاك التشابه الذي تتحدثون عنه ما بين بعض النصوص في القرآن والأنجيل والتوراة وأن الأقدم هو الصحيح ومن المحال أن يكون ما ورد في التوراة مقتبس من القرآن وكذلك الانجيل لان التوراة هو الاقدم وكذلك العهد الجديد
ولكن الأمر ليس كذلك ايها النصراني الباحث عن الحقيقة من خلال طعنك بالحقية نفسها بل تأكد أن التوراة الحالي والأنجيل هما مقتبسان من القرآن وليس العكس
ربما تقول لقد اصاب هذا الرجل خرف في عقله فهو يقول الأحدث يؤخذ من الأقدم وليس العكس صحيح فكيف تقول أن التوراة والأنجيل مقتبسان من القرأن
أقول لك القصة ببساطة وبدون تعقيد :
تتم هذه الحالة في حال واحد هو ان الانجيل والتوراة تم تحريفهما في القرون الوسطى
وهذا التحريف اوحى للناس أن القرآن مقتبس من عهدي الجديد والقديم أي إن الذين حرفوا هذا الكتابين عمدوا هم إلى الاتيان ببعض النصوص من القرآن وتم تحويلها بما يتناسب مع واقع المرحلة التاريخية
من أجل الايحاء بشبهة أن القرأن مقتبس من الأنجيل والتوراة ومن حرفوا هذين الكتابين يا سيد هم ممتهني التحريف اليهود من انخرطوا في صفوف الفاتيكان وسلطة الكنيسة من أجل عملهم وما هو الثوب الذي ارتدوه هو ثوب اعتناق المسيحية وصبر هؤلاء إلى أن وصلوا إلى مراحل متقدمة في السلطة الكنسية ولو أنلك دخول بل إطلاع على من هم حول بابا الفاتيكان من الكرادنة لعرفة أن ثمانية منهم من اليهود وهكذا تغلغلوا إلى النصرانية وحرفوا الكتاب فوق تحريفه وبذلك كسبوا هدفين اثنين الأول هو زيادة التحريف على الانجيل والثاني الطعن بالقرآن من خلال مؤامرة الاقتباس من الانجيل والتوراة والدليل على تغلغل هؤلاء في الفاتيكان منذا القديم ارجع ألى قصص من اعتنقوا النصرانية من
اليهود ربما تقول وما هدفهم أقول بكل بساطة الهدف هو تمرير مخططات من أجل إقامة دولة اليهود العالمية حسب زعمهم وهم مسموح لليهودي أن يعتنق دين أو جماعة أو مذهب من أجل تدميره
ولن أشرح المزيد هنا أنصحك بالرجوع إلى كتاب بروتوكولات حكماء صهيون حيث في هذا الكتاب ما يدعم كلامي
ومن خلال هذه المؤامرة تم التحريف وهذه هي قصة وجود بعض النصوص المتشابة في التوراة والأنجيل وأقدم لك دليل واحد على ما أقوله في الانجيل بعد ترديد الصلاة تقولون أمين وفي بداية الأمر خلن أن هذه الكلمة مترجمة للعربية ولكن بعد مشاهدتي لأفلام عن النصرانية والكنيسة وهي أفلام أمريكية
ومن انتاج هوليود وكتاب السيناريو والممثلين والمخرجين والطاقم الفني هم
نصارى وغيرها فرجعت عندما كان يردد المصلون في الكنيسة كلمة آمين وبالعربي ومعنى ذلك أن الأمور مقتبسة من القرآن كما قلت لك لا العكس وإلا لماذا هذه كلمة آمين وهي عربية وهل كان على زمن المسيح لغة عربية
وإن كنت أدعي ذلك زورا وبهتانا فارجع الى الافلام الغربية الامريكية وتابع لقطة دفن شخص في مقابر النصارى وبعد أن ينتهي رجل الدين النصراني من ترتيله يقول الجميع وبالعربي آمين فهل فسرتم لنا من أين أتت كلمة آمين الى النصرانية
والآن اسمح لي وفي سياق متصل أن أتابع الحديث بنقلة أخرى سوف تشل تفكيرك
لقد قلت لك أن الأنجيل محرف وكل ما هو وارد فيه يدل بشكل أو بأخر على هذا التحريف والدراسة التي أقدمها لك أيها النصراني هي من الانجيل وقلت لك أن هذه الدراسة عنوانها
الأنجيل نظرات من الداخل :
أرجو منك أن تقرأها بكل تعقل لا عصبية وأن تكون من الذين يقتنعون بالعقل هذا إن كنت تريد الحق وأن تتبعه وأما إن كنت تريد الجدال فلا تقرأ هذه الدراسة :
الأنجيل نظرة من الداخل والمتناقضات التي فيه :
لقد خرج من هم من بني جلدتكم ويتحدثون بحديث العهد الجديد من أبوين نصرانيين وهم أمريكان
ليقولوا للعلن وبشكل جرئ إن الانجيل يحوي على متناقضات لا مثيل لها وهل يعقل لله رب السماء الذي خلق الأكوان بقدرة ربانية عظيمة هو غير قادر على تلافي ما هو متناقض في الأنجيل هذا محال
لأن الذي جعل لنزول المطر هندسة ربانية لا مثيل لها تدل على عظمته هو قادر على أن يأتي بما هم أعظم من ذلك ولكن أن يكون كتاب يقال أنه هو من عند الله وفيه من المتناقضات ما يستحي البشر من التفوه بها فما بالك كتاب ينسب إلى الله هذا ما لا يمكن اعتباره أنه كتاب من عند الله تعالى
التناقضات ,,,,, هكذا قالها رجل نصراني أمريكي من بلاد التطور والتكنولوجيا ومن بلد التطوير والتنوير ومن قالها هوأمريكي كما قلت لك نقلها عنه رجل من كبار كتاب أمريكا المهتمين بالنصرانية اسمه جوش ماكدويل صاحب كتاب حقيقة لاهوت يسوع المسيح واشترك في تأليف هذا الكتاب بارت لارسون وهو مترجم إلى العربية ويوزع مجانا في الكنائس وقد وصلتني نسخة منه وهذه قد ضمن تلك الأقاويل عن ما اعترض عليه رجل وقال له إن العهد الجديد فيه متناقضات
هذه شهادة من عندكم ومن هنا وأنا كلي ثقة بما ورد في القرآن أن هذا الكتاب هو محرف بل طرأعلى تحريفه مراحل آخرها وكما أثبت لك تحريف القرون الوسطى وبدايات القرن العشرين وقد وجد في ذلك الزمان ما يفوق ثلاث مئة انجيل اتفق على الأناجيل الموجودة في العهد الجديد وتم الغاء الباقي لمزيد من التوسع المعرفي راجع كتب الدكتور مصطفى محمود وخاصة كتاب التوراة
وربما تقول في قرارة نفسك أن هذا الكلام هو ربما ضرب من ضروب الخيال وضرب من ضروب التجني عليكم وعلى العهد الجديد وأنا أقول لك أيها المتحاور سوف أقدم لك المتناقضات من الأنجيل
وأوله انجيل متى :
التناقض الأول :
ورد في الاصحاح الأول شرح نسب يسوع الناصري ومن جملة ما ورد في هذا الاصحاح قوله (فجميع الأجيال من ابراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلا ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا ) أي عدد الأجيال من إبراهيم إلى المسيح هم وفق الانجيل 14+14+14=42 جيل
ولكن في نفس الاصحاح في تفاصيل النسب هم ليس 42بل هم 39 جيل وإليك الأجيال وفق الاصحاح الأول من أنجيل متى
1ـ ابراهيم ولد اسحاق
2اسحاق ولد يعقوب
3ـ يعقوب ولد يهوذا
4يهوذا ولد فارض
5ـ وفارض ولد حصرون
6ـ وحصرون ولد أرام
7ـ وأرام ولد عميناداب
8ـ وعمينا داب ولد نخشون
9ـ ونخشون ولد سلمون
10ـ وسلمون ولد بوعز من راحاب
11ـ وبوعز ولد عوبيد من راعوث
12ـ وعوبيد ولد يسي
13ـ ويسي ولد داود الملك
14 ـ وداود الملك ولد سليمان
15 ـ وسليمان ولد رحبعام
16 ـ ورحبعام ولد أبيا
17 ـ وأبيا ولد آسا
18 ـ وآسا ولد يهوشافاط
19ـ ويهوشافاط ولد يورام
20ـ ويورام ولد عزيا
21 ـ وعزيا ولد يوثام
22ـ ويوثام ولد أحاز
23ـ وأحاز ولد حزقيا
24ـ وحزقيا ولد منسي
25ـ ومنسي ولد أمون
26ـ وآمون ولد يوشيا
27ـ ويوشيا ولد يكنيا
28ـ ويكنيا ولد شألتئيل
29ـ وشألتئيل ولد زربايل
30ـ وزربايل ولد أبيهود
31ـ وأبيهود ولد ألباقيم
32ـ وألباقيم ولد عازور
33ـ وعازور ولد صادوق
34ـ وصادوق ولد أخيم
35ـ وأخيم ولد أليود
36ـ وأليود ولد أليعازر
37ـ وأليعازرولد متان
38ـ ومتان ولد يعقوب
39ـ ويعقوب ولد يوسف
هذه هي ذكر الأجيال التي وردت في أنجيلكم قدمتها هنا بالحرف ارجع إلى الاصحاح الأول من انجيل متى وتأكد وفي التفاصيل عددها 39 وفي ذكرها بالاجمال الكلي 42
فهل الله نسي ذكر الأجيال الناقصة وهذا لا يليق بجلاله أم أن الله والعياذ بالله لا يعرف عمليات حسابية لا لا الله الذي خلق الأكوان لا يناقض كلامه هل لنا أن نقول 1+1+1+1+=5ومن ثم نقول إن ناتج العمليات الحسابية هو 3هذا تناقض وما هذا التناقض الفاضح إلا دليل على أن تعاليمكم هذه هي محرفة وما هذا التحريف الصارخ والبهتان على الله وفي أول مداخل الانجيل العهد الجديد يتم فتح الكتاب بأعظم تناقض وما أنزل الله به من سلطان وهل الله عز وجل وحسب نظرتكم هذه هو طفل والعياذ بالله تعالى لا يعرف العمليات الحسابية والذي خلق عشرات من مليارات المجرات لا يقدر على أن يحسب في كتابه أن عدد الأجيال وفق الجمع العام 42 ومن ثم عند التفصيل 39ولنفرض أن هذا الكلام وارد عنكم فهذا طعن بالله عز وجل ونقص لله لا يليق بجلاله سبحان الله عم تصفون فالله عز وجل يعلم ما أعلن وأخفى ويعلم ما في باطن الأرض وما في السمارء العلى لا أن ننسب له أمور تدل على أنه عاجز فما هذه الهرطقة التي ما أنزل الله بها من سلطان
ولنتابع معك باقي التحريف
التناقض الثاني :
في الاصحاح الأول من انجيل متى ورد ( ويعقوب ولد يوسف رجل مريم )
هنا بحكم العقل والمنطق يذهب بنا الشرح لما ورد إلى اعتبار أن مريم هي زوجة يوسف التي ولد منها المسيح أي في فترة الخطوبة هنا ولد المسيح وأنتم تنسبون والعياذ لله إلى الطاهرة المطهرة كلام لا يليق به ولا بها اتقي الله وتأكيدا لكلامي ورد في االانجيل يوحنا الاصحاح السادس ( أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفين بأبيه وأمه ) فهل هذا الكلام أن المسيح ابن يوسف وقد ولد في فترة خطوبته من مريم
هذا من جهة ومعنى ذلك أن يوسف ابن يعقوب هو والد المسيح ولنرى مناقض ذلك في الاصحاح السادس 3/
( أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان أليس أخوانه هاهنا عندنا )فكيف غدا يعقوب والد يوسف أي جد المسيح حسب نصوصكم أخ للمسيح ما هذا التخبط بالنسب وهل يليق برجل أن نتحدث عنه وهو المسيح وما هذه الغرابة والتخبط في سبك المعاني وما تذهبون اليه أن المسيح ابن يوسف والعياذ بالله
التناقض الثالث :
أعود للأصحاح الأول وما ورد فيه ( ويعقوب ولد يوسف ) أي أن يوسف هو ابن يعقوب ولكن في الأصحاح ذاته أي الاصحاح الأول من أنجيل متى ورد ما يلي ( وإذ ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ....)
انظر معي إلى هذا التناقض الذي يدركه الطفل الصغير وهو تارة يوسف ابن يعقوب وتارة ابن داود ويوسف في كلا الاسمين هو الذي كان خاطبا لمريم ما هذا التناقض هل الله متناقض لكلامه خاف الله ما هذا الهراء أم هل يوسف له أبوين والعياذ بالله فهل هذا كلام لله تارة ينسب يوسف الى يعقوب وتارة إلى داود هل الله ليس لديه العلم ابن من يكون يوسفوكيف لكم أن تعتبروا وبأي دليل أن المسيح ابن يوسف (ورد في االانجيل يوحنا الاصحاح السادس ( أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفين بأبيه وأمه )
التناقض الرابع :
يوحنا المعمدان يتهجم على الفريسين والصدوقيين بقوله في الاصحاح الثالث من انجيل متى ( يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا ......) بالله عليك وبفرض أن الأنجيل من عند الله هل هذا كلام الله يا أولاد الأفاعي وما الفرق بينه وبين كلام أهل الشوارع والرذيلة الفرق أن ما ورد من الأناجيل منسوب لله تعالى وهو كلاك بشر وما يقوله أهل الشوارع ذات الكلام لأنه كذلك كلام بشر
ملاحظة هامة جدا جدا جدا :
ورد في الاصحاح الثالث من انجيل متى مايلي ( أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي أنا لست أهلا أن أحمل حذائه ) من هو الذي سوف يأتي بعده هل المسيح بالطبع لا لأن المسيح معه حسب نصوص الانجيل فمن هو إذا أليس هو محمد صلى الله عليه وسلم وإذا لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم قل لي وأنت أعلم بما في الانجيل مني من هو ذاك الشخص الذي سوف يأتي بعده ليعمدهم ومن المعروف تاريخيا أن الشخص الذي أتى بعده هو محمد لا غيره .
التناقض الخامس :
ورد في انجيل متى الاصحاح الخامس (بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا )
هكذا وبدون سبب وأين ردع الظلم عن الناس وما هذا الدين الذي يدعو أتنباعه لأن يكونوا أذلاء لا عزيزي النفس وهل يعقل أن يكون المسيح عليه السلام يدعو الناس إلى مثل ذلك وهو يقول في مواضع كثيرة ويوبخ تلامذته
فكيف يأمر الناس بالبر وينسى نفسه هو يقول لاتباعه أن يكونوا على قدر من الخنوع لمن لطمه على خده الأيمن وبالمقابل يقول لاتباعه يا أولاد الأفاعي طبعا المسيح عليه السلام هو براء من هذا الكلام وهو أسمى من أن ننعي هذا الكلام له أو ننسبه له أو يكون هو له علاقة بثل هذا الكلام
التناقض السادس :
ورد في انجيل متى الاصاح السادس ( أنتم يا قليلي الايمان فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو نشرب أو ماذا نلبس )انظر ما يقوله المسيح لتلامذته( أنتم يا قليلي الايمان ) بالله عليك إذا كان من عاشروا المسيح قليلي الايمان ومن هم مع المسيح وينشرون تعاليمه حسب نصوصكم فما هؤلاء الاتباع وهل يعقل أن يؤيد الله تعالى أتباع نبي برجال قليلي الايمان إذا نظرتم من منظور أن المسيح جاء يبشر الناس بما عند الله وإذا كان المسيح هو الله حسب نصوصكم فهل يعقل أن يكون أتباع الاله المزعوم هم قليلي الايمان فمن عاشر المسيح من تلامذته قليلي الايمان فما هو مستوى إيمان من هم لم يروا المسيح ولم يعاشروه وانتم من تقولون انا نصارى
ولكن الله تعالى عندما يرسل رسولا من عنده ليهدي البشرية للحق إنما يؤيده بأناس يقول الله تعالى عنهم (((( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة والانجيل ....)))
فا بالله عليك أيهما أفضل صياغة هل كلام قليلي الايمان أم كلام القرآن وأيهما أفضل يكون هو كلام الله أليس هو القرآن الكريم .
طبعا هذا قليل مما أذكره
مع العلم هناك الكثير من المتناقضات بل هو ليس كتاب مقدس ولا يمكن أن يسمى عهدا جديدا إلا من منطلق أنه عهد جديد من التحريف والذي أثبتنا بعضا منه وأخطره ولنا توسع في ذلك إن شاء الله تعالى
لمتابعة النقاش حول هذا الموضوع
طه مراد
[email protected]
الشبهة الرابعة :
سلامة الكتاب من التحريف
وحتى لايكون حديثنا وكلامنا مكرر ولا طائل منه فقد تحدثنا بما فيه الكفاية في هذا المجال
الشبهة الخامسة :
الردّ على دعوى التحريف :
ضمن قوله الكاتب قوله تعالى
وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
وان هذه الآية لا تدل على التحريف بل تدل على كتمان الحق وهو أن اليهود والنصارى يكتمون ما كان عندهم من النصوص التي تثبت صحة نبوة الرسول ولا حظ معي أخي الحبيب أن وجود بعض ما يدل على صحة نبوءة الرسول في زمن الرسول وعدم وجودها الآن لهو أكبردليل على أن الكتاب المقس لعبت به أيدي التحريف في العصر الحيث
وغاب عنه أن الكتمان للحق مدخل كبير للتحريف
ورد في تفسير هذه الآية في تفسير بن كثير :
{ وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) }
يقول تعالى ناهيًا لليهود عما كانوا يتعمدونه، من تلبيس (1) الحق بالباطل، وتمويهه به (2) وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل: { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (3) فنهاهم عن الشيئين معًا، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به؛ ولهذا قال الضحاك، عن ابن عباس { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب.
وقال أبو العالية: { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } يقول: ولا تخلطوا الحق بالباطل، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ويروى (4) عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس، نحوه.
وقال قتادة: { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } [قال] (5) ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام؛ إن دين الله الإسلام، واليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله.
وروي عن الحسن البصري نحو ذلك.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم. وروي عن أبي العالية نحو ذلك.
وقال مجاهد، والسدي، وقتادة، والربيع بن أنس: { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.
[قلت: { وَتَكْتُمُوا } يحتمل أن يكون مجزومًا، ويجوز أن يكون منصوبًا، أي: لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال: لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قال الزمخشري: وفي مصحف ابن مسعود: "وتكتمون الحق" أي: في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون حال أيضًا، ومعناه: وأنتم تعلمون الحق، ويجوز أن يكون المعنى: وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إلى أن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروّجوه عليهم، والبيان الإيضاح وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل] (6) .
{ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } قال مقاتل: قوله تعالى لأهل الكتاب: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } أمرهم أن يصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم { وَآتُوا الزَّكَاةَ } أمرهم أن يؤتوا الزكاة، أي: يدفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأكبر ما يدل على التحريف قوله تعالى :
: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون
البقرة الآية 75
ونأتي الآن على شرح هذه الآية من أمهات كتب التفاسير :
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
{ أَفَتَطْمَعُونَ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين { أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } أن يصدقوكم ، أو يؤمنوا لأجل دعوتكم . يعني اليهود . { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ } طائفة من أسلافهم { يَسْمَعُونَ كلام الله } يعني التوراة . { ثُمَّ يُحَرّفُونَهُ } كنعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وآية الرجم . أو تأويله فيفسرونه بما يشتهون . وقيل هؤلاء من السبعين المختارين سمعوا كلام الله تعالى حين كلم موسى عليه السلام بالطور ، ثم قالوا سمعنا الله تعالى يقول في آخره : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا . { مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } أي فهموه بعقولهم ولم يبق لهم فيه ريبة . { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم مفترون مبطلون ، ومعنى الآية : أن أحبار هؤلاء ومقدميهم كانوا على هذه الحالة ، فما ظنك بسفلتهم وجهالهم ، وأنهم إن كفروا وحرفوا فلهم سابقة في ذلك .تفسير البضاوي
ونأتي الى تفسير آخر وهو تفسير اللباب لابن عادل
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
قال القرطبي : هذا استفهما فيه معنى الإنكار ، كأنه أَيْأَسَهُمْ من إيمان هذه الفرقة من اليهود .
ويقال : طَمِع فيه طَمَعاً وطَماعيةً مخفف فهو طَمِعٌ على وزن « فَعِل » وأطمعه فيه غيره .
ويقال في التعجب : طَمُعَ الرُّجل بضم الميم أي : صار كثير الطّمع .
والطمع : رزق الجُنْد ، يقال : أمر لهم الأمير بأَطْمَاعهم ، أي : بأرزاقهم .
وامرأة مِطْمَاع : تُطْمِعُ وَلاّ تُمَكِّن .
فصل في قبائح اليهود
لما ذكر قَبَائح أفعال أَسْلاف اليهود شرع قَبَائح أفعال اليَهود الذين كانوا في زمن محمد عليه الصلاة والسلام .
قال القَفّال رحمه الله : إن فيما ذكره الله تعالى في [ سورة البقرة ] من أقاصيص بني إسرائيل وجوهاً من المقاصد .
أحدها : الدلالة بها على صحّة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عنها غير تعلّم ، وذلك لا يكون إلا بالوَحْي ، ويشترك في الانتفاع بهذه الدلالة أهل الكتاب والعرب .
أما أهل الكتاب فكانوا يعلمونها ، فلما سمعوها من محمد عليه الصَّلاة والسَّلام من غير تفاوت ، علموا لا محالة أنه ما أخذها إلا من الوَحْي .
وأما العرب فلما [ شاهدوا ] من أن أهل الكتاب يصدقون محمداً في هذه الأخبار ، فلم يكونوا يسمعون هذه الأخبار إلاّ من علماء أهل الكتاب ، فيكون ميلهم إلى الطّاعة أقرب .
وثانيها : تعديد النِّعَم على بني إسرائيل ، وما مَنَّ الله به على أَسْلاَفهم من أنواع النعم ، كالإنْجَاءِ من آل فرعون بعد اسْتِبْعَادهم ، وتَصْيِيْرِ أبنائهم أنبياء وملوكاً ، وتمكينهم في الأرض ، وفَرْق البحر لهم ، وأهلاك عَدُوّهم ، وإنزال التوراة والصَّفْح عن الذنوب التي ارتكبوها من عبادة العَجْل ، ونَقْض المَوَاثيق ، ومسألة النَّظّر إلى الله جَهَرةً ، ثم ما أخرجه لهم في التِّيْهِ من الماء من الحَجَر ، وإنزال المَنّ والسَّلْوَى وتَظْلِيل الغَمَام من حَرّ الشمس ، فذكّرهم بهذه النعم كلها .
وثالثها : إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقديم كُفْرهم وخلافهم ، وتعنّتهم على الأنبياء ، وعِنَادهم ، وبلوغهم في ذلك ما لم يبلغه أحد من الأمم قبلهم ، وذلك لأنهم بعد مُشَاهدتهم الآيات الباهرة عَبَدوا العِجْل بعد مفارقة موسى بمدّة يسيرة ، ولما أمروا بدخول الباب سُجّداً وأن يقولوا حطّة ، ووعدهم أن يغفر لهم خَطَاياهم ، ويزيد في ثواب محسنهم ، فبدلوا القول وفَسَقوا ، وسألوا الفُومَ البَصَلَ بَدَلَ المَنّ والسَّلوى ، وامتنعوا من قَبُول التوراة بعد إيمانهم بموسى عليه الصّلاة والسلام وأخذ منهم المَوَاثيق أن يؤمنوا به حين رفع فوقهم الجَبَل ، ثم استحلّوا الصيد في السّبت واعتدوا ، ثم أمروا بذبح البقرة ، فشافهوا موسى عليه الصلاة والسلام بقولهم : « أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً » .
ثم لما شاهدوا إحْيَاء الموتى ازدادوا قَسْوى ، فكأن الله تعالى يقول : إذا كانت هذه أفعالهم مع نبيهم الذي أعزّهم الله به ، فغير بديع ما يعامل به أخلافهم محمداً عليه الصلاة والسلام ، فَلْيَهُنْ عليكم أيها النبي والمؤمنون ما ترونه من عنادهم ، وإعراضهم عن الحق .
ورابعها : تحذير أَهْل الكِتَاب الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من نزول العذاب علهيم كما نزل بأسلافهم في تلك الوقائع المعدودة .
وخامسها : الاحتجاج على من أنكر الإعادة من مشركي العرب مع إقراره بالابتداء كما في قوله : { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } [ البقرة : 73 ] .
فصل في تسلية النبيّ صلى الله عليه وسلم
اعلم أن المراد تسلية رسوله عليه الصلاة والسلام فيما يظهر من أَهْل الكتاب في زمانه من قلّة القبول فقال : « أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ » .
قال الحسن : هو خطاب مع الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين .
قال القاضي : وهذا الأليق بالظاهر ، وإن كان الأصل في الدّعاء ، فقد كان من الصحابة من يدعوهم إلى الإيمان ، ويظهر لهم الدلائل . قال ابن عَبَّاس : إنه خطاب مع النبي عليه الصلاة والسلام خاصّة؛ لأنه هو الدّاعي ، وهو المقصود بالاستجابة . واللفظة وإن كانت للعموم لكن حملناها على هذا الخصوص لهذن [ القرينة ] .
روي أنه حين دخل « المدينة » ودعا اليهود إلى كتاب الله ، وكذبوه ، فأنزل الله تعالى وسبب هذه الاستعباد ما ذكرناه أي : أتطمعون أن يؤمنوا مع أنهم ما آمنوا بموسى عليه الصَّلاة والسَّلام الذي كان هو السبب في خَلاَصهم من الذّل ، وفضلهم على الكل بظهور المُعْجزات المتوالية على يَدِهِ ، مع ظهور أنواع العذاب على المتمردين ، فأي استبعاد في عدم إيمان هؤلاء .
فصل في إعراب الآية
قوله : « أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ » ناصب ومنصوب ، وعلامة النصب حذف النون والأصل في « أن » وموضعها نصب أو جر على ما عرف ، وعدي « يؤمنوا » باللاّم لتضمّنه معنى أن يحدثوا الإيمان لأجل دعوتكم قاله الزمخشري .
فإن قيل : ما معنى الإضافة في قوله : « يُؤْمِنُواْ لَكُمْ » والإيمان إنما هو لله؟
فالجواب : أن الإيمان وإن كان الله فهم الدّاعون إليه كما قال تعالى : { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } [ العنكبوت : 26 ] لما آمن بنبوّته وتصديقه ، ويجوز أن يراد أن يؤمنوا لأجلكم ، ولأجل تشدّدكم في دعائهم . قوله : « وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ » « الواو » : للحال .
قال بعضهم : وعلامتها أن يصلح موضها « إذ » ، والتقدير : أفتطمعون في إيمانهم ، والحال أنهم كاذبون محرفون لكلام الله تعالى .
و « قد » مقربة للماضي من الحال سوّغت وقوعه حالاً .
و « يَسْمَعُون » خبر « كان » .
و « منهم » في محلّ رفع صفة ل « فريق » ، أي : فريق كائن منهم .
قال سيبويه : واعلم أن ناساً من ربيعة يقولون : « مِنْهِم » بكسر الهاء إتباعاً لكسرة الميم .
لم يكن المسكن حاجزاً حصيناً عندهم .
و « الفريق » اسم جمع لا واحد له من لفظه ك « رَهْط وَقَوْم » ، وجمعه في أدنى العدد « أَفْرقه » ، وفي الكثير « أفْرِقَاء » .
و « يَسْمَعُون » نعت ل « فريق » ، وفيه بعد ، و « كان » وما في حَيّزها في محلّ نصب على ما تقدم .
وقرىء : « كَلِمَ اللهِ » وهو اسم جنس واحدة كلمة ، وفرّق النحاة بين الكلام والكلم ، بأن الكلام شرطه الإفادة ، والكلم شرطه التركيب من ثلاث فصاعداً؛ لأنه جمع في المعنى ، وأقلّ الجمع ثلاثة ، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه ، وهل « الكلام » مصدر أو اسم مصدر؟ خلاف .
والمادة تدل على التأثير ، ومنه الكَلْم وهو الجُرْح ، والكَلاَم يؤثر في المخاطب .
قال الشاعر : [ المتقارب ]
598 . . . . . . . . . . . . . . . . ... وَجُرْحُ اللِّسَانِ كَجُرْحِ الْيَدِ
ويطلق الكلام لغة على الخَطِّ والإشارة؛ كقوله : [ الطويل ]
599 إِذَا كَلَّمَتْنِي بِالعُيُونِ الفَوَاتِرِ ... رَدَدْتُ عَلَيْهَا بِالدُّمُوعِ الْبَوادِرِ
وعلى النفساني؛ قال الأخطل : [ الكامل ]
600 إِنَّ الْكَلاَمَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنِّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلاً
وقيل : لم يوجد هذا البيت في ديون الأخطل .
وأما عند النحويين [ فيطلق ] على اللّفظ المركب المفيد بالوضع .
و « ثم » للتراخي إما في الزمان أو الرتبة .
و « التحريف » : الإمالة والتحويل ، وأصله من الانحراف عن الشيء ، ويقال : قلم محرّف إذا كان مائلاً .
قوله : « منْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ » متعلق ب « يحرفونه » ، و « ما » يجوز أن تكن موصولة اسمية ، أي : ثم يحرفون الكلام من بعد المعنى الذي فهموه وعرفوه ، ويجوز أن تكون مصدرية .
والضمير في « عقلوه » يعود حينئذ على الكلام أي : من بعد تعقلهم إياه .
قوله : « وَهُمْ يَعْلَمُونَ » جملة حالية ، وفي العامل قولان :
أحدهما : « عقلوه » ، ولكن يلزم منه أن تكون حالاً مؤكدة؛ لأن معناها قد فهم من قوله : « عقلوه » .
والثاني وهو الظاهر : أنه « يحرفونه » ، أي : يحرفونه حال علمهم بذلك .
فصل في تعيين الفريق
قال بعضهم : الفريق مَنْ كان في زمن موسى عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنه وصفهم بأنهم سمعوا كلام الله ، والذين سمعوا كلام الله هم أهل المِيْقَاتِ .
قال ابن عباس : هذه الآية نزلت في السَبعين المختارين الذين ذهبوا مع موسى عليه الصلاة والسلام إلى المِيْقَات ، سمعوا كلام الله ، وأمره ونهيه ، فلما رجعوا إلى قومهم رجع الناس إلى قولهم ، وأما الصادقون منهم فأدّوا كما سمعوا .
قالت طائفة منهم : سمعنا الله في آخر كلامه يقول : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم ألاَّ تفعلوا فلا بأس .
قال القرطبي : ومن قال : إنّ السبعين سمعوا كما سمع موسى عليه الصلاة والسلام فقد أخطأ ، وأذهب بفضيلة موسى ، واختصاصه بالتكليم .
وقال السُّدِّي وغيرهك لم يطيقوا سماعه ، واختلطت أذهانهم ، ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعيده لهم ، فلمَّا فرغوا وخرجوا بدلت طائفة منهم ما سمعت من كلام الله على لسان موسى عليه الصلاة والسَّلام ، كما قال تعالى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } [ التوبة : 6 ] .
ومنهم من قال : المراد بالفريق مَنْ كان في زمن محمد صلى الله عليه وسلم كما غيّروا آية الرجم ، وصفة محمد صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون أنهم كاذبون ، وهو قول مجاهد وقتادة وعكرمة ووهب والسدي وهذا أقرب؛ لأن الضمير في قوله : « وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ » راجع إلى ما تقدم من قوله : « أَفتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » والذي تعلّق الطبع بإيمانهم هم الذين كانوا في زمن محمد عليه الصلاة والسلام .
وقولهم : الذين سمعوا كلام الله هم الذين حضروا المِيْقَات ممنوع؛ لأن من سمع التوراة والقرآن يجوز أن يقال : إنه سمع كلام الله .
فإن قيل : كيف يلزم من إقدام البعض على التَّحْريف حصول اليأس من إيمان الباقين ، فإن عناد البعض لا ينافي إقرار الباقين؟
أجاب القَفّال فقال : يحتمل أن يكون المعنى يؤمن هؤلاء ، وهم إنما يأخذون دينهم ، ويتعلمونه من علمائهم وهم قوم يتعمدون التحريف عناداً ، فأولئك إنما يعلمونهم ما حرفوه وعرفوه .
فصل في كلام القدرية والجبرية
قوله : « أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » استفهام على سبيل الإنكار ، فكان ذلك جَزماً بأنهم لا يؤمنون ألبتة ، وإيمانُ من أخبر الله تعالى عنهم بأنه لا يؤمن ممتنع ، فحينئذ تعود الوجوه المذكورة للقدرية والجبرية .
قال القاضي : قوله : « أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لكمْ » يدل على أن إيمانهم من قلبهم؛ لأنه لو كان بخلق الله تعالى فيهم لكان لا يتغّير حال الطمع فيهم بصفة الفريق الذي تقدّم ذكرهم ، ولما صحّ كون ذلك تسليةً للرسول وللمؤمنين؛ لأن الإيمان موقوف على خلقه تعالى ذلك ، وزواله موقف على ألا يخلقه فيهم .
وأيضاً إعظامه تعالى لكذبهم في التحريف من حيث فعلوه ، وهم يعلمون صحته .
وإضافته تعالى التحريف إليهم على وجه الذم يدلّ على ذلك ، واعلم أن الكلام عليه قد تقدم جوابه مراراً .
فصل في ذم العالم المعاند
قال أبو بكر الرازي : الآية تدلّ على أن العالم المعاند أبعد من الرّشد ، وأقرب إلى اليأس من الجاهل؛ لأن تعمّده التحريف مع العلم بما فيه من العذاب يكون أشد قسوة ، وأعظم جناية .
فصل في بيان أنهم إنما فعلوا ذلك لأغراض
فإن قيل : إنما فعلوا ذلك لضرب من الأغراض كما قال تعالى :
واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [ آل عمران : 187 ] وقال : { يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } [ البقرة : 146 ] .
قال ابن الخطيب : ويجب أن يكونوا قليلين؛ لأن الجَمْع العظيم لا يجوز عليم كِتْمَان ما يعتقدون؛ لأنا إنْ جوزنا ذلك لم نعلم المحق من المبطل ، إن كثر العدد .
فإن قيل : قوله : « عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ » تكْرار .
أجاب القَفّال رضى الله عنه بوجهين :
أحدهما : « مَنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوا مراد الله تعالى منه » ، فأوّلوه تأويلاً فاسداً يعلمون أنه غير مراد الله تعالى .
والثاني : أنهم عقلوا مراد الله تَعَالى ، وعلموا أن التأويل الفاسد يكسبهم العذاب والعقوبة من الله تعالى .
واعلم أن المقصود من ذلك تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام وتصبيره على عنادهم فكلما كان عنادهم أعظم كان ذلك في التسلية أقوى .
وربما يسئل أحدهم ماو السبب في الاعتماد على كتب التفاسير وأقول وبالله المستعان :
إن أروع كتب قرأتها بعد القرآن وبعد كتب الأحاديث من الصحاح والسنن لم أرى أروع ولا أقيم من كتب التفاسير وخاصة تفسير ابن كثير رحمه الله فيحق لي أن أقول لقد قرآت مئات الكتب من مجلدات وغيرها وعندما تثار شبهة ما في الاسلام أو القرآن الكريم من بعض المشككين لأجد ضالتي وما يرد عليهم إلا في كتب التفاسير ومن ذاك اليوم وأنا لا اعتمد إلا على هذه الكتب الرائعة وأروع ما عجبني في تفسير بن كثير رحمه الله جملة قالها في المقدمة لازلت أعتبرها مثلا لي بل الحكمة الأروع التي أومن بها وهي قوله (إن أفضل ما فسر القرآن بالقرآن )
الشبهة السادسة :
الكتاب المقدس لم ينسخ :
يقول الكاتب :
نستخلص مما سبق أن القرآن يشهد أنه لم ينسخ الكتاب المقدس. وأن الكتاب لا يزال حافظاً لقداسة وحيه، وأن الآيات الناسخة والمنسوخة في القرآن لا علاقة لها به، وأن القرآن جاء مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه حاثاً على قبوله وتصديقه والإيمان بتعاليم الله فيه، مما يبطل دعوى النسخ.
أي هو يريد أن يوصلنا إلى أن في الاسلام شئ هو اسمه الناسخ والمنسوخ ومعنى ذلك أن هناك آية جاءت ونسخة سابقتها فلا يعمل بالأقدم وبما أن هناك شئ بالاسلام فإن القرآن لم يدل على أن الانجيل نسخه أي جاء ليوقف أحكامه ويعمل بالقرأن:
ونحن نرد على مثل هكذا شبهة إن الانجيل المتداول بين يديكم ثبت تحريفه بما لا يدعونا للشك وقد تحدثنا عن هذا الأمر في موضع سابق طيب إذا كنت تتدعي عملية النسخ على أساس العهد الجديد فهذا ليس كلام لأن القرآن أقر بتحريفه وبما أن القرآن أقر بتحريفه طبيعي أن لا نتحدث عن شئ اسمه منسوخ وناسخ ما بين القرآن والانجيل فتحريف الانجيل نسخ مقولة نسخ القرآن للأنجيل والله أعلم .
الشبهة السابعة :
الكتاب المقدس يجب مطالعته والعمل بما فيه:
طبعا هنا هذه وجهة نظرك ولكن نحن غير معنين بذك لماذا
إن جميع النقاشات التي أثيرت ما بين الانجيل والقرآن منذ زمن بعيد تم الرد عليها عبر تفاسيرالقرآن الكريم لذلك أنا وأي مسلم غير معنى بمطالعة الانجيل أما العمل به فلا نتحدث عنه لاحقا
ولكن مطالعة الانجيل فلو أننا تحدثنا عن صلب المسيح فعوضا منأن أتناول هذه القضية من جانب النصارى وفي كتبهم حسبنا ما عندنا من عشرا الآلاف للتفاسير والعلوم التي ترد عليهم فهنا أختصر الوقت وأنا اذا قرأت الانجيل لا أثاب على قراتي له ولكن عندما أقرأ التفاسير من منطلق الالمام بعلومنا الشرعية أثاب من عند الله وأعود إن دعوتك لان أطالع الانجيل هي محط سخرية لسبب واحد أنه أنت ومن أعلى منك مرتبة عند النصارى ليس لهم على المسلمين سلطان حتى يطلبون منهم هكذا أمور
وأما من الواجب على المسلمين حسب طلبك العمل بالانجيل فأنا ومن سوف يقرأ كتابي هذا سوف يستغرب لسبب واحد أنك تطالبنا بحمل نقضضين في آن واحد فكيف لي أن أعمل بالانجيل وهو يأمرني أن أؤمن بصلب المسيح وبالتثليث والى ما هناك وفي ديننا ما هو مناقض لذلك فهل أنا وغيري ممن فقدوا عقولهم حتى يحملوا نقيضين في آن واحد وأضرب لك مثالا هنا
رجل يحاب مع أحد الجيوش العربية اسرائيل فهل يعقل أن نطالبه بأن يحارب على الجبهتين أي تارة يحارب اليهود وتارة يحارب العرب
إن مثل هكذا كلام مدعاة لأن لا يؤخذ به أبدا لا من قريب ولا من بعيد .
الثامنة الثامنة :
سر التثليث:
تذهب النصرانية العلمية إلى المقارنة ما بين التثليث وما بين أسماء الله التسع والتسعين وهم يقلون أن النصارى يؤمنون بالتثليث من منطلق معنوي لا ملموس أي كما نحن المسلون نقول أن الله عادل ورحيم وغفور هم يقولون وحسب زعمهم أن الله والابن والروح القدس أسماء وليست حقائق وذهب أحد الباحثين في النصرانية وهو امريكي في كتابه لاهوت يسوع المسيح الى شرح هذه الناحية من منطلق دلل على غباء على غباء فقال :
الرجل الواحد يعمل طيان ونجار وبلاط والى ما هنالك وهو واحد وكذلك الله هو الابن والاب والروح القدس وكان ردي أن أرسلت رسالة الى كنسية يسوع الناصري في دمشق أرد عليهم ومنجلة ما رددت على مثل هذا الكلام :
قلت أن يكون الرجل طيان ونجاروبلاط ه فيآن واحد فهذا حق ولكن أن يكونأبو علي هو علي أم علي وأبو علي في آن واحد فهذا محال
وأكتفي بالرد على مثل هذه السخافات .
االشبهة التاسعة :
التثلث الذي حاربه الاسلام :
طبعا لقد عمد بعض من مفكري النصارى إلى إجراء بعض عمليات التجميل على بعض الأفكار والنصوص من أجل إظهارها أي هذه العقائد بمظهر جميل ومقبول للناس ولكن عملية التجميل أصابنا مثل المثل الشعبي السائد جاء ليكحل العين فأعماها وهم مهما عمدوا إلى عمليات التجميل فهي ممكن أن تكون مقنعة للنصارى أنفسهم أما للغير فلاأظن وأورد هنا ما يسوقه هذا الكاتب من شبهة الأقانيم :
(تعتقد المسيحية أن الله واحد الذات، مثلث الأقانيم.)
وهنا كما قلت إنماهي عبارة عن عملية تجميل أو إقناع ولكن بشكل سفسطائي طبعا السفسطائية هي مذهب يوناني قائم على هدم أقاويل الآخرين ولو كانت على حق وكذلك اقناع الآخرين ولو بالكذب وإن قضية الأقانيم هي إقناع لا علاقة له بالشئ الذي يعتقد به لأنه كما قلت لا ترقى الى برهنة قضية التثليث بشكل يمكن أن تكون منطقية وعلى كل حال هي ليست منطقية ولا يقبلها أي شخص فو أنك جئت بولد صغيرلم يتجاوز الأربع سنوات وقلت له إن لله ولد لصار مستغربا في أمره
وأما قول الكاتب في هذه الشبهة أن ما يعتقده النصارى بشأن التثليث لم يحاربه الاسلام فهذا عار عن الصحة لنرى ما هي أقوال الكاتب في هذا المجال
أورد آيات حق ولكن يريد من خلالهاأن يستغفل الناس ويلبس عليهم معتقدهم ودينهم
قال في سورة النساء 4: 171 : يا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)
طبعا هنا ثلاثة تحمل اللفظ والمعنى يعني سواء اعتقدت أن لله ثلاثة أقانيم بشكل معنوي لا ملموس أو اعتقدت بشكل آخر فهذا ضرب من ضروب الشرك بالله ولا أظن أن نصرانيا مثل هذا الكاتب قادر على أن يعلم المسلمين في دينهم ما هي الاشراك وما هو ليس بالاشراك مع العلم إن قضية الاشراك حساسة في ديننا حتى الشخص الذي يذهب ويتبرك بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم هو مشرك فما بالك بمن يدعي سواء معنويا أي مثل ما قارن في الاسلام بالاسماء أو عمليا بأن الله ثلاثة
وفي سياق الآية صراحت بكفرمن يعتقد أن المسيح هو الله وبالله عليكم من هو الذي يعتقد بأن المسيح هو الله سوى النصارى وإياك ثم إياك أن تقول لا فما معنى كلامك العهد الجديد لمخلصنا وربنا يسوع وان الاعتقاد بأن المسيح هو الله إنما هو من صلب بل أساس عقيدة التثليث .
الشبهة العاشرة :
البنوّة التي حاربها الإسلام تناسلية:
يقول هذا الكاتب :
إن القرآن في تعصّبه للوحدانية، ومحاربته لتعليم التثليث، لم يحارب ثالوث المسيحية, وهذه الحرب لم تضر المسيحية بشيء، بل هي على العكس من ذلك. قد أفادت المسيحية ووقفت في صفها إزاء تعليمها عن الثالوث الأقدس، لأنها على الأقل قد أثبتت أن هذا التعليم قديم يرتقي عهده إلى ما قبل ظهور الإسلام.
هنا يناقض كلامه بعضه بعضا وهو في موضع سابق يقول أن الاسلام لم يحارب التثليث وهنا يدعي أن القرآن تعصب في الوحدانية وحارب التثليث وهنا وبما أنه هناك تناقضفي كلامه فلا أظن أننا الواجب علينا أن نضيع الوقت على أمور ما أنزل الله بها من سلطان
الشبهة الحادية عشر :
شهادة علماء الإسلام لصحة تثليث المسيحية:
وهنا يورد بعضا مما قاله الامام الغزالي رحمه الله في كتاب أصول الدين
وأنا لم أرى كتابا بهذا الاسم للامام الغزالي ولكن لا أنفيه الكتاب ليس بين يدي وعدم وجوده بين يدي ليس معناه أنه غير موجدود
ولكن الامام الغزالي وبفرض ما جاء بصحة ما ينسب إليه يجب أن نميز ما بين فترتين من حياته فترة التقول بالفلاسفة وفترة عودته للحق وقيل إن الغزالي مات وعلى صدره صحيح بخاري ولا نعرف في أي زمن كان هذا الكلام هل من منطلق فلسفي اذا لا يعتد به لان الغزالي تبرأ منه وأما من منطلق عندما اعتدل فأنا قلت ليس لدي هذا الكتاب لأرد عليه
الشبهة الثانية عشر :
تنزيه التوحيد المسيحي عن الشرك:
أورد الكاتب في هذا الخصوص :
في القرآن آيات كثيرة تدل على أن الإسلام نظر إلى المسيحية نظرة خالية من الاعتقاد فيها بتعليم الإشراك.
وهذا عار عن الصحة لأن الله قال ( ولقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم )
والكفر والشرك شيأ واحد ولا فرق بين الكافر والمشرك ذاك أنكر وكفر بالله وذاك كفر بالله عن طريق الشرك عندما أشرك بالله وأشرك معه آلها آخر .
وأما شبهته أن الاسلام حرم الزواج من المشركات وأباح الزواج من الكتابيات وهذا دليل على أنهم أي الكتابيات ليسوا مشركين فهنا نوع التجني على الحق لأن هناك خلاف في هذه القضية ولكن لنرى كيف تفسر هذه الآية الواردة في القرآن وهنا لابن كثير رحمه الله في تفسيره :
يقول الله تعالى
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)
قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد: واسمه سلمة بن الهيثم بن صهيب -من أصحاب ابن مسعود-عن حذيفة قال: كنا إذا حضرنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] (1) على طعام، لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (2) فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاما فجاءت جارية، كأنما تُدفع، فذهبت تضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، وجاء أعرابي كأنما يُدفع، فذهب يضع يده في الطعام، فأخذ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (3) بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يَسْتَحِلُّ الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل (4) بها، فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده، إن يده في يدي مع يدهما (5) يعني الشيطان. وكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي، من حديث الأعمش به. (6)
حديث آخر: روى مسلم وأهل السنن إلا الترمذي (7) من طريق ابن جُرَيْج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله (8) عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مَبِيت لكم ولا عَشَاء، وإذا دخل فلم (9) يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم (10) المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه قال: أدركتم (11) المبيت والعشاء". لفظ أبي داود.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وَحْشِيّ بن حَرْب بن وَحْشِي بن حَرْب، عن أبيه، عن جده؛ أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نأكل وما نشبع؟ قال: "فلعلكم (12) تأكلون متفرقين، اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله، يبارك لكم فيه ".
ورواه أبو داود، وابن ماجه، من طريق الوليد بن مسلم. (13)
{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) }
لما ذكر تعالى ما حرمه على عباده المؤمنين من الخبائث، وما أحله لهم من الطيبات، قال بعده: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ }
ثم ذكر حكم ذبائح أهل الكتابين من اليهود والنصارى، فقال: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَبَ حِلٌّ لَكُمْ } قال ابن عباس، وأبو أمامة، ومجاهد، وسعيد بن جُبَيْر، وعِكْرِمة، وعَطاء، والحسن، ومَكْحول، وإبراهيم النَّخَعِي، والسُّدِّي، ومُقاتل بن حيَّان: يعني ذبائحهم.
وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء: أن ذبائحهم حلال للمسلمين؛ لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله، وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزه عن قولهم، تعالى وتقدس. وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مُغَفَّل قال: دُلِّي بجراب من شحم يوم خيبر. [قال] (1) فاحتضنته (2) وقلت: لا أعطي اليوم من هذا أحدًا، والتفتُّ فإذا النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم. (3)
فاستدل به الفقهاء على أنه يجوز تناولُ ما يحتاج إليه من الأطعمة ونحوها من الغنيمة قبل القسمة، وهذا ظاهر. واستدل به الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة على أصحاب مالك في منعهم أكل (4) ما يعتقد اليهود تحريمه (5) من ذبائحهم، كالشحوم ونحوها مما حرم عليهم. فالمالكية لا يجوزون للمسلمين أكله؛ لقوله تعالى: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } قالوا: وهذا ليس من طعامهم. واستدل عليهم (6) الجمهور بهذا الحديث، وفي ذلك نظر؛ لأنه قضية عين، ويحتمل أنه كان شحما يعتقدون حله، كشحم الظهر والحوايا ونحوهما، والله أعلم.
وأجود منه في الدلالة ما ثبت في الصحيح: أن أهل خيبر أهدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مَصْليَّة، وقد سَمّوا ذراعها، وكان يعجبه الذراع، فتناوله فنَهَشَ منه نَهْشةً، فأخبره الذراع أنه مسموم، فلَفَظَه وأثر ذلك السم في ثنايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبْهَرِه، وأكل معه منها بشر بن البراء بن مَعْرور؛ فمات، فقتل اليهودية التي سمتها، وكان اسمها زينب، فقتلت ببشر بن البراء. (7)
ووجه الدلالة منه أنه عزم على أكلها ومن معه، ولم يسألهم هل نزعوا منها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أم لا.
وفي الحديث الآخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنَخَة، يعني: ودَكا زنخا (8)
وقال ابن أبي حاتم: قرئ على العباس بن الوليد بن مَزْيَد، أخبرنا محمد بن شعيب، أخبرني النعمان بن المنذر، عن مكحول قال: أنزل الله: { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام : 121 ] ثم نسخها الرب، عز وجل، ورحم المسلمين، فقال: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } فنسخها بذلك، وأحل طعام أهل الكتاب.
وفي هذا الذي قاله مكحول، رحمه الله، نظر، فإنه لا يلزم من إباحته طعام أهل الكتاب إباحةُ أكل ما لم يذكر اسم الله عليه؛ لأنهم يذكرون اسم الله على ذبائحهم وقرابينهم، وهم متعبدون
بذلك؛ ولهذا لم يبح ذبائح من عداهم من أهل الشرك ومن شابههم، لأنهم لم يذكروا اسم الله على ذبائحهم، بل ولا يتوقفون فيما يأكلونه من اللحم على ذكاة، بل يأكلون الميتة، بخلاف أهل الكتابين ومن شاكلهم من السامرة والصابئة، ومن تَمَسّك بدين إبراهيم وشيث وغيرهما من الأنبياء، على أحد قولي العلماء، ونصارى العرب كبني تَغْلِب وتَنُوخ وبَهْرَاء وجُذام ولَخْم وعَاملة ومن أشبههم، لا تؤكل ذبائحهم عند الجمهور.
[و] (1) قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن عُلَيَّة، عن أيوب، عن (2) محمد بن عَبِيدة قال: قال علي: لا تأكلوا ذبائح بنى تغلب؛ لأنهم (3) إنما يتمسكون من النصرانية بشرب الخمر.
وكذا قال غير واحد من الخلف والسلف.
وقال سعيد بن أبي عَرُوبَة، عن قتادة عن سعيد بن المسيب، والحسن؛ أنهما كانا لا يريان بأسا بذبيحة نصارى بني تغلب.
وأما المجوس، فإنهم وإن أخذت منهم الجزية تبعا وإلحاقا لأهل الكتاب فإنهم (4) لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم، خلافا لأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، أحد الفقهاء من أصحاب الشافعي، وأحمد بن حنبل، ولما قال ذلك واشتهر عنه أنكر عليه الفقهاء ذلك، حتى قال عنه الإمام أحمد: أبو ثور كاسمه! يعني في هذه المسألة، وكأنه تمسك بعموم حديث روي مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سُنوا بهم سنة أهل الكتاب"، (5) ولكن لم يثبت بهذا اللفظ، وإنما الذي في صحيح البخاري: عن عبد الرحمن بن عوف؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مَجوس هَجَر (6) ولو سلم صحة هذا الحديث، فعمومه مخصوص بمفهوم هذه الآية: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } فدل بمفهومه -مفهوم المخالفة-على أن طعام من عداهم من أهل الأديان (7) لا يحل (8)
وقوله: { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } أي: ويحل لكم أن تطعموهم من ذبائحكم، وليس هذا إخبارا عن الحكم عندهم، اللهم إلا أن يكون خبرا عما أمروا به من الأكل من كل طعام ذكر اسم الله عليه، سواء كان من أهل ملتهم أو غيرها. والأول أظهر في المعنى، أي: ولكم أن تطعموهم من ذبائحكم كما أكلتم من ذبائحهم. وهذا من باب المكافأة والمقابلة والمجازاة، كما ألبس النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه لعبد الله بن أبيّ بن سلول حين مات ودفنه فيه، قالوا: لأنه كان قد كسا العباس حين قدم المدينة ثوبه، فجازاه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بذلك، فأما (9) الحديث الذي فيه: "لا تَصْحَبْ إلا مُؤْمِنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي" (10) فمحمول على الندب والاستحباب، والله أعلم.
وقوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ } أي: وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من النساء المؤمنات، وذكر هذا توطئة لما بعده، وهو قوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم } فقيل: (1) أراد بالمحصنات: الحرائر دون الإماء، حكاه ابن جرير عن مجاهد. وإنما قال مجاهد: المحصنات: الحرائر، فيحتمل (2) أن يكون أراد ما حكاه عنه، ويحتمل أن يكون أراد بالحرة العفيفة، كما قاله مجاهد في الرواية الأخرى عنه. وهو (3) قول الجمهور هاهنا، وهو الأشبه؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل (4) في المثل: "حَشفَا (5) وسَوء كيلة". (6) (7) والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات: العفيفات عن الزنا، كما قال في الآية الأخرى: { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } [ النساء : 25 ] .
ثم اختلف المفسرون والعلماء في قوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } هل يعم كل كتابية عفيفة، سواء كانت حرة أو أمة؟ حكاه ابن جرير عن طائفة من السلف، ممن فسر المحصنة بالعفيفة. وقيل: المراد بأهل الكتاب هاهنا الإسرائيليات، وهو مذهب الشافعي. وقيل: المراد بذلك: الذميات دون الحربيات؛ لقوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ[وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ] } [ التوبة : 29 ] (8)
وقد كان عبد الله بن عمر لا يرى التزويج بالنصرانية، ويقول: لا أعلم شركا أعظم من أن تقول: إن ربها عيسى، وقد قال الله تعالى: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } الآية [ البقرة : 221 ].
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن حاتم بن سليمان المؤدب، حدثنا القاسم بن مالك -يعني المُزَنِيّ-حدثنا إسماعيل بن سَمِيع، عن أبي مالك الغفاري، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } قال: فحجز الناس عنهن حتى نزلت التي بعدها: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } فنكح الناس [من] (9) نساء أهل الكتاب.
وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى ولم يروا بذلك بأسا، أخذا بهذه الآية الكريمة: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } فجعلوا (10) هذه مخصصة للآية التي البقرة: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } [ الآية : 221 ] إن قيل بدخول الكتابيات في عمومها، وإلا فلا معارضة بينها وبينها (11) ؛ لأن أهل الكتاب قد يُفْصَل في ذكرهم عن المشركين في غير موضع، كما قال تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } [ البينة : 1 ] وكقوله (12) { وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا } الآية [ آل عمران : 20
، وقوله: { إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي: (1) مهورهن، أي: كما هن محصنات عفائف، فابذلوا لهن المهور (2) عن طيب نفس. وقد أفتى جابر بن عبد الله، وإبراهيم النخعي، وعامر الشعبي، والحسن البصري بأن الرجل إذا نكح امرأة فزنت قبل دخوله بها: أنه يفرق بينه وبينها، وتَرُدّ عليه ما بذل لها من المهر. رواه ابن جرير عنهم..
وقوله: { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } فكما شرط الإحصان في النساء -وهي العفة-عن الزنا كذلك شرطها في الرجال وهو أن يكون الرجل أيضا محصنا عفيفا؛ ولهذا قال: { غَيْرَ مُسَافِحِينَ } وهم: الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم، { وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } أي: ذوي العشيقات الذين (3) لا يفعلون إلا معهن، كما تقدم في سورة النساء سواء؛ ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، إلى أنه لا يصح نكاح المرأة البَغي حتى تتوب، وما دامت كذلك لا يصح تزويجها من رجل عفيف، وكذلك لا يصح عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب ويقلع عما هو فيه من الزنا؛ لهذه الآية وللحديث الآخر: "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله." (4)
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بَشّار، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (5) لقد هممت ألا أدع أحدًا أصاب فاحشة في الإسلام أن يتزوج محصنة. فقال له أبيّ بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب. (6)
وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستقصى [إن شاء الله تعالى] (7) عند قوله: { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [ النور : 3 ] ؛ ولهذا قال تعالى هاهنا: { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
انتهي تفسير بن كثير
الشبهة الثالثة عشر :
مصادقة الإسلام على صحة عقيدة الثالوث المسيحيّة:
هنا لنا وقفة مهمة بعد ما سقناه من ردوود كثيرة في هذا المجال وهي أن هذا الكاتب يجمع في الاسلام ما بين متناقضين اثنين ولا يمكن اعتبار ذلك صواب ولكن حقيقة الأمر أن الاسلام لا يحوي الشرك والتوحيد في آن واحد وقلنا في موضع آخر نحن أعلم في ديننا ما عندنا من غيرنا لذلك الاسلام لا من قريب ولا من بعيد جمع بين التثليث ومهما اختلفت شروحاته ومسمياته والدفاع عنه وبين التوحيد فالله في الاسلام ليس المسيح ولا يوجد عندنا أقانيم ولا عندنا آب ولا ابن ولا روح قد في آن واحد ومنأردا أن يبحث فليأتي ما بديننا شئ من هذا القيبيل ولكن نعطيك النتيجة محال ثم محال ثم محال أن ينوجد مثل هكذا تكهنات
الشبهة الرابعة عشر :
المسيح إله حق وإنسان حق:
هنا تخبط ما بعهد تخبط وهو يناقض نفسه البدء حيث ادعى أن النصارى لا يشركون بالله وأنهم يؤمنون بالله أنه هو الخالق وهو المعبود طيب كيف تقول بكلام في سياق كتابك أن المسيح إله حق وإنسان حق ولا تشركون بالله ولماذا خص بالألوهية دون غيره أليس هذا ضرب من التخبط في الجمل وسيل عرمرم من التناقضات التي تساق في هذا الكلام
ولي هنا دليل فهل تعلمون أن النصارى يعتبرون أن مريم العذراء هي أم الإله
ولنتابع ما أورده في قوله أن المسيح إله وإنسان :
(هذه هي العقيدة المسيحية الصحيحة عن ذات المسيح، وهذا أيضاً ما يعلّم به القرآن)
طبعا هنا تجني وكذب على القرآن عندما يقول أن المسيح هو انسان واله وقوله هذا ما يعلم به القرآن ومن أين أتى بمثل هكذا شبهة ما أنزل الله بها من سلطان ونحن أهل القرآن لم نسمع بما يقول
وأما الأدلة التي ساقها في كلامه على أساس أنها تدل على حقيقة ما يقول فسوف نوردها واحد واحدة مع الشرح :
الشبهة الخامسة عشر:
1 - أزلية المسيح:
أورد الكاتب في هذا المجال قوله أزلية المسيح هي أول تلك الحقائق التي أثبتها القرآن بقوله: كلمة الله وروح منه ، وبما أن المسيح هو كلمة الله وروح منه فهو إذاً أزلي. وبما أن الأزلية صفة خاصة بالله تعالى، فقد أصبحت دعوة القرآن المسيح بكلمة الله وروح منه إقراراً للمسيح بالأزلية،)
طبعا هذا كلام لا يرقى إلى الحقيقة لأن ليس معنى أن المسيح عليه السلام هو من روح اللهمعنى ذلك نه أزلي لأن في نصو القرآن الكل ميت إلا الله ولنا هنا وقفة هو أنه يجب أن نفرق ما بين روح الله وما بين من روح الله فالمسيح من روح الله وليس روح الله وهنا الفرق الذي نراه هو رد على ما يدعونه في أزلية المسيح عليه السلام
الشبهة السادسة عشر :
2 - الولادة العجيبة:
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) سورة مريم
إن ولادة المسيح هنا تستوقني عند من يثيرون الشبهات هو يقول أن المسيح أزلي وهو إله وإنسان في آن واحد ولطالما أنه أزلي فالأزلي لا بداية له ولا نهاية والاله لا بداية له ولا نهاية ولكن هنا نى أن ولادة المسيح ذات بداية وقبل أن يلد المسيح الاله عندكم من كان الاله ومن كان يدير الكون ومن الذي خلق ما قبل خلق الاله كما تزعمون
هذه أسئلة نضعها في رسم الاجايبة
ويتابع الكاتب :
الشبهة السابعة عشر
الصعود إلى السماء
(أما الحقيقة الثالثة فهي إقرار الإسلام بارتفاع المسيح إلى السماء دون أن يعبث الموت بجسده الطاهر. فقد جاء في سورة آل عمران 3: 55 إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الّذينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الّذينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الّذينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وقوله في سورة النساء 4: 158 رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ .)
هنا أمر في تناقض فهم أي النصارى يدعون أن المسيح لم يرفع الى السماء بل صلب ومات على الصليب إذا كيف تأخذ بهذه الآية التي لا تؤمنون بمحتواها لتكون دليلا على ما تذهبون إليه في مناقشة المسلمين
الشبهة الثامنة عشر
قدرات المسيح الفائقة:
العلم بالغيب : وطبعا إن الله يعلم الغيب وحده إلا لمن ارتضى له أن يطلعه على الغيب فلا بأس في ديننا فالرسول صلى الله عليه وسلم تحث عن أمور بإذن الله ووقعت وهي كانت على شكل نبوءات مثل مقتل عمار بن ياسر وفتح القسطنطينية وأنأول من يلحق بالرسول بعد وفاته هي فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم إذا قضية العلم بالغيب ولكن نسميه نبوءة هذا بأمر الله تعالى .
- قوة الخلق
جاء على لسان المسيح: ((أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرَاً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (سورة آل عمران 3: 49) ..
طبعا هو يريد من هذا الدليل أن يوحي أن المسيح يخلق كما الله يخلق وهذا دليل على أن المسيح هو الله ولكن غاب عنه ناحية مهمة جدا هو قوله تعالى على لسان المسيح :
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) أي أن المسيح يخلق كهيئة الطير وليس طيرا وباقي الأعمل هي بإذن الله
وأخير
إن باقي الكتاب يدور حول نفس الفكرة فلا جديد يستحق أن نمضي نحو النهاية والسبب أن هناك كتب كثيرة وشبهات كثيرة سوف نرد عليها ولذلك اقتضى الاقتصار على هذا القدر